لتثبت محبتكم الاخوية!
«لتثبت المحبة الاخوية.» — عبرانيين ١٣:١.
١ ماذا تفعلون لتُبقوا النار مشتعلة في ليلة قارسة، وأية مسؤولية مماثلة لدينا جميعا؟
لنقُل ان البرد مؤذٍ في الخارج، والحرارة آخذة في الانخفاض. ومصدر الدفء الوحيد في بيتكم هو نار تفرقع في الموقد. وحياتكم تعتمد على ابقائكم اياها مشتعلة. فهل تجلسون مكتوفي الايدي فيما يخبو اللهب ويصير توهُّج الجمر الاحمر رماديا كامدا وهامدا؟ طبعا لا. فأنتم تواظبون بلا كلل على امدادها بالوقود لإبقائها متَّقدة. ومجازيا، لدى كل واحد منا عمل مماثل يتعلق «بنار» اهم بكثير — النار التي ينبغي ان تتَّقد في قلوبنا — المحبة.
٢ (أ) لماذا يمكن القول ان المحبة بردت في هذه الايام الاخيرة؟ (ب) كم مهمة هي المحبة بالنسبة الى المسيحيين الحقيقيين؟
٢ كما انبأ يسوع منذ وقت طويل، نحن نعيش في زمن تبرد فيه المحبة بين المدَّعين المسيحية حول العالم. (متى ٢٤:١٢) وكان يسوع يشير الى اهمّ نوع من المحبة على الاطلاق، المحبة ليهوه اللّٰه وكلمته، الكتاب المقدس. وتتضاءل ايضا انواع اخرى من المحبة. انبأ الكتاب المقدس انه في «الايام الاخيرة،» سيكون كثيرون «بلا حنوّ.» (٢ تيموثاوس ٣:١-٥) وما اصحّ ذلك! فينبغي ان تكون العائلة ملاذ حنوّ، ولكن حتى هنا، ألِفنا رؤية العنف والاساءة — وأحيانا بوحشية مريعة. ومع ذلك، في جو هذا العالم البارد، يؤمر المسيحيون ليس فقط بأن يحبوا بعضهم بعضا، بل بأن يمتلكوا محبة التضحية بالذات، مقدِّمين الآخرين على انفسهم. ويجب ان نعرب عن هذه المحبة بوضوح لكي يراها الجميع، فتصير السمة التي تحدِّد هوية الجماعة المسيحية الحقيقية. — يوحنا ١٣:٣٤، ٣٥.
٣ ما هي المحبة الاخوية، وماذا يعني ان تثبت؟
٣ أُوحي الى الرسول بولس بالوصية التالية: «لتثبت المحبة الاخوية.» (عبرانيين ١٣:١) وبحسب مطبوعة لأحد العلماء، ان الكلمة اليونانية المترجمة هنا «المحبة الاخوية» (فيلادلفيا) «تشير الى المحبة الودِّية، التي تظهر اللطف والتعاطف، وتقدِّم المساعدة.» وماذا عنى بولس عندما قال انه ينبغي ان تثبت مثل هذه المحبة؟ تذكر المطبوعة نفسها انه «لا يجب ان تبرد ابدا.» اذًا لا يكفي ان نشعر بالمودَّة تجاه اخوتنا؛ فيجب ان نظهرها. وعلاوة على ذلك، يجب ان نجعل هذه المحبة تدوم، وألّا ندعها تبرد ابدا. فهل تعتبرون ذلك تحدِّيا؟ انه كذلك، ولكن يمكن ان يساعدنا روح يهوه على تنمية المودَّة الاخوية والمحافظة عليها. فلنتأمل في ثلاث طرائق لتأجيج نيران هذه المحبة في قلوبنا.
شاطروا الآخرين مشاعرهم
٤ ما هي مشاطرة الآخرين مشاعرهم؟
٤ اذا اردتم ان تزداد محبتكم لإخوتكم وأخواتكم المسيحيين، فقد يلزم اولا ان تشاطروهم مشاعرهم، ان تتعاطفوا معهم في المحن والتحديات التي يواجهونها في الحياة. وهذا ما اقترحه الرسول بطرس عندما كتب: «كونوا جميعا متَّحدي الرأي بحسّ واحد [«مشاطرين الآخرين مشاعرهم،» عج] ذوي محبة اخوية مشفقين لطفاء.» (١ بطرس ٣:٨) ان الكلمة اليونانية المستعملة هنا مقابل «مشاطرين الآخرين مشاعرهم» تشير الى «التألُّم مع.» وأحد المراجع في اللغة اليونانية للكتاب المقدس يقول عن هذه الكلمة: «انها تصف الحالة الذهنية التي توجد عندما نشترك في مشاعر الآخرين كما لو انها مشاعرنا نحن.» ولذلك يلزم التعاطف. قال مرةً خادم ليهوه امين ومسنّ: «التعاطف هو ان اشعر بألمك في قلبي.»
٥ كيف نعرف ان يهوه يشاطر الآخرين مشاعرهم؟
٥ وهل يشاطرنا يهوه مشاعرنا على هذا النحو؟ نعم، بالتأكيد. على سبيل المثال، نقرأ عن آلام شعبه اسرائيل: «في كل ضيقهم تضايق.» (اشعياء ٦٣:٩) فيهوه لم يرَ فقط متاعب الشعب، بل شاطرهم مشاعرهم. أما مدى عمق مشاعره فتوضحه كلمات يهوه لشعبه، المسجلة في زكريا ٢:٨: «مَن يمسّكم يمسّ حدقة عينه [«عيني،» عج].»a يلاحظ احد المعلِّقين بخصوص هذا العدد: «ان العين من اكثر البنى تعقيدا ودقَّة في جسم الانسان؛ وبؤبؤ العين — الفتحة التي يلِج منها نور السماء ليبصر المرء — هو الجزء الاكثر حساسية، والاكثر اهمية ايضا في تلك البنية. لا شيء يمكن ان ينقل بشكل افضل فكرة العناية الرائعة والرقيقة التي يوليها يهوه لمن يحبهم.»
٦ كيف شاطر يسوع المسيح الآخرين مشاعرهم؟
٦ وكان يسوع ايضا يشاطر الناس دائما مشاعرهم بعمق. فتكرارا «تحنَّن» اذ رأى بليَّة رفقائه البشر الذين كانوا مرضى او متضايقين. (مرقس ١:٤١؛ ٦:٣٤) ودل انه عندما لا يعامل احدٌ أتباعَه الممسوحين بلطف، يشعر وكأنه هو نفسه يلقى هذه المعاملة. (متى ٢٥:٤١-٤٦) واليوم بصفته ‹رئيس كهنتنا› السماوي، يمكنه ان «يرثي لضعفاتنا.» — عبرانيين ٤:١٥.
٧ كيف يمكن ان تساعدنا مشاطرة الآخرين مشاعرهم عندما يُسخِطنا اخ او اخت؟
٧ «يرثي لضعفاتنا» — أليست هذه فكرة معزِّية؟ اذًا نريد بالتأكيد ان نفعل الامر عينه واحدنا للآخر. طبعا، من الاسهل بكثير ان ننظر الى ضعفات الآخرين. (متى ٧:٣-٥) ولكن في المرة التالية التي يسخطكم فيها اخ او اخت، لمَ لا تحاولون فعل ذلك؟ تخيَّلوا انكم في ظروف هذا الشخص، بخلفيته، شخصيته، عيوبه الشخصية لمحاربتها. هل يمكن ان تكونوا على يقين من انكم لن ترتكبوا الاخطاء نفسها — او ربما اسوأ منها؟ عوض توقُّع الكثير من الآخرين، ينبغي ان نشاطرهم مشاعرهم، وهذا سيساعدنا ان نكون متعقِّلين كيهوه، الذي «يذكر اننا تراب نحن.» (مزمور ١٠٣:١٤؛ يعقوب ٣:١٧) انه يعرف حدودنا. ولا يتوقَّع ابدا ان نفعل اكثر مما يمكننا منطقيا ان نفعله. (قارنوا ١ ملوك ١٩:٥-٧.) فلنشاطر جميعنا الآخرين مشاعرهم على هذا النحو.
٨ كيف ينبغي ان نتجاوب عندما يمرّ اخ او اخت بمحنة ما؟
٨ كتب بولس ان الجماعة كجسد، بأعضاء متنوعة يجب ان تعمل معا باتِّحاد. ثم اضاف: «إن كان عضو واحد يتألم فجميع الاعضاء تتألم معه.» (١ كورنثوس ١٢:١٢-٢٦) فيلزم ان نتألم، او نتعاطف، مع الذين يمرّون بمحنة ما. والشيوخ سبَّاقون الى ذلك. كتب بولس ايضا: «مَن يضعف وأنا لا اضعف. مَن يعثر وأنا لا التهب.» (٢ كورنثوس ١١:٢٩) والشيوخ والنظار الجائلون يتمثَّلون ببولس في هذا الصدد. ففي خطاباتهم، في عملهم الرعائي، وحتى في معالجتهم المسائل القضائية، يسعون الى مشاطرة الآخرين مشاعرهم. اوصى بولس: ‹ابكوا مع الباكين.› (رومية ١٢:١٥) وعندما يحس الخراف بأن الرعاة يشاطرونهم مشاعرهم حقا، يدركون حدودهم، ويتعاطفون مع المصاعب التي يواجهونها، يكونون عادةً اكثر استعدادا لقبول المشورة، التوجيه، والتأديب. ويحضرون الاجتماعات بتوق، واثقين انهم سيجدون هناك ‹انتعاشا لنفوسهم.› — متى ١١:٢٩، عج.
اظهار التقدير
٩ كيف يظهر يهوه انه يقدّر ما هو صالح فينا؟
٩ والطريقة الثانية لتأجيج المحبة الاخوية هي بواسطة التقدير. ولتقدير الآخرين، يجب ان نركِّز على صفاتهم الجيدة وجهودهم ونعتبرها قيِّمة. وعندما نفعل ذلك، نتمثَّل بيهوه نفسه. (افسس ٥:١) فهو يغفر لنا الكثير من خطايانا الصغرى يوميا. وهو يغفر لنا خطايانا الخطيرة ايضا ما دامت توبتنا اصيلة. وحالما يغفر لنا خطايانا، لا يعود يفكِّر فيها. (حزقيال ٣٣:١٤-١٦) سأل المرنم الملهم: «إن كنت تراقب الآثام يا رب يا سيِّد فمَن يقف.» (مزمور ١٣٠:٣) ان تركيز يهوه هو على الامور الصالحة التي نفعلها في خدمته. — عبرانيين ٦:١٠.
١٠ (أ) لماذا من الخطر ان يفقد رفيقا الزواج التقدير واحدهما للآخر؟ (ب) ماذا ينبغي ان يفعل الشخص الذي يفقد تقديره لرفيق زواجه؟
١٠ من المهم خصوصا ان نتبع هذا المثال في العائلة. فعندما يُظهر الوالدون انهم يقدِّرون واحدهم الآخر، يرسمون المثال للعائلة. وفي زمن الزيجات القصيرة الامد هذا، من السهل جدا ان يعامل المرء رفيق زواجه بعدم اهتمام ويعظِّم الهفوات ويقلِّل من اهمية الصفات الحسنة. يفتِّت هذا التفكير السلبي الزواج، محوِّلا اياه الى عبء غير مفرح. فإذا كان تقديركم لرفيقكم يتضاءل، فاسألوا نفسكم: ‹أحقا ليس في رفيق زواجي صفات صالحة؟› عودوا بالفكر الى الاسباب التي جعلتكم تُغرَمون به وتتزوجون. هل اضمحلَّت حقا كل هذه الاسباب التي جعلتكم تحبون هذا الشخص الفريد؟ طبعا لا؛ لذلك اعملوا جاهدين على تقدير ما هو صالح في رفيقكم، وصوغوا تقديركم في كلمات. — امثال ٣١:٢٨.
١١ اذا اردنا ان تكون المحبة الزوجية خالية من الرياء، فأية ممارسات يجب تجنُّبها؟
١١ ويساعد التقدير ايضا رفقاء الزواج على ابقاء زواجهم خاليا من الرياء. (قارنوا ٢ كورنثوس ٦:٦؛ ١ بطرس ١:٢٢.) ومثل هذه المحبة التي يؤججها التقدير القلبي، لن تفسح المجال للوحشية وراء الابواب المغلقة، ولا للكلمات الجارحة والمُذِلة، ولا للمعاملة الباردة التي قد تدع اياما تمرّ دون النطق بكلمة لطيفة او مهذَّبة، وهي لن تفسح المجال طبعا للعنف الجسدي. (افسس ٥:٢٨، ٢٩) والزوج والزوجة اللذان لديهما حقا تقدير متبادَل، يكرم واحدهما الآخر. وهما لا يفعلان ذلك فقط عندما يكونون امام اعين الناس بل عندما يراهما يهوه — وبعبارة اخرى، كل الوقت. — امثال ٥:٢١.
١٢ لماذا ينبغي ان يعبِّر الوالدون عن التقدير لما هو صالح في اولادهم؟
١٢ ويلزم ان يشعر الاولاد ايضا بأنهم موضع تقدير. لا يعني هذا ان الوالدين ينبغي ان يُمطروهم بالاطراء الفارغ، ولكن ينبغي ان يمدحوا اولادهم على صفاتهم الجديرة بالمدح وعلى ما يفعلونه من امور جيدة حقا. تذكَّروا مثال يهوه في التعبير عن رضاه على يسوع. (مرقس ١:١١) وتذكَّروا ايضا مثال يسوع بصفته «السيد» في احد الامثال. لقد مدح ‹عبدين صالحين وأمينين› بالتساوي، مع انه كان هنالك اختلاف في ما أُعطي لكلٍّ منهما واختلاف مماثل في ما انتجه كلٌّ منهما. (متى ٢٥:٢٠-٢٣؛ قارنوا متى ١٣:٢٣.) وكذلك يجد الوالدون الحكماء طرائق للتعبير عن التقدير للصفات والقدرات والانجازات الفريدة لدى كل ولد. وهم يحاولون في الوقت نفسه ألا يشدِّدوا كثيرا على الانجازات بحيث يشعر اولادهم على الدوام بأنهم مضطرون الى التفوُّق على الآخرين. فهم لا يريدون ان يصير اولادهم عندما يكبرون ساخطين او مثبَّطين. — افسس ٦:٤؛ كولوسي ٣:٢١.
١٣ مَن يأخذون القيادة في اظهار التقدير لكل فرد في الجماعة؟
١٣ في الجماعة المسيحية، يأخذ الشيوخ والنظار الجائلون القيادة في اظهار التقدير لكل فرد من افراد رعية اللّٰه. ومركزهم صعب، لأنهم يحملون ايضا المسؤولية الثقيلة للتأديب في البر، لإصلاح الخطاة بروح الوداعة، ولتقديم المشورة بحزم للذين يحتاجون اليها. فكيف يوازنون بين هذه المسؤوليات المختلفة؟ — غلاطية ٦:١؛ ٢ تيموثاوس ٣:١٦.
١٤، ١٥ (أ) كيف اظهر بولس الاتزان في مسألة تقديم المشورة بحزم؟ (ب) كيف يمكن ان يوازن النظار المسيحيون بين الحاجة الى تقويم الاخطاء والحاجة الى تقديم المدح؟ أَوضحوا.
١٤ ان مثال بولس مساعد جدا. فقد كان معلِّما وشيخا وراعيا بارزا. وكان عليه ان يتعامل مع جماعات تعاني مشاكل خطيرة، ولم يُحجم بدافع الخوف عن تقديم المشورة بحزم عندما كان ذلك لازما. (٢ كورنثوس ٧:٨-١١) وتوحي نظرة سريعة الى خدمة بولس انه قلَّما استخدم التأنيب — إلا عندما كانت الحالة تجعل ذلك ضروريا او مستحسَنا. وقد اظهر في هذا الامر حكمة الهية.
١٥ اذا شبَّهْنا خدمة الشيخ في الجماعة بمقطوعة موسيقية، يكون التأنيب والتوبيخ عندئذ اشبه بنغمة منفردة تندمج في المقطوعة كلها. وهذه النغمة حسنة في محلّها. (لوقا ١٧:٣؛ ٢ تيموثاوس ٤:٢) تخيَّلوا اغنية لا تحتوي إلا على هذه النغمة، التي تتردد مرارا وتكرارا. سرعان ما تخدش آذاننا. وبشكل مماثل، يحاول الشيوخ المسيحيون ان يكمِّلوا تعليمهم وينوِّعوه. فهم لا يدَعون تعليمهم يقتصر على تقويم المشاكل. وبدلا من ذلك، يكون الانطباع العام ايجابيا. وكيسوع المسيح، ينظر الشيوخ المحبّون اولا الى الصالح لمدحه، لا الى الخطإ لانتقاده. وهم يقدِّرون العمل الشاق الذي يقوم به رفقاؤهم المسيحيون. ويثقون ان كل واحد يبذل عموما قصارى جهده ليخدم يهوه. والشيوخ يعبّرون بلا تردُّد عن هذا الشعور بالكلام. — قارنوا ٢ تسالونيكي ٣:٤.
١٦ كيف تأثر الرفقاء المسيحيون بتقدير بولس وتعاطفه؟
١٦ دون شك، شعر معظم المسيحيين الذين خدمهم بولس بأنه يقدّرهم ويشاطرهم مشاعرهم. وكيف نعرف ذلك؟ لاحظوا كيف شعروا تجاه بولس. لم يخشوه، مع انه كان في مركز مسؤولية كبيرة. لا، لقد كان محبوبا ويسهل الاقتراب اليه. وعندما غادر احدى المناطق، ‹وقع الشيوخ على عنقه يقبِّلونه›! (اعمال ٢٠:١٧، ٣٧) فكم ينبغي ان يكون الشيوخ — وجميعنا — شاكرين انه لدينا مثال بولس للاقتداء به! نعم، فلنظهر التقدير واحدنا للآخر.
اعمال اللطف الحبي
١٧ ما هي بعض التأثيرات الجيدة التي تنتج من اعمال اللطف في الجماعة؟
١٧ ان احد الامور الاكثر فعَّالية التي تؤجج المحبة الاخوية هو عمل بسيط، عمل اللطف. وكما قال يسوع: «مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ.» (اعمال ٢٠:٣٥) فسواء اعطينا روحيا، ماديا، او من وقتنا وطاقتنا، لا نُسعِد الآخرين فحسب بل نَسعد نحن ايضا. واللطف معدٍ في الجماعة. فعمل لطف واحد يولِّد بالمقابل اعمالا مماثلة. ولن يمضي وقت طويل حتى تزدهر المحبة الاخوية! — لوقا ٦:٣٨.
١٨ ما معنى «اللطف» المذكور في ميخا ٦:٨؟
١٨ حثّ يهوه شعبه اسرائيل على اظهار اللطف. نقرأ في ميخا ٦:٨: «قد أَخبرَك ايها الانسان ما هو صالح. وماذا يطلبه منك الرب إلا ان تصنع الحق وتحب الرحمة [«اللطف،» عج] وتسلك متواضعا مع الهك.» فماذا يعني ان «تحب اللطف»؟ ان الكلمة العبرانية المستعملة هنا مقابل «لطف» (حِسِذ) تُرجِمت ايضا «رحمة.» وبحسب كتب سونسينو للكتاب المقدس (بالانكليزية)، «تشير [هذه الكلمة] الى شيء فعَّال اكثر من الكلمة المجرَّدة رحمة. انها تعني ‹الرحمة مترجمة الى افعال،› انجاز اعمال شخصية من اللطف الحبي، ليس فقط تجاه الفقراء والمعوزين، بل تجاه كل الرفقاء البشر.» لذلك يقول عالم آخر ان حِسِذ تعني «المحبة مترجمة الى عمل.»
١٩ (أ) بأية طرائق يمكن ان نأخذ المبادرة في اظهار اللطف للآخرين في الجماعة؟ (ب) أعطوا مثلا يبيِّن كيف أُظهِرت لكم المحبة الاخوية.
١٩ ليست محبتنا الاخوية نظرية او مجرَّدة. انها حقيقة ملموسة. ولذلك ابحثوا عن طرائق لعمل اللطف تجاه اخوتكم وأخواتكم. كونوا كيسوع، الذي لم يكن دائما ينتظر ان يأتي الناس اليه ليطلبوا المساعدة ولكنه غالبا ما كان يأخذ المبادرة هو نفسه. (لوقا ٧:١٢-١٦) فكروا خصوصا في المحتاجين جدا. هل يحتاج شخص مسنّ او عاجز الى زيارة او ربما الى مساعدة في القيام ببعض المهمات؟ هل يحتاج ‹يتيم› الى شيء من الوقت والانتباه؟ هل يحتاج شخص كئيب الى أذن صاغية او الى بعض الكلمات المعزّية؟ فلنفسح المجال كلما امكن لأعمال لطف كهذه. (ايوب ٢٩:١٢؛ ١ تسالونيكي ٥:١٤؛ يعقوب ١:٢٧) وفي جماعة مليئة بالاشخاص الناقصين، لا تنسوا ان اهم اعمال اللطف هو المسامحة — ترك الاستياء يزول طوعا، ولو كان هنالك سبب شرعي للتشكّي. (كولوسي ٣:١٣) فالاستعداد للمسامحة يساعد على حماية الجماعة من الانقسامات، الضغائن، والعداوات، التي تشبه اغطية رطبة تُخمِد نار المحبة الاخوية.
٢٠ كيف ينبغي ان نواصل جميعا فحص انفسنا؟
٢٠ فلنكن جميعا مصمِّمين على ابقاء نار المحبة الحيوية هذه متَّقدة في قلوبنا. ولنستمر في فحص انفسنا. هل نشاطر الآخرين مشاعرهم؟ هل نظهر التقدير للآخرين؟ هل نقوم بأعمال اللطف تجاه الآخرين؟ ما دمنا نفعل ذلك، ستُدفئ نار المحبة اخوَّتنا مهما صار هذا العالم باردا وقاسيا. اذًا، على اية حال، «لتثبت المحبة الاخوية» — الآن وإلى الابد! — عبرانيين ١٣:١.
[الحاشية]
a هنا، تدلّ بعض الترجمات ضمنا ان مَن يمسّ شعب اللّٰه يمسّ لا عين اللّٰه، بل عين اسرائيل او حتى عينه هو. وقد حدث هذا الخطأ بسبب بعض نسَّاخ العصور الوسطى الذين غيَّروا هذا العدد في جهودهم المضلَّلة لتصحيح مقاطع اعتبروها غير وقورة. فطمسوا بذلك شدّة تعاطف يهوه الشخصي.
ما رأيكم؟
◻ ما هي المحبة الاخوية، ولماذا يجب ان تثبت؟
◻ كيف تساعدنا مشاطرة الآخرين مشاعرهم على المحافظة على محبتنا الاخوية؟
◻ ايّ دور يلعبه التقدير في المحبة الاخوية؟
◻ كيف تجعل اعمال اللطف المحبةَ الاخوية تزدهر في الجماعة المسيحية؟
[الاطار في الصفحة ١٦]
المحبة وهي تعمل
منذ سنوات، كانت الشكوك بشأن المحبة الاخوية لا تزال تساور الى حد ما رجلا كان قد درس الكتاب المقدس مدة من الزمن مع شهود يهوه. كان يعرف ان يسوع قال: «بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي إن كان لكم حب بعضا لبعض.» (يوحنا ١٣:٣٥) ولكنه وجد انه من الصعب ان يصدق ذلك. وذات يوم، رأى المحبة المسيحية وهي تعمل.
مع ان هذا الرجل كان سجين كرسيّ بدواليب، كان مسافرا بعيدا عن موطنه. فحضر في بيت لحم اجتماعا للجماعة. وهناك، اصرّ شاهد عربي ان يقضي سائح آخر من الشهود الليل في بيته، وشملت الدعوة ايضا تلميذ الكتاب المقدس هذا. قبل ان يخلد التلميذ الى النوم، سأل مضيفه هل يمكنه ان يخرج في الصباح الى الشرفة ليشاهد شروق الشمس. فحذَّره مضيفه بشدة قائلا انه لا يجب ان يفعل ذلك. وفي اليوم التالي اوضح هذا الاخ العربي السبب. فبواسطة مترجم، قال انه اذا علم جيرانه انه اضاف احدا من خلفية يهودية — كما هي الحال مع تلميذ الكتاب المقدس هذا — فسيحرقون منزله الى الحضيض فيما هو وعائلته في الداخل. فسأله تلميذ الكتاب المقدس بارتباك: «اذًا لماذا خاطرت بهذا الشكل؟» من دون مترجم، نظر الاخ العربي اليه مباشرة وقال: «يوحنا ١٣:٣٥.»
تأثر تلميذ الكتاب المقدس بعمق بحقيقة المحبة الاخوية. واعتمد بُعيد ذلك.
[الصورة في الصفحة ١٨]
ان طبيعة الرسول بولس الودودة وتقديره للآخرين جعلا الاقتراب اليه سهلا