لَا يَمْنَعْكَ شَيْءٌ مِنْ نَيْلِ ٱلْمَجْدِ
«اَلْمُتَوَاضِعُ ٱلرُّوحِ يَنَالُ مَجْدًا». — ام ٢٩:٢٣.
١، ٢ (أ) مَا مَعْنَى ٱلْكَلِمَةِ ٱلْعِبْرَانِيَّةِ ٱلْأَصْلِيَّةِ ٱلْمُتَرْجَمَةِ إِلَى «مَجْدٍ»؟ (ب) أَيَّةُ أَسْئِلَةٍ تُنَاقِشُهَا هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةُ؟
مَاذَا يَخْطُرُ بِبَالِكَ عِنْدَ سَمَاعِ كَلِمَةِ «مَجْدٍ»؟ هَلْ تُفَكِّرُ فِي بَهَاءِ ٱلْخَلِيقَةِ ٱلْبَاهِرِ؟ (مز ١٩:١) أَمْ فِي ٱلتَّبْجِيلِ أَوِ ٱلْمَدْحِ ٱلَّذِي يُغْدَقُ عَلَى ٱلْأَغْنِيَاءِ وَٱلْحُكَمَاءِ وَمَنْ يُحَقِّقُونَ إِنْجَازَاتٍ عَظِيمَةً؟ إِنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْعِبْرَانِيَّةَ ٱلْأَصْلِيَّةَ ٱلْمُتَرْجَمَةَ إِلَى «مَجْدٍ» فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ تَحْمِلُ مَعْنَى ٱلثِّقْلِ. فَقَدِيمًا، كَانَتِ ٱلنُّقُودُ تُصَنَّعُ مِنَ ٱلْمَعَادِنِ ٱلثَّمِينَةِ. وَكُلَّمَا ثَقُلَ وَزْنُهَا، ٱرْتَفَعَتْ قِيمَتُهَا. لِذٰلِكَ فَإِنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْمُسْتَعْمَلَةَ لِلتَّعْبِيرِ عَنِ ٱلثِّقْلِ صَارَتْ تَرْمُزُ إِلَى ٱلْعِزِّ وَٱلْمَهَابَةِ وَٱلْعَظَمَةِ.
٢ غَالِبًا مَا يُعْجَبُ ٱلْبَشَرُ بِأَصْحَابِ ٱلسُّلْطَةِ أَوِ ٱلْمَشَاهِيرِ. وَلٰكِنْ عَمَّ يَبْحَثُ ٱللّٰهُ فِي ٱلْبَشَرِ لِكَيْ يَمْنَحَهُمُ ٱلْمَجْدَ؟ تُجِيبُ ٱلْأَمْثَال ٢٢:٤: «عَاقِبَةُ ٱلتَّوَاضُعِ وَمَخَافَةِ يَهْوَهَ غِنًى وَمَجْدٌ وَحَيَاةٌ». وَكَتَبَ ٱلتِّلْمِيذُ يَعْقُوبُ: «تَوَاضَعُوا فِي عَيْنَيْ يَهْوَهَ فَيَرْفَعَكُمْ». (يع ٤:١٠) فَأَيُّ مَجْدٍ يُنْعِمُ بِهِ يَهْوَهُ عَلَى ٱلْبَشَرِ؟ مَاذَا يُمْكِنُ أَنْ يُعِيقَنَا عَنْ نَيْلِهِ؟ وَكَيْفَ نُسَاعِدُ ٱلْغَيْرَ أَنْ يَحْصُلُوا عَلَيْهِ؟
٣-٥ إِلَى أَيِّ مَجْدٍ يَهْدِينَا يَهْوَهُ؟
٣ كَانَ ٱلْمُرَنِّمُ ٱلْمُلْهَمُ وَاثِقًا أَنَّ يَهْوَهَ يُمْسِكُ بِيَدِهِ ٱلْيُمْنَى وَيَهْدِيهِ إِلَى مَجْدٍ أَصِيلٍ. (اِقْرَأْ مزمور ٧٣:٢٣، ٢٤.) فَهُوَ يَهْدِي خُدَّامَهُ ٱلْمُتَوَاضِعِينَ إِلَى مَجْدٍ بِإِكْرَامِهِمْ بِطَرَائِقَ شَتَّى. أَوَّلًا، يَهَبُهُمُ ٱمْتِيَازَ فَهْمِ مَشِيئَتِهِ. (١ كو ٢:٧) كَمَا أَنَّهُ يَسْمَحُ لِمَنْ يَسْمَعُونَ كَلِمَتَهُ وَيُطِيعُونَهُ بِأَنْ يَتَمَتَّعُوا بِصَدَاقَةٍ لَصِيقَةٍ مَعَهُ. — يع ٤:٨.
٤ عِلَاوَةً عَلَى ذٰلِكَ، يَأْتَمِنُ يَهْوَهُ خُدَّامَهُ عَلَى كَنْزِ ٱلْخِدْمَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلثَّمِينِ. (٢ كو ٤:١، ٧) وَهٰذِهِ ٱلْخِدْمَةُ تُؤَدِّي إِلَى ٱلْمَجْدِ. وَهُوَ يَعِدُ مَنْ يَخْدُمُونَهُ بِهَدَفِ تَسْبِيحِهِ وَمُسَاعَدَةِ ٱلْآخَرِينَ: «إِنَّنِي أُكْرِمُ ٱلَّذِينَ يُكْرِمُونَنِي». (١ صم ٢:٣٠) نَتِيجَةً لِذٰلِكَ، يَحْظَى هٰؤُلَاءِ بِصِيتٍ جَيِّدٍ عِنْدَهُ، وَغَالِبًا مَا يَمْدَحُهُمْ خُدَّامُ ٱللّٰهِ ٱلْآخَرُونَ. — ام ١١:١٦؛ ٢٢:١.
٥ وَمَاذَا عَنْ مُسْتَقْبَلِ ٱلَّذِينَ ‹يَرْجُونَ يَهْوَهَ وَيَحْفَظُونَ طَرِيقَهُ›؟ يَنَالُ كُلٌّ مِنْهُمُ ٱلْوَعْدَ ٱلتَّالِيَ: «يَرْفَعُكَ [يَهْوَهُ] لِتَرِثَ ٱلْأَرْضَ. إِلَى ٱنْقِرَاضِ ٱلْأَشْرَارِ تَنْظُرُ». (مز ٣٧:٣٤) فَهُمْ يَتَطَلَّعُونَ إِلَى نَيْلِ ٱمْتِيَازٍ لَا يُضَاهَى، ٱلْعَيْشِ حَيَاةً أَبَدِيَّةً. — مز ٣٧:٢٩.
«أَنَا لَا أَقْبَلُ مَجْدًا مِنَ ٱلنَّاسِ»
٦، ٧ لِمَ ٱمْتَنَعَ كَثِيرُونَ عَنِ ٱلْإِيمَانِ بِيَسُوعَ؟
٦ مَاذَا يُمْكِنُ أَنْ يُعِيقَنَا عَنْ نَيْلِ ٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي يَمْنَحُنَا إِيَّاهُ يَهْوَهُ؟ أَوَّلُ سَبَبٍ هُوَ تَعْلِيقُ أَهَمِّيَّةٍ كَبِيرَةٍ عَلَى آرَاءِ مَنْ لَا يَتَمَتَّعُونَ بِصَدَاقَتِهِ. كَتَبَ ٱلرَّسُولُ يُوحَنَّا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ ٱلسُّلْطَةِ أَيَّامَ يَسُوعَ: «إِنَّ كَثِيرِينَ حَتَّى مِنَ ٱلرُّؤَسَاءِ آمَنُوا بِهِ، وَلٰكِنَّهُمْ بِسَبَبِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ لَمْ يَعْتَرِفُوا بِهِ، لِئَلَّا يُطْرَدُوا مِنَ ٱلْمَجْمَعِ. فَإِنَّهُمْ أَحَبُّوا مَجْدَ ٱلنَّاسِ أَكْثَرَ مِنْ مَجْدِ ٱللّٰهِ». (يو ١٢:٤٢، ٤٣) فَكَمْ كَانَ أَجْدَرَ بِهٰؤُلَاءِ ٱلرُّؤَسَاءِ أَلَّا يُعْطُوا رَأْيَ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَزْنًا كَبِيرًا!
٧ كَمَا أَوْضَحَ يَسُوعُ فِي وَقْتٍ سَابِقٍ مِنْ خِدْمَتِهِ لِمَاذَا كَانَ كَثِيرُونَ سَيَمْتَنِعُونَ عَنْ قُبُولِهِ وَٱلْإِيمَانِ بِهِ. (اِقْرَأْ يوحنا ٥:٣٩-٤٤.) فَأُمَّةُ إِسْرَائِيلَ كَانَتْ تَتَرَقَّبُ مَجِيءَ ٱلْمَسِيَّا طَوَالَ قُرُونٍ. وَعِنْدَمَا بَاشَرَ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ، رُبَّمَا مَيَّزَ ٱلْبَعْضُ عَلَى ضَوْءِ نُبُوَّةِ دَانِيَالَ حُلُولَ ٱلْوَقْتِ ٱلْمُعَيَّنِ لِظُهُورِ ٱلْمَسِيحِ. فَقَبْلَ أَشْهُرٍ، تَسَاءَلَ كَثِيرُونَ عَلَى أَثَرِ كِرَازَةِ يُوحَنَّا ٱلْمُعَمِّدِ: «لَعَلَّهُ هُوَ ٱلْمَسِيحُ؟». (لو ٣:١٥) وَٱلْآنَ، كَانَ ٱلْمَسِيحُ ٱلَّذِي طَالَ ٱنْتِظَارُهُ يُعَلِّمُ فِي وَسْطِهِمْ. غَيْرَ أَنَّ ٱلْمُتَضَلِّعِينَ مِنَ ٱلشَّرِيعَةِ لَمْ يَقْبَلُوهُ. وَقَدْ حَدَّدَ يَسُوعُ ٱلسَّبَبَ حِينَ سَأَلَهُمْ: «كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا، وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْدًا بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ وَلَسْتُمْ تَطْلُبُونَ ٱلْمَجْدَ ٱلَّذِي مِنَ ٱلْإِلٰهِ ٱلْوَحِيدِ؟».
٨، ٩ كَيْفَ يَحْجُبُ مَجْدُ ٱلنَّاسِ ٱلْمَجْدَ ٱلْإِلٰهِيَّ؟ أَوْضِحُوا.
٨ يُمْكِنُ أَنْ نَفْهَمَ كَيْفَ يَحْجُبُ مَجْدُ ٱلنَّاسِ ٱلْمَجْدَ ٱلْإِلٰهِيَّ إِذَا شَبَّهْنَا ٱلْمَجْدَ بِٱلضَّوْءِ. فَكِّرْ فِي كَوْنِنَا ٱلْمَجِيدِ ٱلشَّدِيدِ ٱلضِّيَاءِ. فَهَلْ تَذْكُرُ آخِرَ لَيْلَةٍ نَظَرْتَ فِيهَا إِلَى ٱلسَّمَاءِ ٱلصَّافِيَةِ وَوَجَدْتَهَا مُرَصَّعَةً بِآلَافِ ٱلنُّجُومِ؟ حَقًّا، إِنَّ «مَجْدَ ٱلنُّجُومِ» يُثِيرُ ٱلرَّهْبَةَ. (١ كو ١٥:٤٠، ٤١) وَلٰكِنْ كَيْفَ تَبْدُو ٱلسَّمَاءُ إِذَا حَدَّقْتَ فِيهَا وَأَنْتَ فِي مَدِينَةٍ تَشِعُّ بِٱلْأَنْوَارِ؟ لَا شَكَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْأَنْوَارَ تُخْفِي عَنْ نَظَرِنَا لَمَعَانَ ٱلنُّجُومِ ٱلْبَعِيدَةِ. فَهَلِ ٱلسَّبَبُ أَنَّ أَضْوَاءَ ٱلشَّوَارِعِ وَٱلْمَبَانِي أَقْوَى أَوْ أَجْمَلُ مِنْ ضَوْءِ ٱلنُّجُومِ؟ كَلَّا، بَلْ مَرَدُّ ذٰلِكَ إِلَى أَنَّ أَضْوَاءَ ٱلْمَدِينَةِ قَرِيبَةٌ مِنَّا وَتُضْعِفُ رُؤْيَتَنَا لِخَلِيقَةِ يَهْوَهَ. فَلِكَيْ نَتَمَتَّعَ بِرَوَائِعِ ٱلسَّمَاءِ لَيْلًا، عَلَيْنَا أَنْ نَتَجَنَّبَ بِطَرِيقَةٍ مَا تَأْثِيرَ ٱلْأَنْوَارِ ٱلِٱصْطِنَاعِيَّةِ.
٩ بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، إِذَا كُنَّا نُحِبُّ مَجْدَ ٱلنَّاسِ، فَقَدْ يَمْنَعُنَا ذٰلِكَ مِنْ تَقْدِيرِ مَجْدِ ٱللّٰهِ ٱلدَّائِمِ وَٱلسَّعْيِ وَرَاءَهُ. فَٱلْعَدِيدُونَ لَا يَقْبَلُونَ رِسَالَةَ ٱلْمَلَكُوتِ خَوْفًا مِنْ رَأْيِ مَعَارِفِهِمْ أَوْ أَقَارِبِهِمْ. وَلٰكِنْ هَلْ يُمْكِنُ لِلرَّغْبَةِ فِي نَيْلِ مَجْدِ ٱلنَّاسِ أَنْ تُؤَثِّرَ فِي خُدَّامِ ٱللّٰهِ ٱلْمُنْتَذِرِينَ أَيْضًا؟ خُذْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ شَابًّا عُيِّنَتْ لَهُ مُقَاطَعَةٌ يَسْكُنُهَا ٱلْكَثِيرُ مِنْ مَعَارِفِهِ، لٰكِنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ بَعْدُ أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْ شُهُودِ يَهْوَهَ. فَهَلْ يَتَرَاجَعُ عَنْ إِتْمَامِ تَعْيِينِهِ بِسَبَبِ ٱلْخَوْفِ؟ وَمَاذَا لَوْ تَعَرَّضَ شَخْصٌ لِلِٱسْتِهْزَاءِ لِأَنَّهُ يَسْعَى وَرَاءَ أَهْدَافٍ ثِيُوقْرَاطِيَّةٍ؟ هَلْ يَسْمَحُ لِمَنْ يَفْتَقِرُونَ إِلَى ٱلنَّظْرَةِ ٱلرُّوحِيَّةِ أَنْ يُؤَثِّرُوا فِي خِيَارَاتِهِ فِي ٱلْحَيَاةِ؟ لِنَتَأَمَّلْ أَيْضًا فِي حَالَةِ مَسِيحِيٍّ ٱرْتَكَبَ خَطِيَّةً خَطِيرَةً. فَهَلْ يُخْفِي خَطِيَّتَهُ لِئَلَّا يَخْسَرَ مَسْؤُولِيَّاتِهِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ أَوْ يُخَيِّبَ أَمَلَ أَحِبَّائِهِ؟ إِذَا كَانَ كُلُّ هَمِّهِ إِصْلَاحَ عَلَاقَتِهِ مَعَ يَهْوَهَ، فَلَا بُدَّ أَنْ ‹يَدْعُوَ شُيُوخَ ٱلْجَمَاعَةِ› طَالِبًا مُسَاعَدَتَهُمْ. — اِقْرَأْ يعقوب ٥:١٤-١٦.
١٠ (أ) كَيْفَ يَتَشَوَّشُ حُكْمُنَا ٱلسَّلِيمُ بِسَبَبِ ٱلْقَلَقِ ٱلْمُفْرِطِ بِشَأْنِ نَظْرَةِ ٱلْآخَرِينَ إِلَيْنَا؟ (ب) مِمَّ يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَأَكَّدَ إِذَا تَحَلَّيْنَا بِٱلتَّوَاضُعِ؟
١٠ لِنَفْرِضْ أَيْضًا أَنَّ شَاهِدًا يَتَقَدَّمُ إِلَى ٱلنُّضْجِ نَالَ مَشُورَةً مِنْ أَحَدِ ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ. يُمْكِنُ لِهٰذَا ٱلْمَسِيحِيِّ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنَ ٱلْمُلَاحَظَاتِ ٱلصَّادِقَةِ بِشَرْطِ أَلَّا يَسُدَّ أُذُنَيْهِ عَنْهَا بِسَبَبِ ٱلْكِبْرِيَاءِ أَوْ حِفَاظًا عَلَى مَاءِ ٱلْوَجْهِ أَوْ رَغْبَةً مِنْهُ فِي تَبْرِيرِ تَصَرُّفَاتِهِ. إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ، تَخَيَّلْ أَنَّكَ تَعْمَلُ عَلَى مَشْرُوعٍ مَعَ أَحَدِ ٱلْإِخْوَةِ. فَهَلْ يُقْلِقُكَ أَنْ يُنْسَبَ إِلَيْهِ ٱلْفَضْلُ فِي عَمَلِكَ ٱلدَّؤُوبِ وَأَفْكَارِكَ ٱلْجَيِّدَةِ؟ فِي كِلْتَا ٱلْحَالَتَيْنِ، كُنْ عَلَى ثِقَةٍ أَنَّ «ٱلْمُتَوَاضِعَ ٱلرُّوحِ يَنَالُ مَجْدًا». — ام ٢٩:٢٣.
١١ كَيْفَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَجَاوَبَ مَعَ ٱلْمَدْحِ وَلِمَاذَا؟
١١ يَنْبَغِي أَيْضًا لِلنُّظَّارِ وَمَنْ ‹يَبْتَغُونَ› ٱلِٱمْتِيَازَاتِ أَنْ يَحْذَرُوا مِنْ طَلَبِ مَجْدِ ٱلنَّاسِ. (١ تي ٣:١؛ ١ تس ٢:٦) فَكَيْفَ يَجِبُ أَنْ يَتَصَرَّفَ أَخٌ عِنْدَمَا يُمْدَحُ مَدْحًا صَادِقًا لِأَنَّهُ بَرَعَ فِي إِتْمَامِ ٱمْتِيَازٍ مُعَيَّنٍ؟ عَلَى ٱلْأَغْلَبِ لَنْ يَنْصُبَ لِنَفْسِهِ نَصَبًا تَذْكَارِيًّا كَٱلْمَلِكِ شَاوُلَ. (١ صم ١٥:١٢) وَلٰكِنْ هَلْ يُبَادِرُ إِلَى ٱلِٱعْتِرَافِ أَنَّ إِنْجَازَهُ هٰذَا تَحَقَّقَ بِفَضْلِ نِعْمَةِ يَهْوَهَ فَقَطْ وَأَنَّ أَيَّ نَجَاحٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ يَتَوَقَّفُ عَلَى بَرَكَةِ ٱللّٰهِ وَمُسَاعَدَتِهِ؟ (١ بط ٤:١١) إِنَّ مَشَاعِرَ ٱلْمَرْءِ عِنْدَ نَيْلِ ٱلْمَدْحِ تَكْشِفُ عَنِ ٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي يَسْعَى إِلَيْهِ. — ام ٢٧:٢١.
«تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا شَهَوَاتِ أَبِيكُمْ»
١٢ لِمَ ٱمْتَنَعَ بَعْضُ ٱلْيَهُودِ عَنِ ٱلْإِصْغَاءِ إِلَى رِسَالَةِ يَسُوعَ؟
١٢ اَلسَّبَبُ ٱلثَّانِي ٱلَّذِي يُعِيقُنَا عَنْ نَيْلِ مَجْدِ ٱللّٰهِ هُوَ رَغَبَاتُنَا أَوْ شَهَوَاتُنَا. فَٱلرَّغَبَاتُ ٱلْخَاطِئَةُ يُمْكِنُ أَنْ تَمْنَعَنَا مِنْ سَمَاعِ صَوْتِ ٱلْحَقِّ. (اِقْرَأْ يوحنا ٨:٤٣-٤٧.) قَالَ يَسُوعُ لِبَعْضِ ٱلْيَهُودِ إِنَّهُمْ لَمْ يُصْغُوا إِلَى رِسَالَتِهِ لِأَنَّهُمْ ‹يُرِيدُونَ أَنْ يَعْمَلُوا شَهَوَاتِ أَبِيهِمْ إِبْلِيسَ›.
١٣، ١٤ (أ) وَفْقًا لِلْبَاحِثِينَ، كَيْفَ يُحَلِّلُ ٱلدِّمَاغُ ٱلْكَلَامَ ٱلْبَشَرِيَّ؟ (ب) مَاذَا يُحَدِّدُ أَيَّ صَوْتٍ نَسْمَعُ؟
١٣ فِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ، نَسْمَعُ مَا نُرِيدُ سَمَاعَهُ فَقَطْ. (٢ بط ٣:٥) فَقَدْ أَعْطَانَا يَهْوَهُ قُدْرَةً فَرِيدَةً عَلَى صَدِّ أَيِّ ضَجَّةٍ لَا نَرْغَبُ فِي سَمَاعِهَا. لِلْإِيضَاحِ، حَاوِلْ لِلَحَظَاتٍ أَنْ تَتَسَمَّعَ إِلَى مُخْتَلِفِ ٱلْأَصْوَاتِ مِنْ حَوْلِكَ. عَلَى ٱلْأَرْجَحِ، لَمْ تَكُنْ تُدْرِكُ أَنَّكَ قَادِرٌ عَلَى سَمَاعِ عَدَدٍ مِنْهَا. فَرَغْمَ أَنَّ ٱلدِّمَاغَ قَادِرٌ عَلَى ٱلْتِقَاطِهَا جَمِيعًا، فَهُوَ يُسَاعِدُكَ أَنْ تُرَكِّزَ عَلَى صَوْتٍ وَاحِدٍ فَقَطْ. وَوَجَدَ ٱلْبَاحِثُونَ أَنَّ ٱلتَّمْيِيزَ بَيْنَ أَصْوَاتٍ كَثِيرَةٍ مَسْمُوعَةٍ فِي آنٍ وَاحِدٍ يَزْدَادُ صُعُوبَةً عِنْدَمَا يَتَعَلَّقُ ٱلْأَمْرُ بِٱلْكَلَامِ ٱلْبَشَرِيِّ. لِذٰلِكَ، حِينَ يُكَلِّمُكَ شَخْصَانِ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ، عَلَيْكَ أَنْ تَخْتَارَ ٱلِٱسْتِمَاعَ إِلَى أَحَدِهِمَا. وَخِيَارُكَ هٰذَا يَعْتَمِدُ عَلَى مَنْ تَرْغَبُ أَنْ تُصْغِيَ لَهُ. لِذٰلِكَ فَإِنَّ ٱلْيَهُودَ ٱلَّذِينَ رَغِبُوا أَنْ يَعْمَلُوا شَهَوَاتِ أَبِيهِمْ إِبْلِيسَ ٱخْتَارُوا أَلَّا يُصْغُوا لِيَسُوعَ.
١٤ وَٱلْيَوْمَ، يَبْلُغُ مَسَامِعَنَا صَوْتُ «ٱلْحِكْمَةِ» وَ ‹ٱلْغَبَاءِ› كِلَيْهِمَا. (ام ٩:١-٥، ١٣-١٧) فَٱلْحِكْمَةُ وَٱلْغَبَاءُ يُنَادِيَانِنَا مَجَازِيًّا، لِذَا عَلَيْنَا أَنْ نَقُومَ بِٱخْتِيَارٍ. فَدَعْوَةَ مَنْ نُلَبِّي؟ يَتَوَقَّفُ ٱلْجَوَابُ عَلَى مَشِيئَةِ مَنْ نُرِيدُ أَنْ نَعْمَلَ. فَخِرَافُ يَسُوعَ تَسْمَعُ صَوْتَهُ وَتَتْبَعُهُ. (يو ١٠:١٦، ٢٧) إِنَّهَا «إِلَى جَانِبِ ٱلْحَقِّ». (يو ١٨:٣٧) وَهِيَ «لَا تَعْرِفُ صَوْتَ ٱلْغُرَبَاءِ». (يو ١٠:٥) وَهٰؤُلَاءِ ٱلْأَشْخَاصُ ٱلْمُتَوَاضِعُونَ يَحْصُلُونَ عَلَى ٱلْمَجْدِ. — ام ٣:١٣، ١٦؛ ٨:١، ١٨.
«هِيَ تَعْنِي مَجْدًا لَكُمْ»
١٥ كَيْفَ عَنَتْ ضِيقَاتُ بُولُسَ مَجْدًا لِلْآخَرِينَ؟
١٥ إِنَّ مُوَاظَبَتَنَا عَلَى فِعْلِ مَشِيئَةِ يَهْوَهَ تُسَاعِدُ ٱلْغَيْرَ عَلَى نَيْلِ ٱلْمَجْدِ. كَتَبَ بُولُسُ إِلَى ٱلْجَمَاعَةِ فِي أَفَسُسَ: «أَسْأَلُكُمْ أَلَّا يَفْتُرَ عَزْمُكُمْ بِسَبَبِ ٱلضِّيقَاتِ ٱلَّتِي أُعَانِيهَا لِأَجْلِكُمْ، فَهِيَ تَعْنِي مَجْدًا لَكُمْ». (اف ٣:١٣) فَكَيْفَ عَنَتْ ضِيقَاتُهُ مَجْدًا لِأَهْلِ أَفَسُسَ؟ إِنَّ ٱسْتِعْدَادَ بُولُسَ لِمُوَاصَلَةِ ٱلْكِرَازَةِ لَهُمْ رَغْمَ ٱلْمِحَنِ أَظْهَرَ لَهُمْ أَنَّ ٱمْتِيَازَ ٱلْخِدْمَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ مُهِمٌّ وَلَا يُقَدَّرُ بِثَمَنٍ. فَلَوِ ٱسْتَسْلَمَ بُولُسُ لِلْمِحَنِ، أَفَمَا كَانَ عَنَى ذٰلِكَ أَنَّ عَلَاقَتَهُمْ بِيَهْوَهَ وَرَجَاءَهُمْ وَخِدْمَتَهُمْ هِيَ عَدِيمَةُ ٱلْقِيمَةِ؟ لَقَدْ مَجَّدَ ٱحْتِمَالُ بُولُسَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ وَبَيَّنَ أَنَّ ٱلتَّضْحِيَاتِ فِي سَبِيلِهَا لَا تَذْهَبُ سُدًى.
١٦ أَيُّ ضِيقٍ ٱخْتَبَرَهُ بُولُسُ فِي لِسْتَرَةَ؟
١٦ فَكِّرْ فِي نَتَائِجِ غَيْرَةِ بُولُسَ وَٱحْتِمَالِهِ. تَرْوِي ٱلْأَعْمَال ١٤:١٩، ٢٠: «أَتَى يَهُودٌ مِنْ أَنْطَاكِيَةَ وَإِيقُونِيَةَ وَأَقْنَعُوا ٱلْجُمُوعَ، فَرَجَمُوا بُولُسَ وَجَرُّوهُ إِلَى خَارِجِ ٱلْمَدِينَةِ [لِسْتَرَةَ]، ظَانِّينَ أَنَّهُ مَاتَ. وَلٰكِنْ لَمَّا أَحَاطَ بِهِ ٱلتَّلَامِيذُ، قَامَ وَدَخَلَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ. وَفِي ٱلْغَدِ مَضَى مَعَ بَرْنَابَا إِلَى دِرْبَةَ». تَخَيَّلْ أَنَّهُ تُرِكَ بَيْنَ ٱلْحَيَاةِ وَٱلْمَوْتِ، لٰكِنَّهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي سَافَرَ ١٠٠ كِيلُومِتْرٍ دُونَ وَسِيلَةِ نَقْلٍ حَدِيثَةٍ.
١٧، ١٨ (أ) بِأَيِّ مَعْنًى ‹ٱتَّبَعَ تِيمُوثَاوُسُ بِدِقَّةٍ› مُعَانَاةَ بُولُسَ فِي لِسْتَرَةَ؟ (ب) كَيْفَ أَثَّرَ ٱحْتِمَالُ بُولُسَ فِي تِيمُوثَاوُسَ؟
١٧ فَهَلْ كَانَ تِيمُوثَاوُسُ مِنْ ضِمْنِ «ٱلتَّلَامِيذِ» ٱلَّذِينَ هَبُّوا إِلَى نَجْدَةِ بُولُسَ؟ رُبَّمَا، مَعَ أَنَّ ٱلرِّوَايَةَ فِي سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ لَا تُخْبِرُنَا ذٰلِكَ بِصَرِيحِ ٱلْعِبَارَةِ. تَأَمَّلْ فِي كَلِمَاتِ بُولُسَ فِي رِسَالَتِهِ ٱلثَّانِيَةِ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ: «أَمَّا أَنْتَ فَبِدِقَّةٍ ٱتَّبَعْتَ تَعْلِيمِي، وَمَسْلَكَ حَيَاتِي، . . . مِثْلَ مَا حَدَثَ لِي فِي أَنْطَاكِيَةَ [اَلطَّرْدُ خَارِجَ ٱلْمَدِينَةِ]، وَفِي إِيقُونِيَةَ [مُحَاوَلَةُ ٱلرَّجْمِ]، وَفِي لِسْتَرَةَ [اَلرَّجْمُ]، تِلْكَ ٱلِٱضْطِهَادَاتِ ٱلَّتِي تَحَمَّلْتُهَا، وَلٰكِنْ مِنْ جَمِيعِهَا أَنْقَذَنِي ٱلرَّبُّ». — ٢ تي ٣:١٠، ١١؛ اع ١٣:٥٠؛ ١٤:٥، ١٩.
١٨ لَقَدِ ٱتَّبَعَ ٱلشَّابُّ «بِدِقَّةٍ» هٰذِهِ ٱلْأَحْدَاثَ وَكَانَ مُطَّلِعًا تَمَامًا عَلَى ٱحْتِمَالِ بُولُسَ. وَهٰذَا مَا تَرَكَ أَثَرًا عَظِيمًا فِي نَفْسِهِ. لِذٰلِكَ، عِنْدَمَا زَارَ بُولُسُ لِسْتَرَةَ، وَجَدَهُ مَسِيحِيًّا مِثَالِيًّا «مَشْهُودًا لَهُ مِنَ ٱلْإِخْوَةِ ٱلَّذِينَ فِي لِسْتَرَةَ وَإِيقُونِيَةَ». (اع ١٦:١، ٢) وَمَعَ ٱلْوَقْتِ، تَأَهَّلَ تِيمُوثَاوُسُ لِحَمْلِ مَسْؤُولِيَّاتٍ ثَقِيلَةٍ. — في ٢:١٩، ٢٠؛ ١ تي ١:٣.
١٩ كَيْفَ يُؤَثِّرُ ٱحْتِمَالُنَا فِي ٱلْآخَرِينَ؟
١٩ إِنَّ مُوَاظَبَتَنَا عَلَى فِعْلِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ لَهَا تَأْثِيرٌ مُمَاثِلٌ فِي ٱلْآخَرِينَ، وَخُصُوصًا ٱلْأَصْغَرَ سِنًّا ٱلَّذِينَ يُصْبِحُ كَثِيرُونَ مِنْهُمْ مَسِيحِيِّينَ قَيِّمِينَ جِدًّا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ. فَهُمْ لَا يُرَاقِبُونَنَا وَيَكْتَسِبُونَ ٱلْمَهَارَةَ وَٱلصِّفَاتِ ٱللَّازِمَةَ لِلنَّجَاحِ فِي خِدْمَةِ ٱلْحَقْلِ فَحَسْبُ، بَلْ يَسْتَفِيدُونَ مِنَّا أَيْضًا حِينَ يَرَوْنَ كَيْفَ نُوَاجِهُ مَتَاعِبَ ٱلْحَيَاةِ. لَقَدِ ‹ٱحْتَمِلَ بُولُسُ كُلَّ شَيْءٍ› مِنْ أَجْلِ جَمِيعِ ٱلَّذِينَ يُحَافِظُونَ عَلَى أَمَانَتِهِمْ لِكَيْ «يَحْصُلُوا . . . عَلَى ٱلْخَلَاصِ . . . مَعَ مَجْدٍ أَبَدِيٍّ». — ٢ تي ٢:١٠.
٢٠ لِمَ يَنْبَغِي أَنْ نَسْتَمِرَّ فِي طَلَبِ ٱلْمَجْدِ مِنَ ٱللّٰهِ؟
٢٠ أَلَا يَنْبَغِي لَنَا إِذًا أَنْ نَسْتَمِرَّ فِي طَلَبِ «ٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي مِنَ ٱلْإِلٰهِ ٱلْوَحِيدِ»؟ (يو ٥:٤٤؛ ٧:١٨) بِكُلِّ تَأْكِيدٍ. (اِقْرَأْ روما ٢:٦، ٧.) فَيَهْوَهُ يَهَبُ «ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ لِلَّذِينَ . . . يَطْلُبُونَ ٱلْمَجْدَ». وَنَحْنُ «بِٱلِٱحْتِمَالِ فِي ٱلْعَمَلِ ٱلصَّالِحِ» نُشَجِّعُ ٱلْغَيْرَ عَلَى ٱلثَّبَاتِ وَنَيْلِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ. لِذٰلِكَ لِنُصَمِّمْ أَلَّا نَسْمَحَ لِشَيْءٍ بِإِعَاقَتِنَا عَنْ نَيْلِ ٱلْمَجْدِ مِنَ ٱللّٰهِ.