الدرس ٣
«بدأتُ أرى رؤى إلهية»
فكرة الدرس الرئيسية: رؤيا حزقيال عن المركبة السماوية
١-٣ (أ) صِف ما رآه حزقيال وسمعه. (أُنظر الصورة في بداية الدرس.) (ب) أي قوة جعلت حزقيال يرى هذه الرؤيا، وكيف أثَّر فيه ذلك؟
لا يُصدِّق حزقيال ما تراه عيناه. يحاول أن يُحدِّق أكثر نحو السهول الرملية البعيدة ليفهم ما سر هذه العاصفة العجيبة. ولكن فيما تشتد الرياح الشمالية، يرى منظرًا لم يرَ مثله في حياته: غيمة ضخمة عظيمة جدًّا تُضيئها من الداخل نار تلمع وتبرق، كأنها مزيج من ذهب وفضة. ويسمع حزقيال هديرًا قويًّا جدًّا كأنه صوت جيش ضخم. وكلما اقتربت الغيمة منه، قوِيَ صوت الهدير أكثر. — حز ١:٤، ٢٤.
٢ كان عمر حزقيال هنا ٣٠ سنة تقريبًا. وهذه الرؤيا هي الأولى من سلسلة رؤى لن ينساها في حياته. قال حزقيال إن «قدرة يهوه»، أي روحه القدس، «تعمل فيه». وهذا الروح سيجعل حزقيال يرى ويسمع أمورًا رائعة تفوق الخيال، أروع بكثير من كل ما يُقدِّمه صُنَّاع الأفلام اليوم. وما يراه سيُبهره لدرجة أنه سيسجد ووجهه إلى الأرض. — حز ١:٣، ٢٨.
٣ لكن يهوه لم يُرِد فقط أن يُبهِر هذا الشاب. فكل الرؤى التي رآها حزقيال وكتبها في سفره المشوِّق أوصلت رسائل كثيرة له ولخدام يهوه الأمناء اليوم. لنتأمل الآن في ما رآه حزقيال وسمعه.
الزمان والمكان
٤، ٥ تحدَّثْ عن الزمان والمكان اللذَين رأى فيهما حزقيال الرؤيا.
٤ إقرأ حزقيال ١:١-٣. لنتحدث عن الزمان والمكان اللذين رأى فيهما حزقيال هذه الرؤيا. السنة كانت ٦١٣ قم. ومثلما رأينا في الدرس السابق، كان حزقيال يعيش في بابل بين مجموعة من اليهود الأسرى قرب نهر كَبار. ويبدو أن هذا النهر كان قناة ماء اصطناعية تستطيع المراكب عبورها. وهو يتفرَّع من نهر الفرات ثم يعود ويصبُّ فيه مجددًا.
٥ إن هؤلاء الأسرى بعيدون عن مدينتهم أورشليم نحو ٨٠٠ كلم.a والهيكل، الذي خدم فيه والد حزقيال ككاهن، تغلغل فيه الفساد وعبادة الأصنام. أما العرش في أورشليم حيث حكم ملوك عظماء مثل داود وسليمان، فصار الآن في وضع مُخجِل. فمنذ فترة، جلس على العرش الملك الشرير يهوياكين الذي أُخذ أسيرًا إلى بابل. وحتى الملك الذي أتى بعده، صدقيا، لم يكن أفضل منه. فهو كان رجلًا شريرًا وشخصيته ضعيفة. — ٢ مل ٢٤:٨-١٢، ١٧، ١٩.
٦، ٧ لماذا ربما شعر حزقيال أنه يعيش في أبشع فترة في حياته؟
٦ لا نبالغ إذا قلنا إن هذه الفترة كانت أبشع فترة في حياة الرجل الأمين حزقيال. فربما تساءل بعض رفاقه الأسرى: ‹هل تركَنا يهوه؟ هل سمح لبابل أن تقضي على العبادة النقية وتُزيل حكمه من الأرض؟ هل ربحَت هذه الإمبراطورية الشريرة مع آلهتها المزيفة؟›.
٧ لنُبقِ هذه المعلومات في بالنا فيما نناقش رؤيا حزقيال. ولكن ما رأيك أولًا أن تبدأ درسك الشخصي بقراءة حزقيال ١:٤-٢٨؟ وعندما تقرأ هذه الآيات، ضع نفسك مكان حزقيال وحاول أن ترى ما رآه وتُحس بما أحسَّ به.
مركبة استثنائية
٨ ماذا رأى حزقيال في الرؤيا، وماذا يُمثِّل ما رآه؟
٨ يرى حزقيال مركبة عظيمة توحي بالرهبة. كان لها أربع عجَلات ضخمة يقف إلى جانبها أربعة مخلوقات روحانية أشكالها غريبة، يتبيَّن لاحقًا أنها كروبيم. (حز ١٠:١) وفوق هذه المخلوقات الحية والعجَلات، يمتد لوح كبير يلمع كالجليد. وعلى هذا اللوح، هناك عرش مليء بالمجد يجلس عليه يهوه نفسه. فماذا تُمثِّل هذه المركبة؟ كل ما رآه حزقيال يُمثِّل أمرًا واحدًا: الجزء السماوي من هيئة يهوه الكونية. لماذا نقول ذلك؟ إليك ثلاثة أسباب.
٩ لماذا نقول إن علاقة يهوه بمخلوقاته السماوية تُشبه مركبة هو يقودها؟
٩ مركز يهوه نسبةً إلى مخلوقاته السماوية. في هذه الرؤيا، يُوصَف عرش يهوه بأنه فوق الكروبيم. وفي آيات أخرى، يُوصَف يهوه بطريقة مشابهة بأنه يجلس على عرشه فوق الكروبيم أو بينهم. (إقرأ ٢ ملوك ١٩:١٥؛ خر ٢٥:٢٢؛ مز ٨٠:١) طبعًا، هذا لا يعني أنه يجلس حرفيًّا فوق الكروبيم كما لو أنه بحاجة أن تحمله هذه المخلوقات الروحانية القوية. وهو لا يحتاج أيضًا أن يقود مركبة حرفية ليتنقَّل. بل المقصود ببساطة أن الكروبيم يدعمون سيادته. فهم يُطيعون سيدهم ويذهبون إلى حيث يُرسلهم ليُنفِّذوا مشيئته. ومثل باقي الملائكة القدوسين، يُنفِّذون قرارات يهوه بصفتهم خدامه أو ممثلين عنه. (مز ١٠٤:٤) إذًا «يقود» يهوه جميع ملائكته ويوجِّههم بصفته سيدًا عليهم، كما لو أنهم يُشكِّلون مركبة ضخمة موحَّدة.
١٠ على أي أساس نقول إن المركبة السماوية تشمل أكثر من أربعة كروبيم؟
١٠ هذه المركبة لا تشمل أربعة كروبيم فقط. يُستعمَل الرقم أربعة عادةً في الكتاب المقدس ليُشير إلى شيء متوازن تمامًا ومتناسق وشامل، أي يشمل الجميع دون استثناء. إذًا يرمز الكروبيم الأربعة إلى كل أولاد اللّٰه الروحانيين الأولياء. لاحِظ أيضًا أن العجَلات وحتى الكروبيم مليئون بالعيون. ولا بد أن كل هذا التيقُّظ يشمل أكثر من أربعة كائنات روحانية. ومن طريقة وصف حزقيال للمركبة، نستنتج أنه حتى الكروبيم العظماء يبدون صغارًا أمام هذه المركبة الضخمة. (حز ١:١٨، ٢٢؛ ١٠:١٢) بشكل مشابه، الجزء السماوي من هيئة يهوه ضخم، ويشمل أكثر بكثير من أربعة كروبيم.
١١ أي رؤيا مشابهة نالها دانيال، وماذا نستنتج؟
١١ رأى دانيال رؤيا مشابهة عن السماء. عاش النبي دانيال سنواتِ الأسر الطويلة في بابل، وهو أيضًا نال رؤيا عن السماء. والملفت أن عرش يهوه في هذه الرؤيا أيضًا كان له عجَلات. وقد ركَّزت رؤيا دانيال على ضخامة عائلة يهوه الروحية في السماء. فهو رأى ‹آلافًا كثيرة وملايين كثيرة› من أبناء اللّٰه الروحانيين يقفون قدَّامه ويُشكِّلون محكمة سماوية. وكما يبدو، كان كل واحد يجلس في المكان المعيَّن له. (دا ٧:٩، ١٠، ١٣-١٨) أليس منطقيًّا إذًا أن نستنتج أن رؤيا حزقيال تُمثِّل هذه العائلة الروحية نفسها؟
١٢ لماذا نقول إن درسنا لمواد مثل الرؤيا عن المركبة السماوية هو حماية لنا؟
١٢ يعرف يهوه أن التركيز على الحقائق الروحية، أي على «الأمور التي لا تُرى» مثلما سمَّاها الرسول بولس، يُساعدنا أن نحمي أنفسنا. فبما أننا بشر من لحم ودم، نميل أن نفكِّر أكثر من اللزوم في «الأمور التي تُرى»، أي هموم الحياة التي ستزول قريبًا. (إقرأ ٢ كورنثوس ٤:١٨.) وغالبًا ما يستغل الشيطان هذه الفرصة كي يُنسينا روحياتنا ويجعلنا نركِّز فقط على هذه الأمور. لكن أبانا المحب يهوه لم يتركنا وحدنا في هذه المعركة. فهو أعطانا كلمته التي تساعدنا كثيرًا في هذا المجال، ومن ضمنها نبوة حزقيال التي تُذكِّرنا كم عظيمة هي عائلة يهوه في السماء.
«أيتها العجَلات الدوَّارة»
١٣، ١٤ (أ) كيف وصف حزقيال العجلات التي رآها؟ (ب) لماذا منطقي أن يكون لعرش يهوه عجلات؟
١٣ يُخبرنا حزقيال في البداية عن الكروبيم الأربعة. وفي الدرس ٤، سنرى ماذا نتعلَّم عن يهوه من هذه المخلوقات وأشكالها المُلفتة للنظر. غير أن حزقيال يرى أربع عجَلات بجانب الكروبيم. وكما يبدو، كانت هذه العجَلات موجودة في أربعة مواقع مختلفة مشكِّلة مربَّعًا ضخمًا. (إقرأ حزقيال ١:١٦-١٨.) وكانت تلمع كما لو أنها مصنوعة من الزبرجد، وهو حجر كريم شفاف أو شبه شفاف يكون لونه عادةً أصفر أو أخضر مائلًا إلى الصفار.
١٤ شدَّدت رؤيا حزقيال كثيرًا على عجَلات المركبة. أساسًا، الفكرة غير عادية: عرش له عجَلات! فعندما نفكِّر عادةً في عرش، يخطر على بالنا أنه موجود في مكان محدَّد. وهذا أمر طبيعي. فالملوك البشر لا يقدرون أن يحكموا إلا ضمن حدود معيَّنة. لكنَّ سيادة يهوه لا تُشبه حكم البشر بأي شكل من الأشكال. فحزقيال سيرى بعينيه أن سلطة هذا السيد العظيم لا حدود لها، تصل حرفيًّا إلى كل شبر في الكون. — نح ٩:٦.
١٥ ماذا لاحظ حزقيال بخصوص حجم العجلات وتصميمها؟
١٥ وقف حزقيال مذهولًا أمام حجم العجَلات. كتب: «لكلِّ عجَلة من العجَلات الأربع إطار علوُّه مخيف». تخيَّل حزقيال يُرجِع رأسه إلى الوراء ويُحدِّق أكثر ليكتشف تفاصيل هذه العجَلة العملاقة. ثم يُخبرنا أن كل إطار كان ‹مليئًا بالعيون على كامل دائرته›. ولكن ربما ما أذهله أكثر بعد كان التصميم الغريب لهذه العجَلات. قال: «بدا منظرها وطريقة صُنعها وكأنها عجَلة في داخل عجَلة». فماذا عنى ذلك؟
١٦، ١٧ (أ) بأي معنى كان هناك عجلة داخل عجلة؟ (ب) ماذا تكشف العجلات عن طريقة تنقُّل مركبة يهوه؟
١٦ كما يبدو، كل عجَلة رآها حزقيال كانت تتألف من عجَلتين تتشاركان نفس نقطة الوسط، وتتقاطعان بحيث تتشكَّل بينهما زاوية قياسها ٩٠ درجة. وهذا يشرح الطريقة التي كانت تتحرَّك بها العجَلات مثلما وصفها حزقيال. قال: «عندما تحرَّكَت، ذهبَت في أي اتجاه من الاتجاهات الأربعة دون أن تنعطف». فماذا تكشف هذه العجَلات عن المركبة السماوية التي رآها حزقيال؟
١٧ لا شك أن عجَلة بهذا العلو المخيف يكفي أن تدور دورة واحدة لتقطع مسافات شاسعة. ومثلما نستنتج من هذه الرؤيا، تتحرَّك هذه المركبة بسرعة البرق. (حز ١:١٤) إضافة إلى ذلك، إن التصميم الغريب للعجَلات التي تسير في الاتجاهات الأربعة يُعطيها سهولة مذهلة في التنقُّل. وهذا أمر لا يقدر أن يصل إليه المهندسون البشر، ولا حتى في أحلامهم. فهذه المركبة تقدر أن تذهب في كل الاتجاهات دون أن تُخفِّف سرعتها أو حتى تنعطف. مع ذلك، هي لا تسير عشوائيًّا. فالعيون التي تُغطي الإطار تنقل فكرة واضحة بأن هذه المركبة متيقِّظة تمامًا وترى كل شيء حولها في كل الاتجاهات.
١٨ ماذا يُعلِّمنا حجم العجلات المخيف والعيون الكثيرة عن يهوه وعن الجزء السماوي من هيئته؟
١٨ ماذا أراد يهوه أن يُعلِّم حزقيال وكل شعبه الأمين عن الجزء السماوي من هيئته؟ لنراجع معًا ما رأيناه حتى الآن. إن المواد اللامعة التي صُنعَت منها العجَلات وحجمها المخيف تُوحي بالمجد والرهبة. والعيون الكثيرة على العجَلات تُخبرنا أن الجزء السماوي من هيئة يهوه مُتيقِّظ تمامًا. فعينَا يهوه تريان كل شيء. (أم ١٥:٣؛ إر ٢٣:٢٤) وهو لديه أيضًا ملايين كثيرة من الملائكة الذين يخدمونه. فهم يُطيعونه ويذهبون إلى أي مكان في الكون يُرسلهم إليه. وهكذا يستطيعون أن يُدقِّقوا في المسائل ثم يُقدِّموا تقريرًا لسيدهم. — إقرإ العبرانيين ١:١٣، ١٤.
١٩ ماذا تُعلِّمنا سرعة المركبة وسهولتها الكبيرة في التنقل عن يهوه والجزء السماوي من هيئته؟
١٩ لقد رأينا أيضًا أن المركبة تسير بسرعة البرق ولديها سهولة كبيرة في التنقُّل. فكِّر قليلًا في الفرق بين الجزء السماوي من هيئة يهوه وبين حكومات البشر ومنظماتهم ومؤسساتهم. فهم يتخبَّطون في المشاكل، وقراراتهم لا تُظهر عمومًا بُعد النظر لأنهم عاجزون عن التكيُّف. وفي أحيان كثيرة، يظلُّون مقيَّدين بأساليبهم القديمة إلى أن تقع الكارثة. أما مركبة يهوه، فتُظهر بوضوح أن الإله الذي يتحكَّم بها مرن جدًّا ويعرف كيف يتكيَّف. فمثلما يُظهر اسمه، يقدر أن يصير أي شيء لازم ليُحقِّق قصده. (خر ٣:١٣، ١٤) مثلًا، يقدر بلحظة أن يصير محاربًا جبَّارًا يُدافع عن شعبه. لكنه بلحظة أيضًا، يصير إلهًا رحومًا يسامح شعبه على أخطائهم ويحضنهم. وهو مستعد أن يسمع للخطاة، مهما كانوا يائسين، ويُرجعهم إليه شرط أن يكونوا تائبين. — مز ٣٠:٥؛ إش ٦٦:١٣.
٢٠ لماذا نشعر بالرهبة عندما نفكِّر في مركبة يهوه؟
٢٠ كيف تشعر الآن بعدما تأملتَ في تفاصيل كثيرة عن رؤيا حزقيال؟ لا شك أنك تُحس بالرهبة، خصوصًا إذا تذكَّرتَ أن ما رآه حزقيال هو رؤيا عن شيء حقيقي موجود الآن. لذلك مهم أن نُبقي في بالنا هذه الأمور: أولًا، مستحيل أن لا يرى يهوه وابنه والملائكة المشاكل التي تُتعبنا. ثانيًا، لا داعي أن نقلق، فيهوه سيعطينا حاجاتنا في الوقت المناسب. وبغض النظر عن المشاكل الجديدة في هذا العالم غير المستقر، فهيئته قادرة أن تتكيَّف معها. ثالثًا، هيئة يهوه هي هيئة نشيطة لا تتوقَّف عن العمل. فحزقيال سمع لاحقًا صوتًا من السماء يصرخ: «أيتها العجَلات الدوَّارة»، وكان هذا على ما يبدو أمرًا للعجَلات كي تتحرَّك. (حز ١٠:١٣) أليس رائعًا إذًا أن نتأمل في الطريقة التي تتحرَّك بها هذه الهيئة؟ ولكن لنُبقِ في بالنا أن الفضل الأول والأخير في ذلك هو ليهوه نفسه.
الجالس على العرش
٢١، ٢٢ ماذا يُبقي المركبة متماسكة؟
٢١ ينتقل الآن حزقيال ليصف الجزء الأعلى من هذه المركبة. فهو يقول إنه رأى «ما يُشبه لوحًا يلمع كالجليد ويوحي بالرهبة». (حز ١:٢٢) هذا اللوح شبه شفاف ويلمع جدًّا، ويمتدُّ فوق رؤوس الكروبيم. ولكن ربما تخطر على بال بعض القرَّاء أسئلة مثل: ‹ماذا يُثبِّت هذا اللوح فوق العجَلات؟ كيف تُحرِّك العجَلات اللوح دون أن تكون موصولة معًا؟›. لنبقِ في بالنا أن هذه المركبة ليست محكومة بالقوانين الفيزيائية. فهي رؤيا مجازية تُصوِّر لنا حقيقة موجودة في السموات. لاحظ أيضًا الكلمات المهمة التي قالها حزقيال: «الروح الذي يعمل في المخلوقات الحية كان أيضًا في العجَلات». (حز ١:٢٠، ٢١) فعن أي روح يتكلم؟
٢٢ لا شك أن المقصود هنا هو روح يهوه القدس، أعظم قوة في الكون. فقوة يهوه العاملة تُمسك بالمركبة، تُحرِّكها، وتتحكم بحركاتها لتظلَّ متناسقة. والآن يتأمل حزقيال في الذي يقود المركبة.
كان حزقيال يحاول أن يجد الكلمات المناسبة ليصف أمورًا أروع من أن تُوصَف
٢٣ أي عبارات استعملها حزقيال وهو يُحاول أن يصف يهوه، ولماذا؟
٢٣ إقرأ حزقيال ١:٢٦-٢٨. فيما كان حزقيال يصف ما رآه، غالبًا ما استعمل عبارات مثل: «ما يُشبه»، «كان كأنه»، «يبدو كأنه»، «كما لو أنها»، و «مثل». ولكن في هذه الآيات، استعمل عبارات كهذه بكثرة. فيبدو أنه كان يحاول أن يجد كلمات مناسبة ليصف أمورًا أروع من أن توصَف. فهو رأى شيئًا «يُشبه حجر الياقوت الأزرق ويبدو كأنه عرش». فهل تتخيل عرشًا يتألف من حجر واحد ضخم من الياقوت الأزرق؟ وعلى هذا العرش، رأى أحدًا «يُشبه إنسانًا» جالسًا عليه.
٢٤، ٢٥ (أ) بماذا يُذكِّرنا قوس قزح الذي يُحيط بعرش يهوه؟ (ب) كيف أثَّرَت رؤى كهذه على بعض رجال الإيمان؟
٢٤ لم يستطع حزقيال أن يرى تفاصيل كثيرة عن الذي يجلس على العرش لأن يهوه كان يتوهَّج كله. هل تتخيل حزقيال يحاول أن يحمي عينيه من هذا الوهج، وفي الوقت نفسه يُحدِّق أكثر إلى العرش المليء بالمجد؟ وأخيرًا، يذكر حزقيال معلومة رائعة عن عرش يهوه: «حوله كلِّه نور ساطع يُشبه قوس قزح في الغيم في يوم ممطر». ألا نُحس إحساسًا جميلًا عندما نرى قوس قزح في السماء؟ إنه تذكير رائع بعظمة خالقنا. فهذا القوس الملوَّن الذي يظهر في السماء يُحسِّسنا بالهدوء والطمأنينة ويُذكِّرنا بعهد السلام الذي صنعه يهوه بعد الطوفان. (تك ٩:١١-١٦) فهذا الإله الجبار القادر على كل شيء هو في الوقت نفسه إله السلام أيضًا. (عب ١٣:٢٠) وهو يجعل كل خدامه الأمناء يشعرون بالسلام.
٢٥ وماذا كانت ردة فعل حزقيال عندما رأى لمحة عن مجد يهوه اللّٰه؟ كتب: «لمَّا رأيته، سجدتُ ووجهي إلى الأرض». فأمام كل هذه العظَمة والرهبة، لم يستطع حزقيال إلا أن يسجد. وردة فعله هذه ليست غريبة. فهناك أنبياء آخرون تصرَّفوا بطريقة مشابهة عندما نالوا رؤى من يهوه. فلا بد أنهم انذهلوا بما رأوه وشعروا أنهم صغار جدًّا أمام يهوه. (إش ٦:١-٥؛ دا ١٠:٨، ٩؛ رؤ ١:١٢-١٧) ولكن لاحقًا، تشجَّع هؤلاء الرجال كثيرًا بما كشفه يهوه لهم. ولا شك أن هذا ما حصل مع حزقيال أيضًا. فماذا عنا اليوم؟ ماذا يجب أن تكون ردة فعلنا عندما نقرأ أجزاء كهذه في الكتاب المقدس؟
٢٦ كيف قوَّت هذه الرؤيا حزقيال دون شك؟
٢٦ إذا كان لدى حزقيال أي شكوك عن وضع شعب اللّٰه في بابل، فلا بد أن هذه الرؤيا قوَّته وأزالت شكوكه. فمن الواضح أن مركبة يهوه الرائعة تقدر أن تصل إلى شعب اللّٰه الأمين أينما كان: في أورشليم، في بابل، أو في أي مكان آخر. وهل هناك قوة شيطانية قادرة أن تتحدى الإله الذي يتحكم بمركبة سماوية عظيمة كهذه؟! (إقرإ المزمور ١١٨:٦.) كما رأى حزقيال أن هذه المركبة السماوية ليست بعيدة عن البشر. فعجَلاتها كانت تلامس الأرض. (حز ١:١٩) إذًا، كان يهوه مهتمًّا اهتمامًا شديدًا بشعبه الأمين في الأسر، ولا شيء كان سيقف في وجه هذا الأب المحب ويمنعه أن يشمل شعبه بعطفه واهتمامه.
كيف تؤثِّر فينا الرؤيا عن المركبة؟
٢٧ كيف تُفيدنا رؤيا حزقيال اليوم؟
٢٧ هل تُفيدنا رؤيا حزقيال اليوم؟ طبعًا. فالشيطان يشنُّ هجمات أقوى وأقوى على عبادة يهوه النقية. وهو يتمنى أن يُقنعنا أننا منسيون ومعزولون وبعيدون عن أبينا المحب وهيئته. ولكن لا يجب أبدًا أن نسمح له أن يُسمِّم أفكارنا وقلبنا بأكاذيب كهذه. (مز ١٣٩:٧-١٢) ومثل حزقيال، لدينا أسباب كثيرة لنشعر بالرهبة عندما نقرأ هذه الرؤيا. صحيح أننا قد لا نسجد في تلك اللحظة مثلما فعل حزقيال، لكننا سنشعر كم نحن صغار أمام قدرة الجزء السماوي من هيئة يهوه الكونية، سرعته، سهولته في التنقُّل والتكيُّف، وعظمته.
٢٨، ٢٩ ماذا يُظهر أن مركبة يهوه كانت تتقدم بسرعة خلال المئة سنة الماضية؟
٢٨ تذكَّر أن جزءًا من هيئة يهوه موجود هنا على الأرض. صحيح أنه يتألف من بشر ناقصين، لكنَّ يهوه حقَّق من خلالهم إنجازات مذهلة. ففي كل العالم، يُحرِّك يهوه بشرًا ضعفاء ليقوموا بإنجازات مستحيل أن يقوموا بها بمفردهم. (يو ١٤:١٢) أمسِك كتاب ملكوت اللّٰه يحكم الآن! وقلِّب صفحاته لترى كيف توسَّع عمل التبشير بشكل مذهل خلال القرن الماضي. ولا نقدر أن ننسى التحسينات التي قامت بها هيئة يهوه لتُعلِّم المسيحيين الحقيقيين، تُحقِّق انتصارات قانونية، وتستفيد من أحدث تكنولوجيا لتُتمِّم مشيئة اللّٰه.
٢٩ كل هذه الإنجازات وغيرها تحقَّقت في الأيام الأخيرة لهذا العالم الفاسد. والهدف منها ردُّ العبادة النقية. وهذا يُظهر لنا بوضوح أن مركبة يهوه تتقدَّم بسرعة. وهل هناك امتياز أعظم من أن نكون جزءًا من هذه الهيئة ونخدم سيدًا عظيمًا مثل يهوه؟! — مز ٨٤:١٠.
٣٠ ماذا سنرى في الدرس التالي؟
٣٠ تُعلِّمنا رؤيا حزقيال أمورًا أكثر بعد. ففي الدرس التالي، سنتأمل في «المخلوقات الحية» الأربعة، أي الكروبيم. فماذا تُعلِّمنا هذه المخلوقات عن السيد العظيم يهوه اللّٰه؟
a هذه كانت مسافة الطريق الذي يمرُّ عبر الصحراء العربية. لكنَّ الطريق الذي سلكه الأسرى على الأرجح كان تقريبًا ضعف هذه المسافة.