هَلْ لَدَيْكَ ‹قَلْبٌ لِتَعْرِفَ› يَهْوَهَ؟
«أُعْطِيهِمْ قَلْبًا لِيَعْرِفُونِي، أَنِّي أَنَا يَهْوَهُ. فَيَكُونُونَ شَعْبِي». — ار ٢٤:٧.
١، ٢ لِمَاذَا قَدْ يَهْتَمُّ ٱلْبَعْضُ بِٱلتِّينِ؟
هَلْ تُحِبُّ أَكْلَ ٱلتِّينِ، طَازَجًا كَانَ أَمْ مُجَفَّفًا؟ فِي زَمَنِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، قَدَّرَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ قِيمَةَ هٰذِهِ ٱلْفَاكِهَةِ. (نا ٣:١٢؛ لو ١٣:٦-٩) وَٱلْيَوْمَ، تَنْتَشِرُ زِرَاعَةُ ٱلتِّينِ فِي أَمَاكِنَ كَثِيرَةٍ مِنَ ٱلْعَالَمِ لِطَعْمِهِ وَفَوَائِدِهِ ٱلصِّحِّيَّةِ. فَهُوَ غَنِيٌّ بِٱلْأَلْيَافِ، مُضَادَّاتِ ٱلتَّأَكْسُدِ، وَٱلْمَعَادِنِ؛ حَتَّى إِنَّ ٱلْبَعْضَ يَرَوْنَ أَنَّ ٱلتِّينَ نَافِعٌ لِلْقَلْبِ.
٢ وَفِي سِفْرِ إِرْمِيَا، أَتَى يَهْوَهُ عَلَى ذِكْرِ ٱلتِّينِ وَرَبَطَهُ بِٱلْقَلْبِ. لٰكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَتَحَدَّثُ عَنِ ٱلتِّينِ ٱلْحَرْفِيِّ وفَوَائِدِهِ ٱلْغِذَائِيَّةِ، بَلْ عَنِ ٱلْقَلْبِ ٱلْمَجَازِيِّ. وَمَا قَالَهُ يُؤَثِّرُ فِي حَيَاتِنَا وَحَيَاةِ أَحِبَّائِنَا. لِذٰلِكَ فِيمَا نَتَأَمَّلُ فِي كَلِمَاتِهِ ٱلَّتِي قَالَهَا عَلَى لِسَانِ ٱلنَّبِيِّ إِرْمِيَا، فَكِّرْ فِي مَا تَعْنِيهِ لَنَا نَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ.
٣ مَاذَا مَثَّلَ ٱلتِّينُ فِي ٱلْإِصْحَاحِ ٢٤ مِنْ سِفْرِ إِرْمِيَا؟
٣ عَامَ ٦١٧ قم، كَانَتِ ٱلْحَالَةُ ٱلرُّوحِيَّةُ لِأُمَّةِ يَهُوذَا مُزْرِيَةً. فَأَعْطَى ٱللّٰهُ ٱلنَّبِيَّ إِرْمِيَا رُؤْيَا عَمَّا يُخَبِّئُهُ لَهَا ٱلْمُسْتَقْبَلُ أَرَاهُ فِيهَا نَوْعَيْنِ مِنَ ٱلتِّينِ: «تِينٍ جَيِّدٍ جِدًّا» وَ «تِينٍ رَدِيءٍ جِدًّا». (اِقْرَأْ ارميا ٢٤:١-٣.) مَثَّلَ ٱلتِّينُ ٱلرَّدِيءُ ٱلْمَلِكَ صِدْقِيَّا وَغَيْرَهُ مِمَّنْ عَامَلَهُمْ نَبُوخَذْنَصَّرُ وَجَيْشُهُ مُعَامَلَةً وَحْشِيَّةً. أَمَّا ٱلتِّينُ ٱلْجَيِّدُ فَمَثَّلَ أَشْخَاصًا كَحَزْقِيَالَ وَدَانِيَالَ وَرُفَقَائِهِ ٱلثَّلَاثَةِ ٱلَّذِينَ كَانُوا قَدْ سُبُوا إِلَى بَابِلَ، وَكَذٰلِكَ بَعْضَ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ كَانُوا عَلَى وَشْكِ أَنْ يَلْقَوُا ٱلْمَصِيرَ نَفْسَهُ. وَكَانَتْ بَقِيَّةٌ مِنْهُمْ سَتَعُودُ لِتُعِيدَ بِنَاءَ أُورُشَلِيمَ وَهَيْكَلِهَا. وَقَدْ تَمَّ هٰذَا ٱلْأَمْرُ فِعْلًا فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ. — ار ٢٤:٨-١٠؛ ٢٥:١١، ١٢؛ ٢٩:١٠.
٤ أَيُّ تَشْجِيعٍ نَنَالُهُ مِمَّا قَالَهُ ٱللّٰهُ عَنِ ٱلتِّينِ ٱلْجَيِّدِ؟
٤ وَعَنْ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُشَبَّهِينَ بِٱلتِّينِ ٱلْجَيِّدِ، قَالَ يَهْوَهُ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْمُشَجِّعَةَ ٱلَّتِي تَتَضَمَّنُهَا آيَتُنَا ٱلرَّئِيسِيَّةُ: «أُعْطِيهِمْ قَلْبًا لِيَعْرِفُونِي، أَنِّي أَنَا يَهْوَهُ. فَيَكُونُونَ شَعْبِي». (ار ٢٤:٧) فَهِيَ تُظْهِرُ أَنَّ ٱللّٰهَ يَرْغَبُ أَنْ نَمْتَلِكَ ‹قَلْبًا لِنَعْرِفَهُ›، أَيْ أَنْ نَكُونَ أَشْخَاصًا رَاغِبِينَ أَنْ نَعْرِفَهُ وَنَكُونَ جُزْءًا مِنْ شَعْبِهِ. فَكَيْفَ نُحَقِّقُ ذٰلِكَ؟ ثَمَّةَ خُطُوَاتٌ عَلَيْنَا ٱتِّبَاعُهَا. فَيَجِبُ أَنْ نَدْرُسَ كَلِمَتَهُ وَنُطَبِّقَهَا، نَتُوبَ وَنَرْجِعَ عَنْ طُرُقِنَا ٱلسَّابِقَةِ، نَنْذُرَ حَيَاتَنَا لِلّٰهِ، وَنَعْتَمِدَ بِٱسْمِ ٱلْآبِ وَٱلِٱبْنِ وَٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. (مت ٢٨:١٩، ٢٠؛ اع ٣:١٩) وَلَعَلَّكَ أَنْتَ وَاحِدٌ مِمَّنِ ٱتَّخَذُوا هٰذِهِ ٱلْخُطُوَاتِ أَوْ مِمَّنْ يُعَاشِرُونَ بِٱنْتِظَامٍ شُهُودَ يَهْوَهَ وَيَعْمَلُونَ عَلَى بُلُوغِ هٰذَا ٱلْهَدَفِ.
٥ مَنْ خَاطَبَ إِرْمِيَا بِشَكْلٍ رَئِيسِيٍّ؟
٥ حَتَّى لَوِ ٱتَّخَذْنَا كُلَّ هٰذِهِ ٱلْخُطُوَاتِ، فَلَا نَزَالُ بِحَاجَةٍ أَنْ نَنْتَبِهَ إِلَى مَوْقِفِنَا وَمَسْلَكِنَا. وَلِمَاذَا؟ سَنَعْرِفُ ٱلْجَوَابَ فِيمَا نُنَاقِشُ مَا كَتَبَهُ إِرْمِيَا عَنِ ٱلْقَلْبِ. قَلْبُ مَنْ؟ صَحِيحٌ أَنَّ بَعْضَ ٱلْإِصْحَاحَاتِ فِي إِرْمِيَا تَتَحَدَّثُ عَنِ ٱلْأُمَمِ ٱلْمُحِيطَةِ بِيَهُوذَا، لٰكِنَّ ٱلسِّفْرَ يُسَلِّطُ ٱلضَّوْءَ بِشَكْلٍ خَاصٍّ عَلَى تَارِيخِ هٰذِهِ ٱلْأُمَّةِ أَثْنَاءَ حُكْمِ خَمْسَةٍ مِنْ مُلُوكِهَا. (ار ١:١٥، ١٦) فَإِرْمِيَا كَتَبَ بِشَكْلٍ رَئِيسِيٍّ عَنِ ٱلرِّجَالِ، ٱلنِّسَاءِ، وَٱلْأَوْلَادِ ٱلَّذِينَ هُمْ فِي عَلَاقَةِ ٱنْتِذَارٍ مَعَ يَهْوَهَ. فَأَسْلَافُهُمْ كَانُوا قَدِ ٱخْتَارُوا طَوْعًا أَنْ يَكُونُوا أُمَّةً لَدَيْهَا هٰذِهِ ٱلْعَلَاقَةُ ٱلْخُصُوصِيَّةُ بِيَهْوَهَ. (خر ١٩:٣-٨) وَفِي أَيَّامِ إِرْمِيَا، أَكَّدَ ٱلشَّعْبُ ٱنْتِذَارَهُمْ لِلّٰهِ بِقَوْلِهِمْ: «أَتَيْنَا إِلَيْكَ، فَأَنْتَ يَا يَهْوَهُ إِلٰهُنَا». (ار ٣:٢٢) وَلٰكِنْ كَيْفَ كَانَتْ حَالَةُ قَلْبِهِمْ؟
هَلِ ٱحْتَاجَ قَلْبُهُمْ إِلَى «عَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةٍ»؟
٦ لِمَاذَا يَجِبُ أَنْ يَهُمَّنَا مَا قَالَهُ ٱللّٰهُ عَنِ ٱلْقَلْبِ؟
٦ فِي أَيَّامِنَا هٰذِهِ، يَسْتَخْدِمُ ٱلْأَطِبَّاءُ ٱلتِّكْنُولُوجْيَا ٱلْمُتَطَوِّرَةَ لِيَفْحَصُوا حَالَةَ ٱلْقَلْبِ وَعَمَلَهُ. لٰكِنَّ يَهْوَهَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أَبْعَدَ مِنْ ذٰلِكَ بِكَثِيرٍ، مُتَفَوِّقًا عَلَى كُلِّ ٱلْأَطِبَّاءِ. فَقَدْ قَالَ: «اَلْقَلْبُ أَشَدُّ غَدْرًا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ يَسْتَمِيتُ إِلَى غَايَتِهِ. فَمَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ؟ أَنَا، يَهْوَهَ، فَاحِصُ ٱلْقَلْبِ . . . لِأُعْطِيَ كُلَّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ طُرُقِهِ، بِحَسَبِ ثَمَرِ أَعْمَالِهِ». (ار ١٧:٩، ١٠) وَلَا يَقْصِدُ يَهْوَهُ بِكَلِمَاتِهِ هٰذِهِ أَنَّهُ يَفْحَصُ ٱلْقَلْبَ ٱلْحَرْفِيَّ — اَلَّذِي يَنْبِضُ خِلَالَ ٧٠ أَوْ ٨٠ سَنَةً نَحْوَ ثَلَاثَةِ بَلَايِينِ مَرَّةٍ. بَلْ يَعْنِي أَنَّهُ يَفْحَصُ ٱلْقَلْبَ ٱلْمَجَازِيَّ ٱلَّذِي يُشِيرُ إِلَى دَاخِلَةِ ٱلْإِنْسَانِ، أَيْ رَغَبَاتِهِ، أَفْكَارِهِ، طِبَاعِهِ، مَوَاقِفِهِ، وَأَهْدَافِهِ. وَمِثْلَمَا يَسْتَطِيعُ يَهْوَهُ أَنْ يَفْحَصَ قَلْبَنَا، بِٱسْتِطَاعَتِنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَفْعَلَ ذٰلِكَ إِلَى حَدٍّ مَا.
٧ كَيْفَ وَصَفَ إِرْمِيَا قَلْبَ مُعْظَمِ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ عَاصَرُوهُ؟
٧ لٰكِنَّ مَا يُسَاعِدُنَا عَلَى فَحْصِ قَلْبِنَا هُوَ أَنْ نَعْرِفَ ٱلْجَوَابَ عَنِ ٱلسُّؤَالِ ٱلتَّالِي: ‹مَاذَا كَانَتْ عَلَيْهِ حَالَةُ ٱلْقَلْبِ ٱلْمَجَازِيِّ لِمُعْظَمِ ٱلْيَهُودِ ٱلَّذِينَ عَاصَرُوا إِرْمِيَا؟›. وَلِهٰذِهِ ٱلْغَايَةِ، تَأَمَّلْ فِي ٱلْعِبَارَةِ غَيْرِ ٱلْمَأْلُوفَةِ ٱلتَّالِيَةِ ٱلَّتِي ٱسْتَخْدَمَهَا إِرْمِيَا: «كُلُّ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ غُلْفُ ٱلْقُلُوبِ». طَبْعًا، لَمْ يَقْصِدْ بِكَلَامِهِ هٰذَا ٱلْخِتَانَ ٱلْحَرْفِيَّ، بَلِ ٱلْمَجَازِيَّ. وَهٰذَا وَاضِحٌ مِنَ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي دَوَّنَهَا قَبْلَ هٰذِهِ ٱلْعِبَارَةِ: «‹هَا أَيَّامٌ تَأْتِي›، يَقُولُ يَهْوَهُ، ‹فَأُحَاسِبُ كُلَّ مَخْتُونٍ لَا يَزَالُ فِي غَلَفِه›». وَمِنْ هُنَا نَرَى أَنَّهُ حَتَّى ٱلرِّجَالُ ٱلْيَهُودُ ٱلْمَخْتُونُونَ كَانُوا «غُلْفَ ٱلْقُلُوبِ». (ار ٩:٢٥، ٢٦) فَمَاذَا عَنَى ذٰلِكَ؟
٨، ٩ مَاذَا وَجَبَ أَنْ يَفْعَلَ مُعْظَمُ ٱلْيَهُودِ فِي مَا يَتَعَلَّقُ بِقَلْبِهِمْ؟
٨ نَسْتَوْحِي مَعْنَى عِبَارَةِ «غُلْفِ ٱلْقُلُوبِ» مِنَ ٱلْحَضِّ ٱلتَّالِي ٱلَّذِي وَجَّهَهُ يَهْوَهُ إِلَى ٱلْيَهُودِ: «اِنْزِعُوا غُلَفَ قُلُوبِكُمْ يَا رِجَالَ يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، لِئَلَّا يَخْرُجَ كَنَارٍ سُخْطِي . . . بِسَبَبِ رَدَاءَةِ أَعْمَالِكُمْ». نَعَمْ، لَقَدْ تَمَكَّنَ يَهْوَهُ مِنْ إِعْطَاءِ تَشْخِيصٍ دَقِيقٍ لِمَصْدَرِ تَصَرُّفَاتِ ٱلْيَهُودِ ٱلشِّرِّيرَةِ. فَأَعْمَالُهُمُ ٱلرَّدِيئَةُ كَانَتْ تَنْبَعُ مِنْ قُلُوبِهِمْ. (اِقْرَأْ مرقس ٧:٢٠-٢٣.) وَقُلُوبُهُمْ كَانَتْ مُعَانِدَةً وَمُتَمَرِّدَةً، إِذْ لَمْ تَكُنْ دَوَافِعُهُمْ وَأَفْكَارُهُمْ بِحَسَبِ مَشِيئَتِهِ. (اِقْرَأْ ارميا ٥:٢٣، ٢٤؛ ٧:٢٤-٢٦.) لِذَا قَالَ لَهُمْ: «اِخْتَتِنُوا لِيَهْوَهَ وَٱنْزِعُوا غُلَفَ قُلُوبِكُمْ». — ار ٤:٤؛ ١٨:١١، ١٢.
٩ إِذًا، ٱحْتَاجَ ٱلْيَهُودُ أَيَّامَ إِرْمِيَا أَنْ يُجْرُوا عَمَلِيَّةً جِرَاحِيَّةً مَجَازِيَّةً — أَيْ أَنْ ‹يَخْتِنُوا قُلُوبَهُمْ› — كَمَا فَعَلَ أَسْلَافُهُمْ زَمَنَ مُوسَى. (تث ١٠:١٦؛ ٣٠:٦) وَنَزْعُ غُلَفِ قُلُوبِهِمْ عَنَى أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِنْ كُلِّ مَا يَجْعَلُهَا غَيْرَ مُتَجَاوِبَةٍ، أَيْ مِنْ أَفْكَارِهِمْ وَرَغَبَاتِهِمْ وَدَوَافِعِهِمِ ٱلَّتِي تَتَنَافَى مَعَ شَرِيعَةِ ٱللّٰهِ. — اع ٧:٥١.
‹قَلْبٌ لِنَعْرِفَهُ› ٱلْيَوْمَ
١٠ مَاذَا عَلَيْنَا أَنْ نَفْعَلَ ٱقْتِدَاءً بِدَاوُدَ؟
١٠ كَمْ نَحْنُ مُمْتَنُّونَ لِيَهْوَهَ لِأَنَّهُ يُسَاعِدُنَا أَنْ نَفْهَمَ ٱلْقَلْبَ ٱلْمَجَازِيَّ! وَلٰكِنْ قَدْ يَتَسَاءَلُ ٱلْبَعْضُ: ‹هَلْ نَحْنُ شُهُودَ يَهْوَهَ رَدِيئُونَ إِلَى هٰذَا ٱلْحَدِّ بِحَيْثُ نَحْتَاجُ إِلَى نَزْعِ غُلَفِ قُلُوبِنَا؟›. فَٱلشُّهُودُ ٱلْيَوْمَ لَا يَتَّخِذُونَ عُمُومًا مَسْلَكَ ٱلشَّرِّ أَوْ يُصْبِحُونَ ‹تِينًا رَدِيئًا› عَلَى غِرَارِ كَثِيرِينَ مِنَ ٱلْيَهُودِ قَدِيمًا، بَلْ هُمْ شَعْبٌ مُخْلِصٌ وَطَاهِرٌ. لٰكِنْ تَذَكَّرْ أَنَّهُ حَتَّى ٱلرَّجُلُ ٱلْبَارُّ دَاوُدُ ٱلْتَمَسَ مِنْ يَهْوَهَ: «اِخْتَبِرْنِي يَا اَللّٰهُ، وَٱعْرِفْ قَلْبِي. اِمْتَحِنِّي وَٱعْرِفْ هُمُومِي، وَٱنْظُرْ إِنْ كَانَ فِيَّ طَرِيقٌ مُكَدِّرٌ». — مز ١٧:٣؛ ١٣٩:٢٣، ٢٤.
١١، ١٢ (أ) لِمَاذَا عَلَى كُلٍّ مِنَّا أَنْ يَفْحَصَ قَلْبَهُ؟ (ب) مَا ٱلَّذِي لَنْ يَفْعَلَهُ ٱللّٰهُ؟
١١ يُرِيدُ يَهْوَهُ أَنْ يَعْرِفَهُ كُلُّ فَرْدٍ مِنَّا، أَيْ أَنْ نَكُونَ جَمِيعُنَا مَرْضِيِّينَ دَائِمًا فِي نَظَرِهِ. فَعَنِ ٱلْبَارِّ، قَالَ إِرْمِيَا: «يَا يَهْوَهَ ٱلْجُنُودِ، أَنْتَ فَاحِصُ ٱلْبَارِّ، نَاظِرُ ٱلْكُلَى وَٱلْقَلْبِ». (ار ٢٠:١٢) فَإِذَا كَانَ ٱللّٰهُ يَفْحَصُ حَتَّى قُلُوبَ ٱلْأَبْرَارِ، أَفَلَا يَنْبَغِي لَنَا جَمِيعًا أَنْ نَقُومَ بِفَحْصٍ ذَاتِيٍّ صَادِقٍ؟ (اِقْرَأْ مزمور ١١:٥.) وَفِيمَا نَفْعَلُ ذٰلِكَ، قَدْ نَكْتَشِفُ لَدَيْنَا مَوْقِفًا أَوْ هَدَفًا أَوْ مَشَاعِرَ خَاطِئَةً. فَرُبَّمَا نُمَيِّزُ أَمْرًا يَجْعَلُ قَلْبَنَا غَيْرَ مُتَجَاوِبٍ عَلَيْنَا نَزْعُهُ بِعَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةٍ مَجَازِيَّةٍ. فَأَيَّةُ مَوَاقِفَ وَمَشَاعِرَ خَاطِئَةٍ يَجِبُ أَنْ نَبْحَثَ عَنْهَا فِي قَلْبِنَا؟ وَكَيْفَ نَسْتَطِيعُ ٱلْقِيَامَ بِٱلتَّعْدِيلَاتِ ٱللَّازِمَةِ؟ — ار ٤:٤.
١٢ إِنَّ يَهْوَهَ لَنْ يُجْبِرَنَا أَنْ نَتَغَيَّرَ. فَقَدْ قَالَ إِنَّهُ ‹سَيُعْطِي ٱلتِّينَ ٱلْجَيِّدَ قَلْبًا لِيَعْرِفُوهُ›. وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهُ سَيُجْبِرُهُمْ أَنْ يُغَيِّرُوا قَلْبَهُمْ. فَقَدْ لَزِمَ أَنْ يَرْغَبُوا فِي حِيَازَةِ قَلْبٍ طَيِّعٍ يُظْهِرُ أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ ٱللّٰهَ. أَفَلَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَمْتَلِكَ ٱلرَّغْبَةَ نَفْسَهَا؟
١٣، ١٤ كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَتَأَذَّى ٱلْمَسِيحِيُّ رُوحِيًّا بِسَبَبِ حَالَةِ قَلْبِهِ؟
١٣ ذَكَرَ يَسُوعُ: «مِنَ ٱلْقَلْبِ تَخْرُجُ أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ، وَقَتْلٌ، وَزِنًى، وَعَهَارَةٌ، وَسَرِقَةٌ، وَشَهَادَاتُ زُورٍ، وَتَجَادِيفُ». (مت ١٥:١٩) مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلْمَسِيحِيَّ يُمْكِنُ أَنْ يَخْسَرَ رِضَى ٱللّٰهِ إِلَى ٱلْأَبَدِ إِذَا دَفَعَهُ قَلْبُهُ ٱلْقَاسِي إِلَى ٱرْتِكَابِ ٱلْعَهَارَةِ أَوِ ٱلزِّنَى وَلَمْ يُعْرِبْ عَنِ ٱلتَّوْبَةِ. لٰكِنْ حَتَّى لَوْ لَمْ يَرْتَكِبِ ٱلْمَرْءُ أَعْمَالًا كَهٰذِهِ، فَقَدْ يَسْمَحُ لِرَغْبَةٍ خَاطِئَةٍ بِأَنْ تَنْمُوَ فِي قَلْبِهِ. (اِقْرَأْ متى ٥:٢٧، ٢٨.) وَهُنَا يُفِيدُ ٱلْفَحْصُ ٱلذَّاتِيُّ لِلْقَلْبِ. فَهٰذَا ٱلْفَحْصُ قَدْ يُتِيحُ لَكَ أَنْ تَكْتَشِفَ فِيهِ مَشَاعِرَ غَيْرَ لَائِقَةٍ حِيَالَ شَخْصٍ مِنَ ٱلْجِنْسِ ٱلْآخَرِ، مَشَاعِرَ لَا يَرْضَى عَنْهَا ٱللّٰهُ وَعَلَيْكَ ٱلتَّخَلُّصُ مِنْهَا.
١٤ أَيْضًا، قَدْ لَا يَرْتَكِبُ ٱلْمَسِيحِيُّ جَرِيمَةَ «قَتْلٍ». لٰكِنَّهُ يَدَعُ ٱلضَّغِينَةَ تَتَغَلْغَلُ فِي قَلْبِهِ بِحَيْثُ تَجْعَلُهُ يُبْغِضُ أَخَاهُ. (لا ١٩:١٧) أَفَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَبْذُلَ جُهْدًا لِيَتَخَلَّصَ مِنْ هٰذِهِ ٱلْأَحَاسِيسِ ٱلَّتِي قَدْ تُقَسِّي قَلْبَهُ؟ — مت ٥:٢١، ٢٢.
١٥، ١٦ (أ) كَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ «غُلْفَ ٱلْقُلُوبِ»؟ (ب) بِرَأْيِكَ، لِمَاذَا لَا يَرْضَى ٱللّٰهُ عَنْ «غُلْفِ ٱلْقُلُوبِ»؟
١٥ مِنَ ٱلْمُفْرِحِ أَنَّ مُعْظَمَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ لَا يُعَانُونَ مِنْ ‹مَشَاكِلَ فِي قَلْبِهِمْ› مِثْلِ ٱلْمَذْكُورَةِ آنِفًا. لٰكِنَّ يَسُوعَ تَحَدَّثَ أَيْضًا عَنِ ‹ٱلْأَفْكَارِ ٱلشِّرِّيرَةِ›، أَيِ ٱلْآرَاءِ وَٱلْمَوَاقِفِ ٱلَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تُؤَثِّرَ فِي مَجَالَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنْ حَيَاتِنَا. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، قَدْ يَمْتَلِكُ شَخْصٌ نَظْرَةً مُشَوَّهَةً إِلَى مَفْهُومِ ٱلْوَلَاءِ لِلْأَقْرِبَاءِ. طَبْعًا، يَرْغَبُ ٱلْمَسِيحِيُّونَ أَنْ يُعْرِبُوا عَنِ ‹ٱلْحُنُوِّ› لِأَقْرِبَائِهِمْ وَلَا يَكُونُوا مِثْلَ كَثِيرِينَ فِي هٰذِهِ «ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ» مِمَّنْ يَفْتَقِرُونَ إِلَى هٰذِهِ ٱلصِّفَةِ. (٢ تي ٣:١، ٣) لٰكِنْ مِنَ ٱلْمُحْتَمَلِ أَنْ يَتَطَرَّفُوا فِي هٰذَا ٱلْمَجَالِ، مُتَّبِعِينَ ٱلْمَثَلَ ٱلْقَائِلَ: «اُنْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا». فَإِذَا أُهِينَ قَرِيبُهُمْ، يَنْدَفِعُونَ إِلَى ٱلدِّفَاعِ عَنْهُ أَوْ مُسَانَدَتِهِ مَهْمَا كَانَ ٱلثَّمَنُ، مُعْتَبِرِينَ ٱلْمَسْأَلَةَ مَسْأَلَةً شَخْصِيَّةً. مَثَلًا، فَكِّرْ فِي ٱلِٱنْفِعَالِ ٱلشَّدِيدِ ٱلَّذِي ٱعْتَرَى أَخَوَيْ دِينَةَ وَدَفَعَهُمَا إِلَى ٱرْتِكَابِ مَجْزَرَةٍ. (تك ٣٤:١٣، ٢٥-٣٠) وَتَخَيَّلْ حِقْدَ أَبْشَالُومَ ٱلَّذِي أَدَّى بِهِ إِلَى قَتْلِ أَمْنُونَ، أَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ. (٢ صم ١٣:١-٣٠) أَفَلَمْ تَكُنْ هُنَالِكَ «أَفْكَارٌ شِرِّيرَةٌ» وَرَاءَ هَاتَيْنِ ٱلْحَادِثَتَيْنِ؟
١٦ صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ ٱلْيَوْمَ لَا يَرْتَكِبُونَ جَرَائِمَ قَتْلٍ. لٰكِنَّهُمْ قَدْ يُضْمِرُونَ فِي نَفْسِهِمْ مَشَاعِرَ سَلْبِيَّةً قَوِيَّةً حِيَالَ أَخٍ ٱسْتَخَفَّ أَوْ ظَنُّوا أَنَّهُ ٱسْتَخَفَّ بِأَحَدِ أَقْرِبَائِهِمْ. فَيَرْفُضُونَ تَلْبِيَةَ كُلِّ دَعْوَةٍ يَتَلَقَّوْنَهَا مِنْهُ أَوْ يَمْتَنِعُونَ عَنْ إِظْهَارِ رُوحِ ٱلضِّيَافَةِ لَهُ. (عب ١٣:١، ٢) لٰكِنَّ تَصَرُّفًا كَهٰذَا لَا يَنِمُّ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ. وَفَاحِصُ ٱلْقُلُوبِ يَهْوَهُ قَدْ يُشَخِّصُ أَنَّ هٰؤُلَاءِ هُمْ «غُلْفُ ٱلْقُلُوبِ». (ار ٩:٢٥، ٢٦) لِذَا، يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَتَذَكَّرَ حَثَّهُ لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ قَدِيمًا: «اِنْزِعُوا غُلَفَ قُلُوبِكُمْ». — ار ٤:٤.
اِقْتَنِ ‹قَلْبًا لِتَعْرِفَ› يَهْوَهَ
١٧ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا خَوْفُ يَهْوَهَ عَلَى حِيَازَةِ قَلْبٍ أَكْثَرَ تَجَاوُبًا مَعَ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ؟
١٧ مَاذَا لَوْ فَحَصْتَ قَلْبَكَ ٱلْمَجَازِيَّ وَوَجَدْتَ أَنَّهُ لَا يَتَجَاوَبُ تَمَامًا مَعَ مَشُورَةِ يَهْوَهَ وَأَنَّهُ ‹أَغْلَفُ› نَوْعًا مَا؟ فَلَرُبَّمَا ٱكْتَشَفْتَ فِيهِ خَوْفَ ٱلْإِنْسَانِ، تَوْقًا إِلَى ٱلشُّهْرَةِ وَٱلْغِنَى، أَوْ مَيْلًا إِلَى ٱلْعِنَادِ أَوِ ٱلِٱسْتِقْلَالِيَّةِ. فِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ، لَنْ تَكُونَ أَوَّلَ شَخْصٍ يُعَانِي مَشَاكِلَ كَهٰذِهِ. (ار ٧:٢٤؛ ١١:٨) فَقَدْ كَتَبَ إِرْمِيَا أَنَّ ٱلْيَهُودَ غَيْرَ ٱلْأُمَنَاءِ ٱلْمُعَاصِرِينَ لَهُ كَانَ لَدَيْهِمْ «قَلْبٌ مُعَانِدٌ وَمُتَمَرِّدٌ». ثُمَّ أَضَافَ: «لَمْ يَقُولُوا فِي قُلُوبِهِمْ: ‹لِنَخَفْ يَهْوَهَ إِلٰهَنَا ٱلَّذِي يُعْطِي وَابِلَ ٱلْمَطَرِ وَمَطَرَ ٱلْخَرِيفِ›». (ار ٥:٢٣، ٢٤) أَفَلَا يَعْنِي ذٰلِكَ أَنَّ ٱلْخَوْفَ ٱلسَّلِيمَ مِنْ يَهْوَهَ هُوَ مِنَ ٱلْأُمُورِ ٱلَّتِي تُسَاعِدُنَا عَلَى نَزْعِ ‹غُلَفِ قَلْبِنَا›، بِحَيْثُ يُصْبِحُ أَكْثَرَ تَجَاوُبًا مَعَ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ؟
١٨ أَيُّ وَعْدٍ قَطَعَهُ يَهْوَهُ لِلَّذِينَ فِي ٱلْعَهْدِ ٱلْجَدِيدِ؟
١٨ فِيمَا نَسْعَى إِلَى إِرْضَاءِ يَهْوَهَ، سَيُعْطِينَا ‹قَلْبًا لِنَعْرِفَهُ›. وَهٰذَا مَا وَعَدَ أَنْ يَفْعَلَهُ لِلْمَمْسُوحِينَ ٱلَّذِينَ هُمْ فِي ٱلْعَهْدِ ٱلْجَدِيدِ، إِذْ قَالَ: «أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ، وَأَكْتُبُهَا فِي قُلُوبِهِمْ. وَأَكُونُ إِلٰهَهُمْ، وَهُمْ يَكُونُونَ شَعْبِي». وَأَضَافَ: «لَا يُعَلِّمُونَ بَعْدُ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ، قَائِلِينَ: ‹اِعْرِفُوا يَهْوَهَ!›؛ لِأَنَّهُمْ جَمِيعَهُمْ سَيَعْرِفُونَنِي، مِنْ أَصْغَرِهِمْ إِلَى أَكْبَرِهِمْ . . . لِأَنِّي أَغْفِرُ ذَنْبَهُمْ، وَلَا أَذْكُرُ خَطِيَّتَهُمْ بَعْدُ». — ار ٣١:٣١-٣٤.a
١٩ أَيَّةُ فَوَائِدَ يَجْنِيهَا ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْحَقِيقِيُّونَ؟
١٩ إِنَّ ٱلِٱسْتِفَادَةَ مِنْ هٰذَا ٱلْعَهْدِ ٱلْجَدِيدِ تَتَطَلَّبُ مِنَ ٱلْمَرْءِ ٱلِٱسْتِمْرَارَ فِي مَعْرِفَةِ يَهْوَهَ وَٱلْكَيْنُونَةِ جُزْءًا مِنْ شَعْبِهِ. لٰكِنَّ ذٰلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ إِلَّا بِمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا عَلَى أَسَاسِ ذَبِيحَةِ ٱلْمَسِيحِ ٱلْفِدَائِيَّةِ. وَهٰذَا ٱلْأَمْرُ يَجِبُ أَنْ يَدْفَعَنَا أَنْ نَغْفِرَ لِغَيْرِنَا حَتَّى لَوْ صَعُبَ عَلَيْنَا ذٰلِكَ. فَيَنْبَغِي أَنْ نَبْذُلَ قُصَارَى جُهْدِنَا لِنَتَخَلَّصَ مِنْ كُلِّ مَشَاعِرِ ٱلضَّغِينَةِ وَٱلْغَضَبِ ٱلَّتِي نُكِنُّهَا لِلْآخَرِينَ. وَهٰكَذَا نُثْبِتُ أَنَّنَا نُحِبُّ أَنْ نَخْدُمَ يَهْوَهَ وَنَعْرِفَهُ بِشَكْلٍ أَفْضَلَ. إِذَّاكَ، يَنْطَبِقُ عَلَيْنَا ٱلْوَعْدُ ٱلتَّالِي: «تَطْلُبُونَنِي فَتَجِدُونَنِي، إِذْ تَبْحَثُونَ عَنِّي بِكُلِّ قَلْبِكُمْ. فَأُوجَدُ لَكُمْ». — ار ٢٩:١٣، ١٤.
a تَجْرِي مُنَاقَشَةُ ٱلْعَهْدِ ٱلْجَدِيدِ فِي ٱلْفَصْلِ ١٤ مِنْ كِتَابِ رِسَالَةٌ مِنَ ٱللّٰهِ بِفَمِ إِرْمِيَا.