فِي ٱللِّسَانِ قُوَّةٌ، فَلَا تُسِئِ ٱسْتِعْمَالَهَا
«لِتَكُنْ أَقْوَالُ فَمِي . . . مَرْضِيَّةً أَمَامَكَ، يَا يَهْوَهُ». — مز ١٩:١٤.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ٨٢، ٧٧
١، ٢ لِمَ يُشَبِّهُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ ٱللِّسَانَ بِٱلنَّارِ؟
فِي بِدَايَةِ تِشْرِينَ ٱلْأَوَّلِ (أُكْتُوبِر) سَنَةَ ١٨٧١، ٱجْتَاحَ ٱلْغَابَاتِ شَمَالَ شَرْقِ وِلَايَةِ وِيسْكُونْسِن حَرِيقٌ وُصِفَ بِأَنَّهُ ٱلْأَكْثَرُ إِهْلَاكًا فِي تَارِيخِ ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ ٱلْأَمِيرْكِيَّةِ. فَأَلْسِنَةُ ٱللَّهَبِ ٱلْمُتَصَاعِدَةُ وَٱلْحَرَارَةُ ٱلشَّدِيدَةُ قَضَتْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ٢٠٠,١ شَخْصٍ وَدَمَّرَتْ نَحْوَ بَلْيُونَيْ شَجَرَةٍ. وَمَاذَا رُبَّمَا كَانَ ٱلسَّبَبُ وَرَاءَ هٰذَا ٱلْحَرِيقِ ٱلْهَائِلِ؟ شَرَارَاتٌ صَغِيرَةٌ مُتَطَايِرَةٌ مِنْ قِطَارَاتٍ تَمُرُّ بِٱلْغَابَةِ. فَمَا أَصَحَّ ٱلْكَلِمَاتِ فِي يَعْقُوب ٣:٥: «اُنْظُرُوا مَا أَصْغَرَ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُشْعِلُ غَابَةً كَبِيرَةً جِدًّا»! وَلٰكِنْ لِمَ ذَكَرَ ٱلتِّلْمِيذُ يَعْقُوبُ هٰذِهِ ٱلْعِبَارَةَ؟
٢ يَتَّضِحُ ٱلْجَوَابُ فِي ٱلْعَدَدِ ٦ ٱلَّذِي يَقُولُ: «اَللِّسَانُ نَارٌ». فَلِسَانُنَا، أَيْ كَلَامُنَا، قَادِرٌ مِثْلَ ٱلنَّارِ أَنْ يُسَبِّبَ ضَرَرًا كَبِيرًا. حَتَّى إِنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ يَقُولُ: «اَلْمَوْتُ وَٱلْحَيَاةُ فِي يَدِ ٱللِّسَانِ». (ام ١٨:٢١) وَلٰكِنْ طَبْعًا نَحْنُ لَا نَمْتَنِعُ كُلِّيًّا عَنِ ٱلْكَلَامِ خَوْفًا مِنَ ٱلتَّفَوُّهِ بِمَا يُؤْذِي وَيَجْرَحُ، تَمَامًا مِثْلَمَا لَا نَمْتَنِعُ عَنِ ٱسْتِخْدَامِ ٱلنَّارِ خَشْيَةَ أَنْ نَحْتَرِقَ. اَلْمِفْتَاحُ إِذًا أَلَّا تَخْرُجَ ٱلْأُمُورُ عَنِ ٱلسَّيْطَرَةِ. فَحِينَ نَتَحَكَّمُ بِٱلنَّارِ، نَسْتَغِلُّهَا لِأَغْرَاضٍ مُفِيدَةٍ كَٱلطَّهْيِ وَٱلتَّدْفِئَةِ وَٱلْإِنَارَةِ. كَذٰلِكَ حِينَ نُلْجِمُ لِسَانَنَا، نَسْتَعْمِلُ قُوَّتَهُ فِي إِكْرَامِ ٱللّٰهِ وَبِنَاءِ ٱلْآخَرِينَ. — مز ١٩:١٤.
٣ أَيَّةُ ثَلَاثِ نَوَاحٍ تَتَعَلَّقُ بِٱلْكَلَامِ سَنُنَاقِشُهَا فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟
٣ لَقَدْ وَهَبَنَا ٱللّٰهُ مَقْدِرَةً رَائِعَةً عَلَى ٱلتَّعْبِيرِ عَنْ أَفْكَارِنَا وَمَشَاعِرِنَا، سَوَاءٌ بِٱلْكَلَامِ أَوِ ٱلْإِشَارَاتِ. فَكَيْفَ نَسْتَخْدِمُ هٰذِهِ ٱلْهِبَةَ ٱلثَّمِينَةَ لِلْبُنْيَانِ لَا ٱلْهَدْمِ؟ (اقرأ يعقوب ٣:٩، ١٠.) لِنَصِلَ إِلَى هٰذَا ٱلْهَدَفِ، يَلْزَمُ أَنْ نَعْرِفَ مَتَى نَتَكَلَّمُ، بِمَاذَا نَتَكَلَّمُ، وَكَيْفَ نَتَكَلَّمُ.
اَلْوَقْتُ ٱلْمُنَاسِبُ لِلْكَلَامِ
٤ فِي أَيَّةِ مُنَاسَبَاتٍ «لِلصَّمْتِ وَقْتٌ»؟
٤ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْكَلَامَ جُزْءٌ لَا يَتَجَزَّأُ مِنْ حَيَاتِنَا ٱلْيَوْمِيَّةِ، لٰكِنَّنَا لَا يَجِبُ أَنْ نَتَكَلَّمَ طَوَالَ ٱلْوَقْتِ. يُخْبِرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «لِلصَّمْتِ وَقْتٌ». (جا ٣:٧) فَنَحْنُ نَحْتَرِمُ ٱلْآخَرِينَ حِينَ نَلْتَزِمُ ٱلصَّمْتَ وَلَا نُقَاطِعُهُمْ وَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ. (اي ٦:٢٤) كَمَا نُعْرِبُ عَنِ ٱلْفِطْنَةِ وَٱلتَّمْيِيزِ عِنْدَمَا نَكْتُمُ ٱلْمَسَائِلَ ٱلسِّرِّيَّةَ. (ام ٢٠:١٩) وَمِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَيْضًا أَنْ نُمْسِكَ لِسَانَنَا عِنْدَمَا نُسْتَفَزُّ. — مز ٤:٤.
٥ كَيْفَ نُظْهِرُ أَنَّنَا شَاكِرُونَ عَلَى نِعْمَةِ ٱلْكَلَامِ؟
٥ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «لِلتَّكَلُّمِ وَقْتٌ». (جا ٣:٧) فَحِينَ يُعْطِيكَ صَدِيقُكَ هَدِيَّةً جَمِيلَةً، لَا تَضَعُهَا جَانِبًا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ، بَلْ تَسْتَخْدِمُهَا بِأَفْضَلِ مَا يُمْكِنُ تَقْدِيرًا لَهُ. بِصُورَةٍ مُمَاثِلَةٍ، نُظْهِرُ أَنَّنَا شَاكِرُونَ عَلَى نِعْمَةِ ٱلْكَلَامِ ٱلَّتِي وَهَبَهَا لَنَا يَهْوَهُ عِنْدَمَا نَسْتَغِلُّهَا بِحِكْمَةٍ. فَفِي وِسْعِنَا أَنْ نُسَبِّحَ ٱللّٰهَ، نُشَجِّعَ ٱلْآخَرِينَ، نُعَبِّرَ عَنْ مَشَاعِرِنَا، وَنُفْصِحَ عَنْ حَاجَاتِنَا. (مز ٥١:١٥) وَلٰكِنْ كَيْفَ نَعْرِفُ مَتَى هُوَ أَنْسَبُ ‹وَقْتٍ لِلتَّكَلُّمِ›؟
٦ كَيْفَ يُوضِحُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَهَمِّيَّةَ ٱخْتِيَارِ ٱلتَّوْقِيتِ ٱلْمُنَاسِبِ لِلْكَلَامِ؟
٦ تُوضِحُ ٱلْأَمْثَال ٢٥:١١ أَهَمِّيَّةَ ٱخْتِيَارِ ٱلتَّوْقِيتِ ٱلْمُنَاسِبِ لِلْكَلَامِ. تَذْكُرُ: «تُفَّاحٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي مَصُوغٍ مِنْ فِضَّةٍ، كَلِمَةٌ مَقُولَةٌ فِي حِينِهَا». إِنَّ ٱلتُّفَاحَ ٱلذَّهَبِيَّ جَمِيلٌ بِحَدِّ ذَاتِهِ، لٰكِنَّهُ يَزْدَادُ جَمَالًا إِذَا قُدِّمَ عَلَى صِينِيَّةٍ فِضِّيَّةٍ مَنْقُوشَةٍ. كَذٰلِكَ حِينَ نَحْرِصُ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ، يَلْقَى حَدِيثُنَا قُبُولًا أَفْضَلَ وَيَتْرُكُ تَأْثِيرًا أَكْبَرَ. فَكَيْفَ نَفْعَلُ ذٰلِكَ؟
٧، ٨ كَيْفَ ٱتَّبَعَ ٱلْإِخْوَةُ فِي ٱلْيَابَان مِثَالَ يَسُوعَ عِنْدَ ٱخْتِيَارِهِمِ ٱلْوَقْتَ ٱلْمُنَاسِبَ لِلتَّحَدُّثِ عَنِ ٱلْقِيَامَةِ؟
٧ رُبَّمَا يَكُونُ كَلَامُنَا ٱلدَّوَاءَ ٱلشَّافِيَ لِسَامِعِنَا، لٰكِنَّهُ قَدْ يَفْقِدُ مَعْنَاهُ إِنْ لَمْ نَخْتَرِ ٱلْوَقْتَ ٱلْأَمْثَلَ لِقَوْلِهِ. (اقرإ الامثال ١٥:٢٣.) مَثَلًا فِي آذَارَ (مَارِس) ٢٠١١، ضَرَبَ شَرْقَ ٱلْيَابَان زِلْزَالٌ مُدَمِّرٌ مُسَبِّبًا أَمْوَاجَ تُسُونَامِي. فَٱمَّحَتْ مُدُنٌ بِكَامِلِهَا عَنِ ٱلْوُجُودِ وَمَاتَ أَكْثَرُ مِنْ ٠٠٠,١٥ شَخْصٍ. وَمَعَ أَنَّ شُهُودَ يَهْوَهَ فِي ٱلْمِنْطَقَةِ عَاشُوا ٱلْمَأْسَاةَ نَفْسَهَا مِثْلَ غَيْرِهِمِ، ٱغْتَنَمُوا كُلَّ فُرْصَةٍ لِيَسْتَعْمِلُوا ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ فِي تَعْزِيَةِ ٱلَّذِينَ خَسِرُوا أَحِبَّاءَهُمْ. غَيْرَ أَنَّ ٱلْعَدِيدَ مِنَ ٱلسُّكَّانِ ٱلْمَحَلِّيِّينَ تَتَأَصَّلُ فِيهِمِ ٱلْمُعْتَقَدَاتُ ٱلْبُوذِيَّةُ، وَمَعْرِفَتُهُمْ بِٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ سَطْحِيَّةٌ أَوْ مَعْدُومَةٌ. لِذَا أَدْرَكَ ٱلْإِخْوَةُ أَنَّ ٱلْوَقْتَ آنَذَاكَ لَمْ يَكُنْ مُنَاسِبًا لِلتَّحَدُّثِ عَنْ رَجَاءِ ٱلْقِيَامَةِ. فَمَا كَانَ مِنْهُمْ إِلَّا أَنِ ٱسْتَخْدَمُوا هِبَةَ ٱلْكَلَامِ لِيَدْعَمُوا ٱلنَّاسَ عَاطِفِيًّا وَيَشْرَحُوا لَهُمْ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ لِمَ تَحِلُّ مَصَائِبُ كَهٰذِهِ بِٱلنَّاسِ ٱلطَّيِّبِينَ.
٨ لَقَدِ ٱتَّبَعَ هٰؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةُ مِثَالَ يَسُوعَ ٱلَّذِي عَرَفَ مَتَى يَسْكُتُ وَمَتَى يَتَكَلَّمُ. (يو ١٨:٣٣-٣٧؛ ١٩:٨-١١) فَقَدْ قَالَ لِتَلَامِيذِهِ فِي إِحْدَى ٱلْمَرَّاتِ: «عِنْدِي بَعْدُ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ أَقُولُهَا لَكُمْ، وَلٰكِنَّكُمْ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَتَحَمَّلُوهَا ٱلْآنَ». (يو ١٦:١٢) فَمَتَى حَانَ ٱلْوَقْتُ لِيَتَكَلَّمَ إِخْوَتُنَا فِي ٱلْيَابَان؟ بَعْدَ سَنَتَيْنِ وَنِصْفٍ مِنَ ٱلتُّسُونَامِي، ٱشْتَرَكُوا فِي حَمْلَةٍ عَالَمِيَّةٍ لِتَوْزِيعِ أَخْبَارِ ٱلْمَلَكُوتِ رَقْمِ ٣٨ بِعُنْوَانِ: «هَلْ يَحْيَا ٱلْأَمْوَاتُ مِنْ جَدِيدٍ؟». إِذَّاكَ ٱسْتَمَعَتْ أَعْدَادٌ أَكْبَرُ إِلَى ٱلرِّسَالَةِ ٱلْمُعَزِّيَةِ عَنِ ٱلْقِيَامَةِ وَقَبِلُوا ٱلنَّشْرَةَ بِكُلِّ سُرُورٍ. طَبْعًا، تَخْتَلِفُ كَثِيرًا ٱلثَّقَافَاتُ وَٱلْمُعْتَقَدَاتُ ٱلدِّينِيَّةُ مِنْ مَكَانٍ إِلَى آخَرَ. لِذَا عَلَيْنَا أَنْ نَتَحَلَّى بِٱلتَّمْيِيزِ كَيْ نُحَدِّدَ ٱلْوَقْتَ ٱلْمُنَاسِبَ لِلْكَلَامِ.
٩ مَتَى أَيْضًا يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَتَرَوَّى قَبْلَ ٱلتَّكَلُّمِ؟
٩ وَمَتَى أَيْضًا يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَتَرَوَّى قَبْلَ ٱلتَّكَلُّمِ؟ يَحْدُثُ أَحْيَانًا أَنْ يُسِيءَ إِلَيْنَا أَحَدٌ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ. فِي هٰذِهِ ٱلْحَالَةِ، مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ نَتَوَقَّفَ قَلِيلًا وَنَزِنَ هَلْ تَسْتَحِقُّ ٱلْمَسْأَلَةُ أَنْ نُعَاتِبَهُ. وَإِذَا كَانَ لَا بُدَّ مِنْ مُفَاتَحَتِهِ، فَعَلَيْنَا أَنْ نَنْتَظِرَ حَتَّى نَهْدَأَ لِئَلَّا نَتَهَوَّرَ فِي ٱلْكَلَامِ. (اقرإ الامثال ١٥:٢٨.) حَالَةٌ أُخْرَى تَتَطَلَّبُ مِنَّا ٱلتَّرَوِّيَ وَٱلتَّمْيِيزَ هِيَ حِينَ نَكْرِزُ لِأَقْرِبَائِنَا غَيْرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ. فَنَحْنُ نَرْغَبُ أَنْ يَعْرِفُوا يَهْوَهَ، وَلٰكِنْ يَلْزَمُ أَنْ نَتَحَلَّى بِٱلصَّبْرِ وَبُعْدِ ٱلنَّظَرِ. فَقَوْلُ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُلَائِمَةِ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُلَائِمِ قَدْ يَفْتَحُ قُلُوبَهُمْ لِلْحَقِّ.
نَوْعِيَّةُ ٱلْكَلَامِ
١٠ (أ) لِمَ يَلْزَمُ أَنْ نَكُونَ حَذِرِينَ فِي كَلَامِنَا؟ (ب) مَا هُوَ أَحَدُ ٱلْأَمْثِلَةِ عَلَى ‹ٱلْكَلَامِ ٱلْمُرِّ›؟
١٠ اَلْكَلَامُ سِلَاحٌ ذُو حَدَّيْنِ، فَهُوَ يُؤْذِي أَوْ يَشْفِي. (اقرإ الامثال ١٢:١٨.) وَكَمْ يَشِيعُ ٱسْتِخْدَامُ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْجَارِحَةِ فِي عَالَمِ ٱلشَّيْطَانِ! فَٱلْأَفْلَامُ وَبَرَامِجُ ٱلتِّلِفِزْيُونِ تُشَجِّعُ ٱلنَّاسَ أَنْ ‹يَسُنُّوا لِسَانَهُمْ كَٱلسَّيْفِ› وَ ‹يُسَدِّدُوا كَلَامًا مُرًّا كَٱلسِّهَامِ›. (مز ٦٤:٣) وَأَحَدُ ٱلْأَمْثِلَةِ عَلَى ‹ٱلْكَلَامِ ٱلْمُرِّ› هُوَ ٱلسُّخْرِيَةُ، أَيْ قَوْلُ مُلَاحَظَاتٍ لَاذِعَةٍ هَدَفُهَا ٱلِٱسْتِخْفَافُ بِٱلْآخَرِينَ أَوِ ٱنْتِقَادُهُمْ. لٰكِنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ يَتَجَنَّبُونَ هٰذَا ٱلتَّصَرُّفَ ٱلْمُسِيءَ. فَٱلسُّخْرِيَةُ ٱلَّتِي تَبْدَأُ أَحْيَانًا عَلَى سَبِيلِ ٱلْمُزَاحِ يُمْكِنُ أَنْ تَتَحَوَّلَ سَرِيعًا إِلَى حَدِيثٍ مُحَقِّرٍ يَخْلُو مِنَ ٱلِٱحْتِرَامِ. وَهٰذِهِ ٱلسُّخْرِيَةُ ‹ٱلْمُرَّةُ› هِيَ مِنْ كَلَامِ ٱلْإِهَانَةِ ٱلَّذِي يَجِبُ أَنْ ‹يَنْزِعَهُ› ٱلْمَسِيحِيُّونَ مِنْ شَخْصِيَّتِهِمْ. صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْمُزَاحَ يُضْفِي نَكْهَةً عَلَى أَحَادِيثِنَا، وَلٰكِنْ حَذَارِ أَنْ نَتَفَوَّهَ بِنِكَاتٍ لَاسِعَةٍ تَمَسُّ مَشَاعِرَ ٱلْآخَرِينَ أَوْ تُحْرِجُهُمْ لِمُجَرَّدِ إِثَارَةِ ٱلضَّحِكِ. يَحُثُّ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «لَا يَخْرُجْ مِنْ فَمِكُمْ كَلَامٌ فَاسِدٌ، بَلْ كُلُّ مَا كَانَ صَالِحًا لِلْبُنْيَانِ بِحَسَبِ ٱلْحَاجَةِ، لِكَيْ يُعْطِيَ مَسَرَّةً لِلسَّامِعِينَ». — اف ٤:٢٩، ٣١.
١١ مَا عَلَاقَةُ ٱلْقَلْبِ بِٱخْتِيَارِ ٱلْكَلِمَاتِ؟
١١ عَلَّمَ يَسُوعُ قَائِلًا: «مِنْ فَيْضِ ٱلْقَلْبِ يَتَكَلَّمُ ٱلْفَمُ». (مت ١٢:٣٤) وَهٰذَا يَعْنِي أَنَّ ٱلْكَلِمَاتِ تَنْبَعُ مِنَ ٱلْقَلْبِ. فَكَلَامُنَا يَعْكِسُ عَادَةً حَقِيقَةَ شُعُورِنَا تِجَاهَ ٱلْآخَرِينَ. فَإِذَا كَانَتْ قُلُوبُنَا مَلْآنَةً بِٱلْمَحَبَّةِ وَٱلْحَنَانِ، يَخْرُجُ مِنْ فَمِنَا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ كَلَامٌ إِيجَابِيٌّ وَبَنَّاءٌ.
١٢ كَيْفَ نُحَسِّنُ مَقْدِرَتَنَا عَلَى ٱنْتِقَاءِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُنَاسِبَةِ؟
١٢ وَيَتَطَلَّبُ ٱنْتِقَاءُ ٱلْكَلِمَاتِ بَذْلَ جُهْدٍ فِكْرِيٍّ وَٱلِٱتِّصَافَ بِبُعْدِ ٱلنَّظَرِ. فَٱلْمَلِكُ سُلَيْمَانُ بِكُلِّ حِكْمَتِهِ «تَمَعَّنَ وَجَدَّ فِي ٱلْبَحْثِ» طَلَبًا لِإِيجَادِ «ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُسِرَّةِ وَكِتَابَةِ كَلِمَاتِ ٱلْحَقِّ ٱلسَّدِيدَةِ». (جا ١٢:٩، ١٠) فَهَلْ تَسْتَصْعِبُ عُمُومًا أَنْ تَأْتِيَ ‹بِكَلِمَاتٍ مُسِرَّةٍ›؟ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ، قَدْ يَلْزَمُ أَنْ تَزِيدَ مُفْرَدَاتِكَ. اِبْحَثْ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَٱلْإِصْدَارَاتِ عَنْ أَسَالِيبَ جَدِيدَةٍ لِلتَّعْبِيرِ عَنْ نَفْسِكَ. اِعْرِفْ مَعْنَى ٱلْعِبَارَاتِ ٱلَّتِي لَا تَفْهَمُهَا. وَٱلْأَهَمُّ، تَعَلَّمْ كَيْفَ تَسْتَخْدِمُ ٱلْكَلَامَ فِي بِنَاءِ ٱلْآخَرِينَ، مُتَأَمِّلًا مِثَالَ يَسُوعَ فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ. فَقَدْ عَرَفَ مَاذَا يَقُولُ بِٱلضَّبْطِ لِأَنَّ يَهْوَهَ عَلَّمَهُ كَيْفَ ‹يُجِيبُ ٱلْمُتْعَبَ بِٱلْكَلِمَةِ› ٱلْمُنَاسِبَةِ. (اش ٥٠:٤) وَمِنَ ٱلْمُهِمِّ أَيْضًا أَنْ تَصْرِفَ ٱلْوَقْتَ لِتُفَكِّرَ فِي تَأْثِيرِ كَلَامِكَ. (يع ١:١٩) اِسْأَلْ نَفْسَكَ: ‹هَلْ تَنْقُلُ كَلِمَاتِي ٱلْمَعْنَى ٱلَّذِي أُرِيدُهُ؟ وَمَا تَأْثِيرُهَا عَلَى مَنْ يَسْمَعُنِي؟›.
١٣ لِمَ ٱلْكَلَامُ ٱلْمَفْهُومُ مُهِمٌّ؟
١٣ فِي إِسْرَائِيلَ قَدِيمًا، ٱسْتُعْمِلَتِ ٱلْأَبْوَاقُ لِحَشْدِ ٱلْأُمَّةِ وَتَفْرِيقِهَا وَكَذٰلِكَ لِدَفْعِ ٱلْجَيْشِ إِلَى ٱلْقِتَالِ. فَلَا عَجَبَ أَنْ يَسْتَخْدِمَ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ نِدَاءَ ٱلْبُوقِ لِيُوضِحَ أَهَمِّيَّةَ ٱلتَّفَوُّهِ بِكَلَامٍ سَهْلِ ٱلْفَهْمِ. فَإِذَا تَلَقَّى جَيْشٌ مُتَقَدِّمٌ لِلْحَرْبِ نِدَاءً غَيْرَ وَاضِحٍ بِٱلْبُوقِ، فَقَدْ تَنْقَلِبُ نَتِيجَةُ ٱلْمَعْرَكَةِ رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ. بِصُورَةٍ مُمَاثِلَةٍ، إِذَا كُنَّا نَتَكَلَّمُ بِغُمُوضٍ أَوْ نَلُفُّ وَنَدُورُ كَثِيرًا حَوْلَ نُقْطَةٍ مَا، نُحَيِّرُ سَامِعَنَا أَوْ نُضَلِّلُهُ. وَلٰكِنْ لِنَحْرِصْ طَبْعًا أَلَّا يَكُونَ كَلَامُنَا ٱلْمُبَاشِرُ وَٱلْوَاضِحُ عَلَى حِسَابِ ٱللَّبَاقَةِ وَٱللُّطْفِ. — اقرأ ١ كورنثوس ١٤:٨، ٩.
١٤ مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ كَلَامَ يَسُوعَ كَانَ سَهْلَ ٱلْفَهْمِ؟
١٤ وَقَدْ رَسَمَ يَسُوعُ أَرْوَعَ مِثَالٍ فِي ٱنْتِقَاءِ ٱلْكَلِمَاتِ. إِلَيْكَ مَثَلًا مَوْعِظَتَهُ ٱلْفَعَّالَةَ رَغْمَ قِصَرِهَا ٱلَّتِي تَرِدُ فِي مَتَّى ٱلْإِصْحَاحَاتِ ٥ إِلَى ٧. فَهُوَ لَمْ يَسْتَعْمِلْ كَلَامًا مُنَمَّقًا أَوْ غَامِضًا وَلَا قَاسِيًا أَوْ جَارِحًا. بَلِ ٱخْتَارَ تَعَابِيرَ وَاضِحَةً وَبَسِيطَةً تَدْخُلُ إِلَى قُلُوبِ سَامِعِيهِ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، كَيْ يُخَفِّفَ مِنْ قَلَقِهِمْ بِشَأْنِ حَاجَتِهِمِ ٱلْيَوْمِيَّةِ إِلَى ٱلطَّعَامِ، لَفَتَ نَظَرَهُمْ كَيْفَ يُطْعِمُ يَهْوَهُ طُيُورَ ٱلسَّمَاءِ وَسَأَلَهُمْ: «أَفَلَسْتُمْ أَنْتُمْ أَثْمَنَ مِنْهَا؟». (مت ٦:٢٦) فَيَا لَهُ مِنْ تَشْجِيعٍ حُبِّيٍّ مَصُوغٍ بِكَلِمَاتٍ بَسِيطَةٍ وَمَفْهُومَةٍ تَمَسُّ ٱلْقَلْبَ!
أُسْلُوبُ ٱلْكَلَامِ
١٥ لِمَ يَجِبُ أَنْ نَتَكَلَّمَ بِلُطْفٍ؟
١٥ إِنَّ أُسْلُوبَ ٱلْكَلَامِ لَا يَقِلُّ أَهَمِّيَّةً عَنْ مَضْمُونِهِ. فَعِنْدَمَا عَلَّمَ يَسُوعُ فِي مَجْمَعِ بَلْدَتِهِ ٱلنَّاصِرَةِ، كَانَ ٱلنَّاسُ «يَتَعَجَّبُونَ مِنَ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُسِرَّةِ ٱلصَّادِرَةِ مِنْ فَمِهِ». (لو ٤:٢٢) فَٱلْكَلَامُ ٱلْمُسِرُّ وَٱلطَّيِّبُ يَرُوقُ ٱلْقَلْبَ. وَٱللُّطْفُ لَا يُخَفِّفُ بَتَاتًا مِنْ قُوَّةِ ٱلْأَقْوَالِ، بَلْ يَزِيدُهَا إِقْنَاعًا. (ام ٢٥:١٥) وَنَحْنُ نَتَمَثَّلُ بِيَسُوعَ حِينَ نَتَّصِفُ بِٱللُّطْفِ وَٱللَّبَاقَةِ وَنُرَاعِي مَشَاعِرَ ٱلْغَيْرِ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ ٱلْجُهُودَ ٱلَّتِي بَذَلَتْهَا ٱلْجُمُوعُ لِيَأْتُوا وَيَسْمَعُوهُ، أَشْفَقَ عَلَيْهِمْ وَ «ٱبْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً». (مر ٦:٣٤) حَتَّى حِينَ تَعَرَّضَ لِلشَّتْمِ، لَمْ يَرُدَّ ٱلْإِسَاءَةَ بِٱلْإِسَاءَةِ. — ١ بط ٢:٢٣.
١٦، ١٧ (أ) كَيْفَ نَقْتَدِي بِيَسُوعَ حِينَ نَتَكَلَّمُ مَعَ أَفْرَادِ عَائِلَتِنَا أَوْ أَصْدِقَائِنَا ٱلْأَحِمَّاءِ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ.) (ب) كَيْفَ حَصَدَتْ أُمٌّ نَتَائِجَ إِيجَابِيَّةً حِينَ تَكَلَّمَتْ بِلُطْفٍ؟
١٦ أَحْيَانًا نَضَعُ ٱلْوَدَاعَةَ وَٱللَّبَاقَةَ جَانِبًا حِينَ نَتَكَلَّمُ مَعَ شَخْصٍ نَعْرِفُهُ جَيِّدًا، كَأَحَدِ أَفْرَادِ ٱلْعَائِلَةِ أَوْ صَدِيقٍ حَمِيمٍ فِي ٱلْجَمَاعَةِ. فَقَدْ نَشْعُرُ بِٱلْحُرِّيَّةِ وَنَتَحَدَّثُ مَعَهُ دُونَ تَحَفُّظٍ. وَلٰكِنْ هَلْ شَعَرَ يَسُوعُ أَنَّ قُرْبَهُ مِنْ تَلَامِيذِهِ يَسْمَحُ لَهُ أَنْ يُخَاطِبَهُمْ بِلَهْجَةٍ قَاسِيَةٍ؟ كَلَّا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ. فَعِنْدَمَا تَجَادَلَ أَتْبَاعُهُ ٱلْأَحِمَّاءُ حَوْلَ مَنْ هُوَ أَعْظَمُهُمْ، صَحَّحَهُمْ بِلُطْفٍ وَحَثَّهُمْ عَلَى ٱلتَّمَثُّلِ بِوَلَدٍ صَغِيرٍ. (مر ٩:٣٣-٣٧) وَيُمْكِنُ لِلشُّيُوخِ أَنْ يَقْتَدُوا بِهِ حِينَ يُقَدِّمُونَ ٱلنُّصْحَ «بِرُوحِ ٱلْوَدَاعَةِ». — غل ٦:١.
١٧ حَتَّى عِنْدَمَا يُوَجَّهُ إِلَيْنَا كَلَامٌ يَحُزُّ فِي ٱلنَّفْسِ، نَحْصُدُ نَتَائِجَ إِيجَابِيَّةً إِذَا أَجَبْنَا بِلُطْفٍ. (ام ١٥:١) مَثَلًا، كَانَ لَدَى أُمٍّ وَحِيدَةٍ ٱبْنٌ مُرَاهِقٌ يَعِيشُ حَيَاةً مُزْدَوِجَةً. وَذَاتَ يَوْمٍ، قَالَتْ إِحْدَى ٱلْأَخَوَاتِ لِلْأُمِّ بِحُسْنِ نِيَّةٍ: «مُؤْسِفٌ جِدًّا أَنَّكِ فَشِلْتِ فِي تَرْبِيَةِ وَلَدِكِ». فَفَكَّرَتِ ٱلْأُمُّ لَحْظَةً ثُمَّ أَجَابَتْ: «صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْأُمُورَ لَا تَسِيرُ حَالِيًّا عَلَى مَا يُرَامُ، لٰكِنَّ تَرْبِيَتَهُ مَشْرُوعٌ لَا يَزَالُ مُسْتَمِرًّا. لِنَتَحَدَّثْ بَعْدَ هَرْمَجِدُّونَ، فَعِنْدَئِذٍ نَعْرِفُ ٱلنَّتِيجَةَ». لَقَدْ سَاهَمَ هٰذَا ٱلرَّدُّ ٱلْوَدِيعُ فِي ٱلْحِفَاظِ عَلَى ٱلسَّلَامِ بَيْنَ ٱلْأُخْتَيْنِ، كَمَا شَجَّعَ ٱلِٱبْنَ ٱلَّذِي سَمِعَ ٱلْحَدِيثَ بِٱلصُّدْفَةِ. فَقَدْ رَأَى أَنَّ أُمَّهُ لَمْ تَيْأَسْ مِنْهُ، مَا دَفَعَهُ إِلَى ٱلتَّوَقُّفِ عَنْ مُعَاشَرَاتِهِ ٱلرَّدِيئَةِ. وَمَعَ ٱلْوَقْتِ ٱعْتَمَدَ، ثُمَّ خَدَمَ لَاحِقًا فِي بَيْتَ إِيلَ. إِذًا سَوَاءٌ كُنَّا بِرِفْقَةِ إِخْوَتِنَا أَوْ عَائِلَتِنَا أَوِ ٱلْغُرَبَاءِ، لِيَكُنْ كَلَامُنَا دَائِمًا «بِنِعْمَةٍ، مُطَيَّبًا بِمِلْحٍ». — كو ٤:٦.
١٨ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا مِثَالُ يَسُوعَ أَنْ نُحْسِنَ ٱسْتِعْمَالَ لِسَانِنَا؟
١٨ إِنَّ قُدْرَتَنَا عَلَى ٱلتَّعْبِيرِ عَنْ أَفْكَارِنَا وَمَشَاعِرِنَا بِٱلْكَلَامِ تُثِيرُ ٱلْعَجَبَ حَقًّا. فَلْنَتَّبِعْ مِثَالَ يَسُوعَ بِٱلتَّكَلُّمِ فِي ٱلتَّوْقِيتِ ٱلْمُنَاسِبِ، ٱنْتِقَاءِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُلَائِمَةِ، وَٱلِٱتِّصَافِ بِٱللُّطْفِ. وَهٰكَذَا يَشْفِي كَلَامُنَا ٱلسَّامِعِينَ وَيُرْضِي يَهْوَهَ ٱلَّذِي وَهَبَنَا هٰذِهِ ٱلنِّعْمَةَ ٱلثَّمِينَةَ.