الفصل الثاني عشر
لا تخف من اشور
١، ٢ (أ) من وجهة نظر بشرية، لماذا بدا ان يونان كان محقا في البداية عندما تردد في قبول تفويض الكرازة للاشوريين؟ (ب) ماذا كان تجاوب اهالي نينوى مع رسالة يونان؟
في اواسط القرن التاسع قبل الميلاد، غامر النبي العبراني يونان بن امتاي في دخول نينوى، عاصمة الامبراطورية الاشورية. فقد كان يحمل رسالة خطيرة، لأن يهوه قال له قبلا: «قم اذهب الى نينوى المدينة العظيمة ونادِ عليها لأنه قد صعد شرهم امامي». — يونان ١:٢، ٣ .
٢ عندما تلقى يونان تفويضه، هرب في البداية في الاتجاه المعاكس، نحو ترشيش. ومن وجهة نظرٍ بشرية، بدا ان يونان كان محقا في إحجامه. فالاشوريون شعب متوحش. لاحظوا كيف عامل حاكم اشوري اعداءه: «بترتُ اطراف العرفاء . . . وأسرى كثيرين بينهم احرقتُ بالنار، وكثيرون اخذتُهم اسرى احياء. وبترتُ ايدي وأصابع بعضهم، والبعض الآخر جدعتُ انوفهم». ومع ذلك، عندما سلّم يونان اخيرا رسالة يهوه، تاب اهالي نينوى عن خطاياهم وصفح يهوه عن المدينة في ذلك الوقت. — يونان ٣:٣-١٠؛ متى ١٢:٤١ .
يهوه يرفع ‹العصا›
٣ كيف يختلف تجاوب الاسرائيليين مع تحذيرات انبياء يهوه عن تجاوب اهالي نينوى؟
٣ فهل يُظهر الاسرائيليون هذا التجاوب، هؤلاء الذين كرز لهم يونان ايضا؟ (٢ ملوك ١٤:٢٥) كلا. فهم يديرون ظهورهم للعبادة النقية. ويصل بهم الامر الى حد ‹السجود لجميع جند السماء وعبادة البعل›. وفوق ذلك كله، «عبَّروا بنيهم وبناتهم في النار وعرفوا عرافة وتفاءلوا وباعوا انفسهم لعمل الشر في عيني الرب لإغاظته». (٢ ملوك ١٧:١٦، ١٧) فبخلاف اهالي نينوى، لا تتجاوب اسرائيل عندما يرسل يهوه انبياء لتحذيرهم. لذلك يصمِّم يهوه على اتخاذ اجراءات اقسى.
٤، ٥ (أ) مَن سيستخدم يهوه ك «عصا»، وكيف؟ (ب) متى تسقط السامرة؟
٤ طوال فترة من الوقت بعد زيارة يونان لنينوى، تتراجع نشاطات الاشوريين العدوانية.a ولكن عند بداية القرن الثامن قبل الميلاد، يفرض اشور من جديد نفسه كقوة عسكرية، ويستخدمه يهوه بطريقة مدهشة. ينقل النبي اشعيا تحذيرا من يهوه لمملكة اسرائيل الشمالية يقول فيه: «اه اشور عصا غضبي والمنسأة بأيديهم هي سخطي، سأبعثه الى امة منافقة وعلى قومِ غضبي اوكّله ليأخذ السلب وينهب الغنيمة ويطأهم كوحل الاسواق». — اشعيا ١٠:٥، ٦، شد.
٥ يا له من اذلال للاسرائيليين! فاللّٰه يستخدم امة وثنية — «اشور» — ك «عصا» لتأديبهم. ففي سنة ٧٤٢ قم يحاصر الملك الاشوري شلمنأسر الخامس السامرة، عاصمة امة اسرائيل المرتدة. ومن موقعها الاستراتيجي على تلة تعلو نحو ٩٠ مترا، تصدّ السامرة العدو طوال ثلاث سنوات تقريبا. ولكن لا تستطيع اية استراتيجية بشرية ان تعيق قصد اللّٰه. ففي سنة ٧٤٠ قم، تسقط السامرة تحت وطء اقدام الاشوريين. — ٢ ملوك ١٨:١٠ .
٦ بأية طريقة يتجاوز اشور ما يفكر فيه يهوه له؟
٦ مع ان يهوه يستخدم الاشوريين ليعلّم شعبه درسا، لا يعترف الاشوريون بيهوه. لهذا السبب يمضي قائلا: «مع انه [اشور] ليس هكذا فإن له مَيْلا؛ ومع ان قلبه ليس هكذا فإنه يخطّط، ففي قلبه ان يبيد وأن يقطع امما ليست بقليلة». (اشعيا ١٠:٧، عج) يقصد يهوه ان يكون اشور اداة في يده. لكنَّ اشور له ميل الى امر آخر. فقلبه يحثه على التخطيط لشيء اعظم: اجتياح العالم المعروف آنذاك!
٧ (أ) اشرحوا عبارة: «أليس امرائي جميعهم ملوكا؟». (ب) بمَ ينبغي ان يتَّعظ مَن يتركون يهوه اليوم؟
٧ كان الكثير من المدن غير الاسرائيلية التي احتلها الاشوريون يحكمها ملك. ووجب على هؤلاء الملوك السابقين ان يخضعوا لملك اشور كأمراء تابعين له، لذلك يمكنه ان يتباهى بالقول: «أليس امرائي جميعهم ملوكا؟». (اشعيا ١٠:٨، يج) وقد عجزت الآلهة الباطلة التي تُعبد في كبرى مدن الامم عن انقاذ عبدتها من الدمار. ولن تنجح الآلهة التي يعبدها سكان السامرة، مثل بعل ومولك والعجلين الذهبيين، في حماية هذه المدينة. ولا يحق للسامرة التي تركت يهوه ان تتوقع منه التدخل. فليتَّعظ كل مَن يتركون يهوه اليوم بمصير السامرة! فأشور يتباهى بشأن السامرة والمدن الاخرى التي احتلها: «أليست كلنو مثل كركميش. أليست حماة مثل ارفاد. أليست السامرة مثل دمشق». (اشعياء ١٠:٩) فلا فرق بينها جميعا في نظر اشور، انها غنيمة يأتي ليأخذها.
٨، ٩ لماذا يكون اشور قد تمادى كثيرا عندما يفكر في اجتياح اورشليم؟
٨ لكنَّ اشور يتمادى كثيرا في تباهيه. يقول: «كما اصابت يدي ممالك الاوثان وأصنامها المنحوتة هي اكثر من التي لأورشليم وللسامرة أفليس كما صنعت بالسامرة وبأوثانها اصنع بأورشليم وأصنامها». (اشعياء ١٠:١٠، ١١) كانت الممالك التي هزمها اشور تضمّ اصناما اكثر بكثير من اورشليم او حتى السامرة. فيقول في نفسه: ‹ماذا يمنعني من ان افعل بأورشليم ما فعلته بالسامرة؟›.
٩ يا له من متبجِّح! فلن يسمح له يهوه باحتلال اورشليم. صحيح ان سجل يهوذا ليس ناصع البياض من جهة دعم العبادة الحقة. (٢ ملوك ١٦:٧-٩؛ ٢ أخبار الايام ٢٨:٢٤) وقد حذَّر يهوه من ان يهوذا ستعاني الكثير خلال الاجتياح الاشوري بسبب عدم امانتها. لكنَّ اورشليم ستنجو. (اشعياء ١:٧، ٨) وعندما يقع الاجتياح الاشوري، يكون حزقيا ملكا في اورشليم. وليس حزقيا كأبيه آحاز. ففي اول شهر من مُلكه، اعاد فتح ابواب الهيكل وردّ العبادة النقية. — ٢ أخبار الايام ٢٩:٣-٥ .
١٠ بماذا يعد يهوه بشأن اشور؟
١٠ اذًا يهوه ليس راضيا عن الهجوم الذي ينوي اشور شنَّه على اورشليم. ويعد يهوه بمعاقبة هذه القوة العالمية المتعظمة: «فيكون متى اكمل السيد كل عمله بجبل صهيون وبأورشليم اني اعاقب ثمر عظمة قلب ملك اشور وفخر رفعة عينيه». — اشعياء ١٠:١٢ .
الزحف نحو يهوذا وأورشليم
١١ لماذا يظن اشور ان اورشليم ستكون فريسة سهلة؟
١١ بعد ثماني سنوات من سقوط المملكة الشمالية سنة ٧٤٠ قم، يزحف حاكم اشوري جديد يدعى سنحاريب الى اورشليم. ويصف اشعيا شعريا خطة سنحاريب التبجُّحية قائلا: «نقلتُ تخوم شعوب ونهبت ذخائرهم وحططت الملوك كبطل. فأصابت يدي ثروة الشعوب كعش وكما يُجمع بيض مهجور جمعت انا كل الارض ولم يكن مرفرف جناح ولا فاتح فم ولا مصفصف». (اشعياء ١٠:١٣، ١٤) فسنحاريب يقول في نفسه ان مدنا اخرى سقطت، ولم تعد السامرة موجودة؛ لذلك ستكون اورشليم فريسة سهلة! صحيح ان المدينة قد تُبدي مقاومة ضعيفة، لكنَّ سكانها سيُخضَعون سريعا دون صوت تقريبا، وستؤخذ ثروتهم كما يؤخذ البيض من عش مهجور.
١٢ ما هي النظرة الصحيحة الى تفاخرات اشور كما يُظهرها يهوه؟
١٢ ولكن ثمة شيء ينساه سنحاريب. لقد كانت السامرة تستحق العقاب الذي أُنزل بها. أما اورشليم في ايام الملك حزقيا، فصارت من جديد معقل العبادة النقية. وكل مَن يمسّ اورشليم سيضطر الى مواجهة يهوه! يسأل اشعيا بسخط: «هل تفتخر الفأس على القاطع بها او يتكبر المنشار على مردِّده. كأن القضيب يحرك رافعه. كأن العصا ترفع مَن ليس هو عودا». (اشعياء ١٠:١٥) ان الامبراطورية الاشورية هي مجرد اداة في يد يهوه يستخدمها كما يستعمل الحطّاب الفأس او ناشر الخشب المنشار او الراعي القضيب والعصا. فكيف تجرؤ العصا ان تتعظم على مستخدمها؟!
١٣ حدِّدوا هوية ومصير (أ) ‹السِّمان›. (ب) ‹الحسك والشوك›. (ج) «مجد وعره».
١٣ وماذا سيحدث لأشور؟ «يرسل السيد سيد الجنود على سِمانه هُزالا ويوقد تحت مجده وقيدا كوقيد النار. ويصير نور اسرائيل نارا وقدوسه لهيبا فيحرق ويأكل حسكه وشوكه في يوم واحد ويفني مجد وعره وبستانه النفس والجسد جميعا. فيكون كذوبان المريض. وبقية اشجار وعره تكون قليلة حتى يكتبها صبي». (اشعياء ١٠:١٦-١٩) نعم، سيبري يهوه «عصا» اشور المتعاظمة! و «سِمان» جيش اشور، جنوده الاشداء، سيصيبهم «هُزال». فلن تبدو عليهم مظاهر القوة! وكالحسك والشوك الكثير، سيحرق نور اسرائيل، يهوه اللّٰه، قوات اشور البرية. وستحلّ نهاية «مجد وعره»، اي ضباطه العسكريين. وبعد ان ينتهي يهوه من اشور، سيبقى ضباط قليلون جدا حتى ان صبيا صغيرا سيتمكن من عدِّهم على اصابعه! — انظروا ايضا اشعياء ١٠:٣٣، ٣٤ .
١٤ صفوا تقدُّم اشور على ارض يهوذا بحلول سنة ٧٣٢ قم.
١٤ ومع ذلك، لا بد ان اليهود العائشين في اورشليم سنة ٧٣٢ قم يستصعبون تصديق فكرة هزم الاشوريين. فالجيش الاشوري الكبير يتقدم بقوة. انظروا الى قائمة مدن يهوذا التي سقطت: «قد جاء الى عياث . . . مجرون . . . مخماش . . . جبع . . . الرامة . . . جبعة شاول . . . جليم . . . ليشة . . . عناثوث . . . مدمينة . . . جيبيم . . . نوب». (اشعياء ١٠:٢٨-٣٢ أ)b وفي النهاية يبلغ الغزاة لخيش، على بُعد ٥٠ كيلومترا فقط من اورشليم. ولا يمضي وقت طويل حتى يهدِّد جيش اشوري ضخم المدينة. «يهز يده على جبل بنت صهيون اكمة اورشليم». (اشعياء ١٠:٣٢ ب) فماذا يمكن ان يوقف اشور؟
١٥، ١٦ (أ) لماذا يحتاج الملك حزقيا الى ايمان قوي؟ (ب) ما هو اساس ايمان حزقيا بأن يهوه سيساعده؟
١٥ ينتاب القلق الملك حزقيا وهو في قصره في المدينة. فيمزِّق ثيابه ويتغطى بمسح. (اشعياء ٣٧:١) ويرسل رجالا الى النبي اشعيا ليسأل يهوه من اجل يهوذا. فيعودون بعد وقت قصير حاملين جواب يهوه: «لا تخف . . . [سوف] احامي عن هذه المدينة». (اشعياء ٣٧:٦، ٣٥) لكنَّ الاشوريين يتوعَّدون ولهم ملء الثقة بأنفسهم.
١٦ ان الايمان هو ما سيدعم الملك حزقيا خلال هذه الازمة. والايمان هو «البرهان الجلي على حقائق لا تُرى». (عبرانيين ١١:١) انه يشمل النظر الى ابعد من الامور الواضحة للعيان. لكنَّ الايمان يُبنى على المعرفة. وعلى الارجح يتذكر حزقيا ان يهوه تفوَّه قبلا بهذه الكلمات: «لا تخف من اشور يا شعبي الساكن في صهيون . . . لأنه بعد قليل جدا يتم السخط وغضبي في ابادتهم. ويقيم عليه رب الجنود سوطا كضربة مديان عند صخرة غراب وعصاه على البحر ويرفعها على اسلوب مصر». (اشعياء ١٠:٢٤-٢٦)c نعم، سبق ان مرَّ شعب اللّٰه بظروف صعبة. فقد كان الجيش المصري عند البحر الاحمر اقوى بكثير من اسلاف حزقيا. وقبل قرون، عندما اجتاح مديان وعماليق اسرائيل، كان جيشهما يفوق كثيرا جيش جدعون عددا. لكنَّ يهوه انقذ شعبه في هاتين المناسبتين. — خروج ١٤:٧-٩، ١٣، ٢٨؛ قضاة ٦:٣٣؛ ٧:٢١، ٢٢ .
١٧ كيف «يَتلَف» نير اشور، ولماذا؟
١٧ وهل يعيد يهوه ما فعله في هاتين المناسبتين السابقتين؟ نعم. يعد يهوه: «يكون في ذلك اليوم ان حمله يزول عن كتفك ونيره عن عنقك ويَتلَف النير بسبب السمانة [«الدهن»، يج]». (اشعياء ١٠:٢٧) فسيُرفع النير الاشوري عن كتف وعنق شعب عهد اللّٰه. و ‹سيَتلَف› النير اشد تلف! ففي ليلة واحدة، يقتل ملاك يهوه ٠٠٠,١٨٥ جندي من الاشوريين. ويزول الخطر، ويغادر الاشوريون ارض يهوذا الى الابد. (٢ ملوك ١٩:٣٥، ٣٦) ولماذا؟ ‹بسبب الدهن›. قد يشير ذلك الى الدهن المستعمل لمسح حزقيا ملكا في سلالة داود. وهكذا يتمم يهوه وعده: «احامي عن هذه المدينة لأخلصها من اجل نفسي ومن اجل داود عبدي». — ٢ ملوك ١٩:٣٤ .
١٨ (أ) هل لنبوة اشعيا اكثر من اتمام واحد؟ اوضحوا. (ب) اية هيئة اليوم تماثل السامرة القديمة؟
١٨ ان الرواية المسجلة في هذا الاصحاح من سفر اشعياء لها علاقة بأحداث وقعت في يهوذا قبل اكثر من ٧٠٠,٢ سنة. لكنَّ هذه الاحداث لها ارتباط وثيق جدا بأيامنا. (روما ١٥:٤) هل يعني ذلك ان الممثِّلين الرئيسيين في هذه الرواية المثيرة — سكان السامرة وأورشليم وكذلك الاشوريين — لهم مَن يناظرهم اليوم؟ نعم. فكالسامرة الصنمية، يدّعي العالم المسيحي انه يعبد يهوه، لكنَّ ارتداده ممتد حتى الصميم. وفي بحث في تطوُّر العقيدة المسيحية (بالانكليزية)، يعترف الكردينال الكاثوليكي جون هنري نيومان ان الاشياء التي يستعملها العالم المسيحي لقرون، كالبخور والشموع والماء المقدس واللباس الكهنوتي والصور والتماثيل، «جميعها من اصل وثني». فيهوه لا يسرُّ بعبادة العالم المسيحي الملطخة بالوثنية كما لم تسرَّه صنمية السامرة.
١٩ ممَّ يحذَّر العالم المسيحي، ومَن يحذِّره؟
١٩ يحذِّر شهود يهوه طوال سنوات العالم المسيحي من عدم حيازة رضى يهوه. ففي سنة ١٩٥٥، مثلا، أُلقيت حول العالم محاضرة عامة بعنوان «العالم المسيحي أم المسيحية — ايهما ‹نور العالم›؟». وأوضح الخطاب بأسلوب حي كيف ضلّ العالم المسيحي عن العقيدة والممارسة المسيحية الحقة. وبعد ذلك أُرسلت في البريد نسخ من هذه المحاضرة الشديدة اللهجة الى رجال الدين في بلدان كثيرة. ولم يسمع العالم المسيحي كهيئة للتحذير. فلا يبقى امام يهوه إلا ان يؤدبه ‹بعصا›.
٢٠ (أ) مَن سيكون اشور العصري، وكيف سيُستخدم كعصا؟ (ب) الى ايّ حد سيؤدَّب العالم المسيحي؟
٢٠ ومَن سيستخدم يهوه ليؤدب العالم المسيحي المتمرِّد؟ نجد الجواب في الاصحاح ال ١٧ من سفر الكشف. فهناك يؤتى على ذكر عاهرة تدعى «بابل العظيمة» تمثِّل كل اديان العالم الباطلة، بما فيها العالم المسيحي. والعاهرة جالسة على وحش قرمزي اللون له سبعة رؤوس وعشرة قرون. (كشف ١٧:٣، ٥، ٧-١٢) ويمثِّل الوحش هيئة الامم المتحدة.d وكما ان اشور قديما دمر السامرة، كذلك فإن الوحش القرمزي اللون ‹سيبغض العاهرة ويجعلها خربة وعريانة، ويأكل لحومها ويحرقها كاملا بنار›. (كشف ١٧:١٦) وهكذا سيوجِّه اشور العصري (الدول المنتسبة الى الامم المتحدة) ضربة قوية الى العالم المسيحي ويزيله من الوجود.
٢١، ٢٢ مَن سيحث الوحش على مهاجمة شعب اللّٰه؟
٢١ وهل يفنى شهود يهوه الامناء مع بابل العظيمة؟ كلا. فيهوه ليس مستاء منهم. والعبادة النقية ستبقى. لكنَّ الوحش الذي يدمِّر بابل العظيمة سيلقي نظرة ملؤها الجشع على شعب يهوه. وبذلك لا ينفِّذ الوحش فكر يهوه بل فكر كائن آخر. مَن؟ الشيطان ابليس.
٢٢ يكشف يهوه خطة الشيطان التبجُّحية: «يكون في ذلك اليوم ان امورا تخطر ببالك [الشيطان] فتفكر فكرا رديئا وتقول اني . . . آتي الهادئين الساكنين في امن كلهم ساكنون بغير سور [يحميهم] . . . لسلب السَّلَب ولغُنم الغنيمة». (حزقيال ٣٨:١٠-١٢) فسيقول الشيطان في نفسه: ‹نعم، لمَ لا احرِّض الامم على مهاجمة شهود يهوه؟ فهم ضعفاء، لا حماية لهم، ولا يتمتعون بنفوذ سياسي. ولن يُبدوا اية مقاومة. فكم سيكون سهلا اقتلاعهم كما يؤخذ البيض من عش غير محميّ!›.
٢٣ لماذا لن يتمكن اشور العصري من ان يفعل بشعب اللّٰه ما يفعله بالعالم المسيحي؟
٢٣ ولكن حذارِ ايها الامم! واعرفوا انه اذا مسستم شعب يهوه، فستضطرون الى مواجهة اللّٰه نفسه! فيهوه يحب شعبه، وسيحارب عنهم كما حارب عن اورشليم في ايام حزقيا. وعندما يحاول اشور العصري ابادة خدام يهوه، سيجد نفسه يحارب يهوه اللّٰه والحمل يسوع المسيح. انها معركة لا يمكن ان ينتصر اشور فيها. فكما يقول الكتاب المقدس، «الحمل يغلبهم لأنه رب الارباب وملك الملوك». (كشف ١٧:١٤؛ قارنوا متى ٢٥:٤٠ .) وكأشور قديما، سيمضي الوحش القرمزي اللون «الى الهلاك». ولن يخاف منه احد في ما بعد. — كشف ١٧:١١ .
٢٤ (أ) ماذا يصمِّم المسيحيون الحقيقيون على فعله استعدادا للمستقبل؟ (ب) كيف ينظر اشعيا الى مستقبل ابعد؟ (انظروا الاطار في الصفحة ١٥٥ .)
٢٤ بإمكان المسيحيين الحقيقيين ان يواجهوا المستقبل دون خوف اذا حافظوا على علاقة متينة بيهوه وإذا كان فعل مشيئته اهتمامهم الرئيسي في الحياة. (متى ٦:٣٣) وعندئذ ‹لن يخافوا شرًّا›. (مزمور ٢٣:٤) وسيرون بأعين الايمان ذراع اللّٰه الجبارة وهي ترتفع، لا لمعاقبتهم، بل لحمايتهم من اعدائه. وستسمع آذانهم هذه الكلمات المطمْئِنة: ‹لا تخافوا›. — اشعياء ١٠:٢٤ .
[الحواشي]
a انظروا بصيرة في الاسفار المقدسة (بالانكليزية)، المجلد ١، الصفحة ٢٠٣ .
b توخِّيًا للوضوح، تناقَش اشعياء ١٠:٢٨-٣٢ قبل اشعياء ١٠:٢٠-٢٧ .
c لمناقشة اشعياء ١٠:٢٠-٢٣، انظروا «اشعيا ينظر الى مستقبل ابعد» في الصفحة ١٥٥ .
d توجد معلومات اضافية عن هوية العاهرة والوحش القرمزي اللون في الفصلين ٣٤ و ٣٥ من كتاب الرؤيا — ذروتها العظمى قريبة!، اصدار جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.
[الاطار/الصورتان في الصفحتين ١٥٥ و ١٥٦]
اشعيا ينظر الى مستقبل ابعد
يركّز الاصحاح العاشر من سفر اشعياء بشكل رئيسي على الطريقة التي يستخدم بها يهوه الاجتياح الاشوري لتنفيذ احكامه في اسرائيل، وأيضا على وعده بحماية اورشليم. وبما ان الاعداد ٢٠ الى ٢٣ موجودة في منتصف هذه النبوة، يمكن القول ان لها اتماما عاما خلال الفترة نفسها. (قارنوا اشعياء ١:٧-٩ .) لكنَّ اسلوب التعبير يشير الى ان هذه الاعداد تنطبق بشكل اخصّ على الفترات اللاحقة التي فيها لزم ان تتحمل اورشليم هي ايضا المسؤولية عن خطايا سكانها.
يحاول الملك آحاز ان يحقِّق الامن بطلب مساعدة اشور. فينبئ النبي اشعيا انه في وقت ما في المستقبل، لن يتبع الناجون من بيت اسرائيل هذا المسلك الاحمق من جديد. وتقول اشعياء ١٠:٢٠ انهم سوف «يتوكلون على الرب قدوس اسرائيل بالحق». لكنَّ العدد ٢١ يُظهر ان عددا صغيرا فقط سيفعل ذلك: «ترجع البقية». ويذكّرنا ذلك بابن اشعيا، شآرياشوب، الذي هو آية في اسرائيل واسمه يعني «بقية ترجع». (اشعياء ٧:٣) ويحذِّر العدد ٢٢ من الاصحاح ١٠ من «فناء» قُضي به. وسيكون هذا الفناء بارًّا لأنه عقاب عادل على شعب متمرِّد. وبسبب ذلك سترجع بقية فقط من امة كانت كثيفة السكان «كرمل البحر». ويحذِّر العدد ٢٣ قائلا ان الفناء القادم سيؤثر في كل الارض هناك. فلن تُستثنى اورشليم هذه المرة.
تصف هذه الاعداد جيدا ما حدث سنة ٦٠٧ قم عندما استخدم يهوه الامبراطورية البابلية ك «عصا» له. فكل الارض، بما في ذلك اورشليم، سقطت امام الغازي. وأُخذ اليهود اسرى الى بابل حيث بقوا ٧٠ سنة. ولكن بعد ذلك، رجع البعض — «بقية» — لإعادة تأسيس العبادة النقية في اورشليم.
كان للنبوة في اشعياء ١٠:٢٠-٢٣ اتمام آخر في القرن الاول، كما يَظهر في روما ٩:٢٧، ٢٨ . (قارنوا اشعياء ١:٩؛ روما ٩:٢٩ .) يُظهر بولس انه بمعنى روحي ‹رجعت بقية› من اليهود الى يهوه في القرن الاول بعد الميلاد، اذ ان عددا صغيرا من اليهود الامناء صاروا من أتباع يسوع المسيح وأخذوا يعبدون يهوه «بالروح والحق». (يوحنا ٤:٢٤) وانضم اليهم لاحقا الامميون المؤمنون، وبذلك صاروا يشكّلون امة روحية، «اسرائيل اللّٰه». (غلاطية ٦:١٦) وفي هذه المناسبة تمَّت كلمات اشعياء ١٠:٢٠: ‹لم تعد› امةٌ منتذرة ليهوه تحيد عنه وتتوكل على مصادر بشرية.
[الصورة في الصفحة ١٤٧]
يظن سنحاريب ان جمع الامم سهل كجمع بيض من عش