يَهُوذا
[مَن يُحمد]:
١- الابن الرابع ليعقوب من زوجته ليئة. (تك ٢٩:٣٥؛ ١ اخ ٢:١) أُخذ يهوذا مع كل بيت يعقوب الى كنعان بعد ان قضى نحو تسع سنوات من حياته في حاران بفدان ارام. (قارن تك ٢٩:٤، ٥، ٣٢-٣٥؛ ٣٠:٩-١٢، ١٦-٢٨؛ ٣١:١٧، ١٨، ٤١.) وقد سكن مع ابيه في سكوت ثم في شكيم. وكما يتضح، شارك يهوذا في نهب مدينة شكيم بعدما اغتصب ابن حمور اخته دينة وقتل شمعون ولاوي كل الذكور هناك انتقاما لها. — تك ٣٣:١٧، ١٨؛ ٣٤:١، ٢، ٢٥-٢٩.
علاقته بيوسف: كان يوسف الابن المفضل عند يعقوب، ومع الوقت ابغضه يهوذا وكذلك إخوته من ابيه الآخرون. وقد اشتد بغضهم ليوسف بعد ان روى لهم حلمين اشارا الى انه سيتفوق عليهم. لذلك، عندما ارسل يعقوب يوسف ليتفقد اخوته وهم يرعون الغنم، تآمروا على قتله لدى رؤيته من بعيد. لكنهم عادوا ورموه في جب لا ماء فيه، بناء على اقتراح رأوبين الذي كان يفكر في انقاذ حياة يوسف. — تك ٣٧:٢-٢٤.
بعد ذلك، لاحت لهم قافلة للاسماعيليين. فأقنع يهوذا الآخرين، في غياب رأوبين على ما يظهر، انه من الافضل ان يبيعوا يوسف للتجار العابرين بدلا من قتله. (تك ٣٧:٢٥-٢٧) ورغم التماس يوسف الرأفة باعوه بعشرين من الفضة (ما يعادل ٤٤ دولارا اذا كانت شواقل). (تك ٣٧:٢٨؛ ٤٢:٢١) وتشير الدلائل الى ان انقاذ حياة يوسف كان همّ يهوذا الرئيسي وأن بيعه كان في ما بعد بركة لجميع المعنيين. ومع ذلك كان يهوذا، مثله مثل اخوته، مذنبا بارتكاب خطية جسيمة عذبت ضميره فترة طويلة. (تك ٤٢:٢١، ٢٢؛ ٤٤:١٦؛ ٤٥:٤، ٥؛ ٥٠:١٥-٢١) (تحت الشريعة الموسوية التي أُعطيت لاحقا للاسرائيليين، استوجبت هذه الاساءة عقوبة الموت؛ خر ٢١:١٦.) فضلا عن ذلك، انضم لاحقا الى الآخرين في خداعهم ليعقوب وحمله على الاعتقاد ان وحشا افترس يوسف. (تك ٣٧:٣١-٣٣) وكان يهوذا آنذاك بعمر ٢٠ سنة تقريبا.
عائلته: يبدو انه بعد هذه الحادثة ترك يهوذا اخوته وخيم بالقرب من حيرة العدلامي، فنشأت على ما يظهر صداقة بينهما. وفي اثناء ذلك، تزوج يهوذا ابنة شوع الكنعاني وأنجب منها ثلاثة ابناء هم عير وأونان وشيلة. وقد وُلد شيلة الصغير في اكزيب. — تك ٣٨:١-٥.
في وقت لاحق، اختار يهوذا ثامار زوجة لعير بكره. وإذ كان عير هذا شريرا، اماته يهوه. فأوصى يهوذا ابنه الثاني اونان ان يقوم بواجب اخي الزوج. لكن اونان كان اذا دخل على ثامار «بدد منيه على الارض لئلا يعطي نسلا لأخيه». لذا قتله يهوه هو ايضا. عندئذ نصح يهوذا ثامار بأن تعود الى بيت ابيها وتنتظر حتى يبلغ شيلة سن الرشد. فكبر شيلة ولم يعطها يهوذا له زوجة، اذ ظن على ما يبدو ان ابنه الصغير سيموت. — تك ٣٨:٦-١١، ١٤.
حدث ان يهوذا كان صاعدا الى تمنة بعدما صار ارملا. وما ان علمت ثامار بذلك حتى تنكرت بزي بغي وجلست عند مدخل عينايم على الطريق التي سيجتازها حموها. وإذ ظنها بغيا ولم يعرف انها كنته اقام معها علاقة جنسية. وفي وقت لاحق، تبين انها حامل فأمر يهوذا ان تُحرق باعتبارها عاهرة. ولكن بعد تقديم الدليل على انها حامل منه، صرخ قائلا: «هي أبرّ مني، لأني لم أعطها لشيلة ابني». وهكذا حل يهوذا عن غير قصد محل شيلة في انجاب نسل شرعي. وبعد نحو ستة اشهر انجبت ثامار التوأمين فارص وزارح. ولم يُقِم يهوذا معها اية علاقة اخرى. — تك ٣٨:١٢-٣٠.
ذهابه الى مصر من اجل الطعام: بعد وقت، وصلت اخبار الى كنعان التي ضربتها المجاعة ان هنالك طعاما في مصر. فأمر يعقوب عشرة من اولاده، بمن فيهم يهوذا، ان يذهبوا الى هناك لجلب الطعام. في هذه الاثناء، كان اخوهم يوسف مسؤولا عن الاغذية في مصر. وما ان رآهم حتى عرفهم، اما هم فلم يعرفوه. فاتهمهم بأنهم جواسيس وحذرهم من العودة دون بنيامين الذي اتوا على ذكره فيما كانوا ينفون انهم جواسيس. كما قيد شمعون، احد اخوته، وجعله رهينة. — تك ٤٢:١-٢٥.
كان من الطبيعي ان يرفض يعقوب ذهاب بنيامين مع ابنائه الآخرين الى مصر، فقد اعتقد انه خسر يوسف وشمعون. فتكلم رأوبين بكلام مؤثر وقال ليعقوب ان يقتل ابنيه كليهما إن لم يعد ببنيامين اليه. غير ان كلامه هذا لم يكن له اي تأثير، ربما لأنه كان غير جدير بالثقة اذ انتهك حرمة ابيه بالاضطجاع مع سريته. (تك ٣٥:٢٢) لكن يهوذا نجح اخيرا في نيل موافقة ابيه بعد ان وعده بأنه سيكفل بنيامين. — تك ٤٢:٣٦-٣٨؛ ٤٣:٨-١٤.
انطلق ابناء يعقوب الى موطنهم اثر شرائهم الحبوب من مصر، فلحق بهم وكيل يوسف واتهمهم بالسرقة (كان ذلك في الواقع حيلة دبرها يوسف). ولما وُجدت الكأس، التي زُعم انها مسروقة، في كيس بنيامين عاد الرجال ودخلوا الى بيت يوسف. فرد يهوذا على التهمة وتوسل من اجل بنيامين وأبيه بطريقة مؤثرة وصادقة، وطلب ان يكون هو عبدا عوضا عن بنيامين. عندئذ تأثر يوسف كثيرا بتوسل يهوذا المخلص، حتى انه لم يعد قادرا على ضبط مشاعره. فانفرد بإخوته وكشف لهم عن هويته. وبعد ان سامحهم على بيعهم اياه للعبودية، امرهم ان يذهبوا ويأتوا بيعقوب الى مصر لأن الجوع كان سيستمر خمس سنوات اخرى. — تك ٤٤:١–٤٥:١٣.
لاحقا، فيما كان يعقوب على وشك ان يصل الى مصر هو وكل بيته، «ارسل يهوذا قدامه الى يوسف لينقل الخبر امامه الى جاسان». — تك ٤٦:٢٨.
يفوق اخوته: قلق يهوذا على ابيه وبذل جهودا نبيلة لصون حرية بنيامين ولو على حساب حريته، وبذلك فاق اخوته. (١ اخ ٥:٢) فلم يعد ذلك الشاب الذي شارك في نهب الشكيميين وفي ايذاء اخيه يوسف ثم في خداع ابيه. كما ان صفاته الحسنة في القيادة خولته ان ينال، كأحد رؤوس اسباط اسرائيل الـ ١٢، بركة نبوية فائقة تفوه بها ابوه وهو على فراش الموت. (تك ٤٩:٨-١٢) وسنتأمل ادناه كيف تمت هذه البركة.
٢- السبط الذي خرج من يهوذا. بعد نحو ٢١٦ سنة من مجيء يهوذا الى مصر مع بيت يعقوب، ازداد عدد الرجال الاقوياء البنية في سبط يهوذا من ابن ٢٠ سنة فصاعدا ليصبح ٦٠٠,٧٤، وهو عدد يفوق عدد الرجال في اي من الاسباط الـ ١٢ الاخرى. (عد ١:٢٦، ٢٧) وعند نهاية الـ ٤٠ سنة من الهيمان في البرية، ازداد عدد المكتتبين الذكور في يهوذا ٩٠٠,١ شخص. — عد ٢٦:٢٢.
صُنع المسكن وكل عتاده وأدواته تحت اشراف بصلئيل من سبط يهوذا ومساعده اهوليآب من سبط دان. (خر ٣٥:٣٠-٣٥) وبعد ان نُصب، خيم سبط يهوذا شرق المقدس الى جانب سبطَي يساكر وزبولون. — عد ٢:٣-٨.
الدليل الباكر على توليه القيادة: بحسب بركة يعقوب النبوية عُين ليهوذا دور قيادي (تك ٤٩:٨؛ قارن ١ اخ ٥:٢)، وقد ثبت انه تمم هذا الدور حتى في التاريخ الباكر لهذا السبط. فبقيادة الزعيم نحشون قاد يهوذا المسيرة عبر البرية. (عد ٢:٣-٩؛ ١٠:١٢-١٤) ومن هذا السبط ايضا خرج كالب، احد الجاسوسين الامينين اللذين حصلا على امتياز الدخول ثانية الى ارض الموعد. ورغم تقدم كالب في السن، ساهم بشكل فعال في الاستيلاء على الارض التي أُعطيت بالقرعة ليهوذا. فقد عين اللّٰه لهذا السبط ان يأخذ القيادة في محاربة الكنعانيين، وكان الى جانبه الشمعونيون. (عد ١٣:٦، ٣٠؛ ١٤:٦-١٠، ٣٨؛ يش ١٤:٦-١٤؛ ١٥:١٣-٢٠؛ قض ١:١-٢٠؛ قارن تث ٣٣:٧.) ولاحقا قاد يهوذا، بتفويض الهي ايضا، المعركة الهادفة الى معاقبة بنيامين. — قض ٢٠:١٨.
ميراثه: كانت الاراضي التي أُعطيت ليهوذا متاخمة لأراضي بنيامين ودان في الشمال (يش ١٥:٥-١١؛ ١٨:١١)، وبحر الملح (البحر الميت) في الشرق (يش ١٥:٥)، والبحر الكبير (البحر الابيض المتوسط) في الغرب. (يش ١٥:١٢) اما الحدود الجنوبية فيبدو انها امتدت باتجاه جنوبي غربي من اقصى جنوب البحر الميت الى طلعة العقارب؛ ومن هناك عبر التخم الى صين وصعد نحو الشمال بالقرب من قادِش برنيع، ثم انتهى الى البحر الابيض المتوسط بعد ان مر بكل من حصرون وأدّار وقرقع وعصمون ووادي مصر. (يش ١٥:١-٤) وقد عُين للشمعونيين من هذه الاراضي الجزء الذي احاط في معظمه ببئر سبع. (يش ١٩:١-٩) كما ابتدأ القينيون يسكنون في اراضي يهوذا، وهم عشيرة غير اسرائيلية اصبحت ذات قرابة لموسى بواسطة الزواج. — قض ١:١٦.
هنالك عدة مناطق طبيعية متميزة ضمن الحدود المعينة ليهوذا القديمة. ففي الجنوب تقع منطقة النقب التي هي بمعظمها هضبة كبرى يتراوح ارتفاعها عن سطح البحر ما بين ٤٥٠ و ٦٠٠ م (٥٠٠,١ و ٠٠٠,٢ قدم). وعلى طول البحر الابيض المتوسط يمتد سهل فلسطية بكثبانه الرملية التي تتغلغل احيانا في الشاطئ مسافة ٦ كلم (٥,٣ اميال). كان هذا السهل المتموج في الازمنة الباكرة منطقة كروم وبساتين زيتون وحقول قمح. (قض ١٥:٥) وإلى الشرق منه تقع منطقة تلال يصل ارتفاعها جهة الجنوب الى نحو ٤٥٠ م (٥٠٠,١ قدم) فوق سطح البحر، وتخترقها وديان عديدة. وهذه المنطقة هي شفيلة (معناها: «اراضٍ قليلة الارتفاع») التي كانت قديما مكسوة بأشجار الجمّيز. (١ مل ١٠:٢٧) انها اراض قليلة الارتفاع مقارنة بمنطقة يهوذا الجبلية الواقعة شرقها والتي تعلو مرتفعاتها عن سطح البحر ما بين نحو ٦٠٠ م وأكثر من ١٠٠٠ م (٠٠٠,٢ و ٣٠٠,٣ قدم). اما التلال الجرداء التي تشغل المنحدر الشرقي لجبال يهوذا فتشكل برية يهوذا.
تحت قيادة يشوع حُطمت على ما يظهر قوة الكنعانيين في الاراضي التي أُعطيت ليهوذا. ولكن، كما يتضح، لم يجرِ انشاء اية حاميات، لذلك عاد السكان الاصليون على ما يبدو الى مدن مثل حبرون ودبير فيما كان الاسرائيليون يحاربون في مكان آخر على الارجح. فكان يجب الاستيلاء على هذه الاماكن من جديد. (قارن يش ١٢:٧، ١٠، ١٣؛ قض ١:١٠-١٥.) اما الساكنون في منخفضات الوادي فلم يجرِ طردهم لأنهم كانوا مجهزين بمركبات حربية. وقد شمل هؤلاء دون شك فلسطيي جت وأشدود. — يش ١٣:٢، ٣؛ قض ١:١٨، ١٩.
من القضاة الى شاول: خلال فترة القضاة المضطربة وقع يهوذا تكرارا فريسة الصنمية، شأنه في ذلك شأن الاسباط الاخرى. لذا سمح يهوه للامم المجاورة، خصوصا العمونيين والفلسطيين، بأن تغزو اراضي يهوذا. (قض ١٠:٦-٩) وفي ايام شمشون، لم يخسر بنو يهوذا السيطرة على مدن الفلسطيين كغزة وعقرون وأشقلون فحسب، بل صار الفلسطيون في الواقع اسيادا لهم. (قض ١٥:٩-١٢) ويبدو ان اراضي يهوذا لم تُسترد من الفلسطيين إلا في ايام صموئيل. — ١ صم ٧:١٠-١٤.
حارب بنو يهوذا بولاء تحت قيادة شاول من سبط بنيامين بعدما مسحه صموئيل ليكون الملك الاول على اسرائيل. (١ صم ١١:٥-١١؛ ١٥:٣، ٤) وكانت اغلبية هذه الحروب ضد الفلسطيين (١ صم ١٤:٥٢)، الذين كانوا كما يبدو قد عادوا وسيطروا على الاسرائيليين. (١ صم ١٣:١٩-٢٢) غير ان نفوذهم ضعف تدريجيا. فبمساعدة يهوه انتصر عليهم كل من شاول وابنه يوناثان في المنطقة الممتدة من مخماش الى ايلون. (١ صم ١٣:٢٣–١٤:٢٣، ٣١) وعندما غزا لاحقا الفلسطيون يهوذا، هُزموا من جديد بعد ان قُتل رجلهم المبارز جليات على يد داود، الفتى الراعي من سبط يهوذا. (١ صم ١٧:٤، ٤٨-٥٣) اثر ذلك جعل الملك شاول داود على رجال الحرب الاسرائيليين، وكان داود قد مُسح ملكا مقبلا لإسرائيل. فدعم شاول بولاء وحقق المزيد من الانتصارات على الفلسطيين. (١ صم ١٨:٥-٧) وكان سبط يهوذا في هذا الوقت مثل «جرو اسد»، اذ لم يكن داود قد تولى السلطة الملكية بعد. — تك ٤٩:٩.
حين رأى شاول في داود تهديدا لملكه وراح يطارده كخارج على القانون، بقي داود وليا له بصفته ممسوح يهوه. ولم يقف قط الى جانب اعداء اسرائيل، كما انه لم يُلحق هو شخصيا الاذى بشاول او يسمح للآخرين بأن يؤذوه. (١ صم ٢٠:٣٠، ٣١؛ ٢٤:٤-٢٢؛ ٢٦:٨-١١؛ ٢٧:٨-١١؛ ٣٠:٢٦-٣١) عوضا عن ذلك، حارب اعداء اسرائيل؛ وفي احدى المناسبات خلص قعيلة، مدينة في يهوذا، من ايدي الفلسطيين. — ١ صم ٢٣:٢-٥.
بركة يعقوب تتم في داود: اخيرا اتى وقت اللّٰه المعين لانتقال السلطة الملكية من سبط بنيامين الى سبط يهوذا. فبعد موت شاول مسح رجال يهوذا داود ملكا. لكن الاسباط الاخرى بقوا اولياء لبيت شاول وملّكوا ابنه ايشبوشث عليهم. واستمرت الصدامات بين هاتين المملكتين الى ان انحاز الى داود ابنير، الداعم الاقوى لإيشبوشث. ولم يمضِ وقت طويل حتى قُتل ايشبوشث. — ٢ صم ٢:١-٤، ٨، ٩؛ ٣:١–٤:١٢.
بعد ذلك تولى داود المُلك على كل اسرائيل. عندئذ حمد ‹بنو يعقوب›، اي كل اسباط اسرائيل، يهوذا وسجدوا لممثله الحاكم. وهكذا استطاع داود ايضا ان يزحف الى اورشليم، مع انها كانت من حيث الاساس ضمن اراضي بنيامين. وبعد ان استولى على معقل صهيون جعل اورشليم عاصمته. في اغلب الاحيان كان داود يتصرف بطريقة جديرة بالثناء. فبسببه حُمد سبط يهوذا على صفات كالعدل والبر وأيضا على الخدمات التي قدمها للامة، بما فيها الحفاظ على امنها، تماما كما انبأ يعقوب عندما تفوه بالبركة وهو على فراش الموت. فضلا عن ذلك، فإن يد يهوذا كانت فعليا على رقبة اعدائه، اذ اخضع داود الفلسطيين (الذين حاولوا مرتين ان يطيحوا به كملك في صهيون)، بالاضافة الى الموآبيين والاراميين والادوميين والعماليقيين والعمونيين. وهكذا اتسعت اخيرا تخوم اسرائيل في ظل حكم داود، حتى بلغت الحدود المعينة من اللّٰه. — تك ٤٩:٨-١٢؛ ٢ صم ٥:١-١٠، ١٧-٢٥؛ ٨:١-١٥؛ ١٢:٢٩-٣١.
صُنع مع داود عهد ابدي لملكوت (مملكة)، لذلك حاز سبط يهوذا على الصولجان وعصا القائد طوال ٤٧٠ سنة. (تك ٤٩:١٠؛ ٢ صم ٧:١٦) ولكن لم تكن هنالك مملكة متحدة إلا خلال ملك داود وسليمان، حين سجد كل اسباط اسرائيل ليهوذا. غير ان ارتداد سليمان نحو نهاية ملكه جعل يهوه يمزق المملكة ويأخذ الاسباط العشرة من رحبعام، ملك يهوذا التالي، ويعطيها ليربعام. (١ مل ١١:٣١-٣٥؛ ١٢:١٥-٢٠) فلم يبق سوى اللاويين وسبطَي بنيامين ويهوذا اولياء لبيت داود. — ١ مل ١٢:٢١؛ ٢ اخ ١٣:٩، ١٠.
٣- مملكة يهوذا، وقد شملت سبط بنيامين. (٢ اخ ٢٥:٥) فبعد موت سليمان شكلت الاسباط العشرة الاخرى مملكة مستقلة يحكمها يربعام الافرايمي.
بعيد ذلك، في السنة الخامسة لرحبعام، اجتاح شيشق ملك مصر مملكة يهوذا حتى وصل الى اورشليم، وقد استولى على المدن الحصينة في طريقه اليها. — ١ مل ١٤:٢٥، ٢٦؛ ٢ اخ ١٢:٢-٩.
طوال فترة ٤٠ سنة تقريبا، خلال حكم ملوك يهوذا رحبعام وأبيام (ابيا) وآسا، حدثت عدة حروب بين مملكتَي يهوذا وإسرائيل. (١ مل ١٤:٣٠؛ ١٥:٧، ١٦) لكن يهوشافاط، خلف آسا، صاهر ملك اسرائيل الشرير أخآب. ورغم السلام الناجم عن ذلك بين المملكتين، سبب زواج يهورام بن يهوشافاط من عثليا ابنة أخآب عواقب وخيمة ليهوذا. فتحت تأثير عثليا صار يهورام مذنبا بارتداد فادح. وخلال حكمه غزا الفلسطيون والعرب يهوذا وأسروا وقتلوا كل ابنائه ما عدا يهوآحاز (اخزيا)، ابنه الاصغر. وقد اتبع اخزيا ايضا، عندما اصبح ملكا، توجيهات عثليا الشريرة. وبعد ان مات ميتة عنيفة، قتلت عثليا كل النسل الملكي. ولكن، بفضل العناية الالهية دون شك، خُبئ الطفل يهوآش، الوريث الشرعي لعرش داود، فنجا من الموت. وفي تلك الاثناء اغتصبت عثليا العرش، وتولت الملك الى ان قُتلت بأمر من يهوياداع رئيس الكهنة. — ٢ اخ ١٨:١؛ ٢١:١، ٥، ٦، ١٦، ١٧؛ ٢٢:١-٣، ٩-١٢؛ ٢٣:١٣-١٥.
كانت بداية حكم يهوآش جيدة، إلا انه انحرف عن العبادة الحقة بعد موت يهوياداع رئيس الكهنة. (٢ اخ ٢٤:٢، ١٧، ١٨) وفشل ابنه امصيا ايضا في الاستمرار في المسلك البار. وخلال حكمه تحاربت من جديد مملكة العشرة اسباط ومملكة يهوذا بعد سنوات من التعايش السلمي، فانهزمت يهوذا هزيمة مخزية. (٢ اخ ٢٥:١، ٢، ١٤-٢٤) اما عزيا (عزريا)، ملك يهوذا التالي، فقد فعل ما هو صائب في عيني يهوه، ما عدا اقتحامه المقدس. وبرهن خلفه يوثام انه ملك امين، لكن آحاز بن يوثام صار رديء السمعة اذ مارس الصنمية على نطاق واسع. — ٢ اخ ٢٦:٣، ٤، ١٦-٢٠؛ ٢٧:١، ٢؛ ٢٨:١-٤.
خلال حكم آحاز قام الادوميون والفلسطيون وكذلك المملكة الشمالية وأرام بغزو يهوذا. وهدد ايضا التحالف الارامي-الاسرائيلي بخلع آحاز عن العرش وتنصيب شخص ليس من السلالة الداودية ملكا على يهوذا. ومع ان النبي اشعيا اكد له ان ذلك لن يحدث، رشا آحاز الخائن الملك الاشوري تغلث فلاسر الثالث لكي يأتي لإعانته. فأدت هذه الخطوة غير الحكيمة الى رزوح يهوذا تحت نير الاشوريين الثقيل. — ٢ اخ ٢٨:٥-٢١؛ اش ٧:١-١٢.
رد حزقيا بن آحاز العبادة الحقة وتمرد على ملك اشور. (٢ مل ١٨:١-٧) فغزا سنحاريب يهوذا واستولى على الكثير من المدن المحصنة. لكنه لم يستولِ قط على اورشليم، لأن ملاك يهوه قتل في ليلة واحدة ٠٠٠,١٨٥ جندي في معسكر الاشوريين. فرجع سنحاريب الى نينوى بعد ان لحق به الخزي. (٢ مل ١٨:١٣؛ ١٩:٣٢-٣٦) وقبل ذلك بثماني سنوات تقريبا، سنة ٧٤٠ قم، انتهت مملكة العشرة اسباط بسقوط عاصمتها السامرة في يد الاشوريين. — ٢ مل ١٧:٤-٦.
اما منسى بن حزقيا، ملك يهوذا التالي، فقد عاد وأحيا العبادة الصنمية. لكنه تاب عندما اخذه ملك اشور اسيرا الى بابل. وبعد ان رجع الى اورشليم قام بإصلاحات دينية. (٢ اخ ٣٣:١٠-١٦) غير ان ابنه آمون ارتد الى العبادة الصنمية. — ٢ اخ ٣٣:٢١-٢٤.
خلال حكم يوشيا بن آمون جرى القيام بآخر حملة شاملة ضد الصنمية. ولكن كان قد فات الاوان ليتوب الشعب توبة حقيقية. لذلك اصدر يهوه حكما بالدمار الكلي ليهوذا وأورشليم. وأخيرا، قُتل يوشيا عندما حاول صد الجيوش المصرية في مجدو وهم في طريقهم لمساعدة ملك اشور في كركميش. — ٢ مل ٢٢:١–٢٣:٣٠؛ ٢ اخ ٣٥:٢٠.
كان ملوك يهوذا الاربعة الاخيرون، يهوآحاز ويهوياقيم ويهوياكين وصدقيا، حكاما اردياء. وقد خلع فرعون نخو يهوآحاز عن العرش، وفرض غرامة كبيرة على ارض يهوذا وملّك يهوياقيم اخا يهوآحاز. (٢ مل ٢٣:٣١-٣٥) ولاحقا، بعد ثماني سنوات من حكم يهوياقيم كما يبدو، صار هذا الاخير خاضعا لنبوخذنصر ملك بابل الذي هزم في وقت ابكر المصريين في كركميش. فخدمه يهوياقيم ثلاث سنوات لكنه عاد وتمرد عليه. (٢ مل ٢٤:١؛ ار ٤٦:٢) وبعد ذلك، هاجم نبوخذنصر اورشليم معتزما ان يأخذ الملك المتمرد اسيرا الى بابل كما يتضح. (٢ اخ ٣٦:٦) لكن ذلك لم يحدث قط لأن يهوياقيم مات بطريقة لم يأتِ الكتاب المقدس على ذكرها. فملك بعده يهوياكين. وبعد ان حكم ثلاثة اشهر وعشرة ايام فقط، استسلم بإرادته لنبوخذنصر وأُخذ الى السبي البابلي هو وآخرون من حاشيته الملكية والآلاف من رعاياه. ثم نصّب نبوخذنصر صدقيا، عم يهوياكين، على عرش يهوذا. — ٢ مل ٢٤:٦، ٨-١٧؛ ٢ اخ ٣٦:٩، ١٠.
حكم صدقيا كملك خاضع لبابل. وفي السنة التاسعة لملكه، تمرد على ملك بابل والتفت الى قوة مصر العسكرية من اجل دعمه. (٢ مل ٢٤:١٨–٢٥:١؛ ٢ اخ ٣٦:١١-١٣؛ حز ١٧:١٥-٢١) فزحف نبوخذنصر بجيوشه الى يهوذا. وبقيت اورشليم تحت الحصار ١٨ شهرا الى ان ثُغرت اسوارها اخيرا. ورغم ان صدقيا تمكن من الهرب، قُبض عليه وقُتل ابناؤه على مرأى منه ثم أُعميت عيناه. وفي الشهر التالي أُخذ معظم الناجين الى السبي. وعُين جدليا واليا على القليلين من مساكين الشعب الذين بقوا في يهوذا. ولكن بعد قتله هرب الشعب الى مصر. وهكذا، في الشهر السابع من سنة ٦٠٧ قم، اصبحت ارض يهوذا خرابا تاما. — ٢ مل ٢٥:١-٢٦؛ من اجل تفاصيل اضافية انظر المقالات عن كلّ من هؤلاء الملوك.
حكمها لا يزول: لكن هذه النهاية المأساوية لمملكة يهوذا لم تعنِ ان الصولجان وعصا القيادة نُزعا عن السبط الى الابد. فوفقا لنبوة يعقوب التي تفوه بها وهو على فراش الموت، كان سيخرج من سبط يهوذا وريث العرش الدائم، شيلوه (معناه: «ذاك الذي له؛ ذاك الذي ينتمي اليه»). (تك ٤٩:١٠) لذلك، قبل الاطاحة بمملكة يهوذا، كان من المناسب ان يوجه يهوه بواسطة حزقيال هذه الكلمات الى صدقيا: «انزع العمامة وارفع التاج. لن تبقى الحال هكذا. ارفع الوضيع وضع الرفيع. خرابا خرابا خرابا اجعله. هذا ايضا لا يكون لأحد حتى يأتي الذي له الحق الشرعي فأعطيه اياه». (حز ٢١:٢٦، ٢٧) والذي له الحق الشرعي هذا ليس سوى يسوع، ابن اللّٰه، كما اشار اعلان الملاك جبرائيل للعذراء اليهودية مريم بعد ٦٠٠ سنة تقريبا. (لو ١:٣١-٣٣) وهكذا، كان من الملائم ان يحمل يسوع المسيح لقب «الاسد الذي من سبط يهوذا». — رؤ ٥:٥.
مقارنتها بالمملكة الشمالية: كانت مملكة يهوذا اكثر استقرارا بكثير من المملكة الشمالية، كما انها دامت فترة اطول بنحو ١٣٣ سنة. وقد ساهمت عوامل عدة في ذلك: (١) بسبب عهد اللّٰه مع داود، لم تنقطع السلالة الملكية في يهوذا، في حين ان اقل من نصف الملوك في المملكة الشمالية خلفهم ابناؤهم. (٢) بقاء الكهنوت الهاروني في الهيكل في اورشليم بورك من يهوه وسهل على الامة غير الامينة الرجوع الى الهها. (٢ اخ ١٣:٨-٢٠) من ناحية اخرى، اعتُبر تأسيس واستمرار عبادة العجل في المملكة الشمالية امرا ضروريا للحفاظ على الاستقلالية عن يهوذا. ويبدو انه لهذا السبب لم تُبذل اية جهود لاستئصال هذه العبادة. (١ مل ١٢:٢٧-٣٣) (٣) اربعة من ملوك يهوذا الـ ١٩، آسا ويهوشافاط وحزقيا ويوشيا، كانوا بارزين في غيرتهم للعبادة الحقة وقاموا بإصلاحات دينية كبرى.
لكن تاريخ المملكتين كلتيهما يظهر حماقة تجاهل اوامر يهوه والثقة بالتحالفات العسكرية لضمان الامن. كما انه يُبرز طول اناة يهوه نحو شعبه العاصي. فقد ارسل مرارا انبياءه لحض الشعب على التوبة. لكن، في اغلب الاحيان، لم تلقَ تحذيراتهم اذنا صاغية. (ار ٢٥:٤-٧) وبين الانبياء الذين خدموا في يهوذا كان شمعيا، عدو، عزريا، عوديد، حناني، ياهو، أليعازر، يحزيئيل، ميخا، هوشع، اشعيا، صفنيا، حبقوق، وإرميا. — انظر «إسْرائِيل» رقم ٢ و ٣.
بعد السبي: في سنة ٥٣٧ قم، عندما اصبح مرسوم كورش ساري المفعول، وهو المرسوم الذي سمح للاسرائيليين بالعودة الى ارض يهوذا وإعادة بناء الهيكل، يبدو ان ممثلين عن مختلف الاسباط عادوا الى موطنهم. (عز ١:١-٤؛ اش ١١:١١، ١٢) وإتماما لحزقيال ٢١:٢٧، لم يتولّ اي ملك من السلالة الداودية شؤون الشعب العائد الى موطنه. ومن الجدير بالملاحظة ايضا ان السجل لا يأتي على ذكر غيرة بين الاسباط، مما يدل ان افرايم ويهوذا اتحدا فعلا. — اش ١١:١٣.
٤- يبدو انه هو نفسه هودويا، او هودَوَا، اللاوي الذي رجع ابناؤه الى اورشليم مع زربابل. — عز ٢:٤٠؛ ٣:٩؛ نح ٧:٤٣.
٥- لاوي أُدرج اسمه بين الذين رجعوا مع زربابل. — نح ١٢:١، ٨.
٦- لاوي كان بين الذين صرفوا زوجاتهم الغريبات مع البنين. — عز ١٠:٢٣، ٤٤.
٧- واحد من بني بنيامين الذين سكنوا في اورشليم، وقد تولى مركز اشراف هناك بعد السبي. — نح ١١:٧، ٩.
٨- احد الذين ساروا في موكب التدشين الذي نظمه نحميا بعد الانتهاء من بناء سور اورشليم. — نح ١٢:٣١، ٣٤.
٩- احد الموسيقيين من بني الكهنة الذين ساروا في موكب التدشين. — نح ١٢:٣١، ٣٥، ٣٦.
١٠- احد اسلاف يسوع في سلسلة النسب التي امتدت من ناثان الى مريم، وهو ابن يوسف وأبو شمعون. وقد كان من الجيل السابع بعد ناثان بن داود، وبالتالي عاش قبل السبي البابلي. — لو ٣:٣٠، ٣١.
١١- يهوذا الجليلي الذي اشار اليه غمالائيل عندما كان يخاطب السنهدريم. (اع ٥:٣٧) وقد قاد ثورة يهودية في ايام الاكتتاب الذي أُجري في عهد كيرينيوس حاكم سورية، عام ٦ بم. يأتي يوسيفوس على ذكره مرات عدة، ويقول عنه: «حرّض مواطني بلده على الثورة، موبخا وناعتا اياهم بالجبن لقبولهم تأدية الجزية للرومان واحتمالهم اسيادا زائلين بعد ان كان اللّٰه ربهم. انه رجل سوفسطائي اسس بدعة خاصة به، وكان مختلفا عن الآخرين». (الحرب اليهودية، ٢:١١٨ [٨:١]) وقد دعاه يوسيفوس في احدى المناسبات يهوذا الجولاني، تسمية ينسبها البعض الى منطقة تقع شرق بحر الجليل. لكنه في مناسبات اخرى يقول عنه، على غرار غمالائيل، انه كان جليليا. (العاديات اليهودية، ١٨:٤ [١:١]؛ ١٨:٢٣ [١:٦]) لقد شدد اولئك المتمردون على ضرورة نيل الحرية، لكنهم لم ينجحوا في تحقيقها. فيهوذا هذا «هلك . . . وتبدد جميع الذين كانوا يطيعونه». (اع ٥:٣٧) وبعض المتحدرين منه اشتركوا ايضا في اشعال بعض الثورات. — الحرب اليهودية، ٢:٤٣٣-٤٤٠ (١٧:٨)؛ ٧:٢٥٣ (٨:١).
١٢- احد الرسل الـ ١٢، ويُدعى ايضا تداوس و «يهوذا بن يعقوب». فعند تعداد اسماء الرسل في متى ١٠:٣ و مرقس ٣:١٨، يُذكر يعقوب بن حلفى مع تداوس. اما في لوقا ٦:١٦ و أعمال ١:١٣ فلا يُذكر تداوس بل «يهوذا بن يعقوب»، مما يقود الى الاستنتاج ان تداوس هو اسم آخر للرسول يهوذا. ولعل السبب وراء استعمال الاسم تداوس احيانا هو احتمال الخلط بين الرسولين اللذين يحملان الاسم يهوذا. وينقل بعض المترجمين العبارة الواردة في لوقا ٦:١٦ و أعمال ١:١٣ الى ‹يهوذا اخي يعقوب›، وذلك لأن التعبير اليوناني المستعمل لا يحدد صلة القرابة بينهما. لكن البشيطة السريانية تستعمل كلمة «ابن». بناء على ذلك تورد ترجمات عصرية عديدة عبارة «يهوذا بن يعقوب» (عج، يج، جد). والاشارة الوحيدة في الكتاب المقدس الى الاسم يهوذا وحده هي في يوحنا ١٤:٢٢ حيث يشار اليه على انه «يهوذا، غير الاسخريوطي»، وذلك لتحديد هوية يهوذا الذي كان يتكلم.
وفي متى ١٠:٣ تقحم ترجمة الملك جيمس عبارة «لبّاوس الملقب» قبل الاسم «تداوس»، مستندة على النص المقبول. لكن نص وستكوت وهورت لا يذكر هذه العبارة لأنها غير موجودة في مخطوطات كالمخطوطة السينائية.
١٣- يهوذا الاسخريوطي ابن سمعان، وهو الرسول السيئ السمعة الذي خان يسوع. لا يزود الكتاب المقدس إلا معلومات قليلة تتعلق مباشرة بعائلته وخلفيته. وقد دُعي هو وأبوه على السواء بالاسخريوطي (لو ٦:١٦؛ يو ٦:٧١) مما يشير، كما يُعتقد عموما، الى انهما من بلدة قِريوت حصرون في اليهودية. وإذا صح ذلك، فعندئذ يكون يهوذا الوحيد بين الرسل الـ ١٢ الذي كان من اليهودية، اما الباقون فكانوا من الجليل.
يُذكر يهوذا لأول مرة في روايات الاناجيل عند تعداد اسماء الرسل الذين اختارهم يسوع في وقت ما بعد فصح سنة ٣١ بم، بعد نحو سنة ونصف من ابتداء يسوع بالخدمة. (مر ٣:١٩؛ لو ٦:١٦) ومن المنطقي الاستنتاج ان يهوذا كان تلميذا مدة من الوقت قبل ان يختاره يسوع رسولا. صحيح ان كتابا كثيرين ينقلون عنه صورة سيئة جدا، لكنه كما يتضح كان طوال فترة تلميذا لديه حظوة عند اللّٰه ويسوع؛ واختياره رسولا يدل على ذلك. كما انه اؤتمن على صندوق الاموال الخاص بيسوع والرسل الـ ١٢، الامر الذي يُظهر انه كان موثوقا به آنذاك ويعكس مدى كفاءته وثقافته، وخصوصا لأن متى لم يحظَ بهذا التعيين رغم خبرته بأمور المال والحسابات. (يو ١٢:٦؛ مت ١٠:٣) ومع ذلك صار يهوذا فاسدا تماما وعلى نحو لا يمكن تبريره. ولا شك ان هذا كان السبب وراء ادراج اسمه آخرا بين اسماء الرسل ووصفه بيهوذا «الذي سلم [يسوع] في ما بعد» و «الذي تحول الى خائن». — مت ١٠:٤؛ لو ٦:١٦.
يصير فاسدا: عند اقتراب فصح سنة ٣٢ بم، أُرسل يهوذا مع الرسل الآخرين للكرازة. (مت ١٠:١، ٤، ٥) وبُعيد عودته، اي بعد اقل من سنة من اختياره رسولا، شهّره المسيح انما دون ذكر اسمه. فعندما ترك بعض التلاميذ يسوع المسيح لأنهم صُدموا من تعاليمه، قال بطرس ان الـ ١٢ سيلتصقون به. وردا على ذلك اعترف يسوع بأنه اختار الـ ١٢، لكنه قال: «واحد منكم هو مفتر [باليونانية ديابولوس، وتعني «ابليس» او «مفتر»]». وتوضح الرواية ان الشخص الذي كان آنذاك قد اصبح مفتريا هو يهوذا الذي «سيسلمه، مع انه احد الاثني عشر». — يو ٦:٦٦-٧١.
يقول يوحنا في الحديث عن هذه المناسبة: «يسوع كان يعرف من البداية . . . من هو الذي سيسلمه». (يو ٦:٦٤) فالمسيح علم من نبوات الاسفار العبرانية ان عشيرا حميما كان سيسلمه. (مز ٤١:٩؛ ١٠٩:٨؛ يو ١٣:١٨، ١٩) وإذ استخدم اللّٰه قدرته على المعرفة المسبقة رأى هو ايضا ان هذا الشخص سيتحول الى خائن، لكن صفات اللّٰه وتعاملاته الماضية تتعارض مع الاعتقاد ان يهوذا كان يجب ان يسقط، كما لو ان ذلك مقدّر له. (انظر «المعرفة المسبقة، التعيين المسبق».) وكما ذُكر سابقا، كان يهوذا امينا للّٰه وليسوع في بداية خدمته كرسول. وهكذا، لا بد ان يوحنا عنى انه ‹من بداية› صيرورة يهوذا رديئا واستسلامه للنقص والميول الخاطئة ادرك يسوع ذلك. (يو ٢:٢٤، ٢٥؛ رؤ ١:١؛ ٢:٢٣) ولا شك ان يهوذا عرف انه هو ‹المفتري› الذي ذكره يسوع، ومع ذلك استمر يرافق يسوع والرسل الامناء، ولم يصنع اية تغييرات كما يبدو.
لا يناقش الكتاب المقدس بالتفصيل الدافع وراء مسلك يهوذا الفاسد. لكن ما حدث في ٩ نيسان القمري سنة ٣٣ بم، اي قبل خمسة ايام من موت يسوع، يلقي الضوء على المسألة. ففي بيت سمعان الابرص ببيت عنيا، سكبت مريم اخت لعازر زيتا عطرا على يسوع يساوي ٣٠٠ دينار، اي ما يعادل تقريبا الاجر الذي يتقاضاه العامل في سنة. (مت ٢٠:٢) فاعترض يهوذا بشدة، قائلا ان الزيت كان يمكن ان يُباع ويُعطى المال «للفقراء». وكما يتضح، وافق الرسل الآخرون على ما بدا فكرة سديدة، لكن يسوع وبخهم. لقد كان السبب الحقيقي وراء اعتراض يهوذا اهتمامه بصندوق المال لأنه كان «سارقا . . . يستولي على الاموال» التي توضع في الصندوق. وهكذا، كان يهوذا لصا جشعا. — يو ١٢:٢-٧؛ مت ٢٦:٦-١٢؛ مر ١٤:٣-٨.
ثمن خيانته: لا شك ان توبيخ يسوع بشأن استخدام المال كان لاذعا ليهوذا. وفي ذلك الوقت ‹دخل الشيطان في يهوذا›، مما عنى على الارجح ان الرسول الخائن استسلم لمشيئة ابليس جاعلا نفسه اداة تُنفّذ بها خطة الشيطان لقتل المسيح. وبعد ايام قليلة، في ١٢ نيسان القمري، ذهب يهوذا الى كبار الكهنة وقواد حرس الهيكل ليرى كم يدفعون له مقابل خيانته ليسوع، مظهرا من جديد مدى جشعه. (مت ٢٦:١٤-١٦؛ مر ١٤:١٠، ١١؛ لو ٢٢:٣-٦؛ يو ١٣:٢) وفي ذلك اليوم كان كبار الكهنة قد اجتمعوا مع «شيوخ الشعب»، اي الاعضاء النافذين في السنهدريم. (مت ٢٦:٣) وربما جيء بقواد حرس الهيكل بسبب نفوذهم ولإضفاء صفة شرعية على اية خطة تُرسم لاعتقال يسوع.
لماذا عرض القادة الدينيون اليهود ٣٠ قطعة من الفضة فقط مقابل خيانة يسوع؟
كان الثمن الذي عُرض على يهوذا ثلاثين قطعة من الفضة (٦٦ دولارا اذا كانت شواقل). (مت ٢٦:١٤، ١٥) ويبدو ان القادة الدينيين حددوا هذا المبلغ لإظهار احتقارهم ليسوع، معتبرينه زهيد القيمة. فبحسب الخروج ٢١:٣٢ كان ثمن العبد ٣٠ شاقلا. فضلا عن ذلك، دُفع لزكريا لقاء عمله كراع للشعب ‹ثلاثون قطعة من الفضة›. وقد ازدرى يهوه هذا المبلغ الزهيد معتبرا ان الاجرة التي أُعطيت لزكريا تمثل قيمة اللّٰه نفسه في نظر اليهود غير الامناء. (زك ١١:١٢، ١٣) اذا، حين عرض القادة الدينيون ٣٠ قطعة من الفضة فقط مقابل تسليم يسوع، حاولوا ان يظهروا انه عديم القيمة. لكنهم في الوقت نفسه تمموا زكريا ١١:١٢، معتبرين يهوه قليل القيمة بتقديمهم هذا العرض المتعلق بالممثل الذي ارسله ليرعى اسرائيل. ويهوذا الفاسد «وافق [على الثمن] وأخذ يطلب فرصة ملائمة ليسلم [يسوع] اليهم بمعزل عن الجمع». — لو ٢٢:٦.
ليلته الاخيرة مع يسوع: رغم ان يهوذا انقلب على المسيح، استمر يرافقه. وقد اجتمع مع يسوع والرسل في ١٤ نيسان القمري سنة ٣٣ بم من اجل الاحتفال بالفصح. وفيما كانوا يتناولون وجبة الفصح قام يسوع وابتدأ يخدم الرسل بغسل اقدامهم بتواضع. فسمح يهوذا المرائي بأن يغسل يسوع قدميه. لكن يسوع قال: «لستم كلكم طاهرين». (يو ١٣:٢-٥، ١١) وقال ايضا ان واحدا من الرسل الجالسين حول المائدة سيسلمه. فسأل يهوذا يسوع إن كان هو الشخص المقصود، ربما لكيلا يظهر انه مذنب. ولكي يحدد يسوع بشكل اوضح هوية هذا الشخص، اعطى يهوذا لقمة وقال له ان يفعل بسرعة ما ينوي فعله. — مت ٢٦:٢١-٢٥؛ مر ١٤:١٨-٢١؛ لو ٢٢:٢١-٢٣؛ يو ١٣:٢١-٣٠.
وفي الحال، تركهم يهوذا. وتشير مقارنة متى ٢٦:٢٠-٢٩ بيوحنا ١٣:٢١-٣٠ ان يهوذا غادر قبل تأسيس يسوع الاحتفال بعشاء الرب. وكما يتضح، لم يسرد لوقا هذه الحادثة بحسب الترتيب الزمني الدقيق، لأن يهوذا كان بالتأكيد قد خرج قبلما مدح المسيح الرسل على التصاقهم به؛ فهذا لا ينطبق على يهوذا، كما ان يهوذا لم يُدخَل في ‹العهد لملكوت›. — لو ٢٢:١٩-٣٠.
وفي ما بعد وجد يهوذا يسوع مع الرسل الامناء في بستان جتسيماني، مكان كان يهوذا الخائن يعرفه جيدا لأنهم التقوا فيه قبلا. وكان يتقدّم جمعا كثيرا، بمن فيهم العسكر الروماني وأحد قواد الجند. وكان الرعاع يحملون الهراوى والسيوف، اضافة الى المشاعل والسرج التي كانوا سيحتاجون اليها اذا حجبت الغيوم ضوء البدر او كان يسوع في مكان مظلم. على الارجح ما كان الرومان ليعرفوا يسوع، لذلك حيّاه يهوذا بموجب علامة اتُّفق عليها مسبقا و«قبّله» قبلة رياء، فعرّفهم به. (مت ٢٦:٤٧-٤٩؛ يو ١٨:٢-١٢) ولاحقا، شعر يهوذا بفداحة ذنبه، فحاول في الصباح ان يرد الـ ٣٠ قطعة من الفضة. لكن كبار الكهنة رفضوا استردادها، فألقى المال في الهيكل. — مت ٢٧:١-٥.
موته: بحسب متى ٢٧:٥ شنق يهوذا نفسه. لكن الاعمال ١:١٨ تقول: «وإذ سقط على رأسه انشق من وسطه وانسكبت امعاؤه كلها». فيبدو ان متى يتحدث عن الطريقة التي حاول بها الانتحار، اما الاعمال فتصف النتيجة. وبجمع الروايتين يُستدل ان يهوذا حاول على ما يبدو ان يشنق نفسه فوق منحدر صخري، لكن الحبل او غصن الشجرة انقطع، فسقط يهوذا وانشق على الصخور في الاسفل. ونظرا الى تضاريس المنطقة المحيطة بأورشليم فإن حدوث ذلك امر معقول.
ثمة سؤال آخر مرتبط بموته وهو: مَن اشترى بـ ٣٠ قطعة من الفضة الحقل الذي احتوى قبرا؟ بحسب متى ٢٧:٦، ٧، اتخذ كبار الكهنة قرارا انه لا يمكن وضع المال في الخزانة المقدسة، لذلك قاموا هم باستخدامه لشراء الحقل. اما الرواية في الاعمال ١:١٨، ١٩ فتقول عن يهوذا: «فإن هذا اشترى حقلا من اجرة الاثم». والجواب على ما يبدو هو ان الكهنة هم الذين اشتروا الحقل، ولكن بما ان يهوذا قدم المال، يمكن ان يُنسب اليه شراؤه. يوضح الدكتور أ. ادرشايم: «لم يكن يحل وضع المال المكتسب بطريقة غير شرعية في خزانة الهيكل لشراء امور مقدسة. وفي حالات كهذه، كانت الشريعة اليهودية تشترط ان يُعاد المال الى من تبرع به، وإذا اصر على تقديمه فكان يجب حثه ان ينفقه على امر يستفيد منه الناس عموما. . . . وبحسب القانون يُعتبر ان المال لا يزال ملكا ليهوذا وأنه هو من خصصه لشراء ‹حقل الخزاف› المعروف». (حياة وأوقات يسوع المسيا، ١٩٠٦، المجلد ٢، ص ٥٧٥) وقد تمم شراء هذا الحقل النبوة في زكريا ١١:١٣.
كان المسلك الذي اتخذه يهوذا عمديا؛ وقد شمل المكر، الجشع، الكبرياء، الرياء، والتخطيط لفعل السوء. وكما يمكن ان يحصل للقاتل عمدا بعد ارتكاب جريمته، شعر يهوذا بالندم تحت وطأة الذنب الذي ارتكبه. لكنه كان قد عقد بملء ارادته صفقة مع اشخاص يستوجبون ‹دينونة الهلاك في وادي هنوم›، اشخاص ذكر يسوع انهم يصنعون متهودين ويجعلونهم يستحقون الهلاك في وادي هنوم ضعف ما يستحقون هم انفسهم. (مت ٢٣:١٥، ٣٣) وقد قال عنه يسوع نفسه في الليلة الاخيرة من حياته على الارض: «كان خيرا لذلك الرجل لو لم يولد». كما دعاه في وقت لاحق: «ابن الهلاك». — مر ١٤:٢١؛ يو ١٧:١٢؛ عب ١٠:٢٦-٢٩.
استبداله: في الفترة ما بين صعود يسوع ويوم الخمسين سنة ٣٣ بم، اجتمع فريق من التلاميذ يبلغ عدده نحو ١٢٠ شخصا. وقد اوضح لهم بطرس، مطبقا النبوة في المزمور ١٠٩:٨، انه يبدو مناسبا اختيار شخص ليحل محل يهوذا. فاقتُرح اسمان ثم أُلقيَت القرعة بينهما، فاختير متياس «ليشغل الخدمة والرسولية اللتين حاد عنهما يهوذا لكي يذهب الى مكانه». — اعمال ١:١٥، ١٦، ٢٠-٢٦.
١٤- ‹عبد يسوع المسيح وأخو يعقوب›. هكذا يعرِّف بنفسه كاتب الرسالة الموحى بها التي تحمل اسمه والتي كتبها نحو سنة ٦٥ بم. ولا يبدو انه هو «يهوذا بن يعقوب»، احد رسل يسوع المسيح الـ ١١ الامناء. (لو ٦:١٦) فيهوذا هذا لا يقول انه رسول ليسوع المسيح بل «عبد» له، كما انه يشير الى الرسل باستعمال صيغة الغائب. — يه ١، ١٧، ١٨.
تتحدث الاسفار اليونانية المسيحية عن اشخاص آخرين يحملون الاسم نفسه. لكن يهوذا هذا، احد كتبة الكتاب المقدس، يميّز نفسه عن الآخرين بذكر اسم اخيه، الامر الذي ربما يدل على ان اخاه يعقوب كان معروفا جدا بين المسيحيين. ويبدو ان شخصا واحدا فقط كان بارزا جدا بين الذين يُدعون يعقوب. وقد اشار اليه الرسول بولس بصفته احد «اعمدة» الجماعة في اورشليم و ‹اخا الرب›. (غل ١:١٩؛ ٢:٩؛ انظر ايضا اع ١٢:١٧؛ ١٥:١٣-٢١.) فمن الواضح ان يهوذا هذا هو احد اخوة المسيح يسوع من امه. (مت ١٣:٥٥؛ مر ٦:٣) ورغم ذلك لم يستغل علاقته الجسدية بابن اللّٰه، بل دعا نفسه بتواضع «عبد يسوع المسيح».
لا يُعرف شيء تقريبا عن حياة يهوذا. ومن الواضح انه كان مع اخوته الثلاثة وأمه مريم عندما صنع يسوع عجيبة في قانا في وقت باكر من خدمته، وقد سافر لاحقا مع يسوع وتلاميذه الى كفرناحوم حيث مكثوا فترة قصيرة. (يو ٢:١-١٢) وبعد اكثر من سنة، رافق كما يبدو مريم وإخوته عندما كانوا يبحثون عن يسوع. (مت ١٢:٤٦) وربما كان يهوذا بين الذين قالوا: «انه فقد عقله». (مر ٣:٢١) على اية حال، لم يكن هو وإخوته يمارسون الايمان بالمسيح يسوع سنة ٣٢ بم. (يو ٧:٥) وقد جعل يسوع قُبيل موته امه المؤمنة في عهدة الرسول يوحنا، مما يشير بقوة ان يهوذا وإخوته لم يكونوا بعد من تلاميذه. — يو ١٩:٢٦، ٢٧.
لكن يسوع ظهر بعد قيامته ليعقوب، اخيه من امه. (١ كو ١٥:٧) ودون شك، لم يساهم ذلك في اقناع يعقوب فقط بأن يسوع هو حقا المسيا، بل ايضا يهوذا وأخويه الآخرين. لذلك، كانوا يداومون على الصلاة مع الرسل الـ ١١ الامناء والآخرين المجتمعين في علية في اورشليم في الفترة ما بين صعود يسوع ويوم الخمسين سنة ٣٣ بم. ويبدو انهم كانوا ايضا بين الجمع البالغ عدده نحو ١٢٠ شخصا عندما أُلقيت القرعة واختير متياس ليحل محل يهوذا الاسخريوطي الخائن. (اع ١:١٣-٢٦) وهكذا، من المنطقي ان يكون يهوذا بين المؤمنين الذين نالوا اولا الروح القدس في يوم الخمسين. — اع ٢:١-٤.
١٥- رجل من دمشق كان يسكن في شارع المستقيم. وقد اقام شاول (بولس) في بيته بعد ان أُصيب بالعمى فور اهتدائه، وإلى هناك أُرسل حنانيا ليضع يديه على شاول. (اع ٩:١١، ١٧) لا تذكر الرواية هل كان يهوذا تلميذا آنذاك، ولكن يبدو ان هذا بعيد الاحتمال نظرا الى ان حنانيا والتلاميذ الآخرين ترددوا في الاقتراب من شاول بسبب صيته كمضطهد، في حين استقبل يهوذا شاول في بيته. — اع ٩:١٣، ١٤، ٢٦.
١٦- يُدعى ايضا برسابا، وهو احد التلميذين اللذين ارسلتهما الهيئة الحاكمة في اورشليم ليرافقا بولس وبرنابا عند نقلهما الرسالة عن الختان (نحو ٤٩ بم). وقد اعتُبر يهوذا ورفيقه سيلا ‹رجلين متقدمين بين الاخوة›. (اع ١٥:٢٢) كانت تلك الرسالة موجهة الى «الاخوة في انطاكية وسورية وكيليكية». ولا يُذكر يهوذا وسيلا إلا خلال وجودهما في انطاكية، وما من اشارة الى انهما ذهبا الى مكان ابعد. لقد كان عليهما ان يؤكدا شفهيا مضمون الرسالة. وكان يهوذا ‹نبيا›، وقد القى كخطيب زائر عدة خطابات على الاخوة في انطاكية، مشجعا ومقويا اياهم. — اع ١٥:٢٢، ٢٣، ٢٧، ٣٠-٣٢.
تدل الاعمال ١٥:٣٣ ان يهوذا وسيلا عادا الى اورشليم بعدما «قضيا زمانا» مع المسيحيين في انطاكية. غير ان بعض المخطوطات (مثل المجلد الافرامي والمجلد البيزي) تحتوي على العدد ٣٤ الذي يُذكر فيه، مع بعض الاختلافات: «لكن سيلا استحسن ان يبقى هناك اكثر؛ اما يهوذا فسافر الى اورشليم وحده». حُذف هذا العدد في المخطوطات المعتمدة الاقدم (السينائية، الاسكندرية، الفاتيكانية رقم ١٢٠٩). فقد كان على الارجح احد الملاحظات الهامشية لشرح العدد ٤٠، وأُقحم لاحقا في النص الرئيسي.
اقترح بعض المعلقين ان يهوذا المدعو برسابا هو اخو «يوسف الذي يُدعى برسابا»، تلميذ رُشح ليحل محل يهوذا الاسخريوطي. (اع ١:٢٣) ولكن ليس هنالك اي دليل يثبت ذلك غير التشابه في الاسم. ولم يعد الكتاب المقدس يأتي على ذكر يهوذا هذا بعد عودته الى اورشليم.