الفصل الثاني عشر
«ترقَّب» يوم يهوه
١، ٢ (أ) اية اسئلة قد تطرحها على نفسك؟ (ب) في اية ظروف عاش بعض الانبياء الاثني عشر، وأيّ موقف امتلكه ميخا؟
منذ متى تنتظر مجيء يوم يهوه ليحرِّر الارض من الشرّ؟ كم من الوقت انت مستعدّ لانتظاره؟ وفي هذه الاثناء، ايّ موقف تتّخذه وكيف يؤثر موقفك في طريقة حياتك؟ لا شك ان اجوبتك ستكون مختلفة عن اجوبة مرتادي الكنائس الذين يعيشون الآن كما يحلو لهم، راجين الذهاب الى السماء.
٢ وفيما تنتظر ذلك اليوم العظيم، يمكن ان تكون اسفار الانبياء الاثني عشر مصدر عون كبير لك. فعدد كبير من هؤلاء الانبياء عاش حين كان اللّٰه على وشك تنفيذ الدينونة. مثلا، خدم ميخا حين كان يدنو عقاب السامرة على ايدي الاشوريين سنة ٧٤٠ قم. (انظر الخط الزمني في الصفحتين ٢٠ و ٢١) ولاحقا، كان يوم يهوه سيأتي حتما على يهوذا ايضا. وبما ان ميخا لم يعرف بالضبط متى سيتدخل اللّٰه، فهل استنتج ان ما عليه سوى الانتظار مكتوف اليدين على امل ان يتدخل اللّٰه في القريب العاجل؟ كلا. فقد قال: «اما انا فأراقب يهوه، وأنتظر إله خلاصي. يسمعني إلهي». (ميخا ٧:٧) فإذ كان ميخا واثقا مما سيحدث، كان اشبه بحارس نشيط على برج المراقبة. — ٢ صموئيل ١٨:٢٤-٢٧؛ ميخا ١:٣، ٤.
٣ ايّ موقف اعرب عنه حبقوق وصفنيا اللذان عاشا في فترة قريبة من دمار اورشليم؟
٣ والآن، حدِّد الوقت الذي عاش فيه صفنيا وحبقوق باستعمال الخط الزمني. لاحِظ ان هذين النبيَّين خدما في فترة اقرب الى دمار اورشليم سنة ٦٠٧ قم. رغم ذلك، لم يعرفا هل كان اللّٰه سينفذ دينونته عمّا قريب او بعد عدة عقود. (حبقوق ١:٢؛ صفنيا ١:٧، ١٤-١٨) كتب صفنيا: «‹انتظروني›، يقول يهوه، ‹الى يوم اقوم الى الغنيمة، لأن حكمي هو ان . . . اسكب عليهم إدانتي، كل اتقاد غضبي›». (صفنيا ٣:٨) وماذا عن حبقوق الذي عاش بعيد زمن صفنيا؟ كتب هو بنفسه قائلا: «الرؤيا بعد الى الوقت المعيَّن، وتسرع الى النهاية ولا تكذب. إنْ تأخرت فترقَّبها، لأنها تتم إتماما ولن تتأخر». — حبقوق ٢:٣.
٤ اية حالة كانت سائدة عندما تنبأ صفنيا وحبقوق، وأيّ موقف كان لديهما؟
٤ من المفيد لنا ان نطّلع على الحالة التي كانت سائدة عند كتابة الكلمات في صفنيا ٣:٨ وحبقوق ٢:٣. فعندما كان بعض اليهود يقولون: «يهوه لا يحسن ولا يسيء»، اعلن صفنيا عن مجيء «يوم غضب يهوه». ففي ذلك اليوم، كانت الامم المعادية واليهود العصاة سيشعرون بسخط اللّٰه. (صفنيا ١:٤، ١٢؛ ٢:٢، ٤، ١٣؛ ٣:٣، ٤) وهل تعتقد ان صفنيا كان خائفا من إدانة اللّٰه وغضبه؟ على العكس، فقد قيل له ان ينتظر ويبقى ‹مترقِّبا›. ولكن قد تتساءل: ‹ماذا كانت حال حبقوق؟›. كان عليه هو ايضا ان يبقى ‹مترقِّبا› ليوم يهوه. فصفنيا وحبقوق لم يكونا لامباليَين بما يكمن امامهما، عائشَين حياتهما وكأن شيئا لن يتغير ابدا. (حبقوق ٣:١٦؛ ٢ بطرس ٣:٤) فكما ذُكر، كان هنالك امر مشترك بارز بين هذين النبيَّين: ‹الترقّب›. ولا شك انك تعلم ان ما ترقَّبه هذان النبيّان تحقق وصار لاحقا واقعة تاريخية حدثت سنة ٦٠٧ قم. وهكذا، تبرهن انهما تصرفا بحكمة حين بقيا ‹مترقِّبَين›.
٥، ٦ اذ نعرف اين نحن في مجرى الزمن في ما يتعلق بإتمام قصد اللّٰه، ايّ موقف ينبغي ان نمتلكه؟
٥ يمكنك انت ايضا ان تثق ان «يوم غضب يهوه» على نظام الاشياء الحاضر سيأتي؛ فسيأتي في وقته المحدَّد وسيكون حقيقة واقعة. وطبعا، انت لا تشك في ذلك. وكصفنيا وحبقوق، أنت لا تعرف بالضبط متى سيأتي هذا اليوم. (مرقس ١٣:٣٢) ولكنه آتٍ لا محالة، وإتمام نبوات الكتاب المقدس في ايامنا هو دليل دامغ انه سيأتي عمّا قريب. لذلك فإن تشديد يهوه لهذين النبيَّين ان ‹يترقَّبا› يومه ينطبق عليك ايضا. وتذكَّر هذه الحقيقة المطلقة: ان إلهنا هو الاله الوحيد الذي «يعمل لمَن يترقَّبه». — اشعيا ٦٤:٤.
٦ ويمكنك ان تُعرِب عن موقف الترقُّب عندما تبرهن بأعمالك انك تثق بأن «يوم غضب يهوه» سيأتي في وقته المحدَّد. وهذا الاقتناع المقرون بالاعمال ينسجم مع ما قاله يسوع حين حثّ رسله وكل المسيحيين الممسوحين: «لتكن أحقاؤكم ممنطقة وسرجكم موقدة، وكونوا انتم مثل اناس ينتظرون سيدهم . . . يا لسعادة اولئك العبيد الذين متى جاء السيد وجدهم ساهرين! الحق اقول لكم: انه يتمنطق ويُتكِئهم الى المائدة ويتقدم ويخدمهم». (لوقا ١٢:٣٥-٣٧) نعم، ان امتلاك الموقف الملائم، موقف الانتظار، يُعرب عن ثقتنا بأن يوم يهوه العظيم سيأتي تماما في الوقت المحدَّد له.
ابقَ ‹مترقِّبا› و ‹مستعدا›
٧، ٨ (أ) ماذا يُنتِج صبر اللّٰه؟ (ب) ايّ موقف يحثنا بطرس على امتلاكه؟
٧ قبل تأسيس ملكوت اللّٰه في السماء سنة ١٩١٤، كان خدام اللّٰه العصريون مترقِّبين، وهم لا يزالون يمتلكون هذا الموقف حتى الآن. لكنَّ ترقُّبهم هذا لا يعني البتة انهم خاملون. بالعكس، فهم يقومون بنشاط بعمل الشهادة الذي عيّنه اللّٰه لهم. (اعمال ١:٨) ولكن فكِّر في ما يلي: ماذا لو اتى يوم يهوه العظيم سنة ١٩١٤ او حتى منذ ٤٠ سنة؟ هل كنت آنذاك شخصا لديه «تصرفات مقدسة وأعمال تعبّد للّٰه»؟ (٢ بطرس ٣:١١) وماذا عن افراد عائلتك الشهود او اصدقائك الاحماء في الجماعة؟ من الواضح ان فترة الترقُّب هذه فتحت امامك وأمام كثيرين غيرك طريق الخلاص، كما تُظهِر ٢ بطرس ٣:٩. فعدم تدمير يهوه لنظام الاشياء الشرير بكامله فورا بعد تأسيس الملكوت أتاح لكثيرين فرصة التوبة، تماما كما أُتيحت لأهل نينوى فرصة التوبة والخلاص. لذلك لدينا جميعا سبب وجيه لمشاطرة الرسول بطرس مشاعره حين كتب: «اعتبروا صبر ربنا خلاصا». (٢ بطرس ٣:١٥) ولا تزال فترة الترقُّب الحاضرة تتيح للبعض فرصة التوبة او القيام بالتعديلات في طريقة حياتهم وتفكيرهم.
٨ قد يشعر احد المسيحيين ان الحالة السائدة في ايام ميخا وصفنيا وحبقوق لا تهمّه كثيرا، قائلا: «كان ذلك منذ زمن بعيد!». ولكن هنالك دروس يمكننا تعلّمها مما حدث آنذاك. فما هي؟ لقد ذكرنا سابقا مشورة بطرس ان المسيحيين يجب ان يكونوا في «تصرفات مقدسة وأعمال تعبد للّٰه». لكنَّ بطرس شدَّد على امر آخر مباشرة بعد هذه الكلمات: ضرورة ‹الانتظار وإبقاء حضور يوم يهوه قريبا في الذهن›. (٢ بطرس ٣:١١، ١٢) وهذا يعني انه ينبغي ان ‹نبقي ذلك اليوم قريبا في الذهن›، وذلك بأن ‹نترقَّبه›.
٩ لماذا من الملائم البقاء ‹مترقِّبين›؟
٩ سواء كنا نخدم يهوه لسنوات قليلة او طوال عقود عديدة، فهل نحافظ على موقف ‹الترقُّب والانتظار› كما فعل ميخا؟ (روما ١٣:١١) لا شك اننا نحن البشر نتوق الى معرفة وقت مجيء النهاية والوقت المتبقي من هذا النظام. ولكن علينا تقبُّل الفكرة انه ليس بإمكاننا معرفة ذلك. تذكّر كلمات يسوع: «لو عرف رب البيت في ايّ هزيع يأتي السارق، لبقي مستيقظا ولم يدَع بيته يُقتحَم. من اجل هذا كونوا انتم ايضا مستعدين، لأنه في ساعة لا تظنون يأتي ابن الانسان». — متى ٢٤:٤٣، ٤٤.
١٠ ايّ درس تتعلمه من حياة الرسول يوحنا وموقفه؟
١٠ ان كلمات يسوع شبيهة بما كتبه ميخا وصفنيا وحبقوق. لكنَّ كلماته هذه ليست موجّهة الى اشخاص في الازمنة الغابرة، بل الى أتباعه، اي الينا. ومسيحيون مخلصون كثيرون يطبقون مشورة يسوع هذه، وذلك بالبقاء «مستعدين» ومترقِّبين. وأحد الامثلة الرائعة في هذا المجال هو الرسول يوحنا. فقد كان احد الرسل الاربعة الذين كانوا مع يسوع سنة ٣٣ بم على جبل الزيتون والذين سألوه عن اختتام نظام الاشياء. (متى ٢٤:٣؛ مرقس ١٣:٣، ٤) ولكن رغم انه لم يستطع ان يعرف اين هو في مجرى الزمن ليحدِّد متى ستحدث الامور، لم يتعب او يتوقف عن الترقُّب حتى عندما اصبح في سن الشيخوخة بعد مرور ٦٠ سنة تقريبا. بالاحرى، عندما سمع يسوع يقول: «نعم، انا آتٍ سريعا»، اجاب قائلا: «آمين! تعالَ، ايها الرب يسوع». فلم يندم قط انه قضى حياته بهذه الطريقة. بل كان مقتنعا بأنه حين ينفذ يهوه الدينونة، سوف يجازي ايضا كل واحد بحسب اعماله. (رؤيا ٢٢:١٢، ٢٠) لقد اراد يوحنا ان يكون ‹مستعدا› كما اوصى الرب يسوع بغض النظر عن وقت مجيء الدينونة. فهل هذا هو موقفك انت ايضا؟
هل ‹تترقَّب› يوم يهوه ام تشعر ‹بالشبع›؟
١١ كيف كان ميخا وهوشع مختلفَين عن معاصريهما؟
١١ تأمل في درس آخر يمكننا ان نستخلصه من الانبياء الذين عاشوا حين كان يدنو تنفيذ دينونة يهوه على اسرائيل اولا ثم على يهوذا. مثلا، في حين ان ميخا كان ‹يراقب وينتظر›، فإن كثيرين حوله لم يتبنوا هذا الموقف. فكانوا ‹يبغضون الصلاح ويحبون الشر›. وقد حذّرهم ميخا انهم اذا لم يتغيروا، فسوف «يستغيثون بيهوه، فلا يجيبهم». (ميخا ٣:٢، ٤؛ ٧:٧) كما ان هوشع، احد معاصري ميخا، استخدم مفردات زراعية حين حثّ سكان مملكة اسرائيل الشمالية، قائلا: «ازرعوا لأنفسكم بالبر، واحصدوا باللطف الحبي. افلحوا لأنفسكم ارضا صالحة للزراعة، ما دام يوجد وقت لتطلبوا يهوه». رغم ذلك، لم يصغِ معظم الشعب. فقد ‹حرثوا للشر›، لذلك حصدوا الاثم. (هوشع ١٠:١٢، ١٣) كما انهم تغاضوا او شاركوا في الممارسات الفاسدة، ‹متّكلين على طريقهم› بدلا من الاتكال على طرق يهوه. ولكن ربما يتساءل البعض اليوم: ‹كيف يُعقل ان يحدث ذلك للعبّاد الحقيقيين الساكنين في ارض الموعد؟›. اظهر هوشع ان وضعهم هذا سببه الرئيسي هو موقف يلزم ان نحترز منه اذا اردنا ان نبقى مترقِّبين يوم يهوه العظيم. فما هو؟ لقد رضي الشعب عن طريقة حياتهم و «شبعوا».
١٢ (أ) ايّ موقف غير مرغوب فيه قال هوشع انه ساد بين الاسرائيليين قبل سنة ٧٤٠ قم؟ (ب) اية امور اظهرت ان الشعب «شبعوا»؟
١٢ بعدما دخل شعب اللّٰه ارض الموعد، ارضا تفيض حليبا وعسلا، نعموا بازدهار كبير. فكيف تجاوبوا؟ نقل هوشع كلمات يهوه عنهم، قائلا: «رعوا فشبعوا. شبعوا وارتفع قلبهم، لذلك نسوني». (هوشع ١٣:٦) وكان اللّٰه قبل قرون قد حذّر شعبه من هذا الخطر. (تثنية ٨:١١-١٤؛ ٣٢:١٥) إلا ان الاسرائيليين بحلول زمن هوشع وعاموس نسوا يهوه ومطالبه و «شبعوا»، اي شعروا بالاكتفاء. وقد اعطانا عاموس تفاصيل محدّدة. فذكر ان كثيرين امتلكوا اثاثا فاخرا في بيوتهم، حتى ان بعض العائلات كان لديها بيت ثانٍ. كما انهم تناولوا افضل المأكولات، شربوا اجود انواع الخمر في آنية مميزة، وادّهنوا «بأفخر الزيوت»، ربما كمستحضرات تجميلية معطَّرة. (عاموس ٣:١٢، ١٥؛ ٦:٤-٦) انت تعرف حتما ان هذه الامور لم تكن خاطئة بحدّ ذاتها، لكنَّ الخطأ كان يكمن في إعطائها اهمية اكثر من اللازم.
١٣ ايّ عيب اساسي كان موجودا بين الاسرائيليين، اغنياء كانوا ام فقراء؟
١٣ لا شك انه ليس جميع سكان المملكة الشمالية عاشوا في رخاء و «شبعوا». فالبعض كانوا فقراء واضطروا ان يناضلوا لتأمين لقمة عيشهم وإطعام عائلتهم. (عاموس ٢:٦؛ ٤:١؛ ٨:٤-٦) اليوم ايضا، يصح الامر نفسه في انحاء كثيرة من الارض. فهل انطبقت مشورة اللّٰه الموجودة في هوشع ١٣:٦ حتى على الفقراء في اسرائيل القديمة، وهل تنطبق على الفقراء اليوم؟ بكل تأكيد. فيهوه كان يُظهِر ان على عبّاده الحقيقيين، اغنياء كانوا ام لا، ان يحترزوا من التركيز على الامور المادية بحيث ‹ينسون اللّٰه›. — لوقا ١٢:٢٢-٣٠.
١٤ لماذا من الملائم ان يفحص كلٌّ منا نفسه في ما يتعلق بترقُّب يوم يهوه؟
١٤ لأننا نعيش في هذه الفترة من الزمن ولأن الكثير من نبوات الكتاب المقدس قد تمّ، لدينا سبب اضافي لنكون متيقظين، مستعدين، ومترقِّبين. ولكن ماذا لو كنا نترقَّب يوم يهوه منذ فترة طويلة، ربما منذ عقود؟ فقد كنا في الماضي نبذل قصارى جهدنا في الخدمة ونتّخذ قرارات تعكس اقتناعنا بأن يوم يهوه قريب. لكنَّ يوم يهوه لم يأتِ بعد. فهل ما زلنا نترقَّبه؟ يمكن لكلٍّ منا ان يطرح على نفسه السؤال التالي: ‹هل ما زلت اترقَّب يوم يهوه بنفس اللهفة، ام ان حماستي فترت كثيرا؟›. — رؤيا ٢:٤.
١٥ ما هي بعض الدلائل على ان حماستنا في ترقّب يوم يهوه قد خبت؟
١٥ بإمكاننا ان نقيِّم انفسنا في هذا المجال بطرائق عديدة. ولكن لمَ لا نستخدم الوصف الذي ذكره عاموس للناس الذين شعروا ‹بالشبع› في ايامه؟ فيما نتفحص هذا الوصف، يمكننا ان نعرف هل صار لدينا اي ميل الى الشعور ‹بالشبع›. فالمسيحي الذي برهن في ما مضى من خلال طريقة تفكيره وأعماله انه يترقَّب يوم يهوه قد يبدأ بالسعي الى الحصول على بيت او سيارة أفخم، آخر صيحات الموضة في الثياب، مستحضرات تجميلية غالية وجواهر نفيسة، او اجود انواع المشروبات الكحولية والمأكولات. من المؤكد انه ما من مكان في الكتاب المقدس يذكر ان علينا العيش حياة تقشف وحرمان من القيام باعتدال بأمور ممتعة. فالانسان الذي يعمل بكدّ «ينبغي ان يأكل ويشرب ويرى الخير من كل كدّه». (جامعة ٣:١٣) لكنَّ الخطر يكمن في تركيز المسيحي اهتمامه اكثر فأكثر على الطعام والشراب والمظهر الشخصي. (١ بطرس ٣:٣) وقد ذكر يسوع ان اهتمامات بعض الممسوحين في آسيا الصغرى تغيّرت، مما يثبت ان هذا شرك قد يقع فيه المسيحيون. (رؤيا ٣:١٤-١٧) فهل حدث امر مماثل لنا؟ هل صرنا نشعر ‹بالشبع› والاكتفاء، اذ ننشغل ربما بالمساعي المادية؟ وهل خبَت حماستنا في ترقّب يوم يهوه؟ — روما ٨:٥-٨.
١٦ لماذا لن يستفيد اولادنا اذا شجّعناهم ان يعيشوا حياة مريحة يشعرون فيها ‹بالشبع›؟
١٦ يمكن ان يَظهَر فتور الحماسة في ترقّب يوم يهوه العظيم من خلال المشورة التي نقدِّمها لأولادنا او للآخرين. فقد يفكر المسيحي: ‹انا لم اتابع تحصيلي العلمي او فوَّتُّ على نفسي فرصا في مجال العمل لأنني شعرت ان النهاية قريبة جدا. لذلك انا حريص الآن ان ينال اولادي التدريب اللازم الذي يؤهلهم للعيش حياة مريحة›. لربما فكّر البعض في ايام هوشع بهذه الطريقة. في هذه الحال، هل كان سيستفيد اولادهم من هذه النصيحة الابوية التي تشجع على العيش حياة مريحة يشعرون فيها ‹بالشبع›؟ ولو اطاع الاولاد هذه النصيحة، فماذا كان سيحلّ بهم سنة ٧٤٠ قم، حين دُمِّرت السامرة على ايدي الاشوريين؟ — هوشع ١٣:١٦؛ صفنيا ١:١٢، ١٣.
ترقب امورا جديرة بالثقة
١٧ كيف يمكننا ان نتمثَّل بميخا؟
١٧ تماما مثل العبّاد الحقيقيين في الماضي، يمكننا الثقة بأن ما وعد به اللّٰه سيتحقق في الوقت المعيّن. (يشوع ٢٣:١٤) مثلا، كان النبي ميخا حكيما حين انتظر إله خلاصه. وبما ان بإمكاننا الآن معرفة تسلسل الحوادث بالترتيب الزمني، فنحن نعرف كم كانت الفترة التي عاش فيها ميخا قريبة من سقوط السامرة. ولكن ماذا عنا وعن الوقت الذي نعيش فيه؟ عندما نسترجع الذكريات، هل يتبين اننا قمنا بالخيارات الحكيمة في مجالات مثل العمل الدنيوي، نمط الحياة، والخدمة كامل الوقت؟ دون شك، نحن لا نعرف «ذلك اليوم وتلك الساعة». (متى ٢٤:٣٦-٤٢) ولكننا حتما سنكون حكماء اذا اعربنا عن موقف ميخا وبرهنّا عنه من خلال اعمالنا. وعندما سيُكافأ ميخا بالحياة في ارض فردوسية مسترَدة، كم سيفرح حين يعلم اننا استفدنا من رسالته النبوية ومثاله الامين! فسنكون آنذاك برهانا حيّا ان يهوه هو إله الخلاص.
١٨، ١٩ (أ) الى اية كارثة وشيكة اشار عوبديا؟ (ب) كيف اعطى عوبديا بصيص امل لإسرائيل؟
١٨ وثقتنا هذه مبنية على اساس راسخ. تأمل مثلا في السفر النبوي القصير عوبديا. فهو يتمحور حول ادوم قديما، اذ يعلن دينونة يهوه على ذلك الشعب الذي اساء معاملة ‹اخيه› اسرائيل. (عوبديا ١٢) وكما رأينا في الفصل ١٠ من هذا الكتاب، حدث فعلا الخراب المنبأ به. ففي اواسط القرن السادس قبل الميلاد، هزم البابليون بقيادة نبونيد امة ادوم ومحوها من الوجود. ولكن هنالك نقطة مهمة اخرى في رسالة عوبديا، نقطة تتعلق ببقائنا مترقِّبين يوم يهوه العظيم.
١٩ انت تعرف ان امة بابل المعادية التي خرّبت ادوم نفَّذت ايضا دينونة اللّٰه في شعبه الخائن. ففي سنة ٦٠٧ قم، دمّر البابليون اورشليم وأخذوا اليهود الى السبي. وصارت الارض قفرا. فهل انتهى الامر عند هذا الحد؟ كلا. فبواسطة عوبديا، انبأ يهوه ان الاسرائيليين سيستردون ارضهم. ويمكنك ان تقرأ هذا الوعد المشجع في عوبديا ١٧: «اما جبل صهيون ففيه يكون الناجون، ويصير مقدسا. ويمتلك بيت يعقوب املاكهم».
٢٠، ٢١ لماذا تعزِّينا الآية في عوبديا ١٧؟
٢٠ يثبت التاريخ ان ما قاله يهوه بفم عوبديا قد حدث. فاللّٰه انبأ بهذا الامر، وما انبأ به قد تم. فآلاف المسبيين من يهوذا وإسرائيل عادوا سنة ٥٣٧ قم. وببركة يهوه، حوّل هؤلاء العائدون الارض القاحلة الى جنة غنّاء. ولا شك انك قرأت في اشعيا ١١:٦-٩ و ٣٥:١-٧ نبوات عن هذا التحوّل الرائع. والامر الاهم هو إعادة تأسيس العبادة الحقة التي كان مقرّها هيكل يهوه المُعاد بناؤه. وهكذا، تزوِّد عوبديا ١٧ برهانا آخر ان وعود يهوه جديرة بالثقة. فهي تتحقق دائما.
٢١ اختتم عوبديا نبوته بهذه الكلمات التأكيدية: «يصير الملك ليهوه». (عوبديا ٢١) وبما انك تثق بهذا الوعد، فأنت تنتظر الوقت المجيد حين يحكم يهوه بواسطة يسوع المسيح دون منازِع الكون بأسره، بما في ذلك كوكبنا. وسواء كنت تترقَّب يوم يهوه العظيم والبركات الناجمة عنه منذ فترة قصيرة او منذ عقود عديدة، بإمكانك ان تكون على ثقة بأن الامور المؤسسة على الكتاب المقدس التي تترقَّبها ستتحقق.
٢٢ لماذا ينبغي ان تمتلك الموقف المعبَّر عنه في حبقوق ٢:٣ وميخا ٤:٥؟
٢٢ من الملائم اذًا ان نردِّد تأكيد حبقوق الذي ينطبق دون شك على ايامنا: «الرؤيا بعد الى الوقت المعيّن، وتسرع الى النهاية ولا تكذب. إنْ تأخرت فترقَّبها، لأنها تتم إتماما ولن تتأخر». (حبقوق ٢:٣) فحتى لو بدا من وجهة نظر بشرية ان يوم يهوه العظيم قد تأخر، فسيأتي في وقته المعين لا محالة. فيهوه هو الذي يعِدنا بهذا الامر. لذلك فإن الذين يخدمون اللّٰه منذ سنوات طويلة وكذلك الذين صاروا مؤخرا عبّادا له يمكنهم المضي قُدُما بثقة، كما هو موصوف في ميخا ٤:٥: «اما نحن فنسير باسم يهوه إلهنا الى الدهر والابد».