يَهْوَهُ هُوَ «مَسْكِنٌ» لَنَا
«يَا يَهْوَهُ، قَدْ كُنْتَ لَنَا مَسْكِنًا جِيلًا فَجِيلًا». — مز ٩٠:١.
١، ٢ كَيْفَ يَشْعُرُ خُدَّامُ ٱللّٰهِ حِيَالَ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْحَاضِرِ، وَبِأَيِّ مَعْنًى لَدَيْهِمْ «بَيْتٌ»؟
هَلْ تَشْعُرُ بِٱلرَّاحَةِ وَٱلْأَمَانِ فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ، وَكَأَنَّكَ فِي بَيْتِكَ؟ إِذَا أَجَبْتَ بِٱلنَّفْيِ، فَأَنْتَ لَسْتَ ٱلْوَحِيدَ. فَعَلَى مَرِّ ٱلْعُصُورِ، كُلُّ ٱلَّذِينَ أَكَنُّوا مَحَبَّةً حَقِيقِيَّةً لِيَهْوَهَ ٱللّٰهِ شَعَرُوا أَنَّهُمْ غُرَبَاءُ فِي نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هٰذَا. مَثَلًا، أَثْنَاءَ ٱرْتِحَالِ عُبَّادِ ٱللّٰهِ ٱلْأُمَنَاءِ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ «أَعْلَنُوا جَهْرًا أَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلَاءُ فِي تِلْكَ ٱلْأَرْضِ». — عب ١١:١٣.
٢ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، فَإِنَّ أَتْبَاعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلْمَمْسُوحِينَ، ٱلَّذِينَ ‹مُوَاطِنِيَّتُهُمْ هِيَ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ›، يَعْتَبِرُونَ أَنْفُسَهُمْ «مُتَغَرِّبِينَ وَنُزَلَاءَ» فِي نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْحَاضِرِ. (في ٣:٢٠؛ ١ بط ٢:١١) هٰذَا وَإِنَّ ‹خِرَافَ ٱلْمَسِيحِ ٱلْأُخَرَ› هُمْ أَيْضًا ‹لَيْسُوا جُزْءًا مِنَ ٱلْعَالَمِ، كَمَا أَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَكُنْ جُزْءًا مِنَ ٱلْعَالَمِ›. (يو ١٠:١٦؛ ١٧:١٦) رَغْمَ ذٰلِكَ، لَيْسَ شَعْبُ ٱللّٰهِ دُونَ «بَيْتٍ» يَلُوذُونَ بِهِ. فَهُمْ يَنْعَمُونَ بِٱلْحِمَايَةِ فِي ظِلِّ أَكْثَرِ «ٱلْبُيُوتِ» أَمَانًا، بَيْتٍ لَا يُمْكِنُ رُؤْيَتُهُ سِوَى بِعَيْنِ ٱلْإِيمَانِ. فَقَدْ كَتَبَ مُوسَى: «يَا يَهْوَهُ، قَدْ كُنْتَ لَنَا مَسْكِنًا جِيلًا فَجِيلًا». (مز ٩٠:١) فَكَيْفَ كَانَ يَهْوَهُ «مَسْكِنًا» لِخُدَّامِهِ ٱلْأَوْلِيَاءِ فِي ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلْقَدِيمَةِ؟ كَيْفَ يَكُونُ «مَسْكِنًا» لِشَعْبِهِ ٱلْيَوْمَ؟ وَكَيْفَ سَيَكُونُ ٱلْمَسْكِنَ ٱلْوَحِيدَ ٱلْآمِنَ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ؟
يَهْوَهُ كَانَ «مَسْكِنًا» لِخُدَّامِهِ
٣ مَا هُوَ ٱلْمُشَبَّهُ وَٱلْمُشَبَّهُ بِهِ وَوَجْهَا ٱلشَّبَهِ فِي ٱلْمَزْمُور ٩٠:١؟
٣ كَٱلْعَدِيدِ مِنَ ٱلتَّشَابِيهِ ٱلَّتِي تَحْوِيهَا صَفَحَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، يَتَضَمَّنُ ٱلْمَزْمُور ٩٠:١ مُشَبَّهًا وَمُشَبَّهًا بِهِ وَوَجْهَ شَبَهٍ. فَٱلْمُشَبَّهُ هُوَ يَهْوَهُ. وَٱلْمُشَبَّهُ بِهِ هُوَ ٱلْمَسْكِنُ. وَثَمَّةَ أَوْجُهُ شَبَهٍ بَيْنَ يَهْوَهَ وَٱلْمَسْكِنِ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، إِنَّ يَهْوَهَ يُؤَمِّنُ ٱلْحِمَايَةَ لِشَعْبِهِ. وَهٰذَا يَنْسَجِمُ مَعَ كَوْنِهِ مُجَسَّمَ ٱلْمَحَبَّةِ. (١ يو ٤:٨) كَمَا أَنَّهُ إِلٰهُ سَلَامٍ ‹يُسْكِنُ أَوْلِيَاءَهُ فِي أَمْنٍ›. (مز ٤:٨) تَأَمَّلْ مَثَلًا فِي تَعَامُلَاتِهِ مَعَ ٱلْآبَاءِ ٱلْأَجِلَّاءِ ٱلْأُمَنَاءِ، بَدْءًا مِنْ إِبْرَاهِيمَ.
٤، ٥ كَيْفَ بَرْهَنَ ٱللّٰهُ أَنَّهُ «مَسْكِنٌ» لِإِبْرَاهِيمَ؟
٤ لَا نَعْرِفُ مَا شَعَرَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ حِينَ قَالَ لَهُ يَهْوَهُ: «اِذْهَبْ مِنْ أَرْضِكَ وَأَهْلِكَ . . . إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أُرِيكَ». لٰكِنْ إِذَا كَانَ قَدْ سَاوَرَهُ أَيُّ قَلَقٍ، فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ زَالَ عَلَى ٱلْفَوْرِ عِنْدَمَا تَابَعَ يَهْوَهُ: «أَجْعَلُكَ أُمَّةً عَظِيمَةً وَأُبَارِكُكَ وَأُعَظِّمُ ٱسْمَكَ . . . وَأُبَارِكُ مُبَارِكِيكَ، وَأَلْعَنُ لَاعِنَكَ». — تك ١٢:١-٣.
٥ بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ، وَعَدَ يَهْوَهُ إِبْرَاهِيمَ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ وَلِذُرِّيَّتِهِ مَسْكِنًا يُؤَمِّنُ لَهُمُ ٱلْحِمَايَةَ وَٱلْأَمَانَ. (تك ٢٦:١-٦) وَقَدْ وَفَى يَهْوَهُ بِوَعْدِهِ هٰذَا. مَثَلًا، مَنَعَ فِرْعَوْنَ مِصْرَ وَأَبِيمَالِكَ مَلِكَ جَرَارَ مِنْ قَتْلِ إِبْرَاهِيمَ وَٱتِّخَاذِ سَارَةَ زَوْجَةً. كَمَا أَنَّهُ حَمَى إِسْحَاقَ وَرِفْقَةَ بِطَرِيقَةٍ مُشَابِهَةٍ. (تك ١٢:١٤-٢٠؛ ٢٠:١-١٤؛ ٢٦:٦-١١) يُخْبِرُ ٱلسِّجِلُّ: «لَمْ يَدَعْ [يَهْوَهُ] إِنْسَانًا يَغْبِنُهُمْ، بَلْ مِنْ أَجْلِهِمْ وَبَّخَ مُلُوكًا، قَائِلًا: ‹لَا تَمَسُّوا مُسَحَائِي، وَإِلَى أَنْبِيَائِي لَا تُسِيئُوا›». — مز ١٠٥:١٤، ١٥.
٦ مَاذَا أَوْصَى إِسْحَاقُ ٱبْنَهُ يَعْقُوبَ، وَكَيْفَ رُبَّمَا شَعَرَ يَعْقُوبُ؟
٦ كَانَ يَعْقُوبُ، حَفِيدُ إِبْرَاهِيمَ، مِنْ بَيْنِ هٰؤُلَاءِ ٱلْأَنْبِيَاءِ. فَحِينَ أَتَى ٱلْوَقْتُ لِيَتَّخِذَ زَوْجَةً لَهُ، قَالَ لَهُ أَبُوهُ إِسْحَاقُ: «لَا تَأْخُذْ زَوْجَةً مِنْ بَنَاتِ كَنْعَانَ. قُمِ ٱذْهَبْ إِلَى فَدَّانَ أَرَامَ، إِلَى بَيْتِ بَتُوئِيلَ أَبِي أُمِّكَ، وَخُذْ لِنَفْسِكَ زَوْجَةً مِنْ هُنَاكَ، مِنْ بَنَاتِ لَابَانَ». (تك ٢٨:١، ٢) فَعَمِلَ يَعْقُوبُ عَلَى ٱلْفَوْرِ بِوَصِيَّةِ أَبِيهِ. فَتَرَكَ عَائِلَتَهُ ٱلَّتِي كَانَتْ تَسْكُنُ فِي كَنْعَانَ، وَسَافَرَ عَلَى مَا يَتَّضِحُ بِمُفْرَدِهِ مِئَاتِ ٱلْكِيلُومِتْرَاتِ لِيَصِلَ إِلَى حَارَانَ. (تك ٢٨:١٠) وَلَرُبَّمَا تَسَاءَلَ: ‹كَمْ سَتَطُولُ فَتْرَةُ غِيَابِي؟ هَلْ يُرَحِّبُ بِي خَالِي وَيُعْطِينِي زَوْجَةً تَخَافُ ٱللّٰهَ؟›. وَإِذَا كَانَ يَعْقُوبُ قَدْ قَلِقَ بِشَأْنِ هٰذِهِ ٱلْمَسَائِلِ، فَقَلَقُهُ هٰذَا ٱخْتَفَى بِٱلتَّأْكِيدِ حِينَ وَصَلَ إِلَى لُوزَ، ٱلَّتِي تَبْعُدُ حَوَالَيْ ١٠٠ كِيلُومِتْرٍ عَنْ بِئْرَ سَبْعَ. فَمَاذَا حَصَلَ هُنَاكَ؟
٧ كَيْفَ طَمْأَنَ ٱللّٰهُ يَعْقُوبَ بِوَاسِطَةِ حُلْمٍ؟
٧ فِي لُوزَ، ظَهَرَ يَهْوَهُ لِيَعْقُوبَ فِي حُلْمٍ وَقَالَ لَهُ: «هَا أَنَا مَعَكَ، وَأَحْفَظُكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ وَأَرُدُّكَ إِلَى هٰذِهِ ٱلْأَرْضِ، لِأَنِّي لَا أَتْرُكُكَ حَتَّى أَعْمَلَ بِمَا كَلَّمْتُكَ بِهِ». (تك ٢٨:١٥) وَلَا بُدَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ شَجَّعَتْ يَعْقُوبَ وَطَمْأَنَتْهُ. فَلَعَلَّهُ ٱسْتَأْنَفَ رِحْلَتَهُ وَهُوَ مُتَشَوِّقٌ أَنْ يَرَى كَيْفَ سَيُتَمِّمُ ٱللّٰهُ وَعْدَهُ. وَإِذَا كُنْتَ قَدْ تَرَكْتَ بَيْتَكَ وَمَوْطِنَكَ، رُبَّمَا لِتَخْدُمَ فِي بَلَدٍ أَجْنَبِيٍّ، فَأَنْتَ تُدْرِكُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ ٱلْمَشَاعِرَ ٱلَّتِي ٱنْتَابَتْهُ. لٰكِنَّكَ دُونَ شَكٍّ لَمَسْتَ لَمْسَ ٱلْيَدِ ٱهْتِمَامَ يَهْوَهَ بِكَ.
٨، ٩ كَيْفَ كَانَ يَهْوَهُ «مَسْكِنًا» لِيَعْقُوبَ، وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ ذٰلِكَ؟
٨ حِينَ وَصَلَ يَعْقُوبُ إِلَى حَارَانَ، رَحَّبَ بِهِ خَالُهُ لَابَانُ تَرْحِيبًا حَارًّا وَزَوَّجَهُ لَاحِقًا بِٱبْنَتَيْهِ لَيْئَةَ وَرَاحِيلَ. بَيْدَ أَنَّهُ مَعَ مُرُورِ ٱلْوَقْتِ حَاوَلَ ٱسْتِغْلَالَهُ، إِذْ غَيَّرَ أُجْرَتَهُ عَشْرَ مَرَّاتٍ! (تك ٣١:٤١، ٤٢) رَغْمَ ذٰلِكَ، ٱحْتَمَلَ يَعْقُوبُ هٰذِهِ ٱلْمَظَالِمَ، وَاثِقًا أَنَّ يَهْوَهَ سَيَعْتَنِي بِهِ عَلَى ٱلدَّوَامِ. وَهٰذَا مَا حَصَلَ فِعْلًا. فَحِينَ طَلَبَ مِنْهُ يَهْوَهُ أَنْ يَعُودَ إِلَى أَرْضِ كَنْعَانَ، كَانَ قَدْ «صَارَ لَهُ غَنَمٌ كَثِيرٌ وَجَوَارٍ وَخُدَّامٌ وَجِمَالٌ وَحَمِيرٌ». (تك ٣٠:٤٣) فَصَلَّى بِكُلِّ ٱمْتِنَانٍ وَتَقْدِيرٍ قَائِلًا: «أَنَا لَا أَسْتَحِقُّ جَمِيعَ أَلْطَافِكَ ٱلْحُبِّيَّةِ وَجَمِيعَ ٱلْأَمَانَةِ ٱلَّتِي صَنَعْتَ إِلَى خَادِمِكَ، فَإِنِّي بِعَصَايَ عَبَرْتُ هٰذَا ٱلْأُرْدُنَّ، وَٱلْآنَ قَدْ صِرْتُ فَرِيقَيْنِ». — تك ٣٢:١٠.
٩ فَيَا لَصِحَّةِ ٱلصَّلَاةِ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا مُوسَى: «يَا يَهْوَهُ، قَدْ كُنْتَ لَنَا مَسْكِنًا جِيلًا فَجِيلًا»! (مز ٩٠:١) وَهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ تَنْطَبِقُ ٱلْيَوْمَ أَيْضًا. فَيَهْوَهُ «ٱلَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرُ دَوَرَانِ ٱلظِّلِّ» لَا يَزَالُ مَسْكِنًا يُؤَمِّنُ جَوًّا مِنَ ٱلدِّفْءِ وَٱلْأَمَانِ لِكُلِّ أَوْلِيَائِهِ. (يع ١:١٧) فَلْنَرَ كَيْفَ.
يَهْوَهُ «مَسْكِنٌ» لَنَا ٱلْيَوْمَ
١٠ لِمَاذَا نَحْنُ مُتَأَكِّدُونَ أَنَّ يَهْوَهَ لَا يَزَالُ «مَسْكِنًا» لِخُدَّامِهِ؟
١٠ تَخَيَّلْ أَنَّكَ تَشْهَدُ فِي مَحْكَمَةٍ ضِدَّ مُنَظَّمَةٍ إِجْرَامِيَّةٍ عَالَمِيَّةٍ، يَرْأَسُهَا رَجُلٌ شَدِيدُ ٱلذَّكَاءِ، قَوِيٌّ، كَذَّابٌ، وَقَاتِلٌ لَا يَرْحَمُ. فَكَيْفَ تَشْعُرُ حِينَ تُغَادِرُ ٱلْمَحْكَمَةَ عِنْدَ ٱنْتِهَاءِ ٱلْجَلْسَةِ؟ هَلْ تُحِسُّ بِٱلْأَمَانِ؟ طَبْعًا لَا، بَلْ يَكُونُ لَدَيْكَ سَبَبٌ وَجِيهٌ لِتَطْلُبَ ٱلْحِمَايَةَ. بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، نَحْنُ خُدَّامَ يَهْوَهَ نَشْهَدُ بِكُلِّ جُرْأَةٍ ضِدَّ ٱلشَّيْطَانِ، عَدُوِّ يَهْوَهَ ٱللَّدُودِ، وَنُشَهِّرُ أَعْمَالَهُ. (اِقْرَأْ رؤيا ١٢:١٧.) فَهَلْ يَتَمَكَّنُ ٱلشَّيْطَانُ مِنْ إِسْكَاتِنَا؟ كَلَّا، عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ. فَنَحْنُ نَسْتَمِرُّ فِي ٱلِٱزْدِهَارِ ٱلرُّوحِيِّ. وَهٰذَا ٱلْوَاقِعُ لَا يُوجَدُ لَهُ سِوَى مُبَرِّرٍ وَاحِدٍ: إِنَّ يَهْوَهَ لَا يَزَالُ مَلْجَأَنَا، «مَسْكِنًا» لَنَا، وَخُصُوصًا فِي هٰذِهِ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ. (اِقْرَأْ اشعيا ٥٤:١٤، ١٧.) لٰكِنَّ ذٰلِكَ لَا يَعْنِي أَنَّ يَهْوَهَ سَيَبْقَى «مَسْكِنًا» لَنَا إِنْ نَحْنُ أَتَحْنَا لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَخْدَعَنَا وَيُبْعِدَنَا عَنْهُ.
١١ أَيُّ دَرْسٍ نَسْتَقِيهِ مِنْ تَارِيخِ ٱلْآبَاءِ ٱلْأَجِلَّاءِ؟
١١ مَرَّةً أُخْرَى، لِنَسْتَقِ دَرْسًا مِنْ تَارِيخِ ٱلْآبَاءِ ٱلْأَجِلَّاءِ. فَرَغْمَ أَنَّهُمْ عَاشُوا فِي أَرْضِ كَنْعَانَ، فَهُمْ لَمْ يَخْتَلِطُوا بِٱلشُّعُوبِ ٱلْمُحِيطَةِ بِهِمْ. بَلْ أَبْغَضُوا طُرُقَهُمُ ٱلشِّرِّيرَةَ وَٱلْفَاسِدَةَ. (تك ٢٧:٤٦) وَهُمْ لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَى قَائِمَةٍ طَوِيلَةٍ مِنَ ٱلْقَوَانِينِ كَيْ يُمَيِّزُوا بَيْنَ ٱلصَّوَابِ وَٱلْخَطَإِ. فَقَدْ عَرَفُوا مَا يُحِبُّهُ يَهْوَهُ وَمَا يُبْغِضُهُ. وَبِمَا أَنَّهُ كَانَ «مَسْكِنًا» لَهُمْ، بَذَلُوا كُلَّ مَا فِي وُسْعِهِمْ كَيْ لَا يُصْبِحُوا جُزْءًا مِنَ ٱلْعَالَمِ حَوْلَهُمْ. فَيَا لَلْمِثَالِ ٱلرَّائِعِ ٱلَّذِي رَسَمُوهُ لَنَا! فَهَلْ تَسْعَى لِتَقْتَدِيَ بِٱلْآبَاءِ ٱلْأَجِلَّاءِ ٱلْأُمَنَاءِ فِي ٱخْتِيَارِكَ لِلْعُشَرَاءِ وَٱلتَّسْلِيَةِ؟ لِلْأَسَفِ، يَتَبَيَّنُ أَنَّ بَعْضَ ٱلَّذِينَ هُمْ ضِمْنَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ يَشْعُرُونَ إِلَى حَدٍّ مَا بِٱلرَّاحَةِ فِي عَالَمِ ٱلشَّيْطَانِ. فَإِذَا أَحْسَسْتَ بِهٰذَا ٱلشُّعُورِ وَلَوْ قَلِيلًا، فَلَا تَتَوَانَ فِي ٱلصَّلَاةِ بِشَأْنِ هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ. وَتَذَكَّرْ أَنَّ هٰذَا ٱلْعَالَمَ هُوَ فِي يَدِ ٱلشَّيْطَانِ. وَهُوَ يَعْكِسُ أَنَانِيَّتَهُ وَوَحْشِيَّتَهُ. — ٢ كو ٤:٤؛ اف ٢:١، ٢.
١٢ (أ) كَيْفَ يُسَاعِدُ يَهْوَهُ خُدَّامَهُ؟ (ب) كَيْفَ تَشْعُرُ حِيَالَ تَدَابِيرِ يَهْوَهَ؟
١٢ بُغْيَةَ ٱلتَّصَدِّي لِمَكَايِدِ ٱلشَّيْطَانِ، عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَفِيدَ كَامِلًا مِنَ ٱلتَّدَابِيرِ ٱلَّتِي أَعَدَّهَا يَهْوَهُ لِلَّذِينَ يَتَّخِذُونَهُ مَسْكِنًا لَهُمْ. وَهٰذِهِ ٱلتَّدَابِيرُ تَشْمُلُ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ، ٱلْعِبَادَةَ ٱلْعَائِلِيَّةَ، وَ ‹ٱلْعَطَايَا فِي رِجَالٍ› — اَلرُّعَاةَ ٱلْمُعَيَّنِينَ مِنَ ٱللّٰهِ لِيَمْنَحُونَا ٱلتَّشْجِيعَ وَٱلدَّعْمَ فِيمَا نُكَافِحُ تَحَدِّيَاتِ ٱلْحَيَاةِ. (اف ٤:٨-١٢) كَتَبَ ٱلْأَخُ جُورْج ڠَانْڠَسُ، ٱلَّذِي كَانَ عُضْوًا فِي ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ لِسَنَوَاتٍ عَدِيدَةٍ: «عِنْدَمَا أَكُونُ بَيْنَ [شَعْبِ ٱللّٰهِ] أَشْعُرُ بِأَنَّنِي فِي مَنْزِلِي مَعَ عَائِلَتِي، أَنَّنِي فِي فِرْدَوْسٍ رُوحِيٍّ». فَهَلْ تَشْعُرُ مِثْلَهُ؟
١٣ أَيُّ دَرْسٍ هَامٍّ نَسْتَخْلِصُهُ مِنَ ٱلْعِبْرَانِيِّين ١١:١٣؟
١٣ ثَمَّةَ أَمْرٌ آخَرُ نَتَعَلَّمُهُ مِنَ ٱلْآبَاءِ ٱلْأَجِلَّاءِ. فَهٰؤُلَاءِ ٱلْأَشْخَاصُ ٱلْأُمَنَاءُ لَمْ يَخْشَوْا أَنْ يَكُونُوا مُخْتَلِفِينَ عَنِ ٱلْعَالَمِ ٱلْمُحِيطِ بِهِمْ، بَلْ «أَعْلَنُوا جَهْرًا أَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلَاءُ فِي تِلْكَ ٱلْأَرْضِ»، حَسْبَمَا رَأَيْنَا فِي ٱلْفِقْرَةِ ٱلْأُولَى. (عب ١١:١٣) فَهَلْ أَنْتَ مُصَمِّمٌ أَنْ تَكُونَ مُخْتَلِفًا عَنِ ٱلْعَالَمِ؟ صَحِيحٌ أَنَّ هٰذَا ٱلْأَمْرَ لَيْسَ سَهْلًا عَلَى ٱلدَّوَامِ، لٰكِنْ بِإِمْكَانِكَ ٱلنَّجَاحُ بِمَعُونَةِ ٱللّٰهِ وَدَعْمِ إِخْوَتِكَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ. وَتَذَكَّرْ أَنَّكَ لَسْتَ وَحْدَكَ مَنْ تَخُوضُ هٰذِهِ ٱلْمَعْرَكَةَ. فَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَخْدُمُوا يَهْوَهَ يُحَارِبُونَ ٱلشَّيْطَانَ وَعَالَمَهُ. (اف ٦:١٢) لٰكِنَّ ٱنْتِصَارَنَا مَضْمُونٌ إِذَا ٱتَّكَلْنَا عَلَى يَهْوَهَ وَٱتَّخَذْنَاهُ مَسْكِنًا لَنَا.
١٤ أَيَّةُ «مَدِينَةٍ» كَانَ خُدَّامُ يَهْوَهَ يَنْتَظِرُونَهَا؟
١٤ مِنَ ٱلْمُهِمِّ أَيْضًا أَنْ نَحْذُوَ حَذْوَ إِبْرَاهِيمَ بِإِبْقَاءِ أَعْيُنِنَا عَلَى ٱلْجَائِزَةِ. (٢ كو ٤:١٨) فَقَدْ كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ «كَانَ يَنْتَظِرُ ٱلْمَدِينَةَ ٱلَّتِي لَهَا أَسَاسَاتٌ حَقِيقِيَّةٌ، ٱلَّتِي ٱللّٰهُ بَانِيهَا وَصَانِعُهَا». (عب ١١:١٠) إِنَّ هٰذِهِ «ٱلْمَدِينَةَ» هِيَ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ ٱلْمَسِيَّانِيُّ. وَكَانَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَنْتَظِرَهَا. أَمَّا نَحْنُ فَلَيْسَ عَلَيْنَا ٱلِٱنْتِظَارُ. فَهِيَ تَحْكُمُ ٱلْيَوْمَ فِي ٱلسَّمَاءِ، وَعَمَّا قَرِيبٍ سَتَبْسُطُ سَيْطَرَتَهَا عَلَى ٱلْأَرْضِ بِكَامِلِهَا كَمَا تُظْهِرُ بِوُضُوحٍ نُبُوَّةُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. فَهَلِ ٱلْمَلَكُوتُ حَقِيقِيٌّ بِٱلنِّسْبَةِ إِلَيْكَ؟ هَلْ يُؤَثِّرُ فِي نَظْرَتِكَ إِلَى ٱلْحَيَاةِ، إِلَى ٱلْعَالَمِ ٱلْحَاضِرِ، وَإِلَى أَوْلَوِيَّاتِكَ؟ — اِقْرَأْ ٢ بط ٣:١١، ١٢.
يَهْوَهُ «مَسْكِنٌ» لَنَا فِيمَا تَدْنُو ٱلنِّهَايَةُ
١٥ أَيُّ مُسْتَقْبَلٍ يَنْتَظِرُ ٱلَّذِينَ يَثِقُونَ بِٱلْعَالَمِ ٱلْحَاضِرِ؟
١٥ فِيمَا يُشَارِفُ عَالَمُ ٱلشَّيْطَانِ نِهَايَتَهُ، سَتَزْدَادُ آلَامُ «ٱلْمَخَاضِ» حِدَّةً. (مت ٢٤:٧، ٨) وَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلْأَوْضَاعَ سَتَتَرَدَّى أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ خِلَالَ ٱلضِّيقِ ٱلْعَظِيمِ. فكُلُّ مَا يُشَكِّلُ عِمَادَ ٱلْحَيَاةِ سَيَنْهَارُ وَٱلنَّاسُ سَيَخْشَوْنَ عَلَى حَيَاتِهِمْ. (حب ٣:١٦، ١٧) وَسَيَدْفَعُهُمُ ٱلْيَأْسُ ٱلْمُطْبِقُ أَنْ يَخْتَبِئُوا «فِي ٱلْمَغَاوِرِ وَفِي صُخُورِ ٱلْجِبَالِ». (رؤ ٦:١٥-١٧) لٰكِنْ لَا ٱلْمَغَاوِرُ ٱلْحَرْفِيَّةُ وَلَا ٱلْمُنَظَّمَاتُ ٱلسِّيَاسِيَّةُ وَٱلتِّجَارِيَّةُ ٱلْمُشَبَّهَةُ بِٱلْجِبَالِ سَتَقْدِرُ أَنْ تُؤَمِّنَ لَهُمُ ٱلْحِمَايَةَ.
١٦ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ نَنْظُرَ إِلَى ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ، وَلِمَاذَا؟
١٦ بِٱلْمُقَابِلِ، سَيَظَلُّ شَعْبُ يَهْوَهَ يَنْعَمُونَ بِٱلْأَمَانِ ٱلَّذِي يَمْنَحُهُمْ إِيَّاهُ ‹مَسْكِنُهُمْ›، يَهْوَهُ ٱللّٰهُ. فَكَمَا ذَكَرَ ٱلنَّبِيُّ حَبَقُّوقُ، ‹سَيَبْتَهِجُونَ بِيَهْوَهَ وَيَفْرَحُونَ بِإِلٰهِ خَلَاصِهِمْ›. (حب ٣:١٨) وَكَيْفَ سَيَكُونُ يَهْوَهُ مَسْكِنًا لَهُمْ فِي فَتْرَةِ ٱلِٱضْطِرَابِ هٰذِهِ؟ عَلَيْنَا أَنْ نَنْتَظِرَ لِنَرَى. لٰكِنْ مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ هُوَ أَنَّ ‹ٱلْجَمْعَ ٱلْكَثِيرَ›، مَثَلُهُمْ مَثَلُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ وَقْتَ خُرُوجِهِمْ مِنْ مِصْرَ، سَيَبْقَوْنَ مُنَظَّمِينَ وَمُتَيَقِّظِينَ دَائِمًا لِلتَّوُجِيهِ ٱلْإِلٰهِيِّ. (رؤ ٧:٩؛ اِقْرَأْ خروج ١٣:١٨.) وَهٰذَا ٱلتَّوْجِيهُ سَيَأْتِي مِنَ ٱللّٰهِ بِوَاسِطَةِ تَرْتِيبِ ٱلْجَمَاعَةِ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ. فَبِحَسَبِ ٱلنُّبُوَّةِ فِي إِشَعْيَا، يَبْدُو أَنَّ ‹ٱلْمَخَادِعَ› ٱلَّتِي تُؤَمِّنُ ٱلْحِمَايَةَ تُشِيرُ إِلَى ٱلْجَمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلَّتِي تُعَدُّ بِٱلْآلَافِ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ. (اِقْرَأْ اشعيا ٢٦:٢٠.) فَهَلْ تُقَدِّرُ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ؟ وَهَلْ تَتَجَاوَبُ فَوْرًا مَعَ ٱلتَّوْجِيهِ ٱلَّذِي يَمْنَحُهُ يَهْوَهُ مِنْ خِلَالِ تَرْتِيبِ ٱلْجَمَاعَةِ؟ — عب ١٣:١٧.
١٧ بِأَيَّةِ طَرِيقَةٍ يَهْوَهُ هُوَ «مَسْكِنٌ» حَتَّى لِخُدَّامِهِ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ أُمَنَاءَ؟
١٧ سَيَبْقَى يَهْوَهُ «مَسْكِنًا» حَتَّى لِلَّذِينَ يَمُوتُونَ أُمَنَاءَ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ ٱلضِّيقُ ٱلْعَظِيمُ. كَيْفَ؟ بِإِقَامَتِهِمْ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ. فَبَعْدَ فَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ مِنْ مَوْتِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ، قَالَ يَهْوَهُ لِمُوسَى: «أَنَا إِلٰهُ . . . إِبْرَاهِيمَ وَإِلٰهُ إِسْحَاقَ وَإِلٰهُ يَعْقُوبَ». (خر ٣:٦) وَبَعْدَمَا ٱقْتَبَسَ يَسُوعُ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ، أَضَافَ: «هُوَ لَيْسَ إِلٰهَ أَمْوَاتٍ، بَلْ أَحْيَاءٍ، لِأَنَّهُمْ جَمِيعًا أَحْيَاءٌ فِي نَظَرِهِ». (لو ٢٠:٣٨) نَعَمْ، إِنَّ أَوْلِيَاءَ يَهْوَهَ ٱلَّذِينَ مَاتُوا أُمَنَاءَ هُمْ أَحْيَاءٌ فِي نَظَرِهِ؛ فَقِيَامَتُهُمْ أَكِيدَةٌ. — جا ٧:١.
١٨ كَيْفَ سَيَكُونُ يَهْوَهُ «مَسْكِنًا» لِشَعْبِهِ بِطَرِيقَةٍ خُصُوصِيَّةٍ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ؟
١٨ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ، سَيَكُونُ يَهْوَهُ «مَسْكِنًا» لِشَعْبِهِ بِطَرِيقَةٍ خُصُوصِيَّةٍ. فَٱلرُّؤْيَا ٢١:٣ تَذْكُرُ: «هَا خَيْمَةُ ٱللّٰهِ مَعَ ٱلنَّاسِ، فَسَيَسْكُنُ مَعَهُمْ». فِي ٱلْبِدَايَةِ، سَيَسْكُنُ يَهْوَهُ مَعَ رَعَايَاهُ ٱلْأَرْضِيِّينَ مُمَثَّلًا بِٱبْنِهِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. وَفِي نِهَايَةِ ٱلْأَلْفِ سَنَةٍ، يُسَلِّمُ يَسُوعُ ٱلْمَمْلَكَةَ إِلَى أَبِيهِ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَمَّمَ قَصْدَ ٱللّٰهِ لِلْأَرْضِ. (١ كو ١٥:٢٨) بَعْدَئِذٍ، لَنْ يَعُودَ ٱلْبَشَرُ ٱلْكَامِلُونَ بِحَاجَةٍ إِلَى وَسِيطٍ، بَلْ سَيَحْكُمُ عَلَيْهِمْ يَهْوَهُ مُبَاشَرَةً. فَيَا لَلْمُسْتَقْبَلِ ٱلزَّاهِرِ ٱلَّذِي يَكْمُنُ أَمَامَنَا! وَحَتَّى يَحِينَ ذٰلِكَ ٱلْوَقْتُ، فَلْنَسْعَ بِكُلِّ مَا أُوتِينَا مِنْ قُوَّةٍ لِنَقْتَدِيَ بِٱلْخُدَّامِ ٱلْأُمَنَاءِ فِي ٱلْمَاضِي، مُتَّخِذِينَ يَهْوَهَ ٱللّٰهَ «مَسْكِنًا» لَنَا.