اَلْبَقَاءُ مُحْتَشِمِينَ رَغْمَ ٱلْمِحَنِ
«مَاذَا يَطْلُبُ مِنْكَ يَهْوَهُ إِلَّا أَنْ . . . تَسْلُكَ مُحْتَشِمًا مَعَ إِلٰهِكَ؟». — مي ٦:٨.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ٤٨، ٩٥
١-٣ أَيُّ أَمْرٍ لَمْ يَفْعَلْهُ ٱلنَّبِيُّ، وَبِأَيَّةِ نَتِيجَةٍ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.)
طَلَبَ يَهْوَهُ مِنْ أَحَدِ أَنْبِيَائِهِ فِي يَهُوذَا أَنْ يُعْلِنَ رِسَالَةَ دَيْنُونَةٍ قَاسِيَةٍ عَلَى ٱلْمَلِكِ ٱلْمُرْتَدِّ يَرُبْعَامَ. فَأَطَاعَ ٱلنَّبِيُّ ٱلْمُتَوَاضِعُ وَأَوْصَلَهَا بِأَمَانَةٍ. وَقَدْ حَمَاهُ يَهْوَهُ مِنْ غَضَبِ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ. — ١ مل ١٣:١-١٠.
٢ إِلَّا أَنَّ هٰذَا ٱلنَّبِيَّ لَمْ يَبْقَ طَائِعًا لِيَهْوَهَ. فَقَدْ أَوْصَاهُ بِوُضُوحٍ أَلَّا يَأْكُلَ خُبْزًا أَوْ يَشْرَبَ مَاءً فِي إِسْرَائِيلَ وَأَلَّا يَرْجِعَ فِي ٱلطَّرِيقِ نَفْسِهِ. لٰكِنَّهُ ٱلْتَقَى فِي طَرِيقِ ٱلْعَوْدَةِ شَيْخًا مِنْ مَدِينَةِ بَيْتَ إِيلَ. فَٱدَّعَى ٱلشَّيْخُ أَنَّهُ يَحْمِلُ رِسَالَةً مِنْ يَهْوَهَ وَدَعَاهُ إِلَى بَيْتِهِ. فَذَهَبَ مَعَهُ ٱلنَّبِيُّ بِعَكْسِ ٱلْوَصِيَّةِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ ٱلْوَاضِحَةِ. وَنَتِيجَةً لِذٰلِكَ، خَسِرَ رِضَى ٱللّٰهِ. وَلَاحِقًا، وَجَدَهُ أَسَدٌ فِي ٱلطَّرِيقِ وَقَتَلَهُ. — ١ مل ١٣:١١-٢٤.
٣ فَلِمَاذَا سَمِعَ ٱلنَّبِيُّ لِلشَّيْخِ بَدَلَ أَنْ يُطِيعَ يَهْوَهَ؟ لَا نَعْرِفُ بِٱلضَّبْطِ. وَلٰكِنْ مَا نَعْرِفُهُ أَنَّهُ لَمْ يُوَاصِلِ ٱلسَّيْرَ بِٱحْتِشَامٍ مَعَ إِلٰهِهِ. (اقرأ ميخا ٦:٨.) فَٱلسَّيْرُ مَعَ يَهْوَهَ، بِحَسَبِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، يَعْنِي أَنْ نَثِقَ بِهِ وَنُؤَيِّدَ سُلْطَانَهُ وَنَتَّبِعَ تَوْجِيهَهُ. وَٱلِٱحْتِشَامُ يَدْفَعُ ٱلشَّخْصَ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى يَهْوَهَ وَيَطْلُبَ إِرْشَادَهُ. لِذَا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ أَنْ يَطْلُبَ إِرْشَادَ يَهْوَهَ قَبْلَ أَنْ يَتَّخِذَ قَرَارَهُ. وَفِي هٰذَا دَرْسٌ لَنَا. فَفِي بَعْضِ ٱلْأَحْيَانِ، نُوَاجِهُ خِيَارَاتٍ صَعْبَةً وَلَا نَدْرِي مَا ٱلْقَرَارُ ٱلصَّحِيحُ. فَهَلْ نُعْرِبُ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ وَنَسْأَلُ يَهْوَهَ أَنْ يُوَجِّهَنَا كَيْ نَتَجَنَّبَ ٱلْأَخْطَاءَ ٱلْخَطِيرَةَ؟
٤ مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟
٤ تَعَلَّمْنَا فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلسَّابِقَةِ مَا هُوَ ٱلِٱحْتِشَامُ، وَلِمَ هُوَ مُهِمٌّ لِلْمَسِيحِيِّينَ. أَمَّا فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ، فَسَنُنَاقِشُ كَيْفَ نَبْقَى مُحْتَشِمِينَ رَغْمَ ٱلْمِحَنِ، وَكَيْفَ نُنَمِّي هٰذِهِ ٱلصِّفَةَ. فَلْنَتَأَمَّلْ فِي ثَلَاثِ حَالَاتٍ شَائِعَةٍ، وَنَرَ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا ٱلِٱحْتِشَامُ أَنْ نَتَصَرَّفَ بِحِكْمَةٍ فِي كُلٍّ مِنْهَا. — ام ١١:٢.
عِنْدَمَا تَتَغَيَّرُ ظُرُوفُنَا
٥، ٦ كَيْفَ أَعْرَبَ بَرْزِلَّايُ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ؟
٥ إِنَّ رَدَّ فِعْلِنَا حِينَ تَتَغَيَّرُ ظُرُوفُنَا أَوْ تَعْيِينَاتُنَا يُظْهِرُ هَلْ نَحْنُ مُحْتَشِمُونَ فِعْلًا. مَثَلًا، دَعَا دَاوُدُ رَجُلًا ٱسْمُهُ بَرْزِلَّايُ عُمْرُهُ ٨٠ سَنَةً إِلَى ٱلْعَيْشِ مَعَهُ فِي ٱلْقَصْرِ. وَلَا شَكَّ أَنَّ بَرْزِلَّايَ ٱعْتَبَرَ هٰذِهِ ٱلدَّعْوَةَ شَرَفًا كَبِيرًا لَهُ، لٰكِنَّهُ لَمْ يَقْبَلْهَا. فَبِسَبَبِ تَقَدُّمِهِ فِي ٱلْعُمْرِ، خَافَ أَنْ يَكُونَ عِبْئًا عَلَى دَاوُدَ. لِذٰلِكَ ٱقْتَرَحَ أَنْ يَذْهَبَ كِمْهَامُ بَدَلًا مِنْهُ، وَهُوَ ٱبْنُهُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ. — ٢ صم ١٩:٣١-٣٧.
٦ فَلِمَ ٱتَّخَذَ بَرْزِلَّايُ هٰذَا ٱلْقَرَارَ ٱلْمَنْطِقِيَّ؟ لِأَنَّهُ إِنْسَانٌ مُحْتَشِمٌ. فَهُوَ لَمْ يَرْفُضْ دَعْوَةَ دَاوُدَ كَيْ يَتَجَنَّبَ ٱلْمَسْؤُولِيَّةَ أَوْ يَرْتَاحَ فِي آخِرِ أَيَّامِهِ. بَلْ عَرَفَ حُدُودَهُ وَأَدْرَكَ أَنَّ ظُرُوفَهُ تَغَيَّرَتْ، وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يُحَمِّلَ نَفْسَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ. (اقرأ غلاطية ٦:٤، ٥.) وَمِثْلَ بَرْزِلَّايَ، لِنَنْتَبِهْ نَحْنُ أَيْضًا مِنَ ٱلسَّعْيِ وَرَاءَ ٱلْمَرْكَزِ وَٱلشُّهْرَةِ. فَهُوَ يُوَلِّدُ ٱلْكِبْرِيَاءَ وَٱلْمُنَافَسَةَ، وَيُؤَدِّي فِي ٱلنِّهَايَةِ إِلَى ٱلْخَيْبَةِ. (غل ٥:٢٦) أَمَّا ٱلِٱحْتِشَامُ فَيُمَكِّنُنَا مِنَ ٱلْعَمَلِ بِٱتِّحَادٍ مَعَ إِخْوَتِنَا. وَهٰكَذَا نَخْدُمُ بَعْضُنَا بَعْضًا وَنَجْلُبُ ٱلْمَجْدَ لِيَهْوَهَ. — ١ كو ١٠:٣١.
٧، ٨ كَيْفَ يَمْنَعُنَا ٱلِٱحْتِشَامُ مِنَ ٱلِٱتِّكَالِ عَلَى أَنْفُسِنَا؟
٧ لٰكِنْ أَحْيَانًا تُوكَلُ إِلَيْنَا سُلْطَةٌ أَوْ مَسْؤُولِيَّاتٌ إِضَافِيَّةٌ، مِمَّا يُصَعِّبُ عَلَيْنَا ٱلْبَقَاءَ مُحْتَشِمِينَ. فِي هٰذِهِ ٱلْحَالَةِ، نَتَعَلَّمُ ٱلْكَثِيرَ مِنْ نَحَمْيَا. فَعِنْدَمَا سَمِعَ أَنَّ ٱلشَّعْبَ فِي أُورُشَلِيمَ يُوَاجِهُ مَشَاكِلَ كَثِيرَةً، صَلَّى إِلَى يَهْوَهَ وَطَلَبَ مِنْهُ ٱلْمُسَاعَدَةَ. (نح ١:٤، ١١) وَيَهْوَهُ بِدَوْرِهِ ٱسْتَجَابَ صَلَاتَهُ، فَعَيَّنَهُ ٱلْمَلِكُ أَرْتَحْشَسْتَا وَالِيًا عَلَى تِلْكَ ٱلْمِنْطَقَةِ. وَرَغْمَ غِنَى نَحَمْيَا وَسُلْطَتِهِ ٱلْوَاسِعَةِ، لَمْ يَتَّكِلْ عَلَى خِبْرَتِهِ وَمَقْدِرَاتِهِ، بَلْ وَاصَلَ ٱلسَّيْرَ مَعَ ٱللّٰهِ. فَكَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ يَقْرَأَ شَرِيعَةَ يَهْوَهَ لِيَطْلُبَ إِرْشَادَهُ. (نح ٨:١، ٨، ٩) وَهُوَ لَمْ يَتَسَلَّطْ عَلَى ٱلْآخَرِينَ، إِنَّمَا خَدَمَهُمْ مِنْ جَيْبِهِ ٱلْخَاصِّ. — نح ٥:١٤-١٩.
٨ نَحْنُ أَيْضًا، لَا نَتَّكِلْ عَلَى خِبْرَتِنَا أَوْ مَقْدِرَاتِنَا حِينَ نَنَالُ مَسْؤُولِيَّاتٍ إِضَافِيَّةً. فَكِّرْ فِي مَا يَلِي: قَدْ يَهْتَمُّ شَيْخٌ بِمَسَائِلِ ٱلْجَمَاعَةِ دُونَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوَّلًا إِلَى يَهْوَهَ. أَوْ يَتَّخِذُ أَحَدُ ٱلْإِخْوَةِ قَرَارَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي إِلَى يَهْوَهَ كَيْ يُبَارِكَ هٰذَا ٱلْقَرَارَ. أَمَّا ٱلِٱحْتِشَامُ فَيُذَكِّرُنَا أَنَّ مَقْدِرَاتِنَا لَا تُقَارَنُ أَبَدًا بِقُدْرَةِ يَهْوَهَ. لِذَا لَا نَعْتَمِدْ عَلَى أَنْفُسِنَا، حَتَّى حِينَ نُوَاجِهُ حَالَاتٍ مَأْلُوفَةً. (اقرإ الامثال ٣:٥، ٦.) فَكَخُدَّامٍ لِلّٰهِ، هَمُّنَا ٱلرَّئِيسِيُّ هُوَ إِتْمَامُ دَوْرِنَا فِي ٱلْعَائِلَةِ وَٱلْجَمَاعَةِ، وَلَيْسَ ٱلسَّعْيَ وَرَاءَ ٱلْمَرَاكِزِ أَوِ ٱلسُّلْطَةِ. — ١ تي ٣:١٥.
عِنْدَمَا نَتَلَقَّى ٱلِٱنْتِقَادَ أَوِ ٱلْمَدْحَ
٩، ١٠ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا ٱلِٱحْتِشَامُ حِينَ يَنْتَقِدُنَا ٱلْآخَرُونَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟
٩ يُسَاعِدُنَا ٱلِٱحْتِشَامُ أَنْ نَتَمَالَكَ أَنْفُسَنَا حِينَ يَنْتَقِدُنَا ٱلْآخَرُونَ بِغَيْرِ حَقٍّ. لِنَأْخُذْ حَنَّةَ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ. فَمَعَ أَنَّ زَوْجَهَا أَحَبَّهَا جِدًّا، لَمْ تَكُنْ سَعِيدَةً بِٱلْمَرَّةِ. فَضَرَّتُهَا فَنِنَّةُ كَانَتْ تُغِيظُهَا كَثِيرًا لِأَنَّهَا لَمْ تُنْجِبْ أَوْلَادًا. وَعِنْدَمَا ذَهَبَتْ فِي أَحَدِ ٱلْأَيَّامِ إِلَى ٱلْمَسْكَنِ لِتُصَلِّيَ وَتُعَبِّرَ عَمَّا فِي نَفْسِهَا، ٱتَّهَمَهَا رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ عَالِي ظُلْمًا أَنَّهَا سَكْرَانَةٌ. مَعَ ذٰلِكَ، لَمْ تَفْقِدْ حَنَّةُ أَعْصَابَهَا، بَلْ أَعْرَبَتْ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ وَأَجَابَتْهُ بِٱحْتِرَامٍ. ثُمَّ صَلَّتْ إِلَى يَهْوَهَ صَلَاةً عَبَّرَتْ فِيهَا عَنْ إِيمَانِهَا وَتَقْدِيرِهَا. — ١ صم ١:٥-٧، ١٢-١٦؛ ٢:١-١٠.
١٠ إِضَافَةً إِلَى ذٰلِكَ، يَدْفَعُنَا ٱلِٱحْتِشَامُ أَنْ ‹نغْلِبَ ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ›. (رو ١٢:٢١) فَمَعَ أَنَّنَا نُوَاجِهُ مَظَالِمَ كَثِيرَةً فِي عَالَمِ ٱلشَّيْطَانِ، لَا يَجِبُ أَنْ نَغْضَبَ مِمَّنْ يُسِيئُونَ إِلَيْنَا. (مز ٣٧:١) وَمَاذَا إِذَا أَسَاءَ إِلَيْنَا أَخٌ فِي ٱلْجَمَاعَةِ؟ يُمْكِنُ لِأَذِيَّةٍ كَهٰذِهِ أَنْ تُؤْلِمَنَا كَثِيرًا. وَلٰكِنْ لِنَتَمَثَّلْ بِيَسُوعَ ٱلَّذِي «مَا كَانَ يَرُدُّ ٱلشَّتْمَ وَهُوَ يُشْتَمُ . . . بَلْ بَقِيَ مُسَلِّمًا أَمْرَهُ لِمَنْ يَدِينُ بِٱلْبِرِّ». (١ بط ٢:٢٣) فَكَانَ مُتَوَاضِعًا وَعَرَفَ أَنَّ ٱلِٱنْتِقَامَ لِيَهْوَهَ. (رو ١٢:١٩) فَلْنَتَشَبَّهْ بِهِ ولْنَكُنْ مُتَوَاضِعِينَ، ‹وَلَا نَرُدَّ ٱلْأَذِيَّةَ بِٱلْأَذِيَّةِ›. — ١ بط ٣:٨، ٩.
١١، ١٢ (أ) كَيْفَ نَبْقَى مُحْتَشِمِينَ حِينَ يَمْدَحُنَا ٱلْآخَرُونَ؟ (ب) كَيْفَ نُظْهِرُ أَنَّنَا مُحْتَشِمُونَ بِلِبَاسِنَا وَتَصَرُّفَاتِنَا؟
١١ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، يَصْعُبُ عَلَيْنَا أَنْ نَبْقَى مُحْتَشِمِينَ حِينَ يَمْدَحُنَا ٱلْغَيْرُ وَنَنَالُ إِعْجَابَهُمْ. لٰكِنَّ أَسْتِيرَ تَرْسُمُ لَنَا مِثَالًا رَائِعًا فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ. فَقَدْ كَانَتْ مِنْ أَجْمَلِ ٱلْفَتَيَاتِ فِي ٱلْإِمْبَرَاطُورِيَّةِ ٱلْفَارِسِيَّةِ. وَطَوَالَ سَنَةٍ، خَضَعَتْ لِعِنَايَةٍ تَجْمِيلِيَّةٍ مُكَثَّفَةٍ. وَكَانَتْ فِي تِلْكَ ٱلْأَثْنَاءِ تُعَاشِرُ يَوْمِيًّا فَتَيَاتٍ يَتَنَافَسْنَ عَلَى نَيْلِ إِعْجَابِ ٱلْمَلِكِ. لٰكِنَّ ٱلْمَلِكَ ٱخْتَارَهَا هِيَ فِي ٱلنِّهَايَةِ. رَغْمَ كُلِّ هٰذَا ٱلِٱهْتِمَامِ لَمْ تَتَكَبَّرْ أَسْتِيرُ، بَلْ بَقِيَتْ مُحْتَشِمَةً وَلَطِيفَةً وَمُهَذَّبَةً. — اس ٢:٩، ١٢، ١٥، ١٧.
١٢ نَحْنُ أَيْضًا، يُسَاعِدُنَا ٱلِٱحْتِشَامُ أَنْ نَلْبَسَ وَنَتَصَرَّفَ بِلِيَاقَةٍ وَٱحْتِرَامٍ. فَبَدَلَ أَنْ نَتَبَاهَى أَوْ نُثِيرَ إِعْجَابَ ٱلنَّاسِ، نُعْرِبُ عَنِ «ٱلرُّوحِ ٱلْهَادِئِ وَٱلْوَدِيعِ». (اقرأ ١ بطرس ٣:٣، ٤؛ ار ٩:٢٣، ٢٤) أَمَّا إِذَا كُنَّا مَغْرُورِينَ، فَسَيَظْهَرُ ذٰلِكَ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا فِي تَصَرُّفَاتِنَا. فَرُبَّمَا نُلَمِّحُ أَنَّنَا أَشْخَاصٌ مُهِمُّونَ بِسَبَبِ ٱمْتِيَازَاتِنَا، ٱطِّلَاعِنَا عَلَى قَضِيَّةٍ مُعَيَّنَةٍ، أَوْ عَلَاقَتِنَا بِإِخْوَةٍ مَسْؤُولِينَ. أَوْ نُعْطِي ٱلِٱنْطِبَاعَ أَنَّنَا أَنْجَزْنَا تَعْيِينَاتٍ مُعَيَّنَةً بِشَطَارَتِنَا، رَغْمَ أَنَّ آخَرِينَ سَاهَمُوا فِيهَا. وَفِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ أَيْضًا، يَرْسُمُ لَنَا يَسُوعُ مِثَالًا رَائِعًا. فَهُوَ لَمْ يُحَاوِلْ أَنْ يُثِيرَ إِعْجَابَ ٱلنَّاسِ بِحِكْمَتِهِ، بَلِ ٱقْتَبَسَ دَائِمًا مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْعِبْرَانِيَّةِ. وَهٰكَذَا أَعْطَى كُلَّ ٱلْمَجْدِ لِيَهْوَهَ. — يو ٨:٢٨.
عِنْدَمَا نَتَّخِذُ ٱلْقَرَارَاتِ
١٣، ١٤ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا ٱلِٱحْتِشَامُ عَلَى ٱتِّخَاذِ ٱلْقَرَارَاتِ ٱلصَّحِيحَةِ؟
١٣ مِنَ ٱلْمُهِمِّ أَنْ نُعْرِبَ عَنِ ٱلِٱحْتِشَامِ عِنْدَ ٱتِّخَاذِ ٱلْقَرَارَاتِ. مَثَلًا، حِينَ كَانَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ فِي قَيْصَرِيَّةَ، أَرَادَ ٱلذَّهَابَ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُتَمِّمَ تَعْيِينَهُ ٱلْإِلٰهِيَّ. لٰكِنَّ ٱلنَّبِيَّ أَغَابُوسَ حَذَّرَهُ أَنَّ ٱلْيَهُودَ سَيُلْقُونَ ٱلْقَبْضَ عَلَيْهِ هُنَاكَ، حَتَّى إِنَّهُمْ قَدْ يَقْتُلُونَهُ. فَخَافَ ٱلْإِخْوَةُ عَلَيْهِ وَتَوَسَّلُوا إِلَيْهِ أَلَّا يَذْهَبَ. لٰكِنَّهُ لَمْ يُغَيِّرْ رَأْيَهُ. فَهَلْ كَانَ بُولُسُ وَاثِقًا بِنَفْسِهِ زِيَادَةً عَنِ ٱللُّزُومِ؟ كَلَّا، بَلْ وَثِقَ بِيَهْوَهَ كَامِلًا وَعَبَّرَ عَنِ ٱسْتِعْدَادِهِ أَنْ يَمُوتَ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ. فَلَمَّا سَمِعَ ٱلْإِخْوَةُ ذٰلِكَ، تَوَقَّفُوا هُمْ أَيْضًا بِدَافِعِ ٱلِٱحْتِشَامِ عَنْ مُعَارَضَتِهِ. — اع ٢١:١٠-١٤.
١٤ كَذٰلِكَ يُمَكِّنُنَا ٱلِٱحْتِشَامُ مِنِ ٱتِّخَاذِ ٱلْقَرَارَاتِ ٱلصَّحِيحَةِ عِنْدَمَا لَا نَسْتَطِيعُ ٱلتَّحَكُّمَ فِي مُجْرَيَاتِ ٱلْأُمُورِ. مَثَلًا، نُفَكِّرُ فِي ٱلِٱشْتِرَاكِ فِي ٱلْخِدْمَةِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ، وَلٰكِنْ تُرَاوِدُنَا أَحْيَانًا بَعْضُ ٱلْمَخَاوِفِ. فَمَاذَا لَوْ مَرِضْنَا؟ أَوْ مَاذَا لَوِ ٱحْتَاجَ وَالِدُونَا ٱلْمُسِنُّونَ إِلَى رِعَايَةٍ؟ أَوْ كَيْفَ نَعْتَنِي بِأَنْفُسِنَا حِينَ نَكْبُرُ؟ لَنْ نَسْتَطِيعَ ٱلْإِجَابَةَ عَنْ كُلِّ هٰذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ، مَهْمَا صَلَّيْنَا أَوْ أَجْرَيْنَا مِنْ أَبْحَاثٍ. (جا ٨:١٦، ١٧) وَلٰكِنْ إِذَا وَثِقْنَا بِيَهْوَهَ، نَعْرِفُ حُدُودَنَا وَنَقْبَلُهَا. فَبَعْدَ ٱلْبَحْثِ وَٱلصَّلَاةِ وَٱسْتِشَارَةِ ٱلْإِخْوَةِ، عَلَيْنَا أَنْ نَتَّبِعَ تَوْجِيهَ رُوحِ ٱللّٰهِ. (اقرإ الجامعة ١١:٤-٦.) وَهٰكَذَا يُبَارِكُ يَهْوَهُ قَرَارَنَا أَوْ يُوَجِّهُنَا لِنَتَّخِذَ قَرَارًا آخَرَ. — ام ١٦:٣، ٩.
كَيْفَ نُنَمِّي ٱلِٱحْتِشَامَ؟
١٥ كَيْفَ نَبْقَى مُتَوَاضِعِينَ حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي صِفَاتِ يَهْوَهَ؟
١٥ كَمَا رَأَيْنَا، ٱلِٱحْتِشَامُ صِفَةٌ مُهِمَّةٌ جِدًّا. فَكَيْفَ نُنَمِّيهَا؟ لِنُنَاقِشْ أَرْبَعَ طَرَائِقَ. أَوَّلًا، عَلَيْنَا أَنْ نَتَأَمَّلَ فِي صِفَاتِ يَهْوَهَ ٱلسَّامِيَةِ. عِنْدَئِذٍ نُدْرِكُ كَمْ نَحْنُ صِغَارٌ وَمَعْرِفَتُنَا مَحْدُودَةٌ بِٱلْمُقَارَنَةِ مَعَهُ. (اش ٨:١٣) فَنَحْنُ لَا نَسِيرُ مَعَ إِنْسَانٍ أَوْ مَلَاكٍ، بَلْ مَعَ ٱللّٰهِ ٱلْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. وَهٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةُ تَدْفَعُنَا أَنْ ‹نَتَوَاضَعَ تَحْتَ يَدِهِ ٱلْقَدِيرَةِ›. — ١ بط ٥:٦.
١٦ كَيْفَ تَدْفَعُنَا مَحَبَّةُ يَهْوَهَ لَنَا أَنْ نَكُونَ مُحْتَشِمِينَ؟
١٦ ثَانِيًا، نُنَمِّي ٱلِٱحْتِشَامَ حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي مَحَبَّةِ يَهْوَهَ لَنَا. كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ أَنَّ يَهْوَهَ أَحَاطَ أَجْزَاءَ ٱلْجِسْمِ ٱلْأَقَلَّ كَرَامَةً «بِكَرَامَةٍ أَوْفَرَ». (١ كو ١٢:٢٣، ٢٤) فَرَغْمَ نَقَائِصِنَا، يَهْتَمُّ يَهْوَهُ بِكُلِّ فَرْدٍ مِنَّا. وَهُوَ لَا يُقَارِنُنَا بِٱلْآخَرِينَ، وَلَا يَحْرِمُنَا مِنْ مَحَبَّتِهِ حِينَ نُخْطِئُ. فَمَهْمَا كَانَ تَعْيِينُنَا، نَشْعُرُ بِٱلْأَمَانِ لِأَنَّنَا نَعْرِفُ أَنَّهُ يُحِبُّنَا.
١٧ كَيْفَ نَسْتَفِيدُ حِينَ نُرَكِّزُ عَلَى حَسَنَاتِ ٱلْآخَرِينَ؟
١٧ ثَالِثًا، يَزْدَادُ تَقْدِيرُنَا لِمَسْؤُولِيَّاتِنَا فِي ٱلْجَمَاعَةِ حِينَ نُرَكِّزُ عَلَى حَسَنَاتِ إِخْوَتِنَا، تَمَثُّلًا بِيَهْوَهَ. عِنْدَئِذٍ، لَنْ نَسْعَى إِلَى ٱلْبُرُوزِ أَوِ ٱلتَّسَلُّطِ عَلَيْهِمْ، إِنَّمَا نَطْلُبُ بِٱحْتِشَامٍ نَصِيحَتَهُمْ وَنَقْبَلُ ٱقْتِرَاحَاتِهِمْ. (ام ١٣:١٠) وَنَحْنُ نَفْرَحُ مَعَهُمْ حِينَ يَنَالُونَ مَسْؤُولِيَّاتٍ إِضَافِيَّةً. كَمَا نَشْكُرُ يَهْوَهَ لِأَنَّهُ يُبَارِكُ ‹كَامِلَ مَعْشَرِ إِخْوَتِنَا›. — ١ بط ٥:٩.
١٨ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا تَدْرِيبُ ضَمِيرِنَا أَنْ نُنَمِّيَ ٱلِٱحْتِشَامَ؟
١٨ رَابِعًا، نُنَمِّي ٱلِٱحْتِشَامَ حِينَ نُدَرِّبُ ضَمِيرَنَا بِحَسَبِ مَبَادِئِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. فَهٰذِهِ ٱلْمَبَادِئُ تُعَلِّمُنَا وُجْهَةَ نَظَرِ يَهْوَهَ لِنَتَّخِذَ قَرَارَاتٍ تُرْضِيهِ. وَتُعَلِّمُنَا أَيْضًا أَنْ نَعْتَبِرَ ٱلْآخَرِينَ أَفْضَلَ مِنَّا. وَكَيْفَ نُدَرِّبُ ضَمِيرَنَا؟ بِٱلدَّرْسِ وَٱلصَّلَاةِ وَتَطْبِيقِ مَا نَتَعَلَّمُهُ. (١ تي ١:٥) وَإِذَا تَمَّمْنَا دَوْرَنَا، يَعِدُ يَهْوَهُ أَنْ ‹يُنْهِيَ تَدْرِيبَنَا›. (١ بط ٥:١٠) وَهٰكَذَا نُنَمِّي ٱلِٱحْتِشَامَ وَغَيْرَهُ مِنَ ٱلصِّفَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلرَّائِعَةِ.
١٩ مَاذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نَسْلُكَ بِٱحْتِشَامٍ إِلَى ٱلْأَبَدِ؟
١٩ لَا نَنْسَ مَا حَدَثَ مَعَ ٱلنَّبِيِّ ٱلْمَذْكُورِ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ. فَقَدْ خَسِرَ حَيَاتَهُ وَعَلَاقَتَهُ بِٱللّٰهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مُحْتَشِمًا. مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، يُثْبِتُ مِثَالُ خُدَّامِ ٱللّٰهِ ٱلْأُمَنَاءِ فِي ٱلْمَاضِي وَٱلْحَاضِرِ أَنَّ بِإِمْكَانِنَا ٱلْبَقَاءَ مُحْتَشِمِينَ رَغْمَ ٱلْمِحَنِ. وَكُلَّمَا وَاصَلْنَا ٱلسَّيْرَ مَعَ يَهْوَهَ، زَادَ ٱتِّكَالُنَا عَلَيْهِ. (ام ٨:١٣) وَبِغَضِّ ٱلنَّظَرِ عَنْ تَعْيِينَاتِنَا، فَإِنَّ ٱلسُّلُوكَ مَعَ يَهْوَهَ هُوَ بِحَدِّ ذَاتِهِ شَرَفٌ عَظِيمٌ لَا مَثِيلَ لَهُ. فَلْنُقَدِّرْ هٰذَا ٱلشَّرَفَ وَنُوَاصِلِ ٱلسُّلُوكَ بِٱحْتِشَامٍ مَعَ يَهْوَهَ إِلَى ٱلْأَبَدِ.