لَا تَحْكُمْ بِحَسَبِ ٱلْمَظْهَرِ
«لَا تَدِينُوا بِحَسَبِ ٱلْمَظْهَرِ ٱلْخَارِجِيِّ، بَلْ دِينُوا دَيْنُونَةً بَارَّةً». — يو ٧:٢٤.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ١٢٩، ١٢٥
١ مَاذَا أَنْبَأَ إِشَعْيَا عَنْ يَسُوعَ، وَلِمَ تُشَجِّعُنَا نُبُوَّتُهُ؟
أَنْبَأَ إِشَعْيَا أَنَّ يَسُوعَ لَنْ «يَقْضِيَ بِحَسَبِ مَا يَنْظُرُهُ بِعَيْنَيْهِ»، وَلَنْ «يُوَبِّخَ بِحَسَبِ مَا يَسْمَعُهُ بِأُذُنَيْهِ»، إِنَّمَا سَيَقْضِي بِٱلْعَدْلِ لِلْمَسَاكِينِ. (اش ١١:٣، ٤) وَنُبُوَّتُهُ تَمْنَحُنَا ٱلْأَمَلَ لِأَنَّ ٱلتَّحَامُلَ وَٱلتَّحَيُّزَ مُتَفَشِّيَانِ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْيَوْمَ. فَنَحْنُ بِحَاجَةٍ إِلَى قَاضٍ كَامِلٍ مِثْلَ يَسُوعَ، قَاضٍ لَا يَحْكُمُ بِحَسَبِ ٱلْمَظَاهِرِ.
٢ بِمَ أَوْصَانَا يَسُوعُ، وَمَاذَا تُنَاقِشُ هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةُ؟
٢ وَلٰكِنْ بِعَكْسِ يَسُوعَ، نَحْنُ نَاقِصُونَ. لِذَا نُخْطِئُ أَحْيَانًا فِي ٱلْحُكْمِ عَلَى مَنْ نَلْتَقِيهِمْ. فَنَمِيلُ أَنْ نَحْكُمَ بِنَاءً عَلَى مَا نَرَاهُ. إِلَّا أَنَّ يَسُوعَ أَوْصَانَا: «لَا تَدِينُوا بِحَسَبِ ٱلْمَظْهَرِ ٱلْخَارِجِيِّ، بَلْ دِينُوا دَيْنُونَةً بَارَّةً». (يو ٧:٢٤) فَهُوَ يُرِيدُ أَنْ نَتَمَثَّلَ بِهِ وَلَا نَحْكُمَ بِحَسَبِ ٱلْمَظَاهِرِ. وَفِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ، سَنُنَاقِشُ ثَلَاثَةَ عَوَامِلَ قَدْ تُؤَثِّرُ عَلَى نَظْرَتِنَا إِلَى ٱلْآخَرِينَ: عِرْقِهِمْ أَوْ جِنْسِيَّتِهِمْ، وَضْعِهِمِ ٱلْمَادِّيِّ، وَعُمْرِهِمْ. وَفِيمَا نُنَاقِشُ كُلًّا مِنْهَا، سَنَرَى كَيْفَ نُطَبِّقُ وَصِيَّةَ يَسُوعَ.
اَلْعِرْقُ وَٱلْجِنْسِيَّةُ
٣، ٤ (أ) لِمَ غَيَّرَ بُطْرُسُ نَظْرَتَهُ إِلَى ٱلْأُمَمِ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.) (ب) مَاذَا عَلَّمَ يَهْوَهُ بُطْرُسَ؟
٣ تَخَيَّلْ كَيْفَ شَعَرَ ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ عِنْدَمَا طُلِبَ مِنْهُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى بَيْتِ كَرْنِيلِيُوسَ، رَجُلٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ يَسْكُنُ فِي قَيْصَرِيَّةَ. (اع ١٠:١٧-٢٩) فَبُطْرُسُ تَعَلَّمَ مُنْذُ صِغَرِهِ أَنْ يَعْتَبِرَ ٱلْأُمَمَ نَجِسِينَ. لٰكِنَّهُ مَرَّ مُؤَخَّرًا بِأَحْدَاثٍ دَفَعَتْهُ أَنْ يُعِيدَ ٱلنَّظَرَ فِي مَوْقِفِهِ. مَثَلًا، كَانَ قَدْ رَأَى لِتَوِّهِ رُؤْيَا مُذْهِلَةً مِنَ ٱللّٰهِ. (اع ١٠:٩-١٦) فَشَاهَدَ فِيهَا إِنَاءً نَازِلًا مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَفِيهِ ٱلْعَدِيدُ مِنَ ٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلنَّجِسَةِ. ثُمَّ سَمِعَ صَوْتًا يَقُولُ لَهُ: «قُمْ يَا بُطْرُسُ، ٱذْبَحْ وَكُلْ!». لٰكِنَّهُ رَفَضَ رَفْضًا بَاتًّا. فَأَجَابَهُ ٱلصَّوْتُ مِنَ ٱلسَّمَاءِ: «مَا طَهَّرَهُ ٱللّٰهُ، كُفَّ عَنْ أَنْ تَدْعُوَهُ أَنْتَ دَنِسًا». وَبَعْدَمَا ٱنْتَهَتِ ٱلرُّؤْيَا، تَحَيَّرَ بُطْرُسُ بِخُصُوصِ مَعْنَاهَا. وَحِينَئِذٍ وَصَلَ رُسُلٌ مِنْ عِنْدِ كَرْنِيلِيُوسَ. فَرَافَقَهُمْ إِلَى بَيْتِهِ، بِنَاءً عَلَى تَوْجِيهِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ.
٤ وَلٰكِنْ لَوْ حَكَمَ بُطْرُسُ «بِحَسَبِ ٱلْمَظْهَرِ ٱلْخَارِجِيِّ»، لَمَا ذَهَبَ إِلَى بَيْتِ كَرْنِيلِيُوسَ. فَٱلْيَهُودُ لَمْ يَدْخُلُوا بُيُوتَ أَشْخَاصٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ. فَكَيْفَ تَغَلَّبَ عَلَى تَحَامُلِهِ؟ لَقَدْ صَحَّحَ تَفْكِيرَهُ بِفَضْلِ ٱلرُّؤْيَا وَتَوْجِيهِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. وَبَعْدَمَا أَصْغَى إِلَى رِوَايَةِ كَرْنِيلِيُوسَ، قَالَ: «أَنَا أَجِدُ بِٱلتَّأْكِيدِ أَنَّ ٱللّٰهَ لَيْسَ مُحَابِيًا، بَلْ فِي كُلِّ أُمَّةٍ، مَنْ يَخَافُهُ وَيَعْمَلُ ٱلْبِرَّ يَكُونُ مَقْبُولًا عِنْدَهُ». (اع ١٠:٣٤، ٣٥) لَقَدْ تَرَكَ هٰذَا ٱلْفَهْمُ ٱلْجَدِيدُ أَثَرًا بَالِغًا فِي بُطْرُسَ، وَكَانَ سَيُوَجِّهُ أَيْضًا كُلَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ. كَيْفَ ذٰلِكَ؟
٥ (أ) مَاذَا عَلَّمَ يَهْوَهُ كُلَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ؟ (ب) رَغْمَ أَنَّنَا نَعْرِفُ ٱلْحَقَّ، أَيَّةُ مَشَاعِرَ يُمْكِنُ أَنْ تَبْقَى دَاخِلَنَا؟
٥ عَلَّمَ يَهْوَهُ كُلَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ، مِنْ خِلَالِ بُطْرُسَ، أَنَّهُ لَا يُحَابِي أَوْ يُمَيِّزُ. فَهُوَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ ٱلْعُرُوقِ، ٱلْجِنْسِيَّاتِ، ٱلْقَبَائِلِ، وَٱللُّغَاتِ. بَلْ كُلُّ مَنْ يَخَافُهُ وَيَعْمَلُ ٱلْبِرَّ يَكُونُ مَقْبُولًا عِنْدَهُ. (غل ٣:٢٦-٢٨؛ رؤ ٧:٩، ١٠) وَلَا شَكَّ أَنَّكَ تَعْرِفُ هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةَ. وَلٰكِنْ مَاذَا لَوْ كَانَ ٱلتَّحَامُلُ مُنْتَشِرًا فِي ٱلْمُحِيطِ ٱلَّذِي تَرَبَّيْتَ فِيهِ؟ مِنَ ٱلْمُمْكِنِ أَنْ يَبْقَى بَعْضُ ٱلتَّحَامُلِ فِي قَلْبِكَ دُونَ أَنْ تَدْرِيَ. فَكِّرْ مَثَلًا فِي بُطْرُسَ. فَهُوَ مَنْ أَوْضَحَ لِلْآخَرِينَ أَنَّ يَهْوَهَ لَا يُمَيِّزُ. لٰكِنَّهُ أَعْرَبَ لَاحِقًا عَنِ ٱلتَّحَامُلِ. (غل ٢:١١-١٤) فَكَيْفَ نُطَبِّقُ جَمِيعًا وَصِيَّةَ يَسُوعَ وَلَا نَحْكُمُ عَلَى ٱلْآخَرِينَ بِحَسَبِ ٱلْمَظْهَرِ؟
٦ (أ) كَيْفَ نَتَأَكَّدُ أَنَّنَا ٱسْتَأْصَلْنَا ٱلتَّحَامُلَ كَامِلًا؟ (ب) مَاذَا كَشَفَ تَقْرِيرٌ كَتَبَهُ أَخٌ مَسْؤُولٌ؟
٦ لِنَتَأَكَّدَ أَنَّنَا ٱسْتَأْصَلْنَا ٱلتَّحَامُلَ كَامِلًا، عَلَيْنَا أَنْ نَفْحَصَ أَنْفُسَنَا عَلَى ضَوْءِ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ. (مز ١١٩:١٠٥) وَمِنَ ٱلْمُفِيدِ أَيْضًا أَنْ نَسْأَلَ أَحَدَ ٱلْإِخْوَةِ هَلْ يُلَاحِظُ فِينَا أَيَّ تَحَامُلٍ. فَأَحْيَانًا تَكُونُ هٰذِهِ ٱلْمَشَاعِرُ مُتَأَصِّلَةً فِينَا لِدَرَجَةِ أَنَّنَا لَا نُدْرِكُ وُجُودَهَا. (غل ٢:١١، ١٤) وَهٰذَا مَا حَدَثَ مَعَ أَخٍ مَسْؤُولٍ. فَقَدْ أَرْسَلَ تَقْرِيرًا إِلَى مَكْتَبِ ٱلْفَرْعِ عَنْ زَوْجَيْنِ مُجْتَهِدَيْنِ فِي ٱلْخِدْمَةِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ. وَفِي تَقْرِيرِهِ، مَدَحَ كَثِيرًا ٱلزَّوْجَ ٱلَّذِي يَنْتَمِي إِلَى أَقَلِّيَّةٍ يَحْتَقِرُهَا ٱلْمُجْتَمَعُ. لٰكِنَّهُ ذَكَرَ عَنْهُ فِي ٱلنِّهَايَةِ: «صَحِيحٌ أَنَّهُ [مِنَ ٱلْجِنْسِيَّةِ ٱلْفُلَانِيَّةِ]، لٰكِنَّ حَيَاتَهُ وَعَادَاتِهِ تُظْهِرُ أَنَّ [ٱلنَّاسَ مِنْ هٰذِهِ ٱلْجِنْسِيَّةِ] لَيْسُوا بِٱلضَّرُورَةِ أَشْخَاصًا قَذِرِينَ يَعِيشُونَ حَيَاةً وَضِيعَةً، كَمَا هِيَ حَالُهُمْ عَادَةً». فَمَا ٱلدَّرْسُ لَنَا؟ مَهْمَا كَانَتْ مَسْؤُولِيَّاتُنَا، يَجِبُ أَنْ نَفْحَصَ أَنْفُسَنَا وَنَقْبَلَ ٱلْمُسَاعَدَةَ. فَعِنْدَئِذٍ نَكْتَشِفُ أَيَّ تَحَامُلٍ بَاقٍ فِي قَلْبِنَا. وَلٰكِنْ مَاذَا يَجِبُ أَنْ نَفْعَلَ أَيْضًا؟
٧ كَيْفَ نُظْهِرُ أَنَّ «قَلْبَنَا مُتَّسِعٌ»؟
٧ حِينَ يَكُونُ ‹قَلْبُنَا مُتَّسِعًا›، نُحِبُّ ٱلْآخَرِينَ بَدَلَ أَنْ نَتَحَامَلَ عَلَيْهِمْ. (٢ كو ٦:١١-١٣) فَإِذَا ٱعْتَدْتَ أَنْ تُعَاشِرَ فَقَطْ أَشْخَاصًا مِنْ عِرْقِكَ أَوْ جِنْسِيَّتِكَ أَوْ لُغَتِكَ، فَلِمَ لَا تَتَّسِعُ؟ مَثَلًا، لِمَ لَا تَخْدُمُ مَعَ إِخْوَةٍ مِنْ خَلْفِيَّاتٍ أُخْرَى، أَوْ تَدْعُوهُمْ إِلَى بَيْتِكَ لِتَنَاوُلِ وَجْبَةٍ أَوْ قَضَاءِ بَعْضِ ٱلْوَقْتِ؟ (اع ١٦:١٤، ١٥) بِهٰذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ، تَمْلَأُ قَلْبَكَ بِٱلْمَحَبَّةِ، فَلَا يَبْقَى فِيهِ مَكَانٌ لِلتَّحَامُلِ. وَفِي مَا يَلِي، سَنُنَاقِشُ عَامِلًا ثَانِيًا قَدْ يَدْفَعُنَا أَنْ نَحْكُمَ عَلَى ٱلْآخَرِينَ «بِحَسَبِ ٱلْمَظْهَرِ ٱلْخَارِجِيِّ».
اَلْغِنَى وَٱلْفَقْرُ
٨ بِحَسَبِ ٱللَّاوِيِّين ١٩:١٥، كَيْفَ يُؤَثِّرُ ٱلْوَضْعُ ٱلْمَادِّيُّ عَلَى حُكْمِنَا؟
٨ إِنَّ ٱلْوَضْعَ ٱلْمَادِّيَّ هُوَ عَامِلٌ آخَرُ يُؤَثِّرُ عَلَى نَظْرَتِنَا إِلَى ٱلْآخَرِينَ. تَقُولُ ٱللَّاوِيِّين ١٩:١٥: «لَا تَرْتَكِبُوا ظُلْمًا فِي ٱلْقَضَاءِ. لَا تُحَابِ ٱلْمِسْكِينَ، وَلَا تَتَحَيَّزْ [لِلْغَنِيِّ]. بِٱلْعَدْلِ تَقْضِي لِصَاحِبِكَ».
٩ أَيَّةُ حَقِيقَةٍ مُؤْسِفَةٍ كَتَبَهَا سُلَيْمَانُ، وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْهَا؟
٩ وَلٰكِنْ كَيْفَ يُؤَثِّرُ ٱلْغِنَى أَوِ ٱلْفَقْرُ عَلَى نَظْرَتِنَا إِلَى ٱلْآخَرِينَ؟ كَتَبَ سُلَيْمَانُ بِٱلْوَحْيِ حَقِيقَةً مُؤْسِفَةً عَنِ ٱلْبَشَرِ ٱلنَّاقِصِينَ: «اَلْفَقِيرُ مُبْغَضٌ حَتَّى عِنْدَ قَرِيبِهِ، وَأَصْدِقَاءُ ٱلْغَنِيِّ كَثِيرُونَ». (ام ١٤:٢٠) فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ هٰذِهِ ٱلْآيَةِ؟ إِذَا لَمْ نَنْتَبِهْ، فَسَنَرْغَبُ أَنْ نُصَادِقَ ٱلْإِخْوَةَ ٱلْأَغْنِيَاءَ، لَا ٱلْفُقَرَاءَ. وَلٰكِنْ إِلَامَ يُؤَدِّي ٱلْحُكْمُ عَلَى ٱلْآخَرِينَ بِحَسَبِ مَا يَمْلِكُونَهُ؟
١٠ أَيَّةُ مُشْكِلَةٍ أَشَارَ إِلَيْهَا يَعْقُوبُ؟
١٠ إِذَا حَكَمْنَا عَلَى ٱلْآخَرِينَ بِحَسَبِ وَضْعِهِمِ ٱلْمَادِّيِّ، نَخْلُقُ تَمْيِيزًا طَبَقِيًّا فِي ٱلْجَمَاعَةِ. وَفِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ، سَبَّبَ ذٰلِكَ ٱنْقِسَامَاتٍ فِي بَعْضِ ٱلْجَمَاعَاتِ. فَلَفَتَ يَعْقُوبُ نَظَرَ أَعْضَائِهَا إِلَى هٰذِهِ ٱلْمُشْكِلَةِ. (اقرأ يعقوب ٢:١-٤.) طَبْعًا، نَحْنُ لَا نُرِيدُ أَنْ نُسَبِّبَ ٱنْقِسَامَاتٍ فِي جَمَاعَتِنَا ٱلْيَوْمَ. فَكَيْفَ نَتَجَنَّبُ ٱلْحُكْمَ عَلَى ٱلْآخَرِينَ بِحَسَبِ وَضْعِهِمِ ٱلْمَادِّيِّ؟
١١ هَلْ تُؤَثِّرُ مُمْتَلَكَاتُ ٱلشَّخْصِ عَلَى عَلَاقَتِهِ بِيَهْوَهَ؟ أَوْضِحْ.
١١ يَلْزَمُ أَنْ نَرَى إِخْوَتَنَا كَمَا يَرَاهُمْ يَهْوَهُ. فَهُوَ لَا يُحِبُّنَا لِمُجَرَّدِ أَنَّنَا أَغْنِيَاءُ أَوْ فُقَرَاءُ. وَعَلَاقَتُنَا بِهِ لَا تَعْتَمِدُ عَلَى مَالِنَا أَوْ مُمْتَلَكَاتِنَا. صَحِيحٌ أَنَّ يَسُوعَ قَالَ إِنَّهُ «يَصْعُبُ عَلَى غَنِيٍّ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمٰوَاتِ»، لٰكِنَّهُ لَمْ يَقُلْ إِنَّ ذٰلِكَ مُسْتَحِيلٌ. (مت ١٩:٢٣) وَمِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، قَالَ: «سُعَدَاءُ أَنْتُمْ أَيُّهَا ٱلْفُقَرَاءُ، لِأَنَّ لَكُمْ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ». (لو ٦:٢٠) لٰكِنَّ هٰذَا لَا يَعْنِي أَنَّ كُلَّ ٱلْفُقَرَاءِ أَصْغَوْا إِلَيْهِ وَنَالُوا بَرَكَاتٍ خُصُوصِيَّةً. فَكَثِيرُونَ مِنْهُمْ رَفَضُوهُ. بِٱخْتِصَارٍ إِذًا، لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَحْكُمَ عَلَى عَلَاقَةِ ٱلشَّخْصِ بِيَهْوَهَ بِحَسَبِ مُمْتَلَكَاتِهِ.
١٢ مَاذَا تُوصِي ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ ٱلْأَغْنِيَاءَ وَٱلْفُقَرَاءَ؟
١٢ وَيُوجَدُ بَيْنَ شَعْبِ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ إِخْوَةٌ أَغْنِيَاءُ وَفُقَرَاءُ. لٰكِنَّهُمْ جَمِيعًا يُحِبُّونَ يَهْوَهَ وَيَخْدُمُونَهُ بِقَلْبٍ كَامِلٍ. وَٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ تُوصِي ٱلْأَغْنِيَاءَ بَيْنَهُمْ أَلَّا «يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى ٱلْغِنَى غَيْرِ ٱلثَّابِتِ، بَلْ عَلَى ٱللّٰهِ». (اقرأ ١ تيموثاوس ٦:١٧-١٩.) وَفِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ، تُحَذِّرُ ٱلْأَغْنِيَاءَ وَٱلْفُقَرَاءَ عَلَى ٱلسَّوَاءِ مِنْ مَحَبَّةِ ٱلْمَالِ. (١ تي ٦:٩، ١٠) وَحِينَ نَرَى إِخْوَتَنَا كَمَا يَرَاهُمْ يَهْوَهُ، لَا نَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِحَسَبِ مُمْتَلَكَاتِهِمْ. وَلٰكِنْ هُنَالِكَ عَامِلٌ ثَالِثٌ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِ ٱلْبَعْضُ فِي ٱلْحُكْمِ عَلَى ٱلْآخَرِينَ.
اَلْعُمْرُ
١٣ مَاذَا يُعَلِّمُنَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَنِ ٱحْتِرَامِ ٱلْأَكْبَرِ سِنًّا؟
١٣ تُوصِينَا ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ تَكْرَارًا أَنْ نَحْتَرِمَ ٱلْأَكْبَرَ سِنًّا. تَقُولُ ٱللَّاوِيِّين ١٩:٣٢: «أَمَامَ ٱلْأَشْيَبِ تَقُومُ، وَتَعْتَبِرُ وَجْهَ ٱلشَّيْخِ، وَتَخَافُ إِلٰهَكَ». وَتَذْكُرُ ٱلْأَمْثَال ١٦:٣١: «اَلشَّيْبَةُ تَاجُ جَمَالٍ مَتَى وُجِدَتْ فِي طَرِيقِ ٱلْبِرِّ». كَمَا نَصَحَ بُولُسُ تِيمُوثَاوُسَ أَلَّا يَنْتَقِدَ شَيْخًا بِشِدَّةٍ، بَلْ يُعَامِلَهُ كَأَبٍ. (١ تي ٥:١، ٢) فَمَعَ أَنَّ تِيمُوثَاوُسَ تَمَتَّعَ بِمِقْدَارٍ مِنَ ٱلسُّلْطَةِ عَلَى إِخْوَةٍ أَكْبَرَ مِنْهُ، وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعَامِلَهُمْ بِلُطْفٍ وَٱحْتِرَامٍ.
١٤ مَتَى نُقَدِّمُ ٱلْمَشُورَةَ لِإِخْوَةٍ أَكْبَرَ سِنًّا؟
١٤ وَلٰكِنْ مَاذَا لَوِ ٱرْتَكَبَ أَخٌ مُسِنٌّ خَطِيَّةً عَمْدًا، أَوْ شَجَّعَ عَلَى أُمُورٍ يَكْرَهُهَا يَهْوَهُ؟ لَا يَعْذِرُ يَهْوَهُ مَنْ يُخْطِئُ عَنْ قَصْدٍ لِمُجَرَّدِ أَنَّهُ أَكْبَرُ سِنًّا. فَبِحَسَبِ ٱلْمَبْدَإِ فِي إِشَعْيَا ٦٥:٢٠، «ٱلْخَاطِئُ يُلْعَنُ وَلَوْ بَلَغَ ٱلْمِئَةَ مِنَ ٱلْعُمْرِ». وَيَذْكُرُ حَزْقِيَالُ مَبْدَأً مُمَاثِلًا. (حز ٩:٥-٧) فَٱلْأَهَمُّ أَنْ نَحْتَرِمَ يَهْوَهَ ٱللّٰهَ، ٱلْقَدِيمَ ٱلْأَيَّامَ. (دا ٧:٩، ١٠، ١٣، ١٤) وَعِنْدَئِذٍ لَنْ نَتَرَدَّدَ فِي تَقْدِيمِ ٱلْمَشُورَةِ لِمَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهَا، مَهْمَا بَلَغَ مِنَ ٱلْعُمْرِ. — غل ٦:١.
١٥ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ بُولُسَ عَنِ ٱحْتِرَامِ ٱلْإِخْوَةِ ٱلشُّبَّانِ؟
١٥ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، كَيْفَ نَنْظُرُ إِلَى ٱلْإِخْوَةِ ٱلْأَصْغَرِ سِنًّا؟ كَتَبَ بُولُسُ إِلَى تِيمُوثَاوُسَ: «لَا يَسْتَهِنَنَّ أَحَدٌ بِحَدَاثَتِكَ. بَلْ كُنْ مِثَالًا لِلْأُمَنَاءِ فِي ٱلْكَلَامِ، فِي ٱلسُّلُوكِ، فِي ٱلْمَحَبَّةِ، فِي ٱلْإِيمَانِ، فِي ٱلْعِفَّةِ». (١ تي ٤:١٢) وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ، كَانَ تِيمُوثَاوُسُ آنَذَاكَ فِي ٱلثَّلَاثِينَ مِنْ عُمْرِهِ تَقْرِيبًا. مَعَ ذٰلِكَ، أَوْكَلَ بُولُسُ إِلَيْهِ مَسْؤُولِيَّاتٍ ثَقِيلَةً. فَمَا ٱلدَّرْسُ لَنَا؟ لَا يَجِبُ أَنْ نَحْكُمَ عَلَى ٱلْإِخْوَةِ ٱلشُّبَّانِ بِنَاءً عَلَى عُمْرِهِمْ. وَلَا نَنْسَ أَنَّ يَسُوعَ تَمَّمَ خِدْمَتَهُ عَلَى ٱلْأَرْضِ وَهُوَ لَا يَزَالُ فِي ٱلـ ٣٣ مِنْ عُمْرِهِ.
١٦، ١٧ (أ) عَلَى أَيِّ أَسَاسٍ يَجِبُ أَنْ يُوَصِّيَ ٱلشُّيُوخُ بِٱلْإِخْوَةِ؟ (ب) كَيْفَ تَتَعَارَضُ ٱلْآرَاءُ وَٱلْعَادَاتُ ٱلْمَحَلِّيَّةُ أَحْيَانًا مَعَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ؟
١٦ وَلٰكِنْ فِي بَعْضِ ٱلْحَضَارَاتِ، يَسْتَهِينُ ٱلنَّاسُ بِٱلْأَصْغَرِ سِنًّا. نَتِيجَةً لِذٰلِكَ، لَا يُوَصِّي بَعْضُ ٱلشُّيُوخِ بِتَعْيِينِ شُبَّانٍ كَخُدَّامٍ مُسَاعِدِينَ وَشُيُوخٍ، رَغْمَ أَنَّهُمْ يَبْلُغُونَ ٱلْمُؤَهِّلَاتِ. إِلَّا أَنَّ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ لَا تُحَدِّدُ حَدًّا أَدْنَى لِعُمْرِ ٱلْخُدَّامِ ٱلْمُسَاعِدِينَ أَوِ ٱلشُّيُوخِ. (١ تي ٣:١-١٠، ١٢، ١٣؛ تي ١:٥-٩) وَبِٱلتَّالِي إِذَا وَضَعَ ٱلشُّيُوخُ قَاعِدَةً فِي هٰذَا ٱلْخُصُوصِ بِسَبَبِ حَضَارَتِهِمْ، فَهُمْ يَتَجَاهَلُونَ إِرْشَادَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَحْكُمُوا عَلَى ٱلشُّبَّانِ بِحَسَبِ مَقَايِيسِ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ، وَلَيْسَ بِحَسَبِ رَأْيِهِمْ أَوْ عَادَاتِهِمِ ٱلْمَحَلِّيَّةِ. — ٢ تي ٣:١٦، ١٧.
١٧ لِنَأْخُذْ مِثَالًا يُظْهِرُ كَيْفَ تُعِيقُ ٱلْعَادَاتُ ٱلْمَحَلِّيَّةُ أَحْيَانًا تَعْيِينَ إِخْوَةٍ مُؤَهَّلِينَ. فَفِي أَحَدِ ٱلْبُلْدَانِ، أَوْكَلَ ٱلشُّيُوخُ مَسْؤُولِيَّاتٍ مُهِمَّةً إِلَى خَادِمٍ مُسَاعِدٍ كُفُؤٍ. وَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ يَبْلُغُ مُؤَهِّلَاتِ ٱلشُّيُوخِ. لٰكِنَّهُمْ لَمْ يُوَصُّوا بِتَعْيِينِهِ. فَبَعْضُ ٱلشُّيُوخِ ٱلْأَكْبَرِ سِنًّا أَصَرُّوا أَنَّهُ يَبْدُو أَصْغَرَ مِنْ أَنْ يَكُونَ شَيْخًا. فَمَعَ ٱلْأَسَفِ، لَمْ يَتَعَيَّنِ ٱلْأَخُ بِسَبَبِ شَكْلِهِ. وَحَسْبَمَا تُظْهِرُ ٱلتَّقَارِيرُ، هٰذَا ٱلتَّفْكِيرُ مُنْتَشِرٌ فِي مَنَاطِقَ عَدِيدَةٍ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ. فَكَمْ مُهِمٌّ إِذًا أَنْ نَتَّبِعَ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ، بَدَلَ آرَائِنَا أَوْ عَادَاتِنَا ٱلْمَحَلِّيَّةِ! فَهٰكَذَا نُطِيعُ وَصِيَّةَ يَسُوعَ وَلَا نَحْكُمُ عَلَى أَسَاسِ ٱلْمَظَاهِرِ.
اُحْكُمْ حُكْمًا عَادِلًا
١٨، ١٩ كَيْفَ نَتَبَنَّى نَظْرَةَ يَهْوَهَ إِلَى ٱلْآخَرِينَ؟
١٨ رَغْمَ نَقْصِنَا، يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَبَنَّى نَظْرَةَ يَهْوَهَ وَلَا نَتَحَامَلَ عَلَى أَحَدٍ. (اع ١٠:٣٤، ٣٥) لٰكِنَّ هٰذَا يَتَطَلَّبُ أَنْ نَنْتَبِهَ دَائِمًا لِلْمُذَكِّرَاتِ فِي كَلِمَةِ ٱللّٰهِ وَنُطَبِّقَهَا. فَعِنْدَئِذٍ نُطِيعُ وَصِيَّةَ يَسُوعَ وَلَا نَحْكُمُ «بِحَسَبِ ٱلْمَظْهَرِ ٱلْخَارِجِيِّ». — يو ٧:٢٤.
١٩ وَعَمَّا قَرِيبٍ، سَيُحَاكِمُ مَلِكُنَا يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ كُلَّ ٱلْبَشَرِ. وَهُوَ لَنْ يَقْضِيَ بِحَسَبِ مَا يَنْظُرُهُ أَوْ يَسْمَعُهُ، بَلْ بِحَسَبِ مَقَايِيسِ يَهْوَهَ ٱلْبَارَّةِ. (اش ١١:٣، ٤) فَكَمْ نَنْتَظِرُ بِشَوْقٍ ذٰلِكَ ٱلْوَقْتَ!