الفصل الثاني عشر
تعزية لشعب اللّٰه
١ ايّ مستقبل قاتم ينتظر اورشليم وسكانها، ولكن ايّ امل يوجد؟
سبعون سنة — معدل عمر الانسان — هو طول الفترة التي ستبقى فيها امة يهوذا اسيرة في بابل. (مزمور ٩٠:١٠؛ ارميا ٢٥:١١؛ ٢٩:١٠) ومعظم الاسرائيليين المسبيين سيشيخون ويموتون هناك. فكروا في الاذلال الذي سيشعرون به الناجم عن سخرية اعدائهم واستهزائهم. فكروا ايضا في التعيير الذي سيتكوَّم على اسم الههم يهوه حين تخرب المدينة، التي جعل اسمه عليها، وقتا طويلا. (نحميا ١:٩؛ مزمور ١٣٢:١٣؛ ١٣٧:١-٣) والهيكل العزيز، الذي امتلأ بمجد اللّٰه حين دشنه سليمان، لن يعود له وجود. (٢ أخبار الايام ٧:١-٣) فيا لهذا المستقبل القاتم! لكنَّ يهوه، من خلال اشعيا، يتنبأ بردّ. (اشعياء ٤٣:١٤؛ ٤٤:٢٦-٢٨) وفي الاصحاح ٥١ من سفر اشعياء، نجد نبوات اخرى عن هذا الموضوع الذي يتناول التعزية والتشجيع.
٢ (أ) الى مَن يوجِّه يهوه، من خلال اشعيا، رسالته المعزِّية؟ (ب) كيف ‹يتبع› اليهود الامناء «البر»؟
٢ يقول يهوه للذين يُميلون قلوبهم اليه من سكان يهوذا: «اسمعوا لي ايها التابعون البر الطالبون الرب». (اشعياء ٥١:١ أ) تنطوي عبارة «التابعون البر» على فكرة العمل. فالذين ‹يتبعون البر› لا يكتفون بالقول انهم شعب اللّٰه، بل يسعون بغيرة ان يكونوا ابرارا ويعيشوا بانسجام مع مشيئة اللّٰه. (مزمور ٣٤:١٥، عج؛ امثال ٢١:٢١، عج) وسيتطلع هؤلاء الى يهوه بصفته المصدر الوحيد للبر، ‹وسيطلبون الرب›. (مزمور ١١:٧ عج؛ مزمور ١٤٥:١٧) لا يعني ذلك انهم في الاصل لا يعرفون اللّٰه او لا يعرفون كيف يقتربون اليه بالصلاة. بل يعني انهم يجاهدون ليتقرَّبوا اليه اكثر، عابدينه ومصلّين له وطالبين توجيهه في كل ما يفعلونه.
٣، ٤ (أ) مَن هو «الصخر» الذي قُطع منه اليهود، ومَن هي «نقرة الجب» التي منها حُفروا؟ (ب) لماذا سيتعزى اليهود حين يتذكرون جذورهم؟
٣ لكنَّ عدد الذين يتبعون البر فعلا في يهوذا قليل نسبيا، وربما يثبِّطهم ذلك ويجعلهم يخورون في نفوسهم. لذلك يعطيهم يهوه هذا التشجيع باستخدام تشبيه مقلع الحجارة: «انظروا الى الصخر الذي منه قُطعتم وإلى نقرة الجب التي منها حُفرتم. انظروا الى ابراهيم ابيكم وإلى سارة التي ولدتكم. لأني دعوته وهو واحد وباركته وأكثرته». (اشعياء ٥١:١ ب، ٢) «الصخر» الذي منه قُطع اليهود هو ابراهيم، شخصية تاريخية بارزة تفتخر بها امة اسرائيل كثيرا. (متى ٣:٩؛ يوحنا ٨:٣٣، ٣٩) فهو جدّهم الاعلى، الاصل البشري للامة. و «نقرة الجب» هي سارة، التي من رحمها خرج اسحاق، احد اسلاف اسرائيل.
٤ كان ابراهيم وسارة قد تجاوزا سنّ الانجاب دون ان يولد لهما ولد. لكنَّ يهوه وعد بمباركة ابراهيم و ‹إكثاره›. (تكوين ١٧:١-٦، ١٥-١٧) وبالردّ الالهي لقواهما التناسلية، انجب ابراهيم وسارة ولدًا في شيخوختهما، ومنه خرج شعب عهد اللّٰه. وهكذا جعل يهوه هذا الرجل ابا لأمة عظيمة لا تُعدّ ولا تُحصى كنجوم السموات. (تكوين ١٥:٥؛ اعمال ٧:٥) وإذا كان يهوه قادرا على اخذ ابراهيم من ارض بعيدة وجعله امة قوية، يمكنه بالتأكيد ان يحقق وعده بتحرير بقية امينة من العبودية في بابل وردّهم الى ارضهم وجعلهم امة عظيمة من جديد. لقد تمَّ وعد يهوه لإبراهيم، ووعْده لهؤلاء اليهود الاسرى سيتحقق ايضا.
٥ (أ) مَن يمثِّل ابراهيم وسارة؟ اوضحوا. (ب) في الاتمام الاخير، مَن يرجع اصلهم الى «الصخر»؟
٥ ان هذا القلع الرمزي للحجارة، كما هو مذكور في اشعياء ٥١:١، ٢، له على الارجح انطباق اضافي. فالتثنية ٣٢:١٨ تدعو يهوه «الصخر» الذي ولد اسرائيل والذي ‹ابدأه›. في العبارة الاخيرة، يُستعمل نفس الفعل العبراني الذي يظهر في اشعياء ٥١:٢ ويتعلق بولادة سارة لإسرائيل. وهكذا يكون ابراهيم رمزا نبويا الى يهوه، ابراهيم الاعظم. وتمثِّل سارة، زوجة ابراهيم، هيئة يهوه السماوية الكونية من المخلوقات الروحانية، المشبَّهة في الاسفار المقدسة بزوجة اللّٰه، او امرأته. (تكوين ٣:١٥؛ كشف ١٢:١، ٥) وفي الاتمام الاخير لهذه الكلمات من نبوة اشعيا، الامة التي تخرج من «الصخر» هي «اسرائيل اللّٰه»، جماعة المسيحيين الممسوحين بالروح التي وُلدت في يوم الخمسين سنة ٣٣ بم. وكما نوقش في فصول سابقة من هذا الكتاب، وقعت هذه الامة في الاسر البابلي سنة ١٩١٨، لكنها رُدَّت سنة ١٩١٩ الى حالة ازدهار روحي. — غلاطية ٣:٢٦-٢٩؛ ٤:٢٨؛ ٦:١٦.
٦ (أ) ماذا ينتظر ارض يهوذا، وأيّ ردّ سيلزم؟ (ب) بأيّ ردّ عصري تذكّرنا اشعياء ٥١:٣؟
٦ لا تشتمل تعزية يهوه لصهيون، او اورشليم، على مجرد وعد بجعل الامة كثيرة السكان. نقرأ: «الرب قد عزى صهيون. عزى كل خربها ويجعل بريتها كعدن وباديتها كجنة الرب. الفرح والابتهاج يوجدان فيها. الحمد وصوت الترنم». (اشعياء ٥١:٣) خلال فترة الخراب التي ستدوم ٧٠ سنة، ستتحول ارض يهوذا الى برية يكتسحها الشوك والعوسج والنباتات البرية الاخرى. (اشعياء ٦٤:١٠؛ ارميا ٤:٢٦؛ ٩:١٠-١٢) لذلك بالاضافة الى صيرورة يهوذا آهلة بالسكان من جديد، سيشتمل الردّ على إصلاح الارض، مما يعني انها ستتحول الى حديقة مثل جنة عدن، بحقول خصبة مروية وبساتين مثمرة. وسيبدو كما لو ان الارض تبتهج. فهي ستكون كالفردوس مقارنةً بحالتها المقفرة خلال السبي. أما البقية الممسوحة من اسرائيل اللّٰه، فقد دخلوا فردوسا كهذا بمعنى روحي سنة ١٩١٩. — اشعياء ١١:٦-٩؛ ٣٥:١-٧.
اسباب للوثوق بيهوه
٧، ٨ (أ) ماذا تعني دعوة اللّٰه الى الاصغاء اليه؟ (ب) لماذا من المهم ان تلتفت يهوذا الى يهوه؟
٧ يدعو يهوه الى الانصات اليه من جديد، قائلا: «انصتوا اليَّ يا شعبي ويا امّتي اصغي اليَّ. لأن شريعة من عندي تخرج وحقي [«حكمي»، يس] اثبِّته نورا للشعوب. قريب بري. قد برز خلاصي وذراعاي يقضيان للشعوب. اياي ترجو الجزائر وتنتظر ذراعي». — اشعياء ٥١:٤، ٥.
٨ ان دعوة يهوه الى الاصغاء تعني اكثر من مجرد سماع رسالته. انها تعني الانتباه بهدف العمل بحسب ما يُسمع. (مزمور ٤٩:١؛ ٧٨:١) فيجب ان تدرك الامة ان من يهوه التعليم والعدل والخلاص. وأنه وحده مصدر الإنارة الروحية. (٢ كورنثوس ٤:٦) وهو القاضي الاخير للجنس البشري. والشرائع والاحكام التي تصدر من يهوه هي نور للذين يستهدون منها. — مزمور ٤٣:٣؛ ١١٩:١٠٥؛ امثال ٦:٢٣.
٩ مَن غير شعب عهد اللّٰه سيستفيدون من اعمال يهوه الانقاذية؟
٩ لا يصحّ كل ذلك فقط في شعب عهد اللّٰه بل ايضا في ذوي الميل الصائب في كل مكان، حتى في ابعد جزر البحار. فلن تخيب ثقتهم باللّٰه وبقدرته على مساندة خدامه الامناء وإنقاذهم. وجبروته، او قدرته الممثَّلة بذراعه، ثابت لا يتزعزع؛ ولا يمكن لأحد ان يصدَّه. (اشعياء ٤٠:١٠؛ لوقا ١:٥١، ٥٢) واليوم ايضا، نتيجة العمل الكرازي الغيور الذي يقوم به الاعضاء الباقون من اسرائيل اللّٰه، صار الملايين، كثيرون منهم من جزر البحار البعيدة، يلتفتون الى يهوه ويؤمنون به.
١٠ (أ) اية حقيقة سيُجبَر الملك نبوخذنصر على تعلمها؟ (ب) اية «سموات» و «ارض» ستأتي نهايتها؟
١٠ بعد ذلك يشير يهوه الى حقيقة سيتعلمها نبوخذنصر ملك بابل. فلا شيء في السماء او على الارض يمنع يهوه من تنفيذ مشيئته. (دانيال ٤:٣٤، ٣٥) نقرأ: «ارفعوا الى السموات عيونكم وانظروا الى الارض من تحت. فإن السموات كالدخان تضمحل والارض كالثوب تبلى وسكانها كالبعوض يموتون. اما خلاصي فإلى الابد يكون وبري لا يُنقض». (اشعياء ٥١:٦) مع ان السماح للاسرى بالعودة الى اوطانهم يخالف سياسة الحكام البابليين، لن يمنع ذلك يهوه من تخليص شعبه. (اشعياء ١٤:١٦، ١٧) فإن «السموات» البابلية، او القوى الحاكمة، ستنكسر مهزومة. و «الارض» البابلية، رعايا هذه القوى الحاكمة، ستنتهي تدريجيا. نعم، حتى اعظم قوة في ذلك الوقت لن تستطيع ان تقف في وجه جبروت يهوه او تمنعه من ان يقوم بالانقاذ.
١١ لماذا يتشجع المسيحيون اليوم حين يرون ان النبوة عن نهاية «السموات» و «الارض» البابلية تمَّت اتماما كاملا؟
١١ كم يتشجع المسيحيون اليوم حين يعرفون ان هذه الكلمات النبوية تمَّت بشكل كامل! ولماذا؟ لأن الرسول بطرس استخدم تعابير مماثلة في معرض حديثه عن حدث مستقبلي. فقد تكلم عن يوم يهوه المقترب بسرعة، «الذي به تنحل السموات محترقة وتذوب العناصر حامية!». وبعد ذلك قال: «ننتظر بحسب وعده سموات جديدة وأرضا جديدة، فيها يسكن البر». (٢ بطرس ٣:١٢، ١٣؛ اشعياء ٣٤:٤؛ كشف ٦:١٢-١٤) ومع ان الامم الجبارة وحكامها المستعلين كالنجوم قد يتحدّون يهوه، فسيبادون في وقته المعيَّن ويُسحقون بسهولة كما تُسحق البعوضة. (مزمور ٢:١-٩) وحكومة اللّٰه البارة وحدها ستحكم الى الابد على مجتمع بشري بار. — دانيال ٢:٤٤؛ كشف ٢١:١-٤.
١٢ لماذا ينبغي ألا يخاف خدام اللّٰه عندما يهينهم مقاومون بشر؟
١٢ يقول يهوه الآن، مخاطبا ‹التابعين البر›: «اسمعوا لي يا عارفي البر الشعب الذي شريعتي في قلبه. لا تخافوا من تعيير الناس [«المائتين»، عج] ومن شتائمهم لا ترتاعوا. لأنه كالثوب يأكلهم العث وكالصوف يأكلهم السوس اما بري فإلى الابد يكون وخلاصي الى دور الادوار». (اشعياء ٥١:٧، ٨) سيُهان ويعيَّر الواثقون بيهوه بسبب موقفهم الشجاع، ولكن يجب ألا يخافوا. فالمعيِّرون ليسوا سوى اناس مائتين، ‹فسيؤكلون› كما يأكل العث الثوب المصنوع من الصوف.a وكاليهود الامناء قديما، لا سبب ليخاف المسيحيون اليوم من مقاوميهم. فيهوه، الاله السرمدي، هو خلاصهم. (مزمور ٣٧:١، ٢) والتعيير من اعداء اللّٰه هو دليل على ان روح يهوه حالٌّ على شعبه. — متى ٥:١١، ١٢؛ ١٠:٢٤-٣١.
١٣، ١٤ ماذا يمثّل التعبيران «رهب» و «التنين»، وكيف ‹تقطع› و ‹تُطعن›؟
١٣ يقول اشعيا، كما لو انه يدعو يهوه في ذلك الى التدخل من اجل شعبه المأسور: «استيقظي استيقظي البسي قوة يا ذراع الرب. استيقظي كما في ايام القدم كما في الادوار القديمة. ألستِ انت القاطعة رهب الطاعنة التنين. ألستِ انت هي المنشِّفة البحر مياه الغمر العظيم الجاعلة اعماق البحر طريقا لعبور المفديين». — اشعياء ٥١:٩، ١٠.
١٤ يحسن اشعيا اختيار الامثلة التاريخية التي يتحدث عنها. فكل اسرائيلي يعرف عن إنقاذ الامة من مصر وعبور البحر الاحمر. (خروج ١٢:٢٤-٢٧؛ ١٤:٢٦-٣١) يشير التعبيران «رهب» و «التنين» الى مصر تحت حكم فرعونها، الذي عارض خروج اسرائيل من مصر. (مزمور ٧٤:١٣؛ ٨٧:٤؛ اشعياء ٣٠:٧) فقد كانت مصر القديمة تشبه حية هائلة رأسها عند دلتا النيل وجسمها الطويل ممتد مئات الكيلومترات على طول وادي النيل الخصيب. (حزقيال ٢٩:٣) لكنَّ هذا التنين قُطع عندما سكب يهوه الضربات العشر عليه. وطُعن وجُرح جروحا بالغة وتلاشت قواه حين هلك جيشه في مياه البحر الاحمر. نعم، اظهر يهوه قوة ذراعه في تعاملاته مع مصر. فهل يتردد في المحاربة عن شعبه المسبي في بابل؟!
١٥ (أ) متى وكيف سيهرب حزن صهيون وتنهدها؟ (ب) متى هرب الحزن والتنهد بالنسبة الى اسرائيل اللّٰه في الازمنة العصرية؟
١٥ تقول النبوة الآن، متناولةً انقاذ اسرائيل من بابل: «مفديو الرب يرجعون ويأتون الى صهيون بالترنم وعلى رؤوسهم فرح ابدي. ابتهاج وفرح يدركانهم. يهرب الحزن والتنهد». (اشعياء ٥١:١١) عند طالبي بر يهوه في بابل آمال مجيدة، مهما كانت حالتهم محزنة هناك. فسيأتي وقت يزول فيه الحزن والتنهد. وسيُسمع الترنم والابتهاج والفرح من افواه المفديين. وفي الاتمام العصري لهذه الكلمات النبوية، أُطلق اسرائيل اللّٰه من الاسر البابلي سنة ١٩١٩. وعادوا الى حالتهم الروحية المزدهرة بفرح عظيم، فرح لا يزالون يتمتعون به حتى يومنا هذا.
١٦ ايّ ثمن يُدفع لفداء اليهود؟
١٦ وماذا سيكون ثمن فداء اليهود؟ لقد سبق ان كشفت نبوة اشعيا ان يهوه يجعل «مصر فديتك كوش وسبا عوضك». (اشعياء ٤٣:١-٤) وهذا ما سيحدث لاحقا. فبعد غزو بابل وإطلاق اليهود الاسرى، ستجتاح الامبراطورية الفارسية مصر وكوش وسبا. وسيُعطى هؤلاء مكان انفس الاسرائيليين. وينسجم ذلك مع المبدإ المذكور في الامثال ٢١:١٨: «الشرير فدية الصدِّيق ومكان المستقيمين الغادر».
المزيد من الطمأنة
١٧ لماذا لا يلزم ان يخاف اليهود من غضب بابل؟
١٧ يطمئن يهوه شعبه ايضا: «انا انا هو معزيكم. مَن انتِ حتى تخافي من انسان يموت ومن ابن الانسان الذي يُجعل كالعشب. وتنسى الرب صانعكَ باسط السموات ومؤسس الارض وتفزع دائما كل يوم من غضب المضايق عندما هيأ للاهلاك. وأين غضب المضايق». (اشعياء ٥١:١٢، ١٣) صحيح ان سنين من السبي تنتظرهم. ولكن لا سبب للخوف من غضب بابل. ومع ان هذه الامة، الدولة العالمية الثالثة في سجل الكتاب المقدس، ستغزو شعب اللّٰه وتحاول ‹مضايقتهم›، او اعتراض سبيل هروبهم، يعلم اليهود الامناء ان يهوه انبأ بسقوط بابل بيد كورش. (اشعياء ٤٤:٨، ٢٤-٢٨) وبالتباين مع الخالق — الاله السرمدي يهوه — سيفنى سكان بابل كالعشب الذي تُذويه اشعة الشمس الحارة في فصل الجفاف. وعندئذ ماذا يحل بتهديداتهم وغضبهم؟! فمن غير الحكمة الاستسلام لخوف الانسان ونسيان يهوه، صانع السماء والارض!
١٨ مع ان شعب يهوه سيبقون اسرى مدة من الزمن، بماذا يطمئنهم؟
١٨ مع ان شعب يهوه سيبقون اسرى مدة من الزمن، ‹منحنين› في الاغلال اذا جاز التعبير، فسيكون اطلاقهم مفاجئا. ولن يفنوا في بابل او يموتوا جوعا كأسرى — صائرين بلا حياة في شيول، الجب. (مزمور ٣٠:٣؛ ٨٨:٣-٥) يطمئنهم يهوه قائلا: «سريعا يُطلق المنحني ولا يموت في الجب ولا يُعدَم خبزه». — اشعياء ٥١:١٤.
١٩ لماذا يمكن ان يكون لليهود الامناء ملء الثقة بكلمات يهوه؟
١٩ يتابع يهوه تعزيته لصهيون قائلا: «انا الرب الهكَ مزعج البحر فتعج لججه. رب الجنود اسمه. وقد جعلت اقوالي في فمكَ وبظل يدي سترتُك لغرس السموات وتأسيس الارض ولتقول لصهيون انتِ شعبي». (اشعياء ٥١:١٥، ١٦) يتحدث الكتاب المقدس مرارا عن قدرة اللّٰه ان يبسط قوته على البحر ويسيطر عليه. (ايوب ٢٦:١٢؛ مزمور ٨٩:٩؛ ارميا ٣١:٣٥) وهو يسيطر كليا على قوى الطبيعة، وقد تجلى ذلك حين انقذ شعبه من مصر. فمَن مثل «رب الجنود»، حتى في الامور الاصغر بكثير؟! — مزمور ٢٤:١٠.
٢٠ اية «سموات» و «ارض» ستأتي الى الوجود حين يردّ يهوه صهيون، وأية كلمتين معزيتين سيقولهما؟
٢٠ يظل اليهود شعب عهد اللّٰه، ويؤكد لهم يهوه انهم سيعودون الى ارضهم ليعيشوا مرة اخرى حسب شريعته. وهناك سيعيدون بناء اورشليم والهيكل ويستأنفون انجاز مسؤولياتهم بموجب العهد الذي قطعه معهم بواسطة موسى. وعندما يبدأ الاسرائيليون العائدون وبهائمهم بالسكن في الارض، تأتي ‹ارض جديدة› الى الوجود. وستُقام عليها «سموات جديدة»، نظام حكومي جديد. (اشعياء ٦٥:١٧-١٩؛ حجي ١:١، ١٤) وسيقول يهوه لصهيون من جديد: «انتِ شعبي».
دعوة الى العمل
٢١ اية دعوة الى العمل يوجِّهها يهوه؟
٢١ بعدما طمأن يهوه صهيون، يوجِّه هذه الدعوة الى العمل. فيقول كما لو انها بلغت نهاية عذاباتها: «انهضي انهضي قومي يا اورشليم التي شربتِ من يد الرب كأس غضبه ثفل كأس الترنح شربتِ مصصتِ [«افرغتِ»، عج]». (اشعياء ٥١:١٧) نعم، يجب ان تنهض اورشليم من حالتها الصعبة وتستعيد مكانتها وبهاءها السابقين. وسيأتي الوقت الذي فيه تكون قد افرغت الكأس المجازية للعقاب الالهي. فلن يبقى شيء من غضب اللّٰه عليها.
٢٢، ٢٣ ماذا سيحل بأورشليم حين تشرب كأس غضب يهوه؟
٢٢ ولكن، فيما اورشليم تعاقَب، لن يتمكن احد من سكانها، او ‹بنيها›، من منع ما يحصل. (اشعياء ٤٣:٥-٧؛ ارميا ٣:١٤) تقول النبوة: «ليس لها مَن يقودها [«يرشدها»، يج] من جميع البنين الذين ولدتهم وليس مَن يمسك بيدها من جميع البنين الذين ربَّتهم». (اشعياء ٥١:١٨) وكم ستكون معاناتها كبيرة على يد البابليين! «اثنان هما ملاقياكِ. مَن يرثي لك. الخراب والانسحاق والجوع والسيف. بمَن اعزيك. بنوك قد اعيوا اضطجعوا في رأس كل زقاق كالوعل في شبكة. الملآنون من غضب الرب من زجرة الهك». — اشعياء ٥١:١٩، ٢٠.
٢٣ مسكينة اورشليم! فستعاني «الخراب والانسحاق» وكذلك «الجوع والسيف». أما ‹بنوها›، غير القادرين ان يرشدوها ويسندوها، فيتنحَّون جانبا بسبب عجزهم وهزالهم، اذ لا قوة لهم على طرد الغزاة البابليين. وسيُرى هؤلاء بوضوح، في رأس الازقّة او زواياها، وقد اضطجعوا على الارض مغشيًّا عليهم من الضعف والاعياء. (مراثي ارميا ٢:١٩؛ ٤:١، ٢) وسيشربون كأس غضب اللّٰه ولن يتمكنوا من فعل شيء، كالحيوانات العالقة في شبكة.
٢٤، ٢٥ (أ) ماذا لن يتكرر على اورشليم؟ (ب) مَن سيشربون من كأس غضب يهوه بعد اورشليم؟
٢٤ لكنَّ هذا الوضع المأساوي لن يستمر الى الابد. يقول اشعيا معزِّيا: «لذلك اسمعي هذا ايتها البائسة والسكرى وليس بالخمر. هكذا قال سيدك الرب وإلهك الذي يحاكم لشعبه. هأنذا قد اخذت من يدك كأس الترنح ثفل كأس غضبي. لا تعودين تشربينها في ما بعد. وأضعها في يد معذبيك الذين قالوا لنفسك انحني لنعبر فوضعت كالارض ظهرك وكالزقاق للعابرين». (اشعياء ٥١:٢١-٢٣) فبعد تأديب اورشليم، لا يتردد يهوه في الاعراب عن الشفقة وعن روح غفورة نحوها.
٢٥ والآن سيحوِّل يهوه غضبه عن اورشليم ويوجِّهه الى بابل. صحيح ان بابل ستكون قد دمرت اورشليم وأذلتها. (مزمور ١٣٧:٧-٩) لكنَّ اورشليم لن تضطر في ما بعد الى الشرب من كأس كهذه على يد بابل او حلفائها. فستؤخذ الكأس من يد اورشليم وتعطى للذين فرحوا بخزيها. (مراثي ارميا ٤:٢١، ٢٢) وستسقط بابل من فرط سكرها. (ارميا ٥١:٦-٨) وفي اثناء ذلك سترتفع صهيون! فيا له من تحوُّل جذري! نعم، يمكن ان تتعزى صهيون بهذا الامل! ويمكن ان يتعزى خدام يهوه بأن اسمه سيتقدس من خلال اعماله الانقاذية.
[الحاشية]
a يَظهر ان العث المشار اليه هنا هو ما يسمى «قوبعة الصوف»، وخصوصا في طور اليرقة حين تقوم بإتلاف الثياب.
[الصورة في الصفحة ١٦٧]
يهوه، ابراهيم الاعظم، هو «الصخر» الذي قُطع منه شعبه
[الصورة في الصفحة ١٧٠]
سيتلاشى مقاومو شعب اللّٰه كثوب اكله العث
[الصورة في الصفحتين ١٧٦ و ١٧٧]
اظهر يهوه انه قادر على السيطرة على العوامل الطبيعية
[الصورة في الصفحة ١٧٨]
الكأس التي تشرب منها اورشليم ستعطى لبابل وحلفائها