أَيَّ نَوْعٍ مِنَ ٱلْأَشْخَاصِ يَجِبُ أَنْ نَكُونَ؟
«أَيَّ أُنَاسٍ يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا فِي تَصَرُّفَاتٍ مُقَدَّسَةٍ وَأَعْمَالِ تَعَبُّدٍ لِلّٰهِ». — ٢ بط ٣:١١.
١، ٢ ‹أَيَّ نَوْعٍ مِنَ ٱلْأَشْخَاصِ يَجِبُ أَنْ نَكُونَ› كَيْ نَحْظَى بِرِضَى ٱللّٰهِ؟
إِنَّهُ لَمِنَ ٱلطَّبِيعِيِّ أَنْ نَهْتَمَّ بِنَظْرَةِ ٱلْآخَرِينَ إِلَيْنَا. وَلٰكِنْ أَلَا يَجِبُ أَنْ نَهْتَمَّ أَكْثَرَ نَحْنُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ بِرَأْيِ يَهْوَهَ فِينَا؟ فَهُوَ أَعْظَمُ شَخْصِيَّةٍ فِي ٱلْكَوْنِ وَعِنْدَهُ «يَنْبُوعُ ٱلْحَيَاةِ». — مز ٣٦:٩.
٢ وَلِيُشَدِّدَ ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ عَلَى أَيِّ نَوْعٍ مِنَ ٱلْأَشْخَاصِ ‹يَجِبُ أَنْ نَكُونَ› فِي نَظَرِ يَهْوَهَ، يَحُثُّنَا أَنْ نَنْهَمِكَ فِي «تَصَرُّفَاتٍ مُقَدَّسَةٍ وَأَعْمَالِ تَعَبُّدٍ لِلّٰهِ». (اقرأ ٢ بطرس ٣:١١.) فَلِكَيْ نَحْظَى بِرِضَى ٱللّٰهِ، يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ ‹تَصَرُّفَاتُنَا› مُقَدَّسَةً، أَيْ طَاهِرَةً أَدَبِيًّا وَعَقْلِيًّا وَرُوحِيًّا. كَمَا يَجِبُ أَنْ نُؤَدِّيَ «أَعْمَالَ تَعَبُّدٍ لِلّٰهِ» بِكُلِّ تَوْقِيرٍ وَوَلَاءٍ. إِذًا، لَا يَشْمُلُ ٱلسَّعْيُ إِلَى نَيْلِ رِضَاهُ سُلُوكَنَا فَحَسْبُ، بَلْ إِنْسَانَنَا ٱلدَّاخِلِيَّ أَيْضًا. وَبِمَا أَنَّ يَهْوَهَ هُوَ «فَاحِصُ ٱلْقَلْبِ»، فَهُوَ يَعْلَمُ مَا إِذَا كَانَتْ تَصَرُّفَاتُنَا مُقَدَّسَةً وَمَا إِذَا كُنَّا مُكَرَّسِينَ لَهُ كُلِّيًّا أَمْ لَا. — ١ اخ ٢٩:١٧.
٣ أَيُّ سُؤَالَيْنِ يَجِبُ أَنْ نَطْرَحَهُمَا عَلَى أَنْفُسِنَا فِي مَا يَخُصُّ عَلَاقَتَنَا بِٱللّٰهِ؟
٣ لَا يُرِيدُ ٱلشَّيْطَانُ إِبْلِيسُ أَنْ نَطْلُبَ نَيْلَ رِضَى ٱللّٰهِ. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، إِنَّهُ يَفْعَلُ ٱلْمُسْتَحِيلَ لِيَجْعَلَنَا نَتَخَلَّى عَنْ عَلَاقَتِنَا بِيَهْوَهَ. وَهُوَ لَا يَتَرَدَّدُ فِي ٱللُّجُوءِ إِلَى ٱلْكَذِبِ وَٱلْخِدَاعِ كَيْ يُضِلَّنَا وَيَجْرُفَنَا بَعِيدًا عَنِ ٱلْإِلٰهِ ٱلَّذِي نَعْبُدُهُ. (يو ٨:٤٤؛ ٢ كو ١١:١٣-١٥) لِذٰلِكَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ يَسْأَلَ كُلٌّ مِنَّا نَفْسَهُ: ‹كَيْفَ يَخْدَعُ ٱلشَّيْطَانُ ٱلنَّاسَ؟ وَمَاذَا يُمْكِنُنِي أَنْ أَفْعَلَ كَيْ أَصُونَ عَلَاقَتِي بِيَهْوَهَ؟›.
كَيْفَ يَخْدَعُ ٱلشَّيْطَانُ ٱلنَّاسَ؟
٤ مَاذَا يَسْتَهْدِفُ ٱلشَّيْطَانُ فِي مُحَاوَلَةٍ لِتَقْوِيضِ عَلَاقَتِنَا بِٱللّٰهِ؟
٤ كَتَبَ ٱلتِّلْمِيذُ يَعْقُوبُ: «كُلُّ وَاحِدٍ يُمْتَحَنُ إِذَا ٱجْتَذَبَتْهُ وَأَغْرَتْهُ شَهْوَتُهُ. ثُمَّ ٱلشَّهْوَةُ مَتَى خَصِبَتْ تَلِدُ خَطِيَّةً، وَٱلْخَطِيَّةُ مَتَى تَمَّتْ تُنْتِجُ مَوْتًا». (يع ١:١٤، ١٥) وَفِي مُحَاوَلَةٍ لِتَقْوِيضِ عَلَاقَتِنَا بِٱللّٰهِ، يَسْتَهْدِفُ ٱلشَّيْطَانُ قَلْبَنَا ٱلَّذِي هُوَ مَصْدَرُ رَغَبَاتِنَا.
٥، ٦ (أ) كَيْفَ يَسْتَهْدِفُنَا ٱلشَّيْطَانُ؟ (ب) أَيَّةُ إِغْرَاءَاتٍ يَسْتَخْدِمُهَا ٱلشَّيْطَانُ كَيْ يُفْسِدَ رَغَبَاتِ قَلْبِنَا، وَإِلَى أَيِّ حَدٍّ هُوَ خَبِيرٌ فِي ذٰلِكَ؟
٥ وَكَيْفَ يَسْتَهْدِفُ ٱلشَّيْطَانُ قَلْبَنَا؟ يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «اَلْعَالَمُ كُلُّهُ . . . هُوَ تَحْتَ سُلْطَةِ ٱلشِّرِّيرِ». (١ يو ٥:١٩) وَتَشْمُلُ أَسْلِحَةُ ٱلشَّيْطَانِ «مَا فِي ٱلْعَالَمِ». (اقرأ ١ يوحنا ٢:١٥، ١٦.) فَعَلَى مَرِّ ٱلْعُصُورِ، صَاغَ إِبْلِيسُ بِبَرَاعَةٍ ٱلْعَالَمَ ٱلْمُحِيطَ بِنَا. لِذَا، عَلَيْنَا أَنْ نَحْتَرِزَ مِنْ مُخَطَّطَاتِهِ ٱلْمَاكِرَةِ. — يو ١٧:١٥.
٦ وَيَسْتَخْدِمُ ٱلشَّيْطَانُ ٱلْإِغْرَاءَاتِ بِهَدَفِ إِفْسَادِ رَغَبَاتِ ٱلْقَلْبِ. وَيُحَدِّدُ ٱلرَّسُولُ يُوحَنَّا ثَلَاثَةً مِنْهَا: (١) «شَهْوَةَ ٱلْجَسَدِ»، (٢) «شَهْوَةَ ٱلْعُيُونِ»، وَ (٣) «ٱلتَّبَاهِيَ بِٱلْمَعِيشَةِ». وَقَدِ ٱسْتَخْدَمَهَا لِيُجَرِّبَ يَسُوعَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ. وَنَتِيجَةَ خِبْرَتِهِ ٱلطَّوِيلَةِ، يَسْتَخْدِمُهَا ٱلْيَوْمَ بِفَعَّالِيَّةٍ، مُكَيِّفًا أُسْلُوبَهُ بِحَسَبِ مُيُولِ ٱلشَّخْصِ. وَلٰكِنْ قَبْلَ أَنْ نَعْرِفَ كَيْفَ نَحْمِي أَنْفُسَنَا مِنْ هٰذِهِ ٱلْإِغْرَاءَاتِ، لِنَرَ كَيْفَ نَجَحَ ٱلشَّيْطَانُ فِي كَسْرِ ٱسْتِقَامَةِ حَوَّاءَ بِٱسْتِخْدَامِ هٰذِهِ ٱلْإِغْرَاءَاتِ فِي حِينِ أَنَّهُ فَشِلَ فِي حَالَةِ ٱبْنِ ٱللّٰهِ.
«شَهْوَةُ ٱلْجَسَدِ»
٧ كَيْفَ ٱسْتَعْمَلَ ٱلشَّيْطَانُ «شَهْوَةَ ٱلْجَسَدِ» لِيُجَرِّبَ حَوَّاءَ؟
٧ إِنَّ ٱلْحَاجَةَ إِلَى ٱلطَّعَامِ هِيَ مِنَ ٱلْمُتَطَلَّبَاتِ ٱلْأَسَاسِيَّةِ لِلْحَيَاةِ. وَقَدْ صَمَّمَ ٱلْخَالِقُ ٱلْأَرْضَ لِتُنْتِجَ ٱلطَّعَامَ بِوَفْرَةٍ. لٰكِنَّ ٱلشَّيْطَانَ قَدْ يَسْتَغِلُّ هٰذِهِ ٱلرَّغْبَةَ ٱلطَّبِيعِيَّةَ كَيْ يُقْصِيَنَا عَنْ فِعْلِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ. تَأَمَّلْ كَيْفَ فَعَلَ ذٰلِكَ مَعَ حَوَّاءَ. (اقرإ التكوين ٣:١-٦.) فَقَدْ أَخْبَرَهَا أَنَّهَا لَنْ تَمُوتَ إِنْ أَكَلَتْ مِنْ ثَمَرِ «شَجَرَةِ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ»، وَأَنَّهَا يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا، تَصِيرُ كَٱللّٰهِ. (تك ٢:٩) وَبِهٰذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ، لَمَّحَ لَهَا أَنَّهَا لَيْسَتْ بِحَاجَةٍ أَنْ تُطِيعَ ٱللّٰهَ كَيْ تَحْيَا. وَكَمْ كَانَتْ هٰذِهِ كِذْبَةً سَافِرَةً! وَحَالَمَا زُرِعَتِ ٱلْفِكْرَةُ فِي عَقْلِ حَوَّاءَ، كَانَ أَمَامَهَا خِيَارَانِ: إِمَّا أَنْ تَرْفُضَهَا أَوْ أَنْ تُدَاوِمَ عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ فِيهَا، سَامِحَةً لِرَغْبَتِهَا فِي ٱلثَّمَرَةِ أَنْ تَقْوَى. وَلٰكِنْ مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَتَنَاوَلَ مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ، ٱخْتَارَتْ أَنْ تُفَكِّرَ فِي مَا قَالَهُ ٱلشَّيْطَانُ عَنِ ٱلشَّجَرَةِ ٱلَّتِي فِي وَسَطِ ٱلْجَنَّةِ. ‹فأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ›. وَهٰكَذَا أَثَارَ فِيهَا ٱلشَّيْطَانُ رَغْبَةً فِي فِعْلِ شَيْءٍ حَرَّمَهُ خَالِقُهَا.
٨ كَيْفَ حَاوَلَ ٱلشَّيْطَانُ أَنْ يُجَرِّبَ يَسُوعَ مِنْ خِلَالِ «شَهْوَةِ ٱلْجَسَدِ»، وَلِمَ فَشِلَتْ هٰذِهِ ٱلتَّجْرِبَةُ؟
٨ اِسْتَخْدَمَ ٱلشَّيْطَانُ ٱلْمُخَطَّطَ نَفْسَهُ حِينَ حَاوَلَ أَنْ يُجَرِّبَ يَسُوعَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ. فَبَعْدَ أَنْ صَامَ ٱبْنُ ٱللّٰهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، حَاوَلَ أَنْ يَسْتَغِلَّ رَغْبَتَهُ فِي ٱلطَّعَامِ قَائِلًا لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ٱبْنَ ٱللّٰهِ، فَقُلْ لِهٰذَا ٱلْحَجَرِ أَنْ يَصِيرَ رَغِيفَ خُبْزٍ». (لو ٤:١-٣) فَكَانَ أَمَامَ يَسُوعَ خِيَارَانِ: إِمَّا أَنْ يَسْتَعْمِلَ قُدْرَتَهُ ٱلْعَجَائِبِيَّةَ لِإِشْبَاعِ حَاجَتِهِ إِلَى ٱلطَّعَامِ أَوْ أَلَّا يَسْتَعْمِلَهَا. وَبِمَا أَنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ أَنْ يَسْتَخْدِمَ قِوَاهُ لِأَغْرَاضٍ أَنَانِيَّةٍ، فَهُوَ لَمْ يَعْتَبِرْ سَدَّ جُوعِهِ أَهَمَّ مِنَ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى عَلَاقَتِهِ بِيَهْوَهَ. فَأَجَابَ ٱلشَّيْطَانَ قَائِلًا: «مَكْتُوبٌ: ‹لَا يَحْيَ ٱلْإِنْسَانُ بِٱلْخُبْزِ وَحْدَهُ›». — لو ٤:٤.
«شَهْوَةُ ٱلْعُيُونِ»
٩ إِلَامَ تُشِيرُ عِبَارَةُ «شَهْوَةِ ٱلْعُيُونِ»، وَكَيْفَ ٱسْتَغَلَّ ٱلشَّيْطَانُ هٰذِهِ ٱلرَّغْبَةَ فِي حَالَةِ حَوَّاءَ؟
٩ مِنْ بَيْنِ ٱلْإِغْرَاءَاتِ ٱلَّتِي عَدَّدَهَا يُوحَنَّا، أَتَى عَلَى ذِكْرِ «شَهْوَةِ ٱلْعُيُونِ». وَتُشِيرُ هٰذِهِ ٱلْعِبَارَةُ إِلَى أَنَّ ٱلشَّخْصَ قَدْ يَبْدَأُ بِٱشْتِهَاءِ شَيْءٍ مَا بِمُجَرَّدِ ٱلنَّظَرِ إِلَيْهِ. فِي حَالَةِ حَوَّاءَ، ٱسْتَغَلَّ ٱلشَّيْطَانُ هٰذِهِ ٱلرَّغْبَةَ حِينَ قَالَ لَهَا: «تَنْفَتِحُ أَعْيُنُكُمَا». وَكُلَّمَا نَظَرَتْ حَوَّاءُ إِلَى ٱلثَّمَرَةِ ٱلْمُحَرَّمَةِ أَكْثَرَ، صَارَتْ جَذَّابَةً بِٱلنِّسْبَةِ إِلَيْهَا أَكْثَرَ. فرَأَتْ أَنَّ ٱلشَّجَرَةَ «شَهِيَّةٌ لِلْعُيُونِ».
١٠ كَيْفَ ٱسْتَخْدَمَ ٱلشَّيْطَانُ «شَهْوَةَ ٱلْعُيُونِ» لِيُجَرِّبَ يَسُوعَ، وَكَيْفَ كَانَ تَجَاوُبُ ٱبْنِ ٱللّٰهِ؟
١٠ وَمَاذَا عَنْ يَسُوعَ؟ لَقَدْ «أَرَاهُ [ٱلشَّيْطَانُ] جَمِيعَ مَمَالِكِ ٱلْمَسْكُونَةِ فِي لَحْظَةٍ مِنَ ٱلزَّمَانِ. وَقَالَ لَهُ: ‹أُعْطِيكَ هٰذَا ٱلسُّلْطَانَ كُلَّهُ وَمَجْدَ هٰذِهِ ٱلْمَمَالِكِ›». (لو ٤:٥، ٦) طَبْعًا، لَمْ يَرَ يَسُوعُ بِعَيْنَيْهِ ٱلْحَرْفِيَّتَيْنِ جَمِيعَ ٱلْمَمَالِكِ فِي لَحْظَةٍ وَاحِدَةٍ. وَلٰكِنْ لَا بُدَّ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ شَعَرَ أَنَّ مُشَاهَدَةَ مَجْدِ هٰذِهِ ٱلْمَمَالِكِ فِي رُؤْيَا سَتَجْذِبُ يَسُوعَ بَعْضَ ٱلشَّيْءِ. وَبِكُلِّ وَقَاحَةٍ، قَدَّمَ لَهُ ٱلْعَرْضَ ٱلتَّالِيَ: «إِنْ أَنْتَ قُمْتَ بِعَمَلِ عِبَادَةٍ أَمَامِي، يَكُونُ لَكَ كُلُّهُ». (لو ٤:٧) فَأَبَى يَسُوعُ بِأَيِّ شَكْلٍ مِنَ ٱلْأَشْكَالِ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَوْعِ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلَّذِي أَرَادَهُ ٱلشَّيْطَانُ. فَرَدَّ عَلَيْهِ فَوْرًا: «مَكْتُوبٌ: ‹يَهْوَهَ إِلٰهَكَ تَعْبُدُ، وَلَهُ وَحْدَهُ تُؤَدِّي خِدْمَةً مُقَدَّسَةً›». — لو ٤:٨.
«اَلتَّبَاهِي بِٱلْمَعِيشَةِ»
١١ كَيْفَ أَغْرَى ٱلشَّيْطَانُ حَوَّاءَ؟
١١ فِي حَدِيثِ يُوحَنَّا عَنِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلَّتِي فِي ٱلْعَالَمِ، ذَكَرَ «ٱلتَّبَاهِيَ بِٱلْمَعِيشَةِ». طَبْعًا، لَمْ يَكُنْ مُمْكِنًا لآِدَمَ وَحَوَّاءَ أَنْ ‹يَتَبَاهَيَا بِٱلْمَعِيشَةِ› أَمَامَ ٱلْآخَرِينَ لِأَنَّهُمَا كَانَا ٱلْإِنْسَانَيْنِ ٱلْوَحِيدَيْنِ عَلَى ٱلْأَرْضِ. وَلٰكِنَّهُمَا أَعْرَبَا عَنْ صِفَةِ ٱلْكِبْرِيَاءِ ٱلَّتِي تُوَلِّدُ ٱلْمَيْلَ إِلَى ٱلتَّبَاهِي بِٱلْمَعِيشَةِ. فَعِنْدَمَا جَرَّبَ ٱلشَّيْطَانُ حَوَّاءَ، لَمَّحَ أَنَّ ٱللّٰهَ حَرَمَهَا مِنْ أَمْرٍ رَائِعٍ. فَقَدْ أَخْبَرَهَا أَنَّهَا يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْ «شَجَرَةِ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ»، ‹تَصِيرُ كَٱللّٰهِ، عَارِفَةً ٱلْخَيْرَ وَٱلشَّرَّ›. (تك ٢:١٧؛ ٣:٥) وَهٰكَذَا، لَمَّحَ إِلَى أَنَّ بِإِمْكَانِهَا أَنْ تَنَالَ ٱلِٱسْتِقْلَالَ عَنْ يَهْوَهَ. وَكَانَتِ ٱلْكِبْرِيَاءُ عَلَى مَا يَبْدُو أَحَدَ ٱلْعَوَامِلِ ٱلَّتِي جَعَلَتْهَا تُصَدِّقُ ٱلْكِذْبَةَ. فَأَكَلَتْ مِنَ ٱلثَّمَرَةِ ٱلْمُحَرَّمَةِ، مُعْتَقِدَةً أَنَّهَا لَنْ تَمُوتَ. وَلٰكِنْ، كَمْ كَانَتْ مُخْطِئَةً!
١٢ مَا هِيَ إِحْدَى ٱلطَّرَائِقِ ٱلَّتِي حَاوَلَ بِهَا ٱلشَّيْطَانُ أَنْ يُجَرِّبَ يَسُوعَ، وَكَيْفَ تَجَاوَبَ هٰذَا ٱلْأَخِيرُ؟
١٢ بِٱلتَّبَايُنِ، يَا لَلْمِثَالِ ٱلرَّائِعِ ٱلَّذِي رَسَمَهُ يَسُوعُ فِي ٱلتَّوَاضُعِ! فَقَدْ حَاوَلَ ٱلشَّيْطَانُ أَنْ يُغْرِيَهُ بِطَرِيقَةٍ أُخْرَى. إِلَّا أَنَّهُ رَفَضَ حَتَّى فِكْرَةَ ٱلْقِيَامِ بِأَمْرٍ قَدْ يَمْتَحِنُ بِهِ ٱللّٰهَ، إِذْ عَرَفَ أَنَّ ذٰلِكَ يَكُونُ عَمَلًا يَنِمُّ عَنِ ٱلْكِبْرِيَاءِ. بِٱلْأَحْرَى، كَانَ جَوَابُهُ وَاضِحًا وَمُبَاشِرًا: «قَدْ قِيلَ: ‹لَا تَمْتَحِنْ يَهْوَهَ إِلٰهَكَ›». — اقرأ لوقا ٤:٩-١٢.
كَيْفَ نَصُونُ عَلَاقَتَنَا بِيَهْوَهَ؟
١٣، ١٤ كَيْفَ يَسْتَغِلُّ ٱلشَّيْطَانُ ٱلْإِغْرَاءَاتِ ٱلْيَوْمَ؟
١٣ اَلْيَوْمَ، يَلْجَأُ ٱلشَّيْطَانُ إِلَى إِغْرَاءَاتٍ مُمَاثِلَةٍ لِتِلْكَ ٱلَّتِي ٱسْتَخْدَمَهَا مَعَ حَوَّاءَ وَيَسُوعَ. فَهُوَ يَسْتَغِلُّ «شَهْوَةَ ٱلْجَسَدِ» حِينَ يَسْتَخْدِمُ عَالَمَهُ لِتَرْوِيجِ ٱلْفَسَادِ ٱلْأَدَبِيِّ وَٱلْإِفْرَاطِ فِي ٱلْأَكْلِ وَٱلْإِسْرَافِ فِي ٱلشُّرْبِ. كَمَا يَسْتَغِلُّ «شَهْوَةَ ٱلْعُيُونِ» حِينَ يُحَاوِلُ أَنْ يَسْتَرْعِيَ ٱنْتِبَاهَ مُشَاهِدٍ غَافِلٍ بِوَاسِطَةِ ٱلْفَنِّ ٱلْإِبَاحِيِّ، وَخُصُوصًا عَلَى ٱلْإِنْتِرْنِت. وَكَمْ تُشَكِّلُ ٱلْمَادِّيَّةُ، ٱلسُّلْطَةُ، وَٱلشُّهْرَةُ إِغْرَاءً لَا يُقَاوَمُ لِلْمُتَكَبِّرِينَ وَٱلَّذِينَ لَدَيْهِمْ مَيْلٌ إِلَى ‹ٱلتَّبَاهِي بِمَعِيشَتِهِمْ›!
١٤ تُشْبِهُ ٱلْأَشْيَاءُ ٱلَّتِي فِي ٱلْعَالَمِ طُعُومَ صَيَّادِ ٱلسَّمَكِ. فَعَلَى ٱلرَّغْمِ مِنْ أَنَّهَا جَذَّابَةٌ، فَإِنَّ كُلَّ طُعْمٍ يَكُونُ مُعَلَّقًا بِصِنَّارَةٍ. فَٱلشَّيْطَانُ يَسْتَعْمِلُ مَا يَرَاهُ ٱلنَّاسُ حَاجَةً طَبِيعِيَّةً لِجَعْلِهِمْ يَفْعَلُونَ مَا يُخَالِفُ شَرِيعَةَ ٱللّٰهِ. بَيْدَ أَنَّ هَدَفَ هٰذِهِ ٱلتَّجَارِبِ ٱلْمَاكِرَةِ هُوَ ٱلتَّأْثِيرُ فِي رَغَبَاتِنَا وَإِفْسَادُ قَلْبِنَا. فَهِيَ فِي ٱلْوَاقِعِ مُصَمَّمَةٌ لِتُوهِمَنَا أَنَّ ٱلِٱهْتِمَامَ بِحَاجَاتِنَا ٱلشَّخْصِيَّةِ وَوَسَائِلِ رَاحَتِنَا أَهَمُّ مِنْ فِعْلِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ. فَهَلْ نَسْتَسْلِمُ لِهٰذِهِ ٱلْإِغْرَاءَاتِ؟
١٥ كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِيَسُوعَ فِي مُقَاوَمَةِ تَجَارِبِ ٱلشَّيْطَانِ؟
١٥ فِي حِينِ أَنَّ حَوَّاءَ ٱسْتَسْلَمَتْ لِتَجَارِبِ ٱلشَّيْطَانِ، نَجَحَ يَسُوعُ فِي مُقَاوَمَتِهَا. فَفِي كُلِّ مَرَّةٍ، أَعْطَى جَوَابًا مُؤَسَّسًا عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ قَائِلًا: «مَكْتُوبٌ» أَوْ «قَدْ قِيلَ». نَحْنُ أَيْضًا، إِذَا دَرَسْنَا ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ بِٱجْتِهَادٍ، فَسَنَكُونُ مُلِمِّينَ جَيِّدًا بِهَا وَنَسْتَطِيعُ أَنْ نَسْتَحْضِرَ إِلَى ذِهْنِنَا ٱلْآيَاتِ ٱلَّتِي تُسَاعِدُنَا أَنْ نُبْقِيَ تَفْكِيرَنَا قَوِيمًا أَثْنَاءَ ٱلتَّجْرِبَةِ. (مز ١:١، ٢) كَمَا أَنَّ تَذَكُّرَ أَمْثِلَةٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ عَنْ أَفْرَادٍ أُمَنَاءَ كَانُوا أَوْلِيَاءَ لِلّٰهِ يُسَاعِدُنَا أَنْ نَتَمَثَّلَ بِهِمْ. (رو ١٥:٤) أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ أَنَّ تَوْقِيرَ يَهْوَهَ، أَيْ مَحَبَّةَ مَا يُحِبُّهُ وَبُغْضَ مَا يُبْغِضُهُ، يَحْفَظُنَا. — مز ٩٧:١٠.
١٦، ١٧ أَيُّ أَثَرٍ هُنَالِكَ ‹لِقُوَّتِنَا ٱلْعَقْلِيَّةِ› عَلَى نَوْعِ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ؟
١٦ يُشَجِّعُنَا ٱلرَّسُولُ بُولُسُ أَنْ نَسْتَعْمِلَ ‹قُوَّتَنَا ٱلْعَقْلِيَّةَ› كَيْ نُصْبِحَ أَشْخَاصًا يَصُوغُهُمْ فِكْرُ ٱللّٰهِ، لَا فِكْرُ ٱلْعَالَمِ. (رو ١٢:١، ٢) وَيُشَدِّدُ عَلَى ٱلْحَاجَةِ إِلَى ٱلتَّحَكُّمِ جَيِّدًا بِمَا نَسْمَحُ لِأَنْفُسِنَا أَنْ نُفَكِّرَ فِيهِ، قَائِلًا: «نَحْنُ نَهْدِمُ أَفْكَارًا وَكُلَّ شَامِخٍ يُرْفَعُ ضِدَّ مَعْرِفَةِ ٱللّٰهِ، وَنَأْسِرُ كُلَّ فِكْرٍ لِنُصَيِّرَهُ طَائِعًا لِلْمَسِيحِ». (٢ كو ١٠:٥) نَعَمْ، إِنَّ لِأَفْكَارِنَا أَثَرًا كَبِيرًا فِي نَوْعِ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلَّذِي نَحْنُ عَلَيْهِ. لِذَا، يَنْبَغِي أَنْ ‹نُفَكِّرَ دَائِمًا› فِي مَا هُوَ بَنَّاءٌ. — في ٤:٨.
١٧ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَتَوَقَّعَ أَنْ نَكُونَ مُقَدَّسِينَ إِذَا كُنَّا نُغَذِّي عُقُولَنَا بِأَفْكَارٍ وَرَغَبَاتٍ خَاطِئَةٍ. فَعَلَيْنَا أَنْ نُحِبَّ يَهْوَهَ بِـ «قَلْبٍ طَاهِرٍ». (١ تي ١:٥) لٰكِنَّ ٱلْقَلْبَ غَدَّارٌ، حَتَّى إِنَّنَا قَدْ لَا نُدْرِكُ إِلَى أَيِّ حَدٍّ تُؤَثِّرُ فِينَا ٱلْأَشْيَاءُ ٱلَّتِي فِي ٱلْعَالَمِ. (ار ١٧:٩) لِذَا، يَجِبُ أَنْ ‹نُدَاوِمَ عَلَى ٱمْتِحَانِ أَنْفُسِنَا هَلْ نَحْنُ فِي ٱلْإِيمَانِ وَنُدَاوِمَ عَلَى ٱخْتِبَارِ أَنْفُسِنَا›، وَذٰلِكَ مِنْ خِلَالِ فَحْصِ ٱلذَّاتِ بِصِدْقٍ عَلَى ضَوْءِ مَا نَتَعَلَّمُهُ مِنَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. — ٢ كو ١٣:٥.
١٨، ١٩ لِمَ يَجِبُ أَنْ نُصَمِّمَ أَنْ نَكُونَ مِنْ نَوْعِ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلَّذِي يُرِيدُهُ يَهْوَهُ؟
١٨ وَثَمَّةَ عَامِلٌ آخَرُ يُسَاعِدُنَا أَنْ نُقَاوِمَ ٱلْأَشْيَاءَ ٱلَّتِي فِي ٱلْعَالَمِ، أَلَا وَهُوَ إِبْقَاءُ كَلِمَاتِ يُوحَنَّا ٱلْمُوحَى بِهَا فِي ذِهْنِنَا: «اَلْعَالَمُ يَزُولُ وَكَذٰلِكَ شَهْوَتُهُ، وَأَمَّا ٱلَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ فَيَبْقَى إِلَى ٱلْأَبَدِ». (١ يو ٢:١٧) فَصَحِيحٌ أَنَّ نِظَامَ ٱلشَّيْطَانِ يَبْدُو دَائِمًا وَحَقِيقِيًّا، إِلَّا أَنَّهُ سَيَزُولُ يَوْمًا مَا. وَإِنْ تَذَكَّرْنَا أَنْ لَا شَيْءَ يُقَدِّمُهُ لَنَا عَالَمُ ٱلشَّيْطَانِ هُوَ دَائِمٌ، فَلَنْ نَنْجَرَّ وَرَاءَ إِغْرَاءَاتِ إِبْلِيسَ.
١٩ يَحُثُّنَا ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ أَنْ نَكُونَ أَشْخَاصًا يَرْضَى عَنْهُمُ ٱللّٰهُ، «مُنْتَظِرِينَ وَمُبْقِينَ حُضُورَ يَوْمِ يَهْوَهَ قَرِيبًا فِي ٱلذِّهْنِ، ٱلْيَوْمِ ٱلَّذِي بِهِ تَنْحَلُّ ٱلسَّمٰوَاتُ مُحْتَرِقَةً وَتَذُوبُ ٱلْعَنَاصِرُ حَامِيَةً». (٢ بط ٣:١٢) وَفِي ٱلْقَرِيبِ ٱلْعَاجِلِ، سَيَأْتِي هٰذَا ٱلْيَوْمُ حِينَ يُدَمِّرُ يَهْوَهُ كُلَّ جُزْءٍ مِنْ عَالَمِ ٱلشَّيْطَانِ. حَتَّى ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ، سَيَظَلُّ إِبْلِيسُ يَسْتَخْدِمُ «مَا فِي ٱلْعَالَمِ» لِيُجَرِّبَنَا، كَمَا فَعَلَ مَعَ حَوَّاءَ وَيَسُوعَ. فَلَا نَكُنْ كَحَوَّاءَ وَنُحَاوِلْ إِشْبَاعَ رَغَبَاتِنَا ٱلْخَاصَّةِ. فَفِعْلُ ذٰلِكَ يَكُونُ مُعَادِلًا لِلِٱعْتِرَافِ بِٱلشَّيْطَانِ كِإِلٰهٍ لَنَا. بِٱلْأَحْرَى، لِنَكُنْ كَيَسُوعَ وَنُقَاوِمِ ٱلْإِغْرَاءَاتِ، بِغَضِّ ٱلنَّظَرِ عَنْ مَدَى جَاذِبِيَّتِهَا. فَلْيُصَمِّمْ كُلٌّ مِنَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ نَوْعِ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلَّذِي يُرِيدُهُ يَهْوَهُ.