الفصل الرابع
يهوه — الاله الذي يتفوَّه بالنبوات ويتمِّمها
١، ٢ (أ) لماذا قد يشعر البعض ان لا احد من البشر قادر على التحكم في حياته؟ (ب) اية صورة عن شخصية يهوه ينقلها لنا الانبياء الاثنا عشر؟
يشعر كثيرون من الناس انهم غير قادرين على التحكم في حياتهم. وحين يطَّلعون على التقارير الاخبارية، يستنتجون ان البشر جميعا يعيشون في دوّامة اليأس. والجهود المبذولة لشفاء عالمنا السقيم من عِلله لا تساهم إلا في زيادة الامور تعقيدا. ومن الجدير بالملاحظة ان بعض الانبياء الاثني عشر الذين نتحدث عنهم في هذا الكتاب قد مرّوا بأوضاع عصيبة مماثلة وزوّدوا رسائل رجاء يمكننا ان نستفيد منها شخصيا ونستخدمها لتشجيع الآخرين. — ميخا ٣:١-٣؛ حبقوق ١:١-٤.
٢ وإحدى النقاط المهمة التي تتحدث عنها هذه الاسفار النبوية هي ان المتسلط الكوني يهوه يُمسك بزمام شؤون البشر وهو شديد الاهتمام بخيرنا. فبإمكان كلٍّ منا ان يقول: ‹انه مهتمّ بخيري›. وقد نقل لنا الانبياء الاثنا عشر عن «يهوه الجنود» صورة مؤثرة. فرغم انه قادر ان «يمسّ الارض فتذوب»، يُطمئن شعبه قائلا: «من يمسّكم يمسّ بؤبؤ عيني». (زكريا ٢:٨؛ عاموس ٤:١٣؛ ٩:٥) أفلا تتشجع حين تقرأ مقاطع من الكتاب المقدس توضح كيف توجِّه المحبة تعاملات اللّٰه وكيف يُعرب عن الرحمة والغفران؟! (هوشع ٦:١-٣؛ يوئيل ٢:١٢-١٤) ان كتابات هؤلاء الانبياء لا تغوص في بحث كل اوجه شخصية اللّٰه، اذ ان بحثا كهذا يستلزم اسفار الكتاب المقدس الـ ٦٦ جميعها. مع ذلك، فهي تكشف لنا امورا رائعة عن شخصية اللّٰه وتعاملاته.
٣ كيف يوضح الانبياء الاثنا عشر ان يهوه هو اله قصد؟
٣ وهذه الكتابات تزيدنا اقتناعا بأن يهوه جدير بالثقة لأنه الاله الذي ينبئ بالمستقبل ويتمِّم وعوده الاكيدة. وهي تؤكد لنا انه سيتمم وعده بتحويل الأرض الى فردوس في ظل حكمه. (ميخا ٤:١-٤) كما ان بعض هؤلاء الانبياء يصفون كيف مهّد يهوه الطريق لمجيء المسيَّا وهيَّأ الفدية التي ستحرِّر البشر من الخطية والموت. (ملاخي ٣:١؛ ٤:٥) فلماذا من المهم معرفة كل هذه الامور؟
اله محب يُمسك بزمام الامور
٤، ٥ (أ) اية حقيقة اساسية عن اللّٰه يشدِّد عليها الانبياء الاثنا عشر؟ (ب) كيف تؤثر فيك معرفة مدى قدرة يهوه؟
٤ تذكّر ما ورد في الفصل السابق عن التهمة الموجَّهة الى اللّٰه بشأن حقه في الحكم. فالتمرد على سلطة يهوه والشكّ في دوافعه حملا البعض في السماء على عصيانه وإحداث الفوضى على الارض. لذلك فإن الاحترام والاذعان لسلطان يهوه ضروريان ليسود النظام في الكون ويعمّ السلام بين البشر. وهذا ما يجعل يهوه عاقد العزم على تبرئة سلطانه. فلنراجع الآن كيف تساعدنا الاسفار النبوية الاثنا عشر على زيادة فهمنا لهذه الامور.
٥ كان هؤلاء الانبياء رسلا ليهوه، لذلك شدَّدوا في كلامهم على مركزه السامي. مثلا، استخدم عاموس لقب «السيد الرب» ٢١ مرة للتشديد على اهمية اسم وسلطان الاله القادر على كل شيء. ويُظهِر ذلك انه لا حدود لعظمة الاله الحق وأن لا شيء هو خارج عن نطاق سيطرته. (عاموس ٩:٢-٥؛ انظر الاطار «يهوه القادر على كل شيء».) فيهوه وحده له الحق ان يكون المتسلط على الكون، لأنه اسمى بكثير من الاصنام العديمة الحياة. (ميخا ١:٧؛ حبقوق ٢:١٨-٢٠؛ صفنيا ٢:١١) وبما ان يهوه هو خالق كل شيء، فله الحق في التسلط على الجميع. (عاموس ٤:١٣؛ ٥:٨، ٩؛ ٩:٦) فلماذا يجب ان يهمّك هذا الامر؟
٦ كيف يكون جميع البشر معنيين بإتمام قصد اللّٰه؟
٦ اذا عوملتَ مرة بمحاباة او ظلم او تحامل، فمن المشجِّع ان تعرف ان السيد الرب المحب يهتم بنا جميعا. فمع ان علاقة مميّزة كانت تربطه في الماضي بأمة واحدة، اعلن تصميمه ان يفيد اشخاصا من كل الامم واللغات. فهو «ربّ الارض كلها». (ميخا ٤:١٣) وقد وعد ان يكون اسمه «عظيما بين الامم». (ملاخي ١:١١) كما ان ابانا السماوي يعرِّف الجميع بنفسه دون محاباة. لذلك يلبي «رجال من جميع لغات الامم» دعوته ان يصيروا عبّاده. — زكريا ٨:٢٣.
٧ لماذا معنى اسم يهوه مهمّ؟
٧ ترتبط معرفة صفات اللّٰه وما سيفعله ارتباطا وثيقا باسمه. (مزمور ٩:١٠) في ايام ميخا، كان اسم يهوه يُعيَّر لأن كثيرين من حاملي هذا الاسم اوغلوا في عصيانهم. فأُوحي الى النبي ان يشدِّد على «عظمة اسم يهوه» ويقول ان ‹ذا الحكمة العملية يخاف اسم› اللّٰه. (ميخا ٥:٤؛ ٦:٩) ولماذا؟ لأن ايّ رجاء راسخ لديك بمستقبل ابدي يرتبط بالمعنى المهمّ لاسم اللّٰه: «يصيِّر». فلمَ لا تقرأ يوئيل ٢:٢٦ وتفكِّر كم ينبغي ان يسعدك حمل اسم اللّٰه وإخبار الآخرين عن الاله الاوحد الذي يستطيع ان يصير ما يشاء من اجل مصلحة مخلوقاته؟ فاللّٰه هو الاله الذي يملك قدرة غير محدودة على إنجاز ما يلزم. وهذا ما يؤكده إتمام عشرات النبوات التي اعلنها الانبياء الاثنا عشر.
٨ كيف اثّرت فيك معرفة اسم يهوه؟
٨ لقد استفاد كثيرون من معرفتهم ان يهوه في مقدوره ان ينفِّذ ما يريده ويتمِّم ما يعِد به. وهذا ما اوضحه يوئيل في الكلمات الشهيرة التي اقتبسها بعض الكتّاب المسيحيين: «كل من يدعو باسم يهوه ينجو». (يوئيل ٢:٣٢؛ اعمال ٢:٢١؛ روما ١٠:١٣) وهل نشاطر ميخا مشاعره حين قال بكل ثقة: «نحن نسير باسم يهوه إلهنا الى الدهر والابد»؟ (ميخا ٤:٥) نعم، يمكننا في اوقات الاضطهاد او الشدة ان ‹نحتمي باسم يهوه› بكل ثقة. — صفنيا ٣:٩، ١٢؛ ناحوم ١:٧.
٩ الى اي حد يُمسك اللّٰه بزمام الامور في ما يختص بالحكام البشر؟
٩ فيما تقرأ هذه الاسفار النبوية، يترسخ اقتناعك بأن يهوه يُمسك بزمام شؤون البشر جميعا، حتى الحكام وأصحاب القرار. ففي مقدوره ان يدفعهم الى التصرف بطريقة تنسجم مع مشيئته. (امثال ٢١:١) لنأخذ على سبيل المثال الملك الفارسي داريوس الكبير. فقد طلب اعداء العبادة الحقة مساعدته لإيقاف عمل اعادة بناء هيكل يهوه في اورشليم. لكنَّ العكس تماما هو الذي حصل! فنحو سنة ٥٢٠ قم، اعاد داريوس إقرار مرسوم كورش ودعم اليهود في عمل البناء. وعندما نشأت عقبات اخرى، كانت رسالة اللّٰه الى الوالي اليهودي زربابل: «‹لا بجيش ولا بقوة، بل بروحي›، قال يهوه الجنود. من انت ايّها الجبل العظيم؟ امام زربابل تصير ارضا مستوية». (زكريا ٤:٦، ٧) فما من عقبة ستعيق إهلاك يهوه نظام الاشياء الشرير هذا وتأسيسه فردوسا ينعم به عبّاده. — اشعيا ٦٥:٢١-٢٣.
١٠ ما هو مدى سيطرة اللّٰه، ولماذا ذلك جدير بالاهتمام؟
١٠ ويهوه لديه ايضا سيطرة على قوى الطبيعة، اذ انه قادر على استخدامها لإهلاك اعدائه اذا شاء. (ناحوم ١:٣-٦) قال زكريا، مستخدِما المجاز للتشديد على حماية يهوه لشعبه: «يرى يهوه فوقهم، ويخرج سهمه كالبرق. السيد الرب يهوه ينفخ في القرن، وينطلق في عواصف ريح الجنوب». (زكريا ٩:١٤) نظرا الى ذلك، هل يُعقَل ان يستصعب اللّٰه التفوّق على الامم الشريرة في ايامنا؟! — عاموس ١:٣-٥؛ ٢:١-٣.
اله جدير بالثقة يتمِّم وعوده
١١، ١٢ (أ) لماذا اعتُبرَت نينوى مدينة لا تُقهَر؟ (ب) ماذا حلّ بنينوى إتماما لكلمة اللّٰه النبوية؟
١١ لو كنت عائشا في القرن التاسع قبل الميلاد في منطقة الشرق الاوسط، فلا شك انك كنت ستسمع عن مدينة نينوى العظيمة. فقد كانت مدينة اشورية شهيرة تجثم على الضفة الشرقية لنهر دجلة على بُعد نحو ٩٠٠ كيلومتر شمال شرق اورشليم. وكانت ستبلغ مسامعك حتما اخبار عن حجمها الهائل، اذ بلغ محيطها نحو ١٠٠ كيلومتر. وعلى حد قول زائري نينوى، ضاهت هذه المدينة بابل عظمة بقصورها الملكية، هياكلها، شوارعها العريضة، حدائقها العامة، ومكتبتها الضخمة. كما ان خبراء الاستراتيجيات العسكرية اشادوا بأسوارها الخارجية والداخلية الضخمة التي لا تُخترَق.
١٢ حقا، لقد كانت نينوى في نظر معظم الناس مدينة «لا تُقهَر»! لكنَّ بعض الانبياء من امة يهوذا الصغيرة كانوا يؤكدون ان يهوه حكم بدمار «مدينة الدماء» هذه. صحيح ان اهل نينوى تجاوبوا مع رسالة يونان فأحجم اللّٰه لبعض الوقت عن تنفيذ الدينونة فيهم، لكنهم عادوا الى طرقهم الشريرة. انبأ ناحوم: «نينوى . . . يقطعكِ سيف، . . . لا راحة من الكارثة التي تحل عليك». (ناحوم ٣:١، ٧، ١٥، ١٩؛ يونان ٣:٥-١٠) وفي الفترة نفسها تقريبا، استخدم اللّٰه صفنيا للتنبؤ بأن نينوى ستصبح قفرا. (صفنيا ٢:١٣) فهل كانت هذه الدولة السياسية العظمى التي لا تُقهَر ستُدمَّر حقا إتماما لكلمة يهوه؟ أُجيب عن هذا السؤال حوالي السنة ٦٣٢ قم حين حاصر البابليون والسكيثيون والماديون نينوى. وحدثت فجأة فيضانات دمّرت جزءا من اسوارها، مما اتاح للمهاجمين اختراق دفاعاتها. (ناحوم ٢:٦-٨) وسرعان ما صارت المدينة الجبارة كومة انقاض. ولا تزال نينوى قفرا حتى يومنا هذا.a فلم تتمكن «المدينة المبتهجة» من الحؤول دون إتمام كلمة اللّٰه. — صفنيا ٢:١٥.
١٣ اي دليل على إتمام النبوات يمكنك ايجاده في كتابات الانبياء الاثني عشر؟
١٣ ان ما حلّ بنينوى ليس سوى مثال واحد للنبوات التي تمّت. فعندما تنظر الى خريطة حديثة للشرق الاوسط، هل تجد عمون، أشور، بلاد بابل، أدوم، وموآب؟ كلا. فرغم ان هذه الامم كانت بارزة ذات مرة، انبأ الانبياء الاثنا عشر بزوالها. (عاموس ٢:١-٣؛ عوبديا ١، ٨؛ ناحوم ٣:١٨؛ صفنيا ٢:٨-١١؛ زكريا ٢:٧-٩) وبالفعل اختفت هذه الامم من الوجود واحدة فواحدة. لقد انبأ يهوه باضمحلالها، وهذا ما حدث. كما تمّ ايضا ما انبأ به هؤلاء الانبياء بشأن عودة بقية من اليهود من السبي في بابل.
١٤ لماذا يمكنك بثقة ان تجعل حياتك متمحورة حول وعود يهوه؟
١٤ وأيّ اثر يتركه فيك هذا الدليل على قدرة يهوه ان يتنبأ بالمستقبل؟ يمكنك ان تثق بأن يهوه سيتمِّم وعوده لأنه الاله «الذي لا يمكن ان يكذب». (تيطس ١:٢) اضافة الى ذلك، يخبرنا اللّٰه من خلال كلمته بما يلزم ان نعرفه، وهذا ما يتيح لك ان تجعل حياتك متمحورة حول فعل مشيئته واثقا ان كلماته النبوية ستتم. لكنَّ النبوات في الاسفار الاثني عشر ليست مجرد امثلة على إتمام النبوات في الماضي. فكثير من النبوات هو قيد الاتمام الآن او انه سيتحقق عما قريب. وهكذا، يمكن للسجل الموجود في هذه الاسفار ان يزيدك ثقة بأن النبوات المتعلقة بأيامنا والنبوات المستقبلية ستتم لا محالة. لذلك من الضروري ان تنتبه لهذه الاسفار جيدا.
ابٌ يُظهِر الاهتمام
١٥ كيف يساعدك ما حصل مع ميخا حين تجاهد لحلّ بعض المشاكل الشخصية؟
١٥ ان كون اللّٰه جديرا بالثقة لا يقتصر على ما سيحلّ بالامم او ما سيحدث على الصعيد العالمي. فهو يتفوَّه بالنبوات ويتمِّمها بطرائق تمسّك شخصيا. كيف ذلك؟ قد تجاهد احيانا لحلّ بعض المشاكل الشخصية. وربما لا تكون بحاجة الى شخص يتفهمك فحسب، بل ايضا الى شخص تثق به وقادر على مساعدتك. هذا كان وضع ميخا في القرن الثامن قبل الميلاد الذي شعر بالوحدة فيما كان يواجه شعب يهوذا المتكبرين. فقد بدا له انه آخر شخص امين على الارض، حتى انه لم يتمكن من الثقة بعائلته. وحيثما ذهب وجد اشخاصا متعطشين الى الدماء، مخادعين، وفاسدين. لكنه تشجّع بوعد اللّٰه ان يعتني بخدامه الامناء مهما فعل الآخرون. انتَ ايضا يمكن ان يشجِّعك هذا الامر، وخصوصا اذا كنت محاطا بأشخاص لا يكرمون اللّٰه وبدا لك انه لا يوجد سوى اقلية تعبد يهوه او انك الوحيد الذي تخدمه. — ميخا ٧:٢-٩.
١٦ لماذا يمكنك الثقة ان اللّٰه يلاحظ الفساد والظلم وأنه سينقذ الابرار؟
١٦ كما هي الحال في ايامنا، كان الاغنياء وذوو النفوذ في يهوذا وإسرائيل قديما جشعين وظالمين. وقد أُرهق الشعب بالضرائب وتفشى اغتصاب الاراضي، مما ادّى الى الاستعباد غير المشروع. كما عومل الفقراء بالكثير من اللامبالاة، حتى بوحشية. (عاموس ٢:٦؛ ٥:١١، ١٢؛ ميخا ٢:١، ٢؛ ٣:٩-١٢؛ حبقوق ١:٤) لذلك اوضح اللّٰه بفم رسله انه لن يحتمل الفساد والظلم وأنه سيعاقب الخطاة غير التائبين. (حبقوق ٢:٣، ٦-١٦) ويهوه ينبىء ايضا انه سوف «يقوِّم الامور لمنفعة امم قوية» وأن خدامه الذين يرضى عنهم سوف «يجلسون كل واحد تحت كرمته وتحت تينته، ولا يكون من يرعد». (ميخا ٤:٣، ٤) فما اعظم هذه الراحة! لقد أنبأ اللّٰه مسبقا بأمور كثيرة اخرى وتمّمها. لذلك يمكنك الثقة ان وعده هذا سيتمّ ايضا لا محالة.
١٧، ١٨ (أ) لماذا يمنح اللّٰه الوعود للناس؟ (ب) كيف ينبغي ان ننظر الى تأديب يهوه؟
١٧ لا يتمِّم يهوه وعوده لمجرد إظهار قدرته على الإنباء بالمستقبل، كما لو انه يريد إثارة إعجاب البشر. فتصرفاته نابعة من المحبة المؤسسة على مبدإ، لأن «اللّٰه محبة». (١ يوحنا ٤:٨) تذكَّر هوشع الذي عاش في القرن الثامن قبل الميلاد. فتماما كما خانته زوجته جومر، خان الاسرائيليون يهوه. فعبادتهم للاصنام كانت بمثابة زنى، اذ انهم مزجوا عبادة البعل بعبادة يهوه النقية. كما انهم ‹ارتكبوا العهارة› مجازيا مع اشور ومصر. فماذا فعل يهوه؟ تماما كما ذهب هوشع وراء زوجته الخائنة وأعادها، كذلك ذهب يهوه وراء شعبه بدافع المحبة. فقد قال بفم هوشع: «بحبال البشر، برُبُط المحبة، جذبتهم، . . . وبرفق جلبت طعاما لكل واحد». (هوشع ٢:٥؛ ١١:٤) وتجاوبهم بتوبة اصيلة كان سيمنحهم غفران اللّٰه ويمكّنهم من التمتع مجدّدا بعلاقة معه. (هوشع ١:٣، ٤؛ ٢:١٦، ٢٣؛ ٦:١-٣؛ ١٤:٤) أفلا تؤثر فيك هذه المودة التي اظهرها يهوه؟ فإذا كان يهوه قد اظهر المودة في الماضي، أفلا يملأك ذلك ثقة بأنه سيُظهر الآن ايضا محبته ومودته الرقيقة الولية والثابتة؟ — هوشع ١١:٨.
١٨ تعلِّمك هذه الاسفار النبوية الاثنا عشر ايضا ان محبة اللّٰه تشمل احيانا التقويم. وقد اكّد يهوه لشعبه الخاطئ انه ‹لا يفنيهم تماما›. (عاموس ٩:٨) فهو لم يمتنع عن إنزال العقاب بشعبه حين كان ذلك ضروريا. ولكن كم ارتاحوا عندما علموا ان هذا العقاب مؤقت! تشبِّه ملاخي ١:٦ يهوه بأب محبّ. والاب يؤدب اولاده الاحباء لكي يقوِّمهم. (ناحوم ١:٣؛ عبرانيين ١٢:٦) ولكن رغم ان ابانا السماوي يؤدّبنا، فمحبته تجعله بطيء الغضب. كما ان الكلمات في ملاخي ٣:١٠، ١٦ تؤكد لنا انه سيكافئ خدامه بسخاء.
١٩ ايّ فحص للذات من الملائم ان تقوم به؟
١٩ يستهل ملاخي سفره بالكلمات المطمئنة التالية: «‹إني أحببتكم›، يقول يهوه». (ملاخي ١:٢) وفيما تتأمل في كلمات اللّٰه المطمئنة هذه لإسرائيل، اسأل نفسك: ‹هل افعل شيئا يعيقني عن نيل محبة اللّٰه؟ اية اوجه لمحبة اللّٰه اودّ ان اعرفها وألمسها بشكل اكمل؟›. فبإدراك محبة اللّٰه بشكل اعمق، تزداد ثقتك بمودته التي لا تتزعزع.
الغفران يفسح المجال للخلاص
٢٠ كيف يفسح غفران اللّٰه المجال للخلاص؟
٢٠ عند قراءة هذه الاسفار النبوية، ستلاحظ ان يهوه انبأ احيانا بحدوث امور مفجعة. لماذا؟ غالبا ما كان ذلك لحثّ شعبه على التوبة. فلهذه الغاية سمح للغرباء بتدمير السامرة سنة ٧٤٠ قم وأورشليم سنة ٦٠٧ قم. وقد تمّ ما انبأ به اللّٰه. ولكنه لاحقا سمح للتائبين بالعودة الى ارضهم. نعم، تؤكّد هذه الاسفار ان اللّٰه يغفر ويردّ برحمة الذين يتركون اخطاءهم ويرجعون اليه. (حبقوق ٣:١٣؛ صفنيا ٢:٢، ٣) فقد اندفع ميخا الى القول: «من هو إله مثلك، يعفو عن الذنب ويتجاوز عن تعدي بقية ميراثه؟ لا يحفظ غضبه الى الابد، لأنه يسر باللطف الحبي». (ميخا ٧:١٨؛ يوئيل ٢:١٣؛ زكريا ١:٤) وإتمام النبوات يثبت صحة هذه الكلمات.
٢١ (أ) ماذا قال الانبياء الاثنا عشر عن المسيَّا؟ (ب) اية نبوات مسيّانية تلفت انتباهك؟
٢١ وفي ما يتعلق بالاساس الشرعي الدائم للغفران، انبأ يهوه بمجيء المسيَّا الذي سيبذل حياته البشرية «فدية معادلة» عن الجنس البشري الخاطئ. (١ تيموثاوس ٢:٦) وقد اشار عاموس عن ردّ سيقوم به المسيَّا، ابن داود. (عاموس ٩:١١، ١٢؛ اعمال ١٥:١٥-١٩) حتى ان ميخا اشار الى مكان ولادة يسوع، الذي سيظهر ويتيح لكل الذين يمارسون الايمان بذبيحته فرصة نيل الحياة. (ميخا ٥:٢) كما تحدث زكريا عن «الفرخ»، يسوع، الذي سوف «يجلس ويحكم على عرشه». (زكريا ٣:٨؛ ٦:١٢، ١٣؛ لوقا ١:٣٢، ٣٣) ولا شك ان ايمانك سيتقوى فيما تتفحص اكثر نبوات كهذه. — انظر الاطار «نبوات رئيسية عن المسيَّا».
٢٢ كيف تتقوّى ثقتك بيهوه من خلال ما تكشفه كتابات الانبياء الاثني عشر عنه؟
٢٢ فيما تقرأ رسائل الانبياء الاثني عشر، لا شك ان ثقتك ستزداد بالنصر النهائي الذي سيحققه اللّٰه. فيهوه هو الذي يدافع عنا ويجلب لنا العدل الحقيقي. وكلمته ثابتة لا تتزعزع. فهو يتذكر وعوده لشعبه، يعتني بخدامه، وينقذهم من كل ظالميهم. (ميخا ٧:٨-١٠؛ صفنيا ٢:٦، ٧) ويهوه لم يتغير. (ملاخي ٣:٦) وكم نطمئن حين نعرف ان اللّٰه لا يعيقه عائق عن إتمام قصده! فعندما يقول ان يوم دينونته سيأتي، فهذا يعني انه سيأتي لا محالة. لذلك داوم على السهر، مترقّبا يوم يهوه! كتب زكريا: «يملك يهوه على كل الارض. وفي ذلك اليوم يكون يهوه واحدا واسمه واحدا». (زكريا ١٤:٩) فيهوه انبأ بهذه الكلمات وسيتممها لا محالة.
a في تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٢، قبل حرب العراق، زار البروفسور دان كروكشانڠ المنطقة. قال في تقرير تلفزيوني لهيئة الاذاعة البريطانية: «عند طرف الموصل، تقع مدينة نينوى الشاسعة الخربة التي نقَّب عنها بشغف، هي ومدينة نمرود، . . . علماء الآثار البريطانيون منذ اربعينات القرن التاسع عشر. . . . عنى اكتشاف هاتين المدينتين الاشوريتين كشْف النقاب عن حضارة مفقودة منذ زمن طويل تكاد تكون من عالم الخيال، حضارة لم نعرف عنها شيئا إلا من خلال الكتاب المقدس الذي يتحدث عنها بإيجاز وينعتها بأوصاف قبيحة وغامضة».