الفصل ١٦
«اُعْبُرْ إِلَى مَقْدُونِيَةَ»
اَلْبَرَكَاتُ ٱلنَّاجِمَةُ عَنْ قُبُولِ ٱلتَّعْيِينَاتِ وَٱحْتِمَالِ ٱلِٱضْطِهَادِ بِفَرَحٍ
مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٦:٦-٤٠
١-٣ (أ) كَيْفَ لَمَسَ بُولُسُ وَرَفِيقَاهُ تَوْجِيهَ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ؟ (ب) مَاذَا نُرَاجِعُ فِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ؟
تُغَادِرُ مَجْمُوعَةٌ مِنَ ٱلنِّسْوَةِ مَدِينَةَ فِيلِبِّي فِي مَقْدُونِيَةَ. وَسُرْعَانَ مَا يَصِلْنَ إِلَى نَهْرٍ صَغِيرٍ هُوَ نَهْرُ جَانْجِيتِيس. وَكَعَادَتِهِنَّ يَجْلِسْنَ عَلَى ضَفَّةِ ٱلنَّهْرِ يُصَلِّينَ إِلَى إِلٰهِ إِسْرَائِيلَ؛ يُصَلِّينَ عَلَى مَرْأًى مِنَ يَهْوَهَ . . . — ٢ اخ ١٦:٩؛ مز ٦٥:٢.
٢ فِي هٰذِهِ ٱلْأَثْنَاءِ، وَعَلَى بُعْدِ أَكْثَرَ مِنْ ٨٠٠ كلم شَرْقِيَّ فِيلِبِّي، يُغَادِرُ بُولُسُ وَسِيلَا وَتِيمُوثَاوُسُ مَدِينَةَ لِسْتَرَةَ جَنُوبَ غَلَاطِيَةَ. وَإِذَا بِهِمْ بَعْدَ أَيَّامٍ أَمَامَ طَرِيقٍ رُومَانِيَّةٍ رَئِيسِيَّةٍ تَتَّجِهُ غَرْبًا نَحْوَ أَكْثَرِ ٱلْمَنَاطِقِ ٱكْتِظَاظًا فِي إِقْلِيمِ آسِيَا. يَعُدُّ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالُ ٱلدَّقَائِقَ حَتَّى يَجْتَازُوا هٰذِهِ ٱلطَّرِيقَ ٱلْمُعَبَّدَةَ وَيُوصِلُوا ٱلْبِشَارَةَ عَنِ ٱلْمَسِيحِ إِلَى آلَافِ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلْقَاطِنِينَ فِي أَفَسُسَ وَمُدُنٍ أُخْرَى. وَلٰكِنْ قَبْلَ ٱلْبَدْءِ بِرِحْلَتِهِمْ، يُوقِفُهُمُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ بِطَرِيقَةٍ مَا وَيَنْهَاهُمْ عَنِ ٱلْكِرَازَةِ فِي آسِيَا. وَمَا ٱلسَّبَبُ؟ لَقَدْ أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَقُودَ بُولُسَ وَرَفِيقَيْهِ عَبْرَ آسِيَا ٱلصُّغْرَى وَبَحْرِ إِيجَه إِلَى ضِفَّةِ ذَاكَ ٱلنَّهْرِ ٱلصَّغِيرِ ٱلْمَدْعُوِّ جَانْجِيتِيس، فَٱسْتَخْدَمَ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ لِهٰذَا ٱلْغَرَضِ.
٣ وَبِٱلْفِعْلِ تَوَجَّهَ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى مَقْدُونِيَةَ. وَٱلْأُسْلُوبُ ٱلَّذِي ٱعْتَمَدَهُ يَسُوعُ فِي تَوْجِيهِهِمْ خِلَالَ هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلِٱسْتِثْنَائِيَّةِ يَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهِ دُرُوسًا قَيِّمَةً لَنَا نَحْنُ ٱلْيَوْمَ. فَلْنَتَوَقَّفْ إِذًا عِنْدَ بَعْضِ ٱلْمَحَطَّاتِ فِي جَوْلَةِ بُولُسَ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلثَّانِيَةِ ٱلَّتِي ٱسْتَهَلَّهَا نَحْوَ ٱلْعَامِ ٤٩ بم.
«اَللّٰهُ قَدِ ٱسْتَدْعَانَا» (اعمال ١٦:٦-١٥)
٤، ٥ (أ) مَاذَا حَدَثَ لِبُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ قُرْبَ بِيثِينِيَةَ؟ (ب) أَيُّ قَرَارٍ ٱتَّخَذَهُ ٱلتَّلَامِيذُ، وَبِأَيِّ نَتِيجَةٍ؟
٤ مَاذَا فَعَلَ بُولُسُ وَرَفِيقَاهُ بَعْدَمَا مُنِعُوا مِنَ ٱلْكِرَازَةِ فِي آسِيَا؟ تَوَجَّهُوا شَمَالًا لِيُبَشِّرُوا مُدُنَ بِيثِينِيَةَ. وَلِبُلُوغِ وُجْهَتِهِمْ رُبَّمَا مَشَوْا أَيَّامًا عَلَى طُرُقَاتٍ غَيْرِ مُعَبَّدَةٍ تَرْبِطُ بَيْنَ مِنْطَقَتَيْ فَرِيجِيَةَ وَغَلَاطِيَةَ حَيْثُ ٱلْكَثَافَةُ ٱلسُّكَّانِيَّةُ مُنْخَفِضَةٌ. وَلٰكِنْ عِنْدَمَا دَنَوْا مِنْ بِيثِينِيَةَ، ٱسْتَخَدَمَ يَسُوعُ لِلْمَرَّةِ ٱلثَّانِيَةِ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ لِمَنْعِهِمْ مِنْ مُتَابَعَةِ سَيْرِهِمْ. (اع ١٦:٦، ٧) فَمَاذَا إِذًا؟! لَا بُدَّ أَنَّ ٱلرِّجَالَ وَقَعُوا فِي حَيْرَةٍ. فَقَدْ عَرَفُوا بِمَ يَكْرِزُونَ وَكَيْفَ يَكْرِزُونَ، لٰكِنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا أَيْنَ يَكْرِزُونَ. قَرَعُوا بَابَ آسِيَا، وَإِذَا بِهِ مُوْصَدٌ فِي وَجْهِهِمْ. قَرَعُوا بَابَ بِيثِينِيَةَ، فَلَمْ يَكُنْ أَفْضَلَ حَالًا. فَهَلْ أَلْقَوُا ٱلسِّلَاحَ وَٱسْتَسْلَمُوا؟ إِطْلَاقًا! فَٱلرَّسُولُ بُولُسُ كَانَ عَازِمًا أَنْ يُدَاوِمَ عَلَى ٱلْقَرْعِ حَتَّى يُفْتَحَ لَهُ. عِنْدَئِذٍ ٱتَّخَذُوا قَرَارًا يَبْدُو لِلْوَهْلَةِ ٱلْأُولَى ٱعْتِبَاطِيًّا. فَقَدْ مَشَوْا غَرْبًا نَحْوَ ٥٥٠ كلم مُتَجَاوِزِينَ ٱلْمَدِينَةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى حَتَّى بَلَغُوا مَرْفَأَ تَرُوَاسَ، بَوَّابَةَ مَقْدُونِيَةَ ٱلطَّبِيعِيَّةَ. (اع ١٦:٨) وَهُنَاكَ قَرَعَ بُولُسُ بَابًا ثَالِثًا؛ فَإِذَا بِهِ يُفْتَحُ عَلَى مِصْرَاعَيْهِ!
٥ يُطْلِعُنَا كَاتِبُ ٱلْإِنْجِيلِ لُوقَا ٱلَّذِي ٱنْضَمَّ إِلَى بُولُسَ وَرَفِيقَيْهِ فِي تَرُوَاسَ عَلَى تَفَاصِيلِ مَا جَرَى. يَقُولُ: «فِي ٱللَّيْلِ تَرَاءَتْ لِبُولُسَ رُؤْيَا: رَجُلٌ مَقْدُونِيٌّ وَاقِفٌ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: ‹اُعْبُرْ إِلَى مَقْدُونِيَةَ وَأَعِنَّا›. فَمَا إِنْ رَأَى ٱلرُّؤْيَا حَتَّى طَلَبْنَا أَنْ نَنْطَلِقَ إِلَى مَقْدُونِيَةَ، إِذِ ٱسْتَنْتَجْنَا أَنَّ ٱللّٰهَ قَدِ ٱسْتَدْعَانَا لِنُبَشِّرَهُمْ».a (اع ١٦:٩، ١٠) وَأَخِيرًا، عَرَفَ بُولُسُ أَيْنَ يَكْرِزُ! فَأَبْحَرَ ٱلرِّجَالُ ٱلْأَرْبَعَةُ مِنْ فَوْرِهِمْ إِلَى مَقْدُونِيَةَ. وَيَا لَلْفَرْحَةِ ٱلَّتِي غَمَرَتْ بُولُسَ إِذْ أَكْمَلَ ٱلْمَسِيرَةَ وَلَمْ يَسْتَسْلِمْ!
٦، ٧ (أ) مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِمَّا حَدَثَ خِلَالَ رِحْلَةِ بُولُسَ؟ (ب) مَاذَا نَسْتَخْلِصُ مِنْ مُثَابَرَةِ بُولُسَ؟
٦ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةِ؟ لَاحِظْ مَا يَلِي: لَمْ يَتَدَخَّلْ يَسُوعُ مِنْ خِلَالِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ إِلَّا بَعْدَمَا ٱنْطَلَقَ بُولُسُ فِي رِحْلَتِهِ؛ وَلَمْ يُوقِفْهُ عَنِ ٱلتَّقَدُّمِ إِلَّا بَعْدَمَا ٱقْتَرَبَ مِنْ بِيثِينِيَةَ؛ وَلَمْ يُوَجِّهْهُ إِلَى مَقْدُونِيَةَ إِلَّا بَعْدَمَا وَصَلَ إِلَى تَرُوْاسَ. وَٱلْيَوْمَ، قَدْ يَتَعَامَلُ مَعَنَا يَسُوعُ رَأْسُ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ بِطَرِيقَةٍ مُشَابِهَةٍ. (كو ١:١٨) فَلَعَلَّكَ تُفَكِّرُ مُنْذُ بَعْضِ ٱلْوَقْتِ فِي ٱلِٱنْهِمَاكِ فِي خِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ أَوِ ٱلِٱنْتِقَالِ إِلَى مِنْطَقَةٍ حَيْثُ ٱلْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إِلَى نَاشِرِينَ لِلْمَلَكُوتِ. وَلٰكِنْ مِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَلَّا يُوَجِّهَكَ يَسُوعُ بِوَاسِطَةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ إِلَّا بَعْدَمَا تَتَّخِذُ خُطُوَاتٍ مُحَدَّدَةً لِبُلُوغِ هَدَفِكَ. فَهَلْ لِلسَّائِقِ أَنْ يُوَجِّهَ سَيَّارَتَهُ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا إِذَا لَمْ تَكُنْ تَسِيرُ؟! بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، لَا يُرْشِدُنَا يَسُوعُ لِنُوَسِّعَ خِدْمَتَنَا فِي حَالِ لَمْ نَبْذُلْ جُهْدًا حَقِيقِيًّا لِبُلُوغِ هَدَفِنَا.
٧ وَلٰكِنْ مَاذَا لَوْ لَمْ تُثْمِرْ جُهُودُنَا عَلَى ٱلْفَوْرِ؟ هَلْ نَسْتَسْلِمُ ظَنًّا مِنَّا أَنَّ رُوحَ ٱللّٰهِ لَا يُوَجِّهُنَا؟ لِنَتَذَكَّرْ أَنَّ بُولُسَ أَيْضًا وَاجَهَ ٱلْعَرَاقِيلَ، إِلَّا أَنَّهُ ثَابَرَ عَلَى ٱلسَّعْيِ حَتَّى وَجَدَ بَابًا يُفْتَحُ لَهُ. وَفِي حَالِ ثَابَرْنَا نَحْنُ أَيْضًا، سَيُفْتَحُ أَمَامَنَا دُونَ شَكٍّ «بَابٌ كَبِيرٌ يُؤَدِّي إِلَى ٱلنَّشَاطِ». — ١ كو ١٦:٩.
٨ (أ) صِفُوا مَدِينَةَ فِيلِبِّي. (ب) أَيُّ حَدَثٍ سَارٍّ نَجَمَ عَنْ كِرَازَةِ بُولُسَ فِي «مَكَانِ صَلَاةٍ»؟
٨ بَعْدَ ٱلْوُصُولِ إِلَى إِقْلِيمِ مَقْدُونِيَةَ، سَافَرَ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى فِيلِبِّي، مَدِينَةٍ يَعْتَزُّ سُكَّانُهَا بِمُوَاطِنِيَّتِهِمِ ٱلرُّومَانِيَّةِ. وَقَدْ أَقَامَ فِيهَا جُنُودٌ رُومَانٌ مُتَقَاعِدُونَ، فَكَانَتْ هٰذِهِ ٱلْمُسْتَعْمَرَةُ فِي نَظَرِهِمْ نُسْخَةً مُصَغَّرَةً عَنْ إِيطَالِيَا؛ بِمَثَابَةِ رُومَا صَغِيرَةٍ نَابِتَةٍ فِي أَحْضَانِ مَقْدُونِيَةَ. وَخَارِجَ بَابِ ٱلْمَدِينَةِ عِنْدَ نَهْرٍ صَغِيرٍ، وَجَدَ ٱلْمُرْسَلُونَ مَوْضِعًا ظَنُّوا أَنَّهُ «مَكَانُ صَلَاةٍ».b فَنَزَلُوا فِي ٱلسَّبْتِ إِلَى هُنَاكَ وَوَجَدُوا عِدَّةَ نِسَاءٍ مُجْتَمِعَاتٍ لِعِبَادَةِ ٱللّٰهِ. فَجَلَسُوا إِذَّاكَ وَٱبْتَدَأُوا يَتَكَلَّمُونَ مَعَهُنَّ. «وَكَانَتْ تَسْمَعُ ٱمْرَأَةٌ ٱسْمُهَا لِيدِيَةُ . . . فَفَتَحَ يَهْوَهُ قَلْبَهَا». وَقَدْ تَأَثَّرَتْ جِدًّا بِمَا سَمِعَتْهُ لِدَرَجَةِ أَنَّهَا ٱعْتَمَدَتْ هِيَ وَأَهْلُ بَيْتِهَا. ثُمَّ «أَلْزَمَتْ» بُولُسَ وَرِفَاقَهُ أَنْ يَمْكُثُوا عِنْدَهَا.c — اع ١٦:١٣-١٥.
٩ كَيْفَ يَقْتَدِي كَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ بِمِثَالِ بُولُسَ، وَأَيَّ بَرَكَاتٍ يَحْصُدُونَ؟
٩ تَخَيَّلِ ٱلسَّعَادَةَ ٱلَّتِي غَمَرَتِ ٱلْحَاضِرِينَ جَمِيعًا عِنْدَ مَعْمُودِيَّةِ لِيدِيَةَ. فَكِّرْ بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ بِشَكْلٍ خَاصٍّ. كَمْ فَرِحَ دُونَ شَكٍّ لِأَنَّ يَهْوَهَ قَرَّرَ ٱسْتِخْدَامَهُ هُوَ وَرِفَاقِهِ لِٱسْتِجَابَةِ صَلَوَاتِ ٱلنِّسَاءِ ٱلْمُتَعَبِّدَاتِ! وَكَمْ سُرَّ لِأَنَّهُ قَبِلَ ٱلدَّعْوَةَ أَنْ ‹يَعْبُرَ إِلَى مَقْدُونِيَةَ›! وَفِي أَيَّامِنَا، يَنْتَقِلُ إِخْوَةٌ وَأَخَوَاتٌ كَثِيرُونَ — صِغَارًا كَانُوا أَوْ كِبَارًا، عُزَّابًا أَوْ مُتَزَوِّجِينَ — إِلَى مَنَاطِقَ بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى مُنَادِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ. صَحِيحٌ أَنَّهُمْ يُوَاجِهُونَ ٱلصُّعُوبَاتِ، لٰكِنَّهَا تَبْدُو كَلَا شَيْءٍ بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَ ٱلِٱكْتِفَاءِ ٱلَّذِي يَلْمُسُونَهُ عِنْدَ إِيجَادِ أَشْخَاصٍ يَعْتَنِقُونَ حَقَائِقَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ كَمَا فَعَلَتْ لِيدِيَةُ. فَهَلْ فِي وِسْعِكَ أَنْ تُعَدِّلَ فِي حَيَاتِكَ بِحَيْثُ ‹تَعْبُرُ› إِلَى مُقَاطَعَةٍ ٱلْحَاجَةُ فِيهَا مَاسَّةٌ؟ تَأَكَّدْ أَنَّ بَرَكَاتٍ وَافِرَةً فِي ٱنْتِظَارِكَ. وَثَمَّةَ شَوَاهِدُ كَثِيرَةٌ تَدُلُّ عَلَى ذٰلِكَ. تَأَمَّلْ مَثَلًا فِي آرُون، أَخٍ فِي عِشْرِينَاتِهِ ٱنْتَقَلَ إِلَى أَمِيرْكَا ٱلْوُسْطَى. يُعَبِّرُ قَائِلًا: «سَاعَدَتْنِي ٱلْخِدْمَةُ خَارِجَ بَلَدِي أَنْ أَنْمُوَ رُوحِيًّا وَأَقْتَرِبَ إِلَى يَهْوَهَ. وَخِدْمَةُ ٱلْحَقْلِ هُنَا رَائِعَةٌ، فَأَنَا أُدِيرُ ثَمَانِيَةَ دُرُوسٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ!».
«قَامَ ٱلْجَمْعُ مَعًا عَلَيْهِمَا» (اعمال ١٦:١٦-٢٤)
١٠ كَيْفَ سَاهَمَتْ يَدٌ إِبْلِيسِيَّةٌ فِي إِيقَاعِ بُولُسَ وَرِفَاقِهِ فِي وَرْطَةٍ؟
١٠ مِنَ ٱلْمُؤَكَّدِ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ ٱسْتَشَاطَ غَضَبًا لِأَنَّ بِذَارَ ٱلْحَقِّ ٱنْغَرَسَ فِي مِنْطَقَةٍ مِنَ ٱلْعَالَمِ حَيْثُ كَانَ هُوَ وَأَبَالِسَتُهُ يَعْمَلُونَ عَلَى كَيْفِهِمْ. فَلَا نَسْتَغْرِبْ إِذًا أَنَّ يَدًا إِبْلِيسِيَّةً سَاهَمَتْ فِي إِيقَاعِ بُولُسَ وَرِفَاقِهِ فِي وَرْطَةٍ. إِلَيْكَ مَا حَدَثَ: بَيْنَمَا وَاصَلَ ٱلْمُبَشِّرُونَ زِيَارَةَ مَكَانِ ٱلصَّلَاةِ، لَاقَتْهُمْ جَارِيَةٌ بِهَا رُوحٌ شَيْطَانِيَّةٌ كَانَتْ تُكْسِبُ أَرْبَابَهَا ٱلْمَالَ بِٱلتَّكَهُّنِ. وَٱسْتَمَرَّتْ تَتْبَعُهُمْ وَتَصْرُخُ: «هٰؤُلَاءِ ٱلنَّاسُ هُمْ عَبِيدُ ٱللّٰهِ ٱلْعَلِيِّ، ٱلَّذِينَ يُنَادُونَ لَكُمْ بِطَرِيقِ ٱلْخَلَاصِ». لَرُبَّمَا جَعَلَهَا ٱلشَّيْطَانُ تُنَادِي بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ لِيُوهِمَ ٱلسَّامِعِينَ أَنَّ تَكَهُّنَاتِهَا وَتَعَالِيمَ بُولُسَ مِنَ ٱلْمَصْدَرِ نَفْسِهِ. وَهٰكَذَا يُشَتِّتُ ٱنْتِبَاهَهُمْ عَنْ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ ٱلْحَقِيقِيِّينَ. غَيْرَ أَنَّ بُولُسَ أَسْكَتَهَا بِإِخْرَاجِ ٱلشَّيْطَانِ مِنْهَا. — اع ١٦:١٦-١٨.
١١ مَاذَا حَدَثَ لِبُولُسَ وَسِيلَا بَعْدَ طَرْدِ ٱلشَّيْطَانِ مِنَ ٱلْجَارِيَةِ؟
١١ حَالَمَا عَلِمَ أَرْبَابُ ٱلْجَارِيَةِ أَنَّ مَصْدَرَ رِبْحِهِمِ ٱلسَّرِيعِ قَدْ تَبَخَّرَ، حَزَّ ٱلْغَيْظُ فِي قُلُوبِهِمْ. فَجَرُّوا بُولُسَ وَسِيلَا إِلَى سَاحَةِ ٱلسُّوقِ حَيْثُ كَانَ مَأْمُورُو ٱلْإِدَارَةِ (رَسْمِيُّونَ يُمَثِّلُونَ ٱلسُّلْطَةَ ٱلرُّومَانِيَّةَ) يَبُتُّونَ بِٱلدَّعَاوَى ٱلْقَضَائِيَّةِ. ثُمَّ خَاطَبُوا رُوحَهُمُ ٱلْوَطَنِيَّةَ وَحَرَّكُوا ٱلنُّعَرَةَ ٱلْعُنْصُرِيَّةَ لَدَيْهِمْ، إِذْ قَالُوا مَا فَحْوَاهُ: ‹هٰذَانِ ٱلْيَهُودِيَّانِ يُثِيرَانِ ٱضْطِرَابًا بِتَعْلِيمِ عَوَائِدَ لَا يَحِلُّ لَنَا نَحْنُ ٱلرُّومَانِيِّينَ قُبُولُهَا›. وَكَانَ لِكَلِمَاتِهِمْ مَفْعُولٌ فَوْرِيٌّ. «فَقَامَ ٱلْجَمْعُ [فِي سَاحَةِ ٱلسُّوقِ] مَعًا عَلَيْهِمَا [بُولُسَ وَسِيلَا]» وَأَمَرَ ٱلْقُضَاةُ أَنْ «يُضْرَبَا بِٱلْعِصِيِّ». بَعْدَئِذٍ ٱقْتِيدَ ٱلرَّجُلَانِ ٱلْجَرِيحَانِ إِلَى ٱلْحَبْسِ، فَأَلْقَاهُمَا ٱلسَّجَّانُ فِي ٱلسِّجْنِ ٱلدَّاخِلِيِّ وَثَبَّتَ أَرْجُلَهُمَا فِي ٱلْمِقْطَرَةِ. (اع ١٦:١٩-٢٤) وَحِينَ أَوْصَدَ ٱلْبَابَ خَلْفَهُمَا، جَلَسَا فِي عَتَمَةِ ٱلزِّنْزَانَةِ بِٱلْكَادِ يَرَيَانِ وَاحِدُهُمَا ٱلْآخَرَ. مَعَ ذٰلِكَ، كَانَ ثَمَّةَ مَنْ يُرَاقِبُ! — مز ١٣٩:١٢.
١٢ (أ) كَيْفَ نَظَرَ تَلَامِيذُ ٱلْمَسِيحِ إِلَى ٱلِٱضْطِهَادِ، وَلِمَاذَا؟ (ب) أَيَّةُ أَسَالِيبَ لَا يَزَالُ ٱلشَّيْطَانُ وَعُمَلَاؤُهُ يَعْتَمِدُونَهَا فِي مُقَاوَمَةِ شَعْبِ ٱللّٰهِ؟
١٢ قَبْلَ سَنَوَاتٍ، قَالَ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ بِكُلِّ صَرَاحَةٍ: «سَيَضْطَهِدُونَكُمْ». (يو ١٥:٢٠) لِذٰلِكَ حِينَ عَبَرَ بُولُسُ وَمَنْ مَعَهُ إِلَى مَقْدُونِيَةَ كَانُوا مُهَيَّئِينَ لِمُوَاجَهَةِ ٱلْمُقَاوَمَةِ. وَحِينَ ٱضْطُهِدُوا لَمْ يَسْتَنْتِجُوا أَنَّ يَهْوَهَ غَيْرُ رَاضٍ عَنْهُمْ، بَلِ ٱعْتَبَرُوا هٰذِهِ ٱلْمِحْنَةَ دَلَالَةً عَلَى غَضَبِ ٱلشَّيْطَانِ. وَٱلْيَوْمَ أَيْضًا، يَعْمِدُ عُمَلَاءُ إِبْلِيسَ إِلَى أَسَالِيبَ مُشَابِهَةٍ. فَٱلْمُقَاوِمُونَ ٱلْمَاكِرُونَ يُشَوِّهُونَ صُورَتَنَا فِي ٱلْمَدَارِسِ وَأَمَاكِنِ ٱلْعَمَلِ مُؤَجِّجِينَ بِٱلتَّالِي نَارَ ٱلِٱضْطِهَادِ. وَفِي بَعْضِ ٱلْبُلْدَانِ، يَجُرُّنَا ٱلْمُقَاوِمُونَ ٱلدِّينِيُّونَ إِلَى ٱلْمَحَاكِمِ. وَٱلتُّهْمَةُ فِي ٱلْحَقِيقَةِ هِيَ كَمَا يَلِي: ‹هٰؤُلَاءِ ٱلشُّهُودُ يُثِيرُونَ ٱضْطِرَابًا بِتَعْلِيمِ عَوَائِدَ لَا يَحِلُّ لَنَا نَحْنُ «ٱلْمُحَافِظِينَ» قُبُولُهَا›. وَفِي بَعْضِ ٱلْحَالَاتِ، يُضْرَبُ رُفَقَاؤُنَا ٱلْمُؤْمِنُونَ وَيُزَجُّونَ فِي ٱلسِّجْنِ. وَلٰكِنْ لِنَتَذَكَّرْ، ثَمَّةَ مَنْ يُرَاقِبُ! — ١ بط ٣:١٢.
«اِعْتَمَدَ فِي ٱلْحَالِ» (اعمال ١٦:٢٥-٣٤)
١٣ مَاذَا دَفَعَ ٱلسَّجَّانَ أَنْ يَسْتَفْسِرَ عَنِ ٱلسَّبِيلِ إِلَى ٱلْخَلَاصِ؟
١٣ لَا بُدَّ أَنَّ ٱسْتِيعَابَ أَحْدَاثِ ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ ٱلصَّعْبِ ٱسْتَلْزَمَ وَقْتًا، لٰكِنَّهُ لَمْ يَعْصِ عَلَى بُولُسَ وَسِيلَا. فَبِحُلُولِ مُنْتَصَفِ ٱللَّيْلِ نَجِدُهُمَا «يُصَلِّيَانِ وَيُسَبِّحَانِ ٱللّٰهَ بِٱلتَّرْنِيمِ». وَلٰكِنْ فَجْأَةً ضَرَبَ زِلْزَالٌ عَظِيمٌ حَتَّى تَزَعْزَعَتْ أَسَاسَاتُ ٱلْحَبْسِ. فَٱسْتَيْقَظَ ٱلسَّجَّانُ وَإِذَا بَٱلْأَبْوَابِ مَفْتُوحَةٌ! فَتَمَلَّكَهُ ٱلْخَوْفُ ظَانًّا أَنَّ ٱلسُّجَنَاءَ قَدْ هَرَبُوا. عِنْدَئِذٍ «ٱسْتَلَّ سَيْفَهُ وَأَوْشَكَ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ»، عَالِمًا أَنَّهُ سَيُعَاقَبُ عَلَى هُرُوبِهِمْ. فَصَاحَ بُولُسُ قَائِلًا: «لَا تُؤْذِ نَفْسَكَ، لِأَنَّنَا جَمِيعًا هُنَا!». فَسَأَلَ ٱلسَّجَّانُ مَذْعُورًا: «يَا سَيِّدَيَّ، مَاذَا عَلَيَّ أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟». إِلَّا أَنَّ خَلَاصَهُ لَمْ يَكُنْ لَا بِيَدِ بُولُسَ وَلَا سِيلَا، بَلْ بِيَدِ يَسُوعَ وَحْدَهُ. فَأَجَابَا: «آمِنْ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ». — اع ١٦:٢٥-٣١.
١٤ (أ) كَيْفَ سَاعَدَ بُولُسُ وَسِيلَا ٱلسَّجَّانَ؟ (ب) كَيْفَ بُورِكَ بُولُسُ وَسِيلَا لِٱحْتِمَالِهِمَا ٱلِٱضْطِهَادَ بِفَرَحٍ؟
١٤ فَهَلْ طَرَحَ ٱلسَّجَّانُ سُؤَالَهُ بِنِيَّةٍ صَادِقَةٍ؟ لَمْ يُشَكِّكْ بُولُسُ إِطْلَاقًا فِي صِدْقِهِ وَإِخْلَاصِهِ. وَبِمَا أَنَّ ٱلرَّجُلَ كَانَ أُمَمِيًّا غَيْرَ مُطَّلِعٍ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ، لَزِمَ أَنْ يَتَعَلَّمَ وَيَقْبَلَ حَقَائِقَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلْأَسَاسِيَّةَ قَبْلَ ٱعْتِنَاقِهِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ. فَخَصَّصَ بُولُسُ وَسِيلَا ٱلْوَقْتَ لِيُكَلِّمَاهُ «بِكَلِمَةِ يَهْوَهَ». وَلَعَلَّ ٱنْهِمَاكَهُمَا فِي تَعْلِيمِهِ أَلْهَاهُمَا عَنْ وَجَعِهِمَا نَتِيجَةَ ٱلضَّرْبِ ٱلْمُبَرِّحِ. غَيْرَ أَنَّ ٱلسَّجَّانَ ٱنْتَبَهَ لِحَالَتِهِمَا، فَأَخَذَهُمَا وَغَسَّلَ جِرَاحَاتِهِمَا. ثُمَّ «ٱعْتَمَدَ فِي ٱلْحَالِ» هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ. فَيَا لَلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي حَصَدَهَا بُولُسُ وَسِيلَا إِذِ ٱحْتَمَلَا ٱلِٱضْطِهَادَ بِفَرَحٍ! — اع ١٦:٣٢-٣٤.
١٥ (أ) كَيْفَ يَتَّبِعُ شُهُودٌ عَدِيدُونَ ٱلْيَوْمَ مِثَالَ بُولُسَ وَسِيلَا؟ (ب) لِمَ عَلَيْنَا ٱلْمُوَاظَبَةُ عَلَى زِيَارَةِ ٱلنَّاسِ فِي مُقَاطَعَتِنَا ٱلْمَرَّةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى؟
١٥ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ وَسِيلَا، يَكْرِزُ شُهُودٌ عَدِيدُونَ ٱلْيَوْمَ فِيمَا هُمْ مَسْجُونُونَ بِسَبَبِ إِيمَانِهِمْ، فَيَحْصُدُونَ نَتَائِجَ رَائِعَةً. خُذْ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ بَلَدًا كَانَ عَمَلُنَا مَحْظُورًا فِيهِ. فَفِي وَقْتٍ مِنَ ٱلْأَوْقَاتِ، بَلَغَتْ نِسْبَةُ ٱلشُّهُودِ ٱلَّذِينَ تَعَرَّفُوا إِلَى ٱلْحَقِّ وَهُمْ فِي ٱلسِّجْنِ ٤٠ فِي ٱلْمِئَةِ مِنْ مَجْمُوعِ ٱلْإِخْوَةِ هُنَاكَ! (اش ٥٤:١٧) لَاحِظْ أَيْضًا أَنَّ ٱلسَّجَّانَ لَمْ يَطْلُبِ ٱلْمُسَاعَدَةَ إِلَّا بَعْدَمَا ضَرَبَ ٱلزِّلْزَالُ. بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، لَا يَتَجَاوَبُ ٱلْبَعْضُ ٱلْيَوْمَ مَعَ رِسَالَةِ ٱلْمَلَكُوتِ إِلَّا بَعْدَمَا يَهْتَزُّ عَالَمُهُمْ بِفِعْلِ كَارِثَةٍ مَا. لِذَا لِنُوَاظِبْ بِأَمَانَةٍ عَلَى زِيَارَةِ ٱلنَّاسِ فِي مُقَاطَعَتِنَا ٱلْمَرَّةَ تِلْوَ ٱلْأُخْرَى، فَنُوَفِّرَ لَهُمُ ٱلْمُسَاعَدَةَ حَالَمَا يَطْلُبُونَهَا.
«أَفَٱلْآنَ يَطْرُدُونَنَا سِرًّا؟» (اعمال ١٦:٣٥-٤٠)
١٦ كَيْفَ ٱنْقَلَبَتْ كُلُّ ٱلْمَوَازِينِ فِي ٱلصَّبَاحِ ٱلتَّالِي؟
١٦ فِي ٱلصَّبَاحِ ٱلتَّالِي، قَرَّرَ مَأْمُورُو ٱلْمَدِينَةِ إِخْلَاءَ سَبِيلِ بُولُسَ وَسِيلَا. إِلَّا أَنَّ بُولُسَ أَجَابَ: «جَلَدُونَا عَلَانِيَةً غَيْرَ مَحْكُومٍ عَلَيْنَا، وَنَحْنُ رَجُلَانِ رُومَانِيَّانِ، وَأَلْقَوْنَا فِي ٱلسِّجْنِ. أَفَٱلْآنَ يَطْرُدُونَنَا سِرًّا؟ كَلَّا! بَلْ لِيَأْتُوا هُمْ أَنْفُسُهُمْ وَيُخْرِجُونَا». وَمَا إِنْ عَلِمَ ٱلْمَسْؤُولُونَ أَنَّ بُولُسَ وَسِيلَا مُوَاطِنَانِ رُومَانِيَّانِ حَتَّى «خَافُوا» كَثِيرًا لِأَنَّهُمُ ٱنْتَهَكُوا حُقُوقَهُمَا.d فِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ ٱنْقَلَبَتْ كُلُّ ٱلْمَوَازِينِ! فَبَعْدَ أَنْ ضُرِبَ ٱلتِّلْمِيذَانِ عَلَى ٱلْمَلَإِ، وَجَبَ ٱلْآنَ عَلَى مَأْمُورِي ٱلْمَدِينَةِ أَنْفُسِهِمْ أَنْ يُقَدِّمُوا لَهُمَا ٱعْتِذَارًا عَلَنِيًّا! فَأَتَوْا وَتَوَسَّلُوا إِلَيْهِمَا طَالِبِينَ مِنْهُمَا ٱلِٱنْصِرَافَ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ. أَمَّا ٱلتِّلْمِيذَانِ فَلَمْ يَرُدَّا طَلَبَهُمْ، وَلٰكِنْ بَقِيَ عَلَيْهِمَا ٱلْقِيَامُ بِأَمْرٍ أَخِيرٍ. فَقَدْ أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا وَيُشَجِّعَا ٱلتَّلَامِيذَ ٱلْجُدُدَ أَوَّلًا وَمِنْ ثَمَّ يُغَادِرَا.
١٧ أَيُّ دَرْسٍ مُهِمٍّ أُتِيحَ لِلتَّلَامِيذِ ٱلْجُدُدِ تَعَلُّمُهُ بِفَضْلِ ٱحْتِمَالِ بُولُسَ وَسِيلَا؟
١٧ لَوْ لَمْ تُنْتَهَكْ حُقُوقُ بُولُسَ وَسِيلَا ٱلْقَانُونِيَّةُ، لَتَمَكَّنَا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مِنْ تَفَادِي ٱلضَّرْبِ. (اع ٢٢:٢٥، ٢٦) وَلٰكِنْ رُبَّمَا يُخَيَّلُ عِنْدَئِذٍ لِلتَّلَامِيذِ فِي فِيلِبِّي أَنَّهُمَا ٱسْتَغَلَّا وَضْعَهُمَا لِلْإِفْلَاتِ مِنَ ٱلْمُعَانَاةِ فِي سَبِيلِ ٱلْمَسِيحِ. وَأَيُّ أَثَرٍ سَيَتْرُكُهُ ذٰلِكَ فِي إِيمَانِ ٱلتَّلَامِيذِ ٱلَّذِينَ لَا يَحْمِلُونَ ٱلْجِنْسِيَّةَ ٱلرُّومَانِيَّةَ؟ فَهٰؤُلَاءِ لَمْ يُؤَمِّنْ لَهُمُ ٱلْقَانُونُ ٱلْحِمَايَةَ مِنَ ٱلْجَلْدِ. لِذٰلِكَ حِينَ تَحَمَّلَ بُولُسُ وَسِيلَا ٱلْعِقَابَ، أَظْهَرَا لِلْمُؤْمِنِينَ ٱلْجُدُدِ بِمِثَالِهِمَا أَنَّ أَتْبَاعَ ٱلْمَسِيحِ قَادِرُونَ عَلَى ٱلثَّبَاتِ فِي وَجْهِ ٱلِٱضْطِهَادِ. مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، حِينَ سَعَيَا إِلَى ٱلْحُصُولِ عَلَى حُقُوقِهِمَا ٱلرُّومَانِيَّةِ، أَجْبَرَا ٱلْمَأْمُورِينَ عَلَى ٱلِٱعْتِرَافِ بِخَرْقِ ٱلْقَانُونِ أَمَامَ ٱلرَّأْيِ ٱلْعَامِّ. وَلَعَلَّ هٰذَا يَرْدَعُهُمْ مِنَ ٱلْإِسَاءَةِ إِلَى ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَيُوَفِّرُ لِلْإِخْوَةِ مِقْدَارًا مِنَ ٱلْحِمَايَةِ ٱلْقَانُونِيَّةِ فِي وَجْهِ هَجَمَاتٍ مُمَاثِلَةٍ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.
١٨ (أ) كَيْفَ يَقْتَدِي ٱلنُّظَّارُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ بِمِثَالِ بُولُسَ؟ (ب) كَيْفَ نَعْمَلُ عَلَى «ٱلدِّفَاعِ عَنِ ٱلْبِشَارَةِ وَتَثْبِيتِهَا قَانُونِيًّا» فِي أَيَّامِنَا؟
١٨ وَفِي أَيَّامِنَا، يَقُودُ ٱلنُّظَّارُ أَعْضَاءَ ٱلْجَمَاعَةِ بِرَسْمِ ٱلْمِثَالِ أَمَامَهُمْ. فَهُمْ لَا يَتَوَقَّعُونَ مِنْ رُفَقَائِهِمِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أُمُورًا لَيْسُوا مُسْتَعِدِّينَ هُمْ أَنْفُسُهُمْ لِلْقِيَامِ بِهَا. وَفِي مَجَالٍ آخَرَ أَيْضًا نَتَمَثَّلُ جَمِيعُنَا بِبُولُسَ حِينَ نَدْرُسُ جَيِّدًا كَيْفَ وَمَتَى نَسْتَعْمِلُ حُقُوقَنَا ٱلْقَانُونِيَّةَ لِطَلَبِ ٱلْحِمَايَةِ. فَعِنْدَ ٱلْحَاجَةِ، نَرْفَعُ دَعْوَانَا إِلَى ٱلْمَحَاكِمِ ٱلْقَضَائِيَّةِ، ٱلْمَحَلِّيَّةِ وَٱلْوَطَنِيَّةِ وَٱلدُّوَلِيَّةِ، لِلْحُصُولِ عَلَى حِمَايَةٍ قَانُونِيَّةٍ تَكْفِلُ لَنَا حُرِّيَّةَ ٱلْعِبَادَةِ. وَهَدَفُنَا مِنْ ذٰلِكَ لَيْسَ ٱلْإِصْلَاحَ ٱلِٱجْتِمَاعِيَّ، بَلِ «ٱلدِّفَاعُ عَنِ ٱلْبِشَارَةِ وَتَثْبِيتُهَا قَانُونِيًّا»، حَسْبَمَا كَتَبَ بُولُسُ إِلَى جَمَاعَةِ فِيلِبِّي بَعْدَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا. (في ١:٧) وَمَهْمَا كَانَتْ نَتَائِجُ هٰذِهِ ٱلدَّعَاوَى، فَنَحْنُ مُصَمِّمُونَ عَلَى غِرَارِ بُولُسَ وَرُفَقَائِهِ أَنْ نُوَاصِلَ ‹ٱلْبِشَارَةَ› حَيْثُمَا يُوَجِّهُنَا رُوحُ يَهْوَهَ. — اع ١٦:١٠.
a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «لُوقَا: كَاتِبُ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ».
b يُحْتَمَلُ أَنَّ ٱلْيَهُودَ مُنِعُوا مِنْ إِقَامَةِ مَجْمَعٍ فِي ٱلْمَدِينَةِ بِسَبَبِ طَابِعِهَا ٱلْعَسْكَرِيِّ. أَوْ رُبَّمَا لَمْ يَتَوَفَّرْ فِيهَا عَشَرَةُ رِجَالٍ يَهُودٍ، وَهُوَ ٱلْحَدُّ ٱلْأَدْنَى ٱلْمَطْلُوبُ لِتَأْسِيسِ مَجْمَعٍ.
c اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «لِيدِيَةُ: بَائِعَةُ ٱلْأُرْجُوَانِ».
d كَفِلَ ٱلْقَانُونُ ٱلرُّومَانِيُّ حَقَّ ٱلْمُوَاطِنِينَ فِي ٱلْخُضُوعِ لِمُحَاكَمَةٍ بِحَسَبِ ٱلْأُصُولِ ٱلْمَرْعِيَّةِ، وَمَنَعَ إِنْزَالَ أَيِّ عِقَابٍ عَلَنِيٍّ فِي مُتَّهَمٍ لَمْ تَثْبُتْ إِدَانَتُهُ.