أَيُّهَا ٱلشُّيُوخُ، هَلَّا تُدَرِّبُونَ ٱلْآخَرِينَ؟
«لِكُلِّ شَيْءٍ . . . وَقْتٌ». — جا ٣:١.
١، ٢ مَاذَا يُلَاحِظُ نُظَّارُ ٱلدَّوَائِرِ فِي جَمَاعَاتٍ كَثِيرَةٍ؟
كَانَ نَاظِرُ ٱلدَّائِرَةِ عَلَى وَشْكِ أَنْ يَخْتِمَ ٱجْتِمَاعَهُ مَعَ هَيْئَةِ ٱلشُّيُوخِ. وَإِذْ نَظَرَ إِلَى وُجُوهِهِمْ، شَعَرَ بِٱلْمَوَدَّةِ تِجَاهَ أُولٰئِكَ ٱلرُّعَاةِ ٱلْمُجْتَهِدِينَ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ بِعُمْرِ أَبِيهِ. إِلَّا أَنَّ مَسْأَلَةً مُهِمَّةً شَغَلَتْ بَالَهُ، فَسَأَلَهُمْ: «أَحِبَّائِي، مَاذَا فَعَلْتُمْ لِتُدَرِّبُوا ٱلْإِخْوَةَ عَلَى حَمْلِ ٱلْمَزِيدِ مِنَ ٱلْمَسْؤُولِيَّاتِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ؟». فَتَذَكَّرُوا أَنَّهُ فِي زِيَارَتِهِ ٱلْأَخِيرَةِ حَثَّهُمْ أَنْ يَصْرِفُوا وَقْتًا أَكْبَرَ فِي تَدْرِيبِ ٱلْآخَرِينَ. وَأَخِيرًا، فَتَحَ شَيْخٌ فَمَهُ وَقَالَ: «بِصَرَاحَةٍ، لَمْ نَفْعَلْ سِوَى ٱلْقَلِيلِ». فَأَوْمَأَ ٱلشُّيُوخُ ٱلْآخَرُونَ بِرُؤُوسِهِمْ مُوَافِقِينَ عَلَى قَوْلِهِ.
٢ إِذَا كُنْتَ شَيْخًا، فَأَنْتَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ تَتَفَهَّمُ هٰذَا ٱلْمَوْقِفَ. فَنُظَّارُ ٱلدَّوَائِرِ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ يُلَاحِظُونَ أَنَّ ٱلشُّيُوخَ فِي جَمَاعَاتٍ كَثِيرَةٍ يَلْزَمُهُمْ تَخْصِيصُ ٱلْمَزِيدِ مِنَ ٱلْوَقْتِ لِتَدْرِيبِ ٱلْإِخْوَةِ عَلَى ٱلِٱعْتِنَاءِ بِٱلْخِرَافِ. غَيْرَ أَنَّ ذٰلِكَ لَيْسَ بِٱلْأَمْرِ ٱلسَّهْلِ. فَمَا ٱلسَّبَبُ؟
٣ (أ) كَيْفَ تُظْهِرُ ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ أَهَمِّيَّةَ تَدْرِيبِ ٱلْآخَرِينَ، وَلِمَ يَجِبُ أَنْ تَهُمَّ هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةُ ٱلْجَمِيعَ؟ (اُنْظُرِ ٱلْحَاشِيَةَ.) (ب) لِمَ قَدْ يَسْتَصْعِبُ بَعْضُ ٱلشُّيُوخِ تَدْرِيبَ ٱلْإِخْوَةِ؟
٣ لَا شَكَّ أَنَّكَ كَشَيْخٍ تَعِي أَهَمِّيَّةَ تَدْرِيبِ ٱلْآخَرِينَ.a فَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هُنَالِكَ حَاجَةً إِلَى ٱلْمَزِيدِ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ لِدَعْمِ ٱلْجَمَاعَاتِ رُوحِيًّا وَتَأْسِيسِ جَمَاعَاتٍ جَدِيدَةٍ. (اقرأ اشعيا ٦٠:٢٢.) كَمَا تَعْرِفُ أَنَّ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ تُشَجِّعُكَ عَلَى ‹تَعْلِيمِ ٱلْآخَرِينَ›. (اقرأ ٢ تيموثاوس ٢:٢.) إِلَّا أَنَّكَ رُبَّمَا تَسْتَصْعِبُ ٱلْقِيَامَ بِذٰلِكَ، مَثَلُكَ مَثَلُ ٱلشُّيُوخِ ٱلْمَذْكُورِينَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ. فَبَعْدَ ٱلِٱعْتِنَاءِ بِحَاجَاتِ عَائِلَتِكَ وَٱلْقِيَامِ بِعَمَلِكَ ٱلدُّنْيَوِيِّ وَٱلِٱهْتِمَامِ بِمَسْؤُولِيَّاتِكَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ ٱلْمَسَائِلِ ٱلْمُلِحَّةِ، قَدْ تَشْعُرُ أَنْ لَا وَقْتَ لَدَيْكَ لِتَدْرِيبِ ٱلْآخَرِينَ. فَلِمَ مِنَ ٱلْمُهِمِّ أَنْ تُولِيَ تَدْرِيبَ ٱلْإِخْوَةِ ٱنْتِبَاهَكَ رَغْمَ هٰذِهِ ٱلظُّرُوفِ ٱلضَّاغِطَةِ؟
اَلتَّدْرِيبُ ضَرُورَةٌ قُصْوَى
٤ لِمَاذَا يُؤَجِّلُ بَعْضُ ٱلشُّيُوخِ تَدْرِيبَ ٱلْإِخْوَةِ؟
٤ لِمَاذَا يَسْتَصْعِبُ بَعْضُ ٱلشُّيُوخِ تَخْصِيصَ ٱلْوَقْتِ لِتَدْرِيبِ ٱلْإِخْوَةِ؟ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا يُفَكِّرُونَ: ‹اَلتَّدْرِيبُ مُهِمٌّ، وَلٰكِنَّهُ لَيْسَ مُلِحًّا كَمَسَائِلَ أُخْرَى فِي ٱلْجَمَاعَةِ لَا يُمْكِنُ تَأْجِيلُهَا. فَلَنْ تَخْرَبَ ٱلْجَمَاعَةُ إِذَا أَجَّلْتُ قَلِيلًا تَدْرِيبَ ٱلْآخَرِينَ›. طَبْعًا، تُوجَدُ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ تَسْتَأْهِلُ ٱلِٱنْتِبَاهَ ٱلْفَوْرِيَّ، لٰكِنَّ تَأْجِيلَ ٱلتَّدْرِيبِ قَدْ يُؤَثِّرُ سَلْبًا عَلَى خَيْرِ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلرُّوحِيِّ.
٥، ٦ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ إِيضَاحِ ٱلسَّائِقِ وَصِيَانَةِ ٱلسَّيَّارَةِ، وَكَيْفَ يُمْكِنُ تَطْبِيقُهُ عَلَى تَدْرِيبِ ٱلْإِخْوَةِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ؟
٥ فَكِّرْ فِي ٱلْإِيضَاحِ ٱلتَّالِي: يَعْرِفُ ٱلسَّائِقُ أَنَّ عَلَيْهِ تَغْيِيرَ زَيْتِ سَيَّارَتِهِ بِٱنْتِظَامٍ إِذَا أَرَادَ ٱلْمُحَافَظَةَ عَلَيْهَا وَإِبْقَاءَ ٱلْمُحَرِّكِ فِي حَالَةٍ جَيِّدَةٍ. مَعَ ذٰلِكَ، قَدْ يَشْعُرُ أَنَّ مَلْءَ خَزَّانِ ٱلْوَقُودِ أَكْثَرُ إِلْحَاحًا، وَإِلَّا تَوَقَّفَتْ سَيَّارَتُهُ سَرِيعًا فِي وَسَطِ ٱلطَّرِيقِ. فَيَقُولُ فِي نَفْسِهِ: ‹إِذَا لَمْ يَكُنْ لَدَيَّ وَقْتٌ لِتَغْيِيرِ ٱلزَّيْتِ، فَسَيَبْقَى ٱلْمُحَرِّكُ شَغَّالًا فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْحَاضِرِ عَلَى ٱلْأَقَلِّ›. وَلٰكِنْ أَيْنَ يَكْمُنُ ٱلْخَطَرُ؟ إِذَا بَقِيَ ٱلسَّائِقُ يُؤَجِّلُ تَغْيِيرَ ٱلزَّيْتِ، فَسَيَأْتِي يَوْمٌ يَتَعَطَّلُ فِيهِ ٱلْمُحَرِّكُ وَتَقِفُ ٱلسَّيَّارَةُ نِهَائِيًّا. عِنْدَئِذٍ، سَيُكَلِّفُهُ إِصْلَاحُ ٱلسَّيَّارَةِ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْوَقْتِ وَٱلْمَالِ. فَمَا ٱلدَّرْسُ ٱلَّذِي نَتَعَلَّمُهُ مِنْ هٰذَا ٱلْإِيضَاحِ؟
٦ لَدَى ٱلشُّيُوخِ وَاجِبَاتٌ مُهِمَّةٌ عَدِيدَةٌ يَلْزَمُ إِتْمَامُهَا فَوْرًا، وَإِلَّا ٱنْعَكَسَ ذٰلِكَ سَلْبًا عَلَى ٱلْجَمَاعَةِ. لِذَا يَجِبُ أَنْ يَتَيَقَّنُوا «ٱلْأُمُورَ ٱلْأَكْثَرَ أَهَمِّيَّةً»، كَٱلسَّائِقِ ٱلَّذِي يَحْرِصُ دَائِمًا عَلَى مَلْءِ خَزَّانِ ٱلْوَقُودِ. (في ١:١٠) إِلَّا أَنَّ بَعْضَ ٱلشُّيُوخِ يَنْشَغِلُونَ جِدًّا بِٱلْمَسَائِلِ ٱلْمُسْتَعْجَلَةِ بِحَيْثُ يُهْمِلُونَ تَغْيِيرَ زَيْتِ ٱلْمُحَرِّكِ إِذَا جَازَ ٱلتَّعْبِيرُ، أَيْ يُؤَجِّلُونَ تَدْرِيبَ ٱلْإِخْوَةِ. وَفِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ، سَتَفْتَقِرُ ٱلْجَمَاعَةُ، عَاجِلًا أَمْ آجِلًا، إِلَى إِخْوَةٍ مُؤَهَّلِينَ لِلِٱهْتِمَامِ بِكُلِّ ٱلْمَسْؤُولِيَّاتِ ٱلضَّرُورِيَّةِ.
٧ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ تَكُونَ نَظْرَتُنَا إِلَى ٱلشُّيُوخِ ٱلَّذِينَ يُخَصِّصُونَ وَقْتًا لِلتَّدْرِيبِ؟
٧ لِذٰلِكَ مِنَ ٱلْخَطَإِ ٱعْتِبَارُ ٱلتَّدْرِيبِ أَمْرًا ثَانَوِيًّا. وَٱلشُّيُوخُ ٱلَّذِينَ يَهْتَمُّونَ بِخَيْرِ ٱلْجَمَاعَةِ عَلَى ٱلْمَدَى ٱلطَّوِيلِ وَيَسْتَثْمِرُونَ ٱلْوَقْتَ فِي تَدْرِيبِ ٱلْإِخْوَةِ ٱلْأَقَلِّ خِبْرَةً هُمْ وُكَلَاءُ حُكَمَاءُ وَبَرَكَةٌ لِلْجَمَاعَةِ بِكَامِلِهَا. (اقرأ ١ بطرس ٤:١٠.) فَمَا هِيَ ٱلْبَرَكَاتُ ٱلَّتِي تَحْصُدُهَا ٱلْجَمَاعَةُ؟
اِسْتِثْمَارٌ حَكِيمٌ
٨ (أ) أَيَّةُ صِفَاتٍ وَٱعْتِبَارَاتٍ تَدْفَعُ ٱلشُّيُوخَ إِلَى تَدْرِيبِ ٱلْآخَرِينَ؟ (ب) أَيَّةُ مَسْؤُولِيَّةٍ مُلِحَّةٍ تَقَعُ عَلَى عَاتِقِ ٱلشُّيُوخِ ٱلَّذِينَ يَخْدُمُونَ حَيْثُ ٱلْحَاجَةُ أَعْظَمُ؟ (اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «ضَرُورَةٌ مُلِحَّةٌ».)
٨ يَنْبَغِي لِجَمِيعِ ٱلشُّيُوخِ — مَهْمَا بَلَغَتْ خِبْرَتُهُمْ — أَنْ يُدْرِكُوا بِٱحْتِشَامٍ أَنَّ ٱلتَّقَدُّمَ فِي ٱلسِّنِّ سَيَحُدُّ تَدْرِيجِيًّا مِنْ فَعَّالِيَّتِهِمْ فِي ٱلْجَمَاعَةِ. (مي ٦:٨) كَمَا أَنَّ «ٱلْوَقْتَ وَٱلْحَوَادِثَ غَيْرَ ٱلْمُتَوَقَّعَةِ» قَدْ تَحُدُّ فَجْأَةً مِنْ قُدْرَتِهِمْ عَلَى ٱلِٱعْتِنَاءِ بِمَسْؤُولِيَّاتِ ٱلْجَمَاعَةِ. (جا ٩:١١، ١٢؛ يع ٤:١٣، ١٤) لِذَا، وَبِدَافِعِ ٱلْمَحَبَّةِ وَٱلِٱهْتِمَامِ بِخَيْرِ خِرَافِ يَهْوَهَ، يَجْتَهِدُ ٱلشُّيُوخُ ٱلَّذِينَ يَتَحَلَّوْنَ بِٱلْبَصِيرَةِ فِي تَعْلِيمِ ٱلْإِخْوَةِ ٱلْأَصْغَرِ سِنًّا مَا ٱكْتَسَبُوهُ مِنْ خِبْرَةٍ خِلَالَ سِنِي خِدْمَتِهِمِ ٱلْأَمِينَةِ. — اقرإ المزمور ٧١:١٧، ١٨.
٩ أَيُّ حَدَثٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ يَجْعَلُ ٱلتَّدْرِيبَ فِي غَايَةِ ٱلْأَهَمِّيَّةِ؟
٩ وَأَيُّ سَبَبٍ آخَرَ يَجْعَلُ ٱلشُّيُوخَ ٱلَّذِينَ يُدَرِّبُونَ إِخْوَتَهُمْ بَرَكَةً لِلْجَمَاعَةِ؟ إِنَّهُمْ يُسَاهِمُونَ فِي تَحْصِينِهَا، ذٰلِكَ أَنَّ ٱلْجُهُودَ ٱلَّتِي يَبْذُلُونَهَا لِتَدْرِيبِ ٱلْآخَرِينَ تُجَهِّزُ عَدَدًا أَكْبَرَ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ ٱلْقَادِرِينَ عَلَى تَقْوِيَةِ ٱلْجَمَاعَةِ وَتَوْحِيدِهَا لَيْسَ فَقَطِ ٱلْآنَ فِي ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ، بَلْ أَيْضًا خِلَالَ ٱلضِّيقِ ٱلْعَظِيمِ ٱلْمُقْبِلِ. (حز ٣٨:١٠-١٢؛ مي ٥:٥، ٦) لِذٰلِكَ، نُنَاشِدُكُمْ أَيُّهَا ٱلشُّيُوخُ أَنْ تُخَصِّصُوا ٱلْيَوْمَ وَقْتًا مُنْتَظِمًا لِتَدْرِيبِ إِخْوَتِكُمْ.
١٠ كَيْفَ يُؤَمِّنُ ٱلشَّيْخُ ٱلْوَقْتَ لِتَدْرِيبِ ٱلْآخَرِينَ؟
١٠ طَبْعًا، نَحْنُ نَتَفَهَّمُ أَنَّ ٱلِٱعْتِنَاءَ بِكُلِّ مَسْؤُولِيَّاتِكُمُ ٱلْمُهِمَّةِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ رُبَّمَا يَسْتَنْفِدُ كُلَّ وَقْتِكُمْ. لِذٰلِكَ، قَدْ يَلْزَمُ أَنْ تَسْتَعِيرُوا ٱلْوَقْتَ مِنْ هٰذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّاتِ لِتَدْرِيبِ ٱلْآخَرِينَ. (جا ٣:١) فَفِعْلُ ذٰلِكَ هُوَ ٱسْتِثْمَارٌ حَكِيمٌ.
هَيِّئِ ٱلظُّرُوفَ ٱلْمُنَاسِبَةَ
١١ (أ) مَا ٱللَّافِتُ لِلنَّظَرِ فِي ٱلْإِجَابَاتِ ٱلَّتِي أَدْلَى بِهَا ٱلشُّيُوخُ مِنْ مُخْتَلِفِ ٱلْبُلْدَانِ؟ (ب) لِمَ مِنَ ٱلْمُفِيدِ ٱلتَّأَمُّلُ فِي ٱقْتِرَاحَاتِ شُيُوخٍ آخَرِينَ بِحَسَبِ ٱلْأَمْثَال ١٥:٢٢؟
١١ سُئِلَ مُؤَخَّرًا عَدَدٌ مِنَ ٱلشُّيُوخِ ٱلْبَارِعِينَ فِي مُسَاعَدَةِ ٱلْإِخْوَةِ عَلَى ٱلنُّمُوِّ رُوحِيًّا عَنْ سِرِّ نَجَاحِهِمْ.b فَجَاءَتْ إِجَابَاتُهُمْ مُتَشَابِهَةً، مَعَ أَنَّ ظُرُوفَهُمْ تَخْتَلِفُ ٱخْتِلَافًا شَاسِعًا. وَيَدُلُّ ذٰلِكَ عَلَى أَنَّ ٱلتَّدْرِيبَ ٱلْمُؤَسَّسَ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ يَنْفَعُ مَنْ يَتَلَقَّوْنَهُ «فِي كُلِّ مَكَانٍ فِي كُلِّ جَمَاعَةٍ»، كَمَا كَانَتِ ٱلْحَالُ زَمَنَ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ. (١ كو ٤:١٧) لِذٰلِكَ، سَنُنَاقِشُ فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ وَٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ بَعْضَ ٱلِٱقْتِرَاحَاتِ ٱلَّتِي أَدْلَى بِهَا هٰؤُلَاءِ ٱلشُّيُوخُ. (ام ١٥:٢٢) وَعَلَى سَبِيلِ ٱلتَّبْسِيطِ، سَنُشِيرُ إِلَى ٱلْمُدَرِّبِ بِكَلِمَةِ «مُعَلِّمٍ» وَإِلَى مَنْ يَتَلَقَّى ٱلتَّدْرِيبَ بِكَلِمَةِ «تِلْمِيذٍ».
١٢ إِلَامَ يَحْتَاجُ ٱلْمُعَلِّمُ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ بِٱلتَّدْرِيبِ، وَلِمَاذَا؟
١٢ إِنَّ ٱلْمُعَلِّمَ ٱلنَّاجِحَ يُهَيِّئُ ٱلظُّرُوفَ ٱلْمُنَاسِبَةَ قَبْلَ أَنْ يَبْدَأَ بِٱلتَّدْرِيبِ. فَكَمَا يَحْرُثُ ٱلْمُزَارِعُ ٱلتُّرْبَةَ أَوَّلًا ثُمَّ يَزْرَعُ ٱلْبِذَارَ، يَحْتَاجُ ٱلْمُعَلِّمُ أَنْ يُهَيِّئَ قَلْبَ تِلْمِيذِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِهِ مَهَارَاتٍ جَدِيدَةً. فَكَيْفَ يَفْعَلُ ذٰلِكَ؟ بِٱتِّبَاعِ ٱلنَّمُوذَجِ ٱلَّذِي رَسَمَهُ ٱلنَّبِيُّ صَمُوئِيلُ.
١٣-١٥ (أ) أَيَّةُ مُهِمَّةٍ أُوكِلَتْ إِلَى ٱلنَّبِيِّ صَمُوئِيلَ؟ (ب) كَيْفَ تَمَّمَ صَمُوئِيلُ مُهِمَّتَهُ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ.) (ج) لِمَ تُعَدُّ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةُ قَيِّمَةً لِلشُّيُوخِ ٱلْيَوْمَ؟
١٣ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ ٠٠٠,٣ سَنَةٍ، قَالَ يَهْوَهُ لِلنَّبِيِّ ٱلْمُسِنِّ صَمُوئِيلَ: «غَدًا فِي مِثْلِ هٰذَا ٱلْوَقْتِ أُرْسِلُ إِلَيْكَ رَجُلًا مِنْ أَرْضِ بِنْيَامِينَ، فَٱمْسَحْهُ قَائِدًا عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ». (١ صم ٩:١٥، ١٦) فَأَدْرَكَ صَمُوئِيلُ أَنَّ دَوْرَهُ فِي قِيَادَةِ ٱلْأُمَّةِ كَانَ عَلَى وَشْكِ ٱلِٱنْتِهَاءِ وَأَنَّ يَهْوَهَ أَوْكَلَ إِلَيْهِ مَسْحَ قَائِدٍ جَدِيدٍ. وَلِكَيْ يُهَيِّئَ هٰذَا ٱلْقَائِدَ لِتَعْيِينِهِ، خَطَرَتْ بِبَالِهِ فِكْرَةٌ وَرَسَمَ ٱلْخُطَّةَ ٱللَّازِمَةَ.
١٤ وَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي، قَالَ يَهْوَهُ لِصَمُوئِيلَ عِنْدَمَا ٱلْتَقَى شَاوُلَ: «هَا هُوَ ٱلرَّجُلُ». فَوَضَعَ ٱلنَّبِيُّ خُطَّتَهُ مَوْضِعَ ٱلْعَمَلِ. فَدَعَا شَاوُلَ إِلَى تَنَاوُلِ ٱلطَّعَامِ، وَأَجْلَسَهُ وَغُلَامَهُ فِي أَحْسَنِ مَكَانٍ بَيْنَ ٱلْمَدْعُوِّينَ وَأَعْطَاهُ أَفْضَلَ نَصِيبٍ مِنَ ٱلذَّبِيحَةِ وَقَالَ: «كُلْ، لِأَنَّهُمْ حَفِظُوهُ لَكَ إِلَى ٱلْوَقْتِ ٱلْمُعَيَّنِ». بَعْدَ ذٰلِكَ، نَزَلَ صَمُوئِيلُ إِلَى بَيْتِهِ مَعَ شَاوُلَ وَهُمَا يَتَكَلَّمَانِ فِي ٱلطَّرِيقِ. وَلِكَيْ يَسْتَغِلَّ ٱلْجَوَّ ٱلْمُمْتِعَ ٱلَّذِي هَيَّأَتْهُ ٱلْوَجْبَةُ ٱلطَّيِّبَةُ وَٱلنُّزْهَةُ ٱلْجَمِيلَةُ، صَعِدَ بِشَاوُلَ إِلَى ٱلسَّطْحِ. وَفِي نَسِيمِ ٱلْمَسَاءِ ٱلْمُنْعِشِ، «تَابَعَ صَمُوئِيلُ ٱلْحَدِيثَ مَعَ شَاوُلَ عَلَى ٱلسَّطْحِ» حَتَّى خَلَدَا إِلَى ٱلنَّوْمِ. وَفِي ٱلْغَدِ، مَسَحَهُ وَقَبَّلَهُ وَزَوَّدَهُ بِٱلْمَزِيدِ مِنَ ٱلْإِرْشَادَاتِ. ثُمَّ أَرْسَلَهُ فِي طَرِيقِهِ مُهَيَّأً لِلتَّطَوُّرَاتِ ٱللَّاحِقَةِ. — ١ صم ٩:١٧-٢٧؛ ١٠:١.
١٥ طَبْعًا، إِنَّ مَسْحَ رَجُلٍ لِيَكُونَ قَائِدَ ٱلْأُمَّةِ بَعِيدٌ كُلَّ ٱلْبُعْدِ عَنْ تَدْرِيبِ أَخٍ لِيَصِيرَ شَيْخًا أَوْ خَادِمًا مُسَاعِدًا فِي ٱلْجَمَاعَةِ. عَلَى ٱلرَّغْمِ مِنْ ذٰلِكَ، يَتَعَلَّمُ ٱلشُّيُوخُ ٱلْيَوْمَ دُرُوسًا قَيِّمَةً مِنَ ٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي هَيَّأَ بِهَا صَمُوئِيلُ قَلْبَ شَاوُلَ. فَلْنَتَأَمَّلْ فِي ٱثْنَيْنِ مِنْهَا.
عَلِّمْ إِخْوَتَكَ طَوْعًا وَكُنْ صَدِيقًا لَهُمْ
١٦ (أ) أَيَّةُ مَشَاعِرَ أَحَسَّ بِهَا صَمُوئِيلُ عِنْدَمَا طَلَبَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ مَلِكًا عَلَيْهِمْ؟ (ب) أَيُّ مَوْقِفٍ أَعْرَبَ عَنْهُ صَمُوئِيلُ عِنْدَ إِتْمَامِ مُهِمَّتِهِ؟
١٦ دَرِّبْ طَوْعًا، لَا عَلَى مَضَضٍ. عِنْدَمَا سَمِعَ صَمُوئِيلُ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى أَنَّ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ يُرِيدُونَ مَلِكًا بَشَرِيًّا عَلَيْهِمْ، خَابَ أَمَلُهُ وَشَعَرَ أَنَّ شَعْبَهُ قَدْ رَفَضَهُ. (١ صم ٨:٤-٨) وَفِي ٱلْوَاقِعِ، لِكَثْرَةِ مَا أَحْجَمَ عَنْ تَلْبِيَةِ مَطْلَبِ ٱلشَّعْبِ، كَرَّرَ يَهْوَهُ عَلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَنْ يَسْمَعَ لَهُمْ. (١ صم ٨:٧، ٩، ٢٢) مَعَ ذٰلِكَ، لَمْ يَسْمَحْ لِلْمَرَارَةِ وَٱلِٱسْتِيَاءِ مِنَ ٱلرَّجُلِ ٱلَّذِي سَيَحِلُّ مَكَانَهُ أَنْ يَتَأَصَّلَا فِي قَلْبِهِ. فَعِنْدَمَا أَوْصَاهُ يَهْوَهُ أَنْ يَمْسَحَ شَاوُلَ، أَطَاعَ عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ بِدَافِعِ ٱلْمَحَبَّةِ وَلَيْسَ بِدَافِعِ ٱلْوَاجِبِ أَوْ عَلَى مَضَضٍ.
١٧ كَيْفَ يَقْتَدِي ٱلشُّيُوخُ ٱلْيَوْمَ بِصَمُوئِيلَ، وَبِأَيَّةِ نَتِيجَةٍ؟
١٧ عَلَى غِرَارِ صَمُوئِيلَ، يُعَلِّمُ ٱلشُّيُوخُ ٱلْأَكْفَاءُ ٱلْيَوْمَ تَلَامِيذَهُمْ بِمَحَبَّةٍ. (١ بط ٥:٢) فَهُمْ لَا يَمْتَنِعُونَ عَنْ تَدْرِيبِهِمْ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُشَارِكُوهُمْ بَعْضَ ٱلِٱمْتِيَازَاتِ. وَلَا يَعْتَبِرُونَهُمْ مُنَافِسِينَ، بَلْ «رُفَقَاءَ فِي ٱلْعَمَلِ»، هِبَاتٍ ثَمِينَةً تُفِيدُ ٱلْجَمَاعَةَ. (٢ كو ١:٢٤؛ عب ١٣:١٦) وَيَا لَلِٱكْتِفَاءِ ٱلَّذِي يَحْصُلُ عَلَيْهِ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُعَلِّمُونَ غَيْرُ ٱلْأَنَانِيِّينَ عِنْدَمَا يَرَوْنَ ٱلتَّلَامِيذَ يَسْتَخْدِمُونَ مَقْدِرَاتِهِمْ لِخَيْرِ إِخْوَانِهِمْ! — اع ٢٠:٣٥.
١٨، ١٩ كَيْفَ يُهَيِّئُ ٱلشَّيْخُ قَلْبَ ٱلتِّلْمِيذِ، وَلِمَ هٰذَا ٱلْأُسْلُوبُ مُهِمٌّ؟
١٨ كُنْ صَدِيقًا لِلتِّلْمِيذِ، لَا مُعَلِّمًا فَقَطْ. كَانَ بِمَقْدُورِ ٱلنَّبِيِّ صَمُوئِيلَ عِنْدَ لِقَائِهِ شَاوُلَ أَنْ يُخْرِجَ قَارُورَةَ زَيْتٍ، يَسْكُبَهَا بِعَجَلَةٍ عَلَى رَأْسِ شَاوُلَ، وَيُرْسِلَ ٱلْمَلِكَ ٱلْجَدِيدَ فِي طَرِيقِهِ. لٰكِنَّهُ بِهٰذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ يَكُونُ قَدْ مَسَحَهُ دُونَ أَنْ يُهَيِّئَهُ لِتَعْيِينِهِ. لِذٰلِكَ صَرَفَ وَقْتًا لِيُهَيِّئَ قَلْبَ شَاوُلَ خُطْوَةً خُطْوَةً. فَلَمْ تَحِنِ ٱللَّحْظَةُ ٱلْمُنَاسِبَةُ لِمَسْحِ شَاوُلَ إِلَّا بَعْدَ وَجْبَةِ طَعَامٍ لَذِيذَةٍ، نُزْهَةٍ جَمِيلَةٍ، حَدِيثٍ مُطَوَّلٍ، وَقِسْطٍ وَافٍ مِنَ ٱلرَّاحَةِ.
١٩ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، يَحْسُنُ بِكَ كَمُعَلِّمٍ أَنْ تَصْرِفَ ٱلْوَقْتَ فِي ٱلْبِدَايَةِ لِتَخْلُقَ جَوًّا مُرِيحًا وَتَكْسِبَ صَدَاقَةَ ٱلتِّلْمِيذِ. وَمِنَ ٱلطَّبِيعِيِّ أَنْ تَخْتَلِفَ ٱلْخُطُوَاتُ ٱلَّتِي تَتَّبِعُهَا، وَفْقًا لِظُرُوفِكُمَا وَتَقَالِيدِ ٱلْبَلَدِ. وَلٰكِنْ، أَيْنَمَا كُنْتَ تَعِيشُ، فَإِذَا قَضَيْتَ وَقْتًا مَعَ ٱلتِّلْمِيذِ رَغْمَ بَرْنَامَجِكَ ٱلْحَافِلِ، تَنْقُلُ إِلَيْهِ رِسَالَةً تَقُولُ: «أَنْتَ عَزِيزٌ جِدًّا عَلَى قَلْبِي». (اقرأ روما ١٢:١٠.) وَلَا شَكَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلرِّسَالَةَ ٱلصَّامِتَةَ سَيَفْهَمُهَا وَيُقَدِّرُهَا كَثِيرًا كُلُّ مَنْ يَتَلَقَّى ٱلتَّدْرِيبَ فِي أَيِّ بَلَدٍ كَانَ.
٢٠، ٢١ (أ) مَنْ هُوَ ٱلْمُعَلِّمُ ٱلنَّاجِحُ؟ (ب) مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
٢٠ تَذَكَّرُوا يَا أَعِزَّاءَنَا ٱلشُّيُوخَ أَنَّ ٱلْمُعَلِّمَ ٱلنَّاجِحَ لَيْسَ مَنْ يُحِبُّ تَدْرِيبَ ٱلتِّلْمِيذِ فَحَسْبُ، بَلْ مَنْ يُحِبُّ ٱلتِّلْمِيذَ ٱلَّذِي يُدَرِّبُهُ أَيْضًا. (قارن يوحنا ٥:٢٠.) فَهٰذَا ٱلْأَمْرُ يُلَاحِظُهُ ٱلتِّلْمِيذُ بِسُرْعَةٍ وَيُؤَثِّرُ بِعُمْقٍ فِي كَيْفِيَّةِ تَجَاوُبِهِ مَعَ ٱلتَّدْرِيبِ. لِذٰلِكَ دَرِّبُوا ٱلتَّلَامِيذَ لَا كَمُعَلِّمِينَ فَقَطْ، بَلْ كَأَصْدِقَاءَ حَقِيقِيِّينَ أَيْضًا. — ام ١٧:١٧؛ يو ١٥:١٥.
٢١ أَمَّا ٱلْآنَ، بَعْدَ أَنْ هَيَّأَ ٱلشَّيْخُ قَلْبَ ٱلتِّلْمِيذِ، فَيَحِينُ ٱلْوَقْتُ لِتَعْلِيمِهِ ٱلْمَهَارَاتِ ٱللَّازِمَةَ. فَأَيَّةُ أَسَالِيبَ يُمْكِنُ ٱسْتِخْدَامُهَا؟ هٰذَا مَا سَنُنَاقِشُهُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ.
a هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةُ وَٱلْمَقَالَةُ ٱلتَّالِيَةُ مُوَجَّهَتَانِ تَحْدِيدًا إِلَى ٱلشُّيُوخِ. لٰكِنَّ ٱلْمَعْلُومَاتِ ٱلْوَارِدَةَ فِيهِمَا يَجِبُ أَنْ تَهُمَّ كُلَّ أَفْرَادِ ٱلْجَمَاعَةِ. فَهِيَ تُسَاعِدُ كُلَّ ٱلذُّكُورِ ٱلْمُعْتَمِدِينَ أَنْ يُدْرِكُوا حَاجَتَهُمْ إِلَى تَلَقِّي ٱلتَّدْرِيبِ بِهَدَفِ ٱلْمُشَارَكَةِ فِي تَحَمُّلِ ٱلْمَسْؤُولِيَّاتِ. وَبِتَطْبِيقِهَا، يَحْصُدُ ٱلْجَمِيعُ ٱلْفَوَائِدَ.
b يَعِيشُ هٰؤُلَاءِ ٱلشُّيُوخُ فِي أُوسْتْرَالِيَا، ٱلْبَرَازِيل، بَلْجِيكَا، بَنْغْلَادِش، جَنُوبِ إِفْرِيقْيَا، رُوسِيَا، رِيُونْيُون، غِيَانَا ٱلْفَرَنْسِيَّةِ، فَرَنْسَا، كُورْيَا، ٱلْمَكْسِيك، نَامِيبْيَا، نَيْجِيرْيَا، ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ، وَٱلْيَابَان.