قَدِّرْ كَرَمَ يَهْوَهَ وَتَعَقُّلَهُ
«يَهْوَهُ صَالِحٌ لِلْكُلِّ، وَمَرَاحِمُهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ». — مز ١٤٥:٩.
١، ٢ أَيَّةُ فُرْصَةٍ تَكْمُنُ أَمَامَ أَصْدِقَاءِ يَهْوَهَ؟
«أَنَا وَزَوْجِي نَعْرِفُ بَعْضُنَا بَعْضًا حَقَّ ٱلْمَعْرِفَةِ. لٰكِنْ حَتَّى بَعْدَ سَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ مَعًا، مَا زِلْنَا نَكْتَشِفُ أُمُورًا جَدِيدَةً وَاحِدُنَا فِي ٱلْآخَرِ». هٰكَذَا عَبَّرَتْ أُخْتٌ مَسِيحِيَّةٌ تُدْعَى مُونِيكَا بَعْدَ مُضِيِّ ٣٥ سَنَةً عَلَى زَوَاجِهَا. وَلَا شَكَّ أَنَّ هٰذِهِ هِيَ حَالُ كَثِيرِينَ مِنَ ٱلْمُتَزَوِّجِينَ وَٱلْأَصْدِقَاءِ.
٢ هُنَالِكَ مُتْعَةٌ كَبِيرَةٌ فِي ٱلتَّعَرُّفِ أَكْثَرَ بِأَحِبَّائِنَا. لٰكِنْ مَا مِنْ فَرَحٍ يُضَاهِي فَرَحَ ٱلتَّعَلُّمِ عَنْ إِلٰهِنَا يَهْوَهَ، أَفْضَلِ صَدِيقٍ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ. صَحِيحٌ أَنَّنَا لَنْ نَتَوَصَّلَ أَبَدًا إِلَى مَعْرِفَتِهِ كَامِلًا، بَيْدَ أَنَّ لَدَيْنَا فُرْصَةً رَائِعَةً لِنَسْتَمِرَّ فِي ٱلتَّعَلُّمِ عَنْهُ وَتَعْمِيقِ تَقْدِيرِنَا لِصِفَاتِهِ طَوَالَ ٱلْأَبَدِيَّةِ. — رو ١١:٣٣؛ جا ٣:١١.
٣ مَاذَا سَنَتَنَاوَلُ فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟
٣ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلسَّابِقَةِ، ٱزْدَادَ تَقْدِيرُنَا لِيَهْوَهَ مِنْ حَيْثُ إِعْرَابُهُ عَنْ سُهُولَةِ ٱلِٱقْتِرَابِ وَعَدَمِ ٱلْمُحَابَاةِ. وَفِي مَا يَلِي، سَنَتَنَاوَلُ صِفَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ مِنْ صِفَاتِهِ ٱلرَّائِعَةِ: اَلْكَرَمَ وَٱلتَّعَقُّلَ. وَبِذٰلِكَ سَنَفْهَمُ عَلَى نَحْوٍ أَوْضَحَ أَنَّ «يَهْوَهَ صَالِحٌ لِلْكُلِّ، وَمَرَاحِمَهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ». — مز ١٤٥:٩.
يَهْوَهُ كَرِيمٌ
٤ مَا هُوَ ٱلْكَرَمُ ٱلْحَقِيقِيُّ؟
٤ مَاذَا يَعْنِي أَنْ يَكُونَ ٱلْمَرْءُ كَرِيمًا؟ نَجِدُ ٱلْجَوَابَ فِي كَلِمَاتِ يَسُوعَ ٱلْمُدَوَّنَةِ فِي ٱلْأَعْمَال ٢٠:٣٥: «اَلسَّعَادَةُ فِي ٱلْعَطَاءِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي ٱلْأَخْذِ». بِهٰذِهِ ٱلْعِبَارَةِ ٱلْبَسِيطَةِ، بَيَّنَ يَسُوعُ مَاهِيَّةَ ٱلْكَرَمِ ٱلْحَقِيقِيِّ. فَٱلْإِنْسَانُ ٱلْكَرِيمُ يُعْطِي بِسُرُورٍ وَبِلَا حِسَابٍ مِنْ وَقْتِهِ وَطَاقَتِهِ وَمَوَارِدِهِ لِفَائِدَةِ ٱلْآخَرِينَ. أَجَلْ، لَا يُقَاسُ ٱلْكَرَمُ بِحَجْمِ ٱلْعَطِيَّةِ أَوْ قِيمَتِهَا، بَلْ بِٱلدَّافِعِ وَرَاءَهَا. (اقرأ ٢ كورنثوس ٩:٧.) وَمَا مِنْ أَحَدٍ يَفُوقُ يَهْوَهَ، «ٱلْإِلٰهَ ٱلسَّعِيدَ»، كَرَمًا وَسَخَاءً. — ١ تي ١:١١.
٥ كَيْفَ يُعْرِبُ يَهْوَهُ عَنِ ٱلْكَرَمِ؟
٥ كَيْفَ يُعْرِبُ يَهْوَهُ عَنِ ٱلْكَرَمِ؟ إِنَّهُ يُزَوِّدُ ٱلْبَشَرَ أَجْمَعِينَ، حَتَّى ٱلَّذِينَ لَا يَعْبُدُونَهُ، بِمَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ. حَقًّا، إِنَّ «يَهْوَهَ صَالِحٌ لِلْكُلِّ». فَهُوَ «يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى ٱلْأَشْرَارِ وَٱلصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى ٱلْأَبْرَارِ وَٱلْأَثَمَةِ». (مت ٥:٤٥) لِذٰلِكَ، ٱسْتَطَاعَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ أَنْ يَقُولَ لِأَشْخَاصٍ غَيْرِ مُؤْمِنِينَ إِنَّ يَهْوَهَ ‹يَفْعَلُ صَلَاحًا، مُعْطِيًا إِيَّاهُمْ أَمْطَارًا مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَمَوَاسِمَ مُثْمِرَةً، مُفْعِمًا قُلُوبَهُمْ طَعَامًا وَسُرُورًا›. (اع ١٤:١٧) فَمِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّ يَهْوَهَ يُجْزِلُ ٱلْعَطَاءَ لِكَافَّةِ ٱلْبَشَرِ. — لو ٦:٣٥.
٦، ٧ (أ) بِمَ يُسَرُّ يَهْوَهُ خُصُوصًا؟ (ب) أَيُّ ٱخْتِبَارٍ يَدُلُّ أَنَّ ٱللّٰهَ يُزَوِّدُ عُبَّادَهُ بِحَاجَتِهِمْ؟
٦ يُسَرُّ يَهْوَهُ خُصُوصًا بِتَزْوِيدِ عُبَّادِهِ ٱلْأُمَنَاءِ بِحَاجَاتِهِمْ. ذَكَرَ ٱلْمَلِكُ دَاوُدُ: «كُنْتُ فَتًى، وَقَدْ شِخْتُ، وَلَمْ أَرَ بَارًّا تُخُلِّيَ عَنْهُ، وَلَا نَسْلَهُ يَلْتَمِسُ خُبْزًا». (مز ٣٧:٢٥) وَكَثِيرُونَ مِنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأُمَنَاءِ يَلْمُسُونَ لَمْسَ ٱلْيَدِ صِحَّةَ هٰذَا ٱلْأَمْرِ. وَإِلَيْكَ مِثَالًا عَلَى ذٰلِكَ.
٧ مُنْذُ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ، وَقَعَتْ خَادِمَةٌ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ تُدْعَى نَانْسِي فِي مَأْزِقٍ. تَقُولُ: «اِحْتَجْتُ إِلَى ٦٦ دُولَارًا لِإِيجَارِ ٱلْبَيْتِ ٱلَّذِي تَوَجَّبَ عَلَيَّ دَفْعُهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي. وَلَمْ أَعْلَمْ مِنْ أَيْنَ آتِي بِهٰذَا ٱلْمَبْلَغِ. فَصَلَّيْتُ إِلَى يَهْوَهَ ثُمَّ ذَهَبْتُ إِلَى ٱلْمَطْعَمِ ٱلَّذِي أَعْمَلُ فِيهِ كَنَادِلَةٍ. كَانَ مِنَ ٱلْمُسْتَبْعَدِ أَنْ أَحْصُلَ عَلَى بَقْشِيشٍ وَافِرٍ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ مِنَ ٱلْأُسْبُوعِ ٱلَّذِي لَا إِقْبَالَ فِيهِ عَادَةً عَلَى ٱلْمَطَاعِمِ. لٰكِنَّ مَا حَصَلَ كَانَ مُدْهِشًا! فَقَدْ شَهِدَ ٱلْمَطْعَمُ تَوَافُدَ عَدَدٍ لَا بَأْسَ بِهِ مِنَ ٱلزَّبَائِنِ. وَهٰكَذَا، عِنْدَ ٱلِٱنْتِهَاءِ مِنْ عَمَلِي، عَدَدْتُ ٱلْمَالَ ٱلَّذِي أَعْطَوْنِي إِيَّاهُ، فَكَانَ ٱلْمَجْمُوعُ ٦٦ دُولَارًا». وَنَانْسِي لَدَيْهَا مِلْءُ ٱلثِّقَةِ أَنَّ يَهْوَهَ زَوَّدَهَا بِمَا كَانَتْ بِحَاجَةٍ إِلَيْهِ تَمَامًا. — مت ٦:٣٣.
٨ مَا هِيَ أَكْثَرُ هِبَاتِ يَهْوَهَ سَخَاءً؟
٨ إِنَّ أَكْثَرَ هِبَاتِ يَهْوَهَ سَخَاءً مُتَاحَةٌ لِلْجَمِيعِ. فَمَا هِيَ؟ اَلذَّبِيحَةُ ٱلْفِدَائِيَّةُ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا ٱبْنُهُ. فَقَدْ قَالَ يَسُوعُ: «اَللّٰهُ أَحَبَّ ٱلْعَالَمَ كَثِيرًا حَتَّى إِنَّهُ بَذَلَ ٱلِٱبْنَ، مَوْلُودَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْلَا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُمَارِسُ ٱلْإِيمَانَ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ». (يو ٣:١٦) وَفِي سِيَاقِ ٱلْكَلَامِ هُنَا، يُشِيرُ «ٱلْعَالَمُ» إِلَى ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ بِأَكْمَلِهِ. نَعَمْ، إِنَّ أَكْثَرَ هِبَاتِ يَهْوَهَ سَخَاءً مُتَاحَةٌ لِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُهَا. فَٱلَّذِينَ يُمَارِسُونَ ٱلْإِيمَانَ بِيَسُوعَ سَيَحْظَوْنَ بِحَيَاةٍ لَا نِهَايَةَ لَهَا. (يو ١٠:١٠) فَهَلْ مِنْ دَلِيلٍ أَعْظَمُ عَلَى كَرَمِ يَهْوَهَ؟!
اِقْتَدِ بِكَرَمِ يَهْوَهَ
٩ كَيْفَ نَقْتَدِي بِكَرَمِ يَهْوَهَ؟
٩ كَيْفَ نَقْتَدِي بِكَرَمِ يَهْوَهَ؟ إِنَّ إِلٰهَنَا «يُزَوِّدُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِمُتْعَتِنَا». لِذَا، عَلَيْنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَكُونَ «مُسْتَعِدِّينَ لِلْمُشَارَكَةِ»، مُسَاهِمِينَ بِذٰلِكَ فِي فَرَحِ ٱلْآخَرِينَ. (١ تي ٦:١٧-١٩) فَيَلْزَمُ أَنْ نَسْتَخْدِمَ مَوَارِدَنَا ٱلْمَادِّيَّةَ بِكُلِّ طِيبِ خَاطِرٍ لِنَهَبَ ٱلْعَطَايَا لِأَصْدِقَائِنَا وَأَفْرَادِ عَائِلَتِنَا وَنُسَانِدَ ٱلْمُحْتَاجِينَ. (اقرإ التثنية ١٥:٧.) وَمَاذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نَتَذَكَّرَ ٱلْإِعْرَابَ عَنِ ٱلْكَرَمِ؟ يَتَّخِذُ بَعْضُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْخُطْوَةَ ٱلْعَمَلِيَّةَ ٱلتَّالِيَةَ: كُلَّمَا تَلَقَّوْا عَطِيَّةً مِنْ أَحَدٍ تَحَيَّنُوا ٱلْفُرْصَةَ لِيُقَدِّمُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدَةً لِشَخْصٍ آخَرَ. وَتَضُمُّ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْمَسِيحِيَّةُ عَدَدًا لَا يُحْصَى مِنَ ٱلْإِخْوَةِ وٱلْأَخَوَاتِ ٱلَّذِينَ يَتَحَلَّوْنَ بِرُوحِ ٱلسَّخَاءِ.
١٠ مَا هِيَ إِحْدَى أَفْضَلِ ٱلطَّرَائِقِ لِنُعْرِبَ عَنِ ٱلْكَرَمِ؟
١٠ إِحْدَى أَفْضَلِ ٱلطَّرَائِقِ لِنُظْهِرَ ٱلْكَرَمَ هِيَ ٱسْتِخْدَامُ وَقْتِنَا وَطَاقَتِنَا لِدَعْمِ وَتَشْجِيعِ ٱلْآخَرِينَ. (غل ٦:١٠) وَكَيْ نُجْرِيَ فَحْصًا ذَاتِيًّا فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ، قَدْ نَسْأَلُ أَنْفُسَنَا: ‹هَلْ يَشْعُرُ ٱلْآخَرُونَ أَنِّي مُسْتَعِدٌّ أَنْ أُصْغِيَ لِمَشَاكِلِهِمْ؟ إِذَا طَلَبَ مِنِّي أَحَدٌ أَنْ أُعَاوِنَهُ عَلَى إِنْجَازِ عَمَلٍ مَا أَوْ أُسْدِيَ إِلَيْهِ خِدْمَةً، فَهَلْ أَسْتَجِيبُ لَهُ كُلَّمَا أَمْكَنَ؟ وَمَتَى كَانَتْ آخِرَ مَرَّةٍ مَدَحْتُ فِيهَا بِإِخْلَاصٍ فَرْدًا مِنْ أَفْرَادِ عَائِلَتِي أَوْ رَفِيقًا مُؤْمِنًا؟›. وَلَا شَكَّ أَنَّ ‹مُمَارَسَةَ ٱلْعَطَاءِ› تُقَرِّبُنَا مِنْ يَهْوَهَ ٱللّٰهِ وَإِخْوَتِنَا عَلَى ٱلسَّوَاءِ. — لو ٦:٣٨؛ ام ١٩:١٧.
١١ كَيْفَ نُظْهِرُ ٱلسَّخَاءَ لِيَهْوَهَ؟
١١ فِي وِسْعِنَا إِظْهَارُ ٱلْكَرَمِ لِيَهْوَهَ أَيْضًا. فَٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ تُوصِي: «أَكْرِمْ يَهْوَهَ بِنَفَائِسِكَ». (ام ٣:٩) وَتَشْمُلُ ‹نَفَائِسُنَا› هٰذِهِ وَقْتَنَا وَطَاقَتَنَا وَمَوَارِدَنَا، ٱلَّتِي نَسْتَطِيعُ ٱسْتِخْدَامَهَا بِسَخَاءٍ فِي خِدْمَتِهِ. حَتَّى ٱلْأَوْلَادُ ٱلصِّغَارُ بِإِمْكَانِهِمْ أَنْ يَتَعَلَّمُوا ٱلْإِعْرَابَ عَنِ ٱلْكَرَمِ لِيَهْوَهَ. يَقُولُ أَبٌ ٱسْمُهُ جَايْسُون: «حِينَ تُرِيدُ عَائِلَتُنَا أَنْ تُقَدِّمَ تَبَرُّعًا فِي قَاعَةِ ٱلْمَلَكُوتِ، نَطْلُبُ مِنْ وَلَدَيْنَا أَنْ يَضَعَا ٱلْمَالَ فِي صُنْدُوقِ ٱلتَّبَرُّعَاتِ. وَهُمَا يَفْرَحَانِ كَثِيرًا بِذٰلِكَ لِأَنَّهُمَا ‹يُعْطِيَانِ شَيْئًا لِيَهْوَهَ›». وَٱلْأَوْلَادُ ٱلَّذِينَ يَخْتَبِرُونَ فَرَحَ ٱلْعَطَاءِ هٰذَا وَهُمْ بَعْدُ صِغَارٌ، مِنَ ٱلْمُرَجَّحِ أَنْ يُحَافِظُوا عَلَى رُوحِ ٱلسَّخَاءِ وَهُمْ رَاشِدُونَ. — ام ٢٢:٦.
يَهْوَهُ مُتَعَقِّلٌ
١٢ مَاذَا يَعْنِي ٱلتَّعَقُّلُ؟
١٢ تُدْرَجُ صِفَةُ ٱلتَّعَقُّلِ أَيْضًا فِي قَائِمَةِ صِفَاتِ يَهْوَهَ ٱلْمُحَبَّبَةِ. فَمَاذَا يَعْنِي ٱلتَّعَقُّلُ؟ إِنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ ٱلْمَنْقُولَةَ عَادَةً إِلَى «مُتَعَقِّلٍ» فِي تَرْجَمَةُ ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ تَحْمِلُ مَعْنَى ٱلِٱتِّصَافِ بِٱللِّينِ، إِظْهَارِ ٱلْمُرَاعَاةِ لِلْغَيْرِ، وَٱلِٱسْتِعْدَادِ لِلنُّزُولِ عِنْدَ رَغَبَاتِ ٱلْآخَرِينَ. (تي ٣:١، ٢) فَٱلشَّخْصُ ٱلْمُتَعَقِّلُ لَا يُصِرُّ عَلَى ٱلْأَخْذِ دَائِمًا بِحَرْفِيَّةِ ٱلشَّرِيعَةِ، وَلَا يَكُونُ مُتَزَمِّتًا أَوْ صَارِمًا أَوْ قَاسِيًا. بَلْ يَسْعَى لِيَكُونَ لَطِيفًا فِي تَعَامُلَاتِهِ مَعَ ٱلْآخَرِينَ، آخِذًا بِعَيْنِ ٱلِٱعْتِبَارِ ظُرُوفَهُمْ. كَمَا أَنَّهُ مُسْتَعِدٌّ أَنْ يُصْغِيَ لَهُمْ، ثُمَّ يُلَبِّيَ رَغَبَاتِهِمْ وَيُعَدِّلَ مَطَالِبَهُ مَتَى رَأَى ذٰلِكَ مُنَاسِبًا.
١٣، ١٤ (أ) كَيْفَ يُعْرِبُ يَهْوَهُ عَنِ ٱلتَّعَقُّلِ؟ (ب) مَاذَا نَتَعَلَّمُ عَنِ ٱلتَّعَقُّلِ مِنَ ٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي عَامَلَ بِهَا ٱللّٰهُ لُوطًا؟
١٣ كَيْفَ يُعْرِبُ يَهْوَهُ عَنِ ٱلتَّعَقُّلِ؟ إِنَّهُ يُرَاعِي مَشَاعِرَ خُدَّامِهِ وَغَالِبًا مَا يَكُونُ مُسْتَعِدًّا أَنْ يَنْزِلَ عِنْدَ رَغْبَتِهِمْ. تَأَمَّلْ مَثَلًا كَيْفَ عَامَلَ ٱلرَّجُلَ ٱلْبَارَّ لُوطًا. فَحِينَ صَمَّمَ أَنْ يُدَمِّرَ مَدِينَتَيْ سَدُومَ وَعَمُورَةَ، أَمَرَهُ بِكُلِّ وُضُوحٍ أَنْ يَهْرُبَ إِلَى ٱلْمِنْطَقَةِ ٱلْجَبَلِيَّةِ. لٰكِنْ لِسَبَبٍ أَوْ لآِخَرَ، خَافَ لُوطٌ وَٱلْتَمَسَ مِنْهُ أَنْ يَهْرُبَ إِلَى مِنْطَقَةٍ أُخْرَى. تَخَيَّلْ! لَقَدْ طَلَبَ لُوطٌ مِنْ يَهْوَهَ أَنْ يُغَيِّرَ إِرْشَادَاتِهِ! — اقرإ التكوين ١٩:١٧-٢٠.
١٤ مِنَ ٱلسَّهْلِ أَنْ يَحْكُمَ ٱلْقَارِئُ عَلَى لُوطٍ أَنَّهُ قَلِيلُ ٱلْإِيمَانِ وَغَيْرُ مُطِيعٍ. فَلَمْ يَكُنْ لِمَخَاوِفِهِ أَيُّ أَسَاسٍ مَا دَامَ يَهْوَهُ قَادِرًا أَنْ يَحْفَظَ حَيَاتَهُ حَيْثُمَا كَانَ. لٰكِنَّ لُوطًا شَعَرَ بِٱلْخَوْفِ وَيَهْوَهُ رَاعَى مَشَاعِرَهُ هٰذِهِ. فَسَمَحَ لَهُ أَنْ يَهْرُبَ إِلَى مَدِينَةٍ كَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى إِهْلَاكِهَا. (اقرإ التكوين ١٩:٢١، ٢٢.) مِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ يَهْوَهَ لَيْسَ مُتَزَمِّتًا وَلَا صَارِمًا، بَلْ هُوَ إِلٰهٌ يَتَّصِفُ دَائِمًا بِٱلتَّعَقُّلِ.
١٥، ١٦ كَيْفَ عَكَسَتِ ٱلشَّرِيعَةُ ٱلْمُوسَوِيَّةُ تَعَقُّلَ يَهْوَهَ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ.)
١٥ تَنْعَكِسُ أَيْضًا صِفَةُ ٱلتَّعَقُّلِ عِنْدَ يَهْوَهَ مِنْ خِلَالِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ. فَقَدْ نَصَّتْ أَنَّ ٱلْفَقِيرَ ٱلَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُقَدِّمَ نَعْجَةً أَوْ عَنْزَةً فِي وِسْعِهِ أَنْ يُقَرِّبَ زَوْجَ تِرْغَلٍّ أَوْ فَرْخَيْ يَمَامٍ. وَإِنْ كَانَ أَفْقَرَ مِنْ أَنْ يُقَدِّمَ فَرْخَيْ يَمَامٍ، يُسْمَحُ لَهُ أَنْ يُحْضِرَ ٱلْقَلِيلَ مِنَ ٱلدَّقِيقِ. لٰكِنْ لَاحِظْ هٰذَا ٱلتَّفْصِيلَ ٱلْمُهِمَّ: مَا كَانَ يَجِبُ أَنْ يُقَدِّمَ أَيَّ نَوْعٍ مِنَ ٱلدَّقِيقِ، بَلِ «ٱلدَّقِيقَ ٱلْفَاخِرَ» ٱلَّذِي يُسْتَخْدَمُ عَادَةً لِتَكْرِيمِ ٱلضُّيُوفِ. (تك ١٨:٦) وَمَا أَهَمِّيَّةُ ذٰلِكَ؟ — اقرإ اللاويين ٥:٧، ١١.
١٦ تَخَيَّلْ إِسْرَائِيلِيًّا مُعْوِزًا يَصِلُ إِلَى ٱلْهَيْكَلِ وَفِي جَعْبَتِهِ ٱلْقَلِيلُ مِنَ ٱلدَّقِيقِ لِيُقَدِّمَهُ قُرْبَانًا، فَيُلَاحِظُ أَنَّ ٱلْأَغْنِيَاءَ يَأْتُونَ بِٱلْمَوَاشِي. قَدْ يَشْعُرُ بِٱلْإِحْرَاجِ بِسَبَبِ تَقْدِمَتِهِ ٱلَّتِي تَبْدُو بِلَا قِيمَةٍ. لٰكِنْ بَعْدَ ذٰلِكَ يَتَذَكَّرُ بِأَنَّهَا قَيِّمَةٌ فِي عَيْنَيْ يَهْوَهَ. وَلِمَاذَا؟ أَحَدُ ٱلْأَسْبَابِ هُوَ أَنَّ يَهْوَهَ طَلَبَ أَنْ يَكُونَ ٱلدَّقِيقُ مِنْ أَجْوَدِ ٱلْأَنْوَاعِ. وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لِلْإِسْرَائِيلِيِّ ٱلْفَقِيرِ: ‹أَنَا أَعْرِفُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَقْدُورِكَ أَنْ تُقَدِّمَ قَدْرَ مَا يُقَدِّمُهُ ٱلْآخَرُونَ، لٰكِنِّي أَعْرِفُ أَيْضًا أَنَّكَ تُعْطِي أَفْضَلَ مَا عِنْدَكَ›. فَيَهْوَهُ يُعْرِبُ عَنِ ٱلتَّعَقُّلِ إِذْ يَأْخُذُ بِعَيْنِ ٱلِٱعْتِبَارِ حُدُودَ خُدَّامِهِ وَظُرُوفَهُمْ. — مز ١٠٣:١٤.
١٧ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلْخِدْمَةِ يَقْبَلُهَا يَهْوَهُ؟
١٧ نَحْنُ نَتَعَزَّى وَنَتَشَجَّعُ حِينَ نَعْرِفُ أَنَّ يَهْوَهَ مُتَعَقِّلٌ وَيَقْبَلُ خِدْمَتَنَا مَتَى قَدَّمْنَاهَا مِنْ كُلِّ ٱلنَّفْسِ. (كو ٣:٢٣) عَبَّرَتْ أُخْتٌ إِيطَالِيَّةٌ تُدْعَى كُونْسْتَانْس: «لَطَالَمَا كَانَ إِخْبَارُ ٱلْآخَرِينَ عَنْ خَالِقِي أَحَبَّ أَمْرٍ عَلَى قَلْبِي. لِذٰلِكَ أَسْتَمِرُّ فِي ٱلْكِرَازَةِ وَعَقْدِ دُرُوسٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. فِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ، أَشْعُرُ بِٱلْحُزْنِ لِأَنَّ مَشَاكِلِي ٱلصِّحِّيَّةَ تُعِيقُنِي عَنْ فِعْلِ ٱلْمَزِيدِ. لٰكِنِّي أُدْرِكُ أَنَّ يَهْوَهَ يَعْرِفُ حُدُودِي وَيُحِبُّنِي وَيُقَدِّرُ مَا أَقُومُ بِهِ».
اِقْتَدِ بِتَعَقُّلِ يَهْوَهَ
١٨ مَا هِيَ إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ ٱلَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَتْبَعَهَا ٱلْوَالِدُونَ لِلِٱقْتِدَاءِ بِيَهْوَهَ؟
١٨ كَيْفَ نَقْتَدِي بِتَعَقُّلِ يَهْوَهَ؟ لِنَعُدْ مَعًا إِلَى ٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي عَامَلَ بِهَا يَهْوَهُ لُوطًا. فَرَغْمَ أَنَّهُ فِي مَرْكَزِ ٱلسُّلْطَةِ، أَصْغَى إِلَيْهِ بِلُطْفٍ وَهُوَ يُعَبِّرُ عَنْ مَشَاعِرِهِ، ثُمَّ قَبِلَ ٱلْتِمَاسَهُ. فَيَا أَيُّهَا ٱلْوَالِدُونَ، هَلْ يُمْكِنُكُمْ أَنْ تَتَمَثَّلُوا بِيَهْوَهَ؟ هَلْ تُصْغُونَ إِلَى طَلَبَاتِ أَوْلَادِكُمْ وَتَسْتَجِيبُونَ لَهَا حَيْثُمَا تَجِدُونَهُ مُلَائِمًا؟ فِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ، أَوْرَدَ عَدَدُ ١ أَيْلُولَ (سِبْتَمْبِر) ٢٠٠٧ مِنْ مَجَلَّةِ بُرْجُ ٱلْمُرَاقَبَةِ أَنَّ ٱلْوَالِدِينَ قَدْ يَرْغَبُونَ أَحْيَانًا أَنْ يَتَنَاقَشُوا مَعَ أَوْلَادِهِمْ عِنْدَ وَضْعِ ٱلْقَوَاعِدِ ٱلَّتِي سَتَتْبَعُهَا ٱلْعَائِلَةُ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، لَدَى ٱلْوَالِدِينَ ٱلْحَقُّ أَنْ يُقَرِّرُوا فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَجِبُ أَنْ يَرْجِعَ ٱلْأَوْلَادُ إِلَى ٱلْمَنْزِلِ. رَغْمَ ذٰلِكَ، بِإِمْكَانِهِمْ أَنْ يَسْتَمِعُوا إِلَى رَأْيِ أَوْلَادِهِمْ وَيُعَدِّلُوا فِي ٱلتَّوْقِيتِ مَا دَامَتْ مَبَادِئُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ لَا تُنْتَهَكُ. وَقَدْ يَجِدُ ٱلْوَالِدُونَ أَنَّ ٱشْتِرَاكَ ٱلْأَوْلَادِ فِي مُنَاقَشَةِ ٱلْقَوَاعِدِ ٱلْعَائِلِيَّةِ يُسَهِّلُ عَلَيْهِمْ فَهْمَهَا وَٱتِّبَاعَهَا.
١٩ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ ٱلشُّيُوخُ أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِتَعَقُّلِ يَهْوَهَ؟
١٩ يَعْمَلُ ٱلشُّيُوخُ عَلَى ٱلِٱقْتِدَاءِ بِتَعَقُّلِ يَهْوَهَ حِينَ يَأْخُذُونَ بِعَيْنِ ٱلِٱعْتِبَارِ ظُرُوفَ رُفَقَائِهِمِ ٱلْمُؤْمِنِينَ. تَذَكَّرْ أَنَّ يَهْوَهَ قَدَّرَ حَتَّى ٱلتَّضْحِيَاتِ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا أَفْقَرُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ. بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، لَا يَسْتَطِيعُ بَعْضُ ٱلْإِخْوَةِ أَنْ يَصْرِفُوا سِوَى ٱلْقَلِيلِ مِنَ ٱلْوَقْتِ فِي ٱلْخِدْمَةِ، لَرُبَّمَا بِسَبَبِ ٱلْمَشَاكِلِ ٱلصِّحِّيَّةِ أَوِ ٱلتَّقَدُّمِ فِي ٱلسِّنِّ. فَمَا ٱلْعَمَلُ إِذَا تَثَبَّطُوا؟ بِإِمْكَانِ ٱلشُّيُوخِ أَنْ يُؤَكِّدُوا لَهُمْ بِلُطْفٍ أَنَّ يَهْوَهَ يُحِبُّهُمْ لِأَنَّهُمْ يُعْطُونَ أَفْضَلَ مَا لَدَيْهِمْ. — مر ١٢:٤١-٤٤.
٢٠ مَاذَا يَعْنِي أَنْ نَكُونَ مُتَعَقِّلِينَ فِي خِدْمَةِ يَهْوَهَ؟
٢٠ طَبْعًا، إِنَّ ٱلِٱتِّصَافَ بِٱلتَّعَقُّلِ لَا يَعْنِي مُطْلَقًا أَنْ ‹نَلْطُفَ بِأَنْفُسِنَا›. (مت ١٦:٢٢) فَنَحْنُ لَا نَتَرَاخَى فِي ٱلْخِدْمَةِ بِحُجَّةِ أَنَّنَا نُظْهِرُ ٱلتَّعَقُّلَ. بَلْ عَلَيْنَا بَذْلُ قُصَارَى جُهْدِنَا فِي دَعْمِ مَصَالِحِ ٱلْمَلَكُوتِ. فَقَدْ قَالَ يَسُوعُ: «اِجْتَهِدُوا بِقُوَّةٍ». (لو ١٣:٢٤) إِذًا، لَا بُدَّ أَنْ نَتَحَلَّى بِٱلِٱتِّزَانِ فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ. فَمِنْ نَاحِيَةٍ، عَلَيْنَا أَنْ نُعْطِيَ كُلَّ مَا فِي وِسْعِنَا فِي ٱلْخِدْمَةِ. وَمِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، يَجِبُ أَلَّا نَنْسَى أَنَّ يَهْوَهَ لَا يَطْلُبُ مِنَّا أَبَدًا أَكْثَرَ مِنْ طَاقَتِنَا. فَهُوَ يَرْضَى عَلَيْنَا إِنْ قَدَّمْنَا لَهُ أَفْضَلَ مَا عِنْدَنَا. أَفَلَيْسَ رَائِعًا أَنْ نَخْدُمَ إِلٰهًا مُتَعَقِّلًا كَيَهْوَهَ؟ لَا شَكَّ فِي ذٰلِكَ. لٰكِنْ ثَمَّةَ صِفَاتٌ رَائِعَةٌ أُخْرَى يَمْتَلِكُهَا إِلٰهُنَا. وَفِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ، سَنُنَاقِشُ ٱثْنَتَيْنِ مِنْهَا. — مز ٧٣:٢٨.