اَلْفَصْلُ ٱلسَّابِعُ
كَانَ «يَكْبَرُ وَهُوَ مَعَ يَهْوَهَ»
١، ٢ فِي أَيِّ مُنَاسَبَةٍ ٱجْتَمَعَ صَمُوئِيلُ بِأُمَّةِ إِسْرَائِيلَ، وَلِمَ لَزِمَ أَنْ يَدْفَعَهُمْ إِلَى ٱلتَّوْبَةِ؟
اِحْتَشَدَتِ ٱلْأُمَّةُ فِي مَدِينَةِ ٱلْجِلْجَالِ تَلْبِيَةً لِدَعْوَةِ ٱلرَّجُلِ ٱلْأَمِينِ صَمُوئِيلَ ٱلَّذِي خَدَمَ نَبِيًّا وَقَاضِيًا عَشَرَاتِ ٱلسِّنِينَ. حَدَثَ ذٰلِكَ فِي فَصْلِ ٱلْجَفَافِ، فِي شَهْرِ أَيَّارَ أَوْ حَزِيرَانَ (مَايُو أَوْ يُونْيُو) بِحَسَبِ تَقْوِيمِنَا ٱلْعَصْرِيِّ، حِينَ كَانَتِ ٱلْحُقُولُ تَتَزَيَّنُ بِسَنَابِلِ ٱلْقَمْحِ ٱلذَّهَبِيَّةِ مُعْلِنَةً مَوْسِمَ ٱلْحَصَادِ. أَخَذَ صَمُوئِيلُ يَتَطَلَّعُ فِي وُجُوهِ ٱلشَّعْبِ وَٱلسُّكُونُ مُخَيِّمٌ عَلَيْهِمْ. تُرَى، كَيْفَ لَهُ أَنْ يَمَسَّ قُلُوبَهُمْ؟
٢ لَمْ يُدْرِكِ ٱلشَّعْبُ مَدَى خُطُورَةِ ٱلْوَضْعِ. فَقَدْ أَصَرُّوا أَنْ يَحْكُمَهُمْ مَلِكٌ بَشَرِيٌّ، وَلَمْ يَعُوا أَنَّ طَلَبَهُمْ هٰذَا لَهُوَ ٱزْدِرَاءٌ فَاضِحٌ بِإِلٰهِهِمْ وَنَبِيِّهِ. فَهُمْ فِي ٱلْوَاقِعِ كَانُوا يَرْفُضُونَ يَهْوَهَ مَلِكًا عَلَيْهِمْ. فَكَيْفَ يُمْكِنُ لِصَمُوئِيلَ أَنْ يَدْفَعَهُمْ إِلَى ٱلتَّوْبَةِ؟
يُعَلِّمُنَا صَمُوئِيلُ فِي صِبَاهُ ٱلْكَثِيرَ عَنْ بِنَاءِ إِيمَانِنَا بِيَهْوَهَ رَغْمَ ٱلتَّأْثِيرَاتِ ٱلسَّيِّئَةِ حَوْلَنَا
٣، ٤ (أ) لِمَ أَتَى صَمُوئِيلُ عَلَى ذِكْرِ سَنَوَاتِ صِبَاهُ؟ (ب) لِمَ يُفِيدُنَا ٱلْيَوْمَ مِثَالُ صَمُوئِيلَ فِي ٱلْإِيمَانِ؟
٣ قَالَ صَمُوئِيلُ لِلْجَمْعِ: «شِخْتُ وَشِبْتُ». وَشَيْبَتُهُ هٰذِهِ أَعْطَتْ وَزْنًا لِكَلَامِهِ. ثُمَّ تَابَعَ: «قَدْ سِرْتُ أَمَامَكُمْ مُنْذُ صِبَايَ إِلَى هٰذَا ٱلْيَوْمِ». (١ صم ١١:١٤، ١٥؛ ١٢:٢) صَحِيحٌ أَنَّهُ بَاتَ مُسِنًّا، لٰكِنَّهُ لَمْ يَنْسَ أَيَّامَ صِبَاهُ. بَلْ بَقِيَتْ ذِكْرَيَاتُ تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ حَيَّةً فِي ذِهْنِهِ. فَٱلْقَرَارَاتُ ٱلَّتِي ٱتَّخَذَهَا فِي سَنَوَاتِهِ ٱلْغَضَّةِ أَدَّتْ بِهِ إِلَى ٱلْعَيْشِ حَيَاةً تَتَّسِمُ بِٱلْإِيمَانِ وَٱلتَّعَبُّدِ لِإِلٰهِهِ يَهْوَهَ.
٤ لَقَدْ وَجَبَ عَلَى صَمُوئِيلَ أَنْ يُنَمِّيَ وَيَصُونَ إِيمَانَهُ لِأَنَّهُ كَانَ مُحَاطًا فِي أَحْيَانٍ كَثِيرَةٍ بِأُنَاسٍ يَفْتَقِرُونَ إِلَى ٱلْإِيمَانِ وَٱلْوَلَاءِ. اَلْيَوْمَ أَيْضًا، لَيْسَ مِنَ ٱلسَّهْلِ عَلَيْنَا تَنْمِيَةُ ٱلْإِيمَانِ لِأَنَّنَا نَعِيشُ وَسْطَ عَالَمٍ كَافِرٍ وَفَاسِدٍ. (اقرأ لوقا ١٨:٨.) فَلْنَرَ مَاذَا عَسَانَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِ صَمُوئِيلَ بِٱلْعَوْدَةِ أَوَّلًا إِلَى سَنَوَاتِ صِبَاهُ.
«خَدَمَ أَمَامَ يَهْوَهَ، وَهُوَ صَبِيٌّ»
٥، ٦ كَيْفَ كَانَتْ طُفُولَةُ صَمُوئِيلَ ٱسْتِثْنَائِيَّةً، وَلِمَ كَانَ وَالِدَاهُ عَلَى ثِقَةٍ أَنَّهُ سَيَلْقَى ٱلِٱهْتِمَامَ فِي شِيلُوهَ؟
٥ عَاشَ صَمُوئِيلُ طُفُولَةً ٱسْتِثْنَائِيَّةً. فَبُعَيْدَ فِطَامِهِ، رُبَّمَا بِعُمْرِ ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ بِقَلِيلٍ، بَاشَرَ حَيَاةً مُكَرَّسَةً لِلْخِدْمَةِ فِي مَسْكَنِ يَهْوَهَ ٱلْمُقَدَّسِ فِي شِيلُوهَ ٱلَّتِي تَبْعُدُ أَكْثَرَ مِنْ ٣٠ كلم عَنْ بَيْتِهِ فِي ٱلرَّامَةِ. فَوَالِدَاهُ أَلْقَانَةُ وَحَنَّةُ قَدَّمَاهُ لِيَهْوَهَ نَذِيرًا مَدَى حَيَاتِهِ كَيْ يَخْدُمَهُ خِدْمَةً خُصُوصِيَّةً.a وَلٰكِنْ هَلْ عَنَى ذٰلِكَ أَنَّهُمَا تَخَلَّيَا عَنْهُ وَمَا عَادَا يُحِبَّانِهِ؟
٦ كَلَّا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ! فَقَدْ عَرَفَا أَنَّ ٱبْنَهُمَا سَيَلْقَى ٱلِٱهْتِمَامَ فِي شِيلُوهَ. فَرَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ عَالِي كَانَ سَيَحْرِصُ عَلَى ذٰلِكَ حَتْمًا إِذْ إِنَّ صَمُوئِيلَ عَمِلَ مَعَهُ عَنْ كَثَبٍ. هٰذَا عَدَا عَنْ وُجُودِ عَدَدٍ مِنَ ٱلنِّسَاءِ ٱللَّوَاتِي يَخْدُمْنَ فِي ٱلْمَسْكَنِ خِدْمَةً مُنَظَّمَةً عَلَى مَا يَتَّضِحُ. — خر ٣٨:٨؛ قض ١١:٣٤-٤٠.
٧، ٨ (أ) أَيُّ تَشْجِيعٍ حُبِّيٍّ نَالَهُ صَمُوئِيلُ مِنْ وَالِدَيْهِ سَنَةً تِلْوَ ٱلْأُخْرَى؟ (ب) مَاذَا يُمْكِنُ لِلْوَالِدِينَ ٱلْيَوْمَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا مِنْ أَبَوَيْ صَمُوئِيلَ؟
٧ عِلَاوَةً عَلَى ذٰلِكَ، كَيْفَ لِأَلْقَانَةَ وَحَنَّةَ أَنْ يَنْسَيَا بِكْرَهُمَا ٱلْحَبِيبَ ٱلَّذِي رُزِقَا بِهِ ٱسْتِجَابَةً لِصَلَاةِ أُمِّهِ؟ فَحَنَّةُ ٱلْتَمَسَتْ مِنَ ٱللّٰهِ أَنْ تُنْجِبَ ٱبْنًا وَوَعَدَتْهُ أَنْ تُكَرِّسَهُ لَهُ كَيْ يَخْدُمَهُ خِدْمَةً مُقَدَّسَةً طَوَالَ حَيَاتِهِ. وَكَانَتْ حِينَ تَزُورُهُ كُلَّ سَنَةٍ، تَأْتِيهِ بِجُبَّةٍ جَدِيدَةٍ صَنَعَتْهَا هِيَ بِنَفْسِهَا لِيَلْبَسَهَا خِلَالَ خِدْمَتِهِ فِي ٱلْمَسْكَنِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلصَّبِيَّ ٱلصَّغِيرَ فَرِحَ بِزِيَارَاتِ وَالِدَيْهِ وَقَدَّرَهَا. فَهُمَا أَمَدَّاهُ بِٱلتَّشْجِيعِ وَٱلْإِرْشَادِ ٱلْحُبِّيَّيْنِ، فِيمَا كَانَا يُعَلِّمَانِهِ أَنَّ خِدْمَةَ يَهْوَهَ فِي ذٰلِكَ ٱلْمَكَانِ ٱلْفَرِيدِ ٱمْتِيَازٌ لَا يُقَدَّرُ بِثَمَنٍ.
٨ وَٱلْيَوْمَ، يُمْكِنُ لِلْوَالِدِينَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا ٱلْكَثِيرَ مِنْ حَنَّةَ وَأَلْقَانَةَ. فَمِنَ ٱلشَّائِعِ أَنْ يُرَكِّزَ ٱلْآبَاءُ كُلَّ جُهُودِهِمْ عَلَى ٱلِٱهْتِمَامِ بِأَوْلَادِهِمْ مَادِّيًّا، مُتَجَاهِلِينَ حَاجَاتِهِمِ ٱلرُّوحِيَّةَ. أَمَّا وَالِدَا صَمُوئِيلَ فَوَضَعَا ٱلْأُمُورَ ٱلرُّوحِيَّةَ فِي ٱلْمَقَامِ ٱلْأَوَّلِ، ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي تَرَكَ أَثَرًا بَالِغًا فِي شَخْصِيَّةِ وَلَدِهِمَا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ. — اقرإ الامثال ٢٢:٦.
٩، ١٠ (أ) كَيْفَ كَانَ ٱلْمَسْكَنُ وَمَا هِيَ مَشَاعِرُ صَمُوئِيلَ ٱلصَّغِيرِ حِيَالَ هٰذَا ٱلْمَكَانِ ٱلْمُقَدَّسِ؟ (اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.) (ب) أَيُّ عَمَلٍ قَامَ بِهِ صَمُوئِيلُ، وَكَيْفَ لِمَنْ هُمْ فِي مِثْلِ سِنِّهِ ٱلْيَوْمَ أَنْ يَقْتَدُوا بِمِثَالِهِ؟
٩ تَخَيَّلِ ٱلصَّبِيَّ صَمُوئِيلَ يَكْبُرُ وَيَجُوبُ ٱلتِّلَالَ ٱلْعَالِيَةَ ٱلْمُحِيطَةَ بِشِيلُوهَ. هَا هُوَ يَقِفُ عَلَى إِحْدَاهَا لِيَنْظُرَ ٱلْمَدِينَةَ وَٱلْوَادِيَ ٱلْمُمْتَدَّ عِنْدَ إِحْدَى جِهَاتِهَا، فَيَطْفَحُ قَلْبُهُ فَرَحًا وَٱعْتِزَازًا حِينَ يَقَعُ بَصَرُهُ عَلَى مَسْكَنِ يَهْوَهَ. لَكَمْ هُوَ مُقَدَّسٌ هٰذَا ٱلْمَكَانُ!b فَقَدْ أَشْرَفَ مُوسَى عَلَى بِنَائِهِ قَبْلَ نَحْوِ ٤٠٠ سَنَةٍ، وَهُوَ ٱلْمَرْكَزُ ٱلْوَحِيدُ لِعِبَادَةِ يَهْوَهَ ٱلنَّقِيَّةِ فِي كُلِّ ٱلْأَرْضِ.
١٠ نَمَتْ فِي قَلْبِ صَمُوئِيلَ مَحَبَّةٌ لِلْمَسْكَنِ. نَقْرَأُ فِي ٱلرِّوَايَةِ ٱلَّتِي كَتَبَهَا لَاحِقًا: «كَانَ صَمُوئِيلُ يَخْدُمُ أَمَامَ يَهْوَهَ، وَهُوَ صَبِيٌّ، وَكَانَ مُتَمَنْطِقًا بِأَفُودٍ مِنْ كَتَّانٍ». (١ صم ٢:١٨) إِنَّ ٱلْأَفُودَ ثَوْبٌ بَسِيطٌ بِلَا كُمَّيْنِ دَلَّ كَمَا يَتَّضِحُ أَنَّ صَمُوئِيلَ يُسَاعِدُ ٱلْكَهَنَةَ فِي ٱلْمَسْكَنِ. فَرَغْمَ أَنَّهُ لَمْ يَنْتَمِ إِلَى صَفِّ ٱلْكَهَنُوتِ، تَوَلَّى مُهِمَّاتٍ شَمَلَتْ فَتْحَ ٱلْبَابِ ٱلْمُؤَدِّي إِلَى دَارِ ٱلْمَسْكَنِ صَبَاحًا وَخِدْمَةَ عَالِي ٱلْمُسِنِّ. صَحِيحٌ أَنَّهُ فَرِحَ كَثِيرًا بِٱمْتِيَازَاتِهِ هٰذِهِ، وَلٰكِنْ مَعَ ٱلْوَقْتِ وَجَدَ ٱلْقَلَقُ وَٱلْحُزْنُ سَبِيلًا إِلَى قَلْبِهِ ٱلْبَرِيءِ. فَثَمَّةَ أَمْرٌ مُرِيعٌ كَانَ يَحْدُثُ فِي بَيْتِ يَهْوَهَ.
حَافَظَ عَلَى طَهَارَتِهِ فِي وَجْهِ ٱلْفَسَادِ
١١، ١٢ (أ) أَيُّ عَيْبٍ خَطِيرٍ طَبَعَ شَخْصِيَّةَ حُفْنِي وَفِينْحَاسَ؟ (ب) أَيَّةُ شُرُورٍ وَمَفَاسِدَ ٱرْتَكَبَهَا حُفْنِي وَفِينْحَاسُ فِي ٱلْمَسْكَنِ؟ (اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.)
١١ شَهِدَ صَمُوئِيلُ فِي سِنٍّ بَاكِرَةٍ شُرُورًا وَمَفَاسِدَ فَظِيعَةً. فَقَدْ كَانَ لِعَالِي ٱبْنَانِ ٱسْمُهُمَا حُفْنِي وَفِينْحَاسُ. وَحَسْبَمَا تُقُولُ رِوَايَةُ صَمُوئِيلَ: «كَانَ ٱبْنَا عَالِي رَجُلَيْنِ لَا خَيْرَ فِيهِمَا، وَلَا يُقَدِّرَانِ يَهْوَهَ». (١ صم ٢:١٢) يَتَضَمَّنُ هٰذَا ٱلْعَدَدُ فِكْرَتَيْنِ مُتَرَابِطَتَيْنِ. فَقَدْ كَانَ حُفْنِي وَفِينْحَاسُ «رَجُلَيْنِ لَا خَيْرَ فِيهِمَا» — حَرْفِيًّا «ٱبْنَيِ ٱلْبُطْلِ» — لِأَنَّهُمَا لَمْ يُكِنَّا أَيَّ ٱحْتِرَامٍ لِيَهْوَهَ. فَهُمَا لَمْ يَأْبَهَا بِمَقَايِيسِهِ وَمَطَالِبِهِ ٱلْبَارَّةِ. وَهٰذَا ٱلْعَيْبُ ٱلْخَطِيرُ كَانَ أَصْلَ خَطَايَاهُمَا ٱلْأُخْرَى.
١٢ مَثَلًا، حَدَّدَتْ شَرِيعَةُ ٱللّٰهِ بِدِقَّةٍ وَاجِبَاتِ ٱلْكَهَنَةِ وَكَيْفَ يُقَرِّبُونَ ٱلذَّبَائِحَ فِي ٱلْمَسْكَنِ. وَثَمَّةَ سَبَبٌ وَجِيهٌ لِذٰلِكَ. فَٱلذَّبَائِحُ مَثَّلَتْ تَدَابِيرَ ٱللّٰهِ لِمَغْفِرَةِ خَطَايَا ٱلنَّاسِ حَتَّى يَكُونُوا أَطْهَارًا فِي عَيْنَيْهِ وَجَدِيرِينَ بِنَيْلِ بَرَكَتِهِ وَتَوْجِيهِهِ. لٰكِنَّ حُفْنِيَ وَفِينْحَاسَ حَمَلَا ٱلْكَهَنَةَ ٱلْآخَرِينَ عَلَى ٱلِٱسْتِهَانَةِ بِٱلْقَرَابِينِ.c
١٣، ١٤ (أ) كَيْفَ تَأَثَّرَ حَتْمًا مُرْتَادُو ٱلْمَسْكَنِ بِٱلشُّرُورِ ٱلَّتِي ٱرْتُكِبَتْ فِيهِ؟ (ب) كَيْفَ أَخْفَقَ عَالِي فِي إِتْمَامِ دَوْرِهِ كَأَبٍ وَرَئِيسِ كَهَنَةٍ؟
١٣ تَخَيَّلْ صَمُوئِيلَ ٱلصَّغِيرَ يُرَاقِبُ مَصْعُوقًا تِلْكَ ٱلْإِسَاءَاتِ ٱلشَّنِيعَةَ ٱلَّتِي تَوَاصَلَتْ دُونَ أَيِّ رَادِعٍ. كَمْ مِنَ ٱلْأَشْخَاصِ رَآهُمْ يَقْتَرِبُونَ إِلَى ٱلْمَسْكَنِ ٱلْمُقَدَّسِ — مِنْ فُقَرَاءَ وَمُتَوَاضِعِينَ وَبَائِسِينَ — رَاجِينَ أَنْ يَسْتَمِدُّوا ٱلتَّعْزِيَةَ وَٱلْقُوَّةَ ٱلرُّوحِيَّةَ، إِنَّمَا عَادُوا أَدْرَاجَهُمْ خَائِبِينَ مَجْرُوحِينَ مَذْلُولِينَ! وَمَا أَصْعَبَ ٱلْمَشَاعِرَ ٱلَّتِي ٱعْتَرَتْهُ حِينَ عَلِمَ أَنَّ حُفْنِيَ وَفِينْحَاسَ تَجَاهَلَا أَيْضًا شَرِيعَةَ يَهْوَهَ حَوْلَ ٱلْفَسَادِ ٱلْأَدَبِيِّ ٱلْجِنْسِيِّ فَضَاجَعَا نِسَاءً يَخْدُمْنَ فِي ٱلْمَسْكَنِ! (١ صم ٢:٢٢) لَرُبَّمَا أَمَلَ صَمُوئِيلُ أَنْ يَتَدَخَّلَ وَالِدُهُمَا وَيَضَعَ حَدًّا لِهٰذِهِ ٱلِٱنْتِهَاكَاتِ.
لَا شَكَّ أَنَّ صَمُوئِيلَ تَضَايَقَ بِشِدَّةٍ حِينَ رَأَى شُرُورَ ٱبْنَيْ عَالِي
١٤ فَعَالِي كَانَ خَيْرَ مَنْ بِإِمْكَانِهِ إِصْلَاحُ هٰذَا ٱلْوَضْعِ ٱلْمُتَفَاقِمِ. فَبِٱعْتِبَارِهِ رَئِيسَ كَهَنَةٍ، وَقَعَتْ عَلَى عَاتِقِهِ مَسْؤُولِيَّةُ مَا يَجْرِي فِي ٱلْمَسْكَنِ. وَبِصِفَتِهِ أَبًا، وَجَبَ عَلَيْهِ تَقْوِيمُ ٱبْنَيْهِ ٱللَّذَيْنِ كَانَا يُلْحِقَانِ ٱلْأَذِيَّةَ بِنَفْسَيْهِمَا وَبِعَدَدٍ لَا يُحْصَى مِنَ ٱلشَّعْبِ. لٰكِنَّ عَالِيَ أَخْفَقَ فِي إِتْمَامِ دَوْرِهِ كَأَبٍ وَرَئِيسِ كَهَنَةٍ. فَقَدْ تَرَاخَى فِي تَوْبِيخِهِمَا، وَلَمْ يَكُنْ حَازِمًا أَلْبَتَّةَ. (اقرأ ١ صموئيل ٢:٢٣-٢٥.) فَٱبْنَاهُ كَانَا بِحَاجَةٍ إِلَى تَأْدِيبٍ صَارِمٍ جِدًّا لِٱقْتِرَافِهِمَا خَطَايَا تَسْتَوْجِبُ ٱلْمَوْتَ.
١٥ أَيُّ رِسَالَةٍ قَوِيَّةٍ بَعَثَ بِهَا يَهْوَهُ إِلَى عَالِي، وَمَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ عَائِلَتِهِ حِيَالَ ٱلتَّحْذِيرِ؟
١٥ اِسْتَمَرَّ ٱلْوَضْعُ يَزْدَادُ سُوءًا إِلَى حَدِّ أَنَّ يَهْوَهَ أَرْسَلَ إِلَى عَالِي رِسَالَةَ دَيْنُونَةٍ قَوِيَّةً مَعَ نَبِيٍّ غَيْرِ مَذْكُورٍ بِٱلِٱسْمِ يُشَارُ إِلَيْهِ بِعِبَارَةِ «رَجُلُ ٱللّٰهِ». قَالَ يَهْوَهُ لِعَالِي: «أَكْرَمْتَ ٱبْنَيْكَ عَلَيَّ». وَأَنْبَأَ أَنَّهُمَا سَيَمُوتَانِ مَعًا فِي ٱلْيَوْمِ نَفْسِهِ وَأَنَّ عَائِلَةَ عَالِي سَتُعَانِي ٱلْأَمَرَّيْنِ وَتَخْسَرُ أَيْضًا ٱمْتِيَازَهَا فِي صَفِّ ٱلْكَهَنُوتِ. فَهَلْ غَيَّرَ هٰذَا ٱلتَّحْذِيرُ ٱلْقَوِيُّ مَوْقِفَ ٱلْعَائِلَةِ ٱلْخَاطِئَ؟ لَا نَقْرَأُ فِي ٱلسِّجِلِّ شَيْئًا مِنْ هٰذَا ٱلْقَبِيلِ. — ١ صم ٢:٢٧–٣:١.
١٦ (أ) أَيَّةُ أَخْبَارٍ حُلْوَةٍ نَقْرَأُهَا عَنْ تَقَدُّمِ صَمُوئِيلَ ٱلصَّغِيرِ؟ (ب) كَيْفَ تُؤَثِّرُ فِيكَ عَلَاقَةُ صَمُوئِيلَ بِيَهْوَهَ؟
١٦ وَكَيْفَ أَثَّرَ كُلُّ هٰذَا ٱلْفَسَادِ فِي صَمُوئِيلَ ٱلصَّغِيرِ؟ بَيْنَ ٱلْفَيْنَةِ وَٱلْفَيْنَةِ، يُومِضُ فِي هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةِ ٱلْحَالِكَةِ شُعَاعُ نُورٍ حِينَ نَقْرَأُ فِيهَا أَخْبَارًا حُلْوَةً عَنْ نُمُوِّ صَمُوئِيلَ وَتَقَدُّمِهِ. فَٱلسِّجِلُّ يَذْكُرُ فِي ١ صَمُوئِيل ٢:١٨ أَنَّهُ «خَدَمَ أَمَامَ يَهْوَهَ، وَهُوَ صَبِيٌّ»، مُعْرِبًا عَنْ أَمَانَةٍ لَافِتَةٍ. فَحَتَّى فِي تِلْكَ ٱلسِّنِّ ٱلْبَاكِرَةِ، جَعَلَ حَيَاتَهُ تَتَمَحْوَرُ حَوْلَ خِدْمَةِ ٱللّٰهِ. وَفِي ٱلْعَدَدِ ٢١ مِنَ ٱلْإِصْحَاحِ نَفْسِهِ، نَقْرَأُ أَيْضًا هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُؤَثِّرَةَ: «كَانَ صَمُوئِيلُ ٱلصَّبِيُّ يَكْبَرُ وَهُوَ مَعَ يَهْوَهَ». فَفِيمَا كَانَ يَنْمُو، قَوِيَ ٱلرِّبَاطُ ٱلَّذِي يَجْمَعُهُ بِأَبِيهِ ٱلسَّمَاوِيِّ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ. وَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلْعَلَاقَةَ ٱلْحَمِيمَةَ بِيَهْوَهَ هِيَ أَفْضَلُ حِمَايَةٍ مِنْ كُلِّ أَشْكَالِ ٱلْفَسَادِ.
١٧، ١٨ (أ) كَيْفَ يُمْكِنُ لِلشَّبَابِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أَنْ يَقْتَدُوا بِصَمُوئِيلَ حِينَ يُحَاطُونَ بِٱلْفَسَادِ؟ (ب) مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ صَمُوئِيلَ ٱخْتَارَ ٱلْمَسْلَكَ ٱلصَّائِبَ؟
١٧ كَانَ سَهْلًا عَلَى صَمُوئِيلَ أَنْ يُفَكِّرَ: ‹مَا دَامَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱبْنَاهُ قَدِ ٱسْتَسْلَمُوا لِلْخَطِيَّةِ، فَمَا ٱلْمَانِعُ أَنْ أَفْعَلَ مَا يَحْلُو لِي؟!›. إِلَّا أَنَّ فَسَادَ ٱلْآخَرِينَ، بِمَنْ فِيهِمِ ٱلْأَكْبَرُ سِنًّا وَٱلَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ ٱلْمَسْؤُولِيَّاتِ، لَيْسَ عُذْرًا أَبَدًا لِلْوُقُوعِ فِي ٱلْخَطِيَّةِ. وَٱلْيَوْمَ، يَقْتَدِي ٱلْكَثِيرُ مِنَ ٱلشُّبَّانِ وَٱلشَّابَّاتِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ بِصَمُوئِيلَ، ‹فَيَكْبَرُونَ وَهُمْ مَعَ يَهْوَهَ›، حَتَّى حِينَ يَفْشَلُ بَعْضُ ٱلَّذِينَ حَوْلَهُمْ فِي رَسْمِ مِثَالٍ حَسَنٍ.
١٨ وَإِلَامَ أَدَّى مَسْلَكُ صَمُوئِيلَ؟ نَقْرَأُ: «طَوَالَ هٰذَا ٱلْوَقْتِ كَانَ ٱلصَّبِيُّ صَمُوئِيلُ يَكْبُرُ وَيَصِيرُ مُحَبَّبًا أَكْثَرَ عِنْدَ يَهْوَهَ وَٱلنَّاسِ». (١ صم ٢:٢٦) فَقَدْ كَانَ مَحْبُوبًا أَقَلُّهُ عِنْدَ ٱلَّذِينَ رَأْيُهُمْ مُهِمٌّ فِي نَظَرِهِ. وَيَهْوَهُ نَفْسُهُ أَعَزَّ هٰذَا ٱلصَّبِيَّ بِسَبَبِ أَمَانَتِهِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ صَمُوئِيلَ عَرَفَ أَنَّ إِلٰهَهُ سَيَتَّخِذُ إِجْرَاءً ضِدَّ كُلِّ ٱلشُّرُورِ ٱلَّتِي تُصْنَعُ فِي شِيلُوهَ. لٰكِنَّهُ رُبَّمَا تَسَاءَلَ مَتَى يَحْدُثُ ذٰلِكَ. وَذَاتَ لَيْلَةٍ، وَجَدَ ٱلْجَوَابَ عَنْ هٰذَا ٱلسُّؤَالِ.
«تَكَلَّمْ، فَإِنَّ خَادِمَكَ يَسْمَعُ»
١٩، ٢٠ (أ) مَاذَا حَدَثَ مَعَ صَمُوئِيلَ ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي ٱلْمَسْكَنِ؟ (ب) كَيْفَ عَرَفَ صَمُوئِيلُ مَصْدَرَ ٱلصَّوْتِ، وَكَيْفَ عَامَلَ عَالِيَ؟
١٩ قُبَيْلَ طُلُوعِ ٱلْفَجْرِ، فِيمَا ٱلضَّوْءُ ٱلْمُنْبَعِثُ مِنَ ٱلسِّرَاجِ ٱلْكَبِيرِ فِي ٱلْخَيْمَةِ يَرْتَجِفُ فِي ٱلظَّلَامِ، شَقَّ ٱلسُّكُونَ صَوْتٌ يُنَادِي صَمُوئِيلَ بِٱسْمِهِ. وَلَمَّا ظَنَّ أَنَّهُ عَالِي ٱلَّذِي تَقَدَّمَتْ بِهِ ٱلْأَيَّامُ وَبَاتَ كَلِيلَ ٱلْبَصَرِ، نَهَضَ وَ «رَكَضَ» نَحْوَهُ. تَصَوَّرْهُ يُسْرِعُ إِلَيْهِ حَافِيَ ٱلْقَدَمَيْنِ لِيَعْرِفَ حَاجَتَهُ. أَوَلَيْسَ مُؤَثِّرًا أَنَّهُ عَامَلَ عَالِيَ بِكُلِّ لُطْفٍ وَٱحْتِرَامٍ؟! فَهُوَ كَانَ لَا يَزَالُ رَئِيسَ كَهَنَةِ يَهْوَهَ رَغْمَ خَطَايَاهُ. — ١ صم ٣:٢-٥.
٢٠ أَيْقَظَ صَمُوئِيلُ عَالِيَ قَائِلًا: «هٰأَنَذَا، فَقَدْ نَادَيْتَنِي». لٰكِنَّ عَالِيَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَعُودَ إِلَى ٱلْفِرَاشِ. وَإِذَا بِٱلْأَمْرِ نَفْسِهِ يَتَكَرَّرُ ثَانِيَةً وَثَالِثَةً! فَعَرَفَ عَالِي أَخِيرًا حَقِيقَةَ مَا يَجْرِي. فَفِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ، نَادِرًا مَا كَانَ يَهْوَهُ يَتَوَاصَلُ مَعَ شَعْبِهِ، سَوَاءٌ بِٱلرُّؤَى أَوِ ٱلرَّسَائِلِ ٱلنَّبَوِيَّةِ. وَلَا عَجَبَ فِي ذٰلِكَ. غَيْرَ أَنَّ عَالِيَ عَلِمَ أَنَّ يَهْوَهَ يُعَاوِدُ ٱلتَّوَاصُلَ مَعَ ٱلْبَشَرِ، وَٱلْآنَ مِنْ خِلَالِ هٰذَا ٱلصَّبِيِّ! لِذَا، طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَضْطَجِعَ مَرَّةً أُخْرَى، وَلَقَّنَهُ مَا يُجِيبُ. فَأَطَاعَهُ صَمُوئِيلُ. وَسُرْعَانَ مَا سَمِعَ ٱلصَّوْتَ يُنَادِي مُجَدَّدًا: «صَمُوئِيلُ، صَمُوئِيلُ!». فَأَجَابَ: «تَكَلَّمْ، فَإِنَّ خَادِمَكَ يَسْمَعُ». — ١ صم ٣:١، ٥-١٠.
٢١ كَيْفَ نَسْتَمِعُ إِلَى يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ، وَلِمَ ٱلْأَمْرُ جَدِيرٌ بِٱلْعَنَاءِ؟
٢١ أَخِيرًا وُجِدَ شَخْصٌ فِي شِيلُوهَ يَسْمَعُ كَلَامَ يَهْوَهَ! لَقَدِ ٱتَّبَعَ صَمُوئِيلُ هٰذَا ٱلْمَسْلَكَ طَوَالَ حَيَاتِهِ. فَهَلْ تَسِيرُ عَلَى مِنْوَالِهِ؟ لَا حَاجَةَ لَنَا أَنْ نَنْتَظِرَ صَوْتًا خَارِقًا لِلطَّبِيعَةِ يَتَكَلَّمُ مَعَنَا فِي ٱللَّيْلِ. فَٱلْيَوْمَ، يُمْكِنُنَا أَنْ نَسْمَعَ صَوْتَ ٱللّٰهِ مَتَى شِئْنَا، لِأَنَّ كَامِلَ كَلِمَتِهِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ فِي مُتَنَاوَلِ يَدِنَا. وَكُلَّمَا أَصْغَيْنَا إِلَى ٱللّٰهِ وَأَطَعْنَاهُ، ٱزْدَادَ إِيمَانُنَا قُوَّةً. وَهٰذَا بِٱلضَّبْطِ مَا لَمَسَهُ صَمُوئِيلُ.
٢٢، ٢٣ (أ) كَيْفَ تَحَقَّقَتِ ٱلنُّبُوَّةُ ٱلَّتِي خَافَ صَمُوئِيلُ بِدَايَةً أَنْ يَنْقُلَهَا؟ (ب) كَيْفَ ٱنْتَشَرَ ذِكْرُ صَمُوئِيلَ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ؟
٢٢ شَكَّلَتْ تِلْكَ ٱللَّيْلَةُ فِي شِيلُوهَ مَحَطَّةً بَارِزَةً فِي حَيَاةِ صَمُوئِيلَ. فَقَدْ وَسَمَتْ بِدَايَةَ عَلَاقَةٍ خُصُوصِيَّةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَهْوَهَ، إِذْ أَصْبَحَ نَبِيَّهُ وَٱلنَّاطِقَ بِلِسَانِهِ. فِي ٱلْبِدَايَةِ خَافَ ٱلصَّبِيُّ أَنْ يَنْقُلَ ٱلرِّسَالَةَ ٱلْإِلٰهِيَّةَ إِلَى عَالِي. فَهِيَ كَانَتْ إِعْلَانًا نِهَائِيًّا بِأَنَّ نُبُوَّةَ يَهْوَهَ عَلَى تِلْكَ ٱلْعَائِلَةِ سَتَتَحَقَّقُ عَمَّا قَرِيبٍ. مَعَ ذٰلِكَ، ٱسْتَجْمَعَ ٱلْجُرْأَةَ وَأَخْبَرَهُ بِهَا، فَأَذْعَنَ عَالِي بِتَوَاضُعٍ لِلْحُكْمِ ٱلْإِلٰهِيِّ. وَلَمْ يَمُرَّ وَقْتٌ طَوِيلٌ حَتَّى تَمَّ كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ يَهْوَهُ: خَاضَتْ إِسْرَائِيلُ حَرْبًا ضِدَّ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ، قُتِلَ حُفْنِي وَفِينْحَاسُ كِلَاهُمَا فِي ٱلْيَوْمِ عَيْنِهِ، وَمَاتَ عَالِي حِينَ عَلِمَ أَنَّ تَابُوتَ يَهْوَهَ ٱلْمُقَدَّسَ قَدْ أُخِذَ. — ١ صم ٣:١٠-١٨؛ ٤:١-١٨.
٢٣ بِٱلْمُقَابِلِ، رَاحَ ذِكْرُ صَمُوئِيلَ كَنَبِيٍّ أَمِينٍ يَنْتَشِرُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ. ‹فَيَهْوَهُ كَانَ مَعَهُ› حَسْبَمَا تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ، وَلَمْ يَدَعْ أَيًّا مِنَ ٱلنُّبُوَّاتِ ٱلَّتِي تَفَوَّهَ بِهَا هٰذَا ٱلنَّبِيُّ يَسْقُطُ دُونَ إِتْمَامٍ. — اقرأ ١ صموئيل ٣:١٩.
«دَعَا صَمُوئِيلُ يَهْوَهَ»
٢٤ أَيُّ قَرَارٍ ٱتَّخَذَهُ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ بَعْدَ فَتْرَةٍ مِنَ ٱلْوَقْتِ، وَمَا خُطُورَةُ قَرَارِهِمْ هٰذَا؟
٢٤ هَلِ ٱتَّبَعَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ قِيَادَةَ صَمُوئِيلَ وَصَارُوا أُمَنَاءَ لِيَهْوَهَ وَأَقْرَبَ إِلَيْهِ؟ كَلَّا. فَبَعْدَ فَتْرَةٍ، ٱخْتَارُوا أَلَّا يَقْضِيَ لَهُمْ نَبِيٌّ وَأَنْ يَحْكُمَهُمْ مَلِكٌ بَشَرِيٌّ كَٱلْأُمَمِ ٱلْأُخْرَى. فَلَبَّى صَمُوئِيلُ طَلَبَهُمْ بِتَوْجِيهٍ مِنْ يَهْوَهَ. وَلٰكِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُوضِحَ لَهُمْ جَسَامَةَ خَطِيَّتِهِمْ. فَهُمْ لَمْ يَرْفُضُوا مُجَرَّدَ إِنْسَانٍ بَلْ يَهْوَهَ نَفْسَهُ! لِذَا ٱسْتَدْعَى صَمُوئِيلُ ٱلشَّعْبَ إِلَى ٱلْجِلْجَالِ.
٢٥، ٢٦ كَيْفَ ٱسْتَطَاعَ أَخِيرًا صَمُوئِيلُ ٱلْمُسِنُّ أَنْ يُرِيَ ٱلشَّعْبَ فِي ٱلْجِلْجَالِ فَدَاحَةَ خَطِيَّتِهِمْ بِحَقِّ يَهْوَهَ؟
٢٥ لِنَعُدْ مُجَدَّدًا إِلَى صَمُوئِيلَ ٱلْمُسِنِّ وَهُوَ يُخَاطِبُهُمْ فِي ذٰلِكَ ٱلْمَوْقِفِ ٱلْمُتَوَتِّرِ. فَقَدْ ذَكَّرَهُمْ بِسِجِلِّ أَمَانَتِهِ وَٱسْتِقَامَتِهِ، ثُمَّ ‹دَعَا يَهْوَهَ›، كَمَا تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ، طَالِبًا مِنْهُ أَنْ يُرْسِلَ عَاصِفَةً رَعْدِيَّةً. — ١ صم ١٢:١٧، ١٨.
٢٦ عَاصِفَةٌ رَعْدِيَّةٌ فِي فَصْلِ ٱلْجَفَافِ؟! لَمْ يَحْصُلْ أَمْرٌ كَهٰذَا مِنْ قَبْلُ! وَلَوْ شَكَّكَ ٱلشَّعْبُ لَحْظَةً فِي طَلَبِ صَمُوئِيلَ أَوْ هَزَأُوا بِهِ، لَعَلِمُوا عَلَى ٱلْفَوْرِ أَنَّهُمْ مُخْطِئُونَ. فَفَجْأَةً، تَلَبَّدَتِ ٱلسَّمَاءُ بِٱلْغُيُومِ ٱلسَّوْدَاءِ وَهَبَّتْ رِيَاحٌ شَدِيدَةٌ عَصَفَتْ بِسَنَابِلِ ٱلْحِنْطَةِ فِي ٱلْحُقُولِ. ثُمَّ سُمِعَ دَوِيُّ رَعْدٍ يَصُمُّ ٱلْآذَانَ وَٱنْهَمَرَ ٱلْمَطَرُ بِغَزَارَةٍ. وَمَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ ٱلشَّعْبِ؟ تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ: «خَافَ كُلُّ ٱلشَّعْبِ مِنْ يَهْوَهَ وَمِنْ صَمُوئِيلَ خَوْفًا شَدِيدًا». لَقَدْ أَدْرَكُوا أَخِيرًا فَدَاحَةَ خَطِيَّتِهِمْ. — ١ صم ١٢:١٨، ١٩.
٢٧ كَيْفَ يُكَافِئُ يَهْوَهُ ٱلَّذِينَ يَقْتَدُونَ بِإِيمَانِ صَمُوئِيلَ؟
٢٧ لَمْ يَكُنْ صَمُوئِيلُ مَنْ مَسَّ قُلُوبَهُمُ ٱلْمُتَمَرِّدَةَ، بَلْ إِلٰهُهُ يَهْوَهُ. فَمِنَ ٱلصِّغَرِ حَتَّى ٱلْمَشِيبِ، آمَنَ صَمُوئِيلُ بِهِ وَٱتَّكَلَ عَلَيْهِ فَبُورِكَ بَرَكَاتٍ جَزِيلَةً. وَبِمَا أَنَّ يَهْوَهَ لَا يَتَغَيَّرُ، فَمَا زَالَ حَتَّى ٱلْيَوْمِ يَدْعَمُ ٱلَّذِينَ يَقْتَدُونَ بِإِيمَانِ هٰذَا ٱلرَّجُلِ ٱلْأَمِينِ.
a عَاشَ ٱلنَّذِيرُونَ تَحْتَ نَذْرٍ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَشْرَبُوا ٱلْكُحُولَ وَيَقُصُّوا شُعُورَهُمْ. وَقَدْ أَخَذَ مُعْظَمُهُمْ هٰذَا ٱلنَّذْرَ عَلَى نَفْسِهِ فَتْرَةً مُحَدَّدَةً، فِي حِينِ كَانَ قَلِيلُونَ مِنْهُمْ نَذِيرِينَ مَدَى ٱلْحَيَاةِ، أَمْثَالُ شَمْشُونَ وَصَمُوئِيلَ وَيُوحَنَّا ٱلْمَعْمَدَانِ.
b كَانَ ٱلْمَقْدِسُ مُسْتَطِيلَ ٱلشَّكْلِ، وَهُوَ مِنْ حَيْثُ ٱلْمَبْدَأُ خَيْمَةٌ ضَخْمَةٌ ذَاتُ هَيْكَلٍ خَشَبِيٍّ. وَقَدْ صُنِعَ مِنْ أَجْوَدِ ٱلْمَوَادِّ: جُلُودِ فُقْمَاتٍ، أَقْمِشَةٍ مُطَرَّزَةٍ بِإِتْقَانٍ، وَأَخْشَابٍ نَفِيسَةٍ مُلَبَّسَةٍ بِٱلْفِضَّةِ وَٱلذَّهَبِ. وَشُيِّدَ ضِمْنَ دَارٍ مُسْتَطِيلَةٍ تَحْوِي مَذْبَحًا مَهِيبًا لِتَقْدِيمِ ٱلذَّبَائِحِ. وَمَعَ ٱلْوَقْتِ، أُنْشِئَتْ عَلَى مَا يَظْهَرُ غُرَفٌ إِضَافِيَّةٌ بِجِوَارِ ٱلْمَقْدِسِ لِيَسْتَخْدِمَهَا ٱلْكَهَنَةُ. وَيَبْدُو أَنَّ صَمُوئِيلَ كَانَ يَنَامُ فِي إِحْدَاهَا.
c تَتَضَمَّنُ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةُ مَثَلَيْنِ عَلَى ٱلِٱسْتِهَانَةِ. أَوَّلًا، ٱنْتَهَكَ ٱلْكَهَنَةُ ٱلْأَشْرَارُ فِي ٱلْمَسْكَنِ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلَّتِي حَدَّدَتْ أَيَّةُ أَجْزَاءٍ مِنَ ٱلذَّبَائِحِ تُعْطَى لِلْكَهَنَةِ كَيْ يَأْكُلُوهَا. (تث ١٨:٣) فَقَدْ كَانَ غِلْمَانُهُمْ يُقْحِمُونَ شَوْكَةً ضَخْمَةً فِي ٱلْمِغْلَاةِ ٱلَّتِي يُطْبَخُ فِيهَا ٱللَّحْمُ، مُعْطِينَ ٱلْكَاهِنَ كُلَّ مَا يَصْعَدُ بِٱلشَّوْكَةِ مِنَ ٱللَّحْمِ ٱلْجَيِّدِ. ثَانِيًا، حِينَ كَانَ ٱلشَّعْبُ يَأْتُونَ بِذَبَائِحِهِمْ لِإِيقَادِهَا عَلَى ٱلْمَذْبَحِ، ٱعْتَادَ هٰؤُلَاءِ ٱلْكَهَنَةُ أَنْ يُرْسِلُوا غِلْمَانَهُمْ لِيَأْخُذُوا بِٱلْإِكْرَاهِ لَحْمًا نِيئًا مِنْ مُقَرِّبِ ٱلذَّبِيحَةِ، حَتَّى قَبْلَ إِيقَادِ ٱلشَّحْمِ لِيَهْوَهَ. — لا ٣:٣-٥؛ ١ صم ٢:١٣-١٧.