الفصل الحادي عشر
يهوه يريد ان ينال الناس الحياة، فماذا عنك؟
١، ٢ (أ) ماذا بإمكاننا التعلّم من ردّ فعل يونان لقرار يهوه بشأن نينوى؟ (ب) لماذا ينبغي ان نعمِّق فهمنا لرحمة اللّٰه ونظرته الى الحياة؟
كان يهوه فرِحا، لكنَّ النبي كان كئيبا. فكان اللّٰه قد عفا برحمة عن آلاف الناس، اذ اختار ان يغفر للذين كانوا اعداء شعبه ويبقيهم على قيد الحياة. اما يونان فكان سيدعهم يموتون.
٢ كما يمكننا ان نرى من قضية يونان، يصعب احيانا على البشر ان يفهموا مدى صبر اللّٰه ويعكسوا رغبته في ان ينال الناس الحياة. فقرار يهوه بالعفو عن اهل نينوى، «ساء . . . يونان كثيرا، واحتدم غضبا». فهل كان يونان مهتما بمشاعره اكثر من الرحمة وإنقاذ حياة الناس؟ لربما تصوّر انه اذا أُعفي عن اهل نينوى، فسيخسر مصداقيته. (يونان ٤:١، ١٠، ١١) وماذا عن ايامنا، فيما يدنو يوم دينونة يهوه بسرعة؟ قد تتساءل: ‹كيف يمكنني ان اعمِّق تقديري لغفران اللّٰه، وكيف يمكنني ان اساعد الخطاة التائبين على الاستفادة اكثر من حنانه؟ بكلمات اخرى، كيف يمكنني الاقتداء برغبة اللّٰه في ان ينال الناس الحياة؟›.
العدل والرحمة يساهمان في إنقاذ حياة الناس
٣ هل هنالك تناقض بين عدل يهوه ورحمته؟ أوضح.
٣ قد يفكِّر البعض ان هذه الاسفار النبوية الاثني عشر، صفحة صفحة، تتحدث عن سخط اللّٰه ومعاقبته الناس — اي إجرائه العدل. ولكنهم قد يسألون: ‹اين هي رحمة يهوه؟ وهل يهتم بإنقاذ حياة الناس؟›. في الواقع، ان عدل اللّٰه ورحمته لا يتناقضان، بل يعملان معا ويساهمان في إنقاذ الحياة. وهاتان الصفتان هما وجهان من اوجه شخصيته المتوازنة توازنا تامّا. (مزمور ١٠٣:٦؛ ١١٢:٤؛ ١١٦:٥) فعندما يزيل اللّٰه الضرر الذي يسببه الاشرار، يُظهِر الرحمة لذوي الميل الصائب. وهذا يبرهن ان عدله كامل. من ناحية اخرى، فإن رحمته تأخذ في الاعتبار حدود البشر الناقصين. بكلمات اخرى: العقاب حيث تدعو الحاجة، والرحمة كلما امكن. وفي رسائل الانبياء، بإمكانك ان تجد عبارات كثيرة تؤكد هذا الاتزان الكامل، مُظهِرة ان اللّٰه يريد ان ينال الناس الحياة. وخلال مناقشتنا لهذا الموضوع الآن، سنجد دروسا يمكننا تطبيقها في ايامنا بطرائق عملية.
٤ ايّة ادلة هنالك ان اللّٰه يريد ان ينال الناس الحياة؟
٤ صحيح ان النبي يوئيل نقل رسالة دينونة، لكنه اكّد ايضا ان اللّٰه «حنّان ورحيم، بطيء الغضب ووافر اللطف الحبي». (يوئيل ٢:١٣) وبعد مئة سنة تقريبا، في القرن الثامن قبل الميلاد، شدَّد ميخا على حاجتنا الماسة الى غفران يهوه. فبعدما سأل: «مَن هو إله مثلك؟»، وصف يهوه كما يلي: «لا يحفظ غضبه الى الابد، لأنه يُسَرّ باللطف الحبي. يعود يرحمنا». (ميخا ٧:١٨، ١٩) وكما نرى من رواية يونان عن اهل نينوى، ان اللّٰه مستعد لإعادة النظر في إنزال العقاب بالاشخاص الذين اثاروا غضبه اذا برهنوا عن ندمهم بأعمال تليق بالتوبة.
٥ اية اوجه لرحمة اللّٰه ورغبته في إنقاذ الحياة تشجّعك؟ (انظر ايضا «كانوا مستعدين دائما لخدمة الآخرين».)
٥ نحن لسنا عائشين في ايام الانبياء الاثني عشر. ولكن ألسنا شاكرين على هذه الادلة على رحمة يهوه واهتمامه بإنقاذ الحياة؟ ان شعورك هذا يمكن ان يقوّي علاقتك باللّٰه ويزيد اهتمامك بمساعدة الآخرين على نيل الحياة. فمعظم الناس اليوم يتبعون مسلكا رديئا، ولكن يجري التأكيد لنا ان اللّٰه «لا يرغب ان يهلك احد، بل ان يبلغ الجميع الى التوبة». (٢ بطرس ٣:٩) وتظهر رغبة يهوه هذه في تعابير الترحيب التي تفوّه بها هوشع عندما استردّ زوجته الزانية. فقد ‹خاطب يهوه قلب› شعبه وغفر لهم ‹باختياره›، رغم انه لم يكن مجبَرا. (هوشع ١:٢؛ ٢:١٣، ١٤؛ ٣:١-٥؛ ١٤:٤) فهل تدرك لماذا موقف اللّٰه وتصرفاته في هذا الخصوص مهمّة جدا؟ لأن حياة الناس في خطر. ويمكنك ان ترى المزيد من الادلة على رحمة اللّٰه ورغبته ان ينال الناس الحياة عندما تنظر الى الجماعة المسيحية التي تقوم بعمل انت معنيّ به.
مساعدة الناس بغية نيل الحياة
٦ بأية طريقة رئيسية يُظهِر اللّٰه انه يرغب ان ينال الناس الحياة؟
٦ لماذا تشارك في الخدمة العلنية؟ ان احد الاسباب الرئيسية هو مساعدة الآخرين على التعرّف بالاله الحق. فهنالك امر مهمّ ينبغي ان يعرفوه عن يهوه: انه يزوِّد تحذيرات واضحة قبل إنزال العقاب. وهذا ما يُظهِر اهتمامه الرحيم بالناس، اذ يحرص ألا يموتوا بل ان ينالوا الحياة. فالانبياء الاثنا عشر عرّفوا في الماضي الخطاة ان اللّٰه يتيح لهم فرصة إصلاح طرقهم والإفلات من سخطه البارّ. اليوم ايضا لدينا عمل مماثل. فكمسيحي انت تحظى بامتياز إعلان التحذير عن يوم انتقام اللّٰه القادم. وفيما تقوم بهذا العمل، تجنَّب امتلاك مشاعر انتقامية، اذ ترغب في رؤية غير المتجاوبين ينالون عقابهم المستحَق. تذكَّر ان احد اسباب كرازتك هو إتاحة الفرصة للبعض كي يسلكوا في الطريق الذي يؤدي الى الحياة. — يوئيل ٣:٩-١٢؛ صفنيا ٢:٣؛ متى ٧:١٣، ١٤.
٧ (أ) لماذا الاشتراك في عمل الشهادة مهمّ؟ (ب) كيف يساعدنا التفكير في موقف يهوه عندما نواجه اللامبالاة؟
٧ كل مرة تنقل فيها حقائق الكتاب المقدس من بيت الى بيت، في المدرسة، في عملك، او في اي مكان آخر، انت تقدِّم المساعدة لشخص هو في امس الحاجة الى رحمة اللّٰه وغفرانه. (هوشع ١١:٣، ٤) ورغم انك قد تواجه اللامبالاة، فبمثابرتك تقتدي بإلهنا الرحيم الذي قال لشعبه العاصي بفم زكريا: «ارجعوا عن طرقكم الشريرة وعن اعمالكم الشريرة». (زكريا ١:٤) فمَن يدري كم شخصا قد يتجاوبون عندما تخبرهم عن رحمة اللّٰه وترشدهم الى الطريق الذي يؤدي الى الحياة؟! ولا يغِب عن بالك انك تكرز لأن يهوه يريد ان ينال الناس الحياة ويجب ان تقتدي انت به.
٨ لماذا من المشجِّع التذكُّر كيف يتجاوب البعض مع رحمة اللّٰه؟
٨ وقد تتشجع ايضا حين تتذكر انه كان ولا يزال هنالك اشخاص يتجاوبون مع رسائل اللّٰه. فلهذا السبب تحدث النبي هوشع عن الذين ادركوا ان «طرق يهوه مستقيمة». وأضاف قائلا: «الابرار هم الذين يسيرون فيها». (هوشع ١٤:٩) فعلى مرّ القرون، يندفع كثيرون الى تلبية دعوة اللّٰه: «ارجعوا إليّ بكل قلوبكم». (يوئيل ٢:١٢) ومع ان هذه الدعوة وُجِّهَت الى شعب كان يعرف يهوه، فهي تعكس ايضا اهتمام اللّٰه بالذين يتعرّفون به. نعم، لم يفقد اللّٰه ثقته ان بإمكان البشر الندم على مسلكهم الخاطئ في الماضي، التوبة، والتحوّل الى فعل ما هو صائب. وهذا ما يمنحهم الرجاء بالخلاص. — ١ تيموثاوس ٤:١٦.
٩ ايّ امر من الضروري امتلاكه، كما يظهر من تجاوب اهل نينوى؟
٩ هنالك وجه آخر للرواية عن غفران يهوه لأهل نينوى. فنحن نقرأ ان الشعب اخذ الرسالة عن الدينونة الالهية الوشيكة على محمل الجد و ‹آمنوا باللّٰه›. (يونان ٣:٥) فالايمان، وليس مجرد الخوف من الدينونة، كان ضروريا ليبقوا احياء. اليوم ايضا، لدى يهوه رغبة شديدة ان يرى الناس يتوبون ويعربون عن الايمان. لذلك يسمح لنا ان نكرز ونساعد الناس على القيام بالاختيار الصحيح. وما هي النتيجة؟ نقرأ عن اهل نينوى: «لما رأى اللّٰه اعمالهم، انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة، تأسف اللّٰه على البلية التي قال انه ينزلها بهم، ولم ينزلها». (يونان ٣:١٠) وبما ان يهوه لا تخدعه الكلمات او الاعمال الشكلية، فلا بد ان اهل نينوى كانوا صادقين في إعرابهم عن الندم بقيامهم بأعمال تبرهن ذلك. فقد رأى اللّٰه انهم قاموا بتغيير فعلي اذ اعربوا عن التوبة الاصيلة المقترنة بالايمان.
١٠ متى زوّد يهوه الخلاص للبعض؟
١٠ لكنَّ اهتمام يهوه بإنقاذ الحياة لم يكن مقصورا على اهل نينوى. فعند دمار اورشليم سنة ٦٠٧ قم (بعد خدمة عوبديا، ناحوم، وحبقوق)، نجّى يهوه ارميا الطائع ومجموعة من عشرائه الامناء. (ارميا ٣٩:١٦-١٨) كما تنبأ انبياء اللّٰه ان بقية تائبة ستعود من بابل وتردّ العبادة النقية. (ميخا ٧:٨-١٠؛ صفنيا ٣:١٠-٢٠) إلا ان اتماما عظيما لهذه النبوات حدث في عصرنا. فبعد الحرب العالمية الاولى، كان كثيرون من المسيحيين الممسوحين قد صاروا متراخين في العبادة الحقة. ولكن جرى ردّهم الى حالة من النشاط الغيور ونالوا مجددا رضى يهوه، على رجاء نيل الحياة. اليوم ايضا، ‹ينضم› اشخاص من «امم كثيرة الى يهوه». (زكريا ٢:١١) وهؤلاء لديهم رجاء النجاة من النهاية الوشيكة لنظام الاشياء هذا. لذلك فإن خدمتك العلنية ليست مجرد برهان على طاعتك للوصية التي يؤمر فيها المسيحيون ان يقوموا بهذا العمل. ولا هي مجرد عمل يجري القيام به لإتمام النبوة. (متى ٢٤:١٤؛ ٢٨:١٩، ٢٠) فالمهمّ في خدمتك العلنية هو مساعدة الناس على التعلّم عن يهوه، ممارسة الايمان، ونيل الحياة.
الحياة للذين يرجعون الى يهوه
١١، ١٢ كيف يمكن لرحمة اللّٰه ان تفيد الذين كانوا ذات مرة من عبّاده؟
١١ في حين ان يهوه يهتم بالجدد ويريد ان ينالوا الحياة، فهو لا ينسى الذين يخدمونه. نحن ايضا ينبغي ان نهتم بمثل هؤلاء ونريد ان يواصلوا السير في الطريق الذي يؤدي الى الحياة. ولكن كيف نُظهِر اهتمامنا هذا بطرائق عملية؟
١٢ ربما تعرف اشخاصا تعلّموا عن يهوه ومارسوا الايمان به وصاروا نشاطى في العبادة الحقة، لكنهم لا يخدمونه حاليا. ان الرسائل التي نقلها يهوه بفم الانبياء الاثني عشر تُظهِر انه كان على استعداد ليرحم الذين كانوا ذات مرة بين شعبه لكنهم لم يثابروا على ممارسة العبادة الحقة. ويصحّ الامر نفسه في ايامنا، سواء انجرف هؤلاء الاشخاص، ابتعدوا، او ارتكبوا خطأ ويلزم ان يتوبوا. (عبرانيين ٢:١؛ ٣:١٢) ومع انهم ربما لا يكونون سعداء بعيدا عن يهوه، فقد يستصعبون الرجوع اليه. لذلك يناشدهم بواسطة نبيه: «هكذا قال يهوه الجنود: ‹ارجعوا الي›، يقول يهوه الجنود، ‹فأرجع إليكم›». (زكريا ١:٣) وكم هي مطمئنة ايضا كلمات هوشع! فقد قال: «ارجع يا اسرائيل الى يهوه إلهك، لأنك عثرت بذنبك. احملوا معكم كلام توبة وارجعوا الى يهوه. قولوا له كلكم: ‹اعفُ عن الذنب، واقبل ما هو صالح›». نعم، حتى الذين ارتكبوا خطايا جسيمة لكنهم رجعوا الى اللّٰه بتوبة صادقة بإمكانهم نيل الغفران الذي يؤدي الى الشفاء التام. (هوشع ٦:١؛ ١٤:١، ٢؛ مزمور ١٠٣:٨-١٠) فقد صحّ ذلك في ايام الانبياء، ويصحّ ايضا في ايامنا.
١٣ ما هي الاسباب التي تدفعنا الى إظهار الرحمة للذين سامحهم اللّٰه؟
١٣ ولكن ماذا يعني ذلك للمسيحيين الذين بقوا سائرين على الطريق المؤدي الى الحياة؟ كيف يمكن ان نُظهِر اننا نمتلك نظرة يهوه الى الآخرين؟ يتوقع يهوه منا ان نُظهِر الرحمة، للجدد والذين توقفوا عن خدمته على السواء. فقد ذكر بفم هوشع ما يريده منا: «اني أُسَرّ باللطف الحبي لا بالذبيحة». ولاحقا، اقتبس يسوع المسيح من هذه الكلمات وعبّر عنها كما يلي: «اذهبوا وتعلموا ما معنى: ‹اريد رحمة لا ذبيحة›». (هوشع ٦:٦؛ متى ٩:١٣) فإظهارنا الرحمة امر بالغ الاهمية لصون علاقتنا باللّٰه. لاحِظ كيف ربط الرسول بولس بين المسامحة والاقتداء باللّٰه: «كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض، ذوي حنان، مسامحين بعضكم بعضا كما سامحكم اللّٰه ايضا بالمسيح. فكونوا مقتدين باللّٰه كأولاد احباء، وسيروا في المحبة». (افسس ٤:٣٢–٥:٢) فهل تقتدي باللّٰه في هذا المجال؟
١٤، ١٥ في اي ظرف قد يكون موقفنا من غفران اللّٰه على المحك؟
١٤ وماذا لو كان الاخ الذي ارتكب خطية خطيرة غير تائب وتوجَّب طرده من الجماعة؟ كان هذا الامر يحدث قديما في القرن الاول، اذ كان ينبغي فصل المسيحيين غير التائبين. فإذا حدث ذلك حين كان رسل يسوع احياء، فليس من المستغرب ان يحدث احيانا اليوم. في حالات كهذه، يذعن الاولياء في الجماعة لإرشاد الكتاب المقدس ألا يعاشروا الشخص المطرود. وولاؤهم ليهوه قد يساعد الخاطئ على إدراك خطورة مسلكه الاثيم، فيندفع الى التوبة. مثلا، نقرأ في الكتاب المقدس ان رجلا كان مطرودا من الجماعة في كورنثوس لكنه تاب لاحقا ورجع الى يهوه، فأُعيد الى الجماعة. (١ كورنثوس ٥:١١-١٣؛ ٢ كورنثوس ٢:٥-٨) فكيف تشعر عندما يحدث ذلك اليوم، وكيف يمكنك إظهار اهتمامك بنيل الآخرين الحياة؟
١٥ قد يشعر الخاطئ التائب بالخجل واليأس ويحتاج ان يطمئن ان اللّٰه وإخوته يحبونه ويريدون ان ينال الحياة. لاحِظ كيف طمأن اللّٰه بحنان شعبه القديم التائب: «أخطبكِ لي بالامانة، فتعرفين يهوه». (هوشع ٢:٢٠) نحن ايضا ينبغي ان نُظهِر بأعمالنا اننا نقتدي بالاله الذي وصفه زكريا بأنه يُظهِر ‹الرحمة›. — زكريا ١٠:٦.
١٦ ماذا ينبغي ان نفعل عندما يُعاد شخص الى الجماعة؟
١٦ بما ان اللّٰه يريد ان ينال الناس الحياة، فهو يُسَرّ حين يتوب الخاطئ او يجدِّد الخادم الخامل غيرته.a (لوقا ٥:٣٢) ففي حالة الرجل المذكور آنفا الذي أُعيد الى الجماعة في كورنثوس، حضّ بولس الجماعة ان يصفحوا عنه ويشجّعوه ويجعلوه يشعر بمحبتهم الشديدة له. قال: «مثل هذا الرجل يكفيه هذا الانتهار من الاكثرية، حتى انه ينبغي لكم . . . ان تصفحوا عنه وتعزّوه، لئلا يُبتلع مثل هذا من فرط حزنه. لذلك احثكم ان تؤكدوا له محبتكم». (٢ كورنثوس ٢:٦-٨) تذكّر ايضا ان هوشع اقتبس قول يهوه بخصوص الخطاة السابقين: «أشفي خيانتهم. أحبهم باختياري». (هوشع ١٤:٤) فهل نقتدي بيهوه، اذ نساهم بفرح في شفاء شخص كهذا ونيله الحياة الابدية نتيجة ذلك؟
١٧، ١٨ كيف يمكننا ان نساعد بمحبة الذين يرجعون الى يهوه او افراد عائلة شخص مفصول؟
١٧ لقد اوضح يهوه انه يعامل الذين يرجعون اليه بكل كرامة، مرحِّبا بهم كأشخاص يستفيدون كاملا من محبته، تماما كما رحَّب هوشع بزوجته التي كانت سابقا خائنة. يخبر يهوه كيف عامل خدّامه، قائلا: «صرت لهم كمَن يرفع النير عن فكوكهم، وبرفق جلبت طعاما لكل واحد». (هوشع ١١:٤) فكم هي مشجِّعة مودة يهوه الرقيقة التي يجتذب بواسطتها هؤلاء العائدين! ويمكننا نحن الاقتداء به بعدم كوننا قساة او باردين مع شخص اظهر حزنا بحسب مشيئة اللّٰه وتوبة اصيلة. فعندما يُقبَل هذا الشخص في الجماعة، لا ينبغي ان نستاء او نضمر الضغينة له بسبب اخطائه الماضية، بل يجب ان نعزيه عند الحاجة. — ١ تسالونيكي ٥:١٤.
١٨ هل يمكنك التفكير في طرائق اخرى للاقتداء بيهوه في حال فُصل شخص من الجماعة؟ فإذا طُرد احد، فهل يمكننا مساعدة الافراد الاولياء في عائلته، ربما رفيق زواجه وأولاده؟ ان هؤلاء قد يجاهدون ليداوموا على حضور الاجتماعات والاشتراك في الخدمة. فهل نمنحهم الدعم الخصوصي الذي قد يحتاجون اليه؟ والطريقة الاخرى لإظهار الرحمة الرقيقة هي استخدام «كلام طيّب وكلام معزّ»، وذلك بالابتداء بأحاديث مشجِّعة مع هؤلاء الافراد الامناء. (زكريا ١:١٣) وهنالك فرص عديدة لفعل ذلك قبل الاجتماعات وبعدها، عند الاشتراك معهم في الخدمة، او في اوقات اخرى. فهم لا يزالون عاملين معنا، افرادا اعزّاء في جماعتنا لا ينبغي ان يشعروا بأنهم معزولون او منبوذون. وفي بعض الحالات، ربما يكون اولاد الشخص المفصول هم الذين يجاهدون ليخدموا يهوه. ونحن نريد فعلا ان ينالوا الحياة. فكيف نُظهِر ذلك؟
‹اليتيم يجد الرحمة›
١٩ اية مساعدة روحية زوّدها صفنيا لشخص يمكن تشبيهه بولد «يتيم»؟
١٩ يمكنك ان تجد مثالا لتزويد المساعدة في خدمة صفنيا، الذي خدم في اواسط القرن السابع قبل الميلاد. ربما كان صفنيا من العائلة الملكية في يهوذا، ومن المحتمل ان يكون احد اقرباء الملك يوشيا البعيدين. كان ابو يوشيا قد اغتيل، مما اضطرّ هذا الغلام البالغ من العمر ثماني سنوات الى اعتلاء العرش. وقد واجه مهمة هائلة، اذ ان الامة وقعت في شرك الصنمية والممارسات البغيضة. (صفنيا ٣:١-٧) لذلك كان يوشيا الصغير اليتيم الاب بحاجة الى إرشاد ماهر ونصيحة موثوق بها ليحكم هذه الامة العاصية. وقد زوَّده يهوه بالارشاد الحكيم بواسطة صفنيا وأنبياء آخرين، كما ذُكر في فصول سابقة من هذا الكتاب. ومن الجدير بالاهتمام انه فيما تكلم يهوه بواسطة نبيه ضد «رؤساء» يهوذا، لم ينتقد الملك نفسه. (صفنيا ١:٨؛ ٣:٣) وقد يشير ذلك الى ان الملك الصغير يوشيا سبق فبرهن انه ميّال الى العبادة الحقة. ولا شك ان نُصح النبي ساعد يوشيا ان يوطد عزمه على تطهير يهوذا من العبادة النجسة.
٢٠ كيف يمكن لشخص يمنح الارشاد الروحي ان يساعد ‹الايتام› في الجماعة؟
٢٠ يوضح لنا اهتمام صفنيا بيوشيا اهتمام يهوه بالاولاد الصغار المحتاجين الضعفاء، كأولاد الشخص المفصول. قال هوشع: «اليتيم يجد [باللّٰه] الرحمة». (هوشع ١٤:٣) وهل تعرف صبيانا وبنات ‹ايتاما› آخرين هم بحاجة الى شخص يقدم لهم الارشاد الروحي والعملي؟ فقد يكونون ايتاما بمعنى روحي، اولادا في عائلات ذات والد واحد، او صغارا يخدمون يهوه دون دعم من عائلتهم. وغالبا ما يؤثر وجود او عدم وجود شخص يمنح مثل هؤلاء الارشاد الروحي في مدى بقائهم قريبين الى الجماعة وتقدُّمهم نحو النضج الروحي. ‹فأيتام› كثيرون تقدّموا وصاروا راشدين روحيين ومتّزنين بعدما اظهر لهم المسيحيون الناضجون في الجماعة الاهتمام الحبي. — مزمور ٨٢:٣.
٢١ اية مساعدة يمكن للمسيحيين الناضجين ان يقدِّموها للاولاد؟
٢١ مثلا، يمكن مساعدة ام متوحدة حين يُظهِر المسيحيون الناضجون الاهتمام بأولادها. (يعقوب ١:٢٧) ففيما يعرب النظار والآخرون عن الاحترام الواجب لترتيب الرئاسة ويأخذون في الاعتبار الحاجة الى التصرف بلياقة، يمكنهم ان يقدِّموا الدعم الروحي لأفراد العائلات المحتاجين الى الدعم العاطفي. وقد يكون بإمكانك او بإمكان رفيق زواجك او عائلتك ان تقضي الوقت مع الصبي او البنت اليتيمَين. فهل يمكنك التصرف بطريقة تراعي مشاعر الاولاد الذين يعانون الوحدة؟ فقد يحتاجون الى التعاطف وإجراء محادثة حميمة للتعبير عمّا في داخلهم. وبإمكانك ان تعيرهم اذنا صاغية فيما تشترك معهم في الخدمة العلنية. وبما انك مشغول حتما، فإن تقديمك مساعدة كهذه لولد صغير بانتظام طوال فترة من الوقت يمكن ان يكون ‹امتحانا لأصالة محبتك›. (٢ كورنثوس ٨:٨) فجهودك ستعكس اهتمامك بأن ينال الآخرون الحياة.
٢٢ كيف تشعر حيال اهتمام يهوه بنيل الآخرين الحياة؟
٢٢ كم هو مطمئن ان نتأمل في اهتمام اللّٰه بالناس، رغبته في ان ينالوا الحياة الابدية! فهو يفضِّل الاعراب عن مودته للابرار الذين يحبونه ومنحهم الحياة على التعبير عن غضبه على الذين يختارون ان يكونوا غير قابلين للإصلاح وغير جديرين بالحياة الابدية. وفيما ننتظر بفارغ الصبر يوم يهوه، لنقتدِ به في مساعدة الآخرين ليسلكوا في الطريق الذي يؤدي الى الحياة.
a هنالك ثلاثة امثال مشجِّعة تُظهِر اهتمام اللّٰه الشديد بالاشخاص الضالّين: مثَل الخروف الضائع، مثَل الدرهم الضائع، ومثَل الابن الضال. — لوقا ١٥:٢-٣٢.