اَلسَّعْيُ وَرَاءَ هَدَفٍ يَجْلُبُ ٱلِٱكْتِفَاءَ فِي ٱلْحَيَاةِ
«كُلُّ نَسَمَةٍ فَلْتُسَبِّحْ يَاهَ». — مزمور ١٥٠:٦.
١ مَاذَا فَعَلَ أَحَدُ ٱلشُّبَّانِ بَحْثًا عَنْ هَدَفٍ فِي ٱلْحَيَاةِ؟
قَالَ سَنْڠْ جِينa ٱلَّذِي تَرَبَّى فِي كُوريَا، مُسْتَرْجِعًا ٱلْمَاضِي: «دَرَسْتُ ٱلطِّبَّ لِأَنَّنِي أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَخْدِمَ حَيَاتِي لِمُسَاعَدَةِ ٱلنَّاسِ. كَمَا شَعَرْتُ بِأَنَّ ٱلْمَكَانَةَ ٱلْمَرْمُوقَةَ وَٱلرِّبْحَ ٱلْمَادِّيَّ ٱللَّذَيْنِ سَيُؤَمِّنُهُمَا لِي عَمَلِي كَطَبِيبٍ سَيَجْعَلَانِنِي سَعِيدًا». وَتَابَعَ قَائِلًا: «لكِنَّ أَمَلِي خَابَ حِينَ أَدْرَكْتُ أَنَّ ٱلطَّبِيبَ قَلَّمَا يَسَعُهُ فِعْلُ شَيْءٍ لِمُسَاعَدَةِ ٱلنَّاسِ. بَعْدَ ذلِكَ، ٱبْتَدَأْتُ أَدْرُسُ ٱلْفَنَّ. غَيْرَ أَنَّ إِبْدَاعَاتِي ٱلْفَنِّيَّةَ لَمْ تَنْفَعِ ٱلْآخَرِينَ، مَا جَعَلَنِي أُحِسُّ أَنِّي أَنَانِيٌّ. إِذَّاكَ، ٱنْصَرَفْتُ إِلَى ٱلتَّعْلِيمِ، وَلكِنْ سُرْعَانَ مَا ٱكْتَشَفْتُ أَنَّ جُلَّ مَا يُمْكِنُنِي فِعْلُهُ هُوَ نَقْلُ ٱلْوَقَائِعِ، وَلَيْسَ مَنْحُ ٱلْإِرْشَادِ ٱلَّذِي يَجْلُبُ ٱلسَّعَادَةَ ٱلْحَقِيقِيَّةَ». كَانَ سَنْڠْ جِين، كَكَثِيرِينَ غَيْرِهِ، يَبْحَثُ عَنْ هَدَفٍ يَجْلُبُ ٱلِٱكْتِفَاءَ فِي ٱلْحَيَاةِ.
٢ (أ) مَاذَا يَعْنِي ٱمْتِلَاكُ هَدَفٍ فِي ٱلْحَيَاةِ؟ (ب) كَيْفَ نَعْرِفُ أَنَّ ٱلْخَالِقَ لَدَيْهِ سَبَبٌ وَجِيهٌ لِوَضْعِنَا عَلَى هذِهِ ٱلْأَرْضِ؟
٢ إِنَّ ٱمْتِلَاكَ هَدَفٍ حَقِيقِيٍّ فِي ٱلْحَيَاةِ يَعْنِي ٱمْتِلَاكَ سَبَبٍ لِنَحْيَا مِنْ أَجْلِهِ، قَصْدٍ وَاضِحٍ، وَغَايَةٍ تَنْصَبُّ عَلَيْهَا جُهُودُنَا. فَهَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَمْتَلِكَ ٱلْبَشَرُ فِعْلًا هَدَفًا كَهذَا؟ نَعَمْ. فَوَاقِعُ أَنَّنَا وُهِبْنَا ٱلذَّكَاءَ، ٱلضَّمِيرَ، وَٱلْقُدْرَةَ عَلَى ٱلتَّحْلِيلِ يَدُلُّ أَنَّ ٱلْخَالِقَ لَدَيْهِ سَبَبٌ وَجِيهٌ لِوَضْعِنَا عَلَى هذِهِ ٱلْأَرْضِ. لِذلِكَ مِنَ ٱلْمَنْطِقِيِّ ٱلِٱسْتِنْتَاجُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُنَا إِيجَادُ وَبُلُوغُ هَدَفٍ حَقِيقِيٍّ فِي حَيَاتِنَا مَا لَمْ نَعِشْ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ قَصْدِ خَالِقِنَا.
٣ مَاذَا يَشْمُلُ قَصْدُ ٱللّٰهِ لِلْبَشَرِ؟
٣ يَكْشِفُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّ قَصْدَ ٱللّٰهِ لَنَا يَشْمُلُ أُمُورًا كَثِيرَةً. مَثَلًا، إِنَّ صُنْعَنَا بِطَرِيقَةٍ تُثِيرُ ٱلْعَجَبَ هُوَ تَعْبِيرٌ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ غَيْرِ ٱلْأَنَانِيَّةِ مِنْ جِهَةِ ٱللّٰهِ. (مزمور ٤٠:٥؛ ١٣٩:١٤) لِذلِكَ فَإِنَّ ٱلْعَيْشَ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ قَصْدِهِ يَعْنِي أَنْ نُحِبَّ ٱلْآخَرِينَ مَحَبَّةً غَيْرَ أَنَانِيَّةٍ ٱقْتِدَاءً بِهِ. (١ يوحنا ٤:٧-١١) كَمَا أَنَّهُ يَعْنِي حِفْظَ إِرْشَادَاتِهِ ٱلَّتِي تُسَاعِدُنَا عَلَى ٱلْعَيْشِ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ قَصْدِهِ ٱلْحُبِّيِّ. — جامعة ١٢:١٣؛ ١ يوحنا ٥:٣.
٤ (أ) مَاذَا يَلْزَمُنَا لِٱمْتِلَاكِ هَدَفٍ حَقِيقِيٍّ فِي ٱلْحَيَاةِ؟ (ب) مَا هُوَ أَسْمَى هَدَفٍ يُمْكِنُ أَنْ يَسْعَى إِلَيْهِ ٱلْمَرْءُ؟
٤ قَصَدَ ٱللّٰهُ أَيْضًا أَنْ يَعِيشَ ٱلْبَشَرُ بِسَعَادَةٍ وَسَلَامٍ وَاحِدُهُمْ مَعَ ٱلْآخَرِ وَمَعَ بَاقِي ٱلْخَلِيقَةِ. (تكوين ١:٢٦؛ ٢:١٥) فَمَاذَا عَلَيْنَا أَنْ نَفْعَلَ لِنَشْعُرَ بِٱلسَّعَادَةِ وَٱلْأَمَانِ وَٱلسَّلَامِ؟ تَمَامًا كَمَا أَنَّ ٱلْوَلَدَ يَحْتَاجُ إِلَى وُجُودِ وَالِدَيْهِ بِجَانِبِهِ لِيَشْعُرَ بِٱلسَّعَادَةِ وَٱلْأَمَانِ، نَحْتَاجُ نَحْنُ إِلَى عَلَاقَةٍ جَيِّدَةٍ بِأَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ لِنَجِدَ مَعْنًى وَهَدَفًا لِحَيَاتِنَا. (عبرانيين ١٢:٩) وَٱللّٰهُ يُمَكِّنُنَا مِنِ ٱمْتِلَاكِ عَلَاقَةٍ كَهذِهِ مَعَهُ بِٱلسَّمَاحِ لَنَا أَنْ نَقْتَرِبَ إِلَيْهِ وَبِسَمَاعِ صَلَوَاتِنَا. (يعقوب ٤:٨؛ ١ يوحنا ٥:١٤، ١٥) وَإِذَا ‹سِرْنَا مَعَ ٱللّٰهِ› بِإِيمَانٍ وَصِرْنَا أَصْدِقَاءَ لَهُ، نَجْلُبُ ٱلْمَجْدَ وَٱلتَّسْبِيحَ لِأَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ. (تكوين ٦:٩؛ امثال ٢٣:١٥، ١٦؛ يعقوب ٢:٢٣) وَهذَا هُوَ أَسْمَى هَدَفٍ يُمْكِنُ أَنْ يَسْعَى إِلَيْهِ ٱلْمَرْءُ. كَتَبَ ٱلْمُرَنِّمُ ٱلْمُلْهَمُ: «كُلُّ نَسَمَةٍ فَلْتُسَبِّحْ يَاهَ». — مزمور ١٥٠:٦.
مَا هُوَ هَدَفُكَ فِي ٱلْحَيَاةِ؟
٥ لِمَاذَا وَضْعُ ٱلْمَصَالِحِ ٱلْمَادِّيَّةِ أَوَّلًا لَيْسَ بِٱلْأَمْرِ ٱلصَّائِبِ؟
٥ يَشْمُلُ أَيْضًا قَصْدُ ٱللّٰهِ لَنَا ٱلِٱهْتِمَامَ بِأَنْفُسِنَا وَعَائِلَاتِنَا، بِمَا فِي ذلِكَ ٱلِٱهْتِمَامُ بِٱلْحَاجَاتِ ٱلْجَسَدِيَّةِ وَٱلرُّوحِيَّةِ. إِلَّا أَنَّ ٱلِٱتِّزَانَ لَازِمٌ لِئَلَّا تَطْغَى ٱلْمَسَاعِي وَٱلِٱهْتِمَامَاتُ ٱلدُّنْيَوِيَّةُ عَلَى ٱلْمَسَاعِي وَٱلِٱهْتِمَامَاتِ ٱلرُّوحِيَّةِ ٱلْأَكْثَرِ أَهَمِّيَّةً. (متى ٤:٤؛ ٦:٣٣) وَمِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنَّ حَيَاةَ أَشْخَاصٍ كَثِيرِينَ تَتَمَحْوَرُ فَقَطْ حَوْلَ تَجْمِيعِ ٱلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ. لكِنَّ مُحَاوَلَةَ سَدِّ كُلِّ حَاجَاتِنَا بِوَاسِطَةِ ٱلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ فَقَطْ لَيْسَتْ بِٱلْأَمْرِ ٱلصَّائِبِ. فَثَمَّةَ ٱسْتِطْلَاعٌ أُجْرِيَ مُؤَخَّرًا مَعَ أَصْحَابِ مَلَايِينَ فِي آسِيَا يَكْشِفُ أَنَّ كَثِيرِينَ مِنْهُمْ «يَشْعُرُونَ بِٱلْقَلَقِ وَعَدَمِ ٱلِٱسْتِقْرَارِ، رَغْمَ أَنَّ ٱلْمَالَ يُؤَمِّنُ لَهُمُ ٱلْمَكَانَةَ ٱلِٱجْتِمَاعِيَّةَ ٱلرَّفِيعَةَ وَشُعُورًا بِٱلْإِنْجَازِ». — جامعة ٥:١١.
٦ أَيَّةُ مَشُورَةٍ قَدَّمَهَا يَسُوعُ عَنِ ٱلسَّعْيِ وَرَاءَ ٱلْغِنَى؟
٦ تَحَدَّثَ يَسُوعُ عَنْ «قُوَّةِ ٱلْغِنَى ٱلْخَادِعَةِ». (مرقس ٤:١٩) فَكَيْفَ يَكُونُ ٱلْغِنَى خَادِعًا؟ إِنَّهُ يَجْعَلُ ٱلنَّاسَ ظَاهِرِيًّا سُعَدَاءَ، لكِنَّ ٱلْعَكْسَ صَحِيحٌ. كَتَبَ ٱلْمَلِكُ سُلَيْمَانُ ٱلْحَكِيمُ: «مَنْ يُحِبُّ ٱلثَّرْوَةَ لَا يَشْبَعُ مِنْ دَخْلٍ». (جامعة ٥:١٠) وَلكِنْ هَلْ مِنَ ٱلْمُمْكِنِ أَنْ يَسْعَى ٱلْمَرْءُ وَرَاءَ أَهْدَافٍ مَادِّيَّةٍ وَفِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ أَنْ يَخْدُمَ ٱللّٰهَ مِنْ كُلِّ ٱلنَّفْسِ؟ كَلَّا. أَوْضَحَ يَسُوعُ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِرَبَّيْنِ، لِأَنَّهُ إِمَّا أَنْ يُبْغِضَ ٱلْوَاحِدَ وَيُحِبَّ ٱلْآخَرَ، أَوْ يَلْتَصِقَ بِٱلْوَاحِدِ وَيَحْتَقِرَ ٱلْآخَرَ. لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَكُونُوا عَبِيدًا للّٰهِ وَٱلْمَالِ». وَقَدْ حَثَّ يَسُوعُ أَتْبَاعَهُ أَلَّا يَدَّخِرُوا كُنُوزًا عَلَى ٱلْأَرْضِ بَلْ «كُنُوزًا فِي ٱلسَّمَاءِ»، أَيْ أَنْ يَصْنَعُوا لِأَنْفُسِهِمْ صِيتًا حَسَنًا لَدَى ٱللّٰهِ ٱلَّذِي ‹يَعْلَمُ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلُوهُ›. — متى ٦:٨، ١٩-٢٥.
٧ كَيْفَ ‹نَتَمَسَّكُ بِٱلْحَيَاةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ›؟
٧ وَقَدَّمَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ أَيْضًا مَشُورَةً قَوِيَّةً فِي هذَا ٱلصَّدَدِ عِنْدَمَا كَتَبَ إِلَى رَفِيقِهِ ٱلْعَامِلِ مَعَهُ تِيمُوثَاوُسَ. فَقَدْ قَالَ لَهُ: «أَوْصِ ٱلْأَغْنِيَاءَ . . . أَلَّا . . . يُلْقُوا رَجَاءَهُمْ عَلَى ٱلْغِنَى غَيْرِ ٱلثَّابِتِ، بَلْ عَلَى ٱللّٰهِ ٱلَّذِي يُزَوِّدُنَا كُلَّ شَيْءٍ بِغِنًى لِمُتْعَتِنَا، وَأَنْ . . . يَكُونُوا . . . أَسْخِيَاءَ، مُسْتَعِدِّينَ لِلْمُشَارَكَةِ، كَانِزِينَ لِأَنْفُسِهِمْ أَسَاسًا حَسَنًا لِلْمُسْتَقْبَلِ، لِكَيْ يَتَمَسَّكُوا بِٱلْحَيَاةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ». — ١ تيموثاوس ٦:١٧-١٩.
مَا هِيَ «ٱلْحَيَاةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ»؟
٨ (أ) لِمَاذَا يَسْعَى كَثِيرُونَ وَرَاءَ ٱلْغِنَى وَٱلْمَكَانَةِ ٱلْمَرْمُوقَةِ؟ (ب) أَيُّ أَمْرٍ لَا يُدْرِكُهُ أَمْثَالُ هؤُلَاءِ؟
٨ عِنْدَمَا يَسْمَعُ كَثِيرُونَ عِبَارَةَ «ٱلْحَيَاةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ»، يَتَخَيَّلُونَ حَيَاةَ رَفَاهِيَةٍ وَلَهْوٍ. تَقُولُ إِحْدَى ٱلْمَجَلَّاتِ ٱلْآسْيَوِيَّةِ: «يَتَعَلَّمُ ٱلَّذِينَ يُشَاهِدُونَ ٱلْأَفْلَامَ ٱلسِّينَمَائِيَّةَ أَوِ ٱلْبَرَامِجَ ٱلتِّلِفِزْيُونِيَّةَ أَنْ يَشْتَهُوا مَا يَرَوْنَهُ، أَنْ يَحْلُمُوا بِمَا يُمْكِنُهُمُ ٱلْحُصُولُ عَلَيْهِ». وَكَثِيرُونَ يَجْعَلُونَ هَدَفَهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ جَمْعَ ٱلثَّرَوَاتِ وَٱلْوُصُولَ إِلَى مَكَانَةٍ مَرْمُوقَةٍ. كَمَا يُضَحِّي كَثِيرُونَ بِشَبَابِهِمْ، صِحَّتِهِمْ، حَيَاتِهِمِ ٱلْعَائِلِيَّةِ، وَقِيَمِهِمِ ٱلرُّوحِيَّةِ فِي سَبِيلِ ٱلسَّعْيِ وَرَاءَ هذِهِ ٱلْأُمُورِ. وَقِلَّةٌ هُمُ ٱلَّذِينَ يَتَوَقَّفُونَ لِيُفَكِّرُوا أَنَّ هذَا ٱلْمَفْهُومَ ٱلَّذِي تُصَوِّرُهُ وَسَائِلُ ٱلْإِعْلَامِ لَيْسَ سِوَى ٱنْعِكَاسٍ ‹لِرُوحِ ٱلْعَالَمِ›، نَمَطِ ٱلتَّفْكِيرِ ٱلشَّائِعِ ٱلَّذِي يُؤَثِّرُ فِي غَالِبِيَّةِ سُكَّانِ ٱلْأَرْضِ وَيَدْفَعُهُمْ إِلَى ٱلْقِيَامِ بِتَصَرُّفَاتٍ تَتَعَارَضُ مَعَ قَصْدِ ٱللّٰهِ لَنَا. (١ كورنثوس ٢:١٢؛ افسس ٢:٢) فَلَا عَجَبَ إِذًا أَنَّ كَثِيرِينَ مِنَ ٱلنَّاسِ ٱلْيَوْمَ هُمْ تُعَسَاءُ! — امثال ١٨:١١؛ ٢٣:٤، ٥.
٩ أَيُّ أَمْرٍ لَنْ يَتَمَكَّنَ ٱلْبَشَرُ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ مِنْ تَحْقِيقِهِ، وَلِمَاذَا؟
٩ وَلكِنْ مَا ٱلْقَوْلُ فِي ٱلَّذِينَ يَكْدَحُونَ فِي سَبِيلِ ٱلْآخَرِينَ، مُنَاضِلِينَ لِٱسْتِئْصَالِ ٱلْجُوعِ وَٱلْمَرَضِ وَٱلظُّلْمِ؟ إِنَّ تَضْحِيَاتِهِمِ ٱلنَّبِيلَةَ تُفِيدُ أَشْخَاصًا كَثِيرِينَ. لكِنَّ كُلَّ ٱلْجُهُودِ ٱلَّتِي يَبْذُلُونَهَا لَنْ تُحَوِّلَ نِظَامَ ٱلْأَشْيَاءِ هذَا إِلَى نِظَامٍ عَادِلٍ وَبَارٍّ. لِمَاذَا؟ لِأَنَّ ‹ٱلْعَالَمَ كُلَّهُ هُوَ تَحْتَ سُلْطَةِ ٱلشِّرِّيرِ›، ٱلشَّيْطَانِ ٱلَّذِي لَا يُرِيدُ أَنْ يَتَغَيَّرَ شَيْءٌ فِي هذَا ٱلنِّظَامِ. — ١ يوحنا ٥:١٩.
١٠ مَتَى سَيَتَمَتَّعُ ٱلْأُمَنَاءُ «بِٱلْحَيَاةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ»؟
١٠ مَا أَشْقَى ٱلشَّخْصَ ٱلَّذِي لَا رَجَاءَ لَهُ سِوَى فِي هذَا ٱلْعَالَمِ ٱلْحَاضِرِ! كَتَبَ بُولُسُ: «إِنْ كَانَ لَنَا رَجَاءٌ فِي ٱلْمَسِيحِ فِي هٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ فَقَطْ، فَنَحْنُ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ إِثَارَةً لِلشَّفَقَةِ». وَلِسَانُ حَالِ ٱلَّذِينَ لَدَيْهِمْ هذِهِ ٱلنَّظْرَةُ هُوَ: «فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ، لِأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ». (١ كورنثوس ١٥:١٩، ٣٢) لكِنَّ ذلِكَ لَيْسَ صَحِيحًا! فَهُنَالِكَ مُسْتَقْبَلٌ مُشْرِقٌ أَمَامَنَا، إِذْ إِنَّنَا «نَنْتَظِرُ بِحَسَبِ وَعْدِ [ٱللّٰهِ] سَمٰوَاتٍ جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، فِيهَا يَسْكُنُ ٱلْبِرُّ». (٢ بطرس ٣:١٣) وَآنَذَاكَ فَقَطْ يُمْكِنُ لِلْمَسِيحِيِّينَ أَنْ يَتَمَتَّعُوا «بِٱلْحَيَاةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ»، أَيِ ٱلْعَيْشِ «حَيَاةً أَبَدِيَّةً» فِي كَمَالٍ إِمَّا فِي ٱلسَّمَاءِ أَوْ فِي ظِلِّ ٱلْحُكْمِ ٱلْحُبِّيِّ لِحُكُومَةِ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ. — ١ تيموثاوس ٦:١٢.
١١ لِمَاذَا ٱلْعَمَلُ عَلَى تَرْوِيجِ مَصَالِحِ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ هُوَ أَهَمُّ مَسْعًى هَادِفٍ؟
١١ فَمَلَكُوتُ ٱللّٰهِ وَحْدَهُ هُوَ ٱلَّذِي سَيَنْجَحُ كَامِلًا فِي حَلِّ مَشَاكِلِ ٱلْبَشَرِ. لِذلِكَ فَإِنَّ ٱلْعَمَلَ عَلَى تَرْوِيجِ مَصَالِحِ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ هُوَ أَهَمُّ مَسْعًى هَادِفٍ يُمْكِنُ أَنْ يَقُومَ بِهِ ٱلْمَرْءُ. (يوحنا ٤:٣٤) وَحِينَمَا نَشْتَرِكُ فِي هذَا ٱلْعَمَلِ، نَتَمَتَّعُ بِعَلَاقَةٍ ثَمِينَةٍ بِأَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ. كَمَا أَنَّنَا نَفْرَحُ فِي ٱلْخِدْمَةِ إِلَى جَانِبِ مَلَايِينِ ٱلْإِخْوَةِ وَٱلْأَخَوَاتِ ٱلرُّوحِيِّينَ ٱلَّذِينَ يَمْلِكُونَ ٱلْهَدَفَ نَفْسَهُ فِي ٱلْحَيَاةِ.
اَلْقِيَامُ بِٱلتَّضْحِيَاتِ ٱلصَّحِيحَةِ
١٢ مَا ٱلْفَرْقُ بَيْنَ ٱلْحَيَاةِ فِي ٱلنِّظَامِ ٱلْحَاضِرِ وَبَيْنَ «ٱلْحَيَاةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ»؟
١٢ يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ إِنَّ ٱلْعَالَمَ ٱلْحَاضِرَ «يَزُولُ وَكَذٰلِكَ شَهْوَتُهُ». وَمَا مِنْ جُزْءٍ مِنْ عَالَمِ ٱلشَّيْطَانِ، بِمَا فِي ذلِكَ ٱلشُّهْرَةُ وَٱلثَّرَوَاتُ ٱلَّتِي يُقَدِّمُهَا، سَيَكُونُ مُسْتَثْنًى. «أَمَّا ٱلَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ فَيَبْقَى إِلَى ٱلْأَبَدِ». (١ يوحنا ٢:١٥-١٧) وَبِٱلتَّبَايُنِ مَعَ ٱلْغِنَى غَيْرِ ٱلثَّابِتِ وَٱلْمَجْدِ ٱلزَّائِلِ وَٱللَّذَّاتِ ٱلْفَارِغَةِ لِلنِّظَامِ ٱلْحَاضِرِ، فَإِنَّ «ٱلْحَيَاةَ ٱلْحَقِيقِيَّةَ» — «ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ» فِي ظِلِّ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ — هِيَ حَيَاةٌ دَائِمَةٌ وَجَدِيرَةٌ بِٱلتَّضْحِيَاتِ، ٱلتَّضْحِيَاتِ ٱلصَّحِيحَةِ.
١٣ كَيْفَ قَامَ زَوْجَانِ بِٱلتَّضْحِيَاتِ ٱلصَّحِيحَةِ؟
١٣ لِنَتَأَمَّلْ فِي مِثَالِ هَنْرِي وَسُوزَان. فَهذَانِ ٱلزَّوْجَانِ لَدَيْهِمَا مِلْءُ ٱلثِّقَةِ بِوَعْدِ ٱللّٰهِ أَنْ يُسَاعِدَ كُلَّ ٱلَّذِينَ يَضَعُونَ مَلَكُوتَهُ أَوَّلًا فِي حَيَاتِهِمْ. (متى ٦:٣٣) لِذلِكَ قَرَّرَا أَلَّا يَسْكُنَا فِي بَيْتٍ بَاهِظِ ٱلثَّمَنِ لِكَيْ يُخَصِّصَا هُمَا وَٱبْنَتَاهُمَا وَقْتًا أَكْبَرَ لِلْمَسَاعِي ٱلرُّوحِيَّةِ، بَدَلًا مِنْ أَنْ يُضْطَرَّا كِلَاهُمَا إِلَى ٱلْعَمَلِ. (عبرانيين ١٣:١٥، ١٦) غَيْرَ أَنَّ صَدِيقَةً لَهُمَا حَسَنَةَ ٱلنِّيَّةِ لَمْ تَسْتَطِعْ تَفَهُّمَ قَرَارِهِمَا. فَقَالَتْ لِسُوزَان: «يَا عَزِيزَتِي، لَا بُدَّ لَكِ مِنَ ٱلتَّضْحِيَةِ إِذَا أَرَدْتِ أَنْ تَسْكُنِي فِي بَيْتٍ أَفْضَلَ». لكِنَّ هَنْرِي وَسُوزَان عَرَفَا أَنَّ وَضْعَ يَهْوَه أَوَّلًا «فِيهِ وَعْدُ ٱلْحَيَاةِ ٱلْحَاضِرَةِ وَٱلْآتِيَةِ». (١ تيموثاوس ٤:٨؛ تيطس ٢:١٢) وَقَدْ كَبِرَتِ ٱبْنَتَاهُمَا وَصَارَتَا مُبَشِّرَتَيْنِ غَيُورَتَيْنِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ. وَكَعَائِلَةٍ، يَشْعُرُونَ أَنَّهُ لَمْ يَفُتْهُمْ أَيُّ شَيْءٍ. عَلَى ٱلْعَكْسِ، فَقَدِ ٱسْتَفَادُوا كَثِيرًا مِنْ جَعْلِ ٱلسَّعْيِ وَرَاءَ «ٱلْحَيَاةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ» هَدَفًا لَهُمْ. — فيلبي ٣:٨؛ ١ تيموثاوس ٦:٦-٨.
لَا ‹تَسْتَعْمِلِ ٱلْعَالَمَ كَامِلًا›
١٤ أَيَّةُ كَارِثَةٍ قَدْ تَنْجُمُ إِذَا غَابَ هَدَفُنَا ٱلْحَقِيقِيُّ عَنْ بَالِنَا؟
١٤ إِذَا غَابَ هَدَفُنَا ٱلْحَقِيقِيُّ عَنْ بَالِنَا وَتَخَلَّيْنَا عَنْ تَمَسُّكِنَا «بِٱلْحَيَاةِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ»، نَتَعَرَّضُ لِخَطَرٍ كَبِيرٍ. فَيُمْكِنُ ‹أَنْ تَجْرُفَنَا هُمُومُ وَغِنَى وَلَذَّاتُ ٱلْحَيَاةِ›. (لوقا ٨:١٤) فَٱلشَّهْوَةُ غَيْرُ ٱلْمَضْبُوطَةِ لِلْأُمُورِ ٱلْمَادِّيَّةِ وَ «هُمُومُ ٱلْحَيَاةِ» قَدْ تُؤَدِّي إِلَى ٱنْغِمَاسِنَا فِي شُؤُونِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هذَا. (لوقا ٢١:٣٤) وَمِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنَّ ٱلْبَعْضَ صَارُوا مُنْهَمِكِينَ فِي ٱلسَّعْيِ ٱلْمَحْمُومِ إِلَى ٱلْغِنَى بِحَيْثُ «ضَلُّوا عَنِ ٱلْإِيمَانِ وَطَعَنُوا أَنْفُسَهُمْ طَعْنًا بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ»، حَتَّى إِنَّهُمْ خَسِرُوا عَلَاقَتَهُمُ ٱلثَّمِينَةَ بِيَهْوَه. فَمَا أَبْهَظَ ٱلثَّمَنَ ٱلَّذِي يُدْفَعُ جَرَّاءَ عَدَمِ ‹ٱلتَّمَسُّكِ بِٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ›! — ١ تيموثاوس ٦:٩، ١٠، ١٢؛ امثال ٢٨:٢٠.
١٥ كَيْفَ ٱسْتَفَادَتْ إِحْدَى ٱلْعَائِلَاتِ مِنْ ‹عَدَمِ ٱسْتِعْمَالِ ٱلْعَالَمِ كَامِلًا›؟
١٥ نَصَحَ بُولُسُ «ٱلَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ ٱلْعَالَمَ [أَنْ يَكُونُوا] كَمَنْ لَا يَسْتَعْمِلُونَهُ كَامِلًا». (١ كورنثوس ٧:٣١) وَهذَا مَا فَعَلَهُ كِيث وَبُونِي. يَرْوِي كِيث: «صِرْتُ وَاحِدًا مِنْ شُهُودِ يَهْوَه حِينَ كُنْتُ أُنْهِي دِرَاسَةَ طِبِّ ٱلْأَسْنَانِ». وَيَمْضِي قَائِلًا: «كَانَ عَلَيَّ ٱتِّخَاذُ قَرَارٍ. فَكَانَ يُمْكِنُنِي أَنْ أُعَالِجَ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمَرْضَى وَأَجْنِيَ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمَالِ. لكِنَّ هذَا ٱلْأَمْرَ كَانَ سَيَحُدُّ مِنْ نَشَاطَاتِي ٱلرُّوحِيَّةِ. لِذلِكَ ٱخْتَرْتُ أَنْ أُعَالِجَ مَرْضَى قَلِيلِينَ كَيْ يَتَسَنَّى لِي ٱلْمَزِيدُ مِنَ ٱلْوَقْتِ لِلِٱهْتِمَامِ بِٱلْحَاجَاتِ ٱلرُّوحِيَّةِ وَٱلْعَاطِفِيَّةِ لِعَائِلَتِي، ٱلَّتِي صَارَتْ لَاحِقًا تَشْمُلُ خَمْسَ بَنَاتٍ. وَرَغْمَ أَنَّهُ نَادِرًا مَا كَانَ لَدَيْنَا مَالٌ فَائِضٌ، فَقَدْ تَعَلَّمْنَا ٱلتَّوْفِيرَ وَكُنَّا دَائِمًا نَحْصُلُ عَلَى مَا نَحْتَاجُ إِلَيْهِ. كَانَتْ عَائِلَتُنَا تَنْعَمُ بِجَوٍّ حَمِيمٍ وَدَافِئٍ وَسَعِيدٍ. وَفِي ٱلنِّهَايَةِ، ٱنْخَرَطْنَا جَمِيعًا فِي ٱلْخِدْمَةِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ. وَٱلْآنَ جَمِيعُ بَنَاتِنَا مُتَزَوِّجَاتٌ، وَثَلَاثٌ مِنْهُنَّ لَدَيْهِنَّ أَوْلَادٌ. وَهُنَّ يَعِشْنَ مَعَ عَائِلَاتِهِنَّ حَيَاةً سَعِيدَةً لِأَنَّهُمْ جَمِيعًا يَسْتَمِرُّونَ فِي وَضْعِ قَصْدِ يَهْوَه أَوَّلًا».
وَضْعُ قَصْدِ ٱللّٰهِ أَوَّلًا فِي حَيَاتِكَ
١٦، ١٧ أَيَّةُ أَمْثِلَةٍ تَرِدُ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ عَنْ أَشْخَاصٍ لَدَيْهِمْ مَهَارَاتٌ أَوْ مَرَاكِزُ، وَمَا أَوَّلُ مَا يَتَبَادَرُ إِلَى ذِهْنِنَا عَنْهُمْ؟
١٦ تَرِدُ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ أَمْثِلَةٌ لِأَشْخَاصٍ وَضَعُوا قَصْدَ ٱللّٰهِ أَوَّلًا فِي حَيَاتِهِمْ وَأَشْخَاصٍ لَمْ يَفْعَلُوا ذلِكَ. وَٱلدُّرُوسُ ٱلْمُسْتَخْلَصَةُ مِنْ أَمْثِلَةٍ كَهذِهِ تَنْطَبِقُ عَلَى ٱلنَّاسِ مِنْ كُلِّ ٱلْأَعْمَارِ وَٱلْخَلْفِيَّاتِ وَٱلْأَوْضَاعِ. (روما ١٥:٤؛ ١ كورنثوس ١٠:٦، ١١) وَأَحَدُ ٱلْأَمْثِلَةِ ٱلرَّدِيئَةِ هُوَ مِثَالُ نِمْرُودَ ٱلَّذِي بَنَى مُدُنًا عَظِيمَةً، لكِنَّهُ كَانَ مُقَاوِمًا لِيَهْوَه. (تكوين ١٠:٨-١٢) بِٱلتَّبَايُنِ كَانَ هُنَالِكَ كَثِيرُونَ آخَرُونَ رَسَمُوا مِثَالًا جَيِّدًا. مَثَلًا، لَمْ يَجْعَلْ مُوسَى هَدَفَهُ ٱلْمُحَافَظَةَ عَلَى مَرْكَزِهِ كَأَحَدِ نُبَلَاءِ مِصْرَ. بَلِ ٱعْتَبَرَ ٱمْتِيَازَاتِهِ ٱلرُّوحِيَّةَ «غِنًى أَعْظَمَ مِنْ كُنُوزِ مِصْرَ». (عبرانيين ١١:٢٦) وَٱلْمِثَالُ ٱلْآخَرُ هُوَ ٱلطَّبِيبُ لُوقَا. فَصَحِيحٌ أَنَّهُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ سَاعَدَ بُولُسَ وَآخَرِينَ عَلَى ٱلشِّفَاءِ مِنْ أَمْرَاضِهِمْ، لكِنَّ أَفْضَلَ مُسَاعَدَةٍ قَدَّمَهَا هُوَ أَنَّهُ كَانَ مُبَشِّرًا وَأَحَدَ كَتَبَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. كَمَا أَنَّ بُولُسَ لَيْسَ مَعْرُوفًا بِكَوْنِهِ خَبِيرًا بِٱلشَّرِيعَةِ بَلْ بِأَنَّهُ مُرْسَلٌ، «رَسُولٌ لِلْأُمَمِ». — روما ١١:١٣.
١٧ وَمَا ٱلْقَوْلُ فِي دَاوُدَ؟ لَيْسَ أَوَّلُ مَا يَتَبَادَرُ إِلَى ذِهْنِنَا عَنْهُ هُوَ أَنَّهُ قَائِدٌ عَسْكَرِيٌّ أَوْ مُوسِيقِيٌّ أَوْ مُؤَلِّفٌ، بَلْ أَنَّهُ ‹رَجُلٌ يُوَافِقُ قَلْبَ› ٱللّٰهِ. (١ صموئيل ١٣:١٤) وَنَحْنُ لَا نَذْكُرُ دَانِيَالَ بِسَبَبِ عَمَلِهِ كَرَسْمِيٍّ حُكُومِيٍّ فِي بَابِلَ، بَلْ بِسَبَبِ خِدْمَتِهِ كَنَبِيٍّ وَلِيٍّ لِيَهْوَه. وَلَا يَخْطُرُ عَلَى بَالِنَا عِنْدَمَا نُفَكِّرُ فِي أَسْتِيرَ أَنَّهَا مَلِكَةٌ لِفَارِسَ، بَلْ أَنَّهَا مِثَالٌ لِلشَّجَاعَةِ وَٱلْإِيمَانِ؛ كَمَا أَنَّنَا لَا نَذْكُرُ بُطْرُسَ وَأَنْدَرَاوُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا كَصَيَّادِينَ نَاجِحِينَ، بَلْ كَرُسُلٍ لِيَسُوعَ. وَخَيْرُ مِثَالٍ هُوَ يَسُوعُ نَفْسُهُ ٱلَّذِي لَيْسَ فِي نَظَرِنَا «ٱلنَّجَّارَ»، بَلِ «ٱلْمَسِيحُ». (مرقس ٦:٣؛ متى ١٦:١٦) فَكُلُّ هؤُلَاءِ أَدْرَكُوا جَيِّدًا أَنَّهُ مَهْمَا كَانَتْ مَهَارَاتُهُمْ أَوْ مُقْتَنَيَاتُهُمْ أَوْ مَرَاكِزُهُمْ، فَإِنَّ حَيَاتَهُمْ يَجِبُ أَنْ تَتَمَحْوَرَ حَوْلَ خِدْمَتِهِمْ للّٰهِ وَلَيْسَ حَوْلَ مِهْنَتِهِمِ ٱلدُّنْيَوِيَّةِ. كَمَا عَرَفُوا أَنَّ ٱلْهَدَفَ ٱلْأَسْمَى وَٱلْأَكْثَرَ مَنْحًا لِلِٱكْتِفَاءِ ٱلَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَدَيْهِمْ هُوَ ٱلسَّعْيُ أَنْ يَكُونُوا أَشْخَاصًا أَتْقِيَاءَ.
١٨ كَيْفَ قَرَّرَ شَابٌّ مَسِيحِيٌّ أَنْ يَسْتَخْدِمَ حَيَاتَهُ، وَأَيُّ أَمْرٍ صَارَ يُدْرِكُهُ؟
١٨ هذَا مَا صَارَ يُدْرِكُهُ أَيْضًا سَنْڠْ جِين ٱلْمَذْكُورُ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ. يُوضِحُ قَائِلًا: «بَدَلًا مِنِ ٱسْتِنْزَافِ طَاقَاتِي فِي ٱلطِّبِّ أَوِ ٱلْفَنِّ أَوِ ٱلتَّعْلِيمِ ٱلدُّنْيَوِيِّ، صَمَّمْتُ أَنْ أَسْتَخْدِمَ حَيَاتِي بِٱنْسِجَامٍ مَعَ ٱنْتِذَارِي للّٰهِ. فَأَنَا ٱلْآنَ أَخْدُمُ حَيْثُ ٱلْحَاجَةُ أَعْظَمُ إِلَى مُعَلِّمِينَ لِلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، مُسَاعِدًا ٱلنَّاسَ أَنْ يَسِيرُوا فِي ٱلطَّرِيقِ ٱلْمُؤَدِّي إِلَى ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ. كُنْتُ أَظُنُّ فِي مَا مَضَى أَنَّ ٱلْخِدْمَةَ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ لَيْسَتْ مُمْتِعَةً. لكِنَّ ٱلْوَاقِعَ هُوَ أَنَّ حَيَاتِي ٱلْآنَ مُمْتِعَةٌ أَكْثَرَ مِنْ ذِي قَبْلٍ. فَأَنَا أُحَاوِلُ أَنْ أُحَسِّنَ شَخْصِيَّتِي وَقُدْرَتِي عَلَى تَعْلِيمِ أَشْخَاصٍ مِنْ خَلْفِيَّاتٍ مُتَنَوِّعَةٍ. وَأَعْتَقِدُ أَنَّ جَعْلَ قَصْدِ يَهْوَه هَدَفَنَا هُوَ طَرِيقَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلْوَحِيدَةُ ٱلَّتِي تَجْلُبُ ٱلِٱكْتِفَاءَ».
١٩ كَيْفَ يُمْكِنُنَا إِيجَادُ هَدَفٍ حَقِيقِيٍّ فِي ٱلْحَيَاةِ؟
١٩ لَقَدْ مُنِحْنَا نَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مَعْرِفَةً مُنْقِذَةً لِلْحَيَاةِ وَرَجَاءً بِٱلْخَلَاصِ. (يوحنا ١٧:٣) لِذلِكَ دَعُونَا ‹لَا نَقْبَلُ نِعْمَةَ ٱللّٰهِ وَنُخْطِئُ ٱلْقَصْدَ مِنْهَا›. (٢ كورنثوس ٦:١) بَلْ لِنَسْتَخْدِمْ أَيَّامَ وَسِنِي حَيَاتِنَا لِتَسْبِيحِ يَهْوَه. وَلْنَنْشُرِ ٱلْمَعْرِفَةَ ٱلَّتِي تَجْلُبُ سَعَادَةً حَقِيقِيَّةً ٱلْآنَ وَتُؤَدِّي إِلَى نَيْلِ حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ. وَإِذَا فَعَلْنَا ذلِكَ، فَسَنَلْمُسُ صِحَّةَ كَلِمَاتِ يَسُوعَ: «اَلسَّعَادَةُ فِي ٱلْعَطَاءِ أَكْثَرُ مِنْهَا فِي ٱلْأَخْذِ». (اعمال ٢٠:٣٥) وَهكَذَا، نَكُونُ قَدْ وَجَدْنَا هَدَفًا حَقِيقِيًّا فِي ٱلْحَيَاةِ.
[الحاشية]
a جَرَى تَغْيِيرُ بَعْضِ ٱلْأَسْمَاءِ.
هَلْ يُمْكِنُكُمْ أَنْ تُوضِحُوا؟
• مَا هُوَ أَسْمَى هَدَفٍ يُمْكِنُ أَنْ نَسْعَى إِلَيْهِ فِي ٱلْحَيَاةِ؟
• لِمَاذَا وَضْعُ ٱلْمَصَالِحِ ٱلْمَادِّيَّةِ أَوَّلًا لَيْسَ بِٱلْأَمْرِ ٱلصَّائِبِ؟
• مَا هِيَ «ٱلْحَيَاةُ ٱلْحَقِيقِيَّةُ» ٱلَّتِي يَعِدُ بِهَا ٱللّٰهُ؟
• كَيْفَ نَسْتَخْدِمُ حَيَاتَنَا بِٱنْسِجَامٍ مَعَ قَصْدِ ٱللّٰهِ؟
[الصورتان في الصفحة ١٨]
يَجِبُ أَنْ يَقُومَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ بِٱلتَّضْحِيَاتِ ٱلصَّحِيحَةِ