اَلْفَصْلُ ٱلثَّانِي وَٱلْعِشْرُونَ
بَقِيَ وَلِيًّا فِي وَجْهِ ٱلِٱمْتِحَانَاتِ
١، ٢ مَاذَا تَمَنَّى بُطْرُسُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِيمَا كَانَ يَسُوعُ يُعَلِّمُ فِي كَفَرْنَاحُومَ، وَلٰكِنْ مَاذَا حَدَثَ؟
رَاحَ بُطْرُسُ يُحَمْلِقُ بِقَلَقٍ فِي وُجُوهِ ٱلْحَاضِرِينَ وَهُمْ يَسْتَمِعُونَ إِلَى يَسُوعَ يُعَلِّمُهُمْ فِي ٱلْمَجْمَعِ بِكَفَرْنَاحُومَ، هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلْوَاقِعَةِ عَلَى ٱلشَّاطِئِ ٱلشَّمَالِيِّ لِبَحْرِ ٱلْجَلِيلِ. إِنَّهَا مَكَانُ إِقَامَةِ بُطْرُسَ وَمَقَرُّ عَمَلِهِ فِي صَيْدِ ٱلسَّمَكِ وَفِيهَا يَعِيشُ ٱلْكَثِيرُ مِنْ أَصْدِقَائِهِ وَأَقَارِبِهِ وَمَعَارِفِهِ فِي ٱلْعَمَلِ. كَمْ تَمَنَّى لَوْ أَنَّ أَبْنَاءَ مَدِينَتِهِ يَرَوْنَ يَسُوعَ كَمَا يَرَاهُ هُوَ وَيُشَاطِرُونَهُ فَرْحَتَهُ بِٱلتَّعَلُّمِ عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ مِنْ أَعْظَمِ ٱلْمُعَلِّمِينَ أَجْمَعِينَ! وَلٰكِنْ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، يَبْدُو أَنَّ أُمْنِيَتَهُ هٰذِهِ كَانَتْ حُلْمًا بَعِيدَ ٱلْمَنَالِ.
٢ فَقَدْ كَفَّ عَدِيدُونَ عَنِ ٱلِٱسْتِمَاعِ إِلَى يَسُوعَ. وَأَخَذَ ٱلْبَعْضُ يَتَذَمَّرُونَ بِصَوْتٍ مَسْمُوعٍ، مُعْتَرِضِينَ عَلَى فَحْوَى رِسَالَتِهِ. لٰكِنَّ أَكْثَرَ مَا ضَايَقَ بُطْرُسَ كَانَ رَدَّ فِعْلِ عَدَدٍ مِنَ ٱلتَّلَامِيذِ. فَوُجُوهُهُمْ مَا عَادَتْ تَعْكِسُ ٱلْفَرَحَ ٱلنَّاجِمَ عَنْ مَعْرِفَةِ ٱلْحَقِّ مِنْ يَسُوعَ وَٱلِٱسْتِنَارَةِ بِٱلتَّعَالِيمِ ٱلْجَدِيدَةِ. فَهُمْ بَدَوْا مُنْزَعِجِينَ بَلْ مُمْتَعِضِينَ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَيْضًا إِنَّ كَلَامَهُ فَظِيعٌ. وَإِذْ لَمْ يَرْغَبُوا فِي سَمَاعِ ٱلْمَزِيدِ، تَرَكُوا ٱلْمَجْمَعَ وَكَذٰلِكَ تَرَكُوا يَسُوعَ. — اقرأ يوحنا ٦:٦٠، ٦٦.
٣ عَلَامَ سَاعَدَ ٱلْإِيمَانُ بُطْرُسَ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ؟
٣ يَا لَهُ مِنْ مَوْقِفٍ صَعْبٍ مَرَّ بِهِ بُطْرُسُ وَرُفَقَاؤُهُ ٱلرُّسُلُ! فَهُوَ أَيْضًا لَمْ يَسْتَوْعِبْ كَامِلًا مَغْزَى كَلِمَاتِ يَسُوعَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ. وَأَدْرَكَ حَتْمًا أَنَّهَا قَدْ تَبْدُو مُنَفِّرَةً إِذَا مَا أُخِذَتْ بِحَرْفِيَّتِهَا. فَكَيْفَ تَصَرَّفَ؟ لَمْ تَكُنْ هٰذِهِ لَا أَوَّلَ وَلَا آخِرَ مَرَّةٍ يُمْتَحَنُ فِيهَا وَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ. فَلْنَرَ كَيْفَ سَاعَدَهُ ٱلْإِيمَانُ أَنْ يَتَخَطَّى ٱلتَّحَدِّيَاتِ وَيَبْقَى وَلِيًّا.
بَقِيَ وَلِيًّا حَيْثُ أَخْفَقَ ٱلْآخَرُونَ
٤، ٥ كَيْفَ كَانَتْ تَصَرُّفَاتُ يَسُوعَ تُخَالِفُ تَوَقُّعَاتِ ٱلنَّاسِ؟
٤ كَثِيرًا مَا وَجَدَ بُطْرُسُ نَفْسَهُ فِي حَيْرَةٍ مِنْ أَمْرِ يَسُوعَ. فَأَقْوَالُ سَيِّدِهِ وَتَصَرُّفَاتُهُ كَانَتْ تُفَاجِئُ ٱلنَّاسَ وَتُخَالِفُ تَوَقُّعَاتِهِمْ فِي أَحْيَانٍ عَدِيدَةٍ. فَقَبْلَ مُجَرَّدِ يَوْمٍ مِنَ ٱلْحَادِثَةِ ٱلْمَذْكُورَةِ آنِفًا، أَطْعَمَ يَسُوعُ عَجَائِبِيًّا جَمْعًا يُعَدُّ بِٱلْآلَافِ. وَلَمَّا أَرَادُوا تَنْصِيبَهُ مَلِكًا، فَاجَأَهُمْ حِينَ ٱنْسَحَبَ مِنْ بَيْنِهِمْ وَطَلَبَ مِنْ تَلَامِيذِهِ أَنْ يَأْخُذُوا مَرْكَبًا وَيُبْحِرُوا إِلَى كَفَرْنَاحُومَ. وَفِيمَا رَاحَ ٱلتَّلَامِيذُ يَشُقُّونَ مِيَاهَ ٱلْبَحْرِ فِي عَتَمَةِ ٱللَّيْلِ، فَاجَأَهُمْ مُجَدَّدًا عِنْدَمَا مَشَى عَلَى مِيَاهِ بَحْرِ ٱلْجَلِيلِ ٱلْهَائِجَةِ وَلَقَّنَ بُطْرُسَ دَرْسًا مُهِمًّا فِي ٱلْإِيمَانِ.
٥ وَفِي ٱلصَّبَاحِ، سُرْعَانَ مَا تَبَيَّنَ أَنَّ ٱلْجُمُوعَ ٱسْتَقَلُّوا مَرَاكِبَهُمْ وَلَحِقُوا بِهِمْ. وَلٰكِنْ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّهُمْ لَمْ يَشْعُرُوا بِجُوعٍ إِلَى ٱلْحَقَائِقِ ٱلرُّوحِيَّةِ بَلْ أَرَادُوا ٱلْحُصُولَ عَجَائِبِيًّا عَلَى ٱلْمَزِيدِ مِنَ ٱلطَّعَامِ. لِذٰلِكَ وَبَّخَهُمْ يَسُوعُ عَلَى تَفْكِيرِهِمِ ٱلْمَادِّيِّ. (يو ٦:٢٥-٢٧) وَقَدِ ٱسْتَمَرَّ هٰذَا ٱلنِّقَاشُ فِي ٱلْمَجْمَعِ بِكَفَرْنَاحُومَ، حَيْثُ خَالَفَ يَسُوعُ مَرَّةً أُخْرَى تَوَقُّعَاتِ سَامِعِيهِ فِيمَا سَعَى إِلَى تَعْلِيمِهِمْ حَقِيقَةً صَعْبَةً وَلٰكِنْ بَالِغَةُ ٱلْأَهَمِّيَّةِ.
٦ أَيُّ مَثَلٍ ٱسْتَخْدَمَهُ يَسُوعُ، وَمَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ ٱلسَّامِعِينَ؟
٦ لَمْ يُرِدْ يَسُوعُ أَنْ يَعْتَبِرَهُ ٱلنَّاسُ مَصْدَرًا لِلطَّعَامِ ٱلْجَسَدِيِّ بَلْ تَدْبِيرًا رُوحِيًّا مِنَ ٱللّٰهِ بِوَصْفِهِ ٱلشَّخْصَ ٱلَّذِي سَيَمْنَحُهُمْ بِحَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ رَجَاءَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ. وَلِإِيضَاحِ هٰذِهِ ٱلْفِكْرَةِ شَبَّهَ نَفْسَهُ بِٱلْمَنِّ، ٱلْخُبْزِ ٱلَّذِي نَزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاءِ أَيَّامَ مُوسَى. وَلَمَّا ٱعْتَرَضَ ٱلْبَعْضُ، ٱسْتَخْدَمَ مَثَلًا يُبَيِّنُ أَنَّ أَكْلَ جَسَدِهِ وَدَمِهِ ضَرُورِيٌّ لِنَيْلِ ٱلْحَيَاةِ. عِنْدَئِذٍ، ٱزْدَادَتِ ٱلِٱعْتِرَاضَاتُ حِدَّةً بِحَيْثُ قَالَ ٱلْبَعْضُ: «هٰذَا ٱلْكَلَامُ فَظِيعٌ. مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَسْمَعَهُ؟». وَقَرَّرَ عَدِيدُونَ مِنْ تَلَامِيذِهِ أَنْ يَتَوَقَّفُوا عَنِ ٱتِّبَاعِهِ.a — يو ٦:٤٨-٦٠، ٦٦.
٧، ٨ (أ) أَيُّ حَقِيقَةٍ لَمْ يَكُنْ بُطْرُسُ قَدْ أَدْرَكَهَا بَعْدُ؟ (ب) كَيْفَ أَجَابَ بُطْرُسُ ٱلسُّؤَالَ ٱلَّذِي وَجَّهَهُ يَسُوعُ إِلَى ٱلرُّسُلِ؟
٧ وَمَاذَا عَنْ بُطْرُسَ؟ لَا بُدَّ أَنَّ كَلَامَ يَسُوعَ حَيَّرَهُ هُوَ ٱلْآخَرَ. فَبُطْرُسُ لَمْ يُدْرِكْ بَعْدُ أَنَّ سَيِّدَهُ يَجِبُ أَنْ يَذُوقَ ٱلْمَوْتَ إِتْمَامًا لِمَشِيئَةِ ٱللّٰهِ. وَلٰكِنْ هَلِ ٱنْجَرَّ وَرَاءَ أُولٰئِكَ ٱلتَّلَامِيذِ ٱلْمُتَقَلِّبِينَ ٱلَّذِينَ أَدَارُوا ظُهُورَهُمْ لِيَسُوعَ؟ كَلَّا، فَثَمَّةَ صِفَةٌ رَائِعَةٌ مَيَّزَتْهُ عَنْهُمْ.
٨ نَظَرَ يَسُوعُ إِلَى رُسُلِهِ وَسَأَلَهُمْ: «هَلْ تُرِيدُونَ أَنْ تَذْهَبُوا أَنْتُمْ أَيْضًا؟». (يو ٦:٦٧) لَقَدْ وَجَّهَ سُؤَالَهُ إِلَى تَلَامِيذِهِ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ، إِلَّا أَنَّ بُطْرُسَ هُوَ مَنْ أَجَابَ مِثْلَ عَادَتِهِ. فَلَرُبَّمَا كَانَ ٱلْأَكْبَرَ بَيْنَ ٱلرُّسُلِ، لٰكِنَّ ٱلْأَكِيدَ هُوَ أَنَّهُ ٱلْأَكْثَرُ صَرَاحَةً بَيْنَهُمْ. فَقَلَّمَا تَرَدَّدَ كَمَا يَبْدُو فِي ٱلتَّعْبِيرِ عَمَّا يَجُولُ فِي خَاطِرِهِ. وَمَا خَطَرَ فِي بَالِهِ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ هُوَ ٱلْعِبَارَةُ ٱلرَّائِعَةُ ٱلشَّهِيرَةُ: «يَا رَبُّ، إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ عِنْدَكَ كَلَامُ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ». — يو ٦:٦٨.
٩ كَيْفَ أَعْرَبَ بُطْرُسُ عَنِ ٱلْوَلَاءِ لِيَسُوعَ؟
٩ أَوَلَا تَمَسُّكَ كَلِمَاتُ بُطْرُسَ هٰذِهِ فِي ٱلصَّمِيمِ؟ إِنَّ إِيمَانَهُ بِيَسُوعَ سَاعَدَهُ عَلَى تَنْمِيَةِ صِفَةٍ لَا تُقَدَّرُ بِثَمَنٍ، أَلَا وَهِيَ ٱلْوَلَاءُ. فَقَدْ رَأَى بِوُضُوحٍ أَنَّ يَهْوَهَ زَوَّدَ مُخَلِّصًا وَاحِدًا هُوَ يَسُوعُ، وَمَا مِنْ خَلَاصٍ إِلَّا عَبْرَ تَعَالِيمِهِ عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ. لِذَا حَتَّى لَوْ لَمْ يَفْهَمْ بَعْضَ ٱلْحَقَائِقِ، أَدْرَكَ أَنَّ ٱتِّبَاعَ يَسُوعَ هُوَ ٱلسَّبِيلُ ٱلْأَوْحَدُ لِنَيْلِ رِضَى ٱللّٰهِ وَبَرَكَةِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ.
يَلْزَمُ أَنْ نَكُونَ أَوْلِيَاءَ لِتَعَالِيمِ يَسُوعَ حَتَّى عِنْدَمَا لَا تَنْسَجِمُ مَعَ تَوَقُّعَاتِنَا وَتَفْضِيلَاتِنَا ٱلشَّخْصِيَّةِ
١٠ كَيْفَ نَتَمَثَّلُ ٱلْيَوْمَ بِوَلَاءِ بُطْرُسَ؟
١٠ فَهَلْ هٰذَا هُوَ شُعُورُكَ أَنْتَ أَيْضًا؟ مِنَ ٱلْمُؤْسِفِ أَنَّ كَثِيرِينَ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْيَوْمَ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ يُحِبُّونَ يَسُوعَ لٰكِنَّهُمْ لَيْسُوا أَوْلِيَاءَ لَهُ. فَٱلْوَلَاءُ ٱلْأَصِيلُ لِلْمَسِيحِ يَقْتَضِي أَنْ نُحِبَّ تَعَالِيمَهُ مِثْلَمَا أَحَبَّهَا بُطْرُسُ. وَهٰذَا يَعْنِي أَنْ نَدْرُسَهَا، نَفْهَمَ مَغْزَاهَا، وَنَعِيشَ بِمُوجَبِهَا، حَتَّى عِنْدَمَا لَا تَنْسَجِمُ مَعَ تَوَقُّعَاتِنَا وَتَفْضِيلَاتِنَا ٱلشَّخْصِيَّةِ. فَوَحْدَهُ ٱلْوَلَاءُ يَقُودُنَا إِلَى ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ ٱلَّتِي وَعَدَنَا بِهَا يَسُوعُ. — اقرإ المزمور ٩٧:١٠.
وَلِيٌّ عِنْدَ ٱلتَّأْدِيبِ
١١ أَيْنَ أَخَذَ يَسُوعُ أَتْبَاعَهُ؟ (اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.)
١١ بُعَيْدَ تِلْكَ ٱلْمُنَاسَبَةِ، أَخَذَ يَسُوعُ رُسُلَهُ وَبَعْضَ ٱلتَّلَامِيذِ فِي رِحْلَةٍ طَوِيلَةٍ شَمَالًا. فَفِي أَقْصَى شَمَالِ أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ، تَلُوحُ قِمَّةُ جَبَلِ حَرْمُونَ ٱلْمُكَلَّلَةُ بِٱلثُّلُوجِ ٱلَّتِي تُرَى أَحْيَانًا مِنْ مِيَاهِ بَحْرِ ٱلْجَلِيلِ ٱلزَّرْقَاءِ. كَانَ يَسُوعُ وَمَنْ مَعَهُ يَرَوْنَ هٰذَا ٱلْجَبَلَ يَزْدَادُ شُمُوخًا كُلَّمَا ٱقْتَرَبُوا مِنْهُ وَهُمْ يَشُقُّونَ طَرِيقَهُمْ عَبْرَ ٱلْمُرْتَفَعَاتِ ٱلْمُؤَدِّيَةِ إِلَى ٱلْقُرَى ٱلْمُجَاوِرَةِ لِقَيْصَرِيَّةِ فِيلِبِّي.b وَهُنَاكَ، فِي أَحْضَانِ ذٰلِكَ ٱلْمَكَانِ ٱلْفَاتِنِ ٱلَّذِي يُطِلُّ عَلَى مُعْظَمِ أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ ٱلْمُمْتَدَّةِ جَنُوبًا، طَرَحَ يَسُوعُ عَلَى أَتْبَاعِهِ سُؤَالًا مُهِمًّا لِلْغَايَةِ.
١٢، ١٣ (أ) لِمَ أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَعْرِفَ مَنْ يَظُنُّ ٱلنَّاسُ أَنَّهُ هُوَ؟ (ب) كَيْفَ بَرْهَنَ جَوَابُ بُطْرُسَ عَنْ إِيمَانِهِ ٱلْأَصِيلِ؟
١٢ سَأَلَ يَسُوعُ: «مَنْ تَقُولُ ٱلْجُمُوعُ إِنِّي أَنَا؟». تَخَيَّلْ بُطْرُسَ يُحَدِّقُ فِي عَيْنَيْ سَيِّدِهِ وَيَلْمُسُ مُجَدَّدًا لُطْفَهُ وَذَكَاءَهُ ٱلْحَادَّ. لَقَدْ أَرَادَ يَسُوعُ أَنْ يَعْرِفَ ٱلِٱسْتِنْتَاجَاتِ ٱلَّتِي خَلَصَ إِلَيْهَا ٱلنَّاسُ مِمَّا رَأَوْهُ وَسَمِعُوهُ. فَأَجَابَهُ ٱلتَّلَامِيذُ عَنْ سُؤَالِهِ مُرَدِّدِينَ بَعْضَ ٱلْآرَاءِ ٱلْخَاطِئَةِ ٱلْمُتَدَاوَلَةِ بِشَأْنِ هُوِيَّتِهِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ. إِلَّا أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَعْرِفَ أَيْضًا هَلْ يُفَكِّرُ أَتْبَاعُهُ ٱلْأَحِمَّاءُ بِٱلطَّرِيقَةِ عَيْنِهَا. لِذَا قَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟». — لو ٩:١٨-٢٠.
١٣ مَرَّةً أُخْرَى، سَارَعَ بُطْرُسُ إِلَى ٱلْإِجَابَةِ وَعَبَّرَ بِكَلِمَاتٍ وَاضِحَةٍ وَجَرِيئَةٍ عَنْ رَأْيِ مُعْظَمِ ٱلْمَوْجُودِينَ هُنَاكَ، قَائِلًا: «أَنْتَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ ٱلْحَيِّ». تَخَيَّلْ يَسُوعَ يَبْتَسِمُ لَهُ ٱبْتِسَامَةَ رِضًى وَيَمْدَحُهُ مِنْ كُلِّ قَلْبِهِ. ثُمَّ ذَكَّرَهُ أَنَّ يَهْوَهَ ٱللّٰهَ، لَا ٱلْإِنْسَانَ، هُوَ ٱلَّذِي أَوْضَحَ هٰذِهِ ٱلْحَقِيقَةَ ٱلْمُهِمَّةَ لِذَوِي ٱلْإِيمَانِ ٱلْأَصِيلِ. فَبِفَضْلِهِ تَمَكَّنَ بُطْرُسُ مِنْ تَمْيِيزِ إِحْدَى أَعْظَمِ ٱلْحَقَائِقِ ٱلَّتِي كَانَتْ قَدْ كُشِفَتْ حَتَّى ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ: هُوِيَّةِ ٱلْمَسِيَّا، أَيِ ٱلْمَسِيحِ، ٱلْمَوْعُودِ بِهِ مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ! — اقرأ متى ١٦:١٦، ١٧.
١٤ أَيَّةُ ٱمْتِيَازَاتٍ مُهِمَّةٍ وَهَبَهَا يَسُوعُ لِبُطْرُسَ؟
١٤ إِنَّ ٱلْمَسِيحَ هُوَ مَنْ دُعِيَ فِي نُبُوَّةٍ قَدِيمَةٍ ٱلْحَجَرَ ٱلَّذِي سَيَرْفُضُهُ ٱلْبَنَّاؤُونَ. (مز ١١٨:٢٢؛ لو ٢٠:١٧) وَبِٱلْإِشَارَةِ إِلَى نُبُوَّاتٍ كَهٰذِهِ، كَشَفَ يَسُوعُ أَنَّ يَهْوَهَ سَيُؤَسِّسُ جَمَاعَةً عَلَى ٱلصَّخْرِ نَفْسِهِ ٱلَّذِي حَدَّدَ بُطْرُسُ هُوِيَّتَهُ لِلتَّوِّ أَنَّهُ ٱلْمَسِيحُ. بَعْدَ ذٰلِكَ، مَنَحَ يَسُوعُ بُطْرُسَ ٱمْتِيَازَاتٍ مُهِمَّةً فِي تِلْكَ ٱلْجَمَاعَةِ. لٰكِنَّ هٰذَا لَا يَعْنِي أَنَّهُ كَرَّمَهُ فَوْقَ ٱلرُّسُلِ ٱلْآخَرِينَ كَمَا يَفْتَرِضُ ٱلْبَعْضُ، فَهُوَ أَوْكَلَ إِلَيْهِ مَسْؤُولِيَّاتٍ أَكْثَرَ لَا غَيْرَ. لَقَدْ أَعْطَاهُ ‹مَفَاتِيحَ ٱلْمَلَكُوتِ›. (مت ١٦:١٩) فَبُطْرُسُ حَظِيَ بِٱمْتِيَازِ فَتْحِ ٱلْبَابِ لِدُخُولِ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ أَمَامَ ثَلَاثِ فِئَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ: أَوَّلًا ٱلْيَهُودِ، ثُمَّ ٱلسَّامِرِيِّينَ، وَأَخِيرًا ٱلْأُمَمِ (غَيْرِ ٱلْيَهُودِ).
١٥ لِمَ ٱنْتَهَرَ بُطْرُسُ يَسُوعَ، وَمَاذَا قَالَ لَهُ؟
١٥ غَيْرَ أَنَّ يَسُوعَ ذَكَرَ لَاحِقًا أَنَّ مَنْ يُعْطَى كَثِيرًا يُطَالَبُ بِكَثِيرٍ، كَلِمَاتٍ تَبَرْهَنَتْ صِحَّتُهَا فِي حَالَةِ بُطْرُسَ. (لو ١٢:٤٨) وَقَدِ ٱسْتَمَرَّ يَسُوعُ يَكْشِفُ ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلْحَقَائِقِ ٱلْمُهِمَّةِ بِشَأْنِ ٱلْمَسِيَّا، مُؤَكِّدًا مُعَانَاتَهُ ٱلْأَلَمَ وَمَوْتَهُ فِي أُورُشَلِيمَ عَمَّا قَرِيبٍ. وَلَمَّا سَمِعَهُ بُطْرُسُ، تَضَايَقَ وَأَخَذَهُ جَانِبًا وَٱنْتَهَرَهُ قَائِلًا: «اُلْطُفْ بِنَفْسِكَ يَا رَبُّ؛ لَنْ تَلْقَى هٰذَا ٱلْمَصِيرَ أَبَدًا». — مت ١٦:٢١، ٢٢.
١٦ كَيْفَ قَوَّمَ يَسُوعُ بُطْرُسَ، وَأَيُّ مَشُورَةٍ عَمَلِيَّةٍ تَحْمِلُهَا إِلَيْنَا كَلِمَاتُ يَسُوعَ؟
١٦ لَا شَكَّ أَنَّ بُطْرُسَ قَالَ مَا قَالَهُ بِنِيَّةٍ حَسَنَةٍ، لِذَا تَفَاجَأَ حَتْمًا بِجَوَابِ يَسُوعَ. فَقَدْ أَدَارَ ظَهْرَهُ لِبُطْرُسَ ثُمَّ نَظَرَ إِلَى بَاقِي ٱلتَّلَامِيذِ ٱلَّذِينَ فَكَّرُوا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ ٱلتَّفْكِيرَ نَفْسَهُ، وَقَالَ: «اِذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ! أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي، لِأَنَّكَ لَا تُفَكِّرُ تَفْكِيرَ ٱللّٰهِ، بَلْ تَفْكِيرَ ٱلنَّاسِ». (مت ١٦:٢٣؛ مر ٨:٣٢، ٣٣) تَحْمِلُ كَلِمَاتُ يَسُوعَ مَشُورَةً عَمَلِيَّةً إِلَيْنَا جَمِيعًا. فَمِنَ ٱلسَّهْلِ جِدًّا أَنْ نَسْمَحَ لِلتَّفْكِيرِ ٱلْبَشَرِيِّ بِأَنْ يَطْغَى عَلَى ٱلتَّفْكِيرِ ٱلْإِلٰهِيِّ. وَإِذَا فَعَلْنَا ذٰلِكَ، وَلَوْ بِنِيَّةِ تَقْدِيمِ ٱلْمُسَاعَدَةِ، فَقَدْ نُؤَيِّدُ دُونَ عَمْدٍ قَصْدَ ٱلشَّيْطَانِ لَا قَصْدَ ٱللّٰهِ. وَلٰكِنْ مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ بُطْرُسَ آنَذَاكَ؟
١٧ مَاذَا قَصَدَ يَسُوعُ بِمَا قَالَهُ لِبُطْرُسَ؟
١٧ طَبْعًا، عَرَفَ بُطْرُسُ أَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَقْصِدْ حَرْفِيًّا أَنَّهُ ٱلشَّيْطَانُ إِبْلِيسُ. فَهُوَ أَسَاسًا خَاطَبَهُ بِطَرِيقَةٍ مُخْتَلِفَةٍ. فَفِي حِينِ قَالَ لِلشَّيْطَانِ: «اِذْهَبْ»، ٱسْتَخْدَمَ مَعَهُ بِٱللُّغَةِ ٱلْأَصْلِيَّةِ كَلِمَاتٍ أُخْرَى يُمْكِنُ أَنْ تُنْقَلَ إِلَى: «اِذْهَبْ خَلْفِي». (مت ٤:١٠) فَيَسُوعُ لَمْ يَنْبِذْ هٰذَا ٱلرَّسُولَ ٱلَّذِي تَوَسَّمَ فِيهِ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلصَّلَاحِ، إِنَّمَا صَحَّحَ طَرِيقَةَ تَفْكِيرِهِ ٱلْخَاطِئَةَ وَحَسْبُ. فَكَمَا يَتَّضِحُ، كَانَ عَلَى بُطْرُسَ أَلَّا يَقِفَ أَمَامَ سَيِّدِهِ كَحَجَرِ عَثْرَةٍ بَلْ أَنْ ‹يَذْهَبَ خَلْفَهُ›، إِذَا جَازَ ٱلتَّعْبِيرُ، كَسَنَدٍ دَاعِمٍ لَهُ.
إِنْ لَمْ نَقْبَلِ ٱلتَّأْدِيبَ بِتَوَاضُعٍ وَنَتَّعِظْ بِهِ، فَلَنْ نَسْتَمِرَّ فِي ٱلِٱقْتِرَابِ مِنْ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ وَأَبِيهِ يَهْوَهَ ٱللّٰهِ
١٨ كَيْفَ أَعْرَبَ بُطْرُسُ عَنِ ٱلْوَلَاءِ، وَبِأَيِّ طَرِيقَةٍ نَقْتَدِي بِهِ؟
١٨ وَهَلْ غَضِبَ بُطْرُسُ أَوِ ٱمْتَعَضَ أَوْ تَجَادَلَ مَعَ يَسُوعَ؟ كَلَّا، بَلْ قَبِلَ ٱلتَّقْوِيمَ بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، مُعْرِبًا بِذٰلِكَ عَنِ ٱلْوَلَاءِ مَرَّةً أُخْرَى. وَٱلْيَوْمَ، نَحْتَاجُ نَحْنُ أَتْبَاعَ ٱلْمَسِيحِ إِلَى ٱلتَّأْدِيبِ مِنْ حِينٍ إِلَى آخَرَ. فَإِنْ لَمْ نَقْبَلْهُ بِتَوَاضُعٍ وَنَتَّعِظْ بِهِ، فَلَنْ نَسْتَمِرَّ فِي ٱلِٱقْتِرَابِ مِنْ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ وَأَبِيهِ يَهْوَهَ ٱللّٰهِ. — اقرإ الامثال ٤:١٣.
بَرَكَاتُ ٱلْوَلَاءِ
١٩ أَيُّ عِبَارَةٍ تُثِيرُ ٱلدَّهْشَةَ ذَكَرَهَا يَسُوعُ، وَمَاذَا رُبَّمَا تَسَاءَلَ بُطْرُسُ؟
١٩ ذَكَرَ يَسُوعُ بَعْدَ ذٰلِكَ عِبَارَةً أُخْرَى تُثِيرُ ٱلدَّهْشَةَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ بَعْضًا مِنَ ٱلْقَائِمِينَ هُنَا لَنْ يَذُوقُوا ٱلْمَوْتَ أَبَدًا حَتَّى يَرَوْا أَوَّلًا ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ آتِيًا فِي مَلَكُوتِهِ». (مت ١٦:٢٨) لَا شَكَّ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ أَثَارَتْ فُضُولَ بُطْرُسَ. تُرَى مَاذَا قَصَدَ يَسُوعُ؟ لَرُبَّمَا تَسَاءَلَ هٰذَا ٱلتِّلْمِيذُ إِنْ كَانَ ٱلتَّقْوِيمُ ٱلْحَازِمُ ٱلَّذِي تَلَقَّاهُ لِتَوِّهِ سَيَحْرِمُهُ مِنَ ٱلِٱمْتِيَازَاتِ ٱلْخُصُوصِيَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ بِهَا.
٢٠، ٢١ (أ) أَيُّ رُؤْيَا شَهِدَهَا بُطْرُسُ؟ (ب) كَيْفَ سَاهَمَ ٱلْحَدِيثُ بَيْنَ يَسُوعَ وَمُوسَى وَإِيلِيَّا فِي تَقْوِيمِ بُطْرُسَ؟
٢٠ وَلٰكِنْ بَعْدَ أُسْبُوعٍ تَقْرِيبًا، أَخَذَ يَسُوعُ يَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا وَبُطْرُسَ إِلَى «جَبَلٍ شَامِخٍ»، رُبَّمَا جَبَلِ حَرْمُونَ ٱلَّذِي يَبْعُدُ بِضْعَةَ كِيلُومِتْرَاتٍ فَقَطْ. وَيُرَجَّحُ أَنَّ ذٰلِكَ حَدَثَ لَيْلًا لِأَنَّ ٱلرِّجَالَ ٱلثَّلَاثَةَ كَانُوا يُحَارِبُونَ ٱلنُّعَاسَ. وَلٰكِنْ فِيمَا رَاحَ يَسُوعُ يُصَلِّي، رَأَوْا مَشْهَدًا طَيَّرَ ٱلنَّوْمَ مِنْ عُيُونِهِمْ. — مت ١٧:١؛ لو ٩:٢٨، ٢٩، ٣٢.
٢١ فَقَدْ تَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ أَمَامَهُمْ، إِذْ أَضَاءَ وَجْهُهُ وَتَوَهَّجَ وَأَصْبَحَ مُنِيرًا كَٱلشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ لَامِعَةً. ثُمَّ تَرَاءَتْ شَخْصِيَّتَانِ إِلَى جَانِبِهِ، وَاحِدَةٌ تُمَثِّلُ مُوسَى وَٱلْأُخْرَى إِيلِيَّا. فَرَاحَا يَتَحَدَّثَانِ إِلَيْهِ «عَنْ رَحِيلِهِ ٱلَّذِي كَانَ مَحْتُومًا أَنْ يُتَمِّمَهُ فِي أُورُشَلِيمَ»، أَيْ عَنْ مَوْتِهِ وَقِيَامَتِهِ حَسْبَمَا يَتَّضِحُ. فَكَمْ كَانَ بُطْرُسُ مُخْطِئًا فِي ٱلْقَوْلِ إِنَّ يَسُوعَ لَنْ يَلْقَى هٰذَا ٱلْمَصِيرَ ٱلْمُؤْلِمَ! — لو ٩:٣٠، ٣١.
٢٢، ٢٣ (أ) كَيْفَ عَبَّرَ بُطْرُسُ عَنْ شَخْصِيَّتِهِ ٱلْحَمَاسِيَّةِ وَٱلْمُحِبَّةِ؟ (ب) مَا هِيَ ٱلْبَرَكَةُ ٱلْأُخْرَى ٱلَّتِي نَالَهَا بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا فِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ؟
٢٢ شَعَرَ بُطْرُسُ بِٱنْدِفَاعٍ إِلَى ٱلْمُشَارَكَةِ بِطَرِيقَةٍ مَا فِي هٰذِهِ ٱلرُّؤْيَا ٱلْمُمَيَّزَةِ، وَلَعَلَّهُ تَحَمَّسَ أَنْ يُطِيلَ مُدَّتَهَا. فَفِيمَا مُوسَى وَإِيلِيَّا يُفَارِقَانِ يَسُوعَ، هَتَفَ قَائِلًا: «يَا مُعَلِّمُ، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ هٰهُنَا، فَلْنَنْصِبْ ثَلَاثَ خِيَامٍ: وَاحِدَةً لَكَ، وَوَاحِدَةً لِمُوسَى، وَوَاحِدَةً لِإِيلِيَّا». طَبْعًا، إِنَّ هَاتَيْنِ ٱلشَّخْصِيَّتَيْنِ، ٱللَّتَيْنِ مَثَّلَتَا خَادِمَيْنِ لِيَهْوَهَ مَاتَا مُنْذُ أَمَدٍ بَعِيدٍ، مَا كَانَتَا بِحَاجَةٍ إِلَى خِيَامٍ. فَبُطْرُسُ لَمْ يَكُنْ يَعِي مَا يَقُولُ. مَعَ ذٰلِكَ، أَلَا تَجْذِبُكَ شَخْصِيَّةُ هٰذَا ٱلرَّجُلِ ٱلْحَمَاسِيَّةُ وَٱلْمُحِبَّةُ؟ — لو ٩:٣٣.
٢٣ فِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ نَفْسِهَا، نَالَ بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا بَرَكَةً أُخْرَى. فَقَدْ تَشَكَّلَتْ فَوْقَهُمْ سَحَابَةٌ وَظَلَّلَتْهُمْ وَهُمْ عَلَى ٱلْجَبَلِ. ثُمَّ سَمِعُوا صَوْتًا آتِيًا مِنْهَا، صَوْتَ يَهْوَهَ ٱللّٰهِ قَائِلًا: «هٰذَا هُوَ ٱبْنِي ٱلَّذِي ٱخْتَرْتُهُ. لَهُ ٱسْمَعُوا». بَعْدَ ذٰلِكَ، ٱنْتَهَتِ ٱلرُّؤْيَا وَلَمْ يَبْقَ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُ يَسُوعَ. — لو ٩:٣٤-٣٦.
٢٤ (أ) كَيْفَ ٱسْتَفَادَ بُطْرُسُ مِنْ رُؤْيَا ٱلتَّجَلِّي؟ (ب) كَيْفَ نَسْتَفِيدُ نَحْنُ ٱلْيَوْمَ مِنْ رُؤْيَا ٱلتَّجَلِّي؟
٢٤ حَقًّا، إِنَّ رُؤْيَا ٱلتَّجَلِّي هِيَ مُكَافَأَةٌ لِبُطْرُسَ وَلَنَا نَحْنُ أَيْضًا. فَبَعْدَ عُقُودٍ كَتَبَ بُطْرُسُ عَنِ ٱلِٱمْتِيَازِ ٱلَّذِي حَظِيَ بِهِ تِلْكَ ٱللَّيْلَةَ أَنْ يَرَى لَمْحَةً مُسْبَقَةً عَنْ يَسُوعَ كَمَلِكٍ سَمَاوِيٍّ مُمَجَّدٍ وَيَكُونَ ‹شَاهِدَ عِيَانٍ لِعَظَمَتِهِ›. لَقَدْ ثَبَّتَتْ هٰذِهِ ٱلرُّؤْيَا نُبُوَّاتٍ عَدِيدَةً فِي كَلِمَةِ ٱللّٰهِ وَعَزَّزَتْ إِيمَانَ بُطْرُسَ لِيَصْمُدَ فِي وَجْهِ ٱلْمِحَنِ ٱلَّتِي كَانَتْ تَنْتَظِرُهُ. (اقرأ ٢ بطرس ١:١٦-١٩.) وَيُمْكِنُ أَنْ تُحْدِثَ فِينَا تَأْثِيرًا مُمَاثِلًا إِذَا بَقِينَا مِثْلَ بُطْرُسَ أَوْلِيَاءَ لِيَسُوعَ ٱلَّذِي عَيَّنَهُ يَهْوَهُ سَيِّدًا عَلَيْنَا. كَيْفَ؟ حِينَ نَتَعَلَّمُ مِنْهُ، نَقْبَلُ تَأْدِيبَهُ وَتَقْوِيمَهُ، وَنَتْبَعُهُ بِتَوَاضُعٍ فِي كُلِّ وَقْتٍ.
a يَتَّضِحُ تَقَلُّبُ رَأْيِ ٱلْحَاضِرِينَ فِي ٱلْمَجْمَعِ حِينَ نُقَارِنُ رَدَّ فِعْلِهِمْ هٰذَا حِيَالَ كَلَامِ يَسُوعَ بِمَا قَالُوهُ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلسَّابِقِ عِنْدَمَا هَتَفُوا بِكُلِّ حَمَاسَةٍ أَنَّهُ نَبِيُّ ٱللّٰهِ. — يو ٦:١٤.
b اِنْطِلَاقًا مِنْ بَحْرِ ٱلْجَلِيلِ، قَطَعَ يَسُوعُ وَمَنْ مَعَهُ مَسَافَةَ ٤٨ كلم مُنْتَقِلِينَ مِنْ بُقْعَةٍ تَنْخَفِضُ نَحْوَ ٢١٠ م عَنْ سَطْحِ ٱلْبَحْرِ إِلَى مَكَانٍ يَرْتَفِعُ فَوْقَهُ ٣٥٠ م، وَذٰلِكَ عَبْرَ مَنَاطِقَ تَتَمَيَّزُ بِطَبِيعَةٍ خَلَّابَةٍ.