الفصل ٢٢
اَلْمَلَكُوتُ يُتَمِّمُ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ
١، ٢ (أ) لِمَ يَصْعُبُ عَلَيْنَا أَحْيَانًا أَنْ نَعْتَبِرَ ٱلْفِرْدَوْسَ حَقِيقِيًّا؟ (ب) كَيْفَ نُقَوِّي إِيمَانَنَا بِوُعُودِ ٱللّٰهِ؟
يَصِلُ أَحَدُ ٱلْإِخْوَةِ إِلَى ٱلِٱجْتِمَاعِ مُرْهَقًا بَعْدَ يَوْمٍ عَصِيبٍ. اَلْهُمُومُ تُحَاوِطُهُ: رَبُّ عَمَلِهِ ٱلْمُتَشَدِّدُ يَقْسُو عَلَيْهِ، مُتَطَلَّبَاتُ ٱلْحَيَاةِ تُثْقِلُ كَاهِلَهُ، وَمَرَضُ زَوْجَتِهِ يُقِضُّ مَضْجَعَهُ. وَلٰكِنْ مَا إِنْ تُعْزَفُ مُوسِيقَى ٱلتَّرْنِيمَةِ ٱلِٱفْتِتَاحِيَّةِ حَتَّى يَتَنَفَّسَ ٱلصُّعَدَاءَ وَيُدَاخِلَهُ شُعُورٌ بِٱلْفَرَحِ لِوُجُودِهِ فِي قَاعَةِ ٱلْمَلَكُوتِ بِرِفْقَةِ إِخْوَتِهِ. اَلتَّرْنِيمَةُ تُصَوِّرُ ٱلْحَيَاةَ فِي ٱلْفِرْدَوْسِ وَتَسْأَلُهُ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي هٰذَا ٱلرَّجَاءِ وَيَتَخَيَّلَ حَيَاتَهُ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ. وَفِيمَا يُنْشِدُ مَعَ عَائِلَتِهِ هٰذِهِ ٱلتَّرْنِيمَةَ ٱلْغَالِيَةَ عَلَيْهِ، يَتَّقِدُ ٱلْأَمَلُ فِي قَلْبِهِ ٱلْمُضْطَرِبِ.
٢ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ، لَيْسَتْ تَجْرِبَةُ هٰذَا ٱلْأَخِ بَعِيدَةً عَنْكَ. مَعَ ذٰلِكَ، قَدْ تُصَعِّبُ عَلَيْنَا ٱلْحَيَاةُ فِي هٰذَا ٱلنِّظَامِ ٱلْقَدِيمِ أَنْ نَعْتَبِرَ ٱلْفِرْدَوْسَ ٱلْقَادِمَ حَقِيقِيًّا. فَنَحْنُ نَعِيشُ «أَزْمِنَةً حَرِجَةً»، وَعَالَمُنَا أَبْعَدُ مَا يَكُونُ عَنِ ٱلْفِرْدَوْسِ. (٢ تي ٣:١) فَكَيْفَ لَنَا أَنْ نُثَبِّتَ رَجَاءَنَا؟ بِكَلِمَةٍ أُخْرَى، مَا ٱلضَّمَانَةُ أَنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ سَيَحْكُمُ ٱلْبَشَرَ جَمِيعًا عَمَّا قَرِيبٍ؟ لِنَتَأَمَّلْ فِي بَعْضِ ٱلنُّبُوَّاتِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ ٱلَّتِي شَهِدَ شَعْبُ ٱللّٰهِ إِتْمَامَهَا فِي ٱلْمَاضِي ٱلْبَعِيدِ. وَمِنْ ثُمَّ لِنَسْتَعْرِضْ إِتْمَامَ هٰذِهِ ٱلْنُّبُوَّاتِ وَغَيْرِهَا فِي أَيَّامِنَا. فَهٰذِهِ ٱلْمَعْلُومَاتُ سَتُقَوِّي إِيمَانَنَا وَتُشَدِّدُهُ. وَفِي ٱلْخِتَامِ، لِنُرَكِّزْ كَيْفَ سَتَتِمُّ هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّاتُ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.
يَهْوَهُ تَمَّمَ وُعُودَهُ فِي ٱلْمَاضِي ٱلْبَعِيدِ
٣ أَيُّ وَعْدٍ عَزَّى ٱلْيَهُودَ ٱلْمَسْبِيِّينَ فِي بَابِلَ؟
٣ لِنَرْجِعْ بِٱلذَّاكِرَةِ إِلَى ٱلْقَرْنِ ٱلسَّادِسِ قَبْلَ ٱلْمِيلَادِ وَلْنَتَخَيَّلْ حَيَاةَ ٱلْيَهُودِ ٱلْمَسْبِيِّينَ فِي بَابِلَ. كَثِيرُونَ مِنْهُمْ نَشَأُوا فِي ٱلْمَنْفَى، مَثَلُهُمْ مَثَلُ وَالِدِيهِمْ، وَكَانُوا يَعِيشُونَ حَيَاةً صَعْبَةً. زِدْ عَلَى ذٰلِكَ أَنَّ ٱلْبَابِلِيِّينَ هَزَأُوا مِنْ إِيمَانِهِمْ بِيَهْوَهَ. (مز ١٣٧:١-٣) وَلٰكِنْ عَبْرَ ٱلْعُقُودِ، تَمَسَّكَ ٱلْيَهُودُ ٱلْأَوْلِيَاءُ بِرَجَاءٍ سَاطِعٍ وَحِيدٍ: وَعْدِ يَهْوَهَ بِإِعَادَةِ شَعْبِهِ إِلَى مَوْطِنِهِمْ. وَيَهْوَهُ لَمْ يَكْتَفِ بِقَطْعِ هٰذَا ٱلْوَعْدِ، بَلْ أَنْبَأَ أَيْضًا بِأَحْوَالٍ رَائِعَةٍ تَنْتَظِرُهُمْ. حَتَّى إِنَّهُ شَبَّهَ أَرْضَ يَهُوذَا بَعْدَ ٱلرَّدِّ بِجَنَّةِ عَدْنٍ نَفْسِهَا! (اقرأ اشعيا ٥١:٣.) وَوُعُودٌ كَهٰذِهِ قَطَعَهَا ٱللّٰهُ خُصُوصًا لِيُطَمْئِنَ شَعْبَهُ وَيُسَكِّنَ مَخَاوِفَهُمْ. إِلَيْكَ فِي مَا يَلِي عَيِّنَةً مِنْهَا.
٤ كَيْفَ طَمْأَنَ يَهْوَهُ ٱلْيَهُودَ بِشَأْنِ ٱلْأَمَانِ فِي مَوْطِنِهِمْ؟
٤ اَلْأَمَانُ. مَا كَانَ هٰؤُلَاءِ ٱلْمَسْبِيُّونَ لِيَعُودُوا إِلَى فِرْدَوْسٍ حَرْفِيٍّ، بَلْ إِلَى أَرْضٍ بَعِيدَةٍ ظَلَّتْ خَرَابًا مُوحِشًا ٧٠ عَامًا، أَرْضٍ لَمْ تَرَهَا أَسَاسًا سِوَى قِلَّةٍ قَلِيلَةٍ مِنْهُمْ. وَلَيْسَ هٰذَا فَحَسْبُ، بَلِ ٱنْتَشَرَتْ فِيهَا أَيْضًا ٱلْوُحُوشُ ٱلضَّارِيَةُ كَٱلْأُسُودِ وَٱلذِّئَابِ وَٱلنُّمُورِ. فَلَا غَرَابَةَ إِذًا أَنْ يَتَسَاءَلَ رَبُّ ٱلْعَائِلَةِ: ‹كَيْفَ لِي أَنْ أُجَنِّبَ زَوْجَتِي وَعَائِلَتِي ٱلْمَخَاطِرَ؟ وَكَيْفَ أَحْمِي ٱلْغَنَمَ وَٱلْمَاعِزَ وَسَائِرَ ٱلْمَوَاشِي؟›. مِنْ هٰذَا ٱلْمُنْطَلَقِ، لَا بُدَّ أَنَّ وَعْدَ ٱللّٰهِ ٱلْمُسَجَّلَ فِي إِشَعْيَا ١١:٦-٩ ضَرَبَ عَلَى ٱلْوَتَرِ ٱلْحَسَّاسِ وَأَثْلَجَ صُدُورَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ. (اقرأها.) فَبِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلشِّعْرِيَّةِ ٱلرَّقِيقَةِ، طَمْأَنَ يَهْوَهُ ٱلْمَسْبِيِّينَ وَهَدَّأَ مَخَاوِفَهُمْ عَلَى حَيَاتِهِمْ وَحَيَاةِ مَوَاشِيهِمْ. فَٱلْأَسَدُ مَثَلًا سَيَأْكُلُ ٱلتِّبْنَ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَنْ يَلْتَهِمَ مَوَاشِيَ ٱلْيَهُودِ، فَلَا دَاعِيَ أَنْ يَخَافَ ٱلْأُمَنَاءُ مِنْهُ وَمِنْ بَاقِي ٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلْمُفْتَرِسَةِ. وَٱلْأَمَانُ سَيَعُمُّ أَرْضَ يَهُوذَا بِرُمَّتِهَا، حَسْبَمَا وَعَدَ يَهْوَهُ، حَتَّى إِنَّهُ سَيَمْتَدُّ إِلَى ٱلْبَرِّيَّةِ وَٱلْغَابَاتِ أَيْضًا. — حز ٣٤:٢٥.
٥ أَيَّةُ وُعُودٍ إِلٰهِيَّةٍ سَاعَدَتِ ٱلْمَسْبِيِّينَ ٱلْعَائِدِينَ أَنْ يَثِقُوا بِأَنَّ يَهْوَهَ سَيُؤَمِّنُ حَاجَاتِهِمْ؟
٥ اَلْوَفْرَةُ. لَعَلَّ تَسَاؤُلَاتٍ أُخْرَى خَطَرَتْ عَلَى بَالِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ: ‹كَيْفَ نُعِيلُ عَائِلَاتِنَا؟ أَيْنَ نَعِيشُ؟ أَيَّ مِهَنٍ نُزَاوِلُ؟ وَهَلْ نَعِيشُ حَيَاةً أَفْضَلَ مِنْ حَيَاتِنَا ٱلرَّتِيبَةِ ٱلشَّاقَّةِ فِي ٱلسَّبْيِ تَحْتَ سَطْوَةِ قَاهِرِينَا؟›. وَهُنَا أَيْضًا أَظْهَرَ يَهْوَهُ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمُرَاعَاةِ إِذْ تَطَرَّقَ إِلَى تَسَاؤُلَاتِهِمْ هٰذِهِ. فَقَدْ وَعَدَهُمْ أَنْ يَهْطِلَ ٱلْمَطَرُ فِي حِينِهِ، فَتُنْتِجُ ٱلْأَرْضُ خُبْزًا «سَمِينًا وَدَسِمًا». (اش ٣٠:٢٣) كَمَا أَنْبَأَ أَنَّهُمْ سَيَجِدُونَ مَأْوًى مُلَائِمًا وَيُزَاوِلُونَ عَمَلًا نَافِعًا حِينَمَا قَالَ: «يَبْنُونَ بُيُوتًا وَيَسْكُنُونَ فِيهَا، وَيَغْرِسُونَ كُرُومًا وَيَأْكُلُونَ ثَمَرَهَا. لَا يَبْنُونَ وَآخَرُ يَسْكُنُ، وَلَا يَغْرِسُونَ وَآخَرُ يَأْكُلُ». (اش ٦٥:٢١، ٢٢) وَهٰكَذَا تَكُونُ حَيَاتُهُمْ أَرْوَعَ بِكَثِيرٍ مُقَارَنَةً مَعَ حَيَاتِهِمْ فِي بَابِلَ ٱلْوَثَنِيَّةِ. وَلٰكِنْ مَا ٱلْقَوْلُ فِي أَخْطَرِ مَشَاكِلِهِمْ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ، تِلْكَ ٱلَّتِي أَدَّتْ فِي ٱلْأَسَاسِ إِلَى سَبْيِهِمْ؟
٦ أَيُّ مَرَضٍ أَصَابَ شَعْبَ ٱللّٰهِ لِفَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ فِي ٱلْمَاضِي، وَمَاذَا أَكَّدَ يَهْوَهُ لِلْيَهُودِ ٱلْعَائِدِينَ؟
٦ اَلصِّحَّةُ ٱلرُّوحِيَّةُ. قَبْلَ ٱلسَّبْيِ بِوَقْتٍ طَوِيلٍ، تَرَدَّتْ صِحَّةُ شَعْبِ ٱللّٰهِ ٱلرُّوحِيَّةُ. وَصَفَهُمْ يَهْوَهُ بِلِسَانِ ٱلنَّبِيِّ إِشَعْيَا قَائِلًا: «اَلرَّأْسُ كُلُّهُ مَرِيضٌ، وَٱلْقَلْبُ كُلُّهُ ضَعِيفٌ». (اش ١:٥) فَقَدْ كَانُوا عُمْيَانًا وَصُمًّا رُوحِيًّا حِينَ ثَقَّلُوا آذَانَهُمْ وَأَغْمَضُوا عُيُونَهُمْ لِئَلَّا يَسْمَعُوا مَشُورَةَ يَهْوَهَ وَيُبْصِرُوا ٱلنُّورَ ٱلرُّوحِيَّ. (اش ٦:١٠؛ ار ٥:٢١؛ حز ١٢:٢) فَلَوْ حَلَّتْ بِهِمِ ٱلْمَشَاكِلُ نَفْسُهَا بَعْدَ ٱلْعَوْدَةِ، فَأَيُّ أَمْنٍ كَانُوا سَيَنْعَمُونَ بِهِ؟! أَوَلَنْ يَخْسَرُوا رِضَى يَهْوَهَ مُجَدَّدًا؟! كَمْ مُطَمْئِنٌ إِذًا وَعْدُ يَهْوَهَ ٱلْقَائِلُ: «فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ أَقْوَالَ ٱلسِّفْرِ، وَتُبْصِرُ عُيُونُ ٱلْعُمْيِ مِنَ ٱلدُّجَى وَٱلظَّلَامِ»! (اش ٢٩:١٨) فَٱللّٰهُ كَانَ سَيَشْفِي شَعْبَهُ رُوحِيًّا بَعْدَمَا نَدِمُوا وَتَابُوا، وَلَنْ يَبْخَلَ عَلَيْهِمْ بِٱلْإِرْشَادِ وَٱلتَّوْجِيهِ ٱللَّذَيْنِ يَحْفَظَانِ حَيَاتَهُمْ مَا دَامُوا مُتَجَاوِبِينَ وَطَائِعِينَ.
٧ كَيْفَ وَفَى ٱللّٰهُ بِوُعُودِهِ لِشَعْبِهِ ٱلْمَسْبِيِّ، وَلِمَ يُقَوِّي ذٰلِكَ إِيمَانَنَا؟
٧ وَٱلسُّؤَالُ ٱلْبَدِيهِيُّ هُوَ: هَلْ وَفَى يَهْوَهُ بِوُعُودِهِ؟ يُقَدِّمُ لَنَا ٱلتَّارِيخُ ٱلْجَوَابَ ٱلشَّافِيَ. فَٱلْيَهُودُ ٱلَّذِينَ عَادُوا إِلَى مَوْطِنِهِمْ نَعِمُوا بِٱلْأَمَانِ وَٱلْوَفْرَةِ وَٱلصِّحَّةِ ٱلرُّوحِيَّةِ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، حَمَاهُمْ يَهْوَهُ مِنَ ٱلْأُمَمِ ٱلْمُجَاوِرَةِ ٱلَّتِي تَفُوقُهُمْ قُوَّةً وَعَدَدًا، وَلَمْ تَفْتِكِ ٱلْوُحُوشُ ٱلضَّارِيَةُ بِمَوَاشِيهِمْ. صَحِيحٌ أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا إِلَّا صُورَةً مُصَغَّرَةً عَنِ «ٱلْفِرْدَوْسِ» ٱلَّذِي وَعَدَ بِهِ إِشَعْيَا وَإِرْمِيَا وَحَزْقِيَالُ وَغَيْرُهُمْ، لٰكِنَّ ٱلنُّبُوَّاتِ ٱلَّتِي تَمَّتْ شَجَّعَتْهُمْ وَلَبَّتْ حَاجَتَهُمْ فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ. وَلِمَ تَعْنِينَا هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّاتُ؟ فَكِّرْ قَلِيلًا، إِذَا كَانَ ٱلْإِتْمَامُ ٱلْأَوَّلِيُّ بِهٰذِهِ ٱلرَّوْعَةِ، فَكَمْ بِٱلْأَحْرَى ٱلْإِتْمَامُ ٱلْأَعْظَمُ؟! لِنَرَ سَوِيًّا مَاذَا يَفْعَلُ يَهْوَهُ مِنْ أَجْلِنَا ٱلْيَوْمَ.
يَهْوَهُ يُتَمِّمُ وُعُودَهُ بَدْءًا مِنْ أَيَّامِنَا
٨ أَيُّ «أَرْضٍ» أَنْعَمَ بِهَا ٱللّٰهُ عَلَى شَعْبِهِ عَصْرِيًّا؟
٨ لَا يُؤَلِّفُ شَعْبُ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ أُمَّةً حَرْفِيَّةً وَلَا يَسْكُنُونَ فِعْلِيًّا فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ. بَدَلًا مِنْ ذٰلِكَ، يُشَكِّلُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْمَمْسُوحُونَ أُمَّةً رُوحِيَّةً هِيَ «إِسْرَائِيلُ ٱللّٰهِ». (غل ٦:١٦) وَيَنْضَمُّ إِلَيْهِمِ ‹ٱلْخِرَافُ ٱلْأُخَرُ› فِي «أَرْضٍ» رُوحِيَّةٍ، أَيْ نِطَاقٍ يَعْبُدُونَ فِيهِ يَهْوَهَ ٱللّٰهَ بِٱتِّحَادٍ. وَعِبَادَتُهُمْ هٰذِهِ تَتَمَثَّلُ فِي نَمَطِ حَيَاتِهِمْ. (يو ١٠:١٦؛ اش ٦٦:٨) وَكَيْفَ هِيَ ٱلْأَحْوَالُ فِي ‹ٱلْأَرْضِ› ٱلَّتِي أَنْعَمَ بِهَا يَهْوَهُ عَلَيْنَا؟ إِنَّهَا فِرْدَوْسٌ رُوحِيٌّ. فَوُعُودُ يَهْوَهَ بِإِرْسَاءِ أَحْوَالٍ شَبِيهَةٍ بِجَنَّةِ عَدْنٍ تَتِمُّ فِيهَا إِتْمَامًا رُوحِيًّا. وَفِي مَا يَلِي بَعْضُ ٱلْأَمْثِلَةِ.
٩، ١٠ (أ) كَيْفَ تَتِمُّ ٱلنُّبُوَّةُ فِي إِشَعْيَا ١١:٦-٩ فِي زَمَنِنَا؟ (ب) أَيُّ سَلَامٍ يَنْعَمُ بِهِ شَعْبُ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ؟
٩ اَلْأَمَانُ. تَرْسُمُ ٱلنُّبُوَّةُ فِي إِشَعْيَا ١١:٦-٩ صُورَةً مُبْهِجَةً مِلْؤُهَا ٱلسَّلَامُ وَٱلِٱنْسِجَامُ بَيْنَ ٱلْوُحُوشِ مِنْ جِهَةٍ وَٱلْبَشَرِ وَحَيَوَانَاتِهِمِ ٱلدَّاجِنَةِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى. فَهَلْ تَتِمُّ هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةُ رُوحِيًّا ٱلْيَوْمَ؟ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ. لَاحِظْ أَنَّ ٱلْعَدَدَ ٱلتَّاسِعَ يَكْشِفُ لِمَ لَا تُسِيءُ وَلَا تُهْلِكُ هٰذِهِ ٱلْمَخْلُوقَاتُ. نَقْرَأُ: «لِأَنَّ ٱلْأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ يَهْوَهَ كَمَا تُغَطِّي ٱلْمِيَاهُ ٱلْبَحْرَ». فَهَلْ يُعْقَلُ أَنْ تُغَيِّرَ «مَعْرِفَةُ يَهْوَهَ» سُلُوكَ ٱلْحَيَوَانَاتِ؟ بِٱلطَّبْعِ لَا. فَٱلْبَشَرُ هُمْ مَنْ يَتَغَيَّرُونَ حِينَ يَتَعَلَّمُونَ عَنْ إِلٰهِ ٱلسَّلَامِ يَهْوَهَ وَيَقْتَدُونَ بِهِ. وَمِنْ هُنَا، فَإِنَّ هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةَ تَشْهَدُ إِتْمَامَهَا فِي فِرْدَوْسِنَا ٱلرُّوحِيِّ ٱلْيَوْمَ. فَتَحْتَ حُكْمِ ٱلْمَلَكُوتِ، يَتَعَلَّمُ أَتْبَاعُ ٱلْمَسِيحِ ٱلتَّخَلُّصَ مِنْ صِفَاتِهِمِ ٱلشَّرِسَةِ ٱلْحَيَوَانِيَّةِ وَٱلْعَيْشَ بِسَلَامٍ وَوِئَامٍ مَعَ إِخْوَتِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمِ ٱلرُّوحِيِّينَ.
١٠ عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، نَاقَشْنَا فِي هٰذِهِ ٱلْمَطْبُوعَةِ قَضِيَّةَ ٱلْحِيَادِ ٱلْمَسِيحِيِّ. فَتَطَرَّقْنَا أَوَّلًا إِلَى وُجْهَةِ نَظَرِ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ ٱلَّتِي بَلْوَرَتْ نَظْرَتَنَا إِلَى ٱلْمَسْأَلَةِ، ثُمَّ تَنَاوَلْنَا ٱلِٱضْطِهَادَ ٱلَّذِي يُوَاجِهُهُ شَعْبُ ٱللّٰهِ بِسَبَبِ مَوْقِفِهِ ٱلْحِيَادِيِّ. وَعَلَى ضَوْءِ مَا قَرَأْنَاهُ، ٱسْأَلْ نَفْسَكَ: ‹أَوَلَيْسَ لَافِتًا فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلْعَنِيفِ وُجُودُ «أُمَّةٍ» يَرْفُضُ أَعْضَاؤُهَا ٱلْعُنْفَ بِكُلِّ أَشْكَالِهِ وَلَوْ كَانَتْ حَيَاتُهُمْ مُهَدَّدَةً بِٱلْخَطَرِ؟! أَلَا يُشَكِّلُ ذٰلِكَ بُرْهَانًا قَاطِعًا أَنَّ رَعَايَا ٱلْمَلَكُوتِ يَنْعَمُونَ بِسَلَامٍ كَٱلَّذِي وَصَفَهُ ٱلنَّبِيُّ إِشَعْيَا؟!›. زِدْ عَلَى ذٰلِكَ أَنَّ يَسُوعَ أَخْبَرَ بِأَنَّ أَتْبَاعَهُ سَيَتَمَيَّزُونَ بِمَحَبَّتِهِمْ وَاحِدِهِمْ نَحْوَ ٱلْآخَرِ. (يو ١٣:٣٤، ٣٥) وَفِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْيَوْمَ يَسْتَخْدِمُ ٱلْمَسِيحُ بِصَبْرٍ «ٱلْعَبْدَ ٱلْأَمِينَ ٱلْفَطِينَ» لِيُعَلِّمَ جَمِيعَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ أَنْ يَكُونُوا مُسَالِمِينَ وَمُحِبِّينَ وَلُطَفَاءَ. — مت ٢٤:٤٥-٤٧.
١١، ١٢ أَيُّ نَوْعٍ مِنَ ٱلْجُوعِ يَبْتَلِي ٱلْعَالَمَ فِي أَيَّامِنَا، وَلٰكِنْ كَيْفَ يَسُدُّ يَهْوَهُ حَاجَاتِ شَعْبِهِ بِسَخَاءٍ؟
١١ اَلْوَفْرَةُ. يُعَانِي ٱلْعَالَمُ ٱلْيَوْمَ جُوعًا رُوحِيًّا. وَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ سَبَقَ أَنْ حَذَّرَ فِي هٰذَا ٱلشَّأْنِ قَائِلًا: «‹هُوَذَا أَيَّامٌ تَأْتِي›، يَقُولُ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ يَهْوَهُ، ‹أُرْسِلُ فِيهَا جُوعًا فِي ٱلْأَرْضِ، لَا جُوعًا لِلْخُبْزِ، وَلَا عَطَشًا لِلْمَاءِ، بَلْ لِٱسْتِمَاعِ كَلَامِ يَهْوَهَ›». (عا ٨:١١) فَهَلْ تَنْطَبِقُ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ عَلَى مُوَاطِنِي ٱلْمَلَكُوتِ أَيْضًا؟ إِطْلَاقًا! فَقَدْ وَصَفَ يَهْوَهُ كَمْ يَخْتَلِفُ حَالُ شَعْبِهِ عَنْ حَالِ أَعْدَائِهِ مُنْبِئًا: «هُوَذَا خُدَّامِي يَأْكُلُونَ وَأَنْتُمْ تَجُوعُونَ. هُوَذَا خُدَّامِي يَشْرَبُونَ وَأَنْتُمْ تَعْطَشُونَ. هُوَذَا خُدَّامِي يَفْرَحُونَ وَأَنْتُمْ تَخْزَوْنَ». (اش ٦٥:١٣) أَوَلَا تَشْهَدُ أَنْتَ بِنَفْسِكَ إِتْمَامَ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ؟!
١٢ فَفِي أَيَّامِنَا، يَتَدَفَّقُ ٱلطَّعَامُ ٱلرُّوحِيُّ كَنَهْرٍ قَوِيٍّ يَرْتَفِعُ مَنْسُوبُهُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ. فَمَطْبُوعَاتُنَا ٱلْمُؤَسَّسَةُ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، فَضْلًا عَنِ ٱلتَّسْجِيلَاتِ ٱلسَّمْعِيَّةِ وَٱلْبَصَرِيَّةِ وَٱلِٱجْتِمَاعَاتِ وَٱلْمَحَافِلِ وَٱلْمَوَادِّ ٱلْمُتَوَفِّرَةِ عَلَى مَوْقِعِنَا ٱلْإِلِكْتُرُونِيِّ، تُشَكِّلُ فَيْضًا مِنَ ٱلْغِذَاءِ ٱلرُّوحِيِّ فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلَّذِي تَبْتَلِيهِ ٱلْمَجَاعَةُ ٱلرُّوحِيَّةُ. (حز ٤٧:١-١٢؛ يوء ٣:١٨) أَفَلَا تَتَشَجَّعُ حِينَ تَرَى إِتْمَامَ وَعْدِ يَهْوَهَ بِٱلْوَفْرَةِ ٱلرُّوحِيَّةِ فِي حَيَاتِكَ ٱلْيَوْمِيَّةِ؟! اِحْرِصْ إِذًا عَلَى ٱلتَّغَذِّي بِٱنْتِظَامٍ مِنْ مَائِدَةِ يَهْوَهَ.
١٣ كَيْفَ شَهِدْتَ إِتْمَامَ وَعْدِ يَهْوَهَ بِتَفَتُّحِ عُيُونِ ٱلْعُمْيِ وَآذَانِ ٱلصُّمِّ؟
١٣ اَلصِّحَّةُ ٱلرُّوحِيَّةُ. يَتَفَشَّى ٱلْعَمَى وَٱلصَّمَمُ ٱلرُّوحِيَّانِ فِي عَصْرِنَا كَٱلْوَبَاءِ. (٢ كو ٤:٤) مَعَ ذٰلِكَ، يَشْفِي يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ ٱلْعِلَلَ وَٱلْعَاهَاتِ حَوْلَ ٱلْعَالَمِ. وَٱلْوَاقِعُ أَنَّكَ رَأَيْتَ بِأُمِّ عَيْنِكَ إِتْمَامَ ٱلْوَعْدِ ٱلتَّالِي: «فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ أَقْوَالَ ٱلسِّفْرِ، وَتُبْصِرُ عُيُونُ ٱلْعُمْيِ مِنَ ٱلدُّجَى وَٱلظَّلَامِ». (اش ٢٩:١٨) كَيْفَ؟ أَلَمْ تَرَ أَشْخَاصًا يَكْتَسِبُونَ مَعْرِفَةً دَقِيقَةً عَنِ ٱلْحَقِّ مِنْ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ مُتَخَلِّينَ عَنِ ٱلْأَكَاذِيبِ ٱلدِّينِيَّةِ ٱلَّتِي أَعْمَتْهُمْ فِي ٱلْمَاضِي وَسَدَّتْ آذَانَهُمْ عَنِ ٱلْحَقِّ؟ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ تَكُونُ قَدْ شَهِدْتَ عُيُونَ عُمْيٍ وَآذَانَ صُمٍّ تَتَفَتَّحُ. وَحَوْلَ ٱلْعَالَمِ، يُشْفَى عَشَرَاتُ آلَافِ ٱلْأَشْخَاصِ رُوحِيًّا سَنَةً بَعْدَ سَنَةٍ. وَكُلُّ شَخْصٍ يَتْرُكُ بَابِلَ ٱلْعَظِيمَةَ وَيَنْضَمُّ إِلَيْنَا لِعِبَادَةِ يَهْوَهَ فِي فِرْدَوْسِنَا ٱلرُّوحِيِّ هُوَ دَلِيلٌ حَيٌّ أَنَّ ٱلْوُعُودَ ٱلْإِلٰهِيَّةَ تَتَحَقَّقُ.
١٤ أَيَّةُ أَدِلَّةٍ تُقَوِّي إِيمَانَنَا؟
١٤ فِي كُلِّ فَصْلٍ مِنْ فُصُولِ هٰذَا ٱلْكِتَابِ، ٱسْتَعْرَضْنَا أَدِلَّةً تُبَرْهِنُ أَنَّ يَسُوعَ يَجْمَعُ أَتْبَاعَهُ فِي فِرْدَوْسٍ رُوحِيٍّ حَقِيقِيٍّ فِي وَقْتِ ٱلنِّهَايَةِ. لِذَا لِنُوَاظِبْ عَلَى ٱلتَّأَمُّلِ فِي ٱلْبَرَكَاتِ ٱلْكَثِيرَةِ ٱلَّتِي نَنْعَمُ بِهَا فِي فِرْدَوْسِنَا هٰذَا. وَبِذٰلِكَ يَقْوَى إِيمَانُنَا بِوُعُودِ يَهْوَهَ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.
«لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ»
١٥ لِمَ نَحْنُ مُتَيَقِّنُونَ أَنَّ ٱلْأَرْضَ سَتَتَحَوَّلُ إِلَى فِرْدَوْسٍ؟
١٥ لَطَالَمَا قَصَدَ يَهْوَهُ أَنْ يَجْعَلَ ٱلْأَرْضَ بِأَسْرِهَا فِرْدَوْسًا جَمِيلًا. فَمُنْذُ ٱلْبَدْءِ، خَلَقَ آدَمَ وَحَوَّاءَ فِي جَنَّةٍ وَأَمَرَهُمَا أَنْ يَمْلَأَا ٱلْأَرْضَ بِذُرِّيَّتِهِمَا وَيَعْتَنِيَا بِجَمِيعِ ٱلْمَخْلُوقَاتِ. (تك ١:٢٨) غَيْرَ أَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ ٱصْطَفَّا إِلَى جَانِبِ ٱلشَّيْطَانِ فِي تَمَرُّدِهِ وَجَرَّا ذُرِّيَّتَهُمَا إِلَى ٱلنَّقْصِ وَٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْمَوْتِ. رَغْمَ ذٰلِكَ، لَمْ يَتَغَيَّرْ قَصْدُ يَهْوَهَ. فَكُلُّ كَلِمَةٍ يَتَفَوَّهُ بِهَا تَتِمُّ لَا مَحَالَةَ. (اقرأ اشعيا ٥٥:١٠، ١١.) بِنَاءً عَلَيْهِ، بِإِمْكَانِنَا ٱلتَّيَقُّنُ أَنَّ ٱلْمُتَحَدِّرِينَ مِنْ آدَمَ وَحَوَّاءَ سَيَمْلَأُونَ ٱلْأَرْضَ وَيُخْضِعُونَهَا وَيَعْتَنُونَ بِخَلِيقَةِ يَهْوَهَ فِي ظِلِّ فِرْدَوْسٍ عَالَمِيٍّ. وَفِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ، تَتِمُّ كَامِلًا ٱلنُّبُوَّاتُ ٱلَّتِي قِيلَتْ لِلْمَسْبِيِّينَ ٱلْيَهُودِ عَنِ ٱلْحَيَاةِ فِي ظُرُوفٍ مِثَالِيَّةٍ. لِنَسْتَعْرِضْ بَعْضَ ٱلْأَمْثِلَةِ.
١٦ كَيْفَ يَصِفُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ ٱلْأَمَانَ ٱلَّذِي سَنَخْتَبِرُهُ فِي ٱلْفِرْدَوْسِ؟
١٦ اَلْأَمَانُ. أَخِيرًا سَيَتَحَوَّلُ ٱلْمَشْهَدُ ٱلْمُبْهِجُ فِي إِشَعْيَا ١١:٦-٩ حَقِيقَةً حِينَ يَتِمُّ كَامِلًا وَبِحَرْفِيَّتِهِ. عِنْدَئِذٍ سَيَكُونُ ٱلرِّجَالُ وَٱلنِّسَاءُ وَٱلْأَوْلَادُ فِي مَأْمَنٍ أَيْنَمَا ذَهَبُوا. وَلَنْ يُشَكِّلَ أَيُّ مَخْلُوقٍ، إِنْسَانًا كَانَ أَمْ حَيَوَانًا، خَطَرًا عَلَيْهِمْ. هَلْ تَتَخَيَّلُ ٱلْوَقْتَ حِينَ تُصْبِحُ ٱلْكُرَةُ ٱلْأَرْضِيَّةُ بِكَامِلِهَا بَيْتًا لَكَ، فَتَسْبَحُ فِي أَنْهَارِهَا وَبُحَيْرَاتِهَا وَبِحَارِهَا وَتَقْطَعُ جِبَالَهَا ٱلشَّامِخَةَ وَتَعْبُرُ سُهُولَهَا ٱلْخَضْرَاءَ آمِنًا؟ هَلْ تَرَى نَفْسَكَ نَائِمًا ٱللَّيْلَ بِطُولِهِ قَرِيرَ ٱلْعَيْنِ؟ إِذَّاكَ تَكُونُ قَدْ تَحَقَّقَتْ كَلِمَاتُ حَزْقِيَال ٣٤:٢٥ ٱلَّتِي أَنْبَأَتْ عَنْ شَعْبِ ٱللّٰهِ قَائِلَةً: «يَسْكُنُونَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ آمِنِينَ وَيَنَامُونَ فِي ٱلْغَابَاتِ».
١٧ مَاذَا يُؤَكِّدُ أَنَّ يَهْوَهَ سَيَسُدُّ حَاجَاتِنَا بِوَفْرَةٍ حِينَ يَحْكُمُ ٱلْمَلَكُوتُ ٱلْأَرْضَ بِأَسْرِهَا؟
١٧ اَلْوَفْرَةُ. تَصَوَّرْ وَقْتًا لَا يَبْقَى فِيهِ أَثَرٌ لِلْفَقْرِ وَسُوءِ ٱلتَّغْذِيَةِ وَٱلْمَجَاعَةِ. أَوَلَيْسَتِ ٱلْوَفْرَةُ ٱلرُّوحِيَّةُ ٱلَّتِي يَنْعَمُ بِهَا شَعْبُ ٱللّٰهِ ٱلْيَوْمَ ضَمَانَةً تُؤَكِّدُ أَنَّ ٱلْمَلِكَ ٱلْمَسِيَّانِيَّ سَيُشْبِعُ رَعَايَاهُ عَلَى كُلِّ ٱلْأَصْعِدَةِ؟! حَتَّى إِنَّهُ أَظْهَرَ عَلَى نِطَاقٍ مُصَغَّرٍ قُدْرَتَهُ عَلَى إِتْمَامِ هٰذِهِ ٱلْوُعُودِ حِينَ كَانَ عَلَى ٱلْأَرْضِ. فَقَدْ أَطْعَمَ آلَافَ ٱلْجِيَاعِ بِبَعْضِ ٱلْخُبْزِ وَٱلْقَلِيلِ مِنَ ٱلسَّمَكِ. (مت ١٤:١٧، ١٨؛ ١٥:٣٤-٣٦؛ مر ٨:١٩، ٢٠) وَفِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ، حِينَ يَحْكُمُ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ ٱلْأَرْضَ بِأَسْرِهَا، سَتَتِمُّ حَرْفِيًّا نُبُوَّاتٌ عَدِيدَةٌ فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ كَٱلنُّبُوَّةِ ٱلْقَائِلَةِ: «يُعْطِي ٱلْمَطَرَ لِزَرْعِكَ ٱلَّذِي تَزْرَعُ بِهِ ٱلْأَرْضَ، وَخُبْزَ غَلَّةِ ٱلْأَرْضِ ٱلَّذِي يَكُونُ سَمِينًا وَدَسِمًا. وَتَرْعَى مَاشِيَتُكَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ فِي مَرْعًى رَحْبٍ». — اش ٣٠:٢٣.
١٨، ١٩ (أ) مَاذَا تَعْنِي لَكَ ٱلنُّبُوَّةُ ٱلْمُسَجَّلَةُ فِي إِشَعْيَا ٦٥:٢٠-٢٢؟ (ب) كَيْفَ تَكُونُ أَيَّامُنَا «كَأَيَّامِ ٱلشَّجَرَةِ»؟
١٨ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، يَحْلُمُ عَدِيدُونَ فِي أَيَّامِنَا بِٱمْتِلَاكِ بَيْتٍ مُرِيحٍ وَٱلْعَمَلِ فِي مَجَالٍ يُحِبُّونَهُ. لٰكِنَّ حُلْمَهُمْ هٰذَا يَبْقَى حُلْمًا! فَفِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلْفَاسِدِ يَشْعُرُ كَثِيرُونَ أَنَّهُمْ يَكْدَحُونَ دُونَ أَيِّ فَائِدَةٍ لَهُمْ أَوْ لِعَائِلَاتِهِمْ، فِيمَا يَمْلَأُ ٱلْأَغْنِيَاءُ وَٱلْجَشِعُونَ جُيُوبَهُمْ مِنْ تَعَبِ غَيْرِهِمْ. وَٱلْآنَ تَخَيَّلِ ٱلْأَحْوَالَ ٱلَّتِي سَتَعُمُّ ٱلْأَرْضَ حِينَ تَتِمُّ ٱلنُّبُوَّةُ ٱلْقَائِلَةُ: «يَبْنُونَ بُيُوتًا وَيَسْكُنُونَ فِيهَا، وَيَغْرِسُونَ كُرُومًا وَيَأْكُلُونَ ثَمَرَهَا. لَا يَبْنُونَ وَآخَرُ يَسْكُنُ، وَلَا يَغْرِسُونَ وَآخَرُ يَأْكُلُ. لِأَنَّهُ كَأَيَّامِ ٱلشَّجَرَةِ تَكُونُ أَيَّامُ شَعْبِي، وَيَنْتَفِعُ مُخْتَارِيَّ مِنْ عَمَلِ أَيْدِيهِمْ كَامِلًا». — اش ٦٥:٢٠-٢٢.
١٩ وَكَيْفَ تَكُونُ أَيَّامُنَا «كَأَيَّامِ ٱلشَّجَرَةِ»؟ حِينَ تَقِفُ عِنْدَ جِذْعِ شَجَرَةٍ عَرِيقَةٍ، أَلَا يَتَمَلَّكُكَ ٱلذُّهُولُ إِذَا مَا خَطَرَ لَكَ أَنَّهَا تَنْتَصِبُ فِي مَكَانِهَا مُنْذُ سَنَوَاتٍ وَسَنَوَاتٍ قَبْلَ وِلَادَةِ أَجْدَادِكَ؟ وَلَعَلَّكَ تُفَكِّرُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ نَاقِصٌ سَيَفْنَى يَوْمًا مَا وَيَتَحَوَّلُ مُجَرَّدَ ذِكْرَى فِيمَا تَبْقَى هِيَ مِنْ بَعْدِكَ رَمْزًا لِلسَّلَامِ وَطُولِ ٱلْحَيَاةِ. فَيَهْوَهُ إِذًا يُؤَكِّدُ لَنَا بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ أَنَّنَا سَنَعِيشُ فِي ٱلْفِرْدَوْسِ ٱلْقَادِمِ حَيَاةً مَدِيدَةً فِي سَلَامٍ. (مز ٣٧:١١، ٢٩) إِذَّاكَ سَنَرَى ٱلْأَشْجَارَ ٱلْعَرِيقَةَ تَكْبُرُ وَتَذْوِي أَمَامَ عُيُونِنَا كَمَا ٱلْعُشْبُ ٱلْأَخْضَرُ فِيمَا تَمْتَدُّ حَيَاتُنَا نَحْنُ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ!
٢٠ كَيْفَ سَيَنْعَمُ رَعَايَا ٱلْمَلَكُوتِ بِصِحَّةٍ تَامَّةٍ؟
٢٠ اَلصِّحَّةُ ٱلتَّامَّةُ. فِي زَمَنِنَا، يُلْقِي ٱلْمَرَضُ وَٱلْمَوْتُ بِظِلَالِهِمَا عَلَى ٱلْبَشَرِ أَجْمَعِينَ. وَفِي ٱلْوَاقِعِ يَجُوزُ لَنَا ٱلْقَوْلُ إِنَّنَا جَمِيعًا مُصَابُونَ بِمَرَضٍ عُضَالٍ يُدْعَى ٱلْخَطِيَّةَ. أَمَّا ٱلْعِلَاجُ ٱلشَّافِي ٱلْوَحِيدُ فَهُوَ ذَبِيحَةُ ٱلْمَسِيحِ ٱلْفِدَائِيَّةُ. (رو ٣:٢٣؛ ٦:٢٣) فَخِلَالَ ٱلْحُكْمِ ٱلْأَلْفِيِّ، سَيُسَاعِدُ يَسُوعُ وَحُكَّامُهُ ٱلْمُعَاوِنُونَ ٱلنَّاسَ لِيَسْتَفِيدُوا كَامِلًا مِنْ تِلْكَ ٱلذَّبِيحَةِ، مُخَلِّصِينَ ٱلْبَشَرَ ٱلْأُمَنَاءَ تَدْرِيجِيًّا مِنْ كُلِّ آثَارِ ٱلْخَطِيَّةِ. عِنْدَئِذٍ تَشْهَدُ نُبُوَّةُ إِشَعْيَا ٱلتَّالِيَةُ إِتْمَامَهَا ٱلْأَشْمَلَ: «لَا يَقُولُ سَاكِنٌ: ‹أَنَا مَرِيضٌ›. اَلشَّعْبُ ٱلسَّاكِنُ فِيهَا يُعْفَى عَنْهُ ٱلذَّنْبُ». (اش ٣٣:٢٤) فَفِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ، لَنْ يُعَانِيَ أَحَدٌ مِنَ ٱلْعَمَى أَوِ ٱلصَّمَمِ أَوِ ٱلشَّلَلِ. (اقرأ اشعيا ٣٥:٥، ٦.) وَمَا مِنْ مَرَضٍ سَيَسْتَعْصِي عَلَى قُدْرَةِ يَسُوعَ، جَسَدِيًّا كَانَ أَمْ عَقْلِيًّا أَمْ عَاطِفِيًّا، بَلْ سَيَنْعَمُ رَعَايَا ٱلْمَلَكُوتِ ٱلْأَوْلِيَاءُ بِصِحَّةٍ مُمْتَازَةٍ.
٢١ مَاذَا سَيَحُلُّ بِٱلْمَوْتِ، وَلِمَ يُعَزِّيكَ هٰذَا ٱلْوَعْدُ؟
٢١ وَمَاذَا سَيَحُلُّ بِٱلْمَوْتِ، ٱلْعَاقِبَةِ ٱلْمَحْتُومَةِ لِلْمَرَضِ وَٱلْخَطِيَّةِ؟ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْمَوْتَ هُوَ «آخِرُ عَدُوٍّ» يُهَاجِمُ ٱلْإِنْسَانَ، ٱلْعَدُوُّ ٱلَّذِي يَهْزِمُ جَمِيعَ ٱلْبَشَرِ ٱلنَّاقِصِينَ عَاجِلًا أَمْ آجِلًا، وَلٰكِنْ هَلْ هُوَ عَدُوٌّ يُحْسَبُ لَهُ حِسَابٌ فِي نَظَرِ يَهْوَهَ؟ (١ كو ١٥:٢٦) لَاحِظْ مَاذَا يَقُولُ إِشَعْيَا عَنِ ٱللّٰهِ: «يَبْتَلِعُ ٱلْمَوْتَ إِلَى ٱلْأَبَدِ، وَيَمْسَحُ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ يَهْوَهُ ٱلدُّمُوعَ عَنْ كُلِّ ٱلْوُجُوهِ». (اش ٢٥:٨) هَلْ تَتَخَيَّلُ ٱلْوَقْتَ عِنْدَمَا تُصْبِحُ ٱلْمَآتِمُ وَٱلْمَقَابِرُ وَدُمُوعُ ٱلْحُزْنِ مِنَ ٱلْمَاضِي ٱلْغَابِرِ؟ وَهَلْ تَتَصَوَّرُ ٱلزَّمَنَ حِينَ تَسِيلُ مِنْ عُيُونِنَا دُمُوعُ ٱلْفَرَحِ إِذْ يُتَمِّمُ يَهْوَهُ وَعْدَهُ ٱلرَّائِعَ بِإِقَامَةِ ٱلْمَوْتَى؟ (اقرأ اشعيا ٢٦:١٩.) إِذَّاكَ سَتَلْتَئِمُ مَرَّةً وَإِلَى ٱلْأَبَدِ ٱلنُّدُوبُ ٱلَّتِي تَرَكَهَا ٱلْمَوْتُ فِي قُلُوبٍ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى!
٢٢ مَاذَا يَحْدُثُ بَعْدَمَا يُتَمِّمُ ٱلْمَلَكُوتُ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ؟
٢٢ حِينَمَا يَنْتَهِي ٱلْحُكْمُ ٱلْأَلْفِيُّ، يَكُونُ ٱلْمَلَكُوتُ قَدْ تَمَّمَ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ، فَيُسَلِّمُ ٱلْمَسِيحُ ٱلْحُكْمَ إِلَى أَبِيهِ. (١ كو ١٥:٢٥-٢٨) وَأَخِيرًا يُصْبِحُ ٱلْبَشَرُ كَامِلِينَ وَمُسْتَعِدِّينَ لِمُوَاجَهَةِ ٱمْتِحَانٍ أَخِيرٍ عِنْدَمَا يُطْلَقُ ٱلشَّيْطَانُ مِنَ ٱلْمَهْوَاةِ حَيْثُ يَقْبَعُ فِي حَالَةٍ مِنَ ٱلْخُمُولِ. بَعْدَئِذٍ سَيَسْحَقُ ٱلْمَسِيحُ بَعْدَ طُولِ ٱنْتِظَارٍ تِلْكَ ٱلْحَيَّةَ ٱلْكَرِيهَةَ مَعَ جَمِيعِ مُنَاصِرِيهَا! (تك ٣:١٥؛ رؤ ٢٠:٣، ٧-١٠) أَمَّا مُحِبُّو يَهْوَهَ ٱلْأَوْلِيَاءُ فَيَنْتَظِرُهُمْ مُسْتَقْبَلٌ مُشْرِقٌ. تَصِفُ رُومَا ٨:٢١ حَالَهُمْ بِٱلْقَوْلِ إِنَّهُمْ سَيَنَالُونَ «ٱلْحُرِّيَّةَ ٱلْمَجِيدَةَ لِأَوْلَادِ ٱللّٰهِ». وَلَعَلَّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُوحَى بِهَا هِيَ أَبْلَغُ وَصْفٍ يُصَوِّرُ مَا يَنْتَظِرُ ٱلْأُمَنَاءَ!
٢٣، ٢٤ (أ) لِمَ إِتْمَامُ وُعُودِ ٱللّٰهِ مَحْتُومٌ؟ (ب) عَلَامَ أَنْتَ مُصَمِّمٌ؟
٢٣ وَلٰكِنْ هَلْ هٰذِهِ ٱلْوُعُودُ مُجَرَّدُ أَمَانٍ أَوْ أَحْلَامٍ أَوْ آمَالٍ فَارِغَةٍ؟ قَطْعًا لَا! فَإِتْمَامُ وُعُودِ يَهْوَهَ هٰذِهِ مَحْتُومٌ. لِمَاذَا؟ تَذَكَّرْ كَلِمَاتِ يَسُوعَ ٱلَّتِي نَاقَشْنَاهَا فِي أَوَّلِ فُصُولِ ٱلْكِتَابِ. لَقَدْ عَلَّمَ أَتْبَاعَهُ أَنْ يُصَلُّوا إِلَى يَهْوَهَ قَائِلِينَ: «لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ. لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي ٱلسَّمَاءِ كَذٰلِكَ عَلَى ٱلْأَرْضِ». (مت ٦:٩، ١٠) وَمَلَكُوتُ ٱللّٰهِ هٰذَا لَيْسَ وَهْمًا مِنْ نَسْجِ ٱلْخَيَالِ، بَلْ حَقِيقَةٌ وَاقِعَةٌ! فَكَمَا رَأَيْنَا، يَحْكُمُ ٱلْمَلَكُوتُ ٱلْآنَ فِي ٱلسَّمَاءِ وَيُتَمِّمُ بِكُلِّ وُضُوحٍ وُعُودَ يَهْوَهَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ مُنْذُ قَرْنٍ مِنَ ٱلزَّمَنِ. فَلْنَكُنْ عَلَى يَقِينٍ إِذًا أَنَّ وُعُودَ يَهْوَهَ جَمِيعَهَا سَتَتَحَقَّقُ حِينَ يَأْتِي مَلَكُوتُهُ لِيَبْسُطَ سُلْطَتَهُ كَامِلًا عَلَى ٱلْأَرْضِ!
٢٤ خِتَامًا، نَحْنُ مُتَيَقِّنُونَ أَنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ سَيَأْتِي؛ مُتَيَقِّنُونَ أَنَّ كُلَّ حَرْفٍ مِنْ وُعُودِ يَهْوَهَ سَيَتَحَقَّقُ لَا مَحَالَةَ. وَٱلسَّبَبُ؟ لِأَنَّ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ يَحْكُمُ ٱلْآنَ! لٰكِنَّ ٱلسُّؤَالَ ٱلْوَاجِبَ عَلَى كُلٍّ مِنَّا طَرْحُهُ هُوَ: ‹هَلْ أَنَا خَاضِعٌ لِحُكْمِهِ؟›. لِنَبْذُلْ قُصَارَى جُهْدِنَا ٱلْآنَ حَتَّى نَكُونَ مِنْ رَعَايَا ٱلْمَلَكُوتِ ٱلْأَوْلِيَاءِ، فَنَعِيشَ إِلَى ٱلْأَبَدِ تَحْتَ حُكْمِهِ ٱلْعَادِلِ وَٱلْكَامِلِ!