«اَلشَّعْبُ ٱلَّذِي إِلٰهُهُ يَهْوَهُ»
«سَعِيدٌ هُوَ ٱلشَّعْبُ ٱلَّذِي إِلٰهُهُ يَهْوَهُ!». — مز ١٤٤:١٥.
١ مَاذَا يَعْتَقِدُ ٱلْبَعْضُ بِشَأْنِ ٱلَّذِينَ يَعْبُدُونَ ٱللّٰهَ؟
يَعْتَرِفُ كَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ أَنَّ أَدْيَانَ ٱلْعَالَمِ ٱلرَّئِيسِيَّةَ قَلَّمَا تَنْفَعُ ٱلْبَشَرِيَّةَ. وَيُوَافِقُ ٱلْبَعْضُ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْأَدْيَانَ لَا تُرْضِي ٱللّٰهَ لِأَنَّهَا تُشَوِّهُ صُورَتَهُ بِتَعَالِيمِهَا وَأَفْعَالِهَا. إِلَّا أَنَّهُمْ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ كُلَّ ٱلْأَدْيَانِ فِيهَا أُنَاسٌ صَالِحُونَ وَأَنَّ ٱللّٰهَ يَقْبَلُ هٰؤُلَاءِ وَيَعْتَبِرُهُمْ عُبَّادًا لَهُ. وَلَا يَرَوْنَ حَاجَةً إِلَى أَنْ يَعْبُدُوا ٱللّٰهَ كَشَعْبٍ مُنْفَصِلٍ عَنِ ٱلْأَدْيَانِ ٱلْبَاطِلَةِ. وَلٰكِنْ هَلْ يَنْسَجِمُ ذٰلِكَ مَعَ تَفْكِيرِ ٱللّٰهِ؟ لِنَرَ ٱلْجَوَابَ بِمُرَاجَعَةِ مَا يَقُولُهُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنْ عُبَّادِ يَهْوَهَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ عَلَى مَرِّ ٱلتَّارِيخِ.
شَعْبٌ يَدْخُلُ فِي عَهْدٍ مَعَ يَهْوَهَ
٢ مَنْ صَارُوا مَعَ ٱلْوَقْتِ شَعْبَ يَهْوَهَ، وَمَا ٱلَّذِي مَيَّزَهُمْ عَنْ بَاقِي ٱلشُّعُوبِ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ.)
٢ مُنْذُ ٠٠٠,٤ سَنَةٍ تَقْرِيبًا، ٱخْتَارَ يَهْوَهُ لِنَفْسِهِ شَعْبًا مُنْفَصِلًا عَنْ بَاقِي ٱلشُّعُوبِ. فَإِبْرَاهِيمُ ٱلْمَدْعُوُّ «أَبًا لِجَمِيعِ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ» كَانَ رَأْسَ عَائِلَةٍ كَبِيرَةٍ فِيهَا مِئَاتُ ٱلْخَدَمِ. (رو ٤:١١؛ تك ١٤:١٤) وَٱعْتَبَرَهُ رُؤَسَاءُ كَنْعَانَ ‹زَعِيمًا مِنَ ٱللّٰهِ› وَعَامَلُوهُ بِٱحْتِرَامٍ. (تك ٢١:٢٢؛ ٢٣:٦) وَقَدْ قَطَعَ يَهْوَهُ عَهْدًا مَعَهُ هُوَ وَنَسْلِهِ. (تك ١٧:١، ٢، ١٩) قَالَ لَهُ ٱللّٰهُ: «هٰذَا هُوَ عَهْدِي ٱلَّذِي تَحْفَظُونَهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ نَسْلِكَ مِنْ بَعْدِكَ: يُخْتَنُ كُلُّ ذَكَرٍ مِنْكُمْ. . . . وَيَكُونُ ذٰلِكَ عَلَامَةَ ٱلْعَهْدِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ». (تك ١٧:١٠، ١١) فَخُتِنَ إِبْرَاهِيمُ وَكُلُّ ٱلذُّكُورِ فِي بَيْتِهِ. (تك ١٧:٢٤-٢٧) وَكَانَ ٱلْخِتَانُ عَلَامَةً تُمَيِّزُ ٱلْمُتَحَدِّرِينَ مِنْهُ بِصِفَتِهِمِ ٱلشَّعْبَ ٱلْوَحِيدَ ٱلَّذِي تَرْبِطُهُ عَلَاقَةٌ خُصُوصِيَّةٌ بِيَهْوَهَ.
٣ كَيْفَ صَارَ ٱلْمُتَحَدِّرُونَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ شَعْبًا؟
٣ كَانَ حَفِيدُ إِبْرَاهِيمَ هُوَ يَعْقُوبَ، ٱلْمَدْعُوَّ أَيْضًا إِسْرَائِيلَ. وَقَدْ وَلَدَ ١٢ ٱبْنًا. (تك ٣٥:١٠، ٢٢ب-٢٦) وَمَعَ ٱلْوَقْتِ، أَصْبَحَ هٰؤُلَاءِ آبَاءَ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ. (اع ٧:٨) وَعِنْدَمَا حَدَثَتْ مَجَاعَةٌ فِي ٱلْأَرْضِ، ٱلْتَجَأَ يَعْقُوبُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ إِلَى مِصْرَ حَيْثُ كَانَ ٱبْنُهُ يُوسُفُ قَدْ أَصْبَحَ يَدَ فِرْعَوْنَ ٱلْيُمْنَى وَٱلْمَسْؤُولَ عَنِ ٱلْأَغْذِيَةِ. (تك ٤١:٣٩-٤١؛ ٤٢:٦) وَهُنَاكَ، نَمَا ٱلْمُتَحَدِّرُونَ مِنْ يَعْقُوبَ وَتَكَاثَرُوا جِدًّا. — تك ٤٨:٤؛ اقرإ الاعمال ٧:١٧.
شَعْبٌ يَفْدِيهِ ٱللّٰهُ
٤ كَيْفَ كَانَتِ ٱلْعَلَاقَةُ فِي ٱلْبِدَايَةِ بَيْنَ ٱلْمِصْرِيِّينَ وَٱلْمُتَحَدِّرِينَ مِنْ يَعْقُوبَ؟
٤ بَقِيَ ٱلْمُتَحَدِّرُونَ مِنْ يَعْقُوبَ فِي مِصْرَ أَكْثَرَ مِنْ قَرْنَيْنِ، وَسَكَنُوا فِي أَرْضِ جَاسَانَ ٱلْوَاقِعَةِ فِي دِلْتَا ٱلنِّيلِ. (تك ٤٥:٩، ١٠) وَيَبْدُو أَنَّ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ تَعَايَشُوا بِسَلَامٍ مَعَ ٱلْمِصْرِيِّينَ نِصْفَ تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ تَقْرِيبًا، فَسَكَنُوا فِي قُرًى صَغِيرَةٍ وَرَعَوُا ٱلْغَنَمَ وَٱلْبَقَرَ. وَقَدْ لَقُوا تَرْحِيبًا حَارًّا مِنْ فِرْعَوْنَ ٱلَّذِي عَرَفَ يُوسُفَ وَقَدَّرَهُ حَقَّ ٱلتَّقْدِيرِ. (تك ٤٧:١-٦) أَمَّا ٱلشَّعْبُ ٱلْمِصْرِيُّ فَكَانُوا يَكْرَهُونَ رُعَاةَ ٱلْغَنَمِ. (تك ٤٦:٣١-٣٤) وَلٰكِنَّهُمْ سَمَحُوا لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ بِٱلْإِقَامَةِ هُنَاكَ إِطَاعَةً لِأَمْرِ فِرْعَوْنَ.
٥، ٦ (أ) كَيْفَ تَغَيَّرَتْ حَالَةُ شَعْبِ ٱللّٰهِ فِي مِصْرَ تَغَيُّرًا جَذْرِيًّا؟ (ب) كَيْفَ أُنْقِذَ مُوسَى مِنَ ٱلْمَوْتِ، وَمَاذَا فَعَلَ يَهْوَهُ مِنْ أَجْلِ كُلِّ شَعْبِهِ؟
٥ إِلَّا أَنَّ حَالَةَ شَعْبِ ٱللّٰهِ تَغَيَّرَتْ تَغَيُّرًا جَذْرِيًّا. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَقُولُ: «قَامَ عَلَى مِصْرَ مَلِكٌ جَدِيدٌ لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ يُوسُفَ. فَقَالَ لِشَعْبِهِ: ‹هَا إِنَّ شَعْبَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرُ وَأَعْظَمُ مِنَّا›. فَٱسْتَعْبَدَ ٱلْمِصْرِيُّونَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِٱسْتِبْدَادٍ. وَمَرَّرُوا حَيَاتَهُمْ بِعُبُودِيَّةٍ قَاسِيَةٍ فِي ٱلْمِلَاطِ وَٱللِّبْنِ وَفِي كُلِّ عُبُودِيَّةٍ فِي ٱلْحَقْلِ، كُلِّ عُبُودِيَّتِهِمِ ٱلَّتِي ٱسْتَعْبَدُوهُمْ بِهَا بِٱسْتِبْدَادٍ». — خر ١:٨، ٩، ١٣، ١٤.
٦ وَلَمْ يَكْتَفِ فِرْعَوْنُ بِٱسْتِعْبَادِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ، بَلْ أَمَرَ أَيْضًا بِقَتْلِ كُلِّ ٱلْأَطْفَالِ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ ٱلذُّكُورِ عِنْدَ وِلَادَتِهِمْ. (خر ١:١٥، ١٦) فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ، وُلِدَ مُوسَى. وَحِينَ كَانَ عُمْرُهُ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، خَبَّأَتْهُ أُمُّهُ يُوكَابَدُ بَيْنَ ٱلْقَصَبِ عَلَى ضَفَّةِ نَهْرِ ٱلنِّيلِ. فَعَثَرَتْ عَلَيْهِ ٱبْنَةُ فِرْعَوْنَ وَتَبَنَّتْهُ. وَلٰكِنْ، بِعِنَايَةٍ إِلٰهِيَّةٍ، تَرَبَّى مُوسَى تَحْتَ رِعَايَةِ أُمِّهِ ٱلتَّقِيَّةِ، وَأَصْبَحَ خَادِمًا وَلِيًّا لِيَهْوَهَ. (خر ٢:١-١٠؛ عب ١١:٢٣-٢٥) وَحِينَ رَأَى ٱللّٰهُ مُعَانَاةَ شَعْبِهِ، «ٱهْتَمَّ . . . لِأَمْرِهِمْ» وَقَرَّرَ أَنْ يُخَلِّصَهُمْ عَلَى يَدِ مُوسَى مِنْ نِيرِ مُضَايِقِيهِمْ. (خر ٢:٢٤، ٢٥؛ ٣:٩، ١٠) وَبِهٰذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ، كَانَ يَهْوَهُ ‹سَيَفْدِي›، أَوْ يُنْقِذُ، شَعْبَهُ إِسْرَائِيلَ. — خر ١٥:١٣؛ اقرإ التثنية ١٥:١٥.
شَعْبُ ٱللّٰهِ يُصْبِحُونَ أُمَّةً
٧، ٨ كَيْفَ صَارَ شَعْبُ يَهْوَهَ أُمَّةً مُقَدَّسَةً؟
٧ اِعْتَبَرَ يَهْوَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ شَعْبَهُ حَتَّى قَبْلَ أَنْ يُنَظِّمَهُمْ كَأُمَّةٍ. فَقَدْ أَوْصَى مُوسَى وَهَارُونَ أَنْ يَقُولَا لِفِرْعَوْنَ: «هٰكَذَا يَقُولُ يَهْوَهُ إِلٰهُ إِسْرَائِيلَ: ‹أَطْلِقْ شَعْبِي لِكَيْ يُعَيِّدُوا لِي فِي ٱلْبَرِّيَّةِ›». — خر ٥:١.
٨ لٰكِنَّ فِرْعَوْنَ أَبَى إِطْلَاقَهُمْ. وَلَمْ يَتَحَرَّرْ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ نِيرِ ٱلْمِصْرِيِّينَ ٱلظَّالِمِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ حَلَّتْ بِمِصْرَ عَشْرُ ضَرَبَاتٍ وَغَرِقَ فِرْعَوْنُ وَجَيْشُهُ فِي مِيَاهِ ٱلْبَحْرِ ٱلْأَحْمَرِ. (خر ١٥:١-٤) وَبَعْدَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ، قَطَعَ يَهْوَهُ عَهْدًا مَعَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ عِنْدَ جَبَلِ سِينَاءَ قَائِلًا لَهُمْ: «إِنْ أَطَعْتُمْ قَوْلِي وَحَفِظْتُمْ عَهْدِي، تَكُونُونَ لِي مِلْكًا خَاصًّا مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ ٱلشُّعُوبِ، . . . تَكُونُونَ لِي . . . أُمَّةً مُقَدَّسَةً». — خر ١٩:٥، ٦.
٩، ١٠ (أ) كَيْفَ فَرَزَتِ ٱلشَّرِيعَةُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ عَنْ بَاقِي ٱلشُّعُوبِ بِحَسَبِ ٱلتَّثْنِيَة ٤:٥-٨؟ (ب) مَاذَا وَجَبَ عَلَى ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَنْ يَفْعَلُوا لِيَكُونُوا «شَعْبًا مُقَدَّسًا لِيَهْوَهَ»؟
٩ كَانَ ٱلْعِبْرَانِيُّونَ فِي مِصْرَ، قَبْلَ ٱسْتِعْبَادِهِمْ، مُجْتَمَعًا قَبَلِيًّا يَقُودُهُ رُؤُوسُ ٱلْعَائِلَاتِ أَوِ ٱلْعَشَائِرِ. وَعَلَى غِرَارِ خُدَّامِ يَهْوَهَ ٱلَّذِينَ عَاشُوا قَبْلَهُمْ، لَعِبَ رُؤُوسُ ٱلْعَائِلَاتِ هٰؤُلَاءِ دَوْرَ ٱلْحَاكِمِ وَٱلْقَاضِي وَٱلْكَاهِنِ لِعَشِيرَتِهِمْ. (تك ٨:٢٠؛ ١٨:١٩؛ اي ١:٤، ٥) أَمَّا بَعْدَ تَحْرِيرِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ مِنَ ٱلْعُبُودِيَّةِ، فَأَعْطَاهُمْ يَهْوَهُ شَرِيعَةً تُمَيِّزُهُمْ عَنْ بَاقِي ٱلْأُمَمِ. (اقرإ التثنية ٤:٥-٨؛ مز ١٤٧:١٩، ٢٠.) وَقَدْ فَرَزَتِ ٱلشَّرِيعَةُ رِجَالًا مُهِمَّتُهُمُ ٱلْكَهَنُوتُ، وَأَصْبَحَ ٱلْقَضَاءُ مِنِ ٱخْتِصَاصِ «ٱلشُّيُوخِ» ٱلَّذِينَ ٱحْتَرَمَهُمُ ٱلشَّعْبُ لِخِبْرَتِهِمْ وَحِكْمَتِهِمْ. (تث ٢٥:٧، ٨) وَهٰكَذَا، نَظَّمَتِ ٱلشَّرِيعَةُ ٱلشُّؤُونَ ٱلدِّينِيَّةَ وَٱلِٱجْتِمَاعِيَّةَ لِهٰذِهِ ٱلْأُمَّةِ ٱلْجَدِيدَةِ.
١٠ وَقُبَيْلَ دُخُولِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَرْضَ ٱلْمَوْعِدِ، كَرَّرَ يَهْوَهُ شَرَائِعَهُ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ لَهُمْ مُوسَى: «جَعَلَكَ يَهْوَهُ ٱلْيَوْمَ تَقُولُ إِنَّكَ سَتَكُونُ لَهُ شَعْبًا، مِلْكًا خَاصًّا، كَمَا وَعَدَكَ، وَإِنَّكَ سَتَحْفَظُ جَمِيعَ وَصَايَاهُ، وَسَيَرْفَعُكَ فَوْقَ جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ ٱلْأُخْرَى ٱلَّتِي عَمِلَهَا، وَٱلنَّتِيجَةُ ثَنَاءٌ وَصِيتٌ وَبَهَاءٌ، إِذْ تَكُونُ شَعْبًا مُقَدَّسًا لِيَهْوَهَ إِلٰهِكَ». — تث ٢٦:١٨، ١٩.
اَلْغُرَبَاءُ مُرَحَّبٌ بِهِمْ بَيْنَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ
١١-١٣ (أ) مَنِ ٱنْضَمَّ إِلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ ٱلْمُخْتَارِ؟ (ب) مَاذَا وَجَبَ أَنْ يَفْعَلَ غَيْرُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ إِذَا رَغِبُوا فِي عِبَادَةِ يَهْوَهَ؟
١١ رَغْمَ أَنَّ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ أَصْبَحُوا أُمَّةَ ٱللّٰهِ ٱلْمُخْتَارَةَ، لَمْ يُحَرِّمْ يَهْوَهُ وُجُودَ أَشْخَاصٍ غَيْرِ إِسْرَائِيلِيِّينَ بَيْنَهُمْ. بَلْ سَمَحَ لِجُمْهُورٍ كَثِيرٍ مِنْ غَيْرِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ، بِمَنْ فِيهِمِ ٱلْمِصْرِيُّونَ، أَنْ يُرَافِقُوا شَعْبَهُ وَهُمْ خَارِجُونَ مِنْ مِصْرَ. (خر ١٢:٣٨) وَكَانَ بَيْنَهُمْ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ بَعْضُ «خُدَّامِ فِرْعَوْنَ» ٱلَّذِينَ أَطَاعُوا تَحْذِيرَ مُوسَى مِنَ ٱلضَّرْبَةِ ٱلسَّابِعَةِ. — خر ٩:٢٠.
١٢ وَمُبَاشَرَةً قَبْلَ عُبُورِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلْأُرْدُنَّ لِيَمْتَلِكُوا أَرْضَ كَنْعَانَ، أَوْصَاهُمْ مُوسَى أَنْ ‹يُحِبُّوا ٱلْغَرِيبَ› ٱلسَّاكِنَ فِي وَسْطِهِمْ. (تث ١٠:١٧-١٩) فَكَانَ عَلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ ٱلْمُخْتَارِ أَنْ يَقْبَلُوا فِي مُجْتَمَعِهِمْ أَيَّ غَرِيبٍ يُطِيعُ ٱلشَّرَائِعَ ٱلْأَسَاسِيَّةَ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا مُوسَى. (لا ٢٤:٢٢) وَبَعْضُ ٱلْغُرَبَاءِ ٱلسَّاكِنِينَ فِي إِسْرَائِيلَ آمَنُوا بِيَهْوَهَ، وَشَعَرُوا مِثْلَمَا شَعَرَتِ ٱلْمُوآبِيَّةُ رَاعُوثُ ٱلَّتِي قَالَتْ لِنُعْمِي ٱلْإِسْرَائِيلِيَّةِ: «شَعْبُكِ هُوَ شَعْبِي، وَإِلٰهُكِ هُوَ إِلٰهِي». (را ١:١٦) فَقَدِ ٱهْتَدَى هٰؤُلَاءِ ٱلْغُرَبَاءُ إِلَى عِبَادَةِ يَهْوَهَ وَٱخْتَتَنَ ٱلذُّكُورُ فِيهِمْ. (خر ١٢:٤٨، ٤٩) وَلَا شَكَّ أَنَّ يَهْوَهَ رَحَّبَ بِهِمْ كَجُزْءٍ مِنْ شَعْبِهِ ٱلْمُخْتَارِ. — عد ١٥:١٤، ١٥.
١٣ وَلَاحِقًا، أَكَّدَتْ صَلَاةُ ٱلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ عِنْدَ تَدْشِينِ ٱلْهَيْكَلِ أَنَّ يَهْوَهَ يَرْضَى عَنِ ٱلْعُبَّادِ غَيْرِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ. فَقَدْ صَلَّى قَائِلًا: «كَذٰلِكَ ٱلْغَرِيبُ ٱلَّذِي لَيْسَ مِنْ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ وَٱلْآتِي مِنْ أَرْضٍ بَعِيدَةٍ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِكَ ٱلْعَظِيمِ وَيَدِكَ ٱلْقَوِيَّةِ وَذِرَاعِكَ ٱلْمَمْدُودَةِ، فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ وَيُصَلُّونَ نَحْوَ هٰذَا ٱلْبَيْتِ، فَٱسْمَعْ أَنْتَ مِنَ ٱلسَّمٰوَاتِ، مِنْ مَقَرِّ سُكْنَاكَ، وَٱفْعَلْ حَسَبَ كُلِّ مَا يَدْعُو بِهِ إِلَيْكَ ٱلْغَرِيبُ، لِكَيْ يَعْرِفَ كُلُّ شُعُوبِ ٱلْأَرْضِ ٱسْمَكَ وَيَخَافُوكَ مِثْلَ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ، وَيَعْرِفُوا أَنَّ ٱسْمَكَ قَدْ دُعِيَ عَلَى هٰذَا ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِي بَنَيْتُ». (٢ اخ ٦:٣٢، ٣٣) حَتَّى فِي أَيَّامِ يَسُوعَ، وَجَبَ عَلَى كُلِّ شَخْصٍ غَيْرِ إِسْرَائِيلِيٍّ يَرْغَبُ فِي عِبَادَةِ يَهْوَهَ أَنْ يَنْضَمَّ إِلَى شَعْبِهِ. — يو ١٢:٢٠؛ اع ٨:٢٧.
أُمَّةٌ مِنَ ٱلشُّهُودِ
١٤-١٦ (أ) كَيْفَ كَانَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ سَيَصِيرُونَ أُمَّةَ شُهُودٍ لِيَهْوَهَ؟ (ب) مَاذَا يَجِبُ عَلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ أَنْ يَفْعَلَ؟
١٤ فِي حِينِ عَبَدَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ إِلٰهَهُمْ يَهْوَهَ، عَبَدَتِ ٱلْأُمَمُ ٱلْأُخْرَى آلِهَتَهَا ٱلْخَاصَّةَ بِهَا. فَنَشَأَ سُؤَالٌ مُهِمٌّ: مَنْ هُوَ ٱلْإِلٰهُ ٱلْحَقِيقِيُّ؟ وَفِي أَيَّامِ إِشَعْيَا، قَالَ يَهْوَهُ إِنَّ هٰذَا ٱلسُّؤَالَ يُجَابُ عَنْهُ كَمَا تُبَتُّ ٱلدَّعْوَى فِي مَحْكَمَةٍ. فَقَدْ دَعَا آلِهَةَ ٱلْأُمَمِ أَنْ يَأْتُوا بِشُهُودٍ يُؤَكِّدُونَ أُلُوهِيَّتَهُمْ، قَائِلًا: «لِتَجْتَمِعْ كُلُّ ٱلْأُمَمِ مَعًا، وَلْتَحْتَشِدِ ٱلشُّعُوبُ. مَنْ مِنْهُمْ [أَيْ مِنْ آلِهَتِهِمْ] يُخْبِرُ بِهٰذَا؟ وَهَلْ يُسْمِعُونَنَا بِٱلْأَوَّلِيَّاتِ؟ لِيُقَدِّمُوا شُهُودَهُمْ حَتَّى يَتَبَرَّرُوا، أَوْ لِيَسْمَعُوا وَيَقُولُوا: ‹هٰذَا حَقٌّ!›». — اش ٤٣:٩.
١٥ عَجِزَتْ آلِهَةُ ٱلْأُمَمِ عَنْ تَقْدِيمِ أَيِّ دَلِيلٍ عَلَى أُلُوهِيَّتِهَا. فَقَدْ كَانَتْ مُجَرَّدَ أَصْنَامٍ غَيْرِ قَادِرَةٍ عَلَى ٱلْكَلَامِ وَبِحَاجَةٍ إِلَى مَنْ يَنْقُلُهَا مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ. (اش ٤٦:٥-٧) أَمَّا يَهْوَهُ فَقَالَ لِشَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ: «أَنْتُمْ شُهُودِي . . . وَخَادِمِي ٱلَّذِي ٱخْتَرْتُهُ، لِكَيْ تَعْرِفُوا وَتُؤْمِنُوا بِي، وَتَفْهَمُوا أَنِّي أَنَا أَنَا. قَبْلِي لَمْ يُصَوَّرْ إِلٰهٌ، وَبَعْدِي لَا يَكُونُ. أَنَا أَنَا يَهْوَهُ، وَلَا مُخَلِّصَ غَيْرِي . . . أَنْتُمْ شُهُودِي . . . وَأَنَا ٱللّٰهُ». — اش ٤٣:١٠-١٢.
١٦ فَكَشُهُودٍ فِي دَعْوَى قَضَائِيَّةٍ، حَظِيَ شَعْبُ ٱللّٰهِ بِشَرَفِ ٱلشَّهَادَةِ أَنَّ يَهْوَهَ هُوَ ٱلْإِلٰهُ ٱلْحَقِيقِيُّ ٱلْوَحِيدُ. وَقَدْ دَعَاهُمُ «ٱلشَّعْبَ ٱلَّذِي جَبَلْتُهُ لِنَفْسِي، لِيُحَدِّثُوا بِتَسْبِيحِي». (اش ٤٣:٢١) فَكَانُوا ٱلشَّعْبَ ٱلَّذِي حَمَلَ ٱسْمَهُ. وَبِمَا أَنَّهُ فَدَاهُمْ مِنْ مِصْرَ، كَانَ مِنْ وَاجِبِهِمْ أَنْ يُدَافِعُوا عَنْ سُلْطَانِهِ أَمَامَ ٱلْأُمَمِ ٱلْأُخْرَى وَيَتَّخِذُوا ٱلْمَوْقِفَ ٱلَّذِي رَسَمَهُ ٱلنَّبِيُّ مِيخَا لَاحِقًا لِشَعْبِ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ، قَائِلًا: «إِنَّ جَمِيعَ ٱلشُّعُوبِ يَسِيرُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِٱسْمِ إِلٰهِهِ، أَمَّا نَحْنُ فَنَسِيرُ بِٱسْمِ يَهْوَهَ إِلٰهِنَا إِلَى ٱلدَّهْرِ وَٱلْأَبَدِ». — مي ٤:٥.
شَعْبٌ مُرْتَدٌّ
١٧ كَيْفَ أَصْبَحَ إِسْرَائِيلُ ‹كَرْمَةً غَرِيبَةً رَدِيئَةً› فِي نَظَرِ يَهْوَهَ؟
١٧ مَعَ ٱلْأَسَفِ، خَانَ إِسْرَائِيلُ إِلٰهَهُ يَهْوَهَ. فَقَدْ تَأَثَّرَ بِٱلْأُمَمِ ٱلَّتِي عَبَدَتْ آلِهَةً مِنْ خَشَبٍ وَحَجَرٍ. وَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلثَّامِنِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ، كَتَبَ ٱلنَّبِيُّ هُوشَعُ: «إِسْرَائِيلُ كَرْمَةٌ رَدِيئَةٌ . . . كَثَّرَ مَذَابِحَهُ . . . صَارَتْ قُلُوبُهُمْ رِيَاءً، فَٱلْآنَ يُسْتَذْنَبُونَ». (هو ١٠:١، ٢) وَبَعْدَ قَرْنٍ وَنِصْفٍ تَقْرِيبًا، سَجَّلَ إِرْمِيَا ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي قَالَهَا يَهْوَهُ لِشَعْبِهِ ٱلْخَائِنِ: «أَنَا قَدْ غَرَسْتُكِ كَرْمَةً حَمْرَاءَ مُخْتَارَةً، كُلُّهَا زَرْعُ حَقٍّ. فَكَيْفَ تَحَوَّلْتِ لِي قُضْبَانًا رَدِيئَةً فِي كَرْمَةٍ غَرِيبَةٍ؟ . . . أَيْنَ آلِهَتُكَ ٱلَّتِي صَنَعْتَ لِنَفْسِكَ؟ فَلْتَقُمْ إِنْ كَانَ فِي وُسْعِهَا أَنْ تُخَلِّصَكَ فِي وَقْتِ بَلِيَّتِكَ . . . أَمَّا شَعْبِي فَقَدْ نَسِيَنِي». — ار ٢:٢١، ٢٨، ٣٢.
١٨، ١٩ (أ) كَيْفَ أَنْبَأَ يَهْوَهُ أَنَّهُ سَيَخْتَارُ شَعْبًا جَدِيدًا يُدْعَى عَلَى ٱسْمِهِ؟ (ب) مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
١٨ لَمْ يَبْقَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ شُهُودًا أُمَنَاءَ لِيَهْوَهَ وَلَا ٱسْتَمَرُّوا فِي مُمَارَسَةِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلنَّقِيَّةِ، بَلْ عَبَدُوا ٱلْأَصْنَامَ وَأَنْتَجُوا ثَمَرًا فَاسِدًا. لِذٰلِكَ، قَالَ يَسُوعُ لِلْقَادَةِ ٱلْيَهُودِ ٱلْمُرَائِينَ فِي أَيَّامِهِ: «مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ يُؤْخَذُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لِأُمَّةٍ تُنْتِجُ ثِمَارَهُ». (مت ٢١:٤٣) وَكَانَتْ هٰذِهِ ٱلْأُمَّةُ ٱلْجَدِيدَةُ، إِسْرَائِيلُ ٱلرُّوحِيُّ، سَتَتَأَلَّفُ مِنْ أَشْخَاصٍ يَخْتَارُهُمْ يَهْوَهُ وَيَقْطَعُ مَعَهُمْ «عَهْدًا جَدِيدًا». وَعَنْ هٰؤُلَاءِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلرُّوحِيِّينَ، قَالَ ٱللّٰهُ بِلِسَانِ إِرْمِيَا: «أَكُونُ إِلٰهَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ شَعْبِي». — ار ٣١:٣١-٣٣.
١٩ فَبَعْدَمَا تَمَرَّدَ إِسْرَائِيلُ ٱلطَّبِيعِيُّ عَلَيْهِ، ٱتَّخَذَ يَهْوَهُ إِسْرَائِيلَ ٱلرُّوحِيَّ شَعْبًا لَهُ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ. وَلٰكِنْ مَنْ هُمْ شَعْبُهُ ٱلْيَوْمَ؟ وَكَيْفَ يُمَيِّزُ ٱلْمُخْلِصُونَ عُبَّادَ ٱللّٰهِ ٱلْحَقِيقِيِّينَ؟ هٰذَا مَا سَنُنَاقِشُهُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ.