الفصل ٢٢
«لِتَكُنْ مَشِيئَةُ يَهْوَهَ»
بُولُسُ يَقْصِدُ أُورُشَلِيمَ عَازِمًا عَلَى فِعْلِ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ
مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ٢١:١-١٧
١-٤ لِمَ يَتَوَجَّهُ بُولُسُ إِلَى مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ، وَمَاذَا يَنْتَظِرُهُ فِيهَا؟
مَا أَصْعَبَ لَحَظَاتِ ٱلْوَدَاعِ! وَكَمْ يَعِزُّ عَلَى بُولُسَ وَلُوقَا أَنْ يَنْسَلِخَا عَنْ شُيُوخِ أَفَسُسَ ٱلْأَحِبَّاءِ! يَقِفُ ٱلْمُرْسَلَانِ عَلَى سَطْحِ ٱلسَّفِينَةِ ٱلْمُبْحِرَةِ مِنْ مِيلِيتُسَ فِيمَا ٱلرِّيحُ ٱلْخَفِيفَةُ تَهُبُّ فِي ٱلْأَشْرِعَةِ. هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ لَا يَحْمِلُ بُولُسُ وَلُوقَا لَوَازِمَ ٱلسَّفَرِ فَحَسْبُ، بَلْ فِي عُهْدَتِهِمَا تَبَرُّعَاتٌ أَيْضًا. تَبَرُّعَاتٌ يَعُدَّانِ ٱلدَّقَائِقَ حَتَّى يُوصِلَاهَا إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمُعْوِزِينَ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ.
٢ تَبْتَعِدُ ٱلسَّفِينَةُ رُوَيْدًا رُوَيْدًا عَنِ ٱلْمِينَاءِ وَضَوْضَائِهِ. وَلٰكِنْ كَيْفَ لِبُولُسَ وَلُوقَا وَرُفَقَائِهِمَا ٱلسَّبْعَةِ أَنْ يُحَوِّلُوا أَبْصَارَهُمْ عَنْ تِلْكَ ٱلْوُجُوهِ ٱلْحَزِينَةِ عَلَى ٱلشَّاطِئِ؟! (اع ٢٠:٤، ١٤، ١٥) فَيَظَلُّونَ يُلَوِّحُونَ لَهُمْ حَتَّى يَتَوَارَوْا أَخِيرًا خَلْفَ ٱلْأُفُقِ ٱلْبَعِيدِ.
٣ لَقَدْ عَمِلَ ٱلرَّسُولُ جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ مَعَ شُيُوخِ أَفَسُسَ عَلَى مَدَى ثَلَاثِ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا. أَمَّا ٱلْآنَ فَنَرَاهُ عَائِدًا إِلَى أُورُشَلِيمَ نُزُولًا عِنْدَ تَوْجِيهِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ. لَا يَجْهَلُ بُولُسُ كُلِّيًّا مَا يَنْتَظِرُهُ هُنَاكَ. فَفِي وَدَاعِهِ هٰؤُلَاءِ ٱلشُّيُوخَ، قَالَ لَهُمْ: «هَا أَنَا أُسَافِرُ إِلَى أُورُشَلِيمَ مُقَيَّدًا بِٱلرُّوحِ، مَعَ أَنَّنِي لَا أَعْلَمُ مَاذَا يَحْدُثُ لِي فِيهَا، سِوَى أَنَّ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ يَشْهَدُ لِي مِنْ مَدِينَةٍ إِلَى مَدِينَةٍ، قَائِلًا إِنَّ قُيُودًا وَضِيقَاتٍ تَنْتَظِرُنِي». (اع ٢٠:٢٢، ٢٣) فَرَغْمَ ٱلْخَطَرِ ٱلْمُحْدِقِ بِهِ، يَشْعُرُ ٱلرَّسُولُ أَنَّهُ «مُقَيَّدٌ» بِٱلرُّوحِ، أَيْ أَنَّهُ مُلْزَمٌ بِٱتِّبَاعِ إِرْشَادِهِ وَٱلسَّفَرِ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَرَاغِبٌ فِي ٱلِٱنْصِيَاعِ لَهُ. صَحِيحٌ أَنَّ ٱلْحَيَاةَ غَالِيَةٌ فِي نَظَرِهِ، لٰكِنَّ فِعْلَ مَشِيئَةِ ٱللّٰهِ يَحْتَلُّ ٱلْمَقَامَ ٱلْأَوَّلَ دُونَ مُنَازِعٍ.
٤ فَهَلْ نُشَاطِرُ ٱلرَّسُولَ مَشَاعِرَهُ، نَحْنُ ٱلَّذِينَ نَذَرْنَا حَيَاتَنَا لِيَهْوَهَ قَاطِعِينَ عَهْدًا رَسْمِيًّا بِأَنْ نُعْطِيَ ٱلْأَوْلَوِيَّةَ لِفِعْلِ مَشِيئَتِهِ؟ لِنَتَأَمَّلْ مِثَالَ بُولُسَ فِي مَا يَلِي وَنَسْتَقِ ٱلْفَوَائِدَ مِنْ مَسْلَكِهِ ٱلْأَمِينِ.
«لَاحَتْ لَنَا جَزِيرَةُ قُبْرُصَ» (اعمال ٢١:١-٣)
٥ أَيَّ مَسَارٍ ٱتَّبَعَ بُولُسُ وَرِفَاقُهُ فِي رِحْلَتِهِمْ إِلَى صُورَ؟
٥ جَرَى مَرْكَبُ بُولُسَ وَرِفَاقِهِ «فِي مَسَارٍ مُسْتَقِيمٍ»، مِمَّا يَعْنِي أَنَّهُ أَبْحَرَ بِرِيحٍ خَلْفِيَّةٍ مُؤَاتِيَةٍ دُونَ تَعَرُّجٍ. وَبَعْدَ عِدَّةِ سَاعَاتٍ، بَلَغُوا جَزِيرَةَ كُوسَ. (اع ٢١:١) وَيَبْدُو أَنَّ ٱلْمَرْكَبَ رَسَا هُنَاكَ قَبْلَ أَنْ يُتَابِعُوا رِحْلَتَهُمْ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي إِلَى رُودُسَ وَبَاتَارَا. وَفِي بَاتَارَا، عَلَى سَاحِلِ آسِيَا ٱلصُّغْرَى ٱلْجَنُوبِيِّ، رَكِبَ ٱلْإِخْوَةُ سَفِينَةَ شَحْنٍ كَبِيرَةً حَمَلَتْهُمْ مُبَاشَرَةً إِلَى مَدِينَةِ صُورَ ٱلْفِينِيقِيَّةِ. وَفِيمَا كَانُوا مُبْحِرِينَ، تَجَاوَزُوا جَزِيرَةَ قُبْرُصَ «بَعْدَ أَنْ لَاحَتْ [لَهُمْ] . . . عَلَى ٱلْجَانِبِ ٱلْأَيْسَرِ»، حَسْبَمَا يُخْبِرُنَا لُوقَا. (اع ٢١:٣) فَلِمَ أَتَى كَاتِبُ ٱلْأَعْمَالِ عَلَى ذِكْرِ هٰذِهِ ٱلْمَعْلُومَةِ؟
٦ (أ) لِمَ يُحْتَمَلُ أَنَّ بُولُسَ تَشَجَّعَ عِنْدَ رُؤْيَةِ جَزِيرَةِ قُبْرُصَ؟ (ب) مَاذَا تَسْتَخْلِصُ عِنْدَمَا تَتَذَكَّرُ كَيْفَ بَارَكَكَ يَهْوَهُ وَسَاعَدَكَ فِي ٱلْمَاضِي؟
٦ لَعَلَّ بُولُسَ أَشَارَ إِلَى ٱلْجَزِيرَةِ وَرَوَى لَهُمْ مَا جَرَى مَعَهُ هُنَاكَ. فَفِي رِحْلَتِهِ ٱلْإِرْسَالِيَّةِ ٱلْأُولَى قَبْلَ تِسْعِ سَنَوَاتٍ تَقْرِيبًا، وَاجَهَ هُوَ وَبَرْنَابَا وَمُرَافِقُهُمَا يُوحَنَّا مَرْقُسُ عَلِيمًا ٱلسَّاحِرَ ٱلَّذِي قَاوَمَ عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ. (اع ١٣:٤-١٢) وَحِينَ رَأَى ٱلرَّسُولُ ٱلْجَزِيرَةَ ثَانِيَةً، لَا بُدَّ أَنَّهُ ٱسْتَرْجَعَ ٱلذِّكْرَيَاتِ، فَتَشَجَّعَ وَتَقَوَّى لِمُوَاجَهَةِ مَا يَنْتَظِرُهُ. وَمِنْ جِهَتِنَا، يَحْسُنُ بِنَا أَنْ نَتَأَمَّلَ كَيْفَ يُبَارِكُنَا يَهْوَهُ وَيُسَاعِدُنَا عَلَى ٱحْتِمَالِ ٱلْمِحَنِ. إِذَّاكَ نَضُمُّ صَوْتَنَا إِلَى صَوْتِ دَاوُدَ ٱلَّذِي قَالَ: «كَثِيرَةٌ هِيَ بَلَايَا ٱلْبَارِّ، وَلٰكِنْ مِنْ جَمِيعِهَا يُنْقِذُهُ يَهْوَهُ». — مز ٣٤:١٩.
«وَجَدْنَا ٱلتَّلَامِيذَ» (اعمال ٢١:٤-٩)
٧ مَاذَا فَعَلَ ٱلْإِخْوَةُ عِنْدَ وُصُولِهِمْ إِلَى صُورَ؟
٧ قَدَّرَ بُولُسُ كَثِيرًا رِفْقَةَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ، فَتَلَهَّفَ لِلِٱلْتِقَاءِ بِهِمْ. يُخْبِرُ لُوقَا عَمَّا حَدَثَ عِنْدَ وُصُولِهِمْ إِلَى صُورَ، قَائِلًا: «بَعْدَ بَحْثٍ وَجَدْنَا ٱلتَّلَامِيذَ». (اع ٢١:٤) فَقَدْ عَرَفَ ٱلْمُسَافِرُونَ أَنَّ لَهُمْ إِخْوَةً فِي ٱلْمَدِينَةِ. لِذَا بَحَثُوا عَنْهُمْ وَمَكَثُوا عِنْدَهُمْ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ. حَقًّا إِنَّ إِحْدَى أَعْظَمِ ٱلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي يَحْصُدُهَا مَنْ يَعْتَنِقُونَ ٱلْحَقَّ أَنَّهُمْ يَجِدُونَ مُؤْمِنِينَ مِثْلَهُمْ يُرَحِّبُونَ بِهِمْ أَيْنَمَا ذَهَبُوا. فَمُحِبُّو يَهْوَهَ وَعُبَّادُهُ لَدَيْهِمْ أَصْدِقَاءُ فِي كُلِّ أَنْحَاءِ ٱلْمَسْكُونَةِ.
٨ مَا ٱلْمَقْصُودُ بِٱلْكَلِمَاتِ ٱلْوَارِدَةِ فِي ٱلْأَعْمَال ٢١:٤؟
٨ فِيمَا يُتَابِعُ لُوقَا ٱلرِّوَايَةَ وَاصِفًا ٱلْأَيَّامَ ٱلسَّبْعَةَ ٱلَّتِي قَضَوْهَا فِي صُورَ، يُطْلِعُنَا عَلَى تَفْصِيلٍ قَدْ يَبْدُو لِلْوَهْلَةِ ٱلْأُولَى مُحَيِّرًا. يَذْكُرُ: «كَانَ [ٱلْإِخْوَةُ ٱلصُّورِيُّونَ] يَقُولُونَ لِبُولُسَ بِٱلرُّوحِ أَلَّا تَطَأَ قَدَمُهُ أُورُشَلِيمَ». (اع ٢١:٤) لٰكِنَّ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ كَانَ قَدْ كَشَفَ لِبُولُسَ أَنَّهُ سَيُقَاسِي ضِيقَاتٍ عَظِيمَةً هُنَاكَ وَلَمْ يُوصِهِ بِعَدَمِ زِيَارَةِ ٱلْمَدِينَةِ. فَهَلْ تَعْنِي كَلِمَاتُ ٱلصُّورِيِّينَ أَنَّ يَهْوَهَ عَدَلَ عَنْ رَأْيِهِ؟ هَلْ يَطْلُبُ ٱلْآنَ مِنْ بُولُسَ أَلَّا يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ؟ كَلَّا. فَعَلَى مَا يَبْدُو، أَدْرَكَ ٱلْإِخْوَةُ فِي صُورَ بِمُسَاعَدَةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ أَنَّ بُولُسَ سَيُعَانِي فِي أُورُشَلِيمَ. لِذٰلِكَ حِرْصًا عَلَى سَلَامَتِهِ رَاحُوا يَحُثُّونَهُ أَلَّا يَصْعَدَ إِلَى ٱلْمَدِينَةِ. وَلَا عَجَبَ أَنْ يَرْغَبَ ٱلْإِخْوَةُ فِي حِمَايَةِ ٱلرَّسُولِ مِنَ ٱلْخَطَرِ ٱلدَّاهِمِ. غَيْرَ أَنَّ بُولُسَ تَابَعَ طَرِيقَهُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، عَازِمًا عَلَى فِعْلِ مَشِيئَةِ يَهْوَهَ. — اع ٢١:١٢.
٩، ١٠ (أ) أَيُّ حَادِثَةٍ رُبَّمَا خَطَرَتْ عَلَى بَالِ بُولُسَ عِنْدَمَا عَبَّرَ ٱلْإِخْوَةُ فِي صُورَ عَنْ مَخَاوِفِهِمْ؟ (ب) أَيُّ مَوْقِفٍ يَشِيعُ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْيَوْمَ، وَكَيْفَ يَتَعَارَضُ مَعَ وَصِيَّةِ يَسُوعَ؟
٩ عِنْدَمَا عَبَّرَ ٱلْإِخْوَةُ عَنْ مَخَاوِفِهِمْ، لَرُبَّمَا ٱسْتَذْكَرَ بُولُسُ أَنَّ يَسُوعَ لَاقَى هُوَ ٱلْآخَرُ ٱعْتِرَاضًا مُمَاثِلًا. فَبَعْدَمَا أَخْبَرَ تَلَامِيذَهُ أَنَّهُ ذَاهِبٌ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَيْثُ سَيُعَانِي كَثِيرًا وَيُقْتَلُ، تَحَرَّكَتْ عَوَاطِفُ بُطْرُسَ وَقَالَ: «اُلْطُفْ بِنَفْسِكَ يَا رَبُّ؛ لَنْ تَلْقَى هٰذَا ٱلْمَصِيرَ أَبَدًا». لٰكِنَّ يَسُوعَ أَجَابَهُ: «اِذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ! أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي، لِأَنَّكَ لَا تُفَكِّرُ تَفْكِيرَ ٱللّٰهِ، بَلْ تَفْكِيرَ ٱلنَّاسِ». (مت ١٦:٢١-٢٣) وَعَلَى غِرَارِ يَسُوعَ، صَمَّمَ بُولُسُ أَنْ يُتَمِّمَ ٱلتَّعْيِينَ ٱلْإِلٰهِيَّ مُعْرِبًا عَنْ رُوحِ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ. وَفِي حِينِ أَنَّ ٱلْإِخْوَةَ ٱلصُّورِيِّينَ تَكَلَّمُوا بِلَا شَكٍّ عَنْ حُسْنِ نِيَّةٍ تَمَامًا كَبُطْرُسَ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُمَيِّزُوا مَا هِيَ مَشِيئَةُ ٱللّٰهِ.
١٠ وَفِي أَيَّامِنَا، يَمِيلُ كَثِيرُونَ أَنْ ‹يَلْطُفُوا بِأَنْفُسِهِمْ›، أَوْ يَخْتَارُوا أَقَلَّ ٱلْمَسَالِكِ صُعُوبَةً. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، يُفَتِّشُ ٱلنَّاسُ عُمُومًا عَنْ دِينٍ «مُرِيحٍ» مُتَطَلَّبَاتُهُ قَلِيلَةٌ. وَلٰكِنْ شَتَّانَ مَا بَيْنَ هٰذَا ٱلْمَوْقِفِ وَٱلْمَوْقِفِ ٱلْعَقْلِيِّ ٱلَّذِي شَجَّعَنَا عَلَيْهِ يَسُوعُ! فَقَدْ قَالَ: «إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي، فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ كُلِّيًّا وَيَحْمِلْ خَشَبَةَ آلَامِهِ وَيَتْبَعْنِي عَلَى ٱلدَّوَامِ». (مت ١٦:٢٤) صَحِيحٌ أَنَّ تَطْبِيقَ وَصِيَّةِ يَسُوعَ لَيْسَ ٱلْخِيَارَ ٱلسَّهْلَ، لٰكِنَّهُ بِٱلتَّأْكِيدِ ٱلْخِيَارُ ٱلْحَكِيمُ وَٱلصَّائِبُ.
١١ كَيْفَ أَعْرَبَ ٱلتَّلَامِيذُ فِي صُورَ عَنْ مَحَبَّتِهِمْ وَتَقْدِيرِهِمْ لِبُولُسَ؟
١١ حَانَتِ ٱلسَّاعَةُ ٱلْآنَ لِيَرْحَلَ بُولُسُ وَلُوقَا وَرِفَاقُهُمَا. وَوَدَاعُ ٱلْإِخْوَةِ ٱلصُّورِيِّينَ أَظْهَرَ جَلِيًّا كَمْ يُحِبُّونَ ٱلرَّسُولَ وَيُقَدِّرُونَ خِدْمَتَهُ. فَقَدْ ذَهَبُوا جَمِيعًا إِلَى ٱلشَّطِّ، رِجَالًا وَنِسَاءً وَأَوْلَادًا، بِرِفْقَةِ بُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ. وَهُنَاكَ جَثَوْا وَصَلَّوْا مَعًا، ثُمَّ وَدَّعَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. إِنَّهُ بِٱلْفِعْلِ لَوَدَاعٌ مُؤَثِّرٌ. بَعْدَئِذٍ رَكِبَ ٱلْمُسَافِرُونَ سَفِينَةً أُخْرَى وَتَوَجَّهُوا إِلَى بَتُولِمَايِسَ حَيْثُ ٱلْتَقَوُا ٱلْإِخْوَةَ وَمَكَثُوا عِنْدَهُمْ يَوْمًا وَاحِدًا. — اع ٢١:٥-٧.
١٢، ١٣ (أ) أَيُّ سِجِلٍّ رَائِعٍ تَرَكَهُ فِيلِبُّسُ فِي ٱلْخِدْمَةِ ٱلْأَمِينَةِ؟ (ب) كَيْفَ رَسَمَ فِيلِبُّسُ مِثَالًا جَيِّدًا لِلْآبَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ؟
١٢ يُتَابِعُ لُوقَا: «فِي ٱلْغَدِ ٱنْطَلَقْنَا وَجِئْنَا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ، وَدَخَلْنَا بَيْتَ فِيلِبُّسَ ٱلْمُبَشِّرِ».a (اع ٢١:٨) وَكَمْ سُرُّوا دُونَ شَكٍّ لِرُؤْيَةِ أَخِيهِمْ فِيلِبُّسَ! فَقَبْلَ نَحْوِ ٢٠ سَنَةً، عَيَّنَهُ ٱلرُّسُلُ هُوَ وَآخَرِينَ لِلِٱهْتِمَامِ بِتَوْزِيعِ ٱلطَّعَامِ فِي ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْفَتِيَّةِ فِي أُورُشَلِيمَ. وَقَدْ قَضَى هٰذَا ٱلْأَخُ ٱلْغَيُورُ سَنَوَاتٍ طَوِيلَةً فِي ٱلْكِرَازَةِ. فَلَا نَنْسَ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى ٱلسَّامِرَةِ وَرَاحَ يُبَشِّرُ فِيهَا حِينَ تَبَدَّدَ ٱلتَّلَامِيذُ بِسَبَبِ ٱلِٱضْطِهَادِ. ثُمَّ بَشَّرَ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ ٱلْخَصِيَّ ٱلْحَبَشِيَّ وَعَمَّدَهُ. (اع ٦:٢-٦؛ ٨:٤-١٣، ٢٦-٣٨) فَيَا لَهٰذَا ٱلسِّجِلِّ ٱلرَّائِعِ وَٱلْأَمِينِ فِي خِدْمَةِ ٱللّٰهِ!
١٣ وَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ غَيْرَةَ فِيلِبُّسَ فِي ٱلْخِدْمَةِ لَمْ تَخْمُدْ قَطُّ. فَلَقَبُ «ٱلْمُبَشِّرِ» يَدُلُّ أَنَّهُ ظَلَّ مَشْغُولًا بِعَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ بَعْدَ أَنِ ٱسْتَقَرَّ فِي قَيْصَرِيَّةَ. كَمَا يُخْبِرُنَا لُوقَا عَنْ بَنَاتِهِ ٱلْأَرْبَعِ ٱللَّوَاتِي «تَنَبَّأْنَ»، مِمَّا يُشِيرُ أَنَّهُنَّ سِرْنَ عَلَى خُطَى أَبِيهِنَّ.b (اع ٢١:٩) فَلَا بُدَّ أَنَّ هٰذَا ٱلرَّجُلَ ٱلْمَسِيحِيَّ ٱجْتَهَدَ فِي تَنْمِيَةِ رُوحِيَّاتِ عَائِلَتِهِ. وَكَمْ يَحْسُنُ بِٱلْآبَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ أَنْ يَتْبَعُوا مِثَالَهُ، مُتَوَلِّينَ ٱلْقِيَادَةَ فِي ٱلْخِدْمَةِ وَمُسَاعِدِينَ أَوْلَادَهُمْ عَلَى تَنْمِيَةِ ٱلْمَحَبَّةِ لِعَمَلِ ٱلْبِشَارَةِ!
١٤ مَاذَا حَصَلَ دُونَ شَكٍّ عِنْدَمَا زَارَ بُولُسُ ٱلرُّفَقَاءَ ٱلْمُؤْمِنِينَ، وَأَيَّةُ فُرَصٍ مُمَاثِلَةٍ مُتَاحَةٌ لَنَا ٱلْيَوْمَ؟
١٤ رَأَيْنَا حَتَّى ٱلْآنَ كَيْفَ فَتَّشَ بُولُسُ عَنِ ٱلرُّفَقَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ فِي مَكَانٍ بَعْدَ آخَرَ وَأَمْضَى ٱلْوَقْتَ مَعَهُمْ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةَ بِدَوْرِهِمْ رَغِبُوا فِي ٱسْتِضَافَةِ هٰذَا ٱلْمُرْسَلِ وَرُفَقَائِهِ. نَتِيجَةً لِذٰلِكَ، ‹تَبَادَلَ ٱلْجَمِيعُ ٱلتَّشْجِيعَ› دُونَ شَكٍّ. (رو ١:١١، ١٢) وَنَحْنُ ٱلْيَوْمَ نَحْظَى بِفُرَصٍ مُشَابِهَةٍ. فَفِي وِسْعِنَا أَنْ نَحْصُدَ فَوَائِدَ جَمَّةً إِذَا فَتَحْنَا بَيْتَنَا، وَلَوْ كَانَ مُتَوَاضِعًا، لِلنُّظَّارِ ٱلْجَائِلِينَ وَزَوْجَاتِهِمْ. — رو ١٢:١٣.
«إِنِّي مُسْتَعِدٌّ . . . أَنْ أَمُوتَ» (اعمال ٢١:١٠-١٤)
١٥، ١٦ أَيَّ رِسَالَةٍ حَمَلَ أَغَابُوسُ، وَكَيْفَ أَثَّرَتْ فِي ٱلْحَاضِرِينَ؟
١٥ أَثْنَاءَ مُكُوثِ بُولُسَ عِنْدَ فِيلِبُّسَ، وَصَلَ ضَيْفٌ مُحْتَرَمٌ آخَرُ، هُوَ أَغَابُوسُ. وَقَدْ عَرَفَ ٱلْمُجْتَمِعُونَ فِي بَيْتِ فِيلِبُّسَ أَنَّ أَغَابُوسَ نَبِيٌّ. فَهُوَ مَنْ تَنَبَّأَ بِحُدُوثِ مَجَاعَةٍ عَظِيمَةٍ خِلَالَ حُكْمِ كُلُودِيُوسَ. (اع ١١:٢٧، ٢٨) لِذَا لَرُبَّمَا تَسَاءَلُوا: ‹مَاذَا أَتَى بِهِ؟ أَيَّ رِسَالَةٍ يَحْمِلُ؟›. وَفِيمَا رَاقَبُوا بِٱنْتِبَاهٍ مَا يَحْدُثُ، أَخَذَ ٱلنَّبِيُّ مِنْطَقَةَ بُولُسَ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ شَرِيطٍ قُمَاشِيٍّ طَوِيلٍ يُلَفُّ حَوْلَ ٱلْوَسَطِ تُوضَعُ فِيهِ ٱلنُّقُودُ وَأَغْرَاضٌ أُخْرَى، ثُمَّ قَيَّدَ بِهَا رِجْلَيْهِ وَيَدَيْهِ وَرَاحَ يَتَكَلَّمُ. فَجَاءَ كَلَامُهُ فِي مُنْتَهَى ٱلْخُطُورَةِ! ذَكَرَ: «هٰكَذَا يَقُولُ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ: ‹إِنَّ ٱلرَّجُلَ ٱلَّذِي لَهُ هٰذِهِ ٱلْمِنْطَقَةُ سَيُقَيِّدُهُ ٱلْيَهُودُ هٰكَذَا فِي أُورُشَلِيمَ وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى أَيْدِي أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ›». — اع ٢١:١١.
١٦ أَكَّدَتْ هٰذِهِ ٱلنُّبُوَّةُ أَنَّ بُولُسَ سَيَذْهَبُ بِٱلْفِعْلِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَأَشَارَتْ أَيْضًا أَنَّهُ سَيُسَلَّمُ «إِلَى أَيْدِي أُنَاسٍ مِنَ ٱلْأُمَمِ» بِسَبَبِ كِرَازَتِهِ لِلْيَهُودِ هُنَاكَ. وَلَا شَكَّ أَنَّ أَقْوَالَ ٱلنَّبِيِّ هَزَّتِ ٱلْحَاضِرِينَ جَمِيعًا. يُخْبِرُ لُوقَا: «لَمَّا سَمِعْنَا هٰذَا، تَوَسَّلْنَا إِلَى [بُولُسَ] نَحْنُ وَٱلَّذِينَ مِنْ ذٰلِكَ ٱلْمَكَانِ أَلَّا يَصْعَدَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. حِينَئِذٍ أَجَابَ بُولُسُ: ‹مَا بَالُكُمْ تَبْكُونَ وَتُضْعِفُونَ قَلْبِي؟ إِنِّي مُسْتَعِدٌّ لَيْسَ أَنْ أُقَيَّدَ فَقَطْ، بَلْ أَنْ أَمُوتَ أَيْضًا فِي أُورُشَلِيمَ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِ ٱلرَّبِّ يَسُوعَ›». — اع ٢١:١٢، ١٣.
١٧، ١٨ كَيْفَ أَظْهَرَ بُولُسُ تَصْمِيمَهُ ٱلرَّاسِخَ، وَمَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِ ٱلْإِخْوَةِ؟
١٧ لِنَتَخَيَّلْ مَعًا مَا قَرَأْنَاهُ لِلتَّوِّ: جَمِيعُ ٱلْحَاضِرِينَ، بِمَنْ فِيهِمْ لُوقَا، يَتَوَسَّلُونَ إِلَى بُولُسَ أَلَّا يُتَابِعَ رِحْلَتَهُ. وَيَغْلِبُ ٱلْقَلَقُ عَلَى بَعْضِهِمْ حَتَّى يَأْخُذَهُ ٱلْبُكَاءُ. فَيَتَأَثَّرُ بُولُسُ بِقَلَقِهِمِ ٱلْمَجْبُولِ بِٱلْمَحَبَّةِ وَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ لُطْفٍ، قَائِلًا إِنَّهُمْ ‹يُضْعِفُونَ قَلْبَهُ›، أَوْ ‹يَكْسِرُونَ قَلْبَهُ› كَمَا تَذْكُرُ بَعْضُ ٱلتَّرْجَمَاتِ. مَعَ ذٰلِكَ، يَبْقَى تَصْمِيمُهُ رَاسِخًا كَمَا كَانَ حِينَ ٱلْتَقَى ٱلْإِخْوَةَ فِي صُورَ. فَمَا كَانَ ٱلرَّسُولُ لِيَسْمَحَ لِلتَّوَسُّلَاتِ أَوِ ٱلدُّمُوعِ أَنْ تَثْنِيَهُ عَنْ عَزْمِهِ. عِوَضَ ذٰلِكَ، أَوْضَحَ لَهُمْ مَا يَدْعُوهُ إِلَى ٱلْمُضِيِّ قُدُمًا. فَيَا لَلشَّجَاعَةِ وَٱلتَّصْمِيمِ ٱللَّذَيْنِ تَحَلَّى بِهِمَا! فَعَلَى غِرَارِ يَسُوعَ، عَزَمَ بُولُسُ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى أُورُشَلِيمَ. (عب ١٢:٢) وَلَمْ يَكُنِ ٱلرَّسُولُ بِذٰلِكَ يَتَعَمَّدُ أَنْ يَقْضِيَ شَهِيدًا. وَلٰكِنْ فِي حَالِ كَانَتِ ٱلشَّهَادَةُ هِيَ مَصِيرَهُ، فَٱلْمَوْتُ كَوَاحِدٍ مِنْ أَتْبَاعِ يَسُوعَ شَرَفٌ كَبِيرٌ فِي نَظَرِهِ.
١٨ فَمَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِ ٱلْإِخْوَةِ؟ بِبَسِيطِ ٱلْعِبَارَةِ، نَزَلُوا عِنْدَ رَغْبَةِ ٱلرَّسُولِ. نَقْرَأُ: «وَلَمَّا لَمْ يَقْتَنِعْ رَضَخْنَا قَائِلِينَ: ‹لِتَكُنْ مَشِيئَةُ يَهْوَهَ!›». (اع ٢١:١٤) لَاحِظْ أَنَّ مَنْ حَاوَلُوا إِقْنَاعَ بُولُسَ بِعَدَمِ ٱلذَّهَابِ إِلَى أُورُشَلِيمَ، لَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَوْقِفِهِمْ، بَلْ أَصْغَوْا إِلَيْهِ وَأَذْعَنُوا لَهُ. فَقَدْ أَدْرَكُوا أَنَّهَا مَشِيئَةُ يَهْوَهَ. لِذٰلِكَ قَبِلُوا بِهَا رَغْمَ صُعُوبَةِ ٱلْأَمْرِ عَلَيْهِمْ. زِدْ عَلَى ذٰلِكَ أَنَّ ٱلرَّسُولَ سَائِرٌ فِي دَرْبٍ سَيُؤَدِّي أَخِيرًا إِلَى مَوْتِهِ. فَكَمْ يَسْهُلُ عَلَيْهِ ٱلْمُضِيُّ قُدُمًا حِينَ يُشَجِّعُهُ أَحِبَّاؤُهُ عِوَضَ أَنْ يُثَبِّطُوا عَزِيمَتَهُ!
١٩ أَيُّ دَرْسٍ نَسْتَمِدُّهُ مِمَّا حَدَثَ مَعَ بُولُسَ؟
١٩ وَمِنْ جِهَتِنَا نَسْتَمِدُّ دَرْسًا مُهِمًّا مِمَّا حَدَثَ مَعَ بُولُسَ. فَنَحْنُ أَيْضًا يَنْبَغِي أَلَّا نَثْنِيَ ٱلْآخَرِينَ عَنِ ٱلتَّحَلِّي بِرُوحِ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ فِي خِدْمَةِ ٱللّٰهِ. وَهٰذَا ٱلدَّرْسُ لَا يَصِحُّ فَقَطْ حِينَ تَكُونُ ٱلْمَسْأَلَةُ مَسْأَلَةَ حَيَاةٍ أَوْ مَوْتٍ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، يَسْتَصْعِبُ وَالِدُونَ مَسِيحِيُّونَ كَثِيرُونَ أَنْ يَتْرُكَ أَوْلَادُهُمُ ٱلْمَنْزِلَ لِكَيْ يَخْدُمُوا فِي مَنَاطِقَ بَعِيدَةٍ. مَعَ ذٰلِكَ، يَعْقِدُونَ ٱلْعَزْمَ أَلَّا يُثَبِّطُوا هِمَّةَ أَوْلَادِهِمْ. تَسْتَذْكِرُ فِيلِيسُ ٱلَّتِي تَعِيشُ فِي إِنْكِلْتَرَا كَيْفَ شَعَرَتْ حِينَ ٱنْتَقَلَتِ ٱبْنَتُهَا ٱلْوَحِيدَةُ لِتَخْدُمَ مُرْسَلَةً فِي إِفْرِيقْيَا. تَقُولُ: «عِشْتُ أَيَّامًا صَعْبَةً. فَقَدْ عَزَّ عَلَيَّ أَنَّ مَسَافَةً شَاسِعَةً تَفْصِلُ بَيْنَنَا. صَحِيحٌ أَنَّنِي شَعَرْتُ بِٱلْفَخْرِ، لٰكِنِّي شَعَرْتُ بِٱلْحُزْنِ أَيْضًا. فَصَلَّيْتُ إِلَى يَهْوَهَ مِرَارًا وَتَكْرَارًا بِهٰذَا ٱلْخُصُوصِ. غَيْرَ أَنَّنِي تَقَبَّلْتُ قَرَارَهَا، وَلَمْ أُحَاوِلْ قَطُّ إِقْنَاعَهَا بِٱلْعَوْدَةِ. فَلَطَالَمَا عَلَّمْتُهَا أَنَا بِنَفْسِي أَنْ تَضَعَ مَصَالِحَ ٱلْمَلَكُوتِ أَوَّلًا. وَٱلْيَوْمَ مَضَتْ ٣٠ سَنَةً عَلَى خِدْمَتِهَا فِي تَعْيِينَاتٍ أَجْنَبِيَّةٍ، وَأَنَا أَشْكُرُ يَهْوَهَ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى أَمَانَتِهَا». خُلَاصَةُ ٱلْقَوْلِ: كَمْ جَمِيلٌ أَنْ نُشَجِّعَ ٱلْإِخْوَةَ ٱلَّذِينَ يُضَحُّونَ بِأَنْفُسِهِمْ!
«اِسْتَقْبَلَنَا ٱلْإِخْوَةُ بِسُرُورٍ» (اعمال ٢١:١٥-١٧)
٢٠، ٢١ مَا ٱلدَّلِيلُ أَنَّ بُولُسَ أَحَبَّ رِفْقَةَ ٱلْإِخْوَةِ، وَمَاذَا دَفَعَهُ إِلَى ذٰلِكَ؟
٢٠ أُعِدَّتِ ٱلتَّرْتِيبَاتُ وَتَابَعَ بُولُسُ طَرِيقَهُ بِرِفْقَةِ ٱلْإِخْوَةِ ٱلَّذِينَ بَرْهَنُوا عَنْ دَعْمٍ كَامِلٍ لَهُ. وَكَمَا رَأَيْنَا، سَعَتِ ٱلْمَجْمُوعَةُ فِي كُلِّ مَحَطَّةٍ مِنْ مَحَطَّاتِ ٱلرِّحْلَةِ إِلَى ٱلتَّمَتُّعِ بِرِفْقَةِ إِخْوَتِهِمْ وَأَخَوَاتِهِمِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ. فَفِي صُورَ، وَجَدُوا ٱلتَّلَامِيذَ وَقَضَوْا مَعَهُمْ سَبْعَةَ أَيَّامٍ. وَفِي بَتُولِمَايِسَ، سَلَّمُوا عَلَى ٱلْإِخْوَةِ وَمَكَثُوا عِنْدَهُمْ يَوْمًا وَاحِدًا. أَمَّا فِي قَيْصَرِيَّةَ فَمَكَثُوا أَيَّامًا فِي بَيْتِ فِيلِبُّسَ. بَعْدَئِذٍ، رَافَقَهُمْ بَعْضُ ٱلتَّلَامِيذِ مِنْ قَيْصَرِيَّةَ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَيْثُ نَزَلُوا ضُيُوفًا عِنْدَ مَنَاسُونَ، أَحَدِ ٱلتَّلَامِيذِ ٱلْأَوَائِلِ. وَبِذٰلِكَ يَكُونُ ٱلْمُسَافِرُونَ قَدْ بَلَغُوا أَخِيرًا وُجْهَتَهُمْ حَيْثُ ‹ٱسْتَقْبَلَهُمُ ٱلْإِخْوَةُ بِسُرُورٍ›. — اع ٢١:١٧.
٢١ يَتَّضِحُ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ بُولُسَ أَحَبَّ رِفْقَةَ مَنْ يُشَاطِرُونَهُ إِيمَانَهُ. فَقَدِ ٱسْتَمَدَّ ٱلتَّشْجِيعَ مِنْ إِخْوَتِهِ وَأَخَوَاتِهِ، تَمَامًا كَمَا نَفْعَلُ نَحْنُ ٱلْيَوْمَ. وَلَا شَكَّ أَنَّ هٰذَا ٱلتَّشْجِيعَ قَوَّاهُ لِمُوَاجَهَةِ ٱلْمُقَاوِمِينَ ٱلشَّرِسِينَ ٱلَّذِينَ سَيَطْلُبُونَ قَتْلَهُ.
a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «قَيْصَرِيَّةُ: عَاصِمَةُ ٱلْيَهُودِيَّةِ».
b اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «هَلْ تُوكَلُ إِلَى ٱلنِّسَاءِ ٱلْمَسِيحِيَّاتِ أَيُّ مَسْؤُولِيَّةٍ دِينِيَّةٍ؟».