اَلْفَصْلُ ٱلسَّابِعَ عَشَرَ
«هُوَذَا أَمَةُ يَهْوَهَ!»
١، ٢ (أ) كَيْفَ حَيَّا ٱلزَّائِرُ ٱلْغَرِيبُ مَرْيَمَ؟ (ب) لِمَ وَجَدَتْ مَرْيَمُ نَفْسَهَا أَمَامَ مَرْحَلَةٍ مَصِيرِيَّةٍ مِنْ حَيَاتِهَا؟
رَفَعَتْ مَرْيَمُ بَصَرَهَا وَٱلدَّهْشَةُ مُرْتَسِمَةٌ عَلَى وَجْهِهَا لِتَرَى ٱلزَّائِرَ ٱلْغَرِيبَ ٱلَّذِي دَخَلَ بَيْتَهَا. فَهُوَ لَمْ يَطْلُبْ رُؤْيَةَ أَبِيهَا أَوْ أُمِّهَا، بَلْ أَتَى لِرُؤْيَتِهَا هِيَ! إِنَّهُ لَيْسَ مِنَ ٱلنَّاصِرَةِ. فَفِي مَدِينَةٍ صَغِيرَةٍ كَمَدِينَتِهَا يَلْفِتُ ٱلْغُرَبَاءُ ٱلْأَنْظَارَ سَرِيعًا، وَهٰذَا ٱلزَّائِرُ خُصُوصًا يَلْفِتُ ٱلنَّظَرَ أَيْنَمَا حَلَّ. هٰذَا وَإِنَّهُ أَلْقَى عَلَيْهَا سَلَامًا لَمْ تَأْلَفْهُ مِنْ قَبْلُ، قَائِلًا: «طَابَ يَوْمُكِ، أَيَّتُهَا ٱلْمُنْعَمُ عَلَيْهَا، يَهْوَهُ مَعَكِ». — اقرأ لوقا ١:٢٦-٢٨.
٢ هٰكَذَا يَأْتِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى عَلَى ذِكْرِ مَرْيَمَ ٱبْنَةِ هَالِي مِنْ مَدِينَةٍ فِي ٱلْجَلِيلِ ٱسْمُهَا ٱلنَّاصِرَةُ. فَنَجِدُهَا أَمَامَ مَرْحَلَةٍ مَصِيرِيَّةٍ مِنْ حَيَاتِهَا. لَقَدْ كَانَتْ مَخْطُوبَةً لِيُوسُفَ ٱلنَّجَّارِ، رَجُلٍ فَقِيرِ ٱلْحَالِ وَلٰكِنْ رَاسِخُ ٱلْإِيمَانِ. لِذَا رُبَّمَا لَدَيْهَا تَصَوُّرٌ وَاضِحٌ لِمُسْتَقْبَلِهَا. فَهِيَ سَتَعِيشُ عِيشَةً بَسِيطَةً بِرِفْقَتِهِ وَتَدْعَمُهُ فِي تَرْبِيَةِ عَائِلَةٍ جَمِيلَةٍ. وَلٰكِنْ فَجْأَةً، أَتَاهَا هٰذَا ٱلزَّائِرُ بِتَعْيِينٍ مِنْ إِلٰهِهَا، مَسْؤُولِيَّةٍ كَانَتْ سَتُحْدِثُ مُنْعَطَفًا كَبِيرًا فِي مَسَارِ حَيَاتِهَا.
٣، ٤ لِكَيْ يَتَعَرَّفَ ٱلْمَرْءُ بِمَرْيَمَ، مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَجَاهَلَ وَعَلَامَ يَنْبَغِي أَنْ يُرَكِّزَ؟
٣ يَتَفَاجَأُ كَثِيرُونَ حِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ مُقْتَضَبٌ فِي ٱلْحَدِيثِ عَنْ مَرْيَمَ. فَهُوَ يَذْكُرُ ٱلْقَلِيلَ عَنْ نَشْأَتِهَا، وَأَقَلَّ أَيْضًا عَنْ شَخْصِيَّتِهَا، وَلَا شَيْءَ مُطْلَقًا عَنْ مَظْهَرِهَا. مَعَ ذٰلِكَ، نَسْتَشِفُّ أُمُورًا قَيِّمَةً مِمَّا يَقُولُهُ عَنْهَا.
٤ وَلِكَيْ يَتَعَرَّفَ ٱلْمَرْءُ بِمَرْيَمَ، يَلْزَمُ أَنْ يَضَعَ جَانِبًا مَفَاهِيمَ مُكَوَّنَةً عَنْهَا مُسْبَقًا تُرَوِّجُهَا مُخْتَلِفُ ٱلْفِئَاتِ ٱلدِّينِيَّةِ. فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَجَاهَلَ ٱلْعَدَدَ ٱلْهَائِلَ مِنَ ٱلصُّوَرِ وَٱلتَّمَاثِيلِ ٱلرُّخَامِيَّةِ وَٱلْجِصِّيَّةِ ٱلَّتِي تُجَسِّدُهَا. وَيَنْبَغِي أَيْضًا أَنْ يَغُضَّ ٱلطَّرْفَ عَنِ ٱلْعَقَائِدِ ٱللَّاهُوتِيَّةِ ٱلْمُعَقَّدَةِ ٱلَّتِي تَمْنَحُ هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةَ ٱلْمُتَوَاضِعَةَ أَلْقَابًا تَبْجِيلِيَّةً مِثْلَ: «أُمَّ ٱللّٰهِ» وَ «مَلِكَةَ ٱلسَّمٰوَاتِ». وَبَدَلًا مِنْ ذٰلِكَ، يَحْسُنُ بِهِ أَنْ يُرَكِّزَ عَلَى مَا يَقُولُهُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنْهَا. فَهُوَ يَمْنَحُنَا بَصِيرَةً لَا تُقَدَّرُ بِثَمَنٍ عَنْ إِيمَانِهَا وَيُسَاعِدُنَا عَلَى ٱلِٱقْتِدَاءِ بِهِ.
مَنْ هُوَ ٱلزَّائِرُ؟
٥ (أ) مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ مَرْيَمَ حِيَالَ تَحِيَّةِ جِبْرَائِيلَ، وَمَاذَا يُخْبِرُنَا ذٰلِكَ عَنْهَا؟ (ب) أَيُّ دَرْسٍ حَيَوِيٍّ نَتَعَلَّمُهُ مِنْ مَرْيَمَ؟
٥ لَمْ يَكُنْ زَائِرُ مَرْيَمَ مِنَ ٱلْبَشَرِ، بَلْ كَانَ ٱلْمَلَاكَ جِبْرَائِيلَ. وَعِنْدَمَا دَعَاهَا «أَيَّتُهَا ٱلْمُنْعَمُ عَلَيْهَا»، «ٱضْطَرَبَتْ بِشِدَّةٍ» مِنْ كَلَامِهِ وَتَسَاءَلَتْ مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هٰذَا ٱلسَّلَامُ غَيْرُ ٱلِٱعْتِيَادِيِّ. (لو ١:٢٩) فَمَنْ ذَا ٱلَّذِي أَنْعَمَ عَلَيْهَا يَا تُرَى؟ لَمْ تَتَوَقَّعْ مَرْيَمُ أَنْ تَنَالَ حُظْوَةً عِنْدَ ٱلنَّاسِ. وَتَوَقُّعُهَا كَانَ فِي مَحَلِّهِ، فَٱلْمَلَاكُ قَصَدَ ٱلْحُظْوَةَ عِنْدَ يَهْوَهَ ٱللّٰهِ. وَمَعَ أَنَّهَا رَغِبَتْ حَتْمًا أَنْ تَتَمَتَّعَ بِنِعْمَةِ إِلٰهِهَا، لَمْ تَفْتَرِضْ بِكِبْرِيَاءَ أَنَّهَا تَحْصِيلُ حَاصِلٍ. نَحْنُ أَيْضًا، إِذَا سَعَيْنَا جَاهِدِينَ إِلَى نَيْلِ رِضَى ٱللّٰهِ وَلَمْ نَدَّعِ بِتَعَجْرُفٍ أَنَّهُ رَاضٍ عَنَّا أَصْلًا، نَتَعَلَّمُ دَرْسًا مُهِمًّا عَرَفَتْهُ هٰذِهِ ٱلشَّابَّةُ حَقَّ ٱلْمَعْرِفَةِ: اَللّٰهُ يُقَاوِمُ ٱلْمُتَكَبِّرِينَ، أَمَّا ٱلْمُتَوَاضِعُونَ وَٱلْمَسَاكِينُ فَيُحِبُّهُمْ وَيَدْعَمُهُمْ. — يع ٤:٦.
لَمْ تَفْتَرِضْ مَرْيَمُ بِكِبْرِيَاءَ أَنَّ نِعْمَةَ ٱللّٰهِ تَحْصِيلُ حَاصِلٍ
٦ أَيُّ ٱمْتِيَازٍ رَفِيعٍ حَمَلَهُ ٱلْمَلَاكُ إِلَى مَرْيَمَ؟
٦ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ مَرْيَمُ عَلَى هٰذَا ٱلْقَدْرِ مِنَ ٱلتَّوَاضُعِ لِأَنَّ ٱلْمَلَاكَ حَمَلَ إِلَيْهَا ٱمْتِيَازًا يَفُوقُ كُلَّ ٱلتَّصَوُّرَاتِ. فَقَدْ أَوْضَحَ لَهَا أَنَّهَا سَتَلِدُ طِفْلًا يَكُونُ أَهَمَّ ٱلْبَشَرِ قَاطِبَةً. قَالَ: «يُعْطِيهِ يَهْوَهُ ٱللّٰهُ عَرْشَ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى ٱلْأَبَدِ، وَلَا يَكُونُ لِمَمْلَكَتِهِ نِهَايَةٌ». (لو ١:٣٢، ٣٣) مِنَ ٱلْمُؤَكَّدِ أَنَّ مَرْيَمَ كَانَتْ عَلَى عِلْمٍ بِٱلْوَعْدِ ٱلَّذِي قَطَعَهُ ٱللّٰهُ لِدَاوُدَ قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ بِأَنَّ مُتَحَدِّرًا مِنْهُ سَيَحْكُمُ إِلَى ٱلْأَبَدِ. (٢ صم ٧:١٢، ١٣) إِذًا، كَانَ ٱبْنُهَا سَيَصِيرُ ٱلْمَسِيَّا ٱلَّذِي ٱنْتَظَرَهُ شَعْبُ ٱللّٰهِ طَوَالَ قُرُونٍ!
٧ (أ) أَيُّ جَانِبٍ فِي شَخْصِيَّةِ مَرْيَمَ كَشَفَ عَنْهُ سُؤَالُهَا؟ (ب) مَاذَا يُمْكِنُ لِلشُّبَّانِ وَٱلشَّابَّاتِ ٱلْيَوْمَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا مِنْ مَرْيَمَ؟
٧ عِلَاوَةً عَلَى ذٰلِكَ، قَالَ ٱلْمَلَاكُ إِنَّ مَوْلُودَهَا ‹سَيُدْعَى ٱبْنَ ٱلْعَلِيِّ›. فَكَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ تُنْجِبَ ٱمْرَأَةٌ مِنَ ٱلْبَشَرِ ٱبْنَ ٱللّٰهِ؟ بَلْ كَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ تُنْجِبَ مَرْيَمُ وَلَدًا فِي ٱلْأَصْلِ؟! فَهِيَ مَخْطُوبَةٌ لِيُوسُفَ وَلَمْ تَتَزَوَّجْ مِنْهُ بَعْدُ. لِذَا سَأَلَتِ ٱلْمَلَاكَ بِكُلِّ صَرَاحَةٍ: «كَيْفَ يَكُونُ هٰذَا، وَأَنَا لَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ زَوْجِيَّةٌ بِرَجُلٍ؟». (لو ١:٣٤) لَاحِظْ أَنَّ مَرْيَمَ لَمْ تَخْجَلْ بِعَذْرَاوِيَّتِهَا. بِٱلْأَحْرَى، ٱفْتَخَرَتْ بِعِفَّتِهَا وَطَهَارَتِهَا. أَمَّا ٱلْيَوْمَ، فَكَثِيرُونَ مِنَ ٱلشُّبَّانِ وَٱلشَّابَّاتِ يَسْتَهِينُونَ بِبَتُولِيَّتِهِمْ وَلَا يُمَانِعُونَ خَسَارَتَهَا، حَتَّى إِنَّهُمْ يَسْتَهْزِئُونَ بِٱلَّذِينَ يُحَافِظُونَ عَلَيْهَا. فَلَكَمْ تَغَيَّرَتِ ٱلدُّنْيَا! لٰكِنَّ يَهْوَهَ لَا يَتَغَيَّرُ أَبَدًا. (مل ٣:٦) إِنَّهُ يُعِزُّ ٱلَّذِينَ يَلْتَصِقُونَ بِمَقَايِيسِهِ ٱلْأَدَبِيَّةِ، تَمَامًا كَمَا فِي زَمَنِ مَرْيَمَ. — اقرإ العبرانيين ١٣:٤.
٨ كَيْفَ كَانَ فِي وُسْعِ مَرْيَمَ أَنْ تُنْجِبَ وَلَدًا كَامِلًا رَغْمَ نَقْصِهَا؟
٨ صَحِيحٌ أَنَّ مَرْيَمَ كَانَتْ خَادِمَةً أَمِينَةً لِلّٰهِ، إِلَّا أَنَّهَا مِنَ ٱلْبَشَرِ ٱلنَّاقِصِينَ. فَكَيْفَ لَهَا أَنْ تُنْجِبَ وَلَدًا كَامِلًا هُوَ ٱبْنُ ٱللّٰهِ؟ أَوْضَحَ لَهَا جِبْرَائِيلُ: «رُوحٌ قُدُسٌ يَأْتِي عَلَيْكِ، وَقُدْرَةُ ٱلْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ. لِذٰلِكَ أَيْضًا يُدْعَى ٱلْمَوْلُودُ قُدُّوسًا، ٱبْنَ ٱللّٰهِ». (لو ١:٣٥) إِنَّ ٱلشَّخْصَ ٱلْقُدُّوسَ «طَاهِرٌ» وَ «نَقِيٌّ». لٰكِنَّنَا نَعْرِفُ أَنَّ ٱلْبَشَرَ يُورِثُونَ أَوْلَادَهُمُ ٱلْخَطِيَّةَ وَعَدَمَ ٱلطَّهَارَةِ، لِذَا كَانَ يَهْوَهُ سَيَصْنَعُ عَجِيبَةً فَرِيدَةً فِي حَالَةِ مَرْيَمَ. فَهُوَ سَيَنْقُلُ حَيَاةَ ٱبْنِهِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ إِلَى رَحِمِهَا ثُمَّ يَسْتَخْدِمُ قُوَّتَهُ ٱلْفَعَّالَةَ، أَيْ رُوحَهُ ٱلْقُدُسَ، لِكَيْ ‹تُظَلِّلَهَا› فَتَحْمِي ٱلْوَلَدَ مِنْ أَيِّ أَثَرٍ لِلْخَطِيَّةِ. وَهَلْ صَدَّقَتْ مَرْيَمُ وَعْدَ ٱلْمَلَاكِ؟ مَاذَا كَانَ رَدُّ فَعْلِهَا؟
هَلْ قَبِلَتْ مَرْيَمُ ٱلتَّعْيِينَ؟
٩ (أ) لِمَ آرَاءُ ٱلْمُشَكِّكِينَ فِي رِوَايَةِ مَرْيَمَ خَاطِئَةٌ؟ (ب) كَيْفَ دَعَمَ جِبْرَائِيلُ إِيمَانَ مَرْيَمَ؟
٩ لَا يُصَدِّقُ ٱلْمُشَكِّكُونَ، بِمَنْ فِيهِمْ لَاهُوتِيُّونَ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ، أَنَّ فَتَاةً عَذْرَاءَ يُمْكِنُ أَنْ تُنْجِبَ وَلَدًا. فَهُمْ، رَغْمَ كُلِّ عُلُومِهِمْ وَثَقَافَتِهِمْ، يَعْجَزُونَ عَنِ ٱسْتِيعَابِ حَقِيقَةٍ بَسِيطَةٍ ذَكَرَهَا جِبْرَائِيلُ: «مَا مِنْ إِعْلَانٍ يَسْتَحِيلُ عَلَى ٱللّٰهِ». (لو ١:٣٧) أَمَّا مَرْيَمُ فَصَدَّقَتْ كَلَامَ جِبْرَائِيلَ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَمْلِكُ إِيمَانًا قَوِيًّا. وَإِيمَانُهَا لَمْ يَكُنْ سَاذَجًا أَعْمَى. فَهِيَ أَسَّسَتْهُ مِثْلَ أَيِّ شَخْصٍ مَنْطِقِيٍّ عَلَى ٱلْأَدِلَّةِ وَٱلْبَرَاهِينِ. وَقَدْ كَانَ جِبْرَائِيلُ يُوشِكُ أَنْ يَدْعَمَ إِيمَانَهَا بِدَلِيلٍ إِضَافِيٍّ. فَأَخْبَرَهَا أَنَّ ٱللّٰهَ مَكَّنَ نَسِيبَتَهَا ٱلْمُسِنَّةَ أَلِيصَابَاتَ أَنْ تَحْبَلَ بِطَرِيقَةٍ عَجَائِبِيَّةٍ بَعْدَمَا بَقِيَتْ عَاقِرًا مُدَّةً طَوِيلَةً.
١٠ لِمَ لَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ ٱمْتِيَازَ مَرْيَمَ ٱلرَّفِيعَ خَلَا مِنَ ٱلْمَصَاعِبِ وَٱلْمَخَاوِفِ؟
١٠ وَٱلْآنَ مَاذَا سَتَفْعَلُ مَرْيَمُ بَعْدَمَا مُنِحَتْ هٰذَا ٱلتَّعْيِينَ وَتَوَفَّرَتْ لَدَيْهَا ٱلْأَدِلَّةُ أَنَّ ٱللّٰهَ سَيُحَقِّقُ كُلَّ مَا قَالَهُ بِفَمِ جِبْرَائِيلَ؟ طَبْعًا، لَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ هٰذَا ٱلِٱمْتِيَازَ كَانَ سَهْلًا لَا تُرَافِقُهُ أَيَّةُ مَصَاعِبَ أَوْ مَخَاوِفَ. فَلَعَلَّهَا تَسَاءَلَتْ مَثَلًا هَلْ يَتَزَوَّجُهَا خَطِيبُهَا يُوسُفُ بَعْدَ أَنْ يَكْتَشِفَ حَبَلَهَا. هٰذَا عَدَا عَنِ ٱلتَّعْيِينِ نَفْسِهِ ٱلَّذِي رُبَّمَا بَدَا مُهِمَّةً مُضْنِيَةً فِي نَظَرِهَا. فَهِيَ سَتَحْمِلُ فِي أَحْشَائِهَا أَغْلَى مَخْلُوقَاتِ ٱللّٰهِ عَلَى قَلْبِهِ، ٱبْنَهُ ٱلْحَبِيبَ. وَكَانَتْ سَتَعْتَنِي بِهِ وَهُوَ طِفْلٌ صَغِيرٌ عَاجِزٌ وَتُؤَمِّنُ لَهُ ٱلْحِمَايَةَ فِي عَالَمٍ شِرِّيرٍ. فَمَا أَثْقَلَ هٰذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّةَ بِٱلْفِعْلِ!
١١، ١٢ (أ) كَيْفَ تَصَرَّفَ أَشْخَاصٌ أَقْوِيَاءُ وَأُمَنَاءُ حِينَ تَسَلَّمُوا تَعْيِينَاتٍ صَعْبَةً مِنَ ٱللّٰهِ؟ (ب) مَاذَا كَشَفَتْ مَرْيَمُ عَنْ نَفْسِهَا مِنْ خِلَالِ جَوَابِهَا لِجِبْرَائِيلَ؟
١١ يُظْهِرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّهُ حَتَّى ٱلْأَشْخَاصُ ٱلْأُمَنَاءُ وَٱلْأَقْوِيَاءُ تَرَدَّدُوا أَحْيَانًا فِي قُبُولِ تَعْيِينَاتٍ صَعْبَةٍ مِنَ ٱللّٰهِ. فَمُوسَى ذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْدُمَ نَاطِقًا بِكَلَامِ ٱللّٰهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ طَلِقَ ٱللِّسَانِ. (خر ٤:١٠) وَإِرْمِيَا ٱعْتَرَضَ قَائِلًا إِنَّهُ «صَبِيٌّ»، أَيْ أَصْغَرُ مِنْ أَنْ يَقُومَ بِٱلْمُهِمَّةِ ٱلَّتِي أَوْكَلَهَا ٱللّٰهُ إِلَيْهِ. (ار ١:٦) يُونَانُ أَيْضًا هَرَبَ مِنْ تَعْيِينِهِ. (يون ١:٣) فَمَاذَا عَنْ مَرْيَمَ؟
١٢ لَا تَزَالُ كَلِمَاتُ هٰذِهِ ٱلشَّابَّةِ ٱلْأَمِينَةِ تَتْرُكُ أَثَرًا عَمِيقًا فِي كُلِّ ٱلْمُؤْمِنِينَ لِمَا فِيهَا مِنْ تَوَاضُعٍ وَطَاعَةٍ. قَالَتْ لِجِبْرَائِيلَ: «هُوَذَا أَمَةُ يَهْوَهَ! لِيَكُنْ لِي كَمَا أَعْلَنْتَ». (لو ١:٣٨) كَانَتِ ٱلْأَمَةُ أَدْنَى ٱلْخَدَمِ وَحَيَاتُهَا مُلْكًا لِسَيِّدِهَا. هٰكَذَا شَعَرَتْ مَرْيَمُ حِيَالَ سَيِّدِهَا يَهْوَهَ. فَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّهَا فِي أَمَانٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَنَّهُ يَعْمَلُ بِوَلَاءٍ مَعَ ٱلْأَوْلِيَاءِ وَسَيُبَارِكُهَا إِذَا سَعَتْ جَاهِدَةً لِإِتْمَامِ مَسْؤُولِيَّتِهَا ٱلثَّقِيلَةِ. — مز ١٨:٢٥.
عَلِمَتْ مَرْيَمُ أَنَّهَا فِي أَمَانٍ بَيْنَ يَدَيْ إِلٰهِهَا ٱلْوَلِيِّ يَهْوَهَ
١٣ كَيْفَ نَسْتَفِيدُ مِنْ مِثَالِ مَرْيَمَ إِذَا طَلَبَ مِنَّا ٱللّٰهُ أُمُورًا تَبْدُو فِي نَظَرِنَا صَعْبَةً أَوْ مُسْتَحِيلَةً؟
١٣ فِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ، يَطْلُبُ مِنَّا ٱللّٰهُ أُمُورًا تَبْدُو فِي نَظَرِنَا صَعْبَةً بَلْ مُسْتَحِيلَةً. لٰكِنَّهُ يُزَوِّدُنَا فِي كَلِمَتِهِ بِوَفْرَةٍ مِنَ ٱلْأَسْبَابِ ٱلَّتِي تَدْفَعُنَا أَنْ نَتَّكِلَ عَلَيْهِ وَنَضَعَ أَنْفُسَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى غِرَارِ مَرْيَمَ. (ام ٣:٥، ٦) فَهَلْ نَثِقُ بِيَهْوَهَ؟ إِذَا فَعَلْنَا ذٰلِكَ، يُكَافِئُنَا وَيُسَاعِدُنَا أَنْ نُقَوِّيَ إِيمَانَنَا بِهِ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ.
مَرْيَمُ تَزُورُ أَلِيصَابَاتَ
١٤، ١٥ (أ) كَيْفَ كَافَأَ يَهْوَهُ مَرْيَمَ حِينَ زَارَتْ أَلِيصَابَاتَ وَزَكَرِيَّا؟ (ب) مَاذَا نَسْتَخْلِصُ عَنْ مَرْيَمَ مِنْ كَلِمَاتِهَا ٱلْمُدَوَّنَةِ فِي لُوقَا ١:٤٦-٥٥؟
١٤ تَأَثَّرَتْ مَرْيَمُ كَثِيرًا بِٱلْخَبَرِ ٱلَّذِي نَقَلَهُ جِبْرَائِيلُ بِشَأْنِ أَلِيصَابَاتَ. فَمَنْ يَقْدِرُ بَيْنَ كُلِّ نِسَاءِ ٱلْعَالَمِ أَنْ يَتَفَهَّمَ حَالَتَهَا أَكْثَرَ مِنْ أَلِيصَابَاتَ؟! لِذَا، أَسْرَعَتْ بِٱلذَّهَابِ إِلَى ٱلْكُورَةِ ٱلْجَبَلِيَّةِ فِي يَهُوذَا، وَهِيَ رِحْلَةٌ قَدْ تَسْتَغْرِقُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ أَوْ أَرْبَعَةً. وَحِينَ دَخَلَتْ بَيْتَ أَلِيصَابَاتَ وَزَكَرِيَّا ٱلْكَاهِنِ، كَافَأَهَا يَهْوَهُ بِدَلِيلٍ قَاطِعٍ آخَرَ وَطَّدَ إِيمَانَهَا. فَمَا إِنْ سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلَامَهَا حَتَّى ٱرْتَكَضَ ٱلْجَنِينُ بِٱبْتِهَاجٍ فِي رَحِمِهَا. ثُمَّ ٱمْتَلَأَتْ رُوحًا قُدُسًا وَدَعَتْهَا «أُمَّ رَبِّي». فَٱللّٰهُ كَانَ قَدْ كَشَفَ لَهَا أَنَّ ٱبْنَ مَرْيَمَ سَيَكُونُ رَبَّهَا، ٱلْمَسِيَّا. وَأُوحِيَ إِلَيْهَا أَيْضًا أَنْ تَمْدَحَهَا عَلَى طَاعَتِهَا وَأَمَانَتِهَا، قَائِلَةً: «سَعِيدَةٌ هِيَ ٱلَّتِي آمَنَتْ». (لو ١:٣٩-٤٥) فَكُلُّ ٱلْوُعُودِ ٱلَّتِي قَطَعَهَا يَهْوَهُ لِمَرْيَمَ كَانَتْ سَتَتَحَقَّقُ بِٱلتَّأْكِيدِ!
١٥ تَفَوَّهَتْ مَرْيَمُ بِدَوْرِهَا بِكَلِمَاتٍ حَرِصَ يَهْوَهُ عَلَى حِفْظِهَا فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. (اقرأ لوقا ١:٤٦-٥٥.) وَهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ هِيَ أَطْوَلُ أَقْوَالِهَا فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَتَكْشِفُ لَنَا ٱلْكَثِيرَ عَنْهَا. فَقَدْ أَظْهَرَتْ مَرْيَمُ رُوحَ ٱلشُّكْرِ وَٱلتَّقْدِيرِ لِيَهْوَهَ حِينَ سَبَّحَتْهُ عَلَى ٱلِٱمْتِيَازِ ٱلَّذِي أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ أُمًّا لِلْمَسِيَّا. وَبَرْهَنَتْ عَنْ عُمْقِ إِيمَانِهَا عِنْدَمَا قَالَتْ إِنَّ يَهْوَهَ يَحُطُّ ٱلْمُتَكَبِّرِينَ وَذَوِي ٱلنُّفُوذِ وَيُسَاعِدُ ٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْفُقَرَاءَ ٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ إِلَى خِدْمَتِهِ. كَمَا دَلَّتْ كَلِمَاتُهَا عَلَى مَعْرِفَتِهَا ٱلْوَاسِعَةِ. فَبِحَسَبِ أَحَدِ ٱلتَّقْدِيرَاتِ، أَشَارَتْ أَكْثَرَ مِنْ ٢٠ مَرَّةً إِلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْعِبْرَانِيَّةِ.a
١٦، ١٧ (أ) أَيُّ رُوحٍ أَظْهَرَتْهَا مَرْيَمُ وَٱبْنُهَا يَحْسُنُ بِنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نُعْرِبَ عَنْهَا؟ (ب) أَيُّ بَرَكَةٍ تُذَكِّرُنَا بِهَا زِيَارَةُ مَرْيَمَ لِأَلِيصَابَاتَ؟
١٦ مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ مَرْيَمَ ٱعْتَادَتِ ٱلتَّأَمُّلَ فِي كَلِمَةِ ٱللّٰهِ. مَعَ ذٰلِكَ، بَقِيَتْ مُتَوَاضِعَةً وَفَضَّلَتْ أَنْ تَدَعَ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ تَتَكَلَّمُ عَنْهَا عِوَضَ أَنْ تَأْتِيَ هِيَ بِأَفْكَارِهَا ٱلْخَاصَّةِ. وَٱلْوَلَدُ ٱلَّذِي كَانَ يَنْمُو فِي أَحْشَائِهَا آنَذَاكَ تَحَلَّى لَاحِقًا بِهٰذِهِ ٱلرُّوحِ. فَقَدْ قَالَ: «مَا أُعَلِّمُهُ لَيْسَ لِي، بَلْ لِلَّذِي أَرْسَلَنِي». (يو ٧:١٦) لِذَا يَحْسُنُ بِكُلٍّ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ: ‹هَلْ أُظْهِرُ مِثْلَ هٰذَا ٱلِٱحْتِرَامِ وَٱلتَّقْدِيرِ لِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ أَمْ أُفَضِّلُ أَفْكَارِي وَتَعَالِيمِي ٱلْخَاصَّةَ؟›. إِنَّ مَوْقِفَ مَرْيَمَ مِنْ هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ وَاضِحٌ جِدًّا.
١٧ مَكَثَتْ مَرْيَمُ عِنْدَ أَلِيصَابَاتَ نَحْوَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُمَا تَبَادَلَتَا خِلَالَهَا ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلتَّشْجِيعِ. (لو ١:٥٦) وَهٰذِهِ ٱلرِّوَايَةُ ٱلْجَمِيلَةُ تُذَكِّرُنَا أَنَّ ٱلصَّدَاقَةَ بَرَكَةٌ رَائِعَةٌ. فَحِينَ نُصَادِقُ أَشْخَاصًا يُحِبُّونَ إِلٰهَنَا يَهْوَهَ مَحَبَّةً حَقِيقِيَّةً، نَنْمُو رُوحِيًّا وَنَقْتَرِبُ إِلَيْهِ أَكْثَرَ. (ام ١٣:٢٠) وَٱلْآنَ حَانَ ٱلْوَقْتُ لِتَعُودَ مَرْيَمُ إِلَى بَيْتِهَا. فَمَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ يُوسُفَ حِينَ عَلِمَ أَنَّهَا حُبْلَى؟
مَرْيَمُ تُصَارِحُ يُوسُفَ
١٨ بِمَ صَارَحَتْ مَرْيَمُ خَطِيبَهَا يُوسُفَ، وَكَيْفَ كَانَ رَدُّ فِعْلِهِ؟
١٨ مِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَنَّ مَرْيَمَ لَمْ تَنْتَظِرْ حَتَّى يَرَى ٱلنَّاسُ حَبَلَهَا لِتُخْبِرَ يُوسُفَ بِٱلْأَمْرِ. وَمَعَ أَنَّهَا رُبَّمَا تَخَوَّفَتْ مِنْ رَدِّ فِعْلِهِ، هُوَ ٱلرَّجُلُ ٱلتَّقِيُّ وَٱلْمُحْتَرَمُ بَيْنَ ٱلنَّاسِ، أَطْلَعَتْهُ عَلَى كُلِّ مَا حَدَثَ مَعَهَا. فَٱضْطَرَبَ ٱضْطِرَابًا شَدِيدًا كَمَا هُوَ مُتَوَقَّعٌ. لَقَدْ أَرَادَ أَنْ يُصَدِّقَ حَبِيبَتَهُ، لٰكِنَّ كَلَامَهَا يَدُلُّ أَنَّهَا خَانَتْهُ. وَلَا يَذْكُرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ مَا جَالَ فِي فِكْرِهِ آنَذَاكَ أَوْ كَيْفَ حَلَّلَ ٱلْمَسْأَلَةَ. لٰكِنَّهُ يَذْكُرُ أَنَّهُ قَرَّرَ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِأَنَّ ٱلْمَخْطُوبِينَ فِي ذٰلِكَ ٱلزَّمَانِ كَانُوا بِمَثَابَةِ مُتَزَوِّجِينَ. وَبِمَا أَنَّهُ لَمْ يَشَأْ أَنْ يَلْحَقَ بِهَا أَيُّ عَارٍ أَوْ خِزْيٍ، نَوَى أَنْ يُطَلِّقَهَا سِرًّا. (مت ١:١٨، ١٩) تَخَيَّلْ كَمْ تَأَلَّمَتْ مَرْيَمُ دُونَ شَكٍّ وَهِيَ تَرَى خَطِيبَهَا ٱللَّطِيفَ يَتَعَذَّبُ بِسَبَبِ هٰذَا ٱلْوَضْعِ ٱلْفَرِيدِ مِنْ نَوْعِهِ. لٰكِنَّهَا لَمْ تَلُمْهُ أَوْ تَغْتَظْ مِنْهُ.
١٩ كَيْفَ سَاعَدَ يَهْوَهُ يُوسُفَ أَنْ يَفْعَلَ ٱلْأَمْرَ ٱلصَّائِبَ؟
١٩ سَاعَدَ يَهْوَهُ يُوسُفَ بِكُلِّ لُطْفٍ أَنْ يَفْعَلَ ٱلْأَمْرَ ٱلصَّائِبَ. فَتَرَاءَى لَهُ مَلَاكُ ٱللّٰهِ فِي حُلْمٍ وَأَكَّدَ لَهُ أَنَّ مَرْيَمَ حُبْلَى بِطَرِيقَةٍ عَجَائِبِيَّةٍ. وَيَا لَلرَّاحَةِ ٱلَّتِي شَعَرَ بِهَا! عِنْدَئِذٍ عَمِلَ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ تَوْجِيهِ يَهْوَهَ، مِثْلَمَا فَعَلَتْ مَرْيَمُ مِنَ ٱلْبِدَايَةِ، فَٱتَّخَذَهَا زَوْجَةً لَهُ وَٱسْتَعَدَّ لِحَمْلِ هٰذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ ٱلْمُنْقَطِعَةِ ٱلنَّظِيرِ: اَلِٱعْتِنَاءِ بِٱبْنِ يَهْوَهَ. — مت ١:٢٠-٢٤.
٢٠، ٢١ مَاذَا يُمْكِنُ لِلْمُتَزَوِّجِينَ وَٱلَّذِينَ يُفَكِّرُونَ فِي ٱلزَّوَاجِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا مِنْ مَرْيَمَ وَيُوسُفَ؟
٢٠ يَحْسُنُ بِٱلْمُتَزَوِّجِينَ وَٱلَّذِينَ يُفَكِّرُونَ فِي ٱلزَّوَاجِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا دُرُوسًا مِنْ هٰذَيْنِ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلشَّابَّيْنِ ٱللَّذَيْنِ عَاشَا مُنْذُ ٠٠٠,٢ سَنَةٍ. فَفِيمَا كَانَ يُوسُفُ يَرَى زَوْجَتَهُ ٱلشَّابَّةَ تُتَمِّمُ وَاجِبَاتِهَا وَتَعْتَنِي بِعَائِلَتِهَا كَأُمٍّ، شَعَرَ حَتْمًا بِٱلسَّعَادَةِ لِأَنَّ مَلَاكَ يَهْوَهَ أَرْشَدَهُ وَوَجَّهَ خُطُوَاتِهِ. فَلَا بُدَّ أَنَّهُ أَدْرَكَ أَهَمِّيَّةَ ٱلِٱتِّكَالِ عَلَى يَهْوَهَ عِنْدَ ٱتِّخَاذِ ٱلْقَرَارَاتِ ٱلْمُهِمَّةِ. (مز ٣٧:٥؛ ام ١٨:١٣) وَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ ظَلَّ رَجُلًا لَطِيفًا يُرَاعِي مَشَاعِرَ زَوْجَتِهِ عِنْدَ ٱلْقِيَامِ بِدَوْرِهِ كَرَأْسٍ لِلْعَائِلَةِ.
٢١ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، مَاذَا نَسْتَخْلِصُ مِنْ قُبُولِ مَرْيَمَ ٱلتَّزَوُّجَ بِيُوسُفَ رَغْمَ شُكُوكِهِ فِيهَا؟ صَحِيحٌ أَنَّهُ ٱسْتَصْعَبَ فِي ٱلْبِدَايَةِ تَفَهُّمَ حَالَتِهَا، لٰكِنَّهَا ٱنْتَظَرَتْ بِصَبْرٍ أَنْ يَأْخُذَ قَرَارَهُ فِي ٱلْمَسْأَلَةِ بِٱعْتِبَارِهِ رَأْسَ ٱلْعَائِلَةِ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ. وَهٰكَذَا تَعَلَّمَتْ أَهَمِّيَّةَ ٱلتَّحَلِّي بِٱلصَّبْرِ، وَهُوَ دَرْسٌ قَيِّمٌ حَرِيٌّ بِكُلِّ ٱلنِّسَاءِ ٱلْمَسِيحِيَّاتِ ٱلْيَوْمَ أَنْ يَعْمَلْنَ بِهِ. وَأَخِيرًا وَلَيْسَ آخِرًا، لَا بُدَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْأَحْدَاثَ عَلَّمَتْ يُوسُفَ وَمَرْيَمَ كِلَيْهِمَا قِيمَةَ ٱلتَّوَاصُلِ ٱلصَّادِقِ وَٱلصَّرِيحِ. — اقرإ الامثال ١٥:٢٢.
٢٢ عَلَى أَيِّ أُسُسٍ بَنَى يُوسُفُ وَمَرْيَمُ زَوَاجَهُمَا، وَمَاذَا كَانَ يَنْتَظِرُهُمَا؟
٢٢ لَقَدْ بَنَى هٰذَانِ ٱلزَّوْجَانِ ٱلشَّابَّانِ زَوَاجَهُمَا عَلَى أَمْتَنِ ٱلْأُسُسِ. فَهُمَا أَحَبَّا يَهْوَهَ ٱللّٰهَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ شَخْصٍ أَوْ شَيْءٍ آخَرَ، وَتَاقَا إِلَى إِرْضَائِهِ كَوَالِدَيْنِ يَتَّصِفَانِ بِٱلْمَحَبَّةِ وَيَتَحَلَّيَانِ بِحِسِّ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ. طَبْعًا، كَانَتْ تَنْتَظِرُهُمَا بَرَكَاتٌ عَظِيمَةٌ وَكَذٰلِكَ صُعُوبَاتٌ كَبِيرَةٌ. فَيَكْفِي أَنَّهُمَا سَيُرَبِّيَانِ يَسُوعَ، أَعْظَمَ إِنْسَانٍ عَرَفَهُ ٱلْعَالَمُ عَلَى مَرِّ ٱلتَّارِيخِ.
a مِنْ بَيْنِ هٰذِهِ ٱلْإِشَارَاتِ إِلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْعِبْرَانِيَّةِ، ٱقْتَبَسَتْ مَرْيَمُ كَمَا يَتَّضِحُ مِنَ ٱلْمَرْأَةِ ٱلْأَمِينَةِ حَنَّةَ ٱلَّتِي بَارَكَهَا يَهْوَهُ هِيَ ٱلْأُخْرَى بِوَلَدٍ. — اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «صَلَاتَانِ لَافِتَتَانِ» فِي ٱلْفَصْلِ ٦.