«لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ»
«لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ. اِحْرِصُوا أَنْ تَعْمَلُوا أُمُورًا حَسَنَةً بِمَرْأًى مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ». — روما ١٢:١٧.
١ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلتَّصَرُّفَاتِ هُوَ شَائِعٌ بَيْنَ ٱلنَّاسِ؟
عِنْدَمَا يَدْفَعُ وَلَدٌ صَغِيرٌ شَقِيقَهُ، غَالِبًا مَا يُبَادِرُ هذَا ٱلْأَخِيرُ إِلَى ٱلرَّدِّ بِٱلْمِثْلِ. وَمِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنَّ هذَا ٱلتَّصَرُّفَ ٱلِٱنْتِقَامِيَّ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى ٱلصِّغَارِ، بَلْ يَتَعَدَّاهُ إِلَى ٱلْكِبَارِ أَيْضًا. فَكَثِيرُونَ مِنْهُمْ يَرُدُّونَ ٱلصَّاعَ بِٱلصَّاعِ حِينَ يُغِيظُهُمْ أَحَدٌ. صَحِيحٌ أَنَّهُمْ لَا يَتَدَافَعُونَ عَلَى طَرِيقَةِ ٱلصِّغَارِ، لكِنَّهُمْ يَتَصَرَّفُونَ بِطَرَائِقَ أَكْثَرَ مَكْرًا. فَرُبَّمَا يُثَرْثِرُونَ عَلَى ٱلطَّرَفِ ٱلْآخَرِ بِهَدَفِ إِيذَائِهِ أَوْ يَسْعَوْنَ بِشَتَّى ٱلطُّرُقِ إِلَى عَرْقَلَةِ مَسْعَاهُ فِي ٱلْحَيَاةِ. وَلكِنْ مَهْمَا تَعَدَّدَتِ ٱلْوَسَائِلُ ٱلَّتِي يَسْتَخْدِمُونَهَا يَبْقَى ٱلْهَدَفُ وَاحِدًا: أَنْ يَرُدُّوا بِٱلْمِثْلِ، أَوْ بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى، أَنْ يَنْتَقِمُوا مِنَ ٱلْفَاعِلِ.
٢ (أ) لِمَاذَا يُجَاهِدُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ لِئَلَّا يَسْتَسْلِمُوا لِحُبِّ ٱلِٱنْتِقَامِ؟ (ب) أَيَّةُ أَسْئِلَةٍ سَتُجِيبُ عَنْهَا هذِهِ ٱلْمَقَالَةُ، وَفِي أَيِّ إِصْحَاحٍ سَنَتَأَمَّلُ؟
٢ رَغْمَ أَنَّ حُبَّ ٱلِٱنْتِقَامِ مُتَأَصِّلٌ فِي ٱلطَّبِيعَةِ ٱلْبَشَرِيَّةِ، يُجَاهِدُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ لِئَلَّا يَسْتَسْلِمُوا لِهذِهِ ٱلرَّغْبَةِ. فَهُمْ يَسْعَوْنَ إِلَى تَطْبِيقِ نَصِيحَةِ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ: «لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ». (روما ١٢:١٧) فَمَا ٱلَّذِي يَدْفَعُنَا إِلَى ٱلْعَيْشِ بِمُوجِبِ هذَا ٱلْمِقْيَاسِ ٱلرَّفِيعِ؟ مَنْ بِشَكْلٍ خُصُوصِيٍّ لَا يَجِبُ أَنْ نُبَادِلَهُ ٱلسُّوءَ بِٱلسُّوءِ؟ وَأَيَّةُ فَوَائِدَ تَنْتِجُ حِينَ نَمْتَنِعُ عَنِ ٱلرَّدِّ بِٱلْمِثْلِ؟ لِلْإِجَابَةِ عَنْ هذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ، لِنَتَفَحَّصْ سِيَاقَ كَلِمَاتِ بُولُسَ وَنَرَ كَيْفَ يُظْهِرُ لَنَا ٱلْإِصْحَاحُ ١٢ مِنْ رُومَا أَنَّ عَدَمَ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ صَائِبٌ، حُبِّيٌّ، وَيَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ. وَسَنَتَنَاوَلُ هذِهِ ٱلْأَوْجُهَ ٱلثَّلَاثَةَ ٱلْوَاحِدَ تِلْوَ ٱلْآخَرِ.
«إِنِّي أُنَاشِدُكُمْ إِذًا»
٣، ٤ (أ) مَاذَا يُنَاقِشُ بُولُسُ اِبْتِدَاءً مِنْ رُومَا ٱلْإِصْحَاحِ ١٢، وَمَا هُوَ مَدْلُولُ ٱلْكَلِمَةِ «إِذًا»؟ (ب) أَيُّ أَثَرٍ وَجَبَ أَنْ تَتْرُكَهُ رَأْفَةُ ٱللّٰهِ فِي ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي رُومَا؟
٣ اِبْتِدَاءً مِنَ ٱلْإِصْحَاحِ ١٢، يُنَاقِشُ بُولُسُ أَرْبَعَةَ مَوَاضِيعَ مُتَرَابِطَةً تُؤَثِّرُ فِي حَيَاةِ ٱلْمَسِيحِيِّ إِذْ يَتَحَدَّثُ عَنْ عَلَاقَتِنَا مَعَ يَهْوَه، ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ، غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ، وَٱلسُّلُطَاتِ ٱلْحُكُومِيَّةِ. فَفِي ٱلْعَدَدِ ٱلْأَوَّلِ، يُلَمِّحُ إِلَى سَبَبٍ أَسَاسِيٍّ يَدْفَعُنَا إِلَى مُقَاوَمَةِ ٱلْمُيُولِ ٱلْخَاطِئَةِ، بِمَا فِيهَا حُبُّ ٱلِٱنْتِقَامِ، حِينَ يَقُولُ: «إِنِّي أُنَاشِدُكُمْ إِذًا، أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ، بِرَأْفَةِ ٱللّٰهِ». (روما ١٢:١) لَاحِظِ ٱلْكَلِمَةَ «إِذًا» ٱلَّتِي يَدُلُّ مَعْنَاهَا عَلَى سَبَبٍ سَبَقَ ذِكْرُهُ. فَكَأَنَّ بُولُسَ يَقُولُ: ‹بِٱلنَّظَرِ إِلَى مَا سَبَقْتُ وَأَوْضَحْتُهُ قَبْلَ قَلِيلٍ، أُنَاشِدُكُمْ أَنْ تَفْعَلُوا مَا سَأَطْلُبُهُ مِنْكُمُ ٱلْآنَ›. وَلكِنْ مَا ٱلَّذِي سَبَقَ وَأَوْضَحَهُ بُولُسُ لِهؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي رُومَا؟
٤ فِي ٱلْإِصْحَاحَاتِ ٱلْأَحَدَ عَشَرَ ٱلْأُولَى مِنْ هذِهِ ٱلرِّسَالَةِ، نَاقَشَ بُولُسُ ٱلْفُرْصَةَ ٱلرَّائِعَةَ ٱلَّتِي أُتِيحَتْ لِلْيَهُودِ وَٱلْأُمَمِ عَلَى ٱلسَّوَاءِ أَنْ يَصِيرُوا حُكَّامًا مَعَ ٱلْمَسِيحِ فِي مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ، رَجَاءٌ رَفَضَتْهُ أُمَّةُ إِسْرَائِيلَ ٱلطَّبِيعِيَّةُ. (روما ١١:١٣-٣٦) وَهذَا ٱلرَّجَاءُ ٱلثَّمِينُ لَمْ يَصِرْ مُمْكِنًا إِلَّا «بِرَأْفَةِ ٱللّٰهِ». فَكَيْفَ لَزِمَ أَنْ يَتَجَاوَبَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ مَعَ نِعْمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْعَظِيمَةِ هذِهِ؟ كَانَ يَجِبُ أَنْ تَفِيضَ قُلُوبُهُمْ بِٱلشُّكْرِ ٱلْعَمِيقِ بِحَيْثُ يَنْدَفِعُونَ إِلَى فِعْلِ مَا كَانَ بُولُسُ سَيَطْلُبُهُ مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ. فَقَدْ أَوْصَاهُمْ: «قَرِّبُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَقْبُولَةً عِنْدَ ٱللّٰهِ، خِدْمَةً مُقَدَّسَةً بِقُوَّتِكُمُ ٱلْعَقْلِيَّةِ». (روما ١٢:١) وَلكِنْ كَيْفَ كَانَ هؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ سَيُقَرِّبُونَ أَجْسَادَهُمْ «ذَبِيحَةً» للّٰهِ؟
٥ (أ) كَيْفَ يُقَرِّبُ ٱلْمَسِيحِيُّ جَسَدَهُ «ذَبِيحَةً» للّٰهِ؟ (ب) أَيُّ مَبْدَإٍ يَجِبُ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي تَصَرُّفَاتِ ٱلْمَسِيحِيِّ؟
٥ أَوْضَحَ بُولُسُ قَائِلًا: «كُفُّوا عَنْ مُشَاكَلَةِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هٰذَا، بَلْ غَيِّرُوا شَكْلَكُمْ بِتَغْيِيرِ ذِهْنِكُمْ، لِتَتَبَيَّنُوا بِٱلِٱخْتِبَارِ مَا هِيَ مَشِيئَةُ ٱللّٰهِ ٱلصَّالِحَةُ ٱلْمَقْبُولَةُ ٱلْكَامِلَةُ». (روما ١٢:٢) فَقَدْ لَزِمَ أَنْ يُغَيِّرَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ذِهْنَهُمْ بِحَيْثُ يَصِيرُ مُنْسَجِمًا مَعَ فِكْرِ ٱلْمَسِيحِ بَدَلَ أَنْ يَسْمَحُوا لِرُوحِ ٱلْعَالَمِ بِأَنْ يَصُوغَ تَفْكِيرَهُمْ. (١ كورنثوس ٢:١٦؛ فيلبي ٢:٥) وَفِي زَمَنِنَا أَيْضًا، يَنْبَغِي أَنْ يُؤَثِّرَ هذَا ٱلْمَبْدَأُ يَوْمِيًّا فِي تَصَرُّفَاتِ كُلِّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ، بِمَنْ فِيهِمْ نَحْنُ.
٦ بِنَاءً عَلَى تَحْلِيلِ بُولُسَ فِي روما ١٢:١ وَ ٢، مَاذَا يَدْفَعُنَا إِلَى مُقَاوَمَةِ رُوحِ ٱلِٱنْتِقَامِ؟
٦ وَكَيْفَ يُسَاعِدُنَا تَحْلِيلُ بُولُسَ فِي روما ١٢:١ وَ ٢ فِي هذَا ٱلْخُصُوصِ؟ عَلَى غِرَارِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ بِٱلرُّوحِ فِي رُومَا، نَحْنُ نَشْكُرُ ٱللّٰهَ مِنْ أَعْمَاقِ قُلُوبِنَا عَلَى أَعْمَالِ ٱلرَّأْفَةِ ٱلْمُتَنَوِّعَةِ وَٱلْمُتَوَاصِلَةِ ٱلَّتِي قَامَ وَلَا يَزَالُ يَقُومُ بِهَا يَهْوَه مِنْ أَجْلِنَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ حَيَاتِنَا. بِٱلنَّظَرِ إِلَى ذلِكَ، تَدْفَعُنَا قُلُوبُنَا ٱلْمُفْعَمَةُ بِٱلشُّكْرِ إِلَى خِدْمَتِهِ بِكُلِّ قُوَّتِنَا وَمَوَارِدِنَا وَطَاقَتِنَا. وَتَحُثُّنَا هذِهِ ٱلرَّغْبَةُ ٱلْقَلْبِيَّةُ عَلَى بَذْلِ كُلِّ مَا فِي وُسْعِنَا لِنُفَكِّرَ كَمَا يُفَكِّرُ ٱلْمَسِيحُ، لَا كَمَا يُفَكِّرُ ٱلْعَالَمُ. وَحِيَازَتُنَا فِكْرَ ٱلْمَسِيحِ تُؤَثِّرُ فِي تَعَامُلَاتِنَا مَعَ ٱلْآخَرِينَ، سَوَاءٌ كَانُوا مُؤْمِنِينَ أَوْ لَا. (غلاطية ٥:٢٥) عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، إِذَا كُنَّا نُفَكِّرُ مِثْلَ ٱلْمَسِيحِ نَنْدَفِعُ إِلَى مُقَاوَمَةِ رُوحِ ٱلِٱنْتِقَامِ. — ١ بطرس ٢:٢١-٢٣.
«لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بِلَا رِيَاءٍ»
٧ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلْمَحَبَّةِ يَتَحَدَّثُ عَنْهُ بُولُسُ فِي رُومَا ٱلْإِصْحَاحِ ١٢؟
٧ بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى عَدَمِ مُبَادَلَةِ ٱلسُّوءِ بِٱلسُّوءِ لِأَنَّهُ مَسْلَكٌ صَائِبٌ، نَحْنُ نَمْتَنِعُ عَنْ فِعْلِ ذلِكَ تَعْبِيرًا عَنْ مَحَبَّتِنَا لِلْآخَرِينَ. لَاحِظْ كَيْفَ يَتَحَدَّثُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ ٱلْآنَ عَنْ دَافِعِ ٱلْمَحَبَّةِ. فَفِي ٱلرِّسَالَةِ إِلَى أَهْلِ رُومَا، يَسْتَخْدِمُ كَلِمَةَ «ٱلْمَحَبَّةِ» (باليونانية أَغاپِه) عِدَّةَ مَرَّاتٍ بِٱلْإِشَارَةِ إِلَى مَحَبَّةِ ٱللّٰهِ وَمَحَبَّةِ ٱلْمَسِيحِ. (روما ٥:٥، ٨؛ ٨:٣٥، ٣٩) وَلكِنْ فِي ٱلْإِصْحَاحِ ١٢، يَسْتَخْدِمُ ٱلْكَلِمَةَ أَغاپِه بِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ مُشِيرًا إِلَى ٱلْمَحَبَّةِ لِلرُّفَقَاءِ ٱلْبَشَرِ. فَبَعْدَ ٱلْقَوْلِ إِنَّ ٱلْمَوَاهِبَ ٱلرُّوحِيَّةَ تَخْتَلِفُ وَإِنَّ بَعْضَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أُنْعِمَ عَلَيْهِمْ بِمَوَاهِبَ مُعَيَّنَةٍ، يَتَحَدَّثُ بُولُسُ عَنْ صِفَةٍ يَجِبُ أَنْ يُنَمِّيَهَا كُلُّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ قَائِلًا: «لِتَكُنْ مَحَبَّتُكُمْ بِلَا رِيَاءٍ». (روما ١٢:٤-٩) فَإِظْهَارُ ٱلْمَحَبَّةِ لِلْآخَرِينَ هُوَ سِمَةٌ أَسَاسِيَّةٌ تُمَيِّزُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ. (مرقس ١٢:٢٨-٣١) وَفِي هذِهِ ٱلْآيَةِ، يَحُثُّنَا بُولُسُ أَنْ نَحْرِصَ عَلَى إِظْهَارِ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلصَّادِقَةِ.
٨ كَيْفَ نُظْهِرُ ٱلْمَحَبَّةَ ٱلْعَدِيمَةَ ٱلرِّيَاءِ؟
٨ يَذْكُرُ بُولُسُ بَعْدَ ذلِكَ كَيْفَ يُمْكِنُ إِظْهَارُ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلْعَدِيمَةِ ٱلرِّيَاءِ قَائِلًا: «اُمْقُتُوا مَا هُوَ شَرٌّ، وَٱلْتَصِقُوا بِمَا هُوَ صَالِحٌ». (روما ١٢:٩) لَاحِظِ ٱلْكَلِمَتَيْنِ ٱلْقَوِيَّتَيْنِ «ٱمْقُتُوا» وَ «ٱلْتَصِقُوا» ٱلْمُسْتَخْدَمَتَيْنِ فِي هذِهِ ٱلْآيَةِ. فَٱلْكَلِمَةُ «ٱمْقُتُوا» يُمْكِنُ تَرْجَمَتُهَا إِلَى «أَبْغِضُوا أَشَدَّ ٱلْبُغْضِ». فَعَلَيْنَا أَلَّا نُبْغِضَ عَوَاقِبَ ٱلشَّرِّ فَحَسْبُ، بَلِ ٱلشَّرَّ بِحَدِّ ذَاتِهِ. (مزمور ٩٧:١٠) وَٱلْعِبَارَةُ «ٱلْتَصِقُوا بِمَا هُوَ صَالِحٌ» تَعْنِي أَنَّ ٱلْمَسِيحِيَّ ٱلَّذِي يَتَّصِفُ بِٱلْمَحَبَّةِ ٱلْأَصِيلَةِ يَكُونُ مُتَشَبِّثًا بِٱلصَّلَاحِ، مُتَعَلِّقًا بِهِ تَعَلُّقًا شَدِيدًا، بِحَيْثُ يُصْبِحُ جُزْءًا لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ شَخْصِيَّتِهِ.
٩ أَيُّ نُصْحٍ يُقَدِّمُهُ لَنَا بُولُسُ مِرَارًا عَدِيدَةً؟
٩ بَعْدَ ذلِكَ، يُشِيرُ بُولُسُ مِرَارًا عَدِيدَةً إِلَى إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ ٱلْخُصُوصِيَّةِ لِإِظْهَارِ ٱلْمَحَبَّةِ. فَهُوَ يَقُولُ: «بَارِكُوا ٱلْمُضْطَهِدِينَ. بَارِكُوا وَلَا تَلْعَنُوا»، «لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ»، «لَا تَنْتَقِمُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ»، «لَا تَدَعِ ٱلسُّوءَ يَغْلِبُكَ، بَلِ ٱغْلِبِ ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ». (روما ١٢:١٤، ١٧-١٩، ٢١) إِنَّ كَلِمَاتِ بُولُسَ هذِهِ لَا تَدَعُنَا فِي حَيْرَةٍ بِحَيْثُ لَا نَعْرِفُ كَيْفَ يَلْزَمُ أَنْ نُعَامِلَ غَيْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ، حَتَّى ٱلْمُقَاوِمِينَ بَيْنَهُمْ.
«بَارِكُوا ٱلْمُضْطَهِدِينَ»
١٠ بِأَيَّةِ طَرِيقَةٍ نُبَارِكُ مُضْطَهِدِينَا؟
١٠ كَيْفَ نُطَبِّقُ نَصِيحَةَ بُولُسَ: «بَارِكُوا ٱلْمُضْطَهِدِينَ»؟ (روما ١٢:١٤) قَالَ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ: «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ وَصَلُّوا لِأَجْلِ ٱلَّذِينَ يَضْطَهِدُونَكُمْ». (متى ٥:٤٤؛ لوقا ٦:٢٧، ٢٨) إِذًا، إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ لِمُبَارَكَةِ مُضْطَهِدِينَا هِيَ أَنْ نُصَلِّيَ مِنْ أَجْلِهِمْ طَالِبِينَ مِنْ يَهْوَه أَنْ يَفْتَحَ عَيْنَيِ ٱلَّذِينَ يُقَاوِمُونَنَا عَنْ جَهْلٍ بِحَيْثُ يَرَوْنَ ٱلْحَقَّ. (٢ كورنثوس ٤:٤) صَحِيحٌ أَنَّ هذَا ٱلطَّلَبَ قَدْ يَبْدُو غَرِيبًا، وَلكِنْ كُلَّمَا تَشَبَّهْنَا بِفِكْرِ ٱلْمَسِيحِ صِرْنَا أَكْثَرَ قُدْرَةً عَلَى إِظْهَارِ ٱلْمَحَبَّةِ لِأَعْدَائِنَا. (لوقا ٢٣:٣٤) وَمَاذَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْتِجَ عَنْ إِظْهَارِ هذِهِ ٱلْمَحَبَّةِ؟
١١ (أ) مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِ إِسْتِفَانُوسَ؟ (ب) عَلَى غِرَارِ مَا حَصَلَ مَعَ بُولُسَ، أَيُّ تَغْيِيرٍ قَدْ يَطْرَأُ عَلَى مَوْقِفِ بَعْضِ ٱلْمُضْطَهِدِينَ؟
١١ كَانَ إِسْتِفَانُوسُ أَحَدَ ٱلَّذِينَ صَلَّوْا لِأَجْلِ مُضْطَهِدِيهِمْ، وَلَمْ تَذْهَبْ صَلَاتُهُ هَبَاءً. فَبُعَيْدَ يَوْمِ ٱلْخَمْسِينَ سَنَةَ ٣٣ بم، ٱعْتَقَلَهُ مُقَاوِمُو ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ وَجَرُّوهُ إِلَى خَارِجِ أُورُشَلِيمَ وَرَجَمُوهُ. وَقَبْلَ أَنْ يَمُوتَ، صَرَخَ بِصَوْتٍ قَوِيٍّ: «يَا يَهْوَهُ، لَا تَحْسُبْ عَلَيْهِمْ هٰذِهِ ٱلْخَطِيَّةَ». (اعمال ٧:٥٨–٨:١) وَأَحَدُ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ صَلَّى لِأَجْلِهِمْ فِي ذلِكَ ٱلْيَوْمِ هُوَ شَاوُلُ ٱلَّذِي شَهِدَ مَقْتَلَهُ وَكَانَ رَاضِيًا بِذلِكَ. وَلكِنْ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، ظَهَرَ يَسُوعُ ٱلْمُقَامُ لِشَاوُلَ. فَصَارَ هذَا ٱلْمُضْطَهِدُ ٱلسَّابِقُ مِنْ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ وَعُرِفَ بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ. وَقَدْ كَتَبَ بُولُسُ ٱلرِّسَالَةَ إِلَى أَهْلِ رُومَا ٱلَّتِي نُنَاقِشُ جُزْءًا مِنْهَا ٱلْآنَ. (اعمال ٢٦:١٢-١٨) وَٱسْتِجَابَةً لِصَلَاةِ إِسْتِفَانُوسَ، يَبْدُو أَنَّ يَهْوَه سَامَحَ بُولُسَ عَلَى خَطِيَّةِ ٱضْطِهَادِ أَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ. (١ تيموثاوس ١:١٢-١٦) وَلَا عَجَبَ أَنَّ بُولُسَ نَفْسَهُ حَثَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ: «بَارِكُوا ٱلْمُضْطَهِدِينَ». فَقَدْ عَرَفَ مِنِ ٱخْتِبَارِهِ ٱلشَّخْصِيِّ أَنَّ بَعْضَ ٱلْمُضْطَهِدِينَ يُمْكِنُ أَنْ يَصِيرُوا خُدَّامًا للّٰهِ. وَفِي أَيَّامِنَا أَيْضًا، يَصِيرُ بَعْضُ ٱلْمُضْطَهِدِينَ أَشْخَاصًا مُؤْمِنِينَ حِينَ يُلَاحِظُونَ تَصَرُّفَاتِ خُدَّامِ يَهْوَه ٱلْمُسَالِمِينَ.
«سَالِمُوا جَمِيعَ ٱلنَّاسِ»
١٢ مَا ٱلْعَلَاقَةُ بَيْنَ روما ١٢:٩ وَ ١٢:١٧؟
١٢ يُقَدِّمُ بُولُسُ بَعْدَ ذلِكَ نَصِيحَةً حَوْلَ مُعَامَلَةِ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَغَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ قَائِلًا: «لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ». إِنَّ هذِهِ ٱلْعِبَارَةَ هِيَ ٱلنَّتِيجَةُ ٱلْمَنْطِقِيَّةُ لِمَا ذَكَرَهُ سَابِقًا، أَيْ: «اُمْقُتُوا مَا هُوَ شَرٌّ». فَكَيْفَ يُعْقَلُ أَنْ يَقُولَ ٱلْمَرْءُ إِنَّهُ يَمْقُتُ حَقًّا مَا هُوَ شَرٌّ إِذَا كَانَ يَلْجَأُ إِلَيْهِ لِلِٱنْتِقَامِ مِنَ ٱلْآخَرِينَ؟! فَفِعْلُ ذلِكَ هُوَ نَقِيضُ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلَّتِي «بِلَا رِيَاءٍ». وَبَعْدَ ذلِكَ، يَنْصَحُنَا بُولُسُ: «اِحْرِصُوا أَنْ تَعْمَلُوا أُمُورًا حَسَنَةً بِمَرْأًى مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ». (روما ١٢:٩، ١٧) فَكَيْفَ نُطَبِّقُ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ؟
١٣ كَيْفَ ‹نَعْمَلُ أُمُورًا حَسَنَةً بِمَرْأًى مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ›؟
١٣ فِي رِسَالَةٍ سَابِقَةٍ إِلَى أَهْلِ كُورِنْثُوسَ، كَتَبَ بُولُسُ عَنِ ٱلِٱضْطِهَادِ ٱلَّذِي وَاجَهَهُ ٱلرُّسُلُ قَائِلًا: «صِرْنَا مَشْهَدًا مَسْرَحِيًّا لِلْعَالَمِ وَٱلْمَلَائِكَةِ وَٱلنَّاسِ. . . . نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ، نُضْطَهَدُ فَنَتَحَمَّلُ، تُشَوَّهُ سُمْعَتُنَا فَنَتَوَسَّلُ». (١ كورنثوس ٤:٩-١٣) عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ ٱلْيَوْمَ، ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ هُمْ مَحَطُّ أَنْظَارِ ٱلْعَالَمِ. وَحِينَ يُلَاحِظُ ٱلنَّاسُ حَوْلَنَا ٱلْأُمُورَ ٱلْحَسَنَةَ ٱلَّتِي نَعْمَلُهَا رَغْمَ ٱلْمُعَامَلَةِ ٱلظَّالِمَةِ ٱلَّتِي نَلْقَاهَا، قَدْ يَنْدَفِعُونَ إِلَى ٱلتَّجَاوُبِ مَعَ رِسَالَتِنَا ٱلْمَسِيحِيَّةِ. — ١ بطرس ٢:١٢.
١٤ إِلَى أَيِّ حَدٍّ يَنْبَغِي أَنْ نَسْعَى إِلَى مُسَالَمَةِ ٱلْآخَرِينَ؟
١٤ وَلكِنْ إِلَى أَيِّ حَدٍّ يَنْبَغِي أَنْ نَسْعَى إِلَى تَرْوِيجِ ٱلسَّلَامِ؟ إِلَى أَقْصَى حَدٍّ مُمْكِنٍ. يُوصِي بُولُسُ إِخْوَتَهُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ: «إِنْ كَانَ مُمْكِنًا، فَعَلَى قَدْرِ مَا يَكُونُ ٱلْأَمْرُ بِيَدِكُمْ، سَالِمُوا جَمِيعَ ٱلنَّاسِ». (روما ١٢:١٨) تُشِيرُ ٱلْعِبَارَتَانِ «إِنْ كَانَ مُمْكِنًا» وَ «عَلَى قَدْرِ مَا يَكُونُ ٱلْأَمْرُ بِيَدِكُمْ» أَنَّ مُسَالَمَةَ ٱلْآخَرِينَ لَيْسَتْ دَائِمًا أَمْرًا مُمْكِنًا. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، نَحْنُ لَا نُخَالِفُ وَصَايَا ٱللّٰهِ لِكَيْ نُحَافِظَ عَلَى ٱلسَّلَامِ مَعَ ٱلْآخَرِينَ. (متى ١٠:٣٤-٣٦؛ عبرانيين ١٢:١٤) لكِنَّنَا نَفْعَلُ كُلَّ مَا فِي وُسْعِنَا إِلَى ٱلْحَدِّ ٱلْمَعْقُولِ لِكَيْ نُسَالِمَ «جَمِيعَ ٱلنَّاسِ» دُونَ أَنْ نُسَايِرَ عَلَى حِسَابِ ٱلْمَبَادِئِ ٱلْبِارَّةِ.
«لَا تَنْتَقِمُوا لِأَنْفُسِكُمْ»
١٥ أَيَّةُ حُجَّةٍ تَرِدُ فِي روما ١٢:١٩ تُلْزِمُنَا أَلَّا نَنْتَقِمَ لِأَنْفُسِنَا؟
١٥ يُقَدِّمُ بُولُسُ حُجَّةً أُخْرَى تُلْزِمُنَا أَلَّا نَنْتَقِمَ لِأَنْفُسِنَا، إِذْ يُشِيرُ أَنَّ عَدَمَ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ يَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ. فَهُوَ يَقُولُ: «لَا تَنْتَقِمُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلسُّخْطِ، لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: ‹لِي ٱلِٱنْتِقَامُ، أَنَا أُجَازِي، يَقُولُ يَهْوَهُ›». (روما ١٢:١٩) فَٱلْمَسِيحِيُّ ٱلَّذِي يُحَاوِلُ أَنْ يَنْتَقِمَ لِنَفْسِهِ هُوَ شَخْصٌ مُجْتَرِئٌ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عَلَى عَاتِقِهِ مُهِمَّةً لَيْسَتْ لَهُ بَلْ للّٰهِ. (متى ٧:١) كَمَا أَنَّ تَوَلِّيَهُ ٱلْمَسْأَلَةَ هُوَ بِنَفْسِهِ يُظْهِرُ ٱفْتِقَارَهُ إِلَى ٱلْإِيمَانِ بِكَلَامِ يَهْوَه ٱلَّذِي يُؤَكِّدُ لَنَا: «أَنَا أُجَازِي». وَبِٱلتَّبَايُنِ، يَثِقُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ أَنَّ يَهْوَه سَوْفَ «يُجْرِي . . . ٱلْعَدْلَ لِمُخْتَارِيهِ». (لوقا ١٨:٧، ٨؛ ٢ تسالونيكي ١:٦-٨) فَهُمْ يَدَعُونَ ٱلِٱنْتِقَامَ لَهُ مُعْرِبِينَ بِذلِكَ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ. — ارميا ٣٠:٢٣، ٢٤؛ روما ١:١٨.
١٦، ١٧ (أ) مَاذَا تَعْنِي ٱلْعِبَارَةُ «تُكَوِّمُ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ»؟ (ب) اُذْكُرُوا مِنِ ٱخْتِبَارِكُمُ ٱلشَّخْصِيِّ حَادِثَةً تُظْهِرُ كَيْفَ يُلَيِّنُ ٱللُّطْفُ قُلُوبَ غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ.
١٦ غَالِبًا مَا يُقَسِّي ٱلِٱنْتِقَامُ قَلْبَ ٱلْمُقَاوِمِينَ فِي حِينِ أَنَّ مُعَامَلَتَهُمْ بِلُطْفٍ قَدْ تُلَيِّنُ مَوْقِفَهُمْ. لِمَاذَا؟ لَاحِظْ كَلِمَاتِ بُولُسَ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ فِي رُومَا. فَهُوَ يَقُولُ لَهُمْ: «إِذَا جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ، وَإِذَا عَطِشَ فَٱسْقِهِ؛ فَإِنَّكَ بِفِعْلِكَ هٰذَا تُكَوِّمُ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ». (روما ١٢:٢٠؛ امثال ٢٥:٢١، ٢٢) وَمَا مَغْزَى هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ؟
١٧ إِنَّ ٱلْعِبَارَةَ «تُكَوِّمُ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ» هِيَ صُورَةٌ كَلَامِيَّةٌ مُسْتَوْحَاةٌ مِنَ ٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي ٱتُّبِعَتْ فِي أَزْمِنَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ لِتَنْقِيَةِ ٱلْمَعَادِنِ. فَقَدْ كَانَ ٱلْمَعْدِنُ ٱلْخَامُ يُوضَعُ فِي فُرْنٍ وَتُوضَعُ تَحْتَهُ طَبَقَةٌ مِنَ ٱلْجَمْرِ. وَكَانَتْ تُكَوَّمُ فَوْقَهُ أَيْضًا طَبَقَةٌ أُخْرَى مِنَ ٱلْجَمْرِ تَزِيدُ مِنْ تَوَهُّجِ ٱلنَّارِ بِحَيْثُ يَذُوبُ ٱلْمَعْدِنُ ٱلصُّلْبُ وَتَنْفَصِلُ عَنْهُ ٱلشَّوَائِبُ. وَبِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، إِذَا قُمْنَا بِأَعْمَالٍ حَسَنَةٍ لِأَجْلِ شَخْصٍ مُقَاوِمٍ، فَقَدْ «يَذُوبُ» ٱلتَّصَلُّبُ فِي مَوْقِفِهِ وَتَظْهَرُ ٱلصِّفَاتُ ٱلْجَيِّدَةُ فِي شَخْصِيَّتِهِ. (٢ ملوك ٦:١٤-٢٣) وَفِي ٱلْحَقِيقَةِ، ٱنْجَذَبَ كَثِيرُونَ إِلَى ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ وَصَارُوا جُزْءًا مِنَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ لِأَنَّهُمْ تَأَثَّرُوا بِأَعْمَالِ خُدَّامِ يَهْوَه ٱلْحَسَنَةِ مِنْ أَجْلِهِمْ.
لِمَاذَا نَمْتَنِعُ عَنِ ٱلِٱنْتِقَامِ
١٨ لِمَاذَا عَدَمُ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ صَائِبٌ، حُبِّيٌّ، وَيَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ؟
١٨ لَقَدِ ٱسْتَعْرَضْنَا مِنْ خِلَالِ هذِهِ ٱلْمُنَاقَشَةِ ٱلْمُوجَزَةِ لِرُومَا ٱلْإِصْحَاحِ ١٢ أَسْبَابًا وَجِيهَةً تُظْهِرُ لِمَاذَا لَا ‹نُبَادِلُ أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ›. أَوَّلًا، إِنَّ عَدَمَ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ صَائِبٌ. فَبِٱلنَّظَرِ إِلَى رَأْفَةِ ٱللّٰهِ نَحْوَنَا، مِنَ ٱلصَّوَابِ أَنْ نُقَدِّمَ أَنْفُسَنَا لِيَهْوَه وَنُطِيعَ وَصَايَاهُ عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ، بِمَا فِيهَا ٱلْوَصِيَّةُ أَنْ نُحِبَّ أَعْدَاءَنَا. ثَانِيًا، إِنَّ عَدَمَ مُبَادَلَةِ ٱلسُّوءِ بِٱلسُّوءِ هُوَ مَسْلَكٌ حُبِّيٌّ. فَبِعَدَمِ ٱلِٱنْتِقَامِ وَتَرْوِيجِ ٱلسَّلَامِ نَرْجُو بِمَحَبَّةٍ أَنْ نُسَاعِدَ حَتَّى أَشْرَسَ ٱلْمُقَاوِمِينَ أَنْ يَصِيرُوا عُبَّادًا لِيَهْوَه. ثَالِثًا، إِنَّ عَدَمَ ٱلِٱنْتِقَامِ هُوَ مَسْلَكٌ يَنِمُّ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ. فَٱلرَّدُّ بِٱلْمِثْلِ يَدُلُّ أَنَّنَا أَشْخَاصٌ مُجْتَرِئُونَ لِأَنَّ يَهْوَه يَقُولُ: «لِي ٱلِٱنْتِقَامُ». وَتُحَذِّرُنَا كَلِمَةُ ٱللّٰهِ أَيْضًا: «يَأْتِي ٱلِٱجْتِرَاءُ فَيَأْتِي ٱلْهَوَانُ. أَمَّا ٱلْحِكْمَةُ فَمَعَ ٱلْمُحْتَشِمِينَ». (امثال ١١:٢) فَتَرْكُ ٱلِٱنْتِقَامِ للّٰهِ بِحِكْمَةٍ يُظْهِرُ أَنَّنَا نَتَّصِفُ بِٱلِٱحْتِشَامِ.
١٩ مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
١٩ يُلَخِّصُ بُولُسُ مُنَاقَشَتَهُ حَوْلَ ٱلتَّعَامُلِ مَعَ ٱلْآخَرِينَ بِهذَا ٱلْحَضِّ: «لَا تَدَعِ ٱلسُّوءَ يَغْلِبُكَ، بَلِ ٱغْلِبِ ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ». (روما ١٢:٢١) فَمَا هُوَ ٱلسُّوءُ ٱلَّذِي نُوَاجِهُهُ ٱلْيَوْمَ؟ وَكَيْفَ نَغْلِبُهُ؟ سَنَأْخُذُ ٱلْجَوَابَ عَنْ هذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ ٱلْأَسْئِلَةِ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ.
هَلْ يُمْكِنُكُمْ أَنْ تُوضِحُوا؟
• فِي رُومَا ٱلْإِصْحَاحِ ١٢، أَيُّ نُصْحٍ يَرِدُ مِرَارًا عَدِيدَةً؟
• مَا ٱلَّذِي يَدْفَعُنَا أَلَّا نَنْتَقِمَ مِنَ ٱلْآخَرِينَ؟
• أَيَّةُ فَوَائِدَ نَجْنِيهَا نَحْنُ وَٱلْآخَرُونَ إِذَا لَمْ ‹نُبَادِلِ ٱلسُّوءَ بِٱلسُّوءِ›؟
[الاطار في الصفحة ٢٢]
تَتَحَدَّثُ رُومَا ٱلْإِصْحَاحُ ١٢ عَنْ عَلَاقَةِ ٱلْمَسِيحِيِّ مَعَ
• يَهْوَه
• ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
• غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ
[الصورة في الصفحة ٢٣]
تُقَدِّمُ رِسَالَةُ بُولُسَ إِلَى أَهْلِ رُومَا نَصَائِحَ عَمَلِيَّةً لِلْمَسِيحِيِّينَ
[الصورة في الصفحة ٢٥]
مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِ ٱلتِّلْمِيذِ إِسْتِفَانُوسَ؟