الفصل الرابع عشر
العهد الجديد يعود عليك بالبركات
١ اي مهمة مزدوجة تمّمها ارميا؟
اوكل يهوه الى ارميا مهمة مزدوجة: ان ‹يستأصل ويقوّض ويهلك ويهدم›، ثم ان ‹يبني ويغرس›. فأنجز النبي الجزء الاول من تعيينه حين شهّر شرور اليهود المتكبرين وأعلن دينونة اللّٰه عليهم وكذلك على بابل. الا ان نبواته تضمنت ايضا نظرة مشرقة الى المستقبل. فقد انبأ ببناء وغرس ما قصد اللّٰه ان يبنيه ويغرسه. فهو تحدث مثلا عن رد اليهود الى موطنهم، متمما بذلك الجزء الثاني من تعيينه. — ار ١:١٠؛ ٣٠:١٧، ١٨.
٢ لمَ عاقب يهوه شعبه، وإلى اي حد؟
٢ لم تعنِ مناداة ارميا بالرد ان اللّٰه كان سيلين في التعامل مع شعبه او يساير في مقياسه للعدل. فهو كان سينفّذ دينونته في اليهود العصاة. (اقرأ ارميا ١٦:١٧، ١٨.) ففي ايام ارميا، قلة في اورشليم ‹عملوا بالعدل› و ‹طلبوا الامانة›. لذا نفد صبر يهوه عليهم قائلا: «قد مللت التأسف». (ار ٥:١؛ ١٥:٦، ٧) فهؤلاء اليهود كانوا قد «رجعوا الى ذنوب آبائهم الاولين، الذين أبوا ان يطيعوا» كلامه. كما انهم اثاروا غضبه بارتكابهم الزنى الروحي مع آلهة باطلة. (ار ١١:١٠؛ ٣٤:١٨) نتيجة ذلك، كان يهوه سيقوّمهم ويعاقبهم «باعتدال» لعلّ البعض يعودون الى رشدهم ويرجعون اليه. — ار ٣٠:١١؛ ٤٦:٢٨.
٣ لمَ ينبغي ان نتأمل في النبوة عن العهد الجديد؟
٣ استخدم اللّٰه ارميا للإنباء بتدبير فوائده طويلة الامد وواسعة النطاق، ألا وهو العهد الجديد. ولدينا اسباب كثيرة تدعونا الى التركيز على هذا الجانب المبهج من كتابات ارميا النبوية. فالعهد الجديد كان سيحلّ محل العهد الذي قطعه اللّٰه مع الاسرائيليين بعد خروجهم من مصر، وكان موسى وسيطه. (اقرأ ارميا ٣١:٣١، ٣٢.) وبما ان يسوع المسيح تحدث عن هذا العهد حين اسس عشاء الرب، فهو حتما يستأهل اهتمامنا. (لو ٢٢:٢٠) كما ان الرسول بولس اقتبس نبوة ارميا عن العهد الجديد في رسالته الى العبرانيين وشدّد على اهميته. (عب ٨:٧-٩) ولكن ما هو العهد الجديد بالضبط؟ لمَ نشأت الحاجة اليه؟ مَن يدخلون فيه، وكيف تستفيد شخصيا من بركاته؟ لنرَ معا الاجوبة عن هذه الاسئلة.
ما الداعي الى العهد الجديد؟
٤ ماذا حقق عهد الشريعة؟
٤ كي نفهم العهد الجديد، يلزم اولا ان نعرف القصد من العهد السابق، اي عهد الشريعة. فقد كان الغرض منه تحقيق اهداف مختلفة للامة التي انتظرت نسلا موعودا به يتبارك بواسطته كثيرون. (تك ٢٢:١٧، ١٨) فبقبول الاسرائيليين عهد الشريعة، اصبحوا «ملكا خاصا» للّٰه. ونصّ هذا العهد ان يخدم البعض من سبط لاوي كهنة للامة. فحين ابرم يهوه عهد الشريعة عند جبل سيناء، اتى على ذكر «مملكة كهنة وأمة مقدسة»، غير انه لم يكشف متى وكيف كانت ستتحقق هذه الكلمات. (خر ١٩:٥-٨) ولكن الى ان تشكّلت مملكة الكهنة هذه، بيّن العهد بشكل جليّ عجز الاسرائيليين عن حفظ الشريعة كاملا، مظهرا بالتالي تعدياتهم. لذا وجب عليهم بحسب الشريعة ان يقرّبوا الذبائح بانتظام تكفيرا عن خطاياهم. رغم ذلك، بدا واضحا ان ثمة حاجة الى ذبيحة اعظم بكثير، ذبيحة كاملة تقدَّم مرة وإلى الابد. نعم، كانت هناك حاجة ماسة الى غفران دائم للخطايا. — غل ٣:١٩-٢٢.
٥ لمَ انبأ يهوه بالعهد الجديد؟
٥ من هنا بدأنا نفهم لمَ اوحى اللّٰه الى ارميا ان يتنبأ عن عهد جديد، مع ان عهد الشريعة كان لا يزال ساري المفعول. فهو اراد بدافع محبته ولطفه الا يقصر غفرانه الدائم على امة واحدة. قال من خلال ارميا بشأن الذين سيشملهم العهد الجديد: «اغفرُ ذنبهم، ولا اذكر خطيتهم بعد». (ار ٣١:٣٤) صحيح ان هذا الوعد أُعطي زمن النبي، لكنه يحمل رجاء رائعا للبشر اجمعين. كيف ذلك؟
٦، ٧ (أ) كيف يشعر البعض بشأن حالتهم الخاطئة؟ (ب) لمَ التأمل في العهد الجديد يمدنا بالتشجيع؟
٦ نحن لا نزال اشخاصا ناقصين وغالبا ما نلمس تأثير نقصنا هذا. تأمل في مثال اخ صارع فترة من الوقت عادة شخصية غير لائقة. يذكر: «كان ينتابني شعور رهيب بعد كل انتكاسة. فاعتقدتُ انني لن استطيع مطلقا تصحيح الخطإ الذي ارتكبته. كما انني صرت أستصعب الصلاة، فكنت ابدأ بالقول: ‹يا يهوه، لا ادري إن كنت تصغي الى صلاتي، لكن . . .›». يشعر بعض الذين يمرّون بانتكاسات او يقترفون الاخطاء وكأن ‹غيما› يحول دون وصول صلواتهم الى اللّٰه. (مرا ٣:٤٤) ويحسّ آخرون ان ذكريات اخطائهم الماضية تلاحقهم كظلهم رغم انقضاء سنوات عليها. حتى المسيحيون المثاليون في العادة قد يصدر عنهم كلام يندمون عليه لاحقا. — يع ٣:٥-١٠.
٧ فلا يحسب اي منا انه محصن ضد الانجراف في مسلك خاطئ. (١ كو ١٠:١٢) فالرسول بولس ايضا ادرك انه ارتكب الآثام. (اقرأ روما ٧:٢١-٢٥.) هنا تبرز اهمية العهد الجديد. فأحد اوجهه الرئيسية هو ان اللّٰه لن يذكر الخطايا بعد. فيا لها من بركة لا تقدّر بثمن! ومثلما تشجع ارميا دون شك حين انبأ بهذه الكلمات، كذلك نتشجع نحن فيما نتعلم المزيد عن هذا العهد ونرى كيف لنا الاستفادة منه.
لمَ اسس اللّٰه عهدا جديدا؟
ما هو العهد الجديد؟
٨، ٩ اي ثمن باهظ دفعه يهوه كي يمنح الغفران؟
٨ كلما توثقت معرفتك بيهوه، ادركتَ كم هو لطيف ورحوم تجاه البشر الناقصين. (مز ١٠٣:١٣، ١٤) فعندما تحدث ارميا عن العهد الجديد، ابرز ان يهوه ‹سيغفر الذنوب ولن يذكر الخطايا بعد›. (ار ٣١:٣٤) ولربما تساءل النبي كيف سيمنح يهوه هذا الغفران. ولكن على الاقل، فهم ان العهد الجديد اشار الى وجود اتفاق او عقد بين اللّٰه والبشر. وعلى اساس هذا العهد، كان يهوه سيحقق بطريقة او بأخرى ما اوحى به الى ارميا، بما في ذلك غفران الخطايا. اما التفاصيل الاخرى فكانت ستنجلي حين يكشف اللّٰه المزيد عن قصده الذي يشمل ما سيفعله المسيّا.
٩ لعلك ترى والدين يدللون اولادهم بإفراط او يتجاهلون مسؤولياتهم الابوية تجاههم. فهل يُعقل ان يتصرف يهوه مثلهم؟ قطعا لا. يتضح ذلك مما فعله كي يجعل العهد الجديد ساري المفعول. فعوض ان يلغي الخطايا بكل بساطة، تمّم بدقة مقياسه للعدل وزود الاساس الشرعي للغفران، مقدّما تضحية غالية من اجلنا. ويلقي بولس المزيد من الضوء على هذه الفكرة في معرض كلامه عن العهد الجديد. (اقرأ عبرانيين ٩:١٥، ٢٢، ٢٨.) فقد تحدث عن ‹الفداء›، وقال انه «بدون إراقة دم لا تحصل مغفرة». لكنه لم يقصد دم الثيران والمعزى التي كانت تُقدَّم ذبائح بموجب الشريعة. فالعهد الجديد اصبح نافذ المفعول بواسطة دم يسوع. وعلى اساس هذه الذبيحة الكاملة، يمكن ليهوه ان ‹يغفر الذنوب والخطايا› غفرانا دائما. (اع ٢:٣٨؛ ٣:١٩) ولكن مَن كانوا سيدخلون في العهد الجديد وينالون هذا الغفران؟ ليست الامة اليهودية. فيسوع قال ان اللّٰه سيرفض اليهود الذين كانوا يقرّبون ذبائح حيوانية وفقا للشريعة، ويستبدلهم بأمة اخرى. (مت ٢١:٤٣؛ اع ٣:١٣-١٥) وتبيّن ان هذه الامة هي «اسرائيل اللّٰه» المؤلفة من مسيحيين ممسوحين بالروح القدس. بكلمات بسيطة، كان عهد الشريعة بين اللّٰه وإسرائيل الطبيعي، في حين ان العهد الجديد هو بين اللّٰه وإسرائيل الروحي ويسوع هو وسيطه. — غل ٦:١٦؛ رو ٩:٦.
١٠ (أ) مَن هو ‹الفرخ› الذي أُقيم لداود؟ (ب) كيف يستفيد البشر من هذا ‹الفرخ›؟
١٠ وصف ارميا الشخص الآتي، اي المسيّا، بأنه ‹فرخ› أُقيم لداود. وهذا الوصف في محله. صحيح ان شجرة عائلة داود الملكية قُطعت فيما كان ارميا يخدم نبيا، الا ان ارومتها بقيت. فمع الوقت، وُلد يسوع في سلالة داود. ودُعي «يهوه برنا»، ما يبرز اهتمام يهوه العميق بهذه الصفة. (اقرأ ارميا ٢٣:٥، ٦.) فهو سمح لابنه مولوده الوحيد ان يقاسي الالم على الارض ويموت. ثم استخدم، بانسجام مع بره وعدله، قيمة الذبيحة الفدائية ‹لفرخ› داود هذا كأساس للغفران. (ار ٣٣:١٥) وهكذا فسح المجال للبعض ان ‹يتبرروا للحياة› ويُمسحوا بالروح القدس ويصيروا بالتالي طرفا في العهد الجديد. ولكن ثمة دليل اضافي يبرهن اهتمام اللّٰه بالبر. فقد سمح لآخرين ايضا ليسوا طرفا مباشرا في العهد ان يتمتعوا بفوائده وبركاته كما سنرى في بقية الفصل. — رو ٥:١٨.
١١ (أ) اين تُكتب شريعة العهد الجديد؟ (ب) لمَ يهتم ‹الخراف الاخر› بشريعة العهد الجديد؟
١١ هل تود ان تعرف اوجها مميزة اخرى للعهد الجديد؟ ان احد الفروقات الرئيسية بينه وبين عهد الشريعة الموسوية هو مكان كتابة كل منهما. (اقرأ ارميا ٣١:٣٣.) فبينما نُقشت الوصايا العشر على لوحَي حجر اختفى اثرهما بمرور الوقت، تنبأ ارميا ان شريعة العهد الجديد ستُكتب في قلوب البشر حيث تبقى على الدوام. والمسيحيون الممسوحون الذين هم طرف في العهد يقدّرون هذه الشريعة حق التقدير. ولكن ماذا عمّن ليسوا معنيين مباشرة بهذا العهد، اي ‹الخراف الاخر› الذين يرجون العيش على الارض الى الابد؟ (يو ١٠:١٦) هؤلاء ايضا يجدون المسرة في شريعة اللّٰه. فهم شبيهون بالغرباء في اسرائيل الذين قبلوا الشريعة الموسوية واستفادوا منها. — لا ٢٤:٢٢؛ عد ١٥:١٥.
١٢، ١٣ (أ) ما هي شريعة العهد الجديد؟ (ب) لمَ الذين هم تحت «شريعة المسيح» لا يُجبرون على خدمة اللّٰه؟
١٢ ولكن ما هي هذه الشريعة التي تُحفر في قلوب الممسوحين؟ انها تُدعى ايضا «شريعة المسيح»، وقد أُعطيت اولا للاسرائيليين الروحيين الذين هم في العهد الجديد. (غل ٦:٢؛ رو ٢:٢٨، ٢٩) ويمكن تلخيصها بكلمة واحدة: المحبة. (مت ٢٢:٣٦-٣٩) وكيف تُكتب في قلوب الممسوحين؟ بشكل اساسي، من خلال درسهم كلمة يهوه واقترابهم اليه في الصلاة. لذلك ينبغي ان يكون هذان الوجهان للعبادة الحقة جزءا لا يتجزأ من حياة كافة المسيحيين الحقيقيين، حتى الذين ليسوا في العهد الجديد ويريدون الاستفادة منه.
١٣ ويُشار الى «شريعة المسيح» بأنها «الشريعة الكاملة، شريعة الحرية» و «شريعة شعب حر». (يع ١:٢٥؛ ٢:١٢) ففي حين ان كثيرين وُلدوا خاضعين للشريعة الموسوية، ما من احد يُولد في العهد الجديد او تحت حكم شريعة المسيح. فكل الذين يختارون اطاعة هذه الشريعة لا يُجبرون على خدمة اللّٰه. بالاحرى، يفرحون حين يعرفون ان شريعته تُكتب في القلوب، وأن بركات العهد الدائمة التي انبأ بها ارميا متاحة للبشر اليوم.
كيف اتاح اللّٰه الغفران بواسطة العهد الجديد؟ وكيف نتعلم عن الشريعة التي تُكتب في القلوب؟
المستفيدون من العهد الجديد
١٤ مَن يستفيدون من العهد الجديد؟
١٤ حين علم البعض ان ٠٠٠,١٤٤ شخص فقط يدخلون في العهد الجديد، ظنوا ان فوائده محصورة فيهم. ولعلهم فكروا بهذه الطريقة لأن وحدهم الممسوحين يتناولون من الرمزين خلال الذكرى السنوية لموت المسيح، حيث يمثّل الخمر ‹الدم الذي للعهد›. (مر ١٤:٢٤) ولكن تذكّر ان الذين في العهد الجديد هم شركاء مع يسوع بصفته «نسل» ابراهيم الذي به ستتبارك جميع الامم. (غل ٣:٨، ٩، ٢٩؛ تك ١٢:٣) من هنا نستنتج ان يهوه، على اساس العهد الجديد، سينفّذ وعده بمباركة كل البشر بواسطة «نسل» ابراهيم.
١٥ اي دور منبإ به سيؤديه الممسوحون؟
١٥ ان يسوع المسيح، الجزء الرئيسي من نسل ابراهيم، يخدم كرئيس كهنة. وهو زود الذبيحة الكاملة التي تتيح غفران الخطايا والذنوب. (اقرأ عبرانيين ٢:١٧، ١٨.) الا ان اللّٰه تحدث منذ ايام الاسرائيليين عن «مملكة كهنة وأمة مقدسة». (خر ١٩:٦) وبما ان الكهنة آنذاك تحدروا من سبط والملوك من سبط آخر، فكيف كانت ستتشكل هذه الامة المؤلفة من ملوك كهنة؟ وجّه الرسول بطرس رسالته الاولى الى اشخاص قُدّسوا بالروح. (١ بط ١:١، ٢) وأشار اليهم بأنهم «كهنوت ملكي، امة مقدسة، شعب اقتناء». (١ بط ٢:٩) بناء على ذلك، سيخدم الممسوحون في ظل العهد الجديد كهنة معاونين للمسيح. تأمل كم هي مشجعة هذه الفكرة. فنحن نعاني يوميا من تأثيرات الخطية التي لا تزال ‹تملك› علينا. وهؤلاء الكهنة المعاونون هم اساسا بشر مثلنا. (رو ٥:٢١) لذا سيتفهمون مشاعرنا حين نقترف الاخطاء ويتأكّلنا الاحساس بالذنب. وسيتعاطفون معنا هم ويسوع المسيح فيما نسعى الى التغلب على ميولنا الخاطئة.
١٦ اي تشجيع يستمده ‹الجمع الكثير› من الرؤيا ٧:٩، ١٤؟
١٦ في الرؤيا ٧:٩، ١٤، يرى الرسول يوحنا ‹الجمع الكثير لابسين حللا بيضاء›، ما يشير الى حيازتهم موقفا طاهرا امام اللّٰه. واليوم، يُجمَع افراد هذا الفريق الذين يرجون النجاة من «الضيق العظيم». فهم يتمتعون الى حد ما بموقف بار امام يهوه حتى في الوقت الحاضر، اذ يتبررون كأصدقاء له. (رو ٤:٢، ٣؛ يع ٢:٢٣) ويا لها من بركة رائعة! فإذا كنت من الجمع الكثير، فثق ان اللّٰه مستعد ان يدعمك فيما تجاهد للبقاء طاهرا في عينيه.
١٧ بأي معنى لا ‹يذكر› يهوه الخطايا بعد؟
١٧ وماذا يحلّ بخطايا الذين يرضى عنهم اللّٰه؟ كما تبيّن سابقا، قال يهوه على لسان ارميا: «اغفرُ ذنبهم، ولا اذكر خطيتهم بعد». (ار ٣١:٣٤) فمثلما يسامح اللّٰه الممسوحين على اساس ذبيحة يسوع، كذلك يغفر ذنوب الجمع الكثير على الاساس عينه: ‹الدم الذي للعهد›. لكنّ قول ارميا ان يهوه لن ‹يذكر› الخطايا بعد لا يشير ان اللّٰه سيفقد ذاكرته ولن يستطيع بالتالي استرجاع الآثام. بل يعني انه يطرح الخطية وراء ظهره حين يقدّم التأديب اللازم ويصفح عن الخاطئ التائب. تأمل في الملك داود الذي زنى مع بثشبع وقتل زوجها اوريا. فهو نال التأديب وحصد عواقب افعاله. (٢ صم ١١:٤، ١٥، ٢٧؛ ١٢:٩-١٤؛ اش ٣٨:١٧) الا ان اللّٰه لم يحاسبه على هذه الخطايا مرة اخرى في المستقبل. (اقرأ ٢ اخبار الايام ٧:١٧، ١٨.) فاستنادا الى العهد الجديد، متى يتجاوز يهوه عن الخطايا على اساس ذبيحة يسوع فلا يعود يتذكرها اطلاقا. — حز ١٨:٢١، ٢٢.
١٨، ١٩ ماذا يعلّمنا العهد الجديد عن الغفران؟
١٨ بناء على ما سبق، يُبرز العهد الجديد وجها رائعا لتعاملات يهوه مع البشر الخطاة، أكانوا من الممسوحين الذين هم في العهد ام من المسيحيين ذوي الرجاء الارضي. ففي وسعك الثقة ان يهوه لن يذكّر نفسه بخطاياك التي عفا عنها. فأي درس مهم نتعلّمه من هذا العهد؟ ليسأل كل منا نفسه: ‹هل اسعى الى الاقتداء بيهوه فأتجنب نبش الماضي وتذكّر الاساءات التي غفرتها للآخرين؟›. (مت ٦:١٤، ١٥) لا ينطبق ذلك على الاساءات الطفيفة فحسب، بل على الخطيرة ايضا، كما حين يرتكب احد رفيقي الزواج خطية الزنى. فإذا سامح الطرف البريء شريكه التائب، أفليس من الصواب الا ‹يذكر الخطية بعد›؟ طبعا، ليس سهلا على المرء نسيان الاذية، لكنها طريقة مهمة يتمثل من خلالها بيهوه.a
١٩ يمكن تطبيق هذا الدرس ايضا حين يتوب احد المفصولين ويعود الى الجماعة. فماذا لو كان هذا الشخص قد ألحق بنا الخسائر او لطّخ سمعتنا بطريقة ما؟ كيف تؤثّر كلمات ارميا ٣١:٣٤ في طريقة تفكيرنا وتصرفنا معه بعد رجوعه الى كنف الجماعة؟ هل نغفر له ذنبه ولا نعود نتذكر خطأه؟ (٢ كو ٢:٦-٨) في الواقع، ينبغي لكل الذين يقدّرون العهد الجديد ان يحاولوا تطبيق هذا الدرس في حياتهم اليومية.
كيف نطبق الدرس الذي تعلمناه من العهد الجديد عن الغفران؟
بركات العهد الجديد الآن وفي المستقبل
٢٠ كيف يختلف موقفنا عن كثيرين ايام ارميا؟
٢٠ في ايام ارميا، اعتاد يهود كثيرون ان يقولوا: «يهوه لا يحسن ولا يسيء». (صف ١:١٢) فمع انهم كانوا يعرفون يهوه وصفاته الى حد ما، اعتقدوا انه لن يتخذ اي اجراء ولن يتوقع منهم العيش بمقتضى مقاييسه. لكنك تعرف ان ما من شيء الا ويراه اللّٰه. ولا بد انك تخافه خوفا متسما بالاحترام ولا تريد حتما ان تخطئ اليه. (ار ١٦:١٧) ولكن في الوقت عينه، انت تدرك ان يهوه اب محب يلاحظ اعمالك الصالحة سواء رآها الآخرون او لا. — ٢ اخ ١٦:٩.
٢١، ٢٢ لماذا ما عدنا بحاجة ان يُقال لنا «اعرفوا يهوه»؟
٢١ توضح هذه الكلمات وجها مهما للعهد الجديد: «اجعلُ شريعتي في داخلهم، وأكتبها في قلوبهم. وأكون إلههم . . . ولا يعلّمون بعد كل واحد صاحبه وكل واحد اخاه، قائلين: ‹اعرفوا يهوه!›؛ لأنهم جميعهم سيعرفونني». (ار ٣١:٣٣، ٣٤) يُظهر الممسوحون على الارض اليوم ان شريعة اللّٰه في داخلهم. فهم يحبّون الحقائق المسطرة فيها ولا يتكلون على تعاليم البشر. كما ينقلون بفرح معرفة الكتاب المقدس الى الذين يؤلفون الجمع الكثير. وهكذا، صار ذوو الرجاء الارضي ايضا يعرفون يهوه ويحبّونه. فهم يطيعون ارشاده طوعا ويثقون بوعوده. ومن المرجح ان هذه الكلمات تصحّ فيك. فأنت تعرف يهوه معرفة وثيقة وتربطك به علاقة لصيقة. فما اروع هذه البركة!
٢٢ وكيف اصبحت علاقتك بيهوه قوية؟ لا شك انك تتذكر اوقاتا لمست فيها استجابته لصلواتك. وهذه الاختبارات عمّقت تقديرك له ولمزاياه. ولعلك شعرت بدعمه حين خطرت لك آية ساعدتك على تخطي محنة ما. فانظر الى مناسبات كهذه بإعزاز وتقدير. وفيما تداوم على درس كلمته، تنمو معرفتك عنه اكثر فأكثر، وهذه بركة لا نهاية لها.
٢٣ كيف تساعدنا معرفة يهوه على التخلص من مشاعر مزعجة لا لزوم لها؟
٢٣ يعود علينا العهد الجديد ببركة اخرى في وسعنا ان ننعم بها الآن. فمعرفة يهوه كإله يبسط الغفران على اساس هذا العهد تساعدنا على التخلص من مشاعر الذنب التي تستأثر بنا. فثمة نساء أجرين عمليات اجهاض قبل ان يعرفن مقاييس اللّٰه. وهنّ يشعرن بالذنب والحزن لأنهن أنهين عمدا حياة طفل كان ينمو في احشائهن. وتساور آخرين احاسيس مماثلة لأنهم قتلوا كثيرين حين كانوا يشتركون في الحروب. ولكن لا ننسَ ان ذبيحة يسوع الفدائية، الركن الاساسي في العهد الجديد، تتيح الغفران للتائبين توبة صادقة. فلنكن متأكدين ان يهوه يطوي صفحة الماضي نهائيا ما إن يتجاوز عن خطايانا. لذا ينبغي الا ندع هذه الخطايا التي غفرها بسخاء تشغل بالنا وتقضّ مضجعنا.
٢٤ اي تشجيع نستمده من كلمات ارميا ٣١:٢٠؟
٢٤ نجد دليلا حيا على غفران اللّٰه في ارميا ٣١:٢٠. (اقرأها.) فقبل عقود من زمن ارميا، عاقب يهوه مملكة اسرائيل الشمالية ذات العشرة اسباط (التي يمثّلها افرايم، السبط الابرز) على ارتكابهم الصنمية، سامحا بسبيهم على يد الاشوريين. لكنه كان شديد التعلق بهم وأظهر لهم المودة والحنان. فقد ظل يعزّهم مثل «ولد محاط بالحنو». فكان حين يفكر فيهم، ‹تجيش› احشاؤه عليهم، اي يتأثر في اعماقه اشتياقا اليهم. أفلا تُظهر هذه الرواية المدونة في سياق الكلام عن العهد الجديد كم يهوه سمح ورحب الصدر حيال التائبين عن مسلكهم الخاطئ؟
٢٥ لمَ نحن ممتنون ليهوه على العهد الجديد؟
٢٥ ان وعد يهوه بغفران الخطايا من خلال العهد الجديد سيتمّ اتماما كاملا عند نهاية حكم المسيح الالفي. ففي ذلك الوقت، سيكون يسوع المسيح والكهنة المعاونون الـ ٠٠٠,١٤٤ قد رفعوا البشر الامناء الى الكمال. وبعد الامتحان النهائي، يصبح هؤلاء البشر بكل معنى الكلمة اعضاء في عائلة يهوه الكونية. (اقرأ روما ٨:١٩-٢٢.) فبعد ان ظلت خليقة يهوه البشرية تئن لقرون تحت وطأة الخطية، ستنال آنذاك «الحرية المجيدة لأولاد اللّٰه»، الحرية من الخطية والموت. فما اكثر البركات التي يغدقها علينا ترتيب العهد الجديد الحبي! فبواسطة ‹الفرخ› الذي أُقيم لداود، بإمكاننا ان ننعم بفوائد هذا العهد الآن وإلى الابد ونتمتع ‹بالبر في الارض›.
كيف يعود علينا العهد الجديد بالبركات الآن وفي المستقبل؟
a يتضح استعداد اللّٰه للغفران في ما فعله هوشع مع جومر. انظر التعليقات على هوشع ٢:١٤-١٦ في كتاب أبقِ يوم يهوه في ذهنك، الصفحات ١٢٨-١٣٠.