يَهْوَهُ يَعْرِفُ أَنْ يُنْقِذَ شَعْبَهُ
«يَعْرِفُ يَهْوَهُ أَنْ يُنْقِذَ ٱلْمُتَعَبِّدِينَ لَهُ مِنَ ٱلْمِحْنَةِ». — ٢ بط ٢:٩.
١ أَيَّةُ أَحْوَالٍ سَتُرَافِقُ ‹ٱلضِّيقَ ٱلْعَظِيمَ›؟
إِنَّ دَيْنُونَةَ ٱللّٰهِ عَلَى عَالَمِ ٱلشَّيْطَانِ سَتَبْدَأُ بَغْتَةً. (١ تس ٥:٢، ٣) وَأَثْنَاءَ «يَوْمِ يَهْوَهَ ٱلْعَظِيمِ» هذَا، سَيَغْرَقُ ٱلْبَشَرُ فِي فَوْضَى عَارِمَةٍ. (صف ١:١٤-١٧) وَيُصْبِحُ ٱلْعَذَابُ وَٱلْحِرْمَانُ قُوتَهُمُ ٱلْيَوْمِيَّ. فَيَكُونُ وَقْتَ شِدَّةٍ «لَمْ يَحْدُثْ مِثْلُهُ مُنْذُ بَدْءِ ٱلْعَالَمِ إِلَى ٱلْآنَ». — اِقْرَأْ متى ٢٤:٢١، ٢٢.
٢، ٣ (أ) مَاذَا سَيُوَاجِهُ شَعْبُ ٱللّٰهِ أَثْنَاءَ ‹ٱلضِّيقِ ٱلْعَظِيمِ›؟ (ب) مَاذَا يُشَدِّدُنَا كَيْ نُوَاجِهَ مَا يَكْمُنُ أَمَامَنَا؟
٢ حِينَ يَدْنُو ‹ٱلضِّيقُ ٱلْعَظِيمُ› مِنْ ذُرْوَتِهِ، سَيَكُونُ شَعْبُ ٱللّٰهِ هَدَفًا لِهُجُومٍ شَامِلٍ يَشُنُّهُ «جُوجٌ، مِنْ أَرْضِ مَاجُوجَ». وَخِلَالَ هذَا ٱلْهُجُومِ، يَصْعَدُ «جَيْشٌ كَثِيرٌ» عَلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ «كَسَحَابٍ يُغَطِّي ٱلْأَرْضَ». (حز ٣٨:٢، ١٤-١٦) وَلَنْ تَهُبَّ أَيَّةُ هَيْئَةٍ بَشَرِيَّةٍ لِنَجْدَةِ شَعْبِ يَهْوَهَ. فَنَجَاتُهُمْ تَعْتَمِدُ عَلَى ٱللّٰهِ وَحْدَهُ. فَكَيْفَ سَيَتَجَاوَبُونَ حِينَ يُوَاجِهُونَ ٱلْإِبَادَةَ؟
٣ إِذَا كُنْتَ خَادِمًا لِيَهْوَهَ، فَهَلْ تُؤْمِنُ أَنَّهُ قَادِرٌ وَسَيَعْمَلُ عَلَى حِمَايَةِ شَعْبِهِ أَثْنَاءَ ٱلضِّيقِ ٱلْعَظِيمِ؟ يَكْتُبُ ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ: «يَعْرِفُ يَهْوَهُ أَنْ يُنْقِذَ ٱلْمُتَعَبِّدِينَ لَهُ مِنَ ٱلْمِحْنَةِ، وَأَنْ يَحْفَظَ ٱلْأَثَمَةَ لِيَوْمِ ٱلدَّيْنُونَةِ لِيُقْطَعُوا». (٢ بط ٢:٩) إِنَّ ٱلتَّأَمُّلَ فِي أَعْمَالِ ٱلْإِنْقَاذِ ٱلَّتِي قَامَ بِهَا يَهْوَهُ فِي ٱلْمَاضِي يُشَدِّدُنَا كَيْ نُوَاجِهَ مَا يَكْمُنُ أَمَامَنَا. وَفِي مَا يَلِي ثَلَاثَةُ أَمْثِلَةٍ تُعَزِّزُ ثِقَتَنَا بِقُدْرَةِ ٱللّٰهِ عَلَى إِنْقَاذِ شَعْبِهِ.
اَلنَّجَاةُ مِنْ طُوفَانٍ عَالَمِيٍّ
٤ مَاذَا وَجَبَ إِنْجَازُهُ قَبْلَ مَجِيءِ ٱلطُّوفَانِ؟
٤ أَوَّلًا، تَأَمَّلْ فِي مَا حَدَثَ أَيَّامَ نُوحٍ. آنَذَاكَ، وَجَبَ إِنْجَازُ بَعْضِ ٱلْأُمُورِ قَبْلَ مَجِيءِ ٱلطُّوفَانِ. فَقَدْ لَزِمَ إِنْهَاءُ مُهِمَّةِ بِنَاءِ ٱلْفُلْكِ ٱلضَّخْمَةِ وَإِدْخَالُ ٱلْحَيَوَانَاتِ إِلَيْهِ بِأَمَانٍ. لكِنَّ يَهْوَهَ لَمْ يَنْتَظِرْ حَتَّى يُتِمَّ نُوحٌ عَمَلَهُ هذَا لِيُقَرِّرَ مَوْعِدَ ٱلطُّوفَانِ، كَمَا لَوْ أَنَّهُ ٱحْتَاجَ أَنْ يُبْقِيَ هذَا ٱلتَّوْقِيتَ قَابِلًا لِلتَّعْدِيلِ فِي حَالِ تَأَخَّرَ إِنْجَازُ ٱلْعَمَلِ. بِٱلْأَحْرَى، حَدَّدَ ٱلْمَوْعِدَ قَبْلَ فَتْرَةٍ طَوِيلَةٍ مِنْ إِصْدَارِ ٱلْأَمْرِ بِبِنَاءِ ٱلْفُلْكِ. وَكَيْفَ نَعْرِفُ ذلِكَ؟
٥ مَاذَا أَعْلَنَ يَهْوَهُ فِي تَكْوِين ٦:٣، وَمَتَى أُصْدِرَ هذَا ٱلْقَرَارُ؟
٥ يَذْكُرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّ يَهْوَهَ أَصْدَرَ قَرَارًا فِي ٱلسَّمَاءِ. فَبِحَسَبِ تَكْوِين ٦:٣، قَالَ: «لَنْ تَحْتَمِلَ رُوحِي ٱلْإِنْسَانَ إِلَى ٱلدَّهْرِ، إِذْ هُوَ جَسَدٌ. فَتَكُونُ أَيَّامُهُ مِئَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً». إِنَّ عِبَارَتَهُ هذِهِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَيَّةُ صِلَةٍ بِمُعَدَّلِ عُمْرِ ٱلْإِنْسَانِ، بَلْ كَانَتْ قَرَارًا قَضَائِيًّا أَعْلَنَ فِيهِ مَتَى سَيُطَهِّرُ ٱلْأَرْضَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ.a وَبِمَا أَنَّ ٱلطُّوفَانَ بَدَأَ سَنَةَ ٢٣٧٠ قم، نَسْتَنْتِجُ أَنَّ ٱللّٰهَ أَصْدَرَ قَرَارَهُ هذَا عَامَ ٢٤٩٠ قم. آنَذَاكَ، كَانَ عُمْرُ نُوحٍ ٤٨٠ عَامًا. (تك ٧:٦) وَبَعْدَ نَحْوِ ٢٠ سَنَةً، أَيْ عَامَ ٢٤٧٠ قم، ٱبْتَدَأَ نُوحٌ يُنْجِبُ ٱلْأَوْلَادَ. (تك ٥:٣٢) وَهكَذَا نَرَى أَنَّهُ قَبْلَ مِئَةِ عَامٍ تَقْرِيبًا مِنْ بِدَايَةِ ٱلطُّوفَانِ، لَمْ يَكُنْ يَهْوَهُ قَدْ كَشَفَ بَعْدُ لِنُوحٍ ٱلدَّوْرَ ٱلْخُصُوصِيَّ ٱلَّذِي سَيَلْعَبُهُ فِي ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى ٱسْتِمْرَارِيَّةِ ٱلْعَائِلَةِ ٱلْبَشَرِيَّةِ. فَمَتَى كَانَ سَيَفْعَلُ ذلِكَ؟
٦ مَتَى أَوْصَى يَهْوَهُ نُوحًا بِبِنَاءِ ٱلْفُلْكِ؟
٦ اِنْتَظَرَ يَهْوَهُ عَلَى مَا يَبْدُو عُقُودًا قَبْلَ أَنْ يَكْشِفَ لِنُوحٍ مَا يَنْوِي ٱلْقِيَامَ بِهِ. وَعَلَامَ نُؤَسِّسُ ٱسْتِنْتَاجَنَا هذَا؟ يُشِيرُ ٱلسِّجِلُّ ٱلْمُوحَى بِهِ أَنَّ أَبْنَاءَ نُوحٍ كَانُوا رَاشِدِينَ وَمُتَزَوِّجِينَ حِينَ أَوْصَاهُ ٱللّٰهُ بِبِنَاءِ ٱلْفُلْكِ. فَقَدْ قَالَ لَهُ يَهْوَهُ: «أُقِيمُ عَهْدِي مَعَكَ، فَتَدْخُلُ ٱلْفُلْكَ أَنْتَ وَبَنُوكَ وَزَوْجَتُكَ وَزَوْجَاتُ بَنِيكَ مَعَكَ». (تك ٦:٩-١٨) مِنَ ٱلْمُحْتَمَلِ إِذًا أَنَّ نُوحًا لَمْ يَنَلْ تَفْوِيضَهُ إِلَّا قَبْلَ ٤٠ أَوْ ٥٠ سَنَةً مِنِ ٱبْتِدَاءِ ٱلطُّوفَانِ.
٧ (أ) كَيْفَ بَرْهَنَ نُوحٌ وَعَائِلَتُهُ عَنْ إِيمَانِهِمْ؟ (ب) مَتَى أَطْلَعَ ٱللّٰهُ نُوحًا عَلَى وَقْتِ مَجِيءِ ٱلطُّوفَانِ؟
٧ بَيْنَمَا كَانَ عَمَلُ ٱلْبِنَاءِ يَمْضِي قُدُمًا، لَا بُدَّ أَنَّ نُوحًا وَعَائِلَتَهُ تَسَاءَلُوا كَيْفَ سَيُتَمِّمُ ٱللّٰهُ قَصْدَهُ وَمَتَى يَبْدَأُ ٱلطُّوفَانُ. لكِنَّ عَدَمَ مَعْرِفَتِهِمْ بِهذِهِ ٱلتَّفَاصِيلِ لَمْ يَحُلْ دُونَ إِتْمَامِهِمِ ٱلْمُهِمَّةَ ٱلْمُوكَلَةَ إِلَيْهِمْ. تُخْبِرُنَا ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ: «فَعَلَ نُوحٌ بِحَسَبِ كُلِّ مَا أَمَرَهُ بِهِ ٱللّٰهُ. هٰكَذَا فَعَلَ». (تك ٦:٢٢) وَأَخِيرًا، أَعْلَمَ يَهْوَهُ نُوحًا أَنَّ ٱلطُّوفَانَ سَيَأْتِي بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ، مَا أَتَاحَ لَهُ وَلِعَائِلَتِهِ وَقْتًا كَافِيًا لِيُدْخِلُوا ٱلْحَيَوَانَاتِ إِلَى ٱلْفُلْكِ. وَهكَذَا، كَانَ كُلُّ شَيْءٍ جَاهِزًا حِينَ ٱنْفَتَحَتْ كُوَى ٱلسَّمَاءِ «فِي ٱلسَّنَةِ ٱلسِّتِّ مِئَةٍ مِنْ حَيَاةِ نُوحٍ، فِي ٱلشَّهْرِ ٱلثَّانِي، فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِعَ عَشَرَ مِنَ ٱلشَّهْرِ». — تك ٧:١-٥، ١١.
٨ كَيْفَ تُؤَكِّدُ لَنَا رِوَايَةُ ٱلطُّوفَانِ أَنَّ يَهْوَهَ يَعْرِفُ مَتَى يُنْقِذُ شَعْبَهُ؟
٨ تَشْهَدُ رِوَايَةُ ٱلطُّوفَانِ أَنَّ يَهْوَهَ يَعْرِفُ مَتَى وَكَيْفَ يُنْقِذُ شَعْبَهُ. وَفِيمَا يُشَارِفُ نِظَامُ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْحَاضِرُ هذَا عَلَى نِهَايَتِهِ، يُمْكِنُنَا ٱلْوُثُوقُ ثِقَةً تَامَّةً بِأَنَّ كُلَّ مَا قَصَدَهُ يَهْوَهُ سَيَتَحَقَّقُ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُعَيَّنِ، وَفِي ‹ٱلْيَوْمِ وَٱلسَّاعَةِ› ٱللَّذَيْنِ حَدَّدَهُمَا. — مت ٢٤:٣٦؛ اِقْرَأْ حبقوق ٢:٣.
اَلْإِنْقَاذُ عِنْدَ ٱلْبَحْرِ ٱلْأَحْمَرِ
٩، ١٠ كَيْفَ ٱسْتَخْدَمَ يَهْوَهُ شَعْبَهُ لِيُوقِعَ جَيْشَ مِصْرَ فِي ٱلْفَخِّ؟
٩ حَتَّى ٱلْآنَ، رَأَيْنَا أَنَّ يَهْوَهَ يَتَحَكَّمُ فِي تَوْقِيتِ ٱلْأَحْدَاثِ بِحَيْثُ يَتَحَقَّقُ قَصْدُهُ. أَمَّا ٱلْمِثَالُ ٱلثَّانِي فَيُسَلِّطُ ٱلضَّوْءَ عَلَى سَبَبٍ وَجِيهٍ آخَرَ لِلْوُثُوقِ أَنَّ يَهْوَهَ يُنْقِذُ شَعْبَهُ: اِسْتِخْدَامِهِ قُوَّتَهُ ٱللَّامُتَنَاهِيَةَ كَيْ يَضْمَنَ تَحْقِيقَ مَشِيئَتِهِ. وَهُوَ عَلَى يَقِينٍ تَامٍّ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى إِنْقَاذِ شَعْبِهِ حَتَّى إِنَّهُ يَسْتَخْدِمُهُمْ أَحْيَانًا كَطُعْمٍ لِإِيقَاعِ أَعْدَائِهِ فِي ٱلْفَخِّ. وَهذَا مَا حَصَلَ عِنْدَمَا حَرَّرَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ مِنَ ٱلْعُبُودِيَّةِ فِي مِصْرَ.
١٠ كَانَ عَدَدُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلَّذِينَ ٱرْتَحَلُوا مِنْ مِصْرَ ٣ مَلَايِينِ شَخْصٍ تَقْرِيبًا. وَقَدْ أَمَرَ يَهْوَهُ مُوسَى أَنْ يَقُودَهُمْ بِطَرِيقَةٍ جَعَلَتْ فِرْعَوْنَ يَظُنُّ أَنَّهُمْ هَائِمُونَ. (اِقْرَأْ خروج ١٤:١-٤.) وَإِذْ لَمْ يَسْتَطِعْ فِرْعَوْنُ مُقَاوَمَةَ هذَا ٱلْإِغْرَاءِ، رَاحَ مَعَ قُوَّاتِهِ ٱلْعَسْكَرِيَّةِ يُطَارِدُ عَبِيدَهُ ٱلسَّابِقِينَ وَحَاصَرَهُمْ عِنْدَ ٱلْبَحْرِ ٱلْأَحْمَرِ. وَهُنَاكَ، بَدَا أَنْ لَا مَفَرَّ لَهُمْ. (خر ١٤:٥-١٠) لكِنَّهُمْ فِي ٱلْوَاقِعِ كَانُوا فِي مَنْأًى عَنِ ٱلْخَطَرِ. وَلِمَاذَا؟ لِأَنَّ يَهْوَهَ كَانَ عَلَى وَشْكِ أَنْ يَتَدَخَّلَ لِصَالِحِهِمْ.
١١، ١٢ (أ) كَيْفَ تَدَخَّلَ يَهْوَهُ لِصَالِحِ شَعْبِهِ؟ (ب) مَاذَا كَانَتْ نَتِيجَةُ تَدَخُّلِ يَهْوَهَ، وَمَاذَا تُعَلِّمُنَا هذِهِ ٱلرِّوَايَةُ عَنْهُ؟
١١ اِنْتَقَلَ «عَمُودُ ٱلسَّحَابِ» ٱلَّذِي كَانَ يَقُودُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ وَوَقَفَ وَرَاءَهُمْ، فَحَالَ دُونَ ٱقْتِرَابِ جُيُوشِ فِرْعَوْنَ مِنْهُمْ. وَقَدْ تَسَبَّبَ هذَا ٱلْعَمُودُ بِظَلَامٍ عَلَى ٱلْمِصْرِيِّينَ، فِيمَا أَشَعَّ ٱلنُّورُ عَجَائِبِيًّا عَلَى ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ. (اِقْرَأْ خروج ١٤:١٩، ٢٠.) بَعْدَئِذٍ، شَقَّ يَهْوَهُ ٱلْبَحْرَ بِرِيحٍ شَرْقِيَّةٍ قَوِيَّةٍ «وَجَعَلَ حَوْضَ ٱلْبَحْرِ يَابِسَةً». وَقَدِ ٱسْتَغْرَقَتْ هذِهِ ٱلْعَمَلِيَّةُ دُونَ رَيْبٍ وَقْتًا كَبِيرًا، لِأَنَّ ٱلرِّوَايَةَ تَذْكُرُ أَنَّهُ بَعْدَمَا عَصَفَتِ ٱلرِّيحُ «طَوَالَ ٱللَّيْلِ»، «دَخَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي وَسَطِ ٱلْبَحْرِ عَلَى ٱلْيَابِسَةِ». وَمَعَ أَنَّهُمْ تَقَدَّمُوا بِبُطْءٍ مُقَارَنَةً بِجَيْشِ فِرْعَوْنَ وَمَرْكَبَاتِهِ، كَانَ مِنَ ٱلْمُسْتَحِيلِ أَنْ يَتَغَلَّبَ عَلَيْهِمِ ٱلْمِصْرِيُّونَ لِأَنَّ يَهْوَهَ كَانَ يُحَارِبُ عَنْهُمْ. فَقَدْ «بَلْبَلَ جَيْشَ ٱلْمِصْرِيِّينَ. وَخَلَعَ بَكَرَاتِ مَرْكَبَاتِهِمْ فَسَاقُوهَا بِصُعُوبَةٍ». — خر ١٤:٢١-٢٥.
١٢ وَمَا إِنْ بَلَغَ جَمِيعُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ بَرَّ ٱلْأَمَانِ حَتَّى أَمَرَ يَهْوَهُ مُوسَى: «مُدَّ يَدَكَ عَلَى ٱلْبَحْرِ، فَتَرْجِعَ ٱلْمِيَاهُ عَلَى ٱلْمِصْرِيِّينَ، عَلَى مَرْكَبَاتِهِمْ وَخَيَّالَتِهِمْ». فَحَاوَلَ ٱلْجُنُودُ ٱلْهَرَبَ مِنَ ٱلْمِيَاهِ ٱلْجَارِفَةِ، لكِنَّ يَهْوَهَ ‹طَرَحَهُمْ إِلَى وَسَطِ ٱلْبَحْرِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ وَلَا وَاحِدٌ›. (خر ١٤:٢٦-٢٨) وَهكَذَا، أَظْهَرَ يَهْوَهُ أَنَّ لَدَيْهِ ٱلْقُدْرَةَ عَلَى إِنْقَاذِ شَعْبِهِ مِنْ كُلِّ مَأْزِقٍ يَتَعَرَّضُونَ لَهُ.
اَلنَّجَاةُ مِنْ دَمَارِ أُورُشَلِيمَ
١٣ أَيَّةُ إِرْشَادَاتٍ أَعْطَاهَا يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ، وَمَاذَا رُبَّمَا تَسَاءَلُوا؟
١٣ يَعْرِفُ يَهْوَهُ تَمَامًا كَيْفَ تَتَطَوَّرُ ٱلْأَحْدَاثُ ٱلْمُؤَدِّيَةُ إِلَى تَحْقِيقِ قَصْدِهِ. وَهذَا ٱلْأَمْرُ مُهِمٌّ جِدًّا كَمَا يَتَبَيَّنُ مِنَ ٱلْمِثَالِ ٱلثَّالِثِ ٱلَّذِي سَنُنَاقِشُهُ: حِصَارِ أُورُشَلِيمَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ. فَيَهْوَهُ زَوَّدَ بِوَاسِطَةِ ٱبْنِهِ إِرْشَادَاتٍ تُمَكِّنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْقَاطِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَٱلْيَهُودِيَّةِ أَنْ يَنْجُوا مِنَ ٱلدَّمَارِ ٱلَّذِي كَانَ سَيَحِلُّ بِٱلْمَدِينَةِ عَامَ ٧٠ بم. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «مَتَى رَأَيْتُمُ ٱلرِّجْسَةَ ٱلْمُخَرِّبَةَ، ٱلَّتِي تَكَلَّمَ عَنْهَا دَانِيَالُ ٱلنَّبِيُّ، قَائِمَةً فِي ٱلْمَكَانِ ٱلْمُقَدَّسِ . . .، فَحِينَئِذٍ لِيَبْدَإِ ٱلَّذِينَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ بِٱلْهَرَبِ إِلَى ٱلْجِبَالِ». (مت ٢٤:١٥، ١٦) لَكِنْ كَيْفَ كَانَ أَتْبَاعُهُ سَيُمَيِّزُونَ أَنَّ ٱلنُّبُوَّةَ هِيَ قَيْدُ ٱلْإِتْمَامِ؟
١٤ كَيْفَ أَوْضَحَ تَطَوُّرُ ٱلْأَحْدَاثِ مَعْنَى ٱلْإِرْشَادَاتِ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا يَسُوعُ؟
١٤ مَعَ تَطَوُّرِ ٱلْأَحْدَاثِ، ٱتَّضَحَ مَعْنَى كَلِمَاتِ يَسُوعَ. فَفِي عَامِ ٦٦ بم، وَصَلَتِ ٱلْجُيُوشُ ٱلرُّومَانِيَّةُ بِقِيَادَةِ سِسْتِيُوس ڠَالُوس إِلَى أُورُشَلِيمَ لِتَقْمَعَ ثَوْرَةَ ٱلْيَهُودِ. وَحِينَ لَجَأَ ٱلثُّوَّارُ ٱلْيَهُودُ — اَلْمَعْرُوفُونَ بِٱلْغَيَارَى — إِلَى ٱلْحِصْنِ ٱلَّذِي بِجَانِبِ ٱلْهَيْكَلِ، بَدَأَ ٱلرُّومَانُ يُقَوِّضُونَ سُورَ ٱلْهَيْكَلِ. وَهكَذَا، بَاتَ مَعْنَى مَا قَالَهُ يَسُوعُ وَاضِحًا وُضُوحَ ٱلشَّمْسِ بِٱلنِّسْبَةِ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَقِظِينَ. فَٱلْجَيْشُ ٱلْوَثَنِيُّ بِرَايَاتِهِ ٱلصَّنَمِيَّةِ هُوَ «ٱلرِّجْسَةُ»، وَقَدْ وَصَلَ إِلَى «ٱلْمَكَانِ ٱلْمُقَدَّسِ»، أَيْ إِلَى سُورِ ٱلْهَيْكَلِ. لِذلِكَ، أَدْرَكُوا أَنَّهُ آنَ ٱلْأَوَانُ ‹لِيَبْدَأُوا بِٱلْهَرَبِ إِلَى ٱلْجِبَالِ›. وَلكِنْ كَيْفَ ٱلسَّبِيلُ إِلَى ٱلْخُرُوجِ وَٱلْمَدِينَةُ مُحَاصَرَةٌ؟ لَقَدْ كَانَتِ ٱلْأَحْدَاثُ عَلَى وَشْكِ أَنْ تَتَّخِذَ مَنْحًى غَيْرَ مُتَوَقَّعٍ.
١٥، ١٦ (أ) أَيُّ إِرْشَادٍ مُحَدَّدٍ أَعْطَاهُ يَسُوعُ، وَلِمَاذَا كَانَ مِنَ ٱلْمُهِمِّ لِأَتْبَاعِهِ أَنْ يُطِيعُوهُ؟ (ب) عَلَامَ سَيَعْتَمِدُ إِنْقَاذُنَا؟
١٥ دُونَ أَيِّ سَبَبٍ وَاضِحٍ، ٱنْسَحَبَ سِسْتِيُوس ڠَالُوس وَقُوَّاتُهُ مِنْ أُورُشَلِيمَ، فَطَارَدَهُمُ ٱلْغَيَارَى. وَهكَذَا، بِخُرُوجِ ٱلْفَرِيقَيْنِ ٱلْمُتَقَاتِلَيْنِ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ، أُتِيحَتْ فَجْأَةً أَمَامَ أَتْبَاعِ يَسُوعَ فُرْصَةٌ لِلْهَرَبِ. وَكَانَ يَسُوعُ قَدْ أَوْصَاهُمْ بِشَكْلٍ مُحَدَّدٍ أَنْ يَتْرُكُوا وَرَاءَهُمْ مُمْتَلَكَاتِهِمِ ٱلْمَادِّيَّةَ وَيَرْحَلُوا دُونَ إِبْطَاءٍ. (اِقْرَأْ متى ٢٤:١٧، ١٨.) فَهَلْ كَانَ ٱتِّخَاذُ إِجْرَاءٍ فَوْرِيٍّ ضَرُورِيًّا فِعْلًا؟ سُرْعَانَ مَا أَتَاهُمُ ٱلْجَوَابُ. فَفِي غُضُونِ أَيَّامٍ، عَادَ ٱلْغَيَارَى وَرَاحُوا يُجْبِرُونَ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ وَٱلْيَهُودِيَّةِ عَلَى ٱلِٱنْضِمَامِ إِلَى ٱلثُّوَّارِ. وَتَدَهْوَرَتْ أَوْضَاعُ ٱلْمَدِينَةِ بِسُرْعَةٍ إِذْ أَخَذَتِ ٱلْأَحْزَابُ ٱلْيَهُودِيَّةُ ٱلْمُتَنَافِسَةُ تَتَصَارَعُ عَلَى ٱلسُّلْطَةِ. فَٱزْدَادَتْ إِمْكَانِيَّةُ ٱلْهَرَبِ صُعُوبَةً. وَحِينَ عَادَ ٱلرُّومَانُ سَنَةَ ٧٠ بم، فُقِدَ كُلُّ أَمَلٍ بِٱلْفِرَارِ. (لو ١٩:٤٣) فَٱحْتُجِزَ كُلُّ مَنْ تَبَاطَأَ فِي ٱلْخُرُوجِ مِنَ ٱلْمَدِينَةِ. أَمَّا ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلَّذِينَ قَصَدُوا ٱلْجِبَالَ، فَبَقُوا عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ بِسَبَبِ إِصْغَائِهِمْ لِإِرْشَادَاتِ يَسُوعَ. وَقَدْ رَأَوْا بِأُمِّ عَيْنِهِمْ أَنَّ يَهْوَهَ يَعْرِفُ أَنْ يُنْقِذَ شَعْبَهُ. فَأَيُّ دَرْسٍ نَتَعَلَّمُهُ مِنْ هذِهِ ٱلرِّوَايَةِ؟
١٦ أَثْنَاءَ ٱلضِّيقِ ٱلْعَظِيمِ، يَنْبَغِي لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْإِصْغَاءُ إِلَى إِرْشَادَاتِ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ وَهَيْئَتِهِ. مَثَلًا، إِنَّ وَصِيَّةَ يَسُوعَ «بِٱلْهَرَبِ إِلَى ٱلْجِبَالِ» لَهَا ٱنْطِبَاقٌ عَصْرِيٌّ. وَنَحْنُ لَا نَدْرِي تَمَامًا كَيْفَ سَيَكُونُ هَرَبُنَا.b لكِنَّنَا وَاثِقُونَ أَنَّ يَهْوَهَ سَيُوضِحُ مَعْنَى هذِهِ ٱلْإِرْشَادَاتِ مَتَى حَانَ وَقْتُ تَطْبِيقِهَا. وَبِمَا أَنَّ إِنْقَاذَنَا يَعْتَمِدُ عَلَى ٱلطَّاعَةِ، يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَسْأَلَ أَنْفُسَنَا: ‹كَيْفَ أَتَجَاوَبُ مَعَ ٱلْإِرْشَادَاتِ ٱلَّتِي يُزَوِّدُهَا يَهْوَهُ لِشَعْبِهِ ٱلْيَوْمَ؟ هَلْ أَتَجَاوَبُ بِسُرْعَةٍ، أَمْ أَتَرَدَّدُ فِي ٱلْإِعْرَابِ عَنِ ٱلطَّاعَةِ؟›. — يع ٣:١٧.
مُسْتَعِدُّونَ لِمُوَاجَهَةِ مَا يَكْمُنُ أَمَامَنَا
١٧ مَاذَا تَكْشِفُ نُبُوَّةُ حَبَقُّوقَ عَنِ ٱلْهُجُومِ ٱلَّذِي سَيُشَنُّ عَلَى شَعْبِ ٱللّٰهِ؟
١٧ لِنَعُدِ ٱلْآنَ إِلَى هُجُومِ جُوجٍ ٱلشَّامِلِ ٱلْمَذْكُورِ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ. فَعَنْهُ يَتَنَبَّأُ حَبَقُّوقُ: «سَمِعْتُ، فَٱضْطَرَبَتْ أَحْشَائِي. مِنَ ٱلصَّوْتِ ٱرْتَجَفَتْ شَفَتَايَ. دَخَلَ ٱلنَّخْرُ عِظَامِي. فِي وَضْعِي هٰذَا ٱضْطَرَبْتُ، وَمَعَ ذٰلِكَ أَنْتَظِرُ بِهُدُوءٍ يَوْمَ ٱلشِّدَّةِ، أَنْتَظِرُ صُعُودَ [ٱللّٰهِ] عَلَى ٱلشَّعْبِ [ٱلْجُيُوشِ ٱلْمُهَاجِمَةِ] لِيُغِيرَ عَلَيْهِمْ». (حب ٣:١٦) نَعَمْ، لَقَدِ ٱنْقَبَضَتْ مَعِدَةُ حَبَقُّوقَ وَٱرْتَجَفَتْ شَفَتَاهُ وَخَارَتْ قِوَاهُ لِمُجَرَّدِ سَمَاعِهِ ٱلْأَخْبَارَ عَنِ ٱلْهُجُومِ ٱلَّذِي سَيُشَنُّ ضِدَّ شَعْبِ ٱللّٰهِ. وَيَدُلُّ رَدُّ فِعْلِهِ هذَا كَمْ سَيَبْدُو وَضْعُنَا مُخِيفًا حِينَ تَنْقَضُّ عَلَيْنَا حُشُودُ جُوجٍ. إِلَّا أَنَّ ٱلنَّبِيَّ أَبْدَى ٱسْتِعْدَادًا لِيَنْتَظِرَ بِهُدُوءٍ يَوْمَ يَهْوَهَ ٱلْعَظِيمَ، وَاثِقًا مِنْ إِنْقَاذِ ٱللّٰهِ لِشَعْبِهِ. نَحْنُ أَيْضًا يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَسَلَّحَ بِتِلْكَ ٱلثِّقَةِ عَيْنِهَا. — حب ٣:١٨، ١٩.
١٨ (أ) لِمَاذَا لَا يَجِبُ أَنْ نَخْشَى ٱلْهُجُومَ ٱلْمُقْبِلَ؟ (ب) مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
١٨ إِنَّ ٱلْأَمْثِلَةَ ٱلثَّلَاثَةَ ٱلَّتِي تَنَاوَلْنَاهَا هِيَ دَلِيلٌ دَامِغٌ أَنَّ يَهْوَهَ يَعْرِفُ أَنْ يُنْقِذَ شَعْبَهُ. فَمِنَ ٱلْمُسْتَحِيلِ أَنْ يَفْشَلَ قَصْدُهُ، وَٱلنَّصْرُ مَضْمُونٌ. لكِنْ كَيْ نُشَارِكَ فِي هذَا ٱلِٱنْتِصَارِ ٱلْمَجِيدِ، عَلَيْنَا أَنْ نَبْقَى أُمَنَاءَ حَتَّى ٱلنِّهَايَةِ. فَكَيْفَ يُسَاعِدُنَا يَهْوَهُ أَنْ نُحَافِظَ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا ٱلْآنَ؟ هذَا مَا سَنُنَاقِشُهُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ.
[الحاشيتان]
a اُنْظُرْ بُرْجُ ٱلْمُرَاقَبَةِ، عَدَدَ ١٥ كَانُونَ ٱلْأَوَّل (دِيسَمْبِر) ٢٠١٠، ٱلصَّفْحَتَيْنِ ٣٠-٣١.
[الصورة في الصفحة ٢٤]
هَلْ شَكَّلَتْ جُيُوشُ فِرْعَوْنَ أَيَّ خَطَرٍ فِعْلِيٍّ عَلَى ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ؟