يَهْوَهُ «مُعْطِي ٱلسَّلَامِ»
«لِيَكُنِ ٱللّٰهُ مُعْطِي ٱلسَّلَامِ مَعَكُمْ جَمِيعًا!». — رو ١٥:٣٣.
١، ٢ أَيُّ مَوْقِفٍ عَصِيبٍ يُوصَفُ فِي ٱلْإِصْحَاحَيْنِ ٣٢ وَ ٣٣ مِنْ سِفْرِ ٱلتَّكْوِينِ، وَمَاذَا كَانَتِ ٱلنَّتِيجَةُ؟
فِي مَكَانٍ غَيْرِ بَعِيدٍ عَنْ فَنُوئِيلَ قُرْبَ وَادِي يَبُّوقَ فِي ٱلْجَانِبِ ٱلشَّرْقِيِّ مِنْ نَهْرِ ٱلْأُرْدُنِّ، حَدَثَ لِقَاءٌ بَيْنَ أَخَوَيْنِ بَعْدَ جَفَاءٍ دَامَ طَوِيلًا. فَقَدْ سَمِعَ عِيسُو أَنَّ أَخَاهُ ٱلتَّوْأَمَ يَعْقُوبَ عَائِدٌ إِلَى مَوْطِنِهِ. لِذلِكَ، جَمَعَ ٤٠٠ رَجُلٍ وَٱنْطَلَقَ لِلِقَائِهِ. فَخَافَ يَعْقُوبُ أَنْ يَكُونَ أَخُوهُ لَا يَزَالُ حَاقِدًا عَلَيْهِ وَيُرِيدُ قَتْلَهُ، رَغْمَ أَنَّ ٢٠ سَنَةً مَرَّتْ مُنْذُ بَاعَهُ عِيسُو ٱلْبَكُورِيَّةَ. وَتَحَسُّبًا لِأَيَّةِ مُوَاجَهَةٍ عِدَائِيَّةٍ، أَهْدَاهُ يَعْقُوبُ عَلَى مَرَاحِلَ مَا يَزِيدُ عَنْ ٥٥٠ رَأْسًا مِنَ ٱلْمَوَاشِي. وَعِنْدَ إِرْسَالِ كُلِّ قَطِيعٍ، كَانَ خُدَّامُهُ يَقُولُونَ لِعِيسُو إِنَّهُ هَدِيَّةٌ مِنْهُ.
٢ وَأَخِيرًا، أَتَتِ ٱللَّحْظَةُ ٱلْحَاسِمَةُ. فَفِيمَا كَانَ يَعْقُوبُ يَتَقَدَّمُ بِشَجَاعَةٍ نَحْوَ عِيسُو، سَجَدَ إِلَى ٱلْأَرْضِ لَا مَرَّةً وَاحِدَةً بَلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ. لكِنَّهُ فِي وَقْتٍ سَابِقٍ قَامَ بِأَهَمِّ خُطْوَةٍ لِتَلْيِينِ قَلْبِ أَخِيهِ: اَلصَّلَاةِ إِلَى يَهْوَهَ لِيُنْقِذَهُ مِنْ يَدِهِ. وَهَلِ ٱسْتَجَابَ يَهْوَهُ صَلَاتَهُ؟ أَجَلْ، بِٱلتَّأْكِيدِ. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُخْبِرُنَا: «رَكَضَ عِيسُو لِلِقَائِهِ، وَعَانَقَهُ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ». — تك ٣٢:١١-٢٠؛ ٣٣:١-٤.
٣ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ رِوَايَةِ يَعْقُوبَ وَعِيسُو؟
٣ تُظْهِرُ رِوَايَةُ يَعْقُوبَ وَعِيسُو أَنَّهُ يَنْبَغِي بَذْلُ جُهُودٍ دَؤُوبَةٍ لِتَسْوِيَةِ ٱلْمَشَاكِلِ ٱلَّتِي تُهَدِّدُ ٱلسَّلَامَ دَاخِلَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. فَقَدْ سَعَى يَعْقُوبُ إِلَى ٱلتَّصَالُحِ مَعَ عِيسُو، رَغْمَ أَنَّهُ لَيْسَ ٱلْمُخْطِئَ ٱلَّذِي عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَذِرَ. فَعِيسُو هُوَ ٱلَّذِي ٱحْتَقَرَ ٱلْبَكُورِيَّةَ وَبَاعَهَا لِيَعْقُوبَ مُقَابِلَ طَاسٍ مِنْ طَبِيخِ ٱلْعَدَسِ. (تك ٢٥:٣١-٣٤؛ عب ١٢:١٦) لكِنَّ طَرِيقَةَ مُعَامَلَةِ يَعْقُوبَ لِأَخِيهِ تُوضِحُ إِلَى أَيِّ حَدٍّ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَبْذُلَ ٱلْجُهْدَ لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱلسَّلَامِ مَعَ إِخْوَتِنَا ٱلْمَسِيحِيِّينَ. كَمَا تُظْهِرُ أَنَّ ٱلْإِلهَ ٱلْحَقِيقِيَّ يُبَارِكُ صَلَوَاتِنَا وَجُهُودَنَا لِصُنْعِ ٱلسَّلَامِ. وَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَحْتَوِي أَمْثِلَةً أُخْرَى عَدِيدَةً تُعَلِّمُنَا أَنْ نَكُونَ مُسَالِمِينَ.
اَلِٱقْتِدَاءُ بِأَسْمَى مِثَالٍ
٤ أَيُّ تَرْتِيبٍ صَنَعَهُ ٱللّٰهُ لِإِنْقَاذِ ٱلْبَشَرِ مِنَ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْمَوْتِ؟
٤ إِنَّ أَبْرَزَ مِثَالٍ لِصُنْعِ ٱلسَّلَامِ هُوَ يَهْوَهُ، «مُعْطِي ٱلسَّلَامِ». (رو ١٥:٣٣) فَكِّرْ فِي كُلِّ مَا فَعَلَهُ لِنَنْعَمَ بِعَلَاقَةٍ سِلْمِيَّةٍ مَعَهُ. فَكَمُتَحَدِّرِينَ خُطَاةٍ مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ، نَحْنُ نَسْتَحِقُّ ٱلْمَوْتَ، «أُجْرَةَ ٱلْخَطِيَّةِ». (رو ٦:٢٣) إِلَّا أَنَّ يَهْوَهَ بِدَافِعِ مَحَبَّتِهِ ٱلشَّدِيدَةِ رَتَّبَ لِإِنْقَاذِنَا بِإِرْسَالِ ٱبْنِهِ ٱلْحَبِيبِ إِلَى ٱلْأَرْضِ لِيُولَدَ إِنْسَانًا كَامِلًا. وَقَدْ أَذْعَنَ ٱلِٱبْنُ طَوْعًا وَقَبِلَ أَنْ يَلْقَى ٱلْمَوْتَ عَلَى يَدِ أَعْدَاءِ أَبِيهِ. (يو ١٠:١٧، ١٨) وَبَعْدَمَا أُقِيمَ، قَدَّمَ لِلّٰهِ قِيمَةَ دَمِهِ ٱلْمَسْفُوكِ ٱلَّذِي بِهِ فَدَى ٱلْخُطَاةَ ٱلتَّائِبِينَ لِإِنْقَاذِهِمْ مِنَ ٱلْمَوْتِ ٱلْأَبَدِيِّ. — اِقْرَأْ عبرانيين ٩:١٤، ٢٤.
٥، ٦ كَيْفَ يُؤَثِّرُ دَمُ يَسُوعَ ٱلْمَسْفُوكُ فِي ٱلْعَلَاقَةِ ٱلْمُتَضَرِّرَةِ بَيْنَ ٱللّٰهِ وَٱلْبَشَرِ ٱلْخُطَاةِ؟
٥ وَكَيْفَ يُؤَثِّرُ تَرْتِيبُ ٱلذَّبِيحَةِ ٱلْفِدَائِيَّةِ فِي ٱلْعَلَاقَةِ ٱلْمُتَضَرِّرَةِ بَيْنَ ٱللّٰهِ وَٱلْبَشَرِ ٱلْخُطَاةِ؟ تَقُولُ إِشَعْيَا ٥٣:٥: «نَزَلَ عَلَيْهِ ٱلتَّأْدِيبُ مِنْ أَجْلِ سَلَامِنَا، وَبِجِرَاحِهِ صَارَ لَنَا شِفَاءٌ». فَقَدْ أَصْبَحَ ٱلْآنَ فِي مَقْدُورِ ٱلْبَشَرِ ٱلطَّائِعِينَ أَنْ يَنْعَمُوا بِعَلَاقَةٍ سِلْمِيَّةٍ مَعَ ٱللّٰهِ بَدَلَ أَنْ يُعْتَبَرُوا أَعْدَاءَهُ. يَقُولُ بُولُسُ: «اَلَّذِي بِهِ [يَسُوعَ] لَنَا ٱلْفِدَاءُ بِدَمِهِ، أَيْ مَغْفِرَةُ زَلَّاتِنَا». — اف ١:٧.
٦ كَمَا يَذْكُرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «فِيهِ [ٱلْمَسِيحِ] ٱسْتَحْسَنَ ٱللّٰهُ أَنْ يَسْكُنَ كُلُّ ٱلْمِلْءِ». وَهذَا لِأَنَّ لَهُ ٱلدَّوْرَ ٱلرَّئِيسِيَّ فِي إِتْمَامِ قَصْدِ ٱللّٰهِ. وَمَا هُوَ قَصْدُهُ؟ ‹أَنْ يُصَالِحَ سَائِرَ ٱلْأَشْيَاءِ مَعَ نَفْسِهِ صَانِعًا ٱلسَّلَامَ بِدَمِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلْمَسْفُوكِ›. وَ «سَائِرُ ٱلْأَشْيَاءِ» هِيَ «مَا فِي ٱلسَّمٰوَاتِ» وَ «مَا عَلَى ٱلْأَرْضِ». فَإِلَامَ تُشِيرُ هذِهِ؟ — اِقْرَأْ كولوسي ١:١٩، ٢٠.
٧ إِلَامَ تُشِيرُ عِبَارَتَا «مَا فِي ٱلسَّمٰوَاتِ» وَ «مَا عَلَى ٱلْأَرْضِ»؟
٧ يُتِيحُ تَرْتِيبُ ٱلْفِدْيَةِ لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ ٱلَّذِينَ ‹تَبَرَّرُوا› كَأَبْنَاءِ ٱللّٰهِ أَنْ ‹يَنْعَمُوا بِٱلسَّلَامِ مَعَهُ›. (اِقْرَأْ روما ٥:١.) وَيُشَارُ إِلَيْهِمْ بِعِبَارَةِ «مَا فِي ٱلسَّمٰوَاتِ» لِأَنَّهُمْ يَتَمَتَّعُونَ بِرَجَاءٍ سَمَاوِيٍّ «وَسَيَمْلِكُونَ عَلَى ٱلْأَرْضِ» وَيَخْدُمُونَ كَهَنَةً لِلّٰهِ. (رؤ ٥:١٠) وَبِٱلْمُقَابِلِ، تُشِيرُ عِبَارَةُ «مَا عَلَى ٱلْأَرْضِ» إِلَى ٱلْبَشَرِ ٱلتَّائِبِينَ ٱلَّذِينَ سَيَنَالُونَ ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ عَلَى ٱلْأَرْضِ. — مز ٣٧:٢٩.
٨ كَيْفَ تَشْعُرُونَ حِينَ تَتَأَمَّلُونَ فِي كُلِّ مَا فَعَلَهُ يَهْوَهُ لِيُتِيحَ لِلْبَشَرِ أَنْ يَتَمَتَّعُوا بِٱلسَّلَامِ مَعَهُ؟
٨ كَتَبَ بُولُسُ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ فِي أَفَسُسَ مُعَبِّرًا عَنْ تَقْدِيرِهِ ٱلْقَلْبِيِّ لِتَرْتِيبِ يَهْوَهَ: «اَللّٰهُ ٱلْغَنِيُّ بِٱلرَّحْمَةِ، . . . أَحْيَانَا جَمِيعًا مَعَ ٱلْمَسِيحِ، وَنَحْنُ أَمْوَاتٌ فِي ٱلزَّلَّاتِ — بِنِعْمَةٍ أَنْتُمْ مُخَلَّصُونَ». (اف ٢:٤، ٥) فَسَوَاءٌ كَانَ رَجَاؤُنَا سَمَاوِيًّا أَوْ أَرْضِيًّا، نَحْنُ مَدِينُونَ لِلّٰهِ بِٱلشُّكْرِ عَلَى رَحْمَتِهِ وَنِعْمَتِهِ. فَكَمْ تَطْفَحُ قُلُوبُنُا بِٱلِٱمْتِنَانِ لَهُ حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي كُلِّ مَا فَعَلَهُ لِيُتِيحَ لِلْبَشَرِ أَنْ يَتَمَتَّعُوا بِٱلسَّلَامِ مَعَهُ! أَفَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَنَا تَأَمُّلُنَا فِي مِثَالِ ٱللّٰهِ أَنْ نَكُونَ صَانِعِي سَلَامٍ عِنْدَمَا نُوَاجِهُ أَوْضَاعًا تُهَدِّدُ وَحْدَةَ وَسَلَامَ ٱلْجَمَاعَةِ؟
اَلتَّعَلُّمُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ
٩، ١٠ كَيْفَ بَرْهَنَ إِبْرَاهِيمُ أَنَّهُ صَانِعُ سَلَامٍ فِي تَعَامُلِهِ مَعَ لُوطٍ حِينَ وَقَعَتْ خُصُومَةٌ بَيْنَ رُعْيَانِهِمَا؟
٩ يَذْكُرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنِ ٱلْأَبِ ٱلْجَلِيلِ إِبْرَاهِيمَ: «‹آمَنَ إِبْرَاهِيمُ بِيَهْوَهَ، فَحُسِبَ لَهُ ذٰلِكَ بِرًّا›، وَدُعِيَ ‹صَدِيقَ يَهْوَهَ›». (يع ٢:٢٣) وَقَدْ ظَهَرَ إِيمَانُهُ بِمُسَالَمَتِهِ ٱلْآخَرِينَ. مَثَلًا، عِنْدَمَا ٱزْدَادَتْ مَوَاشِيهِ، وَقَعَتْ خُصُومَةٌ بَيْنَ رُعْيَانِهِ وَرُعْيَانِ ٱبْنِ أَخِيهِ لُوطٍ. (تك ١٢:٥؛ ١٣:٧) فَكَانَ ٱلْحَلُّ ٱلْأَمْثَلُ أَنْ يَنْفَصِلَا. وَمَاذَا فَعَلَ إِبْرَاهِيمُ فِي هذَا ٱلْوَضْعِ ٱلْحَسَّاسِ؟ لَمْ يَسْتَغِلَّ عُمْرَهُ وَمَكَانَتَهُ عِنْدَ ٱللّٰهِ لِيُمْلِيَ عَلَى ٱبْنِ أَخِيهِ مَا يَجِبُ فِعْلُهُ، بَلْ بَرْهَنَ أَنَّهُ صَانِعُ سَلَامٍ بِحَقٍّ.
١٠ فَقَدْ قَالَ لِلُوطٍ: «لَا تَكُنْ خُصُومَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ رُعْيَانِي وَرُعْيَانِكَ، لِأَنَّنَا نَحْنُ رَجُلَانِ أَخَوَانِ». ثُمَّ تَابَعَ: «أَلَيْسَتِ ٱلْأَرْضُ كُلُّهَا بَيْنَ يَدَيْكَ؟ مِنْ فَضْلِكَ، ٱنْفَصِلْ عَنِّي. إِنْ ذَهَبْتَ إِلَى ٱلْيَسَارِ، أَذْهَبُ إِلَى ٱلْيَمِينِ؛ وَإِنْ ذَهَبْتَ إِلَى ٱلْيَمِينِ، أَذْهَبُ إِلَى ٱلْيَسَارِ». وَمَعَ أَنَّ لُوطًا ٱخَتَارَ ٱلْقِسْمَ ٱلْخَصْبَ مِنَ ٱلْأَرْضِ، لَمْ يُضْمِرْ إِبْرَاهِيمُ ٱلضَّغِينَةَ لَهُ. (تك ١٣:٨-١١) فَحِينَ أَسَرَتِ ٱلْجُيُوشُ ٱلْغَازِيَةُ لُوطًا، لَمْ يَتَرَدَّدْ فِي إِنْقَاذِهِ. — تك ١٤:١٤-١٦.
١١ كَيْفَ سَعَى إِبْرَاهِيمُ لِيَكُونَ فِي سَلَامٍ مَعَ جِيرَانِهِ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ؟
١١ فَكِّرْ أَيْضًا كَيْفَ سَعَى إِبْرَاهِيمُ لِيَكُونَ فِي سَلَامٍ مَعَ جِيرَانِهِ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ. فَهؤُلَاءِ ‹ٱغْتَصَبُوا› بِئْرَ ٱلْمَاءِ ٱلَّتِي حَفَرَهَا خُدَّامُهُ فِي بِئْرَ سَبْعَ. فَمَاذَا كَانَ سَيَفْعَلُ هذَا ٱلرَّجُلُ ٱلَّذِي هَزَمَ أَرْبَعَةَ مُلُوكٍ وَأَنْقَذَ ٱبْنَ أَخِيهِ مِنْ يَدِهِمْ؟ بَدَلَ أَنْ يُحَارِبَهُمْ وَيَسْتَعِيدَ بِئْرَهُ، ٱخْتَارَ أَلَّا يُحَرِّكَ سَاكِنًا. وَلَمْ يُثِرْ إِبْرَاهِيمُ هذِهِ ٱلْمَسْأَلَةَ إِلَّا حِينَ زَارَهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْفِلِسْطِيُّ لِيَقْطَعَ مَعَهُ عَهْدَ سَلَامٍ طَالِبًا مِنْهُ أَنْ يَحْلِفَ لَهُ بِٱللّٰهِ أَنْ يَصْنَعَ لُطْفًا إِلَى نَسْلِهِ. فَفُوجِئَ ٱلْمَلِكُ لَدَى سَمَاعِهِ بِسَرِقَةِ ٱلْبِئْرِ وَأَعَادَهَا إِلَيْهِ. وَهكَذَا عَاشَ إِبْرَاهِيمُ بِسَلَامٍ كَمُتَغَرِّبٍ فِي أَرْضِ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ. — تك ٢١:٢٢-٣١، ٣٤.
١٢، ١٣ (أ) كَيْفَ حَذَا إِسْحَاقُ حَذْوَ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ؟ (ب) كَيْفَ بَارَكَ يَهْوَهُ إِسْحَاقَ بِسَبَبِ مُحَافَظَتِهِ عَلَى ٱلسَّلَامِ؟
١٢ حَذَا إِسْحَاقُ حَذْوَ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ فِي مُسَالَمَةِ ٱلْآخَرِينَ. وَيَتَّضِحُ ذلِكَ مِنْ تَعَامُلَاتِهِ مَعَ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ. فَبِسَبَبِ حُدُوثِ مَجَاعَةٍ فِي ٱلْأَرْضِ، ٱرْتَحَلَ إِسْحَاقُ مَعَ عَائِلَتِهِ مِنْ بِئْرِ لَحَيْ رُئِي فِي مَنْطِقَةِ ٱلنَّقَبِ ٱلْقَاحِلَةِ بِٱتِّجَاهِ ٱلشَّمَالِ، إِلَى مُقَاطَعَةِ جَرَارَ ٱلْفِلِسْطِيَّةِ ٱلْخَصْبَةِ. وَهُنَاكَ، بَارَكَهُ يَهْوَهُ بِغِلَالٍ وَافِرَةٍ وَزَادَ عَدَدَ مَوَاشِيهِ، فَحَسَدَهُ ٱلْفِلِسْطِيُّونَ. وَإِذْ لَمْ يُرِيدُوا أَنْ يَغْتَنِيَ كَمَا ٱغْتَنَى أَبُوهُ، طَمُّوا ٱلْآبَارَ ٱلَّتِي حَفَرَهَا خُدَّامُ إِبْرَاهِيمَ فِي ٱلْمَنْطِقَةِ. حَتَّى إِنَّ ٱلْمَلِكَ ٱلْفِلِسْطِيَّ قَالَ لِإِسْحَاقَ أَنْ ‹يَنْتَقِلَ مِنْ جِوَارِهِمْ›. فَمَا كَانَ مِنْ هذَا ٱلرَّجُلِ ٱلْمُسَالِمِ إِلَّا أَنْ نَفَّذَ مَا طُلِبَ مِنْهُ. — تك ٢٤:٦٢؛ ٢٦:١، ١٢-١٧.
١٣ وَبَعْدَمَا ٱنْتَقَلَ مِنْ هُنَاكَ، حَفَرَ رُعَاتُهُ بِئْرَ مَاءٍ أُخْرَى. فَزَعَمَ رُعَاةُ ٱلْفِلِسْطِيِّينَ أَنَّ ٱلْمَاءَ لَهُمْ. إِلَّا أَنَّهُ كَأَبِيهِ لَمْ يُخَاصِمْهُمْ مِنْ أَجْلِ ٱلْبِئْرِ، بَلْ طَلَبَ مِنْ رِجَالِهِ أَنْ يَحْفِرُوا بِئْرًا أُخْرَى. فَطَالَبَ ٱلْفِلِسْطِيُّونَ بِهذِهِ أَيْضًا عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ. فَٱنْتَقَلَ إِسْحَاقُ مَعَ أُسْرَتِهِ وَكُلِّ مَا لَهُ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ لِيُحَافِظَ عَلَى ٱلسَّلَامِ. وَهُنَاكَ حَفَرَ خُدَّامُهُ بِئْرًا دَعَا ٱسْمَهَا رَحُوبُوتَ. ثُمَّ ٱرْتَحَلَ إِلَى مَنْطِقَةِ بِئْرَ سَبْعَ ٱلْأَكْثَرِ خُصُوبَةً حَيْثُ بَارَكَهُ يَهْوَهُ وَقَالَ لَهُ: «لَا تَخَفْ، لِأَنِّي مَعَكَ، وَلَأُبَارِكَنَّكَ وَأُكَثِّرَنَّ نَسْلَكَ مِنْ أَجْلِ إِبْرَاهِيمَ خَادِمِي». — تك ٢٦:١٧-٢٥.
١٤ كَيْفَ بَرْهَنَ إِسْحَاقُ أَنَّهُ صَانِعُ سَلَامٍ حِينَ طَلَبَ ٱلْمَلِكُ ٱلْفِلِسْطِيُّ أَنْ يَقْطَعَ مَعَهُ عَهْدَ سَلَامٍ؟
١٤ لِكَيْ يُحَافِظَ إِسْحَاقُ عَلَى ٱلسَّلَامِ، ٱخْتَارَ أَنْ يَرْتَحِلَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ رَغْمَ أَنَّهُ كَانَ فِي مَقْدُورِهِ أَنْ يُصِرَّ عَلَى حَقِّهِ فِي ٱسْتِخْدَامِ ٱلْآبَارِ ٱلَّتِي حَفَرَهَا خُدَّامُهُ. فَقَدْ كَانَ يَحْظَى بِدَعْمِ يَهْوَهَ. وَهذَا مَا ٱعْتَرَفَ بِهِ لَاحِقًا ٱلْمَلِكُ ٱلْفِلِسْطِيُّ. فَحِينَ أَتَى مَعَ ٱثْنَيْنِ مِنْ رَسْمِيِّيهِ لِزِيَارَتِهِ فِي بِئْرَ سَبْعَ لِيَقْطَعُوا مَعَهُ عَهْدَ سَلَامٍ، قَالَ لَهُ: «لَقَدْ رَأَيْنَا أَنَّ يَهْوَهَ كَانَ مَعَكَ». وَهذِهِ ٱلْمَرَّةَ أَيْضًا، بَرْهَنَ إِسْحَاقُ أَنَّهُ صَانِعُ سَلَامٍ. يَقُولُ ٱلسِّجِلُّ: «صَنَعَ لَهُمْ [لِزَائِرِيهِ] وَلِيمَةً، فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا. وَبَكَّرُوا فِي ٱلصَّبَاحِ، وَأَقْسَمَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ. ثُمَّ صَرَفَهُمْ . . . بِسَلَامٍ». — تك ٢٦:٢٦-٣١.
اَلتَّعَلُّمُ مِنْ مِثَالِ يُوسُفَ
١٥ لِمَاذَا لَمْ يَقْدِرْ إِخْوَةُ يُوسُفَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ بِسَلَامٍ؟
١٥ كَانَ يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ «إِنْسَانًا بِلَا لَوْمٍ». (تك ٢٥:٢٧) فَكَمَا رَأَيْنَا فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ، سَعَى إِلَى مُصَالَحَةِ أَخِيهِ عِيسُو. وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ تَعَلَّمَ ٱلْمُسَالَمَةَ مِنْ مِثَالِ أَبِيهِ. وَلكِنْ مَاذَا عَنْ أَبْنَاءِ يَعْقُوبَ؟ مِنْ بَيْنِ ٱلـ ١٢ ٱبْنًا، كَانَ يُوسُفُ ٱلْأَحَبَّ إِلَى قَلْبِهِ. فَقَدْ كَانَ يَتَحَلَّى بِٱلطَّاعَةِ وَٱلِٱحْتِرَامِ وَيَهْتَمُّ ٱهْتِمَامًا كَبِيرًا بِمَصَالِحِ أَبِيهِ. (تك ٣٧:٢، ١٤) غَيْرَ أَنَّ إِخْوَتَهُ ٱلْأَكْبَرَ غَارُوا مِنْهُ جِدًّا حَتَّى إِنَّهُمْ لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُكَلِّمُوهُ بِسَلَامٍ. وَبِقُلُوبٍ مُتَحَجِّرَةٍ، بَاعُوهُ إِلَى ٱلْعُبُودِيَّةِ ثُمَّ خَدَعُوا أَبَاهُمْ بِجَعْلِهِ يَعْتَقِدُ أَنَّ وَحْشًا شَرِسًا قَتَلَهُ. — تك ٣٧:٤، ٢٨، ٣١-٣٣.
١٦، ١٧ كَيْفَ بَرْهَنَ يُوسُفُ أَنَّهُ شَخْصٌ مُسَالِمٌ؟
١٦ إِلَّا أَنَّ يَهْوَهَ كَانَ مَعَ يُوسُفَ. فَبَعْدَ فَتْرَةٍ، أَصْبَحَ كَبِيرَ وُزَرَاءِ مِصْرَ، ٱلثَّانِيَ فِي ٱلسُّلْطَةِ بَعْدَ فِرْعَوْنَ. وَحِينَ ٱضْطُرَّ إِخْوَتُهُ أَنْ يَأْتُوا إِلَى مِصْرَ إِثْرَ مَجَاعَةٍ شَدِيدَةٍ، لَمْ يَعْرِفُوهُ بِسَبَبِ لِبَاسِهِ ٱلرَّسْمِيِّ. (تك ٤٢:٥-٧) وَكَمْ كَانَ سَهْلًا أَنْ يَنْتَقِمَ مِنْهُمْ عَلَى مُعَامَلَتِهِمِ ٱلْقَاسِيَةِ لَهُ وَلِأَبِيهِ! لكِنْ بَدَلًا مِنَ ٱلثَّأْرِ، سَعَى إِلَى مُصَالَحَتِهِمْ. وَعِنْدَمَا تَأَكَّدَ أَنَّهُمْ تَابُوا، عَرَّفَهُمْ بِنَفْسِهِ وَقَالَ: «لَا تَحْزَنُوا وَلَا تَغْتَاظُوا لِأَنَّكُمْ بِعْتُمُونِي إِلَى هُنَا؛ لِأَنَّهُ لِٱسْتِبْقَاءِ حَيَاةٍ أَرْسَلَنِي ٱللّٰهُ قُدَّامَكُمْ». ثُمَّ قَبَّلَ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ وَبَكَى عَلَيْهِمْ. — تك ٤٥:١، ٥، ١٥.
١٧ وَعَقِبَ مَوْتِ أَبِيهِمْ يَعْقُوبَ، خَافَ إِخْوَةُ يُوسُفَ أَنْ يَنْتَقِمَ مِنْهُمْ، فَأَعْرَبُوا لَهُ عَنْ مَخَاوِفِهِمْ. وَهذِهِ ٱلْمَرَّةَ أَيْضًا، بَرْهَنَ أَنَّهُ شَخْصٌ مُسَالِمٌ. فَقَدْ «بَكَى» وَأَجَابَهُمْ: «لَا تَخَافُوا. أَنَا أُزَوِّدُكُمْ وَأَطْفَالَكُمْ بِٱلطَّعَامِ». وَهكَذَا «عَزَّاهُمْ وَطَمْأَنَهُمْ بِكَلَامِهِ». — تك ٥٠:١٥-٢١.
«كُتِبَ لِإِرْشَادِنَا»
١٨، ١٩ (أ) كَيْفَ ٱسْتَفَدْتُمْ مِنَ ٱلتَّأَمُّلِ فِي أَمْثِلَةِ صَانِعِي ٱلسَّلَامِ ٱلَّتِي تَنَاوَلْنَاهَا فِي هذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟ (ب) مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
١٨ قَالَ بُولُسُ: «إِنَّ كُلَّ مَا كُتِبَ مِنْ قَبْلُ كُتِبَ لِإِرْشَادِنَا، حَتَّى بِٱحْتِمَالِنَا وَبِٱلتَّعْزِيَةِ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ». (رو ١٥:٤) فَكَيْفَ نَسْتَفِيدُ مِنَ ٱلتَّأَمُّلِ فِي مِثَالِ يَهْوَهَ ٱلْأَسْمَى، فَضْلًا عَنْ مِثَالِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَيُوسُفَ؟
١٩ إِنَّ ٱلتَّقْدِيرَ لِمَا فَعَلَهُ يَهْوَهُ بِهَدَفِ إِصْلَاحِ ٱلْعَلَاقَةِ ٱلْمُتَضَرِّرَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْبَشَرِ ٱلْخُطَاةِ يَدْفَعُنَا إِلَى بَذْلِ أَقْصَى جُهْدِنَا لِمُسَالَمَةِ ٱلْآخَرِينَ. إِضَافَةً إِلَى ذلِكَ، يُبْرِزُ مِثَالُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَيُوسُفَ أَنَّ ٱلْوَالِدِينَ يَتْرُكُونَ أَثَرًا جَيِّدًا فِي أَوْلَادِهِمْ. كَمَا يُظْهِرُ أَنَّ يَهْوَهَ يُبَارِكُ جُهُودَ ٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ لِصُنْعِ ٱلسَّلَامِ. فَلَا عَجَبَ أَنْ يَصِفَ بُولُسُ يَهْوَهَ بِأَنَّهُ «مُعْطِي ٱلسَّلَامِ». (اِقْرَأْ روما ١٥:٣٣؛ ١٦:٢٠.) وَفِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ، سَنُنَاقِشُ لِمَاذَا شَدَّدَ بُولُسُ عَلَى ٱلسَّعْيِ فِي أَثَرِ ٱلسَّلَامِ وَكَيْفَ نَكُونُ صَانِعِي سَلَامٍ.
مَاذَا تَعَلَّمْتُمْ؟
• كَيْفَ سَعَى يَعْقُوبُ فِي أَثَرِ ٱلسَّلَامِ وَهُوَ فِي طَرِيقِهِ لِلِقَاءِ عِيسُو؟
• كَيْفَ تَشْعُرُونَ حِيَالَ مَا فَعَلَهُ يَهْوَهُ لِيُتِيحَ لِلْبَشَرِ أَنْ يَتَمَتَّعُوا بِٱلسَّلَامِ مَعَهُ؟
• مَاذَا تَعَلَّمْتُمْ مِنْ أَمْثِلَةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَيُوسُفَ ٱلَّذِينَ كَانُوا صَانِعِي سَلَامٍ؟
[الصور في الصفحة ٢٣]
مَا هِيَ أَهَمُّ خُطْوَةٍ قَامَ بِهَا يَعْقُوبُ لِمُصَالَحَةِ عِيسُو؟