اَلْفَصْلُ ٱلسَّادِسُ
أَفْضَتْ بِمَكْنُونَاتِ قَلْبِهَا إِلَى ٱللّٰهِ
١، ٢ (أ) لِمَ كَانَتْ حَنَّةُ حَزِينَةً وَهِيَ تُحَضِّرُ لِلرِّحْلَةِ إِلَى شِيلُوهَ؟ (ب) كَيْفَ تُفِيدُنَا قِصَّةُ حَنَّةَ؟
شَغَلَتْ حَنَّةُ نَفْسَهَا بِتَحْضِيرَاتِ ٱلرِّحْلَةِ مُحَاوِلَةً أَنْ تَصْرِفَ ذِهْنَهَا عَنْ هُمُومِهَا. كَانَ مِنَ ٱلْمُفْتَرَضِ أَنْ تَغْمُرَهَا ٱلسَّعَادَةُ فِي وَقْتٍ كَهٰذَا. فَزَوْجُهَا أَلْقَانَةُ، كَعَادَتِهِ كُلَّ سَنَةٍ، يَهُمُّ بِأَخْذِ كَامِلِ ٱلْعَائِلَةِ إِلَى شِيلُوهَ لِتَأْدِيَةِ ٱلْعِبَادَةِ فِي ٱلْمَسْكَنِ. وَيَهْوَهُ قَصَدَ أَنْ تَكُونَ هٰذِهِ ٱلْمُنَاسَبَاتُ مُفْرِحَةً. (اقرإ التثنية ١٦:١٥.) وَلَا شَكَّ أَنَّ حَنَّةَ ٱسْتَمْتَعَتْ بِهٰذِهِ ٱلْأَعْيَادِ مُنْذُ طُفُولَتِهَا. وَلٰكِنْ فِي ٱلسَّنَوَاتِ ٱلْأَخِيرَةِ، تَغَيَّرَ حَالُهَا وَفَارَقَتِ ٱلِٱبْتِسَامَةُ وَجْهَهَا.
٢ صَحِيحٌ أَنَّهَا بُورِكَتْ بِزَوْجٍ يُحِبُّهَا، وَلٰكِنْ يَبْدُو أَنَّ ضَرَّتَهَا فَنِنَّةَ لَمْ تُوَفِّرْ أَيَّ جُهْدٍ لِتُنَغِّصَ عَيْشَهَا. وَقَدْ نَجَحَتْ فِي تَنْكِيدِهَا حَتَّى فِي تِلْكَ ٱلْمُنَاسَبَاتِ ٱلْمُفْرِحَةِ. فَكَيْفَ فَعَلَتْ ذٰلِكَ؟ وَٱلْأَهَمُّ، كَيْفَ ٱسْتَطَاعَتْ حَنَّةُ مِنْ خِلَالِ إِيمَانِهَا بِيَهْوَهَ أَنْ تَتَخَطَّى وَضْعًا بَدَا أَنْ لَا مَنْفَذَ مِنْهُ؟ إِذَا كُنْتَ تُوَاجِهُ تَحَدِّيَاتٍ تَسْلُبُكَ فَرَحَكَ، فَقِصَّةُ حَنَّةَ سَتَمُدُّكَ بِٱلتَّعْزِيَةِ وَٱلتَّشْجِيعِ.
«لِمَاذَا يَكْتَئِبُ قَلْبُكِ؟»
٣، ٤ أَيَّةُ مُشْكِلَتَيْنِ وَاجَهَتْهُمَا حَنَّةُ، وَلِمَ ٱنْطَوَتْ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صُعُوبَةٍ كَبِيرَةٍ؟
٣ يَكْشِفُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنْ مُشْكِلَتَيْنِ كَبِيرَتَيْنِ فِي حَيَاةِ حَنَّةَ: اَلْأُولَى هِيَ ٱقْتِرَانُ زَوْجِهَا بِٱمْرَأَةٍ أُخْرَى تَكْرَهُهَا، وَٱلثَّانِيَةُ أَنَّهَا عَاقِرٌ. وَفِي حِينِ أَنَّهَا كَانَتْ قَادِرَةً إِلَى حَدٍّ مَا أَنْ تَتَأَقْلَمَ مَعَ ٱلْأُولَى، وَقَفَتْ مَكْتُوفَةَ ٱلْيَدَيْنِ أَمَامَ ٱلثَّانِيَةِ. فَٱلْعُقْمُ صَعْبٌ عُمُومًا عَلَى أَيِّ ٱمْرَأَةٍ تَحْلُمُ بِإِنْجَابِ طِفْلٍ، فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ عَلَى ٱلنِّسَاءِ فِي زَمَنِ حَنَّةَ وَٱلْمُجْتَمَعِ ٱلَّذِي عَاشَتْ فِيهِ! فَقَدْ سَبَّبَتْ لَهُنَّ هٰذِهِ ٱلْمُشْكِلَةُ لَوْعَةً مُرَّةً لِأَنَّ ٱسْتِمْرَارِيَّةَ كُلِّ عَائِلَةٍ كَانَتْ تَعْتَمِدُ عَلَى وِلَادَةِ نَسْلٍ يَحْمِلُ ٱسْمَهَا. لِذَا، ٱعْتُبِرَ ٱلْعُقْمُ خِزْيًا وَوَصْمَةَ عَارٍ.
٤ وَلَرُبَّمَا قَوِيَتْ حَنَّةُ عَلَى تَحَمُّلِ حِرْمَانِهَا مِنَ ٱلْأَوْلَادِ لَوْلَا وُجُودُ فَنِنَّةَ. فَتَعَدُّدُ ٱلزَّوْجَاتِ لَمْ يُسْفِرْ يَوْمًا إِلَّا عَنِ ٱلْمُنَافَسَةِ وَٱلنِّزَاعِ وَوَجَعِ ٱلْقَلْبِ. فَشَتَّانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلزَّوَاجِ ٱلْأُحَادِيِّ ٱلَّذِي أَسَّسَ لَهُ ٱللّٰهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ! (تك ٢:٢٤) لَا عَجَبَ إِذًا أَنْ يَرْسُمَ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ صُورَةً قَاتِمَةً لِتَعَدُّدِ ٱلزَّوْجَاتِ. وَوَصْفُهُ ٱلْمُحْزِنُ لِلْحَيَاةِ فِي بَيْتِ أَلْقَانَةَ يَخُطُّ تَفْصِيلًا مُهِمًّا فِي هٰذِهِ ٱلصُّورَةِ.
٥ لِمَ سَعَتْ فَنِنَّةُ إِلَى تَكْدِيرِ حَيَاةِ حَنَّةَ، وَكَيْفَ نَجَحَتْ فِي مَسْعَاهَا؟
٥ أَحَبَّ أَلْقَانَةُ حَنَّةَ أَكْثَرَ مِنْ فَنِنَّةَ. وَوَفْقًا لِلتَّقْلِيدِ ٱلْيَهُودِيِّ، تَزَوَّجَ مِنْهَا أَوَّلًا ثُمَّ مِنْ فَنِنَّةَ بَعْدَ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ. عَلَى أَيَّةِ حَالٍ، شَعَرَتْ فَنِنَّةُ بِغَيْرَةٍ شَدِيدَةٍ مِنْ ضَرَّتِهَا، وَوَجَدَتْ سُبُلًا عَدِيدَةً لِتَمْلَأَ حَيَاتَهَا تَعَاسَةً. فَهِيَ تَمَيَّزَتْ عَنْهَا بِأَمْرٍ بَالِغِ ٱلْأَهَمِّيَّةِ أَلَا وَهُوَ ٱلْقُدْرَةُ عَلَى ٱلْإِنْجَابِ. فَكَانَتْ تَلِدُ طِفْلًا تِلْوَ ٱلْآخَرِ، وَتَزْدَادُ ثِقَتُهَا بِنَفْسِهَا بِٱزْدِيَادِ عَدَدِ أَوْلَادِهَا. وَعِوَضَ أَنْ تَحْزَنَ لِحُزْنِ حَنَّةَ وَتُؤَاسِيَهَا فِي خَيْبَتِهَا، ٱسْتَغَلَّتْ هٰذِهِ ٱلنُّقْطَةَ ٱلْحَسَّاسَةَ فَأَغَاظَتْهَا كَثِيرًا «لِتُنَغِّصَهَا»، حَسْبَمَا يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ. (١ صم ١:٦) فَقَدْ تَعَمَّدَتْ جَرْحَ مَشَاعِرِهَا، وَنَجَحَتْ فِي تَحْقِيقِ مُرَادِهَا.
٦، ٧ (أ) رَغْمَ مَسَاعِي أَلْقَانَةَ لِلتَّخْفِيفِ عَنْ حَنَّةَ، لِمَ رُبَّمَا أَحْجَمَتْ عَنْ إِخْبَارِهِ بِٱلْحَقِيقَةِ؟ (ب) هَلْ عَنَى عُقْمُ حَنَّةَ أَنَّ يَهْوَهَ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا عَنْهَا؟ (اُنْظُرِ ٱلْحَاشِيَةَ.)
٦ وَكَمَا يَظْهَرُ، أَتَاحَتِ ٱلرِّحْلَاتُ ٱلسَّنَوِيَّةُ إِلَى شِيلُوهَ فُرْصَةً ذَهَبِيَّةً لِفَنِنَّةَ كَيْ تَسْتَفِزَّ ضَرَّتَهَا. فَكَٱلْعَادَةِ، أَعْطَى أَلْقَانَةُ هٰذِهِ ٱلسَّنَةَ «كُلَّ أَبْنَاءِ [فَنِنَّةَ] وَبَنَاتِهَا» حِصَصًا مِنَ ٱلذَّبَائِحِ ٱلَّتِي قُدِّمَتْ لِيَهْوَهَ. أَمَّا حَنَّةُ فَأَعْطَاهَا حِصَّةً خُصُوصِيَّةً لِأَنَّهُ كَانَ يُحِبُّهَا. فَغَارَتْ مِنْهَا فَنِنَّةُ وَظَلَّتْ تَتَكَبَّرُ عَلَيْهَا وَتُعَيِّرُهَا، إِلَى حَدِّ أَنَّ ٱلْمِسْكِينَةَ ٱسْتَسْلَمَتْ لِلْبُكَاءِ وَٱمْتَنَعَتْ عَنِ ٱلطَّعَامِ. فَلَاحَظَ أَلْقَانَةُ أَنَّ حَبِيبَتَهُ حَنَّةَ مُغْتَمَّةٌ وَلَا تَأْكُلُ، فَبَادَرَ إِلَى تَعْزِيَتِهَا قَائِلًا: «لِمَاذَا تَبْكِينَ يَا حَنَّةُ، وَلِمَاذَا لَا تَأْكُلِينَ، وَلِمَاذَا يَكْتَئِبُ قَلْبُكِ؟ أَمَا أَنَا خَيْرٌ لَكِ مِنْ عَشَرَةِ بَنِينَ؟». — ١ صم ١:٤-٨.
٧ لَقَدْ مَيَّزَ أَلْقَانَةُ أَنَّ زَوْجَتَهُ مَغْمُومَةٌ لِأَنَّهَا عَاقِرٌ. وَلَا شَكَّ أَنَّهَا قَدَّرَتْ كَلِمَاتِهِ ٱللَّطِيفَةَ ٱلَّتِي أَكَّدَ فِيهَا مَحَبَّتَهُ لَهَا.a غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَلَى ذِكْرِ خُبْثِ فَنِنَّةَ. وَلَا يُشِيرُ ٱلسِّجِلُّ أَنَّ حَنَّةَ أَخْبَرَتْهُ شَيْئًا فِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ. فَلَعَلَّهَا رَأَتْ أَنَّ فَضْحَ فَنِنَّةَ يَزِيدُ ٱلطِّينَ بِلَّةً. فَهَلْ كَانَ أَلْقَانَةُ سَيُغَيِّرُ شَيْئًا؟ أَوَلَيْسَ مُحْتَمَلًا أَنْ تَزِيدَ فَنِنَّةُ مِنِ ٱزْدِرَائِهَا بِهَا وَأَنْ يَحْذُوَ حَذْوَهَا أَوْلَادُهَا وَخُدَّامُهَا؟ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ، كَانَتْ حَنَّةُ سَتَشْعُرُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ بِأَنَّهَا مَنْبُوذَةٌ فِي بَيْتِهَا.
اِلْتَجَأَتْ حَنَّةُ إِلَى يَهْوَهَ حِينَ تَعَرَّضَتْ لِمُضَايَقَاتٍ فِي بَيْتِهَا
٨ عِنْدَمَا يَظْلِمُكَ أَحَدٌ أَوْ يَصْدُرُ عَنْهُ تَصَرُّفٌ مَاكِرٌ يَبْدُو فِي ٱلظَّاهِرِ تَافِهًا، لِمَ تَطْمَئِنُّ حِينَ تُبْقِي فِي بَالِكَ أَنَّ يَهْوَهَ هُوَ إِلٰهُ ٱلْعَدْلِ؟
٨ سَوَاءٌ كَانَ أَلْقَانَةُ عَلَى عِلْمٍ تَامٍّ بِتَصَرُّفَاتِ فَنِنَّةَ ٱلْمَاكِرَةِ أَوْ لَا، فَٱلْأَكِيدُ أَنَّ عَيْنَيْ يَهْوَهَ رَأَتَا كُلَّ شَيْءٍ. فَكَلِمَتُهُ تَرْسُمُ ٱلصُّورَةَ ٱلْكَامِلَةَ لِمَا جَرَى، مُقَدِّمَةً بِٱلتَّالِي تَحْذِيرًا جِدِّيًّا لِكُلِّ مَنْ يُسَرُّ بِفِعْلِ أَعْمَالٍ تَنِمُّ عَنْ حَسَدٍ وَبُغْضٍ حَتَّى لَوْ بَدَتْ تَافِهَةً. مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، يَتَعَزَّى ٱلْأَشْخَاصُ ٱلطَّيِّبُونَ وَٱلْمُسَالِمُونَ كَحَنَّةَ حِينَ يُبْقُونَ فِي بَالِهِمْ أَنَّ إِلٰهَ ٱلْعَدْلِ يُسَوِّي ٱلْأُمُورَ فِي وَقْتِهِ ٱلْمُعَيَّنِ وَعَلَى طَرِيقَتِهِ ٱلْخَاصَّةِ. (اقرإ التثنية ٣٢:٤.) وَلَرُبَّمَا أَدْرَكَتْ حَنَّةُ ذٰلِكَ، إِذْ إِنَّهَا لَجَأَتْ إِلَى يَهْوَهَ طَالِبَةً ٱلْمُسَاعَدَةَ.
«لَمْ تَعُدْ أَمَارَاتُ ٱلْهَمِّ تَعْلُو وَجْهَهَا»
٩ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنِ ٱسْتِعْدَادِ حَنَّةَ لِلذَّهَابِ إِلَى شِيلُوهَ رَغْمَ أَنَّهَا عَرَفَتْ مَا يَنْتَظِرُهَا مِنْ ضَرَّتِهَا؟
٩ فِي سَاعَاتِ ٱلصَّبَاحِ ٱلْبَاكِرَةِ، عَجَّ ٱلْبَيْتُ بِٱلْحَرَكَةِ وَٱلنَّشَاطِ. فَٱلْجَمِيعُ، بِمَنْ فِيهِمِ ٱلْأَوْلَادُ، رَاحُوا يَتَأَهَّبُونَ لِلرِّحْلَةِ إِلَى شِيلُوهَ. لَقَدْ كَانَتْ عَائِلَةُ أَلْقَانَةَ ٱلْكَبِيرَةُ سَتَجْتَازُ أَكْثَرَ مِنْ ٣٠ كلم عَبْرَ مِنْطَقَةِ أَفْرَايِمَ ٱلْجَبَلِيَّةِ، مَا يَسْتَغْرِقُ يَوْمًا أَوِ ٱثْنَيْنِ مَشْيًا عَلَى ٱلْأَقْدَامِ.b وَمَعَ أَنَّ حَنَّةَ عَرَفَتْ أَنَّ ضَرَّتَهَا سَتَسْتَفِزُّهَا، لَمْ تَبْقَ فِي ٱلْبَيْتِ. فَرَسَمَتْ بِذٰلِكَ مِثَالًا جَدِيرًا بِٱلِٱقْتِدَاءِ لِكُلِّ عُبَّادِ يَهْوَهَ حَتَّى يَوْمِنَا هٰذَا. فَلَيْسَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَبَدًا أَنْ نَدَعَ تَصَرُّفَاتِ ٱلْآخَرِينَ ٱلْخَاطِئَةَ تُعِيقُنَا عَنْ عِبَادَةِ ٱللّٰهِ، وَإِلَّا نَخْسَرُ ٱلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي تُعَزِّزُ قُدْرَتَنَا عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ.
١٠، ١١ (أ) لِمَ تَوَجَّهَتْ حَنَّةُ إِلَى ٱلْمَسْكَنِ حَالَمَا ٱسْتَطَاعَتْ؟ (ب) كَيْفَ سَكَبَتْ حَنَّةُ قَلْبَهَا لِأَبِيهَا ٱلسَّمَاوِيِّ فِي ٱلصَّلَاةِ؟
١٠ بَعْدَ قَضَاءِ يَوْمٍ طَوِيلٍ فِي ٱلْمَشْيِ عَلَى ٱلطُّرُقَاتِ ٱلْجَبَلِيَّةِ ٱلْمُتَعَرِّجَةِ، أَوْشَكَتِ ٱلْعَائِلَةُ أَخِيرًا أَنْ تَصِلَ إِلَى شِيلُوهَ ٱلْوَاقِعَةِ عَلَى تَلَّةٍ مُحَاطَةٍ مِنْ مُعْظَمِ ٱلْجِهَاتِ بِتِلَالٍ أَكْثَرَ ٱرْتِفَاعًا. وَفِيمَا هُمْ يَقْتَرِبُونَ، لَا بُدَّ أَنَّ حَنَّةَ أَخَذَتْ تُفَكِّرُ مَلِيًّا فِي مَا سَتَقُولُ لِيَهْوَهَ فِي ٱلصَّلَاةِ. وَبَعْدَمَا بَلَغُوا مَقْصِدَهُمْ وَتَنَاوَلُوا مَعًا وَجْبَةَ طَعَامٍ، ٱنْسَحَبَتْ حَالَمَا ٱسْتَطَاعَتْ وَتَوَجَّهَتْ إِلَى مَسْكَنِ يَهْوَهَ حَيْثُ كَانَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ عَالِي جَالِسًا قُرْبَ قَائِمَةِ ٱلْبَابِ. لٰكِنَّهَا لَمْ تَلْحَظْهُ لِأَنَّ فِكْرَهَا كَانَ مُرَكَّزًا عَلَى أَبِيهَا ٱلسَّمَاوِيِّ فَقَطْ. فَقَدْ شَعَرَتْ بِثِقَةٍ تَامَّةٍ أَنَّهُ سَيَسْمَعُهَا فِي مَسْكَنِهِ، وَأَنْ لَا أَحَدَ غَيْرَهُ قَادِرٌ أَنْ يَتَفَهَّمَ كَامِلًا ظَرْفَهَا ٱلْعَصِيبَ. وَمِنْ مَرَارَةِ نَفْسِهَا، ٱنْهَمَرَتْ مِنْ عَيْنَيْهَا دُمُوعٌ حَرَّى.
١١ رَاحَتْ حَنَّةُ تُكَلِّمُ يَهْوَهَ فِي قَلْبِهَا وَجِسْمُهَا يَرْتَجِفُ مِنْ شِدَّةِ ٱلْبُكَاءِ. فَكَانَتْ شَفَتَاهَا تَتَحَرَّكَانِ وَهِيَ تُدَمْدِمُ مُحَاوِلَةً أَنْ تُعَبِّرَ عَنْ مَشَاعِرِ ٱلْأَلَمِ ٱلَّتِي تُخَالِجُهَا. وَقَدْ أَطَالَتِ ٱلصَّلَاةَ، مُفْضِيَةً إِلَى أَبِيهَا بِمَكْنُونَاتِ قَلْبِهَا. لٰكِنَّ صَلَاتَهَا لَمْ تَقْتَصِرْ عَلَى ٱلطَّلَبِ مِنْهُ أَنْ يُحَقِّقَ حُلْمَهَا بِإِنْجَابِ طِفْلٍ. فَهِيَ لَمْ تَصْبُ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ يَهْوَهَ فَحَسْبُ، بَلْ أَنْ تُعْطِيَهُ أَيْضًا عَلَى قَدْرِ ٱسْتِطَاعَتِهَا. لِذَا نَذَرَتْ أَنَّهَا فِي حَالِ وَلَدَتِ ٱبْنًا، تُكَرِّسُهُ لِخِدْمَتِهِ. — ١ صم ١:٩-١١.
١٢ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ حَنَّةَ عَنْ مَسْأَلَةِ ٱلصَّلَاةِ؟
١٢ لَقَدْ تَرَكَتْ حَنَّةُ مِثَالًا فِي مَسْأَلَةِ ٱلصَّلَاةِ لِجَمِيعِ خُدَّامِ ٱللّٰهِ. فَيَهْوَهُ يَدْعُو شَعْبَهُ بِلُطْفٍ أَنْ يَتَحَدَّثُوا إِلَيْهِ بِصَرَاحَةٍ وَدُونَ تَحَفُّظٍ سَاكِبِينَ أَمَامَهُ هُمُومَهُمْ، مِثْلَمَا يَفْعَلُ ٱلْوَلَدُ مَعَ أَبِيهِ ٱلْمُحِبِّ. (اقرإ المزمور ٦٢:٨؛ ١ تسالونيكي ٥:١٧.) وَفِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ، أُوحِيَ إِلَى ٱلرَّسُولِ بُطْرُسَ أَنْ يَكْتُبَ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُطَمْئِنَةَ: ‹أَلْقُوا كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ يَهْتَمُّ بِكُمْ›. — ١ بط ٥:٧.
١٣، ١٤ (أ) أَيُّ ٱسْتِنْتَاجٍ مُتَسَرِّعٍ تَوَصَّلَ إِلَيْهِ عَالِي بِخُصُوصِ حَنَّةَ، وَلِمَاذَا؟ (ب) كَيْفَ رَسَمَتْ حَنَّةُ مِنْ خِلَالِ جَوَابِهَا لِعَالِي مِثَالًا بَارِزًا فِي ٱلْإِيمَانِ؟
١٣ وَلٰكِنْ كَمْ يَخْتَلِفُ ٱلْبَشَرُ عَنْ يَهْوَهَ فِي ٱلْإِعْرَابِ عَنِ ٱلتَّفَهُّمِ وَٱلتَّعَاطُفِ! فَبَيْنَمَا كَانَتْ حَنَّةُ مُسْتَرْسِلَةً فِي ٱلْبُكَاءِ وَٱلصَّلَاةِ، بَاغَتَهَا صَوْتُ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ عَالِي ٱلَّذِي كَانَ يُرَاقِبُهَا. قَالَ: «إِلَى مَتَى أَنْتِ سَكْرَى؟ اِنْزِعِي خَمْرَكِ عَنْكِ». فَحِينَ لَاحَظَ ٱرْتِعَاشَ شَفَتَيْهَا وَبُكَاءَهَا وَٱنْفِعَالَهَا، تَسَرَّعَ فِي ٱلِٱسْتِنْتَاجِ أَنَّهَا سَكْرَى عِوَضَ أَنْ يَسْتَفْسِرَ عَمَّا بِهَا. — ١ صم ١:١٢-١٤.
١٤ مَا كَانَ أَشَدَّ أَلَمَ حَنَّةَ فِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ ٱلْعَصِيبَةِ! فَهَا هِيَ تُتَّهَمُ تُهْمَةً لَا أَسَاسَ لَهَا، وَمِنْ رَجُلٍ يَشْغَلُ مَكَانَةً مُكَرَّمَةً. مَعَ ذٰلِكَ، رَسَمَتْ مُجَدَّدًا مِثَالًا بَارِزًا فِي ٱلْإِيمَانِ. فَهِيَ لَمْ تَدَعْ نَقَائِصَ ٱلْبَشَرِ تُؤَثِّرُ عَلَى عِبَادَتِهَا لِيَهْوَهَ. لِذَا، أَجَابَتْهُ بِكُلِّ ٱحْتِرَامٍ مُوضِحَةً مَا بِهَا. فَقَالَ لَهَا رُبَّمَا بِنَبْرَةٍ رَقِيقَةٍ تَنِمُّ عَنِ ٱلْأَسَفِ: «اِذْهَبِي بِسَلَامٍ، وَلْيُعْطِكِ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ طِلْبَتَكِ ٱلَّتِي ٱلْتَمَسْتِهَا مِنْهُ». — ١ صم ١:١٥-١٧.
١٥، ١٦ (أ) كَيْفَ شَعَرَتْ حَنَّةُ بَعْدَمَا فَتَحَتْ قَلْبَهَا لِيَهْوَهَ وَقَدَّمَتْ لَهُ ٱلْعِبَادَةَ فِي ٱلْمَسْكَنِ؟ (ب) كَيْفَ نَحْذُو حَذْوَ حَنَّةَ حِينَ نَتَصَارَعُ مَعَ ٱلْمَشَاعِرِ ٱلسَّلْبِيَّةِ؟
١٥ وَكَيْفَ شَعَرَتْ حَنَّةُ بَعْدَمَا أَفْضَتْ بِمَكْنُونَاتِ قَلْبِهَا إِلَى يَهْوَهَ وَقَدَّمَتْ لَهُ ٱلْعِبَادَةَ فِي ٱلْمَسْكَنِ؟ تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ: «ذَهَبَتِ ٱلْمَرْأَةُ فِي طَرِيقِهَا وَأَكَلَتْ، وَلَمْ تَعُدْ أَمَارَاتُ ٱلْهَمِّ تَعْلُو وَجْهَهَا». (١ صم ١:١٨) وَكَمَا تَذْكُرُ اَلتَّرْجَمَةُ ٱلْعَرَبِيَّةُ ٱلْجَدِيدَةُ، «زَالَ ٱلْحُزْنُ عَنْ وَجْهِهَا». فَقَدِ ٱنْفَرَجَتْ أَسَارِيرُهَا، وَكَأَنَّهَا رَفَعَتْ عِبْئَهَا ٱلْعَاطِفِيَّ وَأَلْقَتْهُ عَلَى كَاهِلٍ لَا أَقْوَى مِنْهُ وَلَا أَمْتَنَ، كَاهِلِ أَبِيهَا ٱلسَّمَاوِيِّ. (اقرإ المزمور ٥٥:٢٢.) وَهَلْ مِنْ عِبْءٍ لَا طَاقَةَ لِيَهْوَهَ عَلَى حَمْلِهِ؟ هٰذَا مِنْ رَابِعِ ٱلْمُسْتَحِيلَاتِ!
١٦ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ؟ حِينَ نَرْزَحُ تَحْتَ وَطْأَةِ ٱلْحُزْنِ وَتَعْتَرِينَا مَشَاعِرُ ٱلتَّثَبُّطِ، يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَحْذُوَ حَذْوَ حَنَّةَ وَنَفْتَحَ قَلْبَنَا لِلْإِلٰهِ ٱلَّذِي يَدْعُوهُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ «سَامِعَ ٱلصَّلَاةِ». (مز ٦٥:٢) وَحِينَ نَفْعَلُ ذٰلِكَ بِإِيمَانٍ، نَجِدُ نَحْنُ أَيْضًا أَنَّ حُزْنَنَا يَتَلَاشَى وَيَحِلُّ مَحَلَّهُ «سَلَامُ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يَفُوقُ كُلَّ فِكْرٍ». — في ٤:٦، ٧.
«لَيْسَ صَخْرَةٌ مِثْلَ إِلٰهِنَا»
١٧، ١٨ (أ) كَيْفَ أَيَّدَ أَلْقَانَةُ نَذْرَ زَوْجَتِهِ؟ (ب) كَيْفَ ٱنْقَلَبَتِ ٱلْأُمُورُ بِٱلنِّسْبَةِ إِلَى فَنِنَّةَ؟
١٧ فِي ٱلصَّبَاحِ ٱلتَّالِي، رَجَعَتْ حَنَّةُ إِلَى ٱلْمَسْكَنِ مَعَ أَلْقَانَةَ. وَلَا بُدَّ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ طِلْبَتِهَا وَٱلِٱلْتِزَامِ ٱلَّذِي أَوْجَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا. فَبِمُوجَبِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ، يَحِقُّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُبْطِلَ نَذْرًا نَذَرَتْهُ زَوْجَتُهُ دُونَ مُوَافَقَتِهِ. (عد ٣٠:١٠-١٥) غَيْرَ أَنَّ هٰذَا ٱلرَّجُلَ ٱلْأَمِينَ لَمْ يَفْعَلْ ذٰلِكَ، بَلْ قَدَّمَ وَإِيَّاهَا ٱلْعِبَادَةَ لِيَهْوَهَ فِي ٱلْمَسْكَنِ قَبْلَ ٱلْعَوْدَةِ إِلَى دِيَارِهِمَا.
١٨ وَمَتَى أَدْرَكَتْ فَنِنَّةُ أَنَّهَا لَنْ تَنْجَحَ بَعْدُ فِي مُضَايَقَةِ حَنَّةَ؟ لَا تَأْتِي ٱلرِّوَايَةُ عَلَى ذِكْرِ هٰذَا ٱلتَّفْصِيلِ، إِلَّا أَنَّ ٱلْعِبَارَةَ «لَمْ تَعُدْ أَمَارَاتُ ٱلْهَمِّ تَعْلُو وَجْهَهَا» تُشِيرُ أَنَّ مَعْنَوِيَّاتِ حَنَّةَ ٱرْتَفَعَتْ مُذَّاكَ. عَلَى أَيَّةِ حَالٍ، سُرْعَانَ مَا أَدْرَكَتْ فَنِنَّةُ أَنَّ تَصَرُّفَاتِهَا ٱلْحَاقِدَةَ مَا عَادَتْ تُجْدِي نَفْعًا. وَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ لَا يَذْكُرُ ٱسْمَهَا بَعْدَ ذٰلِكَ.
١٩ أَيُّ بَرَكَةٍ حَظِيَتْ بِهَا حَنَّةُ، وَكَيْفَ أَظْهَرَتْ أَنَّهَا لَمْ تَنْسَ مَصْدَرَ هٰذِهِ ٱلْبَرَكَةِ؟
١٩ فِيمَا مَرَّتِ ٱلْأَشْهُرُ، تُوِّجَتْ حَالَةُ ٱلسَّكِينَةِ وَٱلْهُدُوءِ ٱلَّتِي نَعِمَتْ بِهَا حَنَّةُ بِفَرْحَةٍ لَا تُوصَفُ حِينَ أَصْبَحَتْ حُبْلَى. وَرَغْمَ سَعَادَتِهَا ٱلْغَامِرَةِ، لَمْ يَغِبْ عَنْ بَالِهَا وَلَوْ لَحْظَةً مَصْدَرُ بَرَكَتِهَا هٰذِهِ. فَعِنْدَمَا وُلِدَ ٱلصَّبِيُّ، ٱخْتَارَتْ أَنْ تُسَمِّيَهُ صَمُوئِيلَ ٱلَّذِي يَعْنِي «ٱسْمَ ٱللّٰهِ» وَيُشِيرُ عَلَى مَا يَتَّضِحُ إِلَى ٱلدُّعَاءِ بِٱلِٱسْمِ ٱلْإِلٰهِيِّ كَمَا فَعَلَتْ هِيَ. وَتِلْكَ ٱلسَّنَةَ، لَمْ تُرَافِقْ أَلْقَانَةَ وَٱلْعَائِلَةَ فِي ٱلرِّحْلَةِ إِلَى شِيلُوهَ. فَقَدْ لَازَمَتْ وَلَدَهَا فِي ٱلْمَنْزِلِ ثَلَاثَ سَنَوَاتٍ حَتَّى فَطَمَتْهُ. ثُمَّ أَخَذَتْ تَتَهَيَّأُ عَاطِفِيًّا لِفِرَاقِ ٱبْنِهَا ٱلْحَبِيبِ.
٢٠ كَيْفَ تَمَّمَتْ حَنَّةُ وَأَلْقَانَةُ ٱلْوَعْدَ ٱلَّذِي قَطَعَاهُ لِيَهْوَهَ؟
٢٠ لَمْ يَكُنِ ٱلْفِرَاقُ بِٱلْأَمْرِ ٱلسَّهْلِ. طَبْعًا، كَانَتْ حَنَّةُ عَلَى يَقِينٍ أَنَّ ٱبْنَهَا سَيَلْقَى عِنَايَةً جَيِّدَةً فِي شِيلُوهَ، رُبَّمَا عَلَى أَيْدِي بَعْضِ ٱلنِّسَاءِ ٱللَّوَاتِي يَخْدُمْنَ فِي ٱلْمَسْكَنِ. لٰكِنَّ صَمُوئِيلَ كَانَ لَا يَزَالُ صَغِيرًا جِدًّا. وَأَيُّ أُمٍّ لَا تَتُوقُ إِلَى مُلَازَمَةِ وَلَدِهَا ٱلصَّغِيرِ؟! مَعَ ذٰلِكَ، أَخَذَتْ حَنَّةُ وَأَلْقَانَةُ ٱلصَّبِيَّ إِلَى شِيلُوهَ، لَا كَرْهًا بَلْ طَوْعًا وَبِقَلْبٍ رَاغِبٍ. وَبَعْدَمَا قَرَّبَا ذَبَائِحَ فِي بَيْتِ ٱللّٰهِ، أَحْضَرَا ٱلصَّبِيَّ إِلَى عَالِي وَذَكَّرَاهُ بِٱلطِّلْبَةِ ٱلَّتِي ٱلْتَمَسَتْهَا حَنَّةُ هُنَاكَ قَبْلَ سَنَوَاتٍ.
٢١ كَيْفَ عَكَسَتْ صَلَاةُ حَنَّةَ إِيمَانَهَا ٱلرَّاسِخَ بِيَهْوَهَ؟ (اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْإِطَارَ «صَلَاتَانِ لَافِتَتَانِ».)
٢١ بَعْدَئِذٍ، رَفَعَتْ حَنَّةُ صَلَاةً ٱعْتَبَرَهَا ٱللّٰهُ جَدِيرَةً بِأَنْ تَرِدَ فِي طَيَّاتِ كَلِمَتِهِ ٱلْمُوحَى بِهَا. فَفِيمَا تَقْرَأُ تَعَابِيرَهَا ٱلْمُسَطَّرَةَ فِي ١ صَمُوئِيل ٢:١-١٠، تُلَاحِظُ إِيمَانَهَا ٱلرَّاسِخَ يَتَجَلَّى فِي كُلِّ سَطْرٍ. فَقَدْ سَبَّحَتْ يَهْوَهَ عَلَى قُدْرَتِهِ ٱلْمُنْقَطِعَةِ ٱلنَّظِيرِ أَنْ يُذِلَّ ٱلْمُتَكَبِّرِينَ وَيُبَارِكَ ٱلْمَظْلُومِينَ، وَأَنْ يُمِيتَ وَيُحْيِيَ. وَسَبَّحَتْهُ أَيْضًا عَلَى عَدْلِهِ وَأَمَانَتِهِ وَسُمُوِّ قَدَاسَتِهِ. فَلَا عَجَبَ أَنَّهَا قَالَتْ: «لَيْسَ صَخْرَةٌ مِثْلَ إِلٰهِنَا». فِعْلًا، إِنَّ يَهْوَهَ مَوْثُوقٌ بِهِ إِلَى أَبْعَدِ ٱلْحُدُودِ وَلَا يَتَغَيَّرُ أَلْبَتَّةَ؛ إِنَّهُ مَلَاذٌ آمِنٌ لِكُلِّ مَظْلُومٍ وَبَائِسٍ يَلْجَأُ إِلَيْهِ.
٢٢، ٢٣ (أ) مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ صَمُوئِيلَ كَانَ مُتَيَقِّنًا مِنْ مَحَبَّةِ وَالِدَيْهِ؟ (ب) كَيْفَ بَارَكَ يَهْوَهُ حَنَّةَ مُجَدَّدًا؟
٢٢ إِنَّهَا لَبَرَكَةٌ رَائِعَةٌ أَنْ يَحْظَى صَمُوئِيلُ ٱلصَّغِيرُ بِأُمٍّ يَفِيضُ قَلْبُهَا إِيمَانًا بِيَهْوَهَ! وَمَعَ أَنَّهُ ٱشْتَاقَ إِلَيْهَا دُونَ شَكٍّ، لَمْ يَشْعُرْ إِطْلَاقًا أَنَّهُ مَنْسِيٌّ. فَسَنَةً تِلْوَ ٱلْأُخْرَى، ٱعْتَادَتْ حَنَّةُ أَنْ تَذْهَبَ إِلَى شِيلُوهَ وَتَجْلُبَ لَهُ جُبَّةً كُلُّ قُطْبَةٍ فِيهَا تَشْهَدُ عَلَى مَحَبَّتِهَا وَٱهْتِمَامِهَا بِهِ، وَذٰلِكَ لِيَلْبَسَهَا أَثْنَاءَ خِدْمَتِهِ فِي ٱلْمَسْكَنِ. (اقرأ ١ صموئيل ٢:١٩.) تَخَيَّلْهَا وَهِيَ تُلْبِسُهُ جُبَّتَهُ ٱلْجَدِيدَةَ وَتُمَسِّدُهَا، ثُمَّ تَنْظُرُ إِلَيْهِ بِحَنَانٍ وَتُكَلِّمُهُ كَلَامًا رَقِيقًا وَمُشَجِّعًا. لَقَدْ بُورِكَ صَمُوئِيلُ بِأُمٍّ كَهٰذِهِ، وَحِينَ كَبُرَ أَصْبَحَ هُوَ بِدَوْرِهِ بَرَكَةً لِوَالِدَيْهِ وَلِجَمِيعِ إِسْرَائِيلَ.
٢٣ حَنَّةُ أَيْضًا لَمْ يَنْسَهَا يَهْوَهُ. بَلْ بَارَكَهَا بِخَمْسَةِ أَوْلَادٍ آخَرِينَ أَنْجَبَتْهُمْ لِأَلْقَانَةَ. (١ صم ٢:٢١) وَلَعَلَّ أَعْظَمَ بَرَكَةٍ نَالَتْهَا هِيَ عَلَاقَتُهَا بِأَبِيهَا ٱلسَّمَاوِيِّ يَهْوَهَ ٱلَّتِي تَوَثَّقَتْ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ عَبْرَ ٱلسِّنِينَ. أَنْتَ كَذٰلِكَ يُمْكِنُكَ أَنْ تَنْعَمَ بِعَلَاقَةٍ مُمَاثِلَةٍ فِيمَا تَقْتَدِي بِإِيمَانِ حَنَّةَ.
a رَغْمَ أَنَّ سِجِلَّ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ يَقُولُ إِنَّ يَهْوَهَ «أَغْلَقَ رَحِمَ» حَنَّةَ، لَا دَلِيلَ هُنَاكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ رَاضِيًا عَلَى هٰذِهِ ٱلْمَرْأَةِ ٱلْأَمِينَةِ وَٱلْمُتَوَاضِعَةِ. (١ صم ١:٥) فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَنْسُبُ أَحْيَانًا إِلَى ٱللّٰهِ أَحْدَاثًا سَمَحَ بِوُقُوعِهَا فَتْرَةً مِنَ ٱلزَّمَنِ.
b قُدِّرَتْ هٰذِهِ ٱلْمَسَافَةُ بِنَاءً عَلَى ٱلْفِكْرَةِ ٱلَّتِي تُرَجِّحُ أَنَّ ٱلرَّامَةَ، مَوْطِنَ أَلْقَانَةَ، هِيَ نَفْسُهَا ٱلْمِنْطَقَةُ ٱلَّتِي عُرِفَتْ بِٱلرَّامَةِ أَيَّامَ يَسُوعَ.