الى من يمكننا ان نتطلع من اجل العدل الحقيقي؟
«أديّان كل الارض لا يصنع عدلا.» — تكوين ١٨:٢٥.
١ و ٢ كيف يكون رد فعل اناس كثيرين تجاه المظالم السائدة؟
ربما تدركون بحزن ان المظالم تكثر. فكيف تتجاوبون شخصيا مع النقص السائد في العدل الحقيقي؟
٢ بعض الناس يكون رد فعلهم الشك في وجود اله عادل. وقد يدَّعون ايضا انهم لاأدريون. وعلى الارجح سمعتم بهذا التعبير. انه يشير الى شخص يشعر «بأن اية حقيقة مطلقة (كاللّٰه) هي مجهولة وعلى الارجح لا سبيل الى معرفتها.»a وعالِم الاحياء توماس ه. هاكسلي، المؤيد لنظرية التطور الداروينية في القرن الـ ١٩، هو اول من استعمل الكلمة «لا أدري» بهذه الطريقة.
٣ و ٤ ما هي خلفية الكلمة «لاادري»؟
٣ ولكن، من اين اشتق هاكسلي التعبير «لاادري»؟ في الواقع، اعتمد على تعبير استخدمه بمعنى آخر محام في القرن الاول، الرسول بولس. وقد ورد في احد الخطابات الاوسع شهرة على الاطلاق. وهذا الخطاب مناسب اليوم لانه يقدم لنا اساسا سليما لنعرف كيف ومتى سيسود العدل للجميع، وعلاوة على ذلك، كيف يمكننا ان نستفيد منه شخصيا.
٤ ان الكلمة «لاادري» («مجهول») أُخذت من ذِكر بولس لمذبح كُتب عليه «لاله مجهول.» وذلك الخطاب المختصر سجَّله الطبيب لوقا في الاصحاح ال ١٧ من السفر التاريخي اعمال الرسل. والاصحاح يُظهر اولا كيف حدث ان صار بولس في اثينا. وفي الإطار المرفق (الصفحة ٦) يمكنكم ان تقرأوا معلومات لوقا التمهيدية ونص الخطاب بكامله.
٥ ماذا كان الوضع الذي فيه ألقى بولس خطابه على الاثينويين؟ (اقرأوا الاعمال ١٧:١٦-٣١.)
٥ خطاب بولس قوي فعلا ويستحق تفكيرنا الدقيق. واذ كان، كما نحن، محاطا بالمظالم الفاضحة يمكننا ان نتعلم من ذلك الكثير. لاحظوا اولا الوضع، الذي يمكنكم ان تقرأوه في الاعمال ١٧:١٦-٢١ . كان الاثينويون فخورين بالعيش في مركز شهير للعلم حيث تعلَّم سقراط، افلاطون، وأرسطو. وكانت اثينا ايضا مدينة متديِّنة جدا. ففي كل مكان حوله تمكَّن بولس من ان يرى اصناما — تلك التي لاله الحرب آريز، او مارس؛ لزيوس؛ لأسكليبيوس، اله الطب؛ لاله البحر الهائج، پوسيدون؛ لديونيسوس، أثينا، إيروس، وغيرها.
٦ كيف تُقارن منطقتكم بما وجده بولس في اثينا؟
٦ ولكن، ماذا لو فحص بولس بلدتكم او منطقتكم؟ قد يرى الكثير من الاصنام او التماثيل الدينية، حتى في بلدان العالم المسيحي. وفي مكان آخر، يمكنه ان يرى اكثر. يقول احد كتب دليل السياحة: «الآلهة الهندية، بخلاف ‹اخوتها› اليونانية المتقلِّبة، هي أُحادية الزواج، وبعض اعظم القوى تأثيرا نُسبت الى زوجاتها . . . وهنالك، بدون مبالغة، ملايين من الآلهة التي تُعنى بكل اشكال الحياة والطبيعة.»
٧ ماذا كانت عليه الآلهة اليونانية القديمة؟
٧ وقد وُصفت آلهة يونانية عديدة بأنها حقيرة وفاسدة ادبيا جدا. وسلوكها يكون مخزيا للبشر، نعم، اجراميا في معظم البلدان اليوم. اذاً، لديكم كل سبب للتساؤل، ايّ نوع من العدل ربما توقعه اليونانيون آنذاك من آلهة كهذه. ومع ذلك، رأى بولس ان الاثينويين كانوا متعبِّدين لها على نحو خصوصي. واذ كان ممتلئا من قناعات بارة بدأ يشرح الحقائق الرفيعة للمسيحية الاصيلة.
حضور متحدٍّ
٨ (أ) اية معتقدات ووجهات نظر وسمت الابيكوريين؟ (ب) وبماذا آمن الرواقيون؟
٨ بعض اليهود واليونانيين اصغوا باهتمام، ولكن كيف كان رد فعل الفلاسفة الابيكوريين والرواقيين ذوي النفوذ؟ كما سترون، كانت افكارهم مماثلة للمعتقدات الشائعة اليوم من نواحٍ عديدة، حتى تلك التي تُلقَّن للاحداث في المدرسة. لقد حثَّ الابيكوريون على العيش بهدف نيل ما يمكن من المتعة، وخصوصا المتعة العقلية. وفلسفتهم «لنأكل ونشرب لاننا غدا نموت» اتَّسمت بانعدام المبدإ والفضيلة. (١ كورنثوس ١٥:٣٢) ولم يؤمنوا بأن آلهة خلقت الكون؛ بل اعتقدوا ان الحياة اتت بالصدفة في كون منجز من غير تفكير. وبالاضافة الى ذلك، لم تكن الآلهة مهتمة بالبشر. وماذا عن الرواقيين؟ لقد شدَّدوا على المنطق، اذ اعتقدوا ان المادة والقوة كانتا مبدأين اساسيين في الكون. وتصوَّر الرواقيون الها غير شخصي عوض الايمان باله كشخص. وشعروا ايضا بأن القدَر يتحكَّم في الشؤون البشرية.
٩ لماذا كانت حالة بولس حالة تحدٍّ للكرازة فيها؟
٩ فكيف تجاوب فلاسفة كهؤلاء مع تعليم بولس العلني؟ اختلاط الفضول بالتكبّر العقلي كان ميزة اثينوية آنذاك، وقد بدأ هؤلاء الفلاسفة يجادلون بولس. وأخيرا اخذوه الى أريوس باغوس. وفوق سوق اثينا، ولكن تحت قلعة اثينا الضخمة، كانت هنالك تلة صخرية دعيت باسم اله الحرب، مارس، او آريز، وبالتالي تلة مارس، او أريوس باغوس. وفي الازمنة القديمة كان اعضاء المحكمة او المجلس يجتمعون هناك. وربما أُخذ بولس الى محكمة العدل، التي ربما اقترنت بمنظر قلعة اثينا المؤثر وهيكل الاهتها اثينا الشهير الى جانب الهياكل والتماثيل الاخرى. والبعض يعتقدون ان الرسول كان في خطر لان الشريعة الرومانية منعت ادخال آلهة جديدة. ولكن حتى ولو أُخذ بولس الى أريوس باغوس لمجرد ايضاح معتقداته او لاظهار ما اذا كان معلما كفءا فانه واجه حضورا هائلا. فهل تمكَّن من تقديم رسالته الحيوية دون تنفيرهم منها؟
١٠ كيف استخدم بولس اللباقة في التمهيد لمعلوماته؟
١٠ لاحظوا من الاعمال ١٧:٢٢، ٢٣ بأية لباقة وحكمة ابتدأ بولس. وعندما اعترف كم كان الاثينويون متديِّنين وكم كان لديهم من اصنام ربما اعتبر بعض مستمعيه الامر تملُّقا. وبدلا من مهاجمة ايمانهم بتعدد الآلهة ركَّز بولس على مذبح كان قد رآه، مذبح مخصَّص «لاله مجهول.» والدليل التاريخي يُظهر ان مذابح كهذه وُجدت مما يجب ان يقوّي ثقتنا برواية لوقا. وقد استخدم بولس هذا المذبح كنقطة انطلاق. والاثينويون كانوا يقدِّرون المعرفة والمنطق. ومع ذلك اعترفوا بأنه يوجد اله كان بالنسبة اليهم ‹مجهولا› (باليونانية، أغنوسطس). فكان من المنطقي ان يدَعوا بولس يوضحه لهم. وهل كان يمكن لاحد ان يجد خطأ في هذا التفكير؟
هل اللّٰه لا سبيل الى معرفته؟
١١ بأية طريقة جعل بولس حضوره يفكرون في الاله الحقيقي؟
١١ حسنا، ماذا كان عليه هذا ‹الاله المجهول›؟ «الاله» الذي صنع العالم وكل ما فيه. ولا احد ينكر ان الكون موجود، ان النباتات والحيوانات موجودة، اننا نحن البشر موجودون. والقدرة والذكاء، نعم، الحكمة الظاهرة في كل ذلك تشير الى انه من نتاج خالق حكيم وقدير لا من نتاج الصدفة. وفي الواقع، ان طريقة تفكير بولس صحيحة اكثر ايضا في زمننا. — رؤيا ٤:١١؛ ١٠:٦.
١٢ و ١٣ اي دليل عصري يدعم النقطة التي ذكرها بولس؟
١٢ منذ وقت غير طويل، في كتاب في مركز الاشياء الضخمة، كتب الفلكي البريطاني السّر برنارد لوڤيل عن التعقيد البالغ لاشكال الحياة الأبسط على الارض. وناقش ايضا ما اذا كان من الممكن ان تكون حياة كهذه قد حدثت بالصدفة. واستنتاجه: «ان احتمال . . . حدوث صدفة تؤدي الى تكوين احدى جزيئيات البروتيين الاصغر ضئيل على نحو لا يمكن تصوره. وضمن الشروط الحدِّية للزمان والمكان التي نأخذها بعين الاعتبار هو في الواقع صفر.»
١٣ او تأملوا في الطرف الآخر — كوننا. لقد استعمل الفلكيون تركيبات الكترونية ليدرسوا اصله. فماذا وجدوا؟ في اللّٰه والفلكيون كتب روبرت جاسترو: «الآن نرى كيف ان الدليل الفلكي يقود الى نظرة الكتاب المقدس عن اصل العالم.» «بالنسبة الى العالِم الذي عاش بايمانه بقوة المنطق تنتهي القصة كحلم مزعج. فقد تسلَّق جبال الجهل؛ وهو على وشك ان يقهر اعلى قمة؛ وفيما يجرُّ نفسه فوق الصخرة الاخيرة تُحيّيه زمرة من اللاهوتيين [الاشخاص الذين يؤمنون بالخلق] الذين كانوا يجلسون هناك لقرون.» — قارنوا مزمور ١٩:١.
١٤ اي منطق دعم كلام بولس بأن اللّٰه لا يسكن في هياكل بشرية الصنع؟
١٤ وهكذا يمكننا ان نرى كم كان تعليق بولس صحيحا في الاعمال ١٧:٢٤، الذي يقودنا الى فكرته التالية في العدد ٢٥ . فالاله القدير الذي استطاع ان يخلق «العالم وكل ما فيه» هو بالتأكيد اعظم من الكون المادي. (عبرانيين ٣:٤) لذلك لا يكون منطقيا التفكير انه محدود بالسكن في هياكل، وبالتخصيص تلك التي بناها اناس اعترفوا علنا بأنه كان ‹مجهولا› بالنسبة اليهم. فيا لها من نقطة قوية تُقدَّم للفلاسفة الذين ربما كانوا في تلك اللحظة عينها ينظرون خطفا الى الهياكل العديدة فوقهم مباشرة! — ١ ملوك ٨:٢٧؛ اشعياء ٦٦:١.
١٥ (أ) لماذا كانت اثينا في اذهان حضور بولس؟ (ب) كون اللّٰه هو المعطي يجب ان يقود الى اي استنتاج؟
١٥ على الارجح كان مستمعو بولس قد قدَّموا التعبد في قلعة اثينا لاحد تماثيل إلاهتهم الواقية، اثينا. وأثينا المبجَّلة في هيكل الإلاهة اثينا كانت من العاج والذهب. وثمة تمثال آخر لاثينا بلغ ارتفاعه ٧٠ قدما ويمكن رؤيته من السفن في البحر. وقد قيل ان الصنم المعروف بأثينا پولياس سقط من السماء؛ وكان الناس يُحضرون له قانونيا رداء جديدا مصنوعا باليد. ولكن اذا كان الاله الذي لا يعرفه هؤلاء الناس هو الاسمى وقد خلق الكون، فلماذا يحتاج الى ان يُخدم بأشياء قد يجلبها الناس؟ فهو يعطينا ما نحتاج اليه: ‹حياتنا،› ‹النَفَس› الذي نحتاج اليه لدعمها، و «كل شيء،» بما في ذلك الشمس، المطر، والارض الخصبة حيث ينمو طعامنا. (اعمال ١٤:١٥-١٧؛ متى ٥:٤٥) انه المعطي، والناس هم الآخذون. وبكل تأكيد لا يعتمد المعطي على الآخذين.
من انسان واحد — كل انسان
١٦ اي ادعاء صنعه بولس بشأن اصل الانسان؟
١٦ وبعد ذلك، في الاعمال ١٧:٢٦، يعلن بولس حقيقة يجب ان يفكِّر فيها كثيرون من الناس، وخصوصا بكل هذا الظلم العرقي الظاهر اليوم. فقد قال ان الخالق «صنع من (انسان) واحد كل امة من الناس يسكنون على كل وجه الارض.» والفكرة بأن الجنس البشري وحدة او اخوَّة (مع ما يتضمنه ذلك للعدل) كانت امرا ليتأمل فيه اولئك الناس لان الاثينويين ادَّعوا بأنهم من اصل خصوصي يفرزهم عن باقي الجنس البشري. إلا ان بولس قبِل رواية التكوين عن الانسان الاول، آدم، الذي صار الجد الاعلى لنا جميعا. (رومية ٥:١٢؛ ١ كورنثوس ١٥:٤٥-٤٩) ومع ذلك قد تتساءلون: ‹هل يمكن دعم فكرة كهذه في عصرنا العلمي الحديث؟›
١٧ (أ) كيف تشير بعض الادلة العصرية الى الاتجاه نفسه الذي اشار اليه بولس؟ (ب) اية علاقة لذلك بالعدل؟
١٧ تشير نظرية التطور الى ان الانسان تطوَّر في اماكن وأنواع مختلفة. ولكن في وقت باكر من السنة الماضية خصصت النيوزويك قسمها العلمي لـ «البحث عن آدم وحواء.» وركَّزت على التطورات الاخيرة في حقل علم الوراثة. وفيما لا يوافق جميع العلماء، كما نتوقع، تشير الصورة المنبثقة الى الاستنتاج ان كل البشر لهم سَلَف وراثي مشترك. وبما اننا جميعا اخوة، كما قال الكتاب المقدس منذ زمن طويل، ألا يجب ان يكون هنالك عدل للجميع؟ ألا يحق لنا جميعا ان ننال معاملة منصفة بصرف النظر عن لون بشرتنا، نوع شعرنا، او الخصائص السطحية الاخرى؟ (تكوين ١١:١؛ اعمال ١٠:٣٤، ٣٥) غير اننا لا نزال في حاجة الى ان نعرف كيف ومتى سيأتي العدل للجنس البشري.
١٨ اي اساس كان هنالك لعبارة بولس عن تعاملات اللّٰه مع الناس؟
١٨ حسنا، في العدد ٢٦، اشار بولس الى انه يُتوقَّع ان تكون لدى الخالق مشيئة، او قصد عادل، للجنس البشري. وقد عرف الرسول انه عندما تعامل اللّٰه مع امة اسرائيل قرر اين يجب ان يعيشوا وكيف يمكن ان تعاملهم الامم الاخرى. (خروج ٢٣:٣١، ٣٢؛ عدد ٣٤:١-١٢؛ تثنية ٣٢:٤٩-٥٢) وطبعا، ربما طبَّق حضور بولس بكبرياء تعليقاته على انفسهم اولا. وفي الواقع، سواء عرفوا ذلك او لا، عبَّر يهوه اللّٰه نبويا عن مشيئته بشأن الوقت، او المرحلة في التاريخ، حين تصير اليونان الدولة العالمية العظمى الخامسة. (دانيال ٧:٦؛ ٨:٥-٨، ٢١؛ ١١:٢، ٣) وبما ان هذا الشخص يمكنه ان يدير الامم ايضا، أليس معقولا ان نرغب في التعلّم عنه؟
١٩ لماذا نقطة بولس في الاعمال ١٧:٢٧ معقولة؟
١٩ وليس الامر كما لو ان اللّٰه تركنا في جهل عنه، نتلمَّس طريقنا على نحو اعمى. لقد اعطى الاثينويين وايانا اساسا للتعلم عنه. وفي رومية ١:٢٠ كتب بولس لاحقا: «اموره [اللّٰه] غير المنظورة تُرى منذ خلق العالم مدركة بالمصنوعات قدرته السرمدية ولاهوته.» اذاً، ليس اللّٰه حقا بعيدا عنا اذا اردنا ان نجده ونتعلم عنه. — اعمال ١٧:٢٧.
٢٠ كيف يصح انه باللّٰه «نحيا ونتحرك ونوجد»؟
٢٠ والتقدير يجب ان يدفعنا الى ذلك، كما تقترح الاعمال ١٧:٢٨. فاللّٰه اعطانا الحياة. وفي الواقع، لدينا اكثر من حياة بسيطة كالحياة التي للشجرة. فنحن، ومعظم الحيوانات، لدينا قدرة حياة اسمى تمكِّننا من التحرك. ألسنا سعداء بذلك؟ ولكنّ بولس يمضي بالمسألة الى ابعد من ذلك. فنحن موجودون ككائنات ذكية بشخصيات. وأدمغتنا المعطاة من اللّٰه تمكِّننا من التفكير، من ادراك المبادئ المجرَّدة (كالعدل الحقيقي)، ومن الرجاء — نعم، من التطلع الى الاتمام المستقبلي لمشيئة اللّٰه. وكما يمكنكم ان تقدِّروا، لا بد ان بولس ادرك ان هذا الامر سيكون اكثر من ان يقبله الفلاسفة الابيكوريون والرواقيون. ولمساعدتهم اقتبس من بعض الشعراء اليونانيين الذين عرفوهم واحترموهم، الشعراء الذين قالوا على نحو مشابه: «لاننا ايضا ذريته.»
٢١ بأية طريقة يجب ان يؤثر فينا كوننا ذرية اللّٰه؟
٢١ واذا قدَّر الناس اننا ذرية اللّٰه العلي او نتاجه يليق بهم في النهاية ان يتطلعوا اليه من اجل التوجيه حول كيفية العيش. ويجب ان تُعجبوا بجرأة بولس اذ وقف تقريبا في ظل قلعة اثينا. لقد حاجَّ بشجاعة بأن خالقنا هو بالتأكيد اعظم من ايّ تمثال بشري الصنع وأعظم حتى من التمثال العاجي والذهبي في هيكل الإلاهة اثينا. وجميعنا نحن الذين نقبل كلام بولس يجب ان نوافق كذلك على ان اللّٰه ليس كأيّ من الاصنام التي يعبدها الناس اليوم. — اشعياء ٤٠:١٨-٢٦.
٢٢ كيف تكون التوبة ذات علاقة بنيلنا العدل؟
٢٢ ليس ذلك مجرد نقطة تقنية ليقبلها المرء عقليا فيما يستمر في العيش كما في السابق. وأوضح بولس ذلك في العدد ٣٠: «فاللّٰه الآن يأمر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل [لتصوُّرهم ان اللّٰه مثل صنم ضعيف او انه يقبل العبادة من خلاله].» وهكذا اذ كان يتقدم الى الذروة نحو خاتمته القوية قدَّم بولس نقطة رائعة — التوبة! لذلك اذا كنا نتطلع الى اللّٰه من اجل العدل الحقيقي يعني ذلك انه يجب ان نتوب. فماذا يتطلب هذا الامر منا؟ وكيف سيزوِّد اللّٰه العدل للجميع؟
[الحاشية]
a كالكثيرين اليوم، لاحظ هاكسلي مظالم العالم المسيحي. وفي مقالة عن اللاأدرية كتب: «لو امكننا فقط ان نرى . . . سيول الرياء والوحشية، الاكاذيب، القتل، انتهاك كل واجب للانسانية، التي تدفقت من هذا المصدر على مرّ تاريخ الامم المسيحية، لصارت تصوراتنا الاردأ عن الهاوية شاحبة امام المشهد.»
هل يمكنكم ان تجيبوا؟
▫ اية حالة دينية وجدها بولس في اثينا، وكيف توجد حالة مماثلة اليوم؟
▫ بأية طرائق يكون اللّٰه اعظم من جميع الآلهة الباطلة المستخدمة في العبادة في اثينا ايام بولس؟
▫ اية حقيقة اساسية عن طريقة خلق اللّٰه للجنس البشري تعني انه يجب ان يكون هنالك عدل للجميع؟
▫ كيف يجب ان يكون رد فعل البشر لدى معرفة عظمة اللّٰه؟
[الاطار في الصفحة ٦]
العدل للجميع — اعمال، الاصحاح ١٧
«١٦ وبينما بولس ينتظرهما في اثينا احتدَّت روحه فيه اذ رأى المدينة مملوءة اصناما. ١٧ فكان يكلِّم في المجمع اليهود المتعبِّدين والذين يصادفونه في السوق كل يوم. ١٨ فقابله قوم من الفلاسفة الابيكوريين والرواقيين وقال بعضٌ تُرى ماذا يريد هذا المهذار ان يقول. وبعضٌ إنه يظهر مناديا بآلهة غريبة. لانه كان يبشِّرهم بيسوع والقيامة. ١٩ فأخذوه وذهبوا به الى أريوس باغوس قائلين هل يمكننا ان نعرف ما هو هذا التعليم الجديد الذي تتكلم به. ٢٠ لانك تأتي الى مسامعنا بأمور غريبة فنريد ان نعلم ما عسى ان تكون هذه. ٢١ أما الاثينويون اجمعون والغرباء المستوطنون فلا يتفرَّغون لشيء آخر إلا لأن يتكلموا او يسمعوا شيئا حديثا.
٢٢ فوقف بولس في وسط أريوس باغوس وقال. ايها الرجال الاثينويون اراكم من كل وجه كأنكم متديِّنون كثيرا. ٢٣ لانني بينما كنت اجتاز وأنظر الى معبوداتكم وجدت ايضا مذبحا مكتوبا عليه. لاله مجهول. فالذي تتَّقونه وأنتم تجهلونه هذا انا انادي لكم به. ٢٤ الاله الذي خلق العالم وكل ما فيه هذا اذ هو رب السماء والارض لا يسكن في هياكل مصنوعة بالايادي. ٢٥ ولا يُخدم بأيادي الناس كأنه محتاج الى شيء. اذ هو يعطي الجميع حياة (ونَفَسا) وكل شيء. ٢٦ وصنع من (انسان) واحد كل امة من الناس يسكنون على كل وجه الارض وحتم بالاوقات المعيَّنة وبحدود مسكنهم. ٢٧ لكي يطلبوا اللّٰه لعلَّهم يتلمَّسونه فيجدوه مع انه عن كل واحد منا ليس بعيدا. ٢٨ لاننا به نحيا ونتحرك ونوجد. كما قال بعض شعرائكم ايضا لاننا ايضا ذريته. ٢٩ فاذ نحن ذرية اللّٰه لا ينبغي ان نظن ان اللاهوت شبيه بذهب او فضة او حجر نقش صناعة واختراع انسان. ٣٠ فاللّٰه الآن يأمر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل. ٣١ لانه اقام يوما هو فيه مزمع ان يدين المسكونة (بالبر) برجل قد عيَّنه مقدِّما للجميع (ضمانا) اذ اقامه من الاموات.»
[الاطار في الصفحة ٧]
الكون خُلق
في سنة ١٩٨٠ كتب الدكتور جون أ. أوكيف، من ناسا (وكالة الفضاء والطيران الاميركية): «اؤيد وجهة نظر جاسترو بأن علم الفلك العصري وجد دليلا يُركن اليه على ان الكون خُلق منذ حوالى خمس عشرة الى عشرين بليون سنة.» «وأجد انه من المثير جدا ان نرى كيف ان الدليل على الخلق . . . وسم بوضوح كل شيء حولنا: الصخور، السماء، الموجات اللاسلكية، وقوانين الفيزياء الاساسية جدا.»
[الاطار في الصفحة ٩]
«البحث عن آدم وحواء»
تحت هذا العنوان قالت مقالة في النيوزويك جزئيا: «لقد اعلن المنقِّب المتمرس ريتشارد ليكي في سنة ١٩٧٧: ‹لا يوجد مركز واحد وُلد فيه الانسان الحديث.› أما الآن فيميل علماء الوراثة الى الاعتقاد خلافا لذلك . . . ‹اذا صحَّت، وأراهن بمالي عليها، تكون هذه الفكرة في غاية الاهمية،› يقول ستيفن جاي ڠولد، عالم احافير وكاتب مقالات في هارڤارد. ‹وهي تجعلنا ندرك ان جميع الكائنات البشرية، بالرغم من الفوارق في المظهر الخارجي، هم حقا اعضاء كيان واحد له اصله الحديث جدا في مكان واحد. فهنالك نوع من الاخوَّة البيولوجية التي هي اعمق بكثير مما ادركناه في ايّ وقت مضى.›» — ١١ كانون الثاني ١٩٨٨.