مشاهد من ارض الموعد
برية يهوذا قاحلة ولكنها خلابة
كيف تتخيلون برية يهوذا في ارض الموعد؟ يفكر البعض في غابة كثيفة فسيحة. ويتخيل آخرون قفرا شبيها بالصحراء الكبرى بامتدادات من الرمال لا نهاية لها.
لا يطابق ايّ من التشبيهين هذه البرية، كما يمكنكم ان تروا من الصورة الفوتوغرافية في الصفحة ١٧. في هذا المشهد انتم تنظرون الى جزء من البرية يتعلق بيسوع. فقد جاء في التقليد ان الشيطان أرى يسوع «جميع ممالك العالم» من هذه القمة، التي تقع على حافة البرية وتطلّ على مدينة اريحا المزدانة بالنخل في وادي الاردن شرقا. — متى ٣:١؛ ٤:١-١١.
ومن هذا الجزء في الشمال الشرقي تمتد برية يهوذا في محاذاة الجانب الغربي للبحر الميت. وقد يساعدكم على تصوّر هذه المنطقة اذا نظرتم الى خارطة الغلاف في روزنامة ١٩٨٩ لشهود يهوه. (والروزنامة ايضا لها نسخة كبيرة للصورة في الصفحة ١٧.) والبرية (عرضها ١٠ الى ١٥ ميلا) تقع في المنحدرات الشرقية لجبال اليهودية، نزولا الى شواطئ البحر الميت.
تحجز تلك الجبال معظم الرطوبة الآتية من البحر الابيض المتوسط. لذلك فان التلال الطبشورية الجرداء الملساء في الجانب الشرقي تتلقى القليل من المطر باستثناء شهري الشتاء تشرين الثاني وكانون الاول. وفي ذلك الوقت ينبت العشب، مما يمكِّن قطعان الغنم من الرعي هنا. وهكذا فان «صِيَر الغنم» المذكورة في ١ صموئيل ٢٤:٣ تكون ملائمة تماما لهذه المنطقة.
والعشب الذي ينمو هنا لا يدوم طويلا. فالرياح الشرقية من الصحراء سرعان ما تحوِّل الاخضر الى بني ملفوح. وكم يوضح ذلك جيدا التعليق النبوي: «يبس العشب ذبل الزهر وأما كلمة الهنا فتثبت الى الابد.» — اشعياء ٤٠:٨؛ ١ بطرس ١:٢٤، ٢٥.
ربما تأمل يسوع في هذه الآية عند جولانه في هذه البرية ٤٠ نهارا و ٤٠ ليلة. فكِّروا كيف شعر يسوع دون شك تحت الشمس اللاذعة التي تشعّ على الصخور والوهاد العارية من الاشجار. (اشعياء ٣٢:٢) وكم هو معقول انه في ما بعد ‹قد جاءت ملائكة وصارت تخدمه›! — متى ٤:١-١١.
وبسبب قحلها وقلة سكانها استُخدمت برية اليهودية في كثير من الاحيان كمكان للالتجاء. وعند هروبه من الملك شاول الغضبان وجد داود الحماية هناك، واصفا اياها بأنها «ارض ناشفة ويابسة بلا ماء.» (مزمور ٦٣:١ والعنوان؛ ١ صموئيل ٢٣:٢٩) ولمدة من الوقت اختبأ في مغارة، ربما كمغارة امّ قتافا في وادي خاريتون (وادٍ يمتد من شرقي بيت لحم نحو البحر الميت). (عبرانيين ١١:٣٢، ٣٨) وفي هذا المشهد من المغارة يمكنكم ان تروا في اليمين الاسفل بعضا من الغنم الاسود يطوف بحثا عن النبات المتناثر.
كان داود في كهف في منطقة عين جدي عندما دخل شاول ليقضي حاجته. ومع ان داود قطع طرف جبة شاول، لم يكن ليؤذي «مسيح الرب.» وفي ما بعد نادى داود شاول، ربما عندما كان الملك يجول وسط اوراق النبات الكثيرة. (١ صموئيل ٢٤:١-٢٢) ‹اوراق نبات كثيرة هنا؟› قد تتساءلون.
اجل، عندما تكون هنالك وفرة من المياه يمكن لهذه البرية ان تزهر. وعين جدي هي احد الامثلة. فالمياه المتسربة من خلال الصخر المسامي تنبثق كينابيع وشلالات في هذا الوادي الذي ينفتح على الشاطئ الغربي للبحر الميت. وهذا يجعل عين جدي اجمة حقيقية، غنية بالحياة النباتية. واذ تزورون هذا المكان يمكنكم ان تجدوا انواعا عديدة من الازهار والفواكه. وقد ترون ايضا حيوانات برية تتراوح بين الوُبُور والوعول؛ وهنالك ايضا نمور في المنطقة! — ١ صموئيل ٢٤:٢؛ نشيد الانشاد ١:١٤.
أمّا ان برية يهوذا القاحلة يمكن ان تخضرّ جدا فذلك يضيف غنى الى فهمنا رؤيا حزقيال عن المياه المتدفقة من الهيكل في اورشليم. فقد ازداد السيل الى ان صار نهرا يجري شرقا نزولا عبر برية اليهودية. وبأية نتيجة؟ كتب حزقيال: «إذَا على شاطئ النهر اشجار كثيرة جدا . . . ويكون ثمره للاكل وورقه للدواء.» وتدفقت المياه الى البحر الميت، شافية حتى مياهه العديمة الحياة. — حزقيال ٤٧:١-١٢؛ اشعياء ٣٥:١، ٦، ٧.
اذًا، على الرغم من ان برية يهوذا شبه جافة ومقفرة، فهي ايضا منطقة تباينات خلابة تبرز في العديد من روايات الكتاب المقدس. — لوقا ١٠:٢٩-٣٧.
[مصدر الصورة في الصفحة ١٦]
Pictorial Archive )Near Eastern History( Est.
[مصدر الصورة في الصفحة ١٧]
Pictorial Archive )Near Eastern History( Est.