اِتَّكِلْ عَلَى يَهْوَهَ فَتَحْيَا إِلَى ٱلْأَبَدِ
«اِتَّكِلْ عَلَى يَهْوَهَ بِكُلِّ قَلْبِكَ، وَعَلَى فَهْمِكَ لَا تَعْتَمِدْ». — ام ٣:٥.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ١٥٢، ٤٩
١ لِمَاذَا نَحْتَاجُ جَمِيعُنَا إِلَى ٱلتَّعْزِيَةِ؟
مَنْ مِنَّا لَا يَحْتَاجُ إِلَى ٱلتَّعْزِيَةِ؟ فَرُبَّمَا أَصْبَحَتِ ٱلْهُمُومُ وَٱلْمَصَائِبُ وَخَيْبَاتُ ٱلْأَمَلِ جُزْءًا مِنْ حَيَاتِنَا. أَوْ رُبَّمَا نُعَانِي كَثِيرًا بِسَبَبِ ٱلتَّقَدُّمِ فِي ٱلْعُمْرِ أَوِ ٱلْمَرَضِ أَوْ مَوْتِ شَخْصٍ نُحِبُّهُ. كَمَا أَنَّ ٱلْعُنْفَ حَوْلَنَا يَكْثُرُ، وَٱلْبَعْضَ مِنَّا تُسَاءُ مُعَامَلَتُهُمْ. طَبْعًا، نَحْنُ مُقْتَنِعُونَ أَنَّ هٰذِهِ ‹ٱلْأَزْمِنَةَ ٱلْحَرِجَةَ› هِيَ دَلِيلٌ أَنَّنَا «فِي ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ». (٢ تي ٣:١) وَنَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ يَوْمٍ يَمْضِي يُقَرِّبُنَا خُطْوَةً إِلَى ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ. مَعَ ذٰلِكَ، قَدْ نَشْعُرُ أَنَّ وَقْتًا طَوِيلًا مَرَّ وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ إِتْمَامَ وُعُودِ يَهْوَهَ، وَمَشَاكِلُنَا تَزْدَادُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ. فَأَيْنَ نَجِدُ ٱلتَّعْزِيَةَ؟
٢، ٣ (أ) مَاذَا نَعْرِفُ عَنْ حَبَقُّوقَ؟ (ب) لِمَاذَا سَنُنَاقِشُ سِفْرَ حَبَقُّوقَ؟
٢ كَيْ نَعْرِفَ ٱلْجَوَابَ، سَنَتَأَمَّلُ فِي سِفْرِ حَبَقُّوقَ. صَحِيحٌ أَنَّنَا لَا نَعْرِفُ ٱلْكَثِيرَ عَنْ حَيَاةِ هٰذَا ٱلنَّبِيِّ وَخِدْمَتِهِ، لٰكِنَّ سِفْرَهُ مُشَجِّعٌ جِدًّا. فَٱسْمُ حَبَقُّوقَ يَعْنِي عَلَى ٱلْأَرْجَحِ «مُعَانَقَةً حَارَّةً». وَقَدْ يَدُلُّ هٰذَا ٱلْمَعْنَى عَلَى مُعَانَقَةِ يَهْوَهَ ٱلدَّافِئَةِ ٱلَّتِي تُعَزِّينَا. وَيُمْكِنُ أَنْ يَدُلَّ أَيْضًا كَيْفَ نَتَمَسَّكُ نَحْنُ بِهِ، مِثْلَ طِفْلٍ يَتَمَسَّكُ بِأَبِيهِ. وَقَدْ طَرَحَ حَبَقُّوقُ عَلَى يَهْوَهَ أَسْئِلَةً حَسَّاسَةً لِأَنَّهُ كَانَ مَهْمُومًا. وَيَهْوَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ ٱلْحِوَارَ بَيْنَهُمَا لِفَائِدَتِنَا. — حب ٢:٢.
٣ وَهٰذَا ٱلْحِوَارُ هُوَ كُلُّ مَا تَكْشِفُهُ ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ عَنْ حَبَقُّوقَ. لٰكِنَّ سِفْرَهُ هُوَ جُزْءٌ مِنْ «كُلِّ مَا كُتِبَ مِنْ قَبْلُ . . . حَتَّى بِٱحْتِمَالِنَا وَبِٱلتَّعْزِيَةِ مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ». (رو ١٥:٤) فَكَيْفَ نَسْتَفِيدُ شَخْصِيًّا مِنْ هٰذَا ٱلسِّفْرِ؟ إِنَّهُ يُعَلِّمُنَا كَيْفَ نَتَّكِلُ عَلَى يَهْوَهَ. كَمَا أَنَّ نُبُوَّةَ حَبَقُّوقَ تُؤَكِّدُ لَنَا أَنَّنَا نَقْدِرُ أَنْ نَشْعُرَ بِسَلَامٍ دَاخِلِيٍّ وَنُحَافِظَ عَلَيْهِ رَغْمَ ٱلْمَشَاكِلِ.
صَلِّ إِلَى يَهْوَهَ
٤ لِمَاذَا كَانَ حَبَقُّوقُ حَزِينًا جِدًّا؟
٤ اقرأ حبقوق ١:٢، ٣. عَاشَ حَبَقُّوقُ فِي فَتْرَةٍ صَعْبَةٍ جِدًّا. فَٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ حَوْلَهُ كَانُوا أَشْرَارًا وَعُنَفَاءَ. وَهٰذَا أَحْزَنَهُ كَثِيرًا. فَأَيْنَمَا تَطَلَّعَ، كَانَ يَرَاهُمْ يُعَامِلُونَ وَاحِدُهُمُ ٱلْآخَرَ بِقَسْوَةٍ وَظُلْمٍ. لِذَا تَسَاءَلَ: ‹مَتَى سَيَنْتَهِي هٰذَا ٱلشَّرُّ؟ وَلِمَاذَا يَنْتَظِرُ يَهْوَهُ كُلَّ هٰذَا ٱلْوَقْتِ؟›. لَقَدْ أَحَسَّ حَبَقُّوقُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ. فَصَلَّى إِلَى يَهْوَهَ وَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَتَدَخَّلَ. فَرُبَّمَا ظَنَّ أَنَّ يَهْوَهَ لَمْ يَعُدْ مُهْتَمًّا بِشَعْبِهِ وَأَنَّهُ لَنْ يُصْلِحَ ٱلْوَضْعَ. فَهَلْ شَعَرْتَ مَرَّةً مِثْلَ حَبَقُّوقَ؟
٥ أَيُّ دَرْسٍ مُهِمٍّ نَتَعَلَّمُهُ مِنْ سِفْرِ حَبَقُّوقَ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.)
٥ هَلْ تَدُلُّ أَسْئِلَةُ حَبَقُّوقَ أَنَّهُ فَقَدَ ثِقَتَهُ بِيَهْوَهَ وَوُعُودِهِ؟ أَبَدًا. فَبِمَا أَنَّهُ شَكَا هَمَّهُ لِإِلٰهِهِ لَا لِلْبَشَرِ، فَهٰذَا يُظْهِرُ أَنَّهُ يَثِقُ بِهِ. لٰكِنْ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ حَبَقُّوقَ كَانَ مُتَضَايِقًا لِأَنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ أَنَّ يَهْوَهَ حَدَّدَ وَقْتًا لِيَتَدَخَّلَ. أَوْ رُبَّمَا لَمْ يَفْهَمْ لِمَاذَا يَتْرُكُهُ يَتَعَذَّبُ إِلَى هٰذَا ٱلْحَدِّ. إِلَّا أَنَّ يَهْوَهَ أَوْحَى إِلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ عَنْ مَخَاوِفِهِ. وَفِي هٰذَا دَرْسٌ مُهِمٌّ لَنَا: لَا يَجِبُ أَنْ نَتَرَدَّدَ فِي إِخْبَارِ يَهْوَهَ عَنْ مَخَاوِفِنَا وَشُكُوكِنَا. فَهُوَ يَدْعُونَا بِلُطْفٍ أَنْ نَسْكُبَ قُلُوبَنَا أَمَامَهُ بِٱلصَّلَاةِ. (مز ٥٠:١٥؛ ٦٢:٨) كَمَا تُشَجِّعُنَا ٱلْأَمْثَال ٣:٥ أَنْ ‹نَتَّكِلَ عَلَى يَهْوَهَ بِكُلِّ قَلْبِنَا› وَ ‹أَلَّا نَعْتَمِدَ عَلَى فَهْمِنَا›. وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ، عَرَفَ حَبَقُّوقُ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ وَطَبَّقَهَا فِي حَيَاتِهِ.
٦ لِمَاذَا ٱلصَّلَاةُ مُهِمَّةٌ؟
٦ لَقَدْ أَخَذَ حَبَقُّوقُ ٱلْمُبَادَرَةَ وَٱقْتَرَبَ إِلَى أَبِيهِ وَصَدِيقِهِ يَهْوَهَ. فَبَدَلَ أَنْ يَسْتَسْلِمَ لِلْقَلَقِ وَيَعْتَمِدَ عَلَى فَهْمِهِ، صَلَّى إِلَى يَهْوَهَ وَأَخْبَرَهُ عَنْ مَشَاعِرِهِ. وَهٰكَذَا رَسَمَ لَنَا مِثَالًا جَيِّدًا. كَمَا أَنَّ يَهْوَهَ سَامِعَ ٱلصَّلَاةِ يَدْعُونَا أَنْ نُظْهِرَ ٱتِّكَالَنَا عَلَيْهِ مِنْ خِلَالِ إِخْبَارِهِ مَا يَشْغَلُ بَالَنَا. (مز ٦٥:٢) وَعِنْدَمَا نَفْعَلُ ذٰلِكَ، سَنَرَى كَيْفَ يَسْتَجِيبُ صَلَوَاتِنَا. فَسَنَشْعُرُ بِمُعَانَقَتِهِ ٱلْحَارَّةِ حِينَ يُعَزِّينَا وَيُوَجِّهُنَا. (مز ٧٣:٢٣، ٢٤) كَمَا أَنَّهُ سَيُسَاعِدُنَا أَنْ نَفْهَمَ نَظْرَتَهُ إِلَى مُشْكِلَتِنَا. فِعْلًا، صَلَوَاتُنَا إِلَى يَهْوَهَ هِيَ مِنْ أَهَمِّ ٱلطَّرَائِقِ لِنُظْهِرَ ٱتِّكَالَنَا عَلَيْهِ.
أَصْغِ إِلَى يَهْوَهَ
٧ مَاذَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِ يَهْوَهَ بَعْدَمَا صَلَّى إِلَيْهِ حَبَقُّوقُ؟
٧ اقرأ حبقوق ١:٥-٧. بَعْدَمَا عَبَّرَ حَبَقُّوقُ عَنْ مَشَاعِرِهِ لِيَهْوَهَ، رُبَّمَا تَسَاءَلَ كَيْفَ سَتَكُونُ رَدَّةُ فِعْلِهِ. لٰكِنَّ يَهْوَهَ، بِصِفَتِهِ أَبًا مُتَعَاطِفًا، تَفَهَّمَ حَبَقُّوقَ وَلَمْ يُوَبِّخْهُ. فَقَدْ عَرَفَ أَنَّ صَلَاتَهُ كَانَتْ صَرْخَةَ أَلَمٍ وَحُزْنٍ. لِذَا أَخْبَرَهُ مَاذَا سَيَحْصُلُ بِٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلْمُتَمَرِّدِينَ. وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ، كَانَ حَبَقُّوقُ أَوَّلَ شَخْصٍ يَكْشِفُ لَهُ يَهْوَهُ أَنَّ عِقَابَهُمْ قَرِيبٌ جِدًّا.
٨ لِمَ حَيَّرَ جَوَابُ يَهْوَهَ حَبَقُّوقَ؟
٨ لَقَدْ أَوْضَحَ يَهْوَهُ لِحَبَقُّوقَ أَنَّهُ عَلَى وَشْكِ أَنْ يَتَدَخَّلَ. فَعِنْدَمَا ٱسْتَعْمَلَ عِبَارَةَ «فِي أَيَّامِكُمْ»، أَظْهَرَ أَنَّ دَيْنُونَتَهُ سَتَأْتِي فِي أَيَّامِ حَبَقُّوقَ أَوْ مُعَاصِرِيهِ. وَلٰكِنْ مَا كَشَفَهُ يَهْوَهُ فِي جَوَابِهِ حَيَّرَ حَبَقُّوقَ. فَٱلْكَلْدَانِيُّونَ (ٱلْبَابِلِيُّونَ) كَانُوا قُسَاةً وَمُجْرِمِينَ. وَهُمْ أَعْنَفُ مِنَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلَّذِينَ عَرَفُوا عَلَى ٱلْأَقَلِّ مَقَايِيسَ يَهْوَهَ. فَلِمَاذَا يَسْتَخْدِمُ يَهْوَهُ أُمَّةً وَثَنِيَّةً لَا تَرْحَمُ كَيْ يُعَاقِبَ شَعْبَهُ؟ أَلَنْ يَزْدَادَ ٱلْوَضْعُ سُوءًا فِي كُلِّ يَهُوذَا؟ لَوْ كُنْتَ مَكَانَ حَبَقُّوقَ، فَكَيْفَ كُنْتَ سَتَشْعُرُ؟
٩ أَيُّ أَسْئِلَةٍ خَطَرَتْ عَلَى بَالِ حَبَقُّوقَ؟
٩ اقرأ حبقوق ١:١٢-١٤، ١٧. صَحِيحٌ أَنَّ حَبَقُّوقَ عَرَفَ مَاذَا سَيَفْعَلُ يَهْوَهُ، لٰكِنَّهُ بَقِيَ مُحْتَارًا. مَعَ ذٰلِكَ، قَالَ لَهُ بِتَوَاضُعٍ إِنَّهُ لَا يَزَالُ يَعْتَبِرُهُ ‹صَخْرًا› يَتَّكِلُ عَلَيْهِ. (تث ٣٢:٤؛ اش ٢٦:٤) كَمَا كَانَ مُقْتَنِعًا أَنَّ يَهْوَهَ مُحِبٌّ وَلَطِيفٌ. لِذٰلِكَ لَمْ يَخَفْ أَنْ يَسْأَلَ ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلْأَسْئِلَةِ: ‹لِمَاذَا يَسْمَحُ يَهْوَهُ أَنْ تَتَرَاجَعَ ٱلْأَحْوَالُ أَكْثَرَ فِي يَهُوذَا وَأَنْ يَتَعَذَّبَ شَعْبُهُ؟ لِمَاذَا لَا يَتَدَخَّلُ فَوْرًا؟ أَلَيْسَ هُوَ ٱلْقَادِرَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؟ لِمَاذَا ‹يَسْكُتُ› أَمَامَ كُلِّ هٰذَا ٱلْعُنْفِ وَهُوَ «قُدُّوسٌ» وَ ‹عَيْنَاهُ أَنْقَى مِنْ أَنْ تَنْظُرَا إِلَى ٱلشَّرِّ›؟
١٠ لِمَاذَا نَشْعُرُ أَحْيَانًا مِثْلَ حَبَقُّوقَ؟
١٠ أَحْيَانًا نَشْعُرُ مِثْلَ حَبَقُّوقَ. فَنَحْنُ نُصْغِي إِلَى يَهْوَهَ. وَنَفْعَلُ ذٰلِكَ حِينَ نَثِقُ بِهِ وَنَقْرَأُ كَلِمَتَهُ وَنَدْرُسُهَا. وَهٰذَا يُعْطِينَا رَجَاءً. كَمَا أَنَّنَا نَتَعَلَّمُ عَنْ وُعُودِهِ بِوَاسِطَةِ هَيْئَتِهِ. مَعَ ذٰلِكَ، قَدْ نَتَسَاءَلُ: ‹مَتَى نَرْتَاحُ مِنْ مَشَاكِلِنَا؟›. فَلْنَرَ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِمَّا فَعَلَهُ حَبَقُّوقُ لَاحِقًا.
اِنْتَظِرْ يَهْوَهَ
١١ عَلَامَ صَمَّمَ حَبَقُّوقُ بَعْدَ حَدِيثِهِ مَعَ يَهْوَهَ؟
١١ اقرأ حبقوق ٢:١. هَدَأَ قَلْبُ حَبَقُّوقَ بَعْدَ حَدِيثِهِ مَعَ يَهْوَهَ. فَصَمَّمَ أَنْ يَسْتَمِرَّ فِي ٱنْتِظَارِهِ. وَقَرَارُهُ هٰذَا لَمْ يَكُنْ مُتَسَرِّعًا. فَقَدْ كَرَّرَهُ لَاحِقًا حِينَ قَالَ: «أَنْتَظِرُ بِهُدُوءٍ يَوْمَ ٱلشِّدَّةِ». (حب ٣:١٦) وَهُنَاكَ أَيْضًا خُدَّامٌ أُمَنَاءُ آخَرُونَ أَظْهَرُوا نَفْسَ ٱلثِّقَةِ وَٱلصَّبْرِ. وَمِثَالُهُمْ يُشَجِّعُنَا أَنْ نَسْتَمِرَّ فِي ٱنْتِظَارِ يَهْوَهَ. — مي ٧:٧؛ يع ٥:٧، ٨.
١٢ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ قَرَارِ حَبَقُّوقَ؟
١٢ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ قَرَارِ حَبَقُّوقَ؟ أَوَّلًا، لَا يَجِبُ أَنْ نَتَوَقَّفَ أَبَدًا عَنِ ٱلصَّلَاةِ بِغَضِّ ٱلنَّظَرِ عَنْ مُشْكِلَتِنَا. ثَانِيًا، عَلَيْنَا أَنْ نُصْغِيَ إِلَى مَا يَقُولُهُ يَهْوَهُ لَنَا بِوَاسِطَةِ كَلِمَتِهِ وَهَيْئَتِهِ. وَثَالِثًا، يَلْزَمُ أَنْ نَنْتَظِرَ يَهْوَهَ بِصَبْرٍ وَنَثِقَ كَامِلًا أَنَّهُ سَيُرِيحُنَا فِي وَقْتِهِ ٱلْمُعَيَّنِ. وَعِنْدَمَا نَتَمَثَّلُ بِحَبَقُّوقَ، نَشْعُرُ بِسَلَامٍ دَاخِلِيٍّ. وَهٰذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نَحْتَمِلَ. وَبِفَضْلِ رَجَائِنَا أَيْضًا، نَصْبِرُ وَنَفْرَحُ مَهْمَا حَصَلَ. فَرَجَاؤُنَا يُعْطِينَا ٱلثِّقَةَ أَنَّ أَبَانَا ٱلسَّمَاوِيَّ سَيَتَدَخَّلُ. — رو ١٢:١٢.
١٣ كَيْفَ عَزَّى يَهْوَهُ حَبَقُّوقَ؟
١٣ اقرأ حبقوق ٢:٣. لَا شَكَّ أَنَّ يَهْوَهَ فَرِحَ عِنْدَمَا قَرَّرَ حَبَقُّوقُ أَنْ يَنْتَظِرَهُ. فَٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ كَانَ يَعْرِفُ تَمَامًا ظُرُوفَ خَادِمِهِ ٱلصَّعْبَةَ. لِذَا عَزَّاهُ وَأَكَّدَ لَهُ بِمَحَبَّةٍ وَلُطْفٍ أَنَّهُ سَيُجِيبُ عَنْ أَسْئِلَتِهِ ٱلصَّادِقَةِ وَيُطَمْئِنُ بَالَهُ قَرِيبًا. وَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: «اِصْبِرْ يَا حَبَقُّوقُ وَٱتَّكِلْ عَلَيَّ. سَأَسْتَجِيبُ صَلَوَاتِكَ وَلَوْ بَدَا أَنِّي تَأَخَّرْتُ». فَقَدْ ذَكَّرَهُ يَهْوَهُ أَنَّهُ عَيَّنَ وَقْتًا لِيُتَمِّمَ وُعُودَهُ وَشَجَّعَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ ذٰلِكَ. فَفِي ٱلنِّهَايَةِ، يَهْوَهُ لَنْ يُخَيِّبَ أَمَلَ نَبِيِّهِ.
١٤ عَلَامَ يَجِبُ أَنْ نُصَمِّمَ فِي ٱلْأَوْقَاتِ ٱلصَّعْبَةِ؟
١٤ نَحْنُ أَيْضًا، عِنْدَمَا نَنْتَظِرُ يَهْوَهَ بِصَبْرٍ وَنُصْغِي جَيِّدًا إِلَى مَا يَقُولُهُ، نَثِقُ بِهِ وَنَشْعُرُ بِٱلْهُدُوءِ وَٱلسَّلَامِ مَهْمَا وَاجَهْنَا مِنْ صُعُوبَاتٍ. وَقَدْ شَجَّعَنَا يَسُوعُ أَلَّا نُرَكِّزَ عَلَى «ٱلْأَزْمِنَةِ وَٱلْأَوْقَاتِ» ٱلَّتِي لَمْ يَكْشِفْهَا ٱللّٰهُ بَعْدُ. (اع ١:٧) فَيَجِبُ أَنْ نَثِقَ أَنَّهُ يَعْرِفُ ٱلْوَقْتَ ٱلْمُنَاسِبَ لِيَتَدَخَّلَ. لِذَا بَدَلَ أَنْ نَسْتَسْلِمَ، لِنَنْتَظِرْ يَهْوَهَ بِتَوَاضُعٍ وَإِيمَانٍ وَصَبْرٍ. وَلْنَسْتَعْمِلْ وَقْتَنَا بِحِكْمَةٍ وَنَخْدُمْهُ بِٱجْتِهَادٍ. — مر ١٣:٣٥-٣٧؛ غل ٦:٩.
اِتَّكِلْ عَلَى يَهْوَهَ فَتَنَالَ ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ
١٥، ١٦ (أ) أَيُّ وَعْدَيْنِ نَجِدُهُمَا فِي سِفْرِ حَبَقُّوقَ؟ (ب) مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ هٰذَيْنِ ٱلْوَعْدَيْنِ؟
١٥ وَعَدَ يَهْوَهُ أَنَّ ٱلْبَارَّ ٱلَّذِي يَتَّكِلُ عَلَيْهِ ‹يَحْيَا بِأَمَانَتِهِ [أَوْ بِإِيمَانِهِ]a›، وَوَعَدَ أَيْضًا أَنَّ «ٱلْأَرْضَ تَمْتَلِئُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَجْدِ يَهْوَهَ». (حب ٢:٤، ١٤) فَٱللّٰهُ سَيُعْطِي حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِلَّذِينَ يَتَّكِلُونَ عَلَيْهِ بِصَبْرٍ.
١٦ وَٱلْوَعْدُ فِي حَبَقُّوق ٢:٤ مُهِمٌّ جِدًّا لِدَرَجَةِ أَنَّ ٱلرَّسُولَ بُولُسَ ٱقْتَبَسَهُ ٣ مَرَّاتٍ فِي رَسَائِلِهِ. (رو ١:١٧؛ غل ٣:١١؛ عب ١٠:٣٨) فَإِذَا حَافَظَ ٱلْبَارُّ عَلَى إِيمَانِهِ رَغْمَ ٱلصُّعُوبَاتِ وَٱتَّكَلَ عَلَى يَهْوَهَ، فَسَيَرَى إِتْمَامَ وُعُودِهِ. فَيَهْوَهُ يُرِيدُ أَنْ نَرَى أَبْعَدَ مِنَ ٱلْحَاضِرِ وَنُرَكِّزَ عَلَى رَجَائِنَا.
١٧ مَاذَا يُؤَكِّدُ لَنَا سِفْرُ حَبَقُّوقَ؟
١٧ إِنَّ سِفْرَ حَبَقُّوقَ يَتَضَمَّنُ دَرْسًا مُهِمًّا لَنَا جَمِيعًا فِي هٰذِهِ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ. فَيَهْوَهُ يَعِدُ أَنْ يُعْطِيَ ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ لِكُلِّ شَخْصٍ بَارٍّ يُؤْمِنُ بِهِ وَيَتَّكِلُ عَلَيْهِ. لِذَا، مَهْمَا وَاجَهْنَا مِنْ ضِيقَاتٍ، فَمِنَ ٱلضَّرُورِيِّ أَنْ نَسْتَمِرَّ فِي تَقْوِيَةِ إِيمَانِنَا وَثِقَتِنَا بِهِ. وَمَا قَالَهُ لِحَبَقُّوقَ يُؤَكِّدُ لَنَا أَنَّهُ سَيَدْعَمُنَا وَيُخَلِّصُنَا. فَهُوَ يَدْعُونَا أَنْ نَنْتَظِرَ بِصَبْرٍ ٱلْوَقْتَ ٱلَّذِي حَدَّدَهُ لِيَحْكُمَ ٱلْمَلَكُوتُ عَلَى ٱلْأَرْضِ. فَآنَذَاكَ، سَتَمْتَلِئُ ٱلْأَرْضُ بِأَشْخَاصٍ وُدَعَاءَ وَفَرِحِينَ يَعْبُدُونَ يَهْوَهَ. — مت ٥:٥؛ عب ١٠:٣٦-٣٩.
اِتَّكِلْ عَلَى يَهْوَهَ ‹وَٱفْرَحْ بِإِلٰهِ خَلَاصِكَ›
١٨ كَيْفَ أَثَّرَتْ كَلِمَاتُ يَهْوَهَ فِي حَبَقُّوقَ؟
١٨ اقرأ حبقوق ٣:١٦-١٩. أَثَّرَتْ كَلِمَاتُ يَهْوَهَ كَثِيرًا فِي حَبَقُّوقَ. فَهِيَ دَفَعَتْهُ أَنْ يَتَأَمَّلَ فِي ٱلْأَعْمَالِ ٱلْمُذْهِلَةِ ٱلَّتِي فَعَلَهَا يَهْوَهُ لِأَجْلِ شَعْبِهِ قَدِيمًا. وَهٰكَذَا، تَجَدَّدَتْ ثِقَتُهُ بِإِلٰهِهِ وَأَصْبَحَ مُتَأَكِّدًا أَنَّهُ سَيَتَدَخَّلُ قَرِيبًا. وَهٰذَا عَزَّاهُ مَعَ أَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ مُعَانَاتَهُ لَنْ تَنْتَهِيَ فَوْرًا. فَشُكُوكُهُ تَحَوَّلَتْ إِلَى ثِقَةٍ قَوِيَّةٍ أَنَّ يَهْوَهَ سَيُخَلِّصُهُ. فَعَبَّرَ بِكَلِمَاتٍ رُبَّمَا هِيَ مِنْ أَجْمَلِ ٱلتَّعَابِيرِ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ عَنِ ٱلثِّقَةِ بِيَهْوَهَ. فَبَعْضُ ٱلْعُلَمَاءِ يَعْتَقِدُونَ أَنَّ ٱلْعَدَدَ ١٨ يَعْنِي حَرْفِيًّا: «سَأَقْفِزُ مِنْ شِدَّةِ فَرَحِي بِٱلرَّبِّ. سَأَرْقُصُ ٱبْتِهَاجًا بِٱللّٰهِ». فَكَمْ تُطَمْئِنُنَا ٱلْأَعْدَادُ ٱلَّتِي قَرَأْنَاهَا! فَيَهْوَهُ لَا يُعْطِينَا فَقَطْ وُعُودًا جَمِيلَةً، بَلْ يُؤَكِّدُ لَنَا أَنَّهُ سَيُحَقِّقُهَا فِي وَقْتٍ قَرِيبٍ جِدًّا.
١٩ كَيْفَ نَتَعَزَّى مِثْلَ حَبَقُّوقَ؟
١٩ لَا شَكَّ أَنَّ ٱلنُّقْطَةَ ٱلْأَسَاسِيَّةَ ٱلَّتِي نَتَعَلَّمُهَا مِنْ سِفْرِ حَبَقُّوقَ هِيَ أَنْ نَتَّكِلَ عَلَى يَهْوَهَ وَنَثِقَ بِهِ. (حب ٢:٤) وَكَيْ نُحَافِظَ عَلَى هٰذِهِ ٱلثِّقَةِ، عَلَيْنَا أَنْ نُقَوِّيَ عَلَاقَتَنَا بِهِ. لِذَا يَلْزَمُ أَنْ (١) نُصَلِّيَ إِلَيْهِ دَائِمًا وَنُخْبِرَهُ عَنْ هُمُومِنَا، (٢) نَنْتَبِهَ جَيِّدًا إِلَى كَلِمَتِهِ وَإِرْشَادَاتِ هَيْئَتِهِ، وَ (٣) نَنْتَظِرَهُ بِإِيمَانٍ وَصَبْرٍ. وَهٰذَا مَا فَعَلَهُ حَبَقُّوقُ. فَمَعَ أَنَّهُ كَانَ يَائِسًا فِي بِدَايَةِ سِفْرِهِ، فَقَدْ أَنْهَاهُ بِكَلِمَاتٍ كُلُّهَا ثِقَةٌ وَفَرَحٌ. فَلْنَتْبَعْ مِثَالَهُ جَمِيعًا. وَهٰكَذَا سَنَشْعُرُ نَحْنُ أَيْضًا أَنَّ يَهْوَهَ يُعَانِقُنَا بِحَرَارَةٍ كَأَبٍ مُحِبٍّ. وَهَلْ هُنَاكَ تَعْزِيَةٌ أَفْضَلُ فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلشِّرِّيرِ؟!
a بِحَسَبِ حَاشِيَةِ تَرْجَمَةِ ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ، ٱلطَّبْعَةِ ٱلْمُنَقَّحَةِ ٢٠١٣ (بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ).