-
الايام الاخيرة — «مملكة على مملكة»استيقظ! ١٩٨٩ | كانون الثاني (يناير) ٨
-
-
الايام الاخيرة — «مملكة على مملكة»
«ان نزاع الامم من ١٩١٤ الى ١٩١٨ لم يكن ‹اشاعة غامضة لحرب اخرى.› فقد دخل الصراع مجالا جديدا في الحرب، الحرب الشاملة الاولى في اختبار الجنس البشري. وتجاوزت مدَّتها وحدَّتها ومقياسها ايّ شيء معروف سابقا او متوقع عموما. لقد حان يوم الحرب الجماعية.» — «العالم في اختبار قاس،» لمؤلفه برنادوت ا. شميت وهارولد سي. فدلر.
كانت حرب ١٩١٤-١٩١٨ عظيمة في الدمار وخسارة الارواح حتى انه، الى هذا اليوم، يمكنكم ان تجدوا في فرنسا أنصابا تذكارية مخصصة لشهداء La Grande Guerre، الحرب الكبرى. ودعاها الكاتب الاميركي ارنست همنغواي لاحقا «المجزرة الاكثر ضخامة واهلاكا وسوء ادارة التي حدثت اطلاقا على الارض.» ثم أُعيدت تسمية الحرب الكبرى بالحرب العالمية الاولى عندما أُصيب العالم بحرب عالمية ثانية (١٩٣٩-١٩٤٥).
تميزت الحرب العالمية الاولى عن الحروب السابقة بعدة طرائق. فالجيوش الضخمة بمليون رجل قتلت بعضها بعضا في حقول وغابات اوروبا الغربية. والرشاش كان يتمايل فيما يحصد صفوفا هائلة من المشاة. وكما يصرح غوين دير في كتابه «الحرب»: «خلال شهرين (من بداية الحرب) مات ما يزيد على مليون شخص . . . والاسلحة — المدفعية السريعة والرشاشات التي تطلق ستمئة رصاصة في الدقيقة — ملأت الهواء بطبقة من غبار الفولاذ المميت.» لقد غيَّرت الدبابة، الغواصة، والطائرة التفكير والترتيب الحربي. فالآن سقط الموت من السموات وصعد من المياه.
وحرب الخنادق، بالاستعمال المتزايد للغازات السامة، دفعت الناس الى اقصى حدود الاحتمال والعذاب والانحطاط. وقد تميزت الحرب الكبرى بطريقة اخرى: «كانت اول حرب بلغ فيها عدد السجناء الملايين (ما مجموعه ٠٠٠,٤٠٠,٨) وبقوا محتجزين لفترات طويلة من الوقت.» («العالم في اختبار قاس») وكانت ايضا اول حرب تشمل فعليا كل السكان المدنيين، سواء في الدفاع وانتاج الاسلحة، او كضحايا الغزو والمعركة.
رأى شهود يهوه في تلك الحرب الفظيعة آنذاك في سنة ١٩١٤ بداية اتمام نبوات يسوع المحتومة. ولكنّ الاسوأ كان سيأتي.
الحرب العالمية الثانية — قوة مدمرة فريدة
والدليل الآخر، من وجهة نظر بشرية، على ان هذه يمكن ان تكون الايام الاخيرة هو قدرة الانسان على تدمير الذات. صرَّح الدكتور برنارد لون في محاضرة جائزة نوبل للسلام: «الحرب العالمية الثانية ادخلت الحرب الشاملة — دون مبدإ في الاسلوب، دون حدود في العنف، ودون تمييز في الضحايا. ان افران اوشويتز والترميد الذري لهيروشيما وناغازاكي نقشت فصلا اكثر ظلمة في تاريخ وحشية الانسان.»
وهل تعلَّم الجنس البشري الشفقة والرحمة من هذا الاختبار المروِّع؟ يتابع لون: «العذاب المطوَّل الذي خلَّف ٥٠ مليون قتيل [ما يعادل تقريبا عدد سكان بريطانيا او فرنسا او ايطاليا] لم يزوِّد اساسا ثابتا لهدنة ضد الهمجيّة. وعلى الضد من ذلك، سرعان ما انتجت المصانع اسلحة للابادة الجماعية باستطاعتها معادلة عدة آلاف من الحرب العالمية الثانية.» — الحرف الاسود لنا.
لا شك في هذا، فقد رأينا «امة على امة ومملكة على مملكة،» وراكب فرس الرؤيا الاحمر ينشر القتال في كل الارض. (متى ٢٤:٧؛
-
-
الايام الاخيرة — وجه فريداستيقظ! ١٩٨٩ | كانون الثاني (يناير) ٨
-
-
الايام الاخيرة — وجه فريد
«اوپنهايمر (الذي ساعد في تصميم القنبلة الذرية) كان على صواب في ملاحظته الاساسية بأن التاريخ غيَّر وجهته في سنة ١٩٤٥. لا يمكن ابدا ان تُخاض حرب عظمى من جديد بأسلوب الحرب العالمية الثانية.» — «الاسلحة والامل،» لمؤلفه فريمان دايسون.
ان استعمال القنبلة الذرية سنة ١٩٤٥ غيَّر العالم. لقد وسم نقطة تحول اخرى في تاريخ الحرب. تلك هي الحالة التي رآها احد مخترعي القنبلة، روبرت اوپنهايمر. فعندما جرى اختبار الانفجار في نيو مكسيكو اقتبس اوپنهايمر من باڠاڤاد جيتا الهندوسي قائلا، «انا اصبحت الموت، محطِّم العالم.» وأعلن اوپنهايمر ايضا، «يجب ان تتَّحد شعوب هذا العالم، وإلاّ فانهم سيبادون.»
وفي سنة ١٩٤٩ حذَّرت لجنة استشارية من علماء لجنة الطاقة الذرية في الولايات المتحدة، التي شملت اوپنهايمر، من تطور القنبلة الهيدروجينية الاكثر اهلاكا بكثير. وقد صرَّح تقريرهم: «هذا سلاح هائل جدا؛ انه من فئة مختلفة تماما عن القنبلة الذرية.» ذلك لان قوة القنبلة الهيدروجينية المدمرة يمكن مضاعفتها باضافة وقود الديوتريوم (الهيدروجين الثقيل) الرخيص الثمن. وفي غضون اربع سنوات اصبحت القنبلة الذرية مجرد لعبة.
انريكو فرمي وإيزيدور رابي، عضوان في اللجنة الاستشارية ايضا، اعطيا تحذيرا اقوى. «ان واقع عدم وجود حدود لقدرة هذا السلاح على التدمير يجعل حقيقة وجوده ومعرفة تركيبه خطرا على البشرية ككل. انه بالضرورة شيء شرير في ايّ ضوء دُرس.» (الحرف الاسود لنا.) لقد عرفا انه اصبح باستطاعة الانسان الآن ان يدمِّر نفسه. ونصائحهما ضد تطوير القنبلة الهيدروجينية جرى تجاهلها.
‹نبوات عن الهلاك بأساس علمي›
ان القوة الهائلة للتدمير التي يملكها الانسان الآن ممثَّلة في واقعٍ واحدٍ اقتبسه الدكتور لون، مساعد رئيس الاطباء الدوليين لمنع الحرب النووية: «ان غواصة حديثة واحدة تملك حوالى ثمانية اضعاف مجموع القوة النارية للحرب العالمية الثانية — كافية لتدمير كل مدينة رئيسية في النصف الشمالي من الكرة الارضية.» لاحظوا — تلك هي القدرة المدمرة لمجرد غواصة واحدة! والدول العظمى تملك عشرات الغواصات والسفن المحمَّلة اسلحة نووية. واذا اضفنا الى ذلك الاسلحة البرية والجوية يصبح المجموع اكثر من ٠٠٠,٥٠ رأس نووي!
متى كان الانسان يملك قبلا في التاريخ قوة مرعبة ومرهبة كهذه في يديه؟ يعترف الدكتور لون بأن كل فترة تاريخية لها انبياؤها غير المبالى بهم. فما هو الفرق الآن؟ يفسِّر: «ان عصرنا هو الاول في ان النبوات عن الهلاك تنجم عن تحليل علمي موضوعي.» واذا حدث ان شبَّ حريق نووي، يقول، «من الغطرسة الادعاء بأنه سيكون هنالك بشر ناجون بعد كارثة كهذه من صنع الانسان.»
«كرب امم» متزايد
في سنة ١٩٤٥ اطلق الانسان العفريت الشرير للصراع النووي من فانوس المعرفة العلمية السحري وهو لا يملك طريقة لاعادته الى الداخل من جديد. فقد يدمر اسلحته النووية، ولكن كيف سيُبطل المعرفة التي تستطيع دائما ان تعيده اليها؟ ولذلك فان الحوادث الفعلية لهيروشيما وناغازاكي اضافة الى تطور الاسلحة النووية الهائلة قد زادت امكانية وقوع «مخاوف» و «علامات عظيمة» من السماء، «كرب امم بحيرة» منذ سنة ١٩٤٥. — لوقا ٢١:١١، ٢٥.
وقد تضاعف ايضا كرب الامم بسبب قدرتنا على انجاز الاتصال الفوري. وفي هذا القرن الـ ٢٠ فقط سمحت اجهزة الاتصال الحديثة (الراديو، التلفزيون، الكمبيوتر، الاقمار الاصطناعية) لكل الجنس البشري بأن يعرف عن الحروب والكوارث فور حدوثها، ناشرة بذلك الخوف وكرب الامم بطريقة لم تكن ممكنة من قبل قط. ولا يستطيع المجتمع العالمي ان يعرف عنها وحسب، بل يستطيع بواسطة التلفزيون ان يشاهد الحروب واراقة الدماء وهي تحدث!
ندوب الحرب
في هذه السنة ١٩٨٩ هنالك ملايين العائلات حول العالم التي اختبرت جزءا من البرهان على اننا في الايام الاخيرة. وكيف ذلك؟ لقد فقدت واحدا او اكثر من الاحبّاء في الحربين العالميتين او في احد النزاعات الرئيسية الاخرى (كوريا، ڤيتنام، العراق-ايران، لبنان، وهلم جرا) التي اهلكت عددا عظيما من الجنس البشري. وربما تكون عائلتكم واحدة من تلك التي تتذكر أبا مفقودا، جدّا، عمّا، او أخا. وأيضا ماتت ملايين الامهات، الجدّات، الاخوات والعمّات في الحروب وفي المحرقة الاوروبية.
بالاضافة الى ذلك، في اثناء جيلنا، تفشَّت الاسلحة في اوروبا والشرق الاقصى، مغتصبة وناهبة السكان المدنيين. وهكذا يحمل الناجون معهم، وخاصة النساء، ندوب سوء معاملتهم حتى هذا اليوم.
-