سُلْطَانُ يَهْوَه وَمَلَكُوتُ ٱللّٰهِ
«لَكَ، يَا يَهْوَهُ، ٱلْعَظَمَةُ وَٱلْقُدْرَةُ وَٱلْبَهَاءُ وَٱلسُّمُوُّ وَٱلْوَقَارُ . . . لَكَ ٱلْمَلَكُوتُ يَا يَهْوَهُ». — ١ اخبار الايام ٢٩:١١.
١ لِمَاذَا يَهْوَه هُوَ صَاحِبُ ٱلسُّلْطَانِ ٱلشَّرْعِيِّ فِي ٱلْكَوْنِ؟
«يَهْوَهُ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ ثَبَّتَ عَرْشَهُ، وَمَمْلَكَتُهُ عَلَى ٱلْكُلِّ تَتَسَلَّطُ». (مزمور ١٠٣:١٩) بِهذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ عَبَّرَ ٱلْمُرَنِّمُ ٱلْمُلْهَمُ عَنْ حَقِيقَةٍ جَوْهَرِيَّةٍ فِي مَسْأَلَةِ ٱلْحُكْمِ: أَنَّ يَهْوَه ٱللّٰهَ، ٱلْخَالِقَ، هُوَ صَاحِبُ ٱلسُّلْطَانِ ٱلشَّرْعِيِّ فِي ٱلْكَوْنِ.
٢ كَيْفَ وَصَفَ دَانِيَالُ حَيِّزَ سُلْطَانِ يَهْوَه ٱلرُّوحِيَّ؟
٢ وَبِٱلطَّبْعِ، لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ حَاكِمٍ رَعَايَا يَبْسُطُ سُلْطَانَهُ عَلَيْهِمْ. وَأَوَّلُ ٱلرَّعَايَا ٱلَّذِينَ تَسَلَّطَ يَهْوَه عَلَيْهِمْ هُمُ ٱلْمَخْلُوقَاتُ ٱلرُّوحَانِيَّةُ ٱلَّتِي أَوْجَدَهَا: اِبْنُهُ ٱلْوَحِيدُ أَوَّلًا، ثُمَّ ٱلْحُشُودُ ٱلْمَلَائِكِيَّةُ. (كولوسي ١:١٥-١٧) فَبَعْدَ حِقْبَةٍ مَدِيدَةٍ مِنَ ٱلزَّمَنِ، رَأَى ٱلنَّبِيُّ دَانِيَالُ رُؤْيَا وَصَفَ فِيهَا حَيِّزَ سُلْطَانِ يَهْوَه فِي ٱلسَّمَاءِ قَائِلًا: «بَقِيتُ أَنْظُرُ إِلَى أَنْ وُضِعَتْ عُرُوشٌ، وَجَلَسَ ٱلْقَدِيمُ ٱلْأَيَّامِ. . . . أَلْفُ أَلْفٍ فِي خِدْمَتِهِ، وَعَشَرَةُ آلَافِ رِبْوَةٍ وُقُوفٌ قُدَّامَهُ». (دانيال ٧:٩، ١٠) فَطَوَالَ دُهُورٍ كَانَ يَهْوَه، «ٱلْقَدِيمُ ٱلْأَيَّامِ»، يَرْأَسُ عَائِلَتَهُ ٱلْمُنَظَّمَةَ ٱلَّتِي تَضُمُّ عَدَدًا هَائِلًا مِنَ ٱلْأَبْنَاءِ ٱلرُّوحَانِيِّينَ ٱلَّذِينَ ‹يَخْدُمُونَهُ عَامِلِينَ مَشِيئَتَهُ›. — مزمور ١٠٣:٢٠، ٢١.
٣ كَيْفَ وَسَّعَ يَهْوَه نِطَاقَ حُكْمِهِ؟
٣ وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، وَسَّعَ يَهْوَه نِطَاقَ حُكْمِهِ حِينَ أَوْجَدَ ٱلْكَوْنَ ٱلْمَادِّيَّ ٱلرَّحْبَ وَٱلْمُعَقَّدَ ٱلَّذِي يَضُمُّ كَوْكَبَنَا ٱلْأَرْضَ. (ايوب ٣٨:٤، ٧) وَمَعَ أَنَّ ٱلْأَجْرَامَ ٱلسَّمَاوِيَّةَ تَسِيرُ بِتَنْظِيمٍ وَدِقَّةٍ لَامُتَنَاهِيَةٍ بِحَيْثُ يَخَالُ ٱلنَّاظِرُ إِلَيْهَا أَنْ لَا حَاجَةَ إِلَى مَنْ يُوَجِّهُهَا أَوْ يَضْبُطُهَا، يُخْبِرُنَا ٱلْمُرَنِّمُ ٱلْمُلْهَمُ أَنَّ يَهْوَه «أَمَرَ فَخُلِقَتْ. وَأَقَامَهَا أَبَدَ ٱلدَّهْرِ. وَضَعَ فَرِيضَةً فَلَنْ تَزُولَ». (مزمور ١٤٨:٥، ٦) فَلَطَالَمَا مَارَسَ يَهْوَه سُلْطَانَهُ عَلَى ٱلْحَيِّزِ ٱلرُّوحِيِّ وَٱلْكَوْنِ ٱلْمَادِّيِّ بِتَوْجِيهِ وَتَنْظِيمِ وَضَبْطِ كُلِّ مَا يَجْرِي فِيهِمَا. — نحميا ٩:٦.
٤ بِأَيَّةِ طَرِيقَةٍ يُمَارِسُ يَهْوَه سُلْطَانَهُ عَلَى ٱلْبَشَرِ؟
٤ وَبِخَلْقِ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلْبَشَرِيَّيْنِ ٱلْأَوَّلَيْنِ، بَدَأَ ٱللّٰهُ يُمَارِسُ سُلْطَانَهُ بِطَرِيقَةٍ أُخْرَى. فَبِٱلْإِضَافَةِ إِلَى مَنْحِ ٱلْبَشَرِ كُلَّ مَا يَحْتَاجُونَهُ لِيَحْيَوْا حَيَاةً هَنِيئَةً وَذَاتَ قَصْدٍ، فَوَّضَ يَهْوَه إِلَيْهِمْ مِقْدَارًا مِنَ ٱلسُّلْطَةِ إِذْ أَخْضَعَ لَهُمْ مَخْلُوقَاتِ ٱلْأَرْضِ ٱلدُّنْيَا. (تكوين ١:٢٦-٢٨؛ ٢:٨، ٩) وَهكَذَا بَدَا وَاضِحًا أَنَّ حُكْمَ ٱللّٰهِ لَيْسَ خَيِّرًا وَصَالِحًا فَحَسْبُ، بَلْ يَمْنَحُ أَيْضًا رَعَايَاهُ ٱلْكَرَامَةَ وَٱلِٱعْتِبَارَ. وَكَانَ آدَمُ وَحَوَّاءُ سَيَعِيشَانِ إِلَى ٱلْأَبَدِ عَلَى أَرْضٍ فِرْدَوْسِيَّةٍ مَا دَامَا خَاضِعَيْنِ لِسُلْطَانِ يَهْوَه. — تكوين ٢:١٥-١٧.
٥ مَاذَا يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ عَنْ مُمَارَسَةِ يَهْوَه سُلْطَانَهُ؟
٥ مَاذَا نَسْتَخْلِصُ مِنْ كُلِّ مَا وَرَدَ آنِفًا؟ أَوَّلًا، لَطَالَمَا مَارَسَ يَهْوَه سُلْطَانَهُ عَلَى كُلِّ خَلِيقَتِهِ. ثَانِيًا، إِنَّ حُكْمَ ٱللّٰهِ خَيِّرٌ وَيَحْفَظُ كَرَامَةَ رَعَايَاهُ. وَأَخِيرًا، إِنَّ إِطَاعَتَنَا حُكْمَ ٱللّٰهِ وَتَأْيِيدَهُ يَعُودَانِ عَلَيْنَا بِفَوَائِدَ أَبَدِيَّةٍ. فَلَا عَجَبَ أَنَّ ٱلْمَلِكَ دَاوُدَ فِي إِسْرَائِيلَ ٱلْقَدِيمَةِ ٱنْدَفَعَ إِلَى ٱلْقَوْلِ: «لَكَ، يَا يَهْوَهُ، ٱلْعَظَمَةُ وَٱلْقُدْرَةُ وَٱلْبَهَاءُ وَٱلسُّمُوُّ وَٱلْوَقَارُ، لِأَنَّ لَكَ كُلَّ مَا فِي ٱلسَّمَاءِ وَٱلْأَرْضِ. لَكَ ٱلْمَلَكُوتُ يَا يَهْوَهُ، وَقَدِ ٱرْتَفَعْتَ رَأْسًا عَلَى ٱلْجَمِيعِ». — ١ اخبار الايام ٢٩:١١.
لِمَاذَا نَشَأَتِ ٱلْحَاجَةُ إِلَى مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ؟
٦ مَا ٱلْعَلَاقَةُ بَيْنَ سُلْطَانِ ٱللّٰهِ وَمَلَكُوتِهِ؟
٦ بِمَا أَنَّ يَهْوَه، ٱلْمُتَسَلِّطَ ٱلْكَوْنِيَّ، يُمَارِسُ سُلْطَانَهُ وَقُدْرَتَهُ عَلَى ٱلدَّوَامِ، فَمِنْ أَيْنَ نَشَأَتِ ٱلْحَاجَةُ إِلَى مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ؟ عَادَةً، يُمَارِسُ ٱلْحَاكِمُ سُلْطَانَهُ عَلَى رَعَايَاهُ مِنْ خِلَالِ وَسِيلَةٍ أَوْ وَاسِطَةٍ مَا. لِذلِكَ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ هُوَ تَعْبِيرٌ عَنْ سُلْطَانِ ٱللّٰهِ ٱلْكَوْنِيِّ عَلَى خَلَائِقِهِ، أَيِ ٱلْوَاسِطَةُ ٱلَّتِي يُمَارِسُ بِهَا هذَا ٱلسُّلْطَانَ.
٧ لِمَاذَا أَقَامَ يَهْوَه ٱلْمَلَكُوتَ كَتَعْبِيرٍ جَدِيدٍ عَنْ سُلْطَانِهِ؟
٧ عَلَى مَرِّ ٱلْأَزْمِنَةِ، مَارَسَ يَهْوَه سُلْطَانَهُ بِطَرَائِقَ مُخْتَلِفَةٍ. وَقَدْ أَقَامَ ٱلْمَلَكُوتَ كَتَعْبِيرٍ جَدِيدٍ عَنْ هذَا ٱلسُّلْطَانِ نَتِيجَةَ تَطَوُّرَاتٍ حَصَلَتْ. فَٱلشَّيْطَانُ، ٱلَّذِي عَصَى ٱللّٰهَ بَعْدَ أَنْ كَانَ أَحَدَ أَبْنَائِهِ ٱلرُّوحَانِيِّينَ، نَجَحَ فِي إِقْنَاعِ آدَمَ وَحَوَّاءَ بِٱلتَّمَرُّدِ عَلَى حُكْمِ يَهْوَه. وَهذَا ٱلتَّمَرُّدُ شَكَّلَ تَحَدِّيًا لِسُلْطَانِ ٱللّٰهِ. كَيْفَ ذلِكَ؟ لَقَدْ قَالَ ٱلشَّيْطَانُ لِحَوَّاءَ إِنَّهَا «لَنْ تَمُوتَ» إِذَا أَكَلَتْ مِنَ ٱلثَّمَرِ ٱلْمُحَرَّمِ، مُلَمِّحًا أَنَّ يَهْوَه كَاذِبٌ وَبِٱلتَّالِي غَيْرُ جَدِيرٍ بِٱلثِّقَةِ. وَأَضَافَ: «اَللّٰهُ عَالِمٌ أَنَّهُ يَوْمَ تَأْكُلَانِ مِنْهُ تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا وَتَصِيرَانِ كَٱللّٰهِ، عَارِفَيْنِ ٱلْخَيْرَ وَٱلشَّرَّ». وَعَنَى بِذلِكَ أَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ سَيَكُونَانِ فِي حَالٍ أَفْضَلَ إِنْ هُمَا تَجَاهَلَا وَصِيَّةَ ٱللّٰهِ وَٱسْتَقَلَّا عَنْهُ. (تكوين ٣:١-٦) وَكَانَ هذَا تَحَدِّيًا صَرِيحًا لِصَوَابِ وَشَرْعِيَّةِ حُكْمِ ٱللّٰهِ. فَمَاذَا فَعَلَ يَهْوَه؟
٨، ٩ (أ) مَاذَا يَفْعَلُ ٱلْحَاكِمُ ٱلْبَشَرِيُّ إِذَا نَشَأَ تَمَرُّدٌ فِي حَيِّزِ سُلْطَانِهِ؟ (ب) مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ يَهْوَه إِزَاءَ ٱلتَّمَرُّدِ فِي عَدْنٍ؟
٨ مَاذَا نَتَوَقَّعُ أَنْ يَفْعَلَ أَيُّ حَاكِمٍ إِذَا نَشَأَ تَمَرُّدٌ سَافِرٌ فِي حَيِّزِ سُلْطَانِهِ؟ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلْمُطَّلِعِينَ عَلَى ٱلتَّارِيخِ يَتَذَكَّرُونَ حَوَادِثَ مِنْ هذَا ٱلنَّوْعِ. فَعَادَةً، لَا يَتَغَاضَى ٱلْحَاكِمُ عَنِ ٱلْمَسْأَلَةِ حَتَّى لَوْ كَانَ خَيِّرًا، بَلْ يُصْدِرُ حُكْمًا فِي حَقِّ ٱلْمُتَمَرِّدِينَ وَيُدِينُهُمْ بِتُهْمَةِ ٱلْخِيَانَةِ ٱلْعُظْمَى. ثُمَّ يُفَوِّضُ إِلَى شَخْصٍ مَا أَنْ يَقْمَعَ ٱلتَّمَرُّدَ وَيَرُدَّ ٱلسَّلَامَ إِلَى سَابِقِ عَهْدِهِ. عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ، أَظْهَرَ يَهْوَه أَنَّهُ يَتَوَلَّى زِمَامَ ٱلْأُمُورِ حِينَ ٱتَّخَذَ إِجْرَاءً فَوْرِيًّا وَأَصْدَرَ حُكْمًا فِي حَقِّ ٱلْمُتَمَرِّدِينَ. فَقَدْ أَعْلَنَ أَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ لَا يَسْتَحِقَّانِ هِبَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ وَطَرَدَهُمَا مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ. — تكوين ٣:١٦-١٩، ٢٢-٢٤.
٩ وَعِنْدَ إِصْدَارِ ٱلْحُكْمِ فِي حَقِّ ٱلشَّيْطَانِ، كَشَفَ يَهْوَه تَعْبِيرًا جَدِيدًا عَنْ سُلْطَانِهِ، وَسِيلَةً يَرُدُّ مِنْ خِلَالِهَا ٱلسَّلَامَ وَٱلنِّظَامَ إِلَى كَامِلِ حَيِّزِ حُكْمِهِ. فَقَدْ قَالَ لِلْحَيَّةِ، أَيِ ٱلشَّيْطَانِ إِبْلِيسَ: «أَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ ٱلْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ». (تكوين ٣:١٥) وَهكَذَا كَشَفَ يَهْوَه قَصْدَهُ أَنْ يُفَوِّضَ إِلَى «نَسْلٍ» أَنْ يَسْحَقَ ٱلشَّيْطَانَ وَأَعْوَانَهُ ٱلْمُتَمَرِّدِينَ وَيُثْبِتَ صَوَابَ وَشَرْعِيَّةَ سُلْطَانِ ٱللّٰهِ. — مزمور ٢:٧-٩؛ ١١٠:١، ٢.
١٠ (أ) مَنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ ‹ٱلنَّسْلُ›؟ (ب) مَاذَا قَالَ بُولُسُ عَنْ إِتْمَامِ ٱلنُّبُوَّةِ ٱلْأُولَى؟
١٠ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ هذَا ‹ٱلنَّسْلَ› هُوَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى فَرِيقٍ مِنَ ٱلْحُكَّامِ ٱلْمُعَاوِنِينَ لَهُ. وَهُمْ يُؤَلِّفُونَ مَعًا مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ ٱلْمَسِيَّانِيَّ. (دانيال ٧:١٣، ١٤، ٢٧؛ متى ١٩:٢٨؛ لوقا ١٢:٣٢؛ ٢٢:٢٨-٣٠) لكِنَّ هذِهِ ٱلْحَقَائِقَ لَمْ تُكْشَفْ عَلَى ٱلْفَوْرِ، بَلْ ظَلَّ إِتْمَامُ ٱلنُّبُوَّةِ ٱلْأُولَى ‹سِرًّا مُقَدَّسًا مَكْتُومًا طَوَالَ أَزْمِنَةٍ دَهْرِيَّةٍ›. (روما ١٦:٢٥) وَقَدْ بَقِيَ رِجَالُ ٱلْإِيمَانِ طَوَالَ قُرُونٍ يَتَطَلَّعُونَ إِلَى ٱلْوَقْتِ ٱلَّذِي يُكْشَفُ فِيهِ «ٱلسِّرُّ ٱلْمُقَدَّسُ» وَتَتِمُّ ٱلنُّبُوَّةُ ٱلْأُولَى تَبْرِئَةً لِسُلْطَانِ يَهْوَه. — روما ٨:١٩-٢١.
كَشْفُ «ٱلسِّرِّ ٱلْمُقَدَّسِ» تَدْرِيجِيًّا
١١ عَلَامَ أَطْلَعَ يَهْوَه إِبْرَاهِيمَ؟
١١ مَعَ مُرُورِ ٱلْوَقْتِ، كَشَفَ يَهْوَه تَدْرِيجِيًّا أَوْجُهَ «ٱلسِّرِّ ٱلْمُقَدَّسِ، سِرِّ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ». (مرقس ٤:١١) وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ ٱلَّذِي دُعِيَ «صَدِيقَ يَهْوَهَ» بَيْنَ ٱلَّذِينَ أَطْلَعَهُمُ ٱللّٰهُ عَلَى بَعْضِ هذِهِ ٱلْأَوْجُهِ. (يعقوب ٢:٢٣) فَقَدْ وَعَدَهُ: «أَجْعَلُكَ أُمَّةً عَظِيمَةً». كَمَا أَخْبَرَهُ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ: «مُلُوكٌ مِنْكَ يَخْرُجُونَ» وَ «تَتَبَارَكُ بِنَسْلِكَ جَمِيعُ أُمَمِ ٱلْأَرْضِ». — تكوين ١٢:٢، ٣؛ ١٧:٦؛ ٢٢:١٧، ١٨.
١٢ كَيْفَ ظَهَرَ نَسْلُ ٱلشَّيْطَانِ بَعْدَ ٱلطُّوفَانِ؟
١٢ بِحُلُولِ زَمَنِ إِبْرَاهِيمَ، كَانَ ٱلْبَشَرُ قَدْ حَاوَلُوا أَنْ يَتَوَلَّوْا زِمَامَ ٱلْحُكْمِ وَيَبْسُطُوا سُلْطَتَهُمْ عَلَى ٱلْآخَرِينَ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنْ نِمْرُودَ ٱلْمُتَحَدِّرِ مِنْ نُوحٍ: «اِبْتَدَأَ يَكُونُ جَبَّارًا فِي ٱلْأَرْضِ. وَشَهَرَ نَفْسَهُ صَيَّادًا جَبَّارًا مُقَاوِمًا لِيَهْوَهَ». (تكوين ١٠:٨، ٩) وَلَا رَيْبَ أَنَّ نِمْرُودَ وَأَمْثَالَهُ مِمَّنْ نَصَّبُوا أَنْفُسَهُمْ حُكَّامًا كَانُوا دُمًى بَيْنَ يَدَيِ ٱلشَّيْطَانِ. فَصَارُوا هُمْ وَمُنَاصِرُوهُمْ جُزْءًا مِنْ نَسْلِهِ. — ١ يوحنا ٥:١٩.
١٣ بِمَ أَنْبَأَ يَهْوَه بِفَمِ يَعْقُوبَ؟
١٣ رَغْمَ سَعْيِ ٱلشَّيْطَانِ إِلَى ٱسْتِخْدَامِ ٱلْحُكَّامِ ٱلْبَشَرِ لِتَحْقِيقِ مَآرِبِهِ، وَاصَلَ قَصْدُ ٱللّٰهِ ٱلتَّقَدُّمَ نَحْوَ إِتْمَامِهِ. فَقَدْ كَشَفَ يَهْوَه بِفَمِ يَعْقُوبَ حَفِيدِ إِبْرَاهِيمَ وَجْهًا آخَرَ مِنْ أَوْجُهِ ٱلسِّرِّ ٱلْمُقَدَّسِ، قَائِلًا: «لَا يَزُولُ ٱلصَّوْلَجَانُ مِنْ يَهُوذَا وَلَا عَصَا ٱلْقِيَادَةِ مِنْ بَيْنِ قَدَمَيْهِ، إِلَى أَنْ يَأْتِيَ شِيلُوهُ، وَلَهُ تَكُونُ طَاعَةُ ٱلشُّعُوبِ». (تكوين ٤٩:١٠) إِنَّ كَلِمَةَ «شِيلُوهَ» تَعْنِي «ذَاكَ ٱلَّذِي لَهُ؛ ذَاكَ ٱلَّذِي يَنْتَمِي إِلَيْهِ». وَهكَذَا أَظْهَرَتْ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ ٱلنَّبَوِيَّةُ أَنَّهُ سَيَأْتِي مَنْ لَهُ ٱلْحَقُّ ٱلشَّرْعِيُّ أَنْ يَتَسَلَّمَ «ٱلصَّوْلَجَانَ» وَ «عَصَا ٱلْقِيَادَةِ»، أَيِ ٱلسُّلْطَانَ وَٱلْحُكْمَ عَلَى «ٱلشُّعُوبِ»، أَيْ عَلَى كَامِلِ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ. فَمَنْ هُوَ شِيلُوهُ؟
«إِلَى أَنْ يَأْتِيَ شِيلُوهُ»
١٤ مَا هُوَ ٱلْعَهْدُ ٱلَّذِي قَطَعَهُ يَهْوَه مَعَ دَاوُدَ؟
١٤ كَانَ دَاوُدُ ٱلرَّاعِي ٱبْنُ يَسَّى أَوَّلَ مَلِكٍ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا ٱخْتَارَهُ يَهْوَه لِيَحْكُمَ عَلَى شَعْبِهِ.a (١ صموئيل ١٦:١-١٣) وَرَغْمَ خَطَايَاهُ وَذُنُوبِهِ، نَالَ دَاوُدُ حُظْوَةً فِي عَيْنَيْ يَهْوَه بِسَبَبِ وَلَائِهِ لِسُلْطَانِ ٱللّٰهِ. وَقَدْ صَنَعَ يَهْوَه عَهْدًا مَعَهُ مُلْقِيًا بِذلِكَ ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلضَّوْءِ عَلَى ٱلنُّبُوَّةِ ٱلْعَدْنِيَّةِ. قَالَ لَهُ: «إِنِّي أُقِيمُ بَعْدَكَ نَسْلَكَ ٱلَّذِي يَخْرُجُ مِنْ أَحْشَائِكَ، وَأُثَبِّتُ مَمْلَكَتَهُ». وَلَمْ يَشْمُلْ هذَا ٱلْعَهْدُ سُلَيْمَانَ — ٱبْنَ دَاوُدَ وَوَرِيثَهُ — فَحَسْبُ، لِأَنَّ يَهْوَه قَالَ أَيْضًا: «أُثَبِّتُ عَرْشَ مَمْلَكَتِهِ إِلَى ٱلدَّهْرِ». فَقَدْ بَاتَ وَاضِحًا مِنْ خِلَالِ هذَا ٱلْعَهْدِ ٱلدَّاوُدِيِّ أَنَّ «نَسْلَ» ٱلْمَلَكُوتِ ٱلْمَوْعُودَ بِهِ سَيَأْتِي فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ مِنْ سُلَالَةِ دَاوُدَ. — ٢ صموئيل ٧:١٢، ١٣.
١٥ لِمَاذَا أَمْكَنَ ٱعْتِبَارُ مَمْلَكَةِ يَهُوذَا رَمْزًا إِلَى مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ؟
١٥ بِتَنْصِيبِ دَاوُدَ مَلِكًا، ٱبْتَدَأَتْ سُلَالَةٌ مِنَ ٱلْمُلُوكِ مُسِحُوا بِٱلزَّيْتِ ٱلْمُقَدَّسِ عَلَى يَدِ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ. لِذَا أَمْكَنَ ٱلْقَوْلُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِنَّهُ مَمْسُوحٌ أَوْ مَسِيَّا. (١ صموئيل ١٦:١٣؛ ٢ صموئيل ٢:٤؛ ٥:٣؛ ١ ملوك ١:٣٩) كَمَا قِيلَ إِنَّهُمْ جَلَسُوا عَلَى عَرْشِ يَهْوَه وَحَكَمُوا كَمُلُوكٍ لِيَهْوَه فِي أُورُشَلِيمَ. (٢ اخبار الايام ٩:٨) وَبِهذَا ٱلْمَعْنَى، رَمَزَتْ مَمْلَكَةُ يَهُوذَا إِلَى مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ، وَكَانَتْ بِٱلتَّالِي تَعْبِيرًا عَنْ سُلْطَانِ يَهْوَه.
١٦ مَاذَا كَانَتْ عَوَاقِبُ حُكْمِ مُلُوكِ يَهُوذَا؟
١٦ نَعِمَ ٱلْمَلِكُ وَٱلشَّعْبُ بِحِمَايَةِ يَهْوَه وَبَرَكَتِهِ حِينَ كَانُوا يَخْضَعُونَ لِسُلْطَانِهِ. وَقَدْ كَانَ حُكْمُ سُلَيْمَانَ خُصُوصًا فَتْرَةَ سَلَامٍ وَٱزْدِهَارٍ لَا مَثِيلَ لَهَا، مُزَوِّدًا بِٱلتَّالِي لَمْحَةً نَبَوِيَّةً عَنْ حُكْمِ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ ٱلَّذِي سَيُزِيلُ كُلَّ تَأْثِيرَاتِ ٱلشَّيْطَانِ وَيُبَرِّئُ سُلْطَانَ يَهْوَه. (١ ملوك ٤:٢٠، ٢٥) وَلكِنْ مِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنَّ مُعْظَمَ ٱلْمُلُوكِ فِي ٱلسُّلَالَةِ ٱلدَّاوُدِيَّةِ لَمْ يَبْلُغُوا مَطَالِبَ يَهْوَه، وَٱنْغَمَسَ ٱلشَّعْبُ فِي ٱلصَّنَمِيَّةِ وَٱلْفَسَادِ ٱلْأَدَبِيِّ. لِذلِكَ سَمَحَ يَهْوَه أَخِيرًا بِتَدْمِيرِ ٱلْمَمْلَكَةِ عَلَى يَدِ ٱلْبَابِلِيِّينَ سَنَةَ ٦٠٧ قم. فَبَدَا أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ تَوَلَّى زِمَامَ ٱلْأُمُورِ وَٱسْتَطَاعَ أَنْ يُشَكِّكَ فِي سُلْطَانِ يَهْوَه.
١٧ مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ يَهْوَه كَانَ لَا يَزَالُ يَتَوَلَّى زِمَامَ ٱلْأُمُورِ رَغْمَ قَلْبِ ٱلْمَمْلَكَةِ ٱلدَّاوُدِيَّةِ؟
١٧ لكِنَّ قَلْبَ ٱلْمَمْلَكَةِ ٱلدَّاوُدِيَّةِ، وَمَمْلَكَةِ إِسْرَائِيلَ ٱلشَّمَالِيَّةِ قَبْلَهَا، لَمْ يَكُنْ دَلِيلًا عَلَى عَجْزِ أَوْ فَشَلِ سُلْطَانِ يَهْوَه، بَلْ عَلَى ٱلْعَوَاقِبِ ٱلْوَخِيمَةِ لِنُفُوذِ ٱلشَّيْطَانِ وَٱسْتِقْلَالِ ٱلْبَشَرِ عَنِ ٱللّٰهِ. (امثال ١٦:٢٥؛ ارميا ١٠:٢٣) وَلِكَيْ يُظْهِرَ يَهْوَه أَنَّهُ مَا زَالَ يُمَارِسُ سُلْطَانَهُ، أَعْلَنَ بِفَمِ ٱلنَّبِيِّ حَزْقِيَالَ: «اِنْزِعِ ٱلْعِمَامَةَ وَٱرْفَعِ ٱلتَّاجَ. . . . خَرَابًا خَرَابًا خَرَابًا أَجْعَلُهُ. هٰذَا أَيْضًا لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ حَتَّى يَأْتِيَ ٱلَّذِي لَهُ ٱلْحَقُّ ٱلشَّرْعِيُّ فَأُعْطِيَهُ إِيَّاهُ». (حزقيال ٢١:٢٦، ٢٧) إِنَّ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ تُشِيرُ أَنَّ ‹ٱلنَّسْلَ› ٱلْمَوْعُودَ بِهِ، «ٱلَّذِي لَهُ ٱلْحَقُّ ٱلشَّرْعِيُّ»، كَانَ سَيَأْتِي فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.
١٨ مَاذَا أَخْبَرَ ٱلْمَلَاكُ جِبْرَائِيلُ مَرْيَمَ؟
١٨ لِنَنْتَقِلِ ٱلْآنَ إِلَى ٱلسَّنَةِ ٢ قم تَقْرِيبًا. فَقَدْ أُرْسِلَ ٱلْمَلَاكُ جِبْرَائِيلُ إِلَى فَتَاةٍ عَذْرَاءَ تُدْعَى مَرْيَمَ تَعِيشُ فِي ٱلنَّاصِرَةِ، إِحْدَى مُدُنِ ٱلْجَلِيلِ ٱلْوَاقِعَةِ فِي شَمَالِ فِلَسْطِينَ. فَقَالَ لَهَا: «هَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ٱبْنًا، فَتَدْعِينَ ٱسْمَهُ يَسُوعَ. هٰذَا يَكُونُ عَظِيمًا وَيُدْعَى ٱبْنَ ٱلْعَلِيِّ، وَيُعْطِيهِ يَهْوَهُ ٱللّٰهُ عَرْشَ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى ٱلْأَبَدِ، وَلَا يَكُونُ لِمَمْلَكَتِهِ نِهَايَةٌ». — لوقا ١:٣١-٣٣.
١٩ أَيُّ حَدَثٍ مُفْرِحٍ دَنَا وَقْتُهُ بِوِلَادَةِ يَسُوعَ؟
١٩ وَأَخِيرًا دَنَا ٱلْوَقْتُ لِلْكَشْفِ عَنِ «ٱلسِّرِّ ٱلْمُقَدَّسِ»! فَقَدْ كَانَ ٱلْجُزْءُ ٱلرَّئِيسِيُّ مِنَ ‹ٱلنَّسْلِ› ٱلْمَوْعُودِ بِهِ سَيَظْهَرُ قَرِيبًا. (غلاطية ٤:٤؛ ١ تيموثاوس ٣:١٦) وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ سَيَسْحَقُ عَقِبَهُ، لكِنَّ ‹ٱلنَّسْلَ› سَيَسْحَقُ بِدَوْرِهِ رَأْسَ ٱلشَّيْطَانِ بِإِبَادَتِهِ هُوَ وَكُلِّ أَعْوَانِهِ. وَكَانَ ‹ٱلنَّسْلُ› أَيْضًا سَيَشْهَدُ أَنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ سَوْفَ يُبْطِلُ كُلَّ ٱلضَّرَرِ ٱلَّذِي سَبَّبَهُ ٱلشَّيْطَانُ وَيُبَرِّئُ سُلْطَانَ يَهْوَه. (عبرانيين ٢:١٤؛ ١ يوحنا ٣:٨) وَلكِنْ كَيْفَ كَانَ يَسُوعُ سَيُحَقِّقُ ذلِكَ؟ وَأَيَّ مِثَالٍ تَرَكَهُ لَنَا فِي هذَا ٱلْخُصُوصِ؟ سَتَجِدُ ٱلْجَوَابَ عَنْ هذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ.
[الحاشية]
a كَانَ شَاوُلُ، أَوَّلُ مَلِكٍ ٱخْتَارَهُ ٱللّٰهُ لِيَحْكُمَ عَلَى إِسْرَائِيلَ، مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ. — ١ صموئيل ٩:١٥، ١٦؛ ١٠:١.
هَلْ يُمْكِنُكُمْ أَنْ تُوضِحُوا؟
• لِمَاذَا يَهْوَه هُوَ صَاحِبُ ٱلسُّلْطَانِ ٱلشَّرْعِيِّ فِي ٱلْكَوْنِ؟
• لِمَاذَا أَقَامَ يَهْوَه ٱلْمَلَكُوتَ؟
• كَيْفَ كَشَفَ يَهْوَه تَدْرِيجِيًّا «ٱلسِّرَّ ٱلْمُقَدَّسَ»؟
• مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ يَهْوَه كَانَ لَا يَزَالُ يَتَوَلَّى زِمَامَ ٱلْأُمُورِ رَغْمَ قَلْبِ ٱلْمَمْلَكَةِ ٱلدَّاوُدِيَّةِ؟
[الصورة في الصفحة ٢٣]
بِمَاذَا أَنْبَأَ يَهْوَه فِي كَلِمَاتِهِ إِلَى إِبْرَاهِيمَ؟
[الصورة في الصفحة ٢٥]
لِمَاذَا قَلْبُ ٱلْمَمْلَكَةِ ٱلدَّاوُدِيَّةِ لَيْسَ دَلِيلًا عَلَى فَشَلِ سُلْطَانِ يَهْوَه؟