يَهْوَه هُوَ ‹ٱلْمُنْقِذُ› فِي أَزْمِنَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ
«اَللّٰهُمَّ، أَسْرِعْ إِلَيَّ. أَنْتَ مُعِينِي وَمُنْقِذِي». — مز ٧٠:٥.
١، ٢ (أ) مَتَى يَلْجَأُ عُبَّادُ ٱللّٰهِ إِلَيْهِ طَلَبًا لِلْمُسَاعَدَةِ؟ (ب) أَيُّ سُؤَالٍ قَدْ يَخْطُرُ عَلَى بَالِنَا، وَأَيْنَ نَجِدُ ٱلْجَوَابَ؟
زَوْجَانِ يَقْضِيَانِ عُطْلَتَهُمَا فِي مَنْطِقَةٍ بَعِيدَةٍ يَعْلَمَانِ أَنَّ ٱبْنَتَهُمَا ٱلْمُتَزَوِّجَةَ ٱلْبَالِغَةَ مِنَ ٱلْعُمْرِ ٢٣ سَنَةً ٱخْتَفَتْ فِي ظُرُوفٍ غَامِضَةٍ. وَسُرْعَانَ مَا يُرَاوِدُهُمَا ٱلشَّكُّ أَنَّهَا لَاقَتْ حَتْفَهَا فِي جَرِيمَةِ قَتْلٍ. فَيُبَادِرَانِ إِلَى حَزْمِ أَمْتِعَتِهِمَا وَٱلتَّوَجُّهِ إِلَى ٱلْبَيْتِ، مُتَوَسِّلَيْنِ بِحَرَارَةٍ إِلَى يَهْوَه أَنْ يُسَاعِدَهُمَا. شَاهِدٌ فِي ٱلْعِشْرِينَ مِنْ عُمْرِهِ يُشَخَّصُ أَنَّهُ مُصَابٌ بِمَرَضٍ سَيَشُلُّهُ فِي ٱلنِّهَايَةِ شَلَلًا تَامًّا. فَيَلْجَأُ فَوْرًا إِلَى يَهْوَه فِي ٱلصَّلَاةِ. أُمٌّ مُتَوَحِّدَةٌ عَاطِلَةٌ عَنِ ٱلْعَمَلِ لَا تَمْلِكُ مَا يَكْفِي مِنَ ٱلْمَالِ لِشِرَاءِ ٱلطَّعَامِ لَهَا وَلِٱبْنَتِهَا ٱلَّتِي تَبْلُغُ مِنَ ٱلْعُمْرِ ١٢ سَنَةً. فَتَسْكُبُ قَلْبَهَا لِيَهْوَه طَالِبَةً ٱلْمُسَاعَدَةَ. تُظْهِرُ لَنَا هذِهِ ٱلْأَمْثِلَةُ أَنَّ عُبَّادَ ٱللّٰهِ يَلْجَأُونَ إِلَيْهِ تِلْقَائِيًّا حِينَ يُوَاجِهُونَ ٱلْمِحَنَ أَوِ ٱلشَّدَائِدَ. فَهَلْ مَرَرْتَ ذَاتَ مَرَّةٍ بِظَرْفٍ عَصِيبٍ وَٱلْتَمَسْتَ ٱلْمُسَاعَدَةَ مِنْ يَهْوَه؟
٢ فِي ظِلِّ ظَرْفٍ كَهذَا، قَدْ يَخْطُرُ عَلَى ٱلْبَالِ سُؤَالٌ مُهِمٌّ: هَلْ يُمْكِنُ أَنْ نَكُونَ عَلَى ثِقَةٍ أَنَّ يَهْوَه سَيَسْتَجِيبُ صَلَوَاتِنَا طَلَبًا لِلْمُسَاعَدَةِ؟ نَجِدُ فِي ٱلْمَزْمُورِ ٧٠ جَوَابًا مُطَمْئِنًا. فَهذَا ٱلْمَزْمُورُ ٱلْمُؤَثِّرُ نَظَمَهُ دَاوُدُ، عَابِدٌ وَلِيٌّ لِيَهْوَه وَاجَهَ مِحَنًا وَصُعُوبَاتٍ عَدِيدَةً فِي حَيَاتِهِ. وَقَدِ ٱنْدَفَعَ ٱلْمُرَنِّمُ ٱلْمُلْهَمُ هذَا إِلَى مُخَاطَبَةِ يَهْوَه، قَائِلًا: «اَللّٰهُمَّ، . . . أَنْتَ مُعِينِي وَمُنْقِذِي». (مز ٧٠:٥) وَمُنَاقَشَةُ ٱلْمَزْمُورِ ٧٠ تُسَاعِدُنَا أَنْ نَرَى لِمَاذَا يُمْكِنُنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَلْجَأَ إِلَى يَهْوَه فِي أَوْقَاتِ ٱلشِّدَّةِ وَنَثِقَ ثِقَةً تَامَّةً أَنَّهُ سَيَكُونُ ‹مُنْقِذَنَا›.
‹أَنْتَ ٱلْمُنْقِذُ›
٣ (أ) أَيَّةُ صَرْخَةِ ٱسْتِغَاثَةٍ يَتَضَمَّنُهَا ٱلْمَزْمُورُ ٧٠؟ (ب) أَيَّةُ ثِقَةٍ يُعَبِّرُ عَنْهَا دَاوُدُ فِي ٱلْمَزْمُورِ ٧٠؟
٣ يُسْتَهَلُّ ٱلْمَزْمُورُ ٧٠ وَيُخْتَتَمُ بِصَرْخَةِ ٱسْتِغَاثَةٍ إِلَى ٱللّٰهِ. (اِقْرَأْ مزمور ٧٠:١-٥.) فَدَاوُدُ يَتَوَسَّلُ إِلَى يَهْوَه أَنْ ‹يُسْرِعَ› إِلَى إِنْقَاذِهِ. وَفِي ٱلْأَعْدَادِ ٢ إِلَى ٤، يُقَدِّمُ خَمْسَةَ ٱلْتِمَاسَاتٍ يَبْدَأُ كُلٌّ مِنْهَا بِلَامِ ٱلطَّلَبِ. تَتَعَلَّقُ ٱلِٱلْتِمَاسَاتُ ٱلثَّلَاثَةُ ٱلْأُولَى بِٱلَّذِينَ يُحَاوِلُونَ قَتْلَهُ. فَهُوَ يُنَاشِدُ يَهْوَه أَنْ يَهْزِمَ هؤُلَاءِ ٱلْأَعْدَاءَ وَيَخْزِيَهُمْ بِسَبَبِ شَرِّهِمْ. أَمَّا ٱلِٱلْتِمَاسَانِ ٱلْوَارِدَانِ فِي ٱلْعَدَدِ ٤ فَيَتَعَلَّقَانِ بِشَعْبِ ٱللّٰهِ. فَدَاوُدُ يُصَلِّي أَنْ يَفْرَحَ طَالِبُو يَهْوَه وَيُعَظِّمُوهُ. وَهُوَ يَخْتَتِمُ مَزْمُورَهُ بِٱلْقَوْلِ: «أَنْتَ مُعِينِي وَمُنْقِذِي». لَاحِظْ أَنَّ دَاوُدَ لَا يَقُولُ: «لِتَكُنْ مُعِينِي وَمُنْقِذِي» كَمَا لَوْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ ٱلْتِمَاسًا آخَرَ، بَلْ هُوَ يُعَبِّرُ عَنْ ثِقَتِهِ بِٱلْقَوْلِ: «أَنْتَ مُعِينِي وَمُنْقِذِي». فَهُوَ مُقْتَنِعٌ كُلَّ ٱلِٱقْتِنَاعِ أَنَّ يَهْوَه سَيُسَاعِدُهُ.
٤، ٥ مَاذَا نَتَعَلَّمُ عَنْ دَاوُدَ مِنَ ٱلْمَزْمُورِ ٧٠، وَأَيَّةُ ثِقَةٍ يُمْكِنُنَا ٱمْتِلَاكُهَا؟
٤ وَمَاذَا يَكْشِفُ ٱلْمَزْمُورُ ٧٠ عَنْ دَاوُدَ؟ عِنْدَمَا وَاجَهَ أَعْدَاءً عَاقِدِي ٱلْعَزْمِ عَلَى قَتْلِهِ، ٱخْتَارَ أَلَّا يَأْخُذَ ٱلْأَمْرَ عَلَى عَاتِقِهِ. بَلْ وَثِقَ بِأَنَّ يَهْوَه سَيُجَازِي ٱلْمُقَاوِمِينَ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ وَبِٱلطَّرِيقَةِ ٱلْمُنَاسِبَةِ. (١ صم ٢٦:١٠) وَظَلَّ رَاسِخَ ٱلِٱقْتِنَاعِ أَنَّ يَهْوَه يُسَاعِدُ ٱلَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ وَيُنْقِذُهُمْ. (عب ١١:٦) فَقَدْ كَانَ دَاوُدُ مُتَأَكِّدًا أَنَّ عُبَّادًا حَقِيقِيِّينَ كَهؤُلَاءِ لَدَيْهِمْ سَبَبٌ وَجِيهٌ لِيَفْرَحُوا وَيُعَظِّمُوا يَهْوَه بِإِخْبَارِ ٱلْآخَرِينَ عَنْ مَجْدِهِ. — مز ٥:١١؛ ٣٥:٢٧.
٥ عَلَى غِرَارِ دَاوُدَ، يُمْكِنُنَا أَنْ نَثِقَ ثِقَةً مُطْلَقَةً أَنَّ يَهْوَه هُوَ مُعِينُنَا وَ ‹مُنْقِذُنَا›. لِذلِكَ، عِنْدَمَا نُوَاجِهُ ٱلْمِحَنَ ٱلصَّعْبَةَ أَوْ نَشْعُرُ بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى ٱلْمُسَاعَدَةِ، مِنَ ٱلْمُلَائِمِ أَنْ نُصَلِّيَ إِلَى يَهْوَه لِنَطْلُبَ مِنْهُ ٱلْإِسْرَاعَ فِي مَدِّ يَدِ ٱلْعَوْنِ إِلَيْنَا. (مز ٧١:١٢) وَلكِنْ كَيْفَ يَسْتَجِيبُ يَهْوَه صَلَوَاتِنَا هذِهِ؟ قَبْلَ أَنْ نُنَاقِشَ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا يَهْوَه، لِنَسْتَعْرِضْ فِي مَا يَلِي ثَلَاثَ طَرَائِقَ أَنْقَذَ ٱللّٰهُ دَاوُدَ مِنْ خِلَالِهَا، إِذْ سَاعَدَهُ فِي أَوْقَاتِ ٱلشِّدَّةِ.
أَنْقَذَهُ مِنْ مُقَاوِمِيهِ
٦ كَيْفَ عَرَفَ دَاوُدُ أَنَّ يَهْوَه يُنْقِذُ ٱلْأَبْرَارَ؟
٦ عَرَفَ دَاوُدُ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُوحَى بِهَا ٱلْمَوْجُودَةِ فِي أَيَّامِهِ أَنَّ ٱلْأَبْرَارَ يُمْكِنُهُمُ ٱلِٱتِّكَالُ عَلَى مُسَاعَدَةِ يَهْوَه. فَعِنْدَمَا جَلَبَ يَهْوَه طُوفَانًا عَلَى عَالَمٍ شِرِّيرٍ، حَفِظَ نُوحًا وَأَفْرَادَ عَائِلَتِهِ ٱلْأَتْقِيَاءِ. (تك ٧:٢٣) وَحِينَ أَمْطَرَ كِبْرِيتًا وَنَارًا عَلَى سُكَّانِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ ٱلْأَشْرَارِ، سَاعَدَ لُوطًا ٱلْبَارَّ وَٱبْنَتَيْهِ عَلَى ٱلنَّجَاةِ بِحَيَاتِهِمْ. (تك ١٩:١٢-٢٦) وَلَمَّا أَهْلَكَ فِرْعَوْنَ ٱلْمُتَكَبِّرَ وَجَيْشَهُ فِي ٱلْبَحْرِ ٱلْأَحْمَرِ، حَمَى شَعْبَهُ وَسَاعَدَهُمْ عَلَى تَفَادِي هذِهِ ٱلنِّهَايَةِ ٱلْمُرِيعَةِ. (خر ١٤:١٩-٢٨) فَلَا عَجَبَ إِذًا أَنْ يُسَبِّحَ دَاوُدُ يَهْوَه فِي مَزْمُورٍ آخَرَ دَاعِيًا إِيَّاهُ «إِلٰهَ ٱلْخَلَاصِ». — مز ٦٨:٢٠.
٧-٩ (أ) لِمَاذَا وَثِقَ دَاوُدُ بِقُدْرَةِ ٱللّٰهِ عَلَى ٱلْإِنْقَاذِ؟ (ب) إِلَى مَنْ نَسَبَ دَاوُدُ ٱلْفَضْلَ فِي إِنْقَاذِهِ؟
٧ كَانَتْ ثِقَةُ دَاوُدَ ٱلتَّامَّةُ بِقُدْرَةِ يَهْوَه عَلَى ٱلْإِنْقَاذِ نَابِعَةً أَيْضًا مِنِ ٱخْتِبَارِهِ ٱلشَّخْصِيِّ. فَقَدْ لَمَسَ لَمْسَ ٱلْيَدِ أَنَّ بِٱسْتِطَاعَةِ ‹أَذْرُعِ ٱللّٰهِ ٱلْأَبَدِيَّةِ› إِنْقَاذَ خُدَّامِهِ. (تث ٣٣:٢٧، الترجمة البروتستانتية) فَفِي عِدَّةِ مُنَاسَبَاتٍ، خَلَّصَ يَهْوَه دَاوُدَ مِنْ بَرَاثِنِ ‹أَعْدَائِهِ ٱلْغَاضِبِينَ›. (مز ١٨:١٧-١٩، ٤٨) فَلْنَتَأَمَّلْ فِي أَحَدِ ٱلْأَمْثِلَةِ.
٨ عِنْدَمَا أَشَادَتْ نِسَاءُ إِسْرَائِيلَ بِبَرَاعَةِ دَاوُدَ ٱلْعَسْكَرِيَّةِ، تَمَلَّكَتِ ٱلْغَيْرَةُ ٱلْمَلِكَ شَاوُلَ حَتَّى إِنَّهُ رَمَاهُ بِٱلرُّمْحِ مَرَّتَيْنِ. (١ صم ١٨:٦-٩) وَفِي ٱلْمَرَّتَيْنِ كِلْتَيْهِمَا، تَمَكَّنَ دَاوُدُ مِنْ تَجَنُّبِ ٱلْإِصَابَةِ بِٱلرُّمْحِ. فَهَلْ كَانَتْ مَهَارَتُهُ وَرَشَاقَتُهُ كَمُحَارِبٍ مُتَمَرِّسٍ ٱلسَّبَبَ ٱلْوَحِيدَ فِي نَجَاتِهِ؟ كَلَّا. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَقُولُ إِنَّ «يَهْوَهَ كَانَ مَعَهُ». (اِقْرَأْ ١ صموئيل ١٨:١١-١٤.) وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ أَيْضًا، «رَأَى شَاوُلُ وَعَرَفَ أَنَّ يَهْوَهَ مَعَ دَاوُدَ» حِينَ فَشِلَتْ خُطَّتُهُ لِقَتْلِهِ عَلَى يَدِ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ. — ١ صم ١٨:١٧-٢٨.
٩ وَإِلَى مَنْ نَسَبَ دَاوُدُ ٱلْفَضْلَ فِي إِنْقَاذِهِ؟ يَقُولُ عُنْوَانُ ٱلْمَزْمُورِ ١٨ إِنَّ دَاوُدَ «كَلَّمَ يَهْوَهَ بِكَلَامِ هٰذِهِ ٱلتَّرْنِيمَةِ يَوْمَ أَنْقَذَهُ يَهْوَهُ . . . مِنْ يَدِ شَاوُلَ». وَقَدْ عَبَّرَ عَنْ مَشَاعِرِهِ قَائِلًا: «يَهْوَهُ صَخْرِي وَمَعْقِلِي وَمُنْقِذِي. إِلٰهِي صَخْرَتِي بِهِ أَحْتَمِي». (مز ١٨:٢) أَفَلَا يَقْوَى إِيمَانُنَا حِينَ نَعْرِفُ أَنَّ يَهْوَه قَادِرٌ عَلَى إِنْقَاذِ شَعْبِهِ؟! — مز ٣٥:١٠.
أَسْنَدَهُ عَلَى فِرَاشِ ٱلْمَرَضِ
١٠، ١١ مَتَى رُبَّمَا أُصِيبَ دَاوُدُ بِٱلمَرَضِ ٱلشَّدِيدِ ٱلَّذِي يَتَحَدَّثُ عَنْهُ ٱلْمَزْمُورُ ٤١، وَكَيْفَ نَعْرِفُ ذلِكَ؟
١٠ يَذْكُرُ ٱلْمَزْمُورُ ٤١ أَنَّ ٱلْمَلِكَ دَاوُدَ أُصِيبَ ذَاتَ مَرَّةٍ بِمَرَضٍ جَعَلَهُ أَسِيرَ ٱلْفِرَاشِ. وَقَدْ كَانَ مَرَضُهُ شَدِيدًا جِدًّا بِحَيْثُ ظَنَّ بَعْضُ أَعْدَائِهِ أَنَّهُ ‹لَنْ يَقُومَ›. (العددان ٧، ٨) فَمَتَى حَدَثَ ذلِكَ؟ لَرُبَّمَا حَصَلَتِ ٱلْحَادِثَةُ ٱلْمَذْكُورَةُ فِي هذَا ٱلْمَزْمُورِ خِلَالَ ٱلْفَتْرَةِ ٱلْعَصِيبَةِ مِنْ حَيَاةِ دَاوُدَ حِينَ حَاوَلَ ٱبْنُهُ أَبْشَالُومُ ٱغْتِصَابَ ٱلْعَرْشِ. — ٢ صم ١٥:٦، ١٣، ١٤.
١١ فَقَدْ تَحَدَّثَ دَاوُدُ عَنْ تَعَرُّضِهِ لِخِيَانَةٍ مِنْ صَدِيقٍ حَمِيمٍ لَهُ كَانَ يَأْكُلُ عَلَى مَائِدَتِهِ. (العدد ٩) وَيُذَكِّرُنَا ذلِكَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ بِأَخِيتُوفَلَ ٱلَّذِي ٱنْضَمَّ إِلَى أَبْشَالُومَ فِي تَمَرُّدِهِ وَخَانَ ٱلْمَلِكَ دَاوُدَ بَعْدَمَا كَانَ مُشِيرَهُ وَمَوْضِعَ ثِقَتِهِ. (٢ صم ١٥:٣١؛ ١٦:١٥) فَتَخَيَّلْ حَالَةَ دَاوُدَ وَهُوَ خَائِرُ ٱلْقُوَى عَلَى فِرَاشِ ٱلسَّقَمِ وَمُحَاطٌ بِٱلْمُتَآمِرِينَ ٱلَّذِينَ يَتَمَنَّوْنَ مَوْتَهُ كَيْ يُحَقِّقُوا مَآرِبَهُمُ ٱلشِّرِّيرَةَ. — العدد ٥.
١٢، ١٣ (أ) أَيَّةُ ثِقَةٍ عَبَّرَ عَنْهَا دَاوُدُ؟ (ب) كَيْفَ قَوَّى ٱللّٰهُ دَاوُدَ؟
١٢ إِنَّ ثِقَةَ دَاوُدَ ‹بِمُنْقِذِهِ› لَمْ تَتَزَعْزَعْ. فَقَدْ قَالَ عَنْ خَادِمِ يَهْوَه ٱلْأَمِينِ ٱلَّذِي يُلِمُّ بِهِ ٱلْمَرَضُ: «فِي يَوْمِ ٱلْبَلِيَّةِ يُنَجِّيهِ يَهْوَهُ. يَهْوَهُ يَسْنُدُهُ عَلَى فِرَاشِ ٱلسَّقَمِ. تُبَدِّلُ سَرِيرَ مَرَضِهِ كُلَّهُ». (مز ٤١:١، ٣) لَاحِظْ كَيْفَ عَبَّرَ دَاوُدُ هُنَا أَيْضًا عَنْ ثِقَتِهِ حِينَ قَالَ: «يَهْوَهُ يَسْنُدُهُ». فَقَدْ كَانَ مُتَأَكِّدًا أَنَّ يَهْوَه سَيُنْقِذُهُ. كَيْفَ؟
١٣ لَمْ يَتَوَقَّعْ دَاوُدُ أَنْ يَجْتَرِحَ يَهْوَه عَجِيبَةً لِيَشْفِيَهُ مِنْ مَرَضِهِ. بِٱلْأَحْرَى شَعَرَ أَنَّهُ ‹سَيَسْنُدُهُ›، أَيْ أَنَّهُ سَيَدْعَمُهُ وَيُقَوِّيهِ وَهُوَ عَلَى فِرَاشِ ٱلْمَرَضِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ دَاوُدَ كَانَ بِأَمَسِّ ٱلْحَاجَةِ إِلَى هذِهِ ٱلْمُسَاعَدَةِ، إِذْ إِنَّ ٱلْمَرَضَ أَوْهَنَهُ وَٱلْأَعْدَاءَ ٱلْمُحِيطِينَ بِهِ كَانُوا يَقُولُونَ عَلَيْهِ شَرًّا. (العددان ٥، ٦) وَلَرُبَّمَا قَوَّى يَهْوَه دَاوُدَ بِتَذْكِيرِهِ بِبَعْضِ ٱلْأَفْكَارِ ٱلْمُعَزِّيَةِ. فَقَدْ قَالَ: «لِأَجْلِ ٱسْتِقَامَتِي تُؤَيِّدُنِي». (العدد ١٢) وَلَا بُدَّ أَنَّهُ تَقَوَّى أَيْضًا حِينَ فَكَّرَ أَنَّ يَهْوَه يَعْتَبِرُهُ شَخْصًا مُسْتَقِيمًا رَغْمَ ضُعْفِهِ وَٱلْأُمُورِ ٱلسَّيِّئَةِ ٱلَّتِي يَقُولُهَا عَنْهُ أَعْدَاؤُهُ. وَفِي ٱلنِّهَايَةِ، شُفِيَ دَاوُدُ مِنْ مَرَضِهِ. أَفَلَا نَطْمَئِنُّ حِينَ نَعْرِفُ أَنَّ يَهْوَه يَدْعَمُ ٱلْمَرْضَى؟! — ٢ كو ١:٣.
زَوَّدَهُ بِٱلْقُوتِ
١٤، ١٥ مَتَى صَارَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى ٱلْقُوتِ، وَكَيْفَ حَصَلُوا عَلَيْهِ؟
١٤ عِنْدَمَا صَارَ دَاوُدُ مَلِكًا، كَانَ بِإِمْكَانِهِ أَنْ يَتَمَتَّعَ بِأَشْهَى ٱلْمَأْكُولَاتِ وَأَفْخَرِ ٱلْمَشْرُوبَاتِ. حَتَّى إِنَّهُ كَانَ يَدْعُو ٱلْآخَرِينَ لِيَأْكُلُوا عَلَى مَائِدَتِهِ. (٢ صم ٩:١٠) لكِنَّهُ ٱخْتَبَرَ أَيْضًا ٱلْجُوعَ وَٱلْعَطَشَ. فَعِنْدَمَا تَمَرَّدَ عَلَيْهِ ٱبْنُهُ أَبْشَالُومُ وَحَاوَلَ ٱغْتِصَابَ ٱلْعَرْشِ، هَرَبَ مَعَ بَعْضِ مُنَاصِرِيهِ ٱلْأَوْلِيَاءِ مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى جِلْعَادَ ٱلَّتِي تَقَعُ شَرْقَ نَهْرِ ٱلْأُرْدُنِّ. (٢ صم ١٧:٢٢، ٢٤) وَخِلَالَ هَرَبِهِمْ، صَارُوا بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى ٱلطَّعَامِ وَٱلشَّرَابِ وَٱلرَّاحَةِ. وَلكِنْ كَيْفَ كَانُوا سَيَجِدُونَ ٱلْقُوتَ فِي هذِهِ ٱلْبَرِّيَّةِ؟
١٥ حِينَ وَصَلَ دَاوُدُ وَرِجَالُهُ أَخِيرًا إِلَى مَدِينَةِ مَحَنَايِمَ، ٱلْتَقَوْا شُوبِيَ ومَاكِيرَ وبَرْزِلَّايَ، ثَلَاثَةُ رِجَالٍ بَوَاسِلَ مُسْتَعِدُّونَ لِمُسَاعَدَةِ ٱلْمَلِكِ ٱلْمُعَيَّنِ مِنْ يَهْوَه. وَكَانُوا بِذلِكَ يُجَازِفُونَ بِحَيَاتِهِمْ لِأَنَّ أَبْشَالُومَ كَانَ سَيُنْزِلُ دُونَ شَكٍّ عِقَابًا شَدِيدًا بِكُلِّ مَنْ يُسَاعِدُ دَاوُدَ فِي حَالِ أَمْسَكَ بِزِمَامِ ٱلْحُكْمِ. وَقَدْ شَعَرَ هؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ ٱلْأَوْلِيَاءُ ٱلثَّلَاثَةُ بِمَأْزِقِ دَاوُدَ وَمُرَافِقِيهِ فَجَلَبُوا لَهُمُ ٱلْمُؤَنَ ٱللَّازِمَةَ، بِمَا فِي ذلِكَ ٱلْفُرُشُ، ٱلْحِنْطَةُ، ٱلشَّعِيرُ، ٱلْحَبُّ ٱلْمَشْوِيُّ، ٱلْفُولُ، ٱلْعَدَسُ، ٱلْعَسَلُ، ٱلزُّبْدُ، وَٱلْغَنَمُ. (اِقْرَأْ ٢ صموئيل ١٧:٢٧-٢٩.) وَلَا بُدَّ أَنَّ إِعْرَابَهُمْ عَنْ وَلَاءٍ وَكَرَمٍ مُمَيَّزَيْنِ مَسَّ دَاوُدَ فِي ٱلصَّمِيمِ. فَكَيْفَ لَهُ أَنْ يَنْسَى مَا فَعَلُوهُ لِأَجْلِهِ؟!
١٦ إِلَى مَنْ يَعُودُ ٱلْفَضْلُ فِي تَزْوِيدِ دَاوُدَ وَرِجَالِهِ بِٱلْقُوتِ؟
١٦ وَلكِنْ إِلَى مَنْ يَعُودُ ٱلْفَضْلُ فِي تَزْوِيدِ دَاوُدَ وَرِجَالِهِ بِٱلْقُوتِ؟ كَانَ دَاوُدُ مُقْتَنِعًا أَنَّ يَهْوَه يَعْتَنِي بِشَعْبِهِ. فَهُوَ يَدْفَعُ أَحْيَانًا خُدَّامًا آخَرِينَ لِيَهُبُّوا إِلَى مُسَاعَدَةِ أَخِيهِمِ ٱلْمُحْتَاجِ. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ عِنْدَ ٱلتَّأَمُّلِ فِي مَا حَدَثَ فِي جِلْعَادَ، ٱعْتَبَرَ دَاوُدُ ٱللُّطْفَ ٱلَّذِي أَظْهَرَهُ هؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ ٱلثَّلَاثَةُ إِعْرَابًا عَنْ عِنَايَةِ يَهْوَه ٱلْحُبِّيَّةِ. فَقَدْ كَتَبَ فِي أَوَاخِرِ حَيَاتِهِ عَنْ مُسَاعَدَةِ يَهْوَه لِلْأَبْرَارِ، بِمَنْ فِيهِمْ هُوَ نَفْسُهُ: «كُنْتُ فَتًى، وَقَدْ شِخْتُ، وَلَمْ أَرَ بَارًّا تُخُلِّيَ عَنْهُ، وَلَا نَسْلَهُ يَلْتَمِسُ خُبْزًا». (مز ٣٧:٢٥) أَفَلَا نَتَعَزَّى بِٱلْمَعْرِفَةِ أَنَّ يَدَ يَهْوَه لَا تَقْصُرُ أَبَدًا؟! — ام ١٠:٣.
«يَعْرِفُ يَهْوَهُ أَنْ يُنْقِذَ ٱلْمُتَعَبِّدِينَ لَهُ»
١٧ مَاذَا بَرْهَنَتْ أَعْمَالُ ٱللّٰهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى؟
١٧ كَانَ دَاوُدُ مُجَرَّدَ عَابِدٍ وَاحِدٍ مِنَ ٱلْعُبَّادِ ٱلْكَثِيرِينَ ٱلَّذِينَ أَنْقَذَهُمْ يَهْوَه فِي أَزْمِنَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. وَمُنْذُ أَيَّامِ دَاوُدَ، بَرْهَنَتْ أَعْمَالُ ٱللّٰهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى صِحَّةَ كَلِمَاتِ ٱلرَّسُولِ بُطْرُسَ: «يَعْرِفُ يَهْوَهُ أَنْ يُنْقِذَ ٱلْمُتَعَبِّدِينَ لَهُ مِنَ ٱلْمِحْنَةِ». (٢ بط ٢:٩) فَلْنَتَأَمَّلْ فِي مِثَالَيْنِ آخَرَيْنِ.
١٨ كَيْفَ أَنْقَذَ يَهْوَه خُدَّامَهُ فِي أَيَّامِ حَزَقِيَّا؟
١٨ عِنْدَمَا غَزَتِ ٱلْجُيُوشُ ٱلْأَشُّورِيَّةُ ٱلْجَبَّارَةُ يَهُوذَا وَهَدَّدَتْ أُورُشَلِيمَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلثَّامِنِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ، صَلَّى ٱلْمَلِكُ حَزَقِيَّا: «يَا يَهْوَهُ إِلٰهَنَا، خَلِّصْنَا . . . لِتَعْرِفَ مَمَالِكُ ٱلْأَرْضِ كُلُّهَا أَنَّكَ أَنْتَ، يَا يَهْوَهُ، ٱللّٰهُ وَحْدَكَ». (اش ٣٧:٢٠) فَكَانَ ٱهْتِمَامُ حَزَقِيَّا ٱلرَّئِيسِيُّ ٱسْمَ ٱللّٰهِ وَسُمْعَتَهُ. وَقَدِ ٱسْتَجَابَ يَهْوَه هذِهِ ٱلصَّلَاةَ ٱلْحَارَّةَ. فَفِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ، ضَرَبَ مَلَاكٌ وَاحِدٌ ٠٠٠,١٨٥ أَشُّورِيٍّ، مُنْقِذًا خُدَّامَ يَهْوَه ٱلْأُمَنَاءَ. — اش ٣٧:٣٢، ٣٦.
١٩ أَيُّ تَحْذِيرٍ أَنْقَذَ ٱلْإِصْغَاءُ إِلَيْهِ مَسِيحِيِّي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟
١٩ قَدَّمَ يَسُوعُ قَبْلَ أَيَّامٍ مِنْ مَوْتِهِ تَحْذِيرًا نَبَوِيًّا لِفَائِدَةِ تَلَامِيذِهِ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ. (اِقْرَأْ لوقا ٢١:٢٠-٢٢.) وَمَرَّتْ سِنُونٌ دُونَ أَنْ يَحْدُثَ أَيُّ شَيْءٍ، وَلكِنْ فِي سَنَةِ ٦٦ بم أَدَّتْ ثَوْرَةٌ يَهُودِيَّةٌ إِلَى مَجِيءِ ٱلْقُوَّاتِ ٱلرُّومَانِيَّةِ بِقِيَادَةِ سستيوس ڠالوس إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَقَدْ حَفَرَتْ فَيَالِقُهُ عِنْدَ جُزْءٍ مِنْ سُورِ ٱلْهَيْكَلِ، لكِنَّهَا ٱنْسَحَبَتْ فَجْأَةً. عِنْدَئِذٍ، أَدْرَكَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْأُمَنَاءُ أَنَّ هذِهِ هِيَ ٱلْفُرْصَةُ لِلْهَرَبِ مِنَ ٱلدَّمَارِ ٱلَّذِي أَنْبَأَ بِهِ يَسُوعُ، فَهَرَبُوا بِسُرْعَةٍ إِلَى ٱلْجِبَالِ. ثُمَّ فِي سَنَةِ ٧٠ بم، عَادَتِ ٱلْفَيَالِقُ ٱلرُّومَانِيَّةُ. وَهذِهِ ٱلْمَرَّةَ لَمْ تَنْسَحِبْ بَلْ دَمَّرَتْ أُورُشَلِيمَ تَمَامًا. أَمَّا ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَطَاعُوا تَحْذِيرَ يَسُوعَ فَقَدْ نَجَوْا مِنْ هذِهِ ٱلْكَارِثَةِ ٱلْفَظِيعَةِ. — لو ١٩:٤١-٤٤.
٢٠ لِمَاذَا يُمْكِنُنَا ٱلثِّقَةُ أَنَّ يَهْوَه هُوَ ‹مُنْقِذُنَا›؟
٢٠ كَمْ يَتَقَوَّى إِيمَانُنَا حِينَ نَتَأَمَّلُ كَيْفَ يُسَاعِدُ يَهْوَه شَعْبَهُ! فَمَا فَعَلَهُ فِي ٱلْمَاضِي يُعْطِينَا أَسَاسًا لِلثِّقَةِ بِهِ. فَمَهْمَا وَاجَهْنَا مِنْ تَحَدِّيَاتٍ ٱلْآنَ أَوْ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ، يُمْكِنُنَا أَنْ نَثِقَ كُلَّ ٱلثِّقَةِ أَنَّ يَهْوَه هُوَ ‹مُنْقِذُنَا›. وَلكِنْ كَيْفَ يُنْقِذُنَا يَهْوَه؟ وَمَاذَا حَصَلَ مَعَ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلْمَذْكُورِينَ فِي مُسْتَهَلِّ هذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟ هذَا مَا سَنَتَحَدَّثُ عَنْهُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ.
هَلْ تَذْكُرُونَ؟
• أَيُّ ثِقَةٍ يَمْنَحُنَا إِيَّاهَا ٱلْمَزْمُورُ ٧٠؟
• كَيْفَ أَسْنَدَ يَهْوَه دَاوُدَ خِلَالَ مَرَضِهِ؟
• أَيَّةُ أَمْثِلَةٍ تُظْهِرُ أَنَّ يَهْوَه قَادِرٌ عَلَى إِنْقَاذِ شَعْبِهِ مِنَ ٱلْمُقَاوِمِينَ؟
[الصورة في الصفحة ٦]
اِسْتَجَابَ يَهْوَه صَلَاةَ حَزَقِيَّا