محادثة في موضوع من الكتاب المقدس: ما هو الروح القدس؟
يُسَر شهود يهوه بمناقشة مواضيع من كلمة اللّٰه مع الناس. فهل من سؤال يراودك حول موضوع معيَّن من الكتاب المقدس؟ وهل يثير فضولك ايٌّ من معتقدات شهود يهوه او ممارساتهم الدينية؟ في هذه الحال، لا تتردد ان تتحدث عنه مع شهود يهوه حين تقابلهم. ولا شك انهم سيفرحون بمناقشته معك.
ما يلي محادثة نموذجية بين شاهد ليهوه وأحد الاشخاص. لنتخيّل ان شاهدا اسمه جورج يزور رجلا يدعى داني في بيته.
ماذا تقصد بـ «الروح القدس»؟
داني: أسمع عن شهود يهوه انهم ليسوا مسيحيين. فهم لا يؤمنون بالروح القدس.
جورج: اولا، اؤكد لك اننا مسيحيون. وإيماني بيسوع المسيح دفعني الى المجيء اليك هذا الصباح. فهو الذي امر اتباعه ان يكرزوا. لكن هل لي ان اسألك ماذا تقصد بـ «الروح القدس»؟
داني: اقصد الاقنوم الثالث في الثالوث، المعِين الذي وعد يسوع بإرساله الينا. هذا المعِين مهم جدا بالنسبة الي. فأنا ارغب ان اشعر بتأثيره في حياتي.
جورج: هذا رأي الكثيرين في الروح القدس. منذ فترة، أُتيح لي ان اتفحص ما يعلمه الكتاب المقدس حول هذا الموضوع. وإذا كان لديك بضع دقائق، يسرني ان اريك ما وجدت.
داني: نعم، لدي دقائق قليلة.
جورج: بالمناسبة، اسمي جورج. هل لي ان اتشرف بمعرفة اسمك؟
داني: اسمي داني. يُسرني لقاؤك.
جورج: وأنا ايضا يا داني. اختصارا للوقت، سأُركِّز على ناحية واحدة من هذا الموضوع. ذكرت لتوك ان الروح القدس هو المعِين الذي وعدنا به يسوع. وأنا اوافقك الرأي. لكن هل تعتقد ان الروح القدس شخص، وأنه مساوٍ للّٰه؟
داني: نعم، فهذا ما تعلمته.
هل الروح القدس شخص؟
جورج: لنقرأ مقطعا من الكتاب المقدس يساعدنا ان نحدد هل الروح القدس شخص ام لا. ولعل هذه الآيات مألوفة لديك. نقرأ في اعمال ٢:١-٤: «وفي اثناء يوم الخمسين كانوا كلهم معا في المكان نفسه، وفجأة صار دوي من السماء كما من هبوب ريح شديدة، وملأ كل البيت الذي كانوا جالسين فيه. وظهرت لهم ألسنة كأنها من نار، وتوزعت، واستقر واحد على كل منهم، فامتلأ الجميع روحا قدسا وابتدأوا يتكلمون بألسنة مختلفة، كما كان الروح يعطيهم ان ينطقوا».
داني: اعرف تلك الرواية.
جورج: هل يُعقل يا داني ان يمتلئ شخص من شخص آخر؟
داني: طبعا لا.
جورج: لننتقل الى آية لاحقة في الاصحاح عينه، العدد ١٧. يذكر الجزء الاول منها: «‹في الايام الاخيرة›، يقول اللّٰه، ‹اسكب من روحي على شتى البشر›». في رأيك، هل يعقل ان يسكب اللّٰه جزءا من اله معادل له؟
داني: ايضا لا.
جورج: وثمة عبارة مختلفة تشير الى الامتلاء من الروح القدس استخدمها يوحنا المعمدان في متى ٣:١١. هلّا قرأت هذه الآية من فضلك؟
داني: «انا اعمدكم بماء بسبب توبتكم، ولكن الآتي بعدي هو اقوى مني، الذي لست جديرا بأن اخلع نعليه. ذاك سيعمدكم بروح قدس وبنار».
جورج: شكرا. هل لاحظت ما الذي سيُجرى بروح قدس، حسبما قال يوحنا المعمدان؟
داني: لقد تحدث عن المعمودية بروح قدس.
جورج: هذا صحيح. لاحِظ ايضا انه ذكر المعمودية بنار. وطبعا، النار ليست شخصا. فهل تظن ان هذه الآية تشير ان الروح القدس هو شخص؟
داني: كلا.
جورج: اذًا، وفقا للآيات التي تأملنا فيها، ليس الروح القدس شخصا.
داني: صحيح، على ما يبدو.
بأي معنى هو «معِين»؟
جورج: لكنك سبق وذكرت التعبير «معِين». لقد اشار يسوع في يوحنا ١٤:٢٦ الى الروح القدس بأنه «معِين». لنقرأ الآية معا: «اما المعِين، الروح القدس، الذي سيرسله الآب باسمي، فذاك سيعلِّمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم». يعتقد البعض ان هذه الآية تدعم الفكرة القائلة ان الروح القدس هو شخص، اذ انه يعِين ويعلِّم.
داني: صحيح. لطالما فهمتها بهذه الطريقة.
جورج: لكن هل من الممكن ان يسوع استخدم هنا لغة مجازية؟ لاحِظ مثلا ما قاله عن الحكمة في لوقا ٧:٣٥: «الحكمة تتبرر بجميع اولادها». فهل يمكن القول ان الحكمة هي شخص ولديها اولاد؟
داني: كلا. من الواضح ان العبارة مجازية.
جورج: اوافق معك. فقد عنى يسوع ان الحكمة تتجلى في النتائج. غالبا ما يستخدم الكتاب المقدس صورا مجازية تسمى التشخيص، اي تمثيل فكرة او شيء في مظهر شخص. وكثيرا ما نستعمل صورا كهذه في محادثاتنا اليومية. على سبيل المثال، في هذا الصباح المشرق، أليس مألوفا القول: «ارفع الستارة ودع الشمس تدخل»؟
داني: انا نفسي استخدم هذه العبارة.
جورج: وهل تقصد بها ان الشمس شخص ينزل ضيفا في بيتك؟
داني: طبعا لا. انها لغة مجازية.
جورج: اذًا، حين تحدث يسوع عن الروح القدس كمعِين، او معلِّم، هل يمكن القول انه استخدم لغة مجازية؟
داني: اظن ذلك. وهذا يتوافق مع الآيات التي قرأتها عن سكب الروح القدس وعن معمودية اشخاص به. لكن إن لم يكن الروح القدس شخصا، فما هو اذًا؟
ما هو الروح القدس؟
جورج: في اعمال ١:٨ يخبرنا يسوع ما هو الروح القدس. هل ترغب في قراءتها؟
داني: «ستنالون قدرة متى اتى الروح القدس عليكم، وتكونون لي شهودا في اورشليم وفي كل اليهودية والسامرة وإلى اقصى الارض.»
جورج: لاحِظ ان يسوع يقرن الروح القدس بالقدرة. فمَن الذي يمنح هذه القدرة، وفقا للآيات التي قرأناها منذ قليل؟
داني: اللّٰه الآب.
جورج: اصبت. والروح القدس هو القوة عينها التي استخدمها اللّٰه لخلق الكون. نجد اشارة اليه في الآية الثانية من الكتاب المقدس. تقول تكوين ١:٢: «قوة اللّٰه الفعالة تروح وتجيء على وجه المياه». والكلمة العبرانية المنقولة هنا الى ‹قوة فعالة› تترجَم ايضا «روحا». فالروح القدس هو القوة الفعالة غير المنظورة التي بواسطتها يحقق اللّٰه قصده ويكشف مشيئته. اسمح لي ان اريك آية واحدة بعد لتتأمل فيها، هي لوقا ١١:١٣. هلّا قرأتها من فضلك؟
داني: «إن كنتم وأنتم اشرار تعرفون كيف تعطون اولادكم عطايا صالحة، فكم بالأحرى الآب في السماء يعطي روحا قدسا للذين يسألونه!».
جورج: بما ان الروح القدس تحت سلطة الآب، والآب يعطيه للذين يسألونه، فهل من المعقول ان يكون الروح القدس مساويا له؟
داني: كلا. فهمت قصدك.
جورج: لن آخذ المزيد من وقتك يا داني. فقد قلت لي ان لديك دقائق قليلة فقط. لكني سأطرح عليك سؤالا يوجز مناقشتنا: على ضوء الآيات التي تأملنا فيها، ما هو الروح القدس برأيك؟
داني: انه قوة اللّٰه الفعالة.
جورج: هذا صحيح. وحين تحدث يسوع عنه كمعِين او معلِّم في يوحنا ١٤:٢٦، كان يستخدم لغة مجازية تدعى التشخيص.
داني: لم اكن اعرف ذلك من قبل.
جورج: وثمة امر مطمئن جدا نستقيه من كلمات يسوع.
داني: ما هو؟
جورج: يمكننا ان نلتمس من اللّٰه عون روحه القدس لمواجهة الظروف الصعبة، وكذلك لتعلم الحق عنه.
داني: هذا مثير للاهتمام. علي ان افكر في الامر.
جورج: قبل ان اودِّعك، سأطرح فكرة اخرى لتتأمل فيها. بما ان الروح القدس هو قوة اللّٰه الفعالة، فهذا يعني ان بإمكان اللّٰه استخدامه لإنجاز كل ما يريد.
داني: بالتأكيد.
جورج: فلماذا لم يستخدم بعد هذه القوة غير المحدودة لإزالة كل ما يتفشى في العالم حولنا من بؤس وشر؟ هل سبق ان خطر في بالك سؤال كهذا؟a
داني: في الواقع، وردت هذه الفكرة على بالي.
جورج: ما رأيك ان اعود الاسبوع القادم في مثل هذا الوقت لنتناقش في هذا الموضوع؟
داني: اود ذلك. الى اللقاء.
[الحاشية]