تَعَلَّمْ دُرُوسًا عَنِ ٱلسَّهَرِ مِنْ رُسُلِ يَسُوعَ
«اِبْقَوْا سَاهِرِينَ مَعِي». — مت ٢٦:٣٨.
١-٣ أَيُّ أَمْرٍ عَجِزَ ٱلرُّسُلُ عَنْ فِعْلِهِ فِي لَيْلَةِ يَسُوعَ ٱلْأَخِيرَةِ عَلَى ٱلْأَرْضِ، وَمَاذَا يُظْهِرُ أَنَّهُمْ تَعَلَّمُوا مِنْ خَطَئِهِمْ؟
يَأْتِي يَسُوعُ مَعَ رُسُلِهِ ٱلْأُمَنَاءِ فِي ٱللَّيْلَةِ ٱلْأَخِيرَةِ مِنْ حَيَاتِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ إِلَى مَكَانٍ مُحَبَّبٍ إِلَى قَلْبِهِ، بُسْتَانِ جَتْسِيمَانِي ٱلْوَاقِعِ شَرْقِيَّ أُورُشَلِيمَ. وَبِمَا أَنَّ أُمُورًا كَثِيرَةً تَشْغَلُ بَالَهُ، فَهُوَ بِحَاجَةٍ إِلَى ٱلِٱخْتِلَاءِ بِنَفْسِهِ لِلصَّلَاةِ. — مت ٢٦:٣٦؛ يو ١٨:١، ٢.
٢ لِذلِكَ يَتَوَغَّلُ فِي ٱلْبُسْتَانِ آخِذًا مَعَهُ ثَلَاثَةً مِنْ رُسُلِهِ: بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا. ثُمَّ يَقُولُ لَهُمْ: «اُمْكُثُوا هُنَا وَٱبْقَوْا سَاهِرِينَ مَعِي»، وَيَبْتَعِدُ عَنْهُمْ لِيُصَلِّيَ. وَلكِنْ عِنْدَمَا يَعُودُ، يَجِدُ أَصْدِقَاءَهُ نَائِمِينَ فَيُنَاشِدُهُمْ ثَانِيَةً: «اِبْقَوْا سَاهِرِينَ». رَغْمَ ذلِكَ، يَغْلِبُ عَلَيْهِمِ ٱلنَّوْمُ مَرَّتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. كَمَا أَنَّهُمْ يَعْجَزُونَ فِي تِلْكَ ٱللَّيْلَةِ نَفْسِهَا عَنِ ٱلْبَقَاءِ مُتَنَبِّهِينَ رُوحِيًّا. حَتَّى إِنَّهُمْ يَتْرُكُونَ يَسُوعَ وَيَهْرُبُونَ. — مت ٢٦:٣٨، ٤١، ٥٦.
٣ لَا شَكَّ أَنَّ هؤُلَاءِ ٱلرُّسُلَ ٱلْأُمَنَاءَ شَعَرُوا بِٱلنَّدَمِ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَبْقَوْا سَاهِرِينَ رُوحِيًّا. كَمَا أَنَّهُمْ سُرْعَانَ مَا تَعَلَّمُوا مِنْ خَطَئِهِمْ. وَهذَا مَا يُؤَكِّدُهُ لَنَا سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ. فَهُوَ يَرْوِي أَنَّ رُسُلَ يَسُوعَ رَسَمُوا مِثَالًا رَائِعًا فِي ٱلْبَقَاءِ سَاهِرِينَ. وَلَا بُدَّ أَنَّ مِثَالَهُمْ دَفَعَ رُفَقَاءَهُمُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ إِلَى ٱلِٱحْتِذَاءِ بِهِمْ. نَحْنُ أَيْضًا، يَلْزَمُ أَنْ نُدَاوِمَ عَلَى ٱلسَّهَرِ ٱلْآنَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى. (مت ٢٤:٤٢) فَلْنَسْتَعْرِضْ فِي مَا يَلِي ثَلَاثَةَ دُرُوسٍ نَتَعَلَّمُهَا عَنِ ٱلسَّهَرِ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ.
اَلتَّقَيُّدُ بِٱلتَّوْجِيهَاتِ ٱلَّتِي تَدُلُّنَا أَيْنَ يَجِبُ أَنْ نَكْرِزَ
٤، ٥ أَيُّ تَوْجِيهٍ نَالَهُ بُولُسُ وَرَفِيقَاهُ فِي ٱلسَّفَرِ؟
٤ أَوَّلًا، لَقَدْ حَرِصَ ٱلرُّسُلُ عَلَى ٱتِّبَاعِ ٱلتَّوْجِيهَاتِ ٱلَّتِي دَلَّتْهُمْ أَيْنَ يَجِبُ أَنْ يَكْرِزُوا. فَفِي إِحْدَى ٱلرِّوَايَاتِ، نَرَى كَيْفَ ٱسْتَخْدَمَ يَسُوعُ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ، ٱلَّذِي وَضَعَهُ يَهْوَهُ تَحْتَ تَصَرُّفِهِ، لِتَوْجِيهِ ٱلرَّسُولِ بُولُسَ وَمَنْ مَعَهُ خِلَالَ رِحْلَةٍ غَيْرِ عَادِيَّةٍ. (اع ٢:٣٣) فَلْنُرَاجِعِ ٱلْقِصَّةَ حَسْبَمَا تَرِدُ. — اِقْرَأْ اعمال ١٦:٦-١٠.
٥ بَعْدَ عِدَّةِ أَيَّامٍ مِنْ مُغَادَرَةِ بُولُسَ وَسِيلَا وَتِيمُوثَاوُسَ مَدِينَةَ لِسْتَرَةَ فِي جَنُوبِ غَلَاطِيَةَ، وَصَلُوا إِلَى طَرِيقٍ رُومَانِيٍّ يَتَّجِهُ نَحْوَ ٱلْغَرْبِ إِلَى ٱلْمِنْطَقَةِ ٱلْأَكْثَرِ كَثَافَةً فِي عَدَدِ ٱلسُّكَانِ فِي إِقْلِيمِ آسِيَا. فَقَرَّرُوا سُلُوكَ هذَا ٱلطَّرِيقِ كَيْ تَتَسَنَّى لَهُمْ زِيَارَةُ مُدُنٍ يَقْطُنُهَا آلَافُ ٱلْأَشْخَاصِ ٱلَّذِينَ يَجِبُ إِيصَالُ ٱلْبِشَارَةِ عَنِ ٱلْمَسِيحِ إِلَيْهِمْ. إِلَّا أَنَّ أَمْرًا مَا مَنَعَهُمْ مِنْ مُتَابَعَةِ رِحْلَتِهِمْ. يَقُولُ ٱلْعَدَدُ ٦: «اِجْتَازُوا فِي فَرِيجِيَةَ وَبِلَادِ غَلَاطِيَةَ، لِأَنَّ ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ نَهَاهُمْ عَنِ ٱلتَّكَلُّمِ بِٱلْكَلِمَةِ فِي إِقْلِيمِ آسِيَا». فَبِطَرِيقَةٍ مَا غَيْرِ مَذْكُورَةٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، مَنَعَ ٱلرُّوحُ ٱلْقُدُسُ هؤُلَاءِ ٱلْمُسَافِرِينَ مِنَ ٱلْكِرَازَةِ فِي إِقْلِيمِ آسِيَا. فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ يَسُوعَ، بِوَاسِطَةِ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ، أَرَادَ أَنْ يُوَجِّهَ بُولُسَ وَرَفِيقَيْهِ إِلَى ٱلذَّهَابِ فِي ٱتِّجَاهٍ آخَرَ.
٦، ٧ (أ) مَاذَا حَدَثَ مَعَ بُولُسَ وَرَفِيقَيْهِ حِينَ ٱقْتَرَبُوا مِنْ بِيثِينِيَةَ؟ (ب) أَيُّ قَرَارٍ ٱتَّخَذَهُ ٱلتَّلَامِيذُ، وَبِأَيَّةِ نَتِيجَةٍ؟
٦ وَإِلَى أَيْنَ ذَهَبَ هؤُلَاءِ ٱلْمُسَافِرُونَ ٱلْمُتَحَمِّسُونَ؟ يُوضِحُ ٱلْعَدَدُ ٧: «لَمَّا وَصَلُوا إِلَى مِيسِيَةَ بَذَلُوا جُهْدًا لِيَذْهَبُوا إِلَى بِيثِينِيَةَ، غَيْرَ أَنَّ رُوحَ يَسُوعَ لَمْ يَسْمَحْ لَهُمْ». فَبِمَا أَنَّ بُولُسَ وَرَفِيقَيْهِ مُنِعُوا مِنَ ٱلْكِرَازَةِ فِي آسِيَا، تَوَجَّهُوا شَمَالًا وَفِي نِيَّتِهِمِ ٱلْكِرَازَةُ فِي مُدُنِ بِيثِينِيَةَ. وَلكِنْ حِينَ ٱقْتَرَبُوا مِنْ بِيثِينِيَةَ، ٱسْتَخْدَمَ يَسُوعُ مَرَّةً أُخْرَى ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ لِمَنْعِهِمْ مِنَ ٱلْكِرَازَةِ هُنَاكَ. وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلَّ ذلِكَ أَوْقَعَهُمْ فِي حَيْرَةٍ. فَكَانُوا يَعْرِفُونَ بِمَاذَا يَكْرِزُونَ وَكَيْفَ يَكْرِزُونَ، لكِنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا أَيْنَ يَكْرِزُونَ. وَبِكَلِمَاتٍ أُخْرَى: لَقَدْ قَرَعُوا بَابَ آسِيَا، وَلكِنْ بِلَا جَدْوَى. ثُمَّ قَرَعُوا بَابَ بِيثِينِيَةَ، لكِنَّهُ هُوَ ٱلْآخَرَ بَقِيَ مُوصَدًا فِي وَجْهِهِمْ. فَهَلْ تَوَقَّفُوا عَنِ ٱلْقَرْعِ؟ كَلَّا، فَهذَا لَمْ يَجْعَلْ هؤُلَاءِ ٱلْكَارِزِينَ ٱلْغَيُورِينَ يَسْتَسْلِمُونَ.
٧ عَلَى ٱلْعَكْسِ، لَقَدِ ٱتَّخَذُوا قَرَارًا بَدَا غَرِيبًا بَعْضَ ٱلشَّيْءِ. يُخْبِرُنَا ٱلْعَدَدُ ٨: «تَجَاوَزُوا مِيسِيَةَ وَنَزَلُوا إِلَى تَرُوَاسَ». فَقَدِ ٱنْعَطَفُوا غَرْبًا وَسَارُوا مَسَافَةَ ٥٦٣ كِيلُومِتْرًا، مُجْتَازِينَ عِدَّةَ مُدُنٍ حَتَّى وَصَلُوا إِلَى مَرْفَإِ تَرُوَاسَ، ٱلَّذِي كَانَ بِمَثَابَةِ بَوَّابَةِ عُبُورٍ إِلَى مَقْدُونِيَةَ. وَهُنَاكَ قَرَعَ بُولُسُ بَابًا ثَالِثًا، فَٱنْفَتَحَ لَهُ ٱلْبَابُ هذِهِ ٱلْمَرَّةَ عَلَى مِصْرَاعَيْهِ! وَيُطْلِعُنَا ٱلْعَدَدُ ٩ عَمَّا حَدَثَ بَعْدَ ذلِكَ: «فِي ٱللَّيْلِ تَرَاءَتْ لِبُولُسَ رُؤْيَا: رَجُلٌ مَقْدُونِيٌّ وَاقِفٌ يَتَوَسَّلُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: ‹اُعْبُرْ إِلَى مَقْدُونِيَةَ وَأَعِنَّا›». وَأَخِيرًا، عَرَفَ بُولُسُ أَيْنَ يَجِبُ أَنْ يَكرِزَ. فَأَبْحَرَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ دُونَمَا تَأْخِيرٍ إِلَى مَقْدُونِيَةَ.
٨، ٩ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنَ ٱلرِّوَايَةِ عَنْ رِحْلَةِ بُولُسَ؟
٨ فَأَيُّ دَرْسٍ نَتَعَلَّمُهُ مِنْ هذِهِ ٱلرِّوَايَةِ؟ لَاحِظْ أَنَّ رُوحَ ٱللّٰهِ لَمْ يَتَدَخَّلْ إِلَّا بَعْدَ أَنِ ٱنْطَلَقَ بُولُسُ إِلَى آسِيَا. وَلَمْ يَكُنْ إِلَّا بَعْدَمَا ٱقْتَرَبَ مِنْ بِيثِينِيَةَ أَنَّ يَسُوعَ أَعْطَاهُ ٱلْإِرْشَادَاتِ. كَمَا أَنَّ يَسُوعَ لَمْ يُوَجِّهْهُ لِيَذْهَبَ إِلَى مَقْدُونِيَةَ إِلَّا بَعْدَ وُصُولِهِ إِلَى تَرُوَاسَ. وَيَصِحُّ ٱلْأَمْرُ نَفْسُهُ ٱلْيَوْمَ أَيْضًا. فَيَسُوعُ، رَأْسُ ٱلْجَمَاعَةِ، قَدْ يَتَعَامَلُ مَعَنَا بِٱلطَّرِيقَةِ نَفْسِهَا. (كو ١:١٨) عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، لَرُبَّمَا تُفَكِّرُ أَنْ تَنْخَرِطَ فِي خِدْمَةِ ٱلْفَتْحِ أَوْ أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى حَيْثُ تُوجَدُ حَاجَةٌ مَاسَّةٌ إِلَى مُبَشِّرِينَ. لكِنَّكَ قَدْ لَا تَنَالُ إِرْشَادَ يَسُوعَ بِوَاسِطَةِ رُوحِ ٱللّٰهِ إِلَّا بَعْدَ أَنْ تَتَّخِذَ خُطُوَاتٍ مُحَدَّدَةً لِبُلُوغِ هَدَفِكَ. فَكِّرْ فِي هذَا ٱلْمَثَلِ: لَا يُمْكِنُ لِلسَّائِقِ أَنْ يُوَجِّهَ سَيَّارَتَهُ شِمَالًا أَوْ يَمِينًا إِلَّا إِذَا كَانَتْ تَسِيرُ. بِصُورَةٍ مُمَاثِلَةٍ، لَا يُمْكِنُ لِيَسُوعَ أَنْ يُوَجِّهَنَا لِتَوْسِيعِ خِدْمَتِنَا إِلَّا إِذَا كُنَّا نَسِيرُ، أَيْ نَبْذُلُ جُهْدًا دَؤُوبًا لِبُلُوغِ هَدَفِنَا.
٩ وَلكِنْ مَا ٱلْعَمَلُ إِنْ لَمْ تُثْمِرْ جُهُودُكَ فَوْرًا؟ هَلْ تَسْتَنْتِجُ أَنَّ رُوحَ ٱللّٰهِ لَا يُرْشِدُكَ وَتَسْتَسْلِمُ؟ تَذَكَّرْ أَنَّ بُولُسَ أَيْضًا وَاجَهَ عَقَبَاتٍ فِي طَرِيقِهِ. لكِنَّهُ دَاوَمَ عَلَى ٱلْبَحْثِ وَٱلْقَرْعِ حَتَّى وَجَدَ بَابًا ٱنْفَتَحَ لَهُ عَلَى مِصْرَاعَيْهِ. أَنْتَ أَيْضًا، سَتَجْنِي ٱلْمُكَافَآتِ إِذَا ثَابَرْتَ عَلَى ٱلْبَحْثِ عَنْ «بَابٍ كَبِيرٍ يُؤَدِّي إِلَى ٱلنَّشَاطِ». — ١ كو ١٦:٩.
اَلتَّيَقُّظُ لِلصَّلَوَاتِ
١٠ مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ ٱلتَّيَقُّظَ لِلصَّلَوَاتِ ضَرُورِيٌّ لِلْبَقَاءِ سَاهِرِينَ؟
١٠ لِنَرَ ٱلْآنَ ٱلدَّرْسَ ٱلثَّانِيَ ٱلَّذِي نَتَعَلَّمُهُ عَنِ ٱلسَّهَرِ مِنْ مَسِيحِيِّي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ: لَقَدْ كَانُوا مُتَيَقِّظِينَ لِلصَّلَوَاتِ. (١ بط ٤:٧) فَٱلْمُثَابَرَةُ عَلَى ٱلصَّلَاةِ ضَرُورِيَّةٌ لِلْبَقَاءِ سَاهِرِينَ. تَذَكَّرْ أَنَّ يَسُوعَ قُبَيْلَ ٱعْتِقَالِهِ قَالَ لِثَلَاثَةٍ مِنْ رُسُلِهِ فِي بُسْتَانِ جَتْسِيمَانِي: «اِبْقَوْا سَاهِرِينَ وَصَلُّوا بِٱسْتِمْرَارٍ». — مت ٢٦:٤١.
١١، ١٢ لِمَاذَا وَكَيْفَ أَسَاءَ هِيرُودُسُ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ، بِمَنْ فِيهِمْ بُطْرُسُ؟
١١ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، لَمَسَ بُطْرُسُ — اَلَّذِي كَانَ حَاضِرًا فِي تِلْكَ ٱلْمُنَاسَبَةِ — تَأْثِيرَ ٱلصَّلَوَاتِ ٱلْحَارَّةِ. (اِقْرَأْ اعمال ١٢:١-٦.) تُخْبِرُنَا ٱلْأَعْدَادُ ٱلِٱفْتِتَاحِيَّةُ مِنْ هذِهِ ٱلرِّوَايَةِ أَنَّ هِيرُودُسَ أَسَاءَ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱسْتِرْضَاءً لِلْيَهُودِ. وَلَا بُدَّ أَنَّهُ عَرَفَ أَنَّ يَعْقُوبَ أَخَا يُوحَنَّا هُوَ رَسُولٌ وَأَنَّهُ كَانَ مُقَرَّبًا جِدًّا مِنْ يَسُوعَ. لِذلِكَ قَضَى عَلَيْهِ «بِٱلسَّيْفِ». (اَلْعَدَدُ ٢) وَهكَذَا، خَسِرَتِ ٱلْجَمَاعَةُ رَسُولًا حَبِيبًا. فَكَمْ كَانَتْ هذِهِ ٱلْمِحْنَةُ قَاسِيَةً عَلَى ٱلْإِخْوَةِ!
١٢ وَمَاذَا فَعَلَ هِيرُودُسُ بَعْدَ ذلِكَ؟ يَذْكُرُ ٱلْعَدَدُ ٣: «إِذْ رَأَى أَنَّ ذٰلِكَ يُرْضِي ٱلْيَهُودَ، عَادَ فَقَبَضَ عَلَى بُطْرُسَ أَيْضًا». لكِنَّ بُطْرُسَ وَغَيْرَهُ مِنَ ٱلرُّسُلِ سَبَقَ أَنْ تَحَرَّرُوا عَجَائِبِيًّا مِنَ ٱلسِّجْنِ. (اع ٥:١٧-٢٠) وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ، كَانَ هذَا ٱلسِّيَاسِيُّ ٱلدَّاهِيَةُ يَعْرِفُ ذلِكَ جَيِّدًا، لِذلِكَ حَرِصَ أَلَّا يَحْدُثَ هذَا ٱلْأَمْرُ مَرَّةً أُخْرَى. فَقَدْ سَلَّمَ بُطْرُسَ «إِلَى أَرْبَعِ مَجْمُوعَاتٍ مُتَنَاوِبَةٍ، كُلٌّ مِنْهَا أَرْبَعَةُ جُنُودٍ، لِكَيْ يَحْرُسُوهُ، إِذْ كَانَ يَنْوِي أَنْ يُقَدِّمَهُ إِلَى ٱلشَّعْبِ بَعْدَ ٱلْفِصْحِ». (اَلْعَدَدُ ٤) تَخَيَّلْ ذلِكَ: أَمَرَ هِيرُودُسُ أَنْ يُقَيَّدَ بُطْرُسُ بِسِلْسِلَتَيْنِ بَيْنَ حَارِسَيْنِ وَأَنْ يَتَنَاوَبَ عَلَى حِرَاسَتِهِ ١٦ جُنْدِيًّا لَيْلًا وَنَهَارًا لِئَلَّا يَهْرُبَ. وَكَانَ يَنْوِي أَنْ يُقَدِّمَهُ إِلَى ٱلشَّعْبِ بَعْدَ ٱلْفِصْحِ لِيَكُونَ حُكْمُ إِعْدَامِهِ بِمَثَابَةِ هَدِيَّةٍ لَهُمْ. فَمَاذَا عَسَى رُفَقَاءُ بُطْرُسَ ٱلْمَسِيحِيُّونَ أَنْ يَفْعَلُوا فِي هذِهِ ٱلْأَوْقَاتِ ٱلْعَصِيبَةِ؟
١٣، ١٤ (أ) مَاذَا فَعَلَتِ ٱلْجَمَاعَةُ حِيَالَ سَجْنِ بُطْرُسَ؟ (ب) مَاذَا نَتَعَلَّمُ بِشَأْنِ ٱلصَّلَاةِ مِنْ مِثَالِ رُفَقَاءِ بُطْرُسَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ؟
١٣ كَانَتِ ٱلْجَمَاعَةُ تَعْرِفُ مَا يَنْبَغِي فِعْلُهُ. نَقْرَأُ فِي ٱلْعَدَدِ ٥: «كَانَ بُطْرُسُ مُحْتَجَزًا فِي ٱلسِّجْنِ. أَمَّا ٱلْجَمَاعَةُ فَكَانَتْ تُوَاظِبُ عَلَى ٱلصَّلَاةِ بِحَرَارَةٍ إِلَى ٱللّٰهِ مِنْ أَجْلِهِ». فَقَدْ قَدَّمُوا صَلَوَاتٍ حَارَّةً صَادِرَةً مِنَ ٱلْقَلْبِ مِنْ أَجْلِ أَخِيهِمِ ٱلْحَبِيبِ. فَمَوْتُ يَعْقُوبَ لَمْ يَحْمِلْهُمْ عَلَى ٱلْيَأْسِ أَوْ يَجْعَلْهُمْ يَعْتَبِرُونَ ٱلصَّلَاةَ دُونَ جَدْوَى. بِٱلْأَحْرَى، عَرَفُوا أَنَّ صَلَوَاتِ ٱلْعُبَّادِ ٱلْأُمَنَاءِ عَظِيمَةُ ٱلْقِيمَةِ فِي نَظَرِ يَهْوَهَ. فَهُوَ يَسْتَجِيبُ ٱلصَّلَوَاتِ إِذَا كَانَتْ مُنْسَجِمَةً مَعَ مَشِيئَتِهِ. — عب ١٣:١٨، ١٩؛ يع ٥:١٦.
١٤ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِمَّا فَعَلَهُ هؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيُّونَ؟ إِنَّ بَقَاءَنَا سَاهِرِينَ لَا يَشْمُلُ ٱلصَّلَاةَ لِأَنْفُسِنَا فَحَسْبُ، بَلْ أَيْضًا لِإِخْوَتِنَا وَأَخَوَاتِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ. (اف ٦:١٨) فَهَلْ تَعْرِفُ شُهُودًا يَمُرُّونَ بِمِحْنَةٍ مَا؟ لَرُبَّمَا يَتَعَرَّضُونَ لِلِٱضْطِهَادِ، يَعِيشُونَ فِي بَلَدٍ تَحْظُرُ فِيهِ ٱلْحُكُومَةُ عَمَلَنَا، أَوْ حَلَّتْ بِهِمْ إِحْدَى ٱلْكَوَارِثِ ٱلطَّبِيعِيَّةِ. فَلِمَ لَا تُصَلِّي مِنْ أَجْلِهِمْ؟ أَوْ قَدْ تَعْرِفُ آخَرِينَ يُقَاسُونَ مَشَقَّاتٍ لَا يُلَاحِظُهَا ٱلْآخَرُونَ. فَرُبَّمَا لَدَيْهِمْ مَشَاكِلُ عَائِلِيَّةٌ، يَشْعُرُونَ بِٱلتَّثَبُّطِ، أَوْ يُعَانُونَ ٱعْتِلَالًا فِي صِحَّتِهِمْ. فَمَا رَأْيُكَ أَنْ تُفَكِّرَ فِي أَشْخَاصٍ مُعَيَّنِينَ يُمْكِنُكَ ذِكْرُهُمْ بِٱلِٱسْمِ وَأَنْتَ تُخَاطِبُ يَهْوَهَ، «سَامِعَ ٱلصَّلَاةِ»؟ — مز ٦٥:٢.
١٥، ١٦ (أ) صِفُوا كَيْفَ أَنْقَذَ مَلَاكُ يَهْوَهَ بُطْرُسَ مِنَ ٱلسِّجْنِ. (اُنْظُرُوا ٱلصُّورَةَ أَدْنَاهُ.) (ب) لِمَاذَا يُقَوِّينَا ٱلتَّأَمُّلُ فِي طَرِيقَةِ إِنْقَاذِ يَهْوَهَ لِبُطْرُسَ؟
١٥ لِنَعُدِ ٱلْآنَ إِلَى ٱلرِّوَايَةِ عَنْ بُطْرُسَ. فَمَاذَا حَلَّ بِهِ؟ لَقَدْ حَصَلَتْ لَهُ أَحْدَاثٌ مُذْهِلَةٌ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ قَضَاهَا فِي ٱلسِّجْنِ. (اِقْرَأْ اعمال ١٢:٧-١١.) فَبَيْنَمَا كَانَ نَائِمًا بَيْنَ جُنْدِيَّيْنِ أَضَاءَ فَجْأَةً نُورٌ فِي ٱلزِّنْزَانَةِ. وَظَهَرَ مَلَاكٌ بِجَانِبِهِ وَأَيْقَظَهُ بِلَهْجَةٍ تَنِمُّ عَنْ إِلْحَاحٍ، وَلكِنْ دُونَ أَنْ يَرَاهُ ٱلْحَارِسَانِ. ثُمَّ وَبِكُلِّ سُهُولَةٍ سَقَطَتِ ٱلسِّلْسِلَتَانِ ٱللَّتَانِ تُكَبِّلَانِ يَدَيْ بُطْرُسَ. بَعْدَ ذلِكَ، خَرَجَ هُوَ وَٱلْمَلَاكُ مِنَ ٱلزِّنْزَانَةِ وَمَرَّا بِقُرْبِ ٱلْحَارِسَيْنِ ٱلْوَاقِفَيْنِ أَمَامَ بَابِ ٱلْحَدِيدِ ٱلضَّخْمِ ٱلَّذِي ٱنْفَتَحَ «مِنْ ذَاتِهِ». وَحَالَمَا خَرَجَا إِلَى ٱلشَّارِعِ، ٱخْتَفَى ٱلْمَلَاكُ. وَهكَذَا، تَحَرَّرَ بُطْرُسُ مِنَ ٱلسِّجْنِ.
١٦ أَوَلَا يَقْوَى إِيمَانُنَا حِينَ نُفَكِّرُ فِي قُدْرَةِ يَهْوَهَ عَلَى إِنْقَاذِ خُدَّامِهِ؟ صَحِيحٌ أَنَّنَا فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْحَاضِرِ لَا نَتَوَقَّعُ مِنْهُ أَنْ يُنْقِذَ خُدَّامَهُ عَجَائِبِيًّا، لكِنَّنَا نَثِقُ ثِقَةً مُطْلَقَةً بِقُدْرَتِهِ عَلَى مُسَاعَدَةِ شَعْبِهِ. (٢ اخ ١٦:٩) فَبِوَاسِطَةِ رُوحِهِ ٱلْقُدُسِ ٱلْفَعَّالِ، يُقَوِّينَا كَيْ نَحْتَمِلَ شَتَّى ٱلْمِحَنِ. (٢ كو ٤:٧؛ ٢ بط ٢:٩) وَعَمَّا قَرِيبٍ، سَيَسْتَخْدِمُ ٱبْنَهُ لِتَحْرِيرِ مَلَايِينِ ٱلْأَشْخَاصِ مِنْ أَمْنَعِ ٱلسُّجُونِ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ: اَلْمَوْتِ. (يو ٥:٢٨، ٢٩) وَإِيمَانُنَا بِوُعُودِ يَهْوَهَ يَبُثُّ فِينَا شَجَاعَةً كَبِيرَةً لِمُوَاجَهَةِ ٱلْمِحَنِ ٱلَّتِي تَبْتَلِينَا ٱلْيَوْمَ.
اَلشَّهَادَةُ كَامِلًا رَغْمَ ٱلصُّعُوبَاتِ
١٧ أَيُّ مِثَالٍ بَارِزٍ رَسَمَهُ بُولُسُ فِي ٱلْكِرَازَةِ بِغَيْرَةٍ وَإِلْحَاحٍ؟
١٧ مَا هُوَ ٱلدَّرْسُ ٱلثَّالِثُ ٱلَّذِي نَتَعَلَّمُهُ عَنِ ٱلسَّهَرِ مِنَ ٱلرُّسُلِ؟ لَقَدْ وَاظَبُوا عَلَى تَأْدِيَةِ شَهَادَةٍ كَامِلَةٍ رَغْمَ ٱلصُّعُوبَاتِ. فَٱلْكِرَازَةُ بِغَيْرَةٍ وَإِلْحَاحٍ ضَرُورِيَّةٌ لِلْبَقَاءِ سَاهِرِينَ. وَٱلرَّسُولُ بُولُسُ هُوَ خَيْرُ مِثَالٍ فِي هذَا ٱلْمَجَالِ. فَقَدْ كَانَ غَيُورًا وَبَذَلَ كُلَّ مَا فِي وِسْعِهِ، قَاطِعًا مَسَافَاتٍ كَبِيرَةً وَمُؤَسِّسًا جَمَاعَاتٍ كَثِيرَةً. وَرَغْمَ أَنَّهُ ٱحْتَمَلَ مَشَقَّاتٍ عَدِيدَةً، لَمْ تَفْتُرْ غَيْرَتُهُ أَوْ يَخِفَّ شُعُورُهُ بِٱلْإِلْحَاحِ قَطُّ. — ٢ كو ١١:٢٣-٢٩.
١٨ كَيْفَ ٱسْتَمَرَّ بُولُسُ فِي تَقْدِيمِ ٱلشَّهَادَةِ فِيمَا كَانَ مُحْتَجَزًا فِي رُومَا؟
١٨ يَتَضَمَّنُ ٱلْإِصْحَاحُ ٢٨ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ آخِرَ مَعْلُومَاتٍ وَرَدَتْ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ عَنْ بُولُسَ. فَهُوَ يَرْوِي أَنَّهُ وَصَلَ إِلَى رُومَا، حَيْثُ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَمْثُلَ أَمَامَ نَيْرُونَ. فَٱحْتُجِزَ فِي مَنْزِلٍ، رُبَّمَا مُقَيَّدًا بِسِلْسِلَةٍ وَمَرْبُوطًا بِحَارِسِهِ. وَلكِنْ مَا مِنْ سِلْسِلَةٍ كَانَتْ تَسْتَطِيعُ إِسْكَاتَ هذَا ٱلرَّسُولِ ٱلشُّجَاعِ. فَقَدِ ٱسْتَمَرَّ بُولُسُ فِي ٱلْبَحْثِ عَنْ طَرَائِقَ لِلشَّهَادَةِ. (اِقْرَأْ اعمال ٢٨:١٧، ٢٣، ٢٤.) فَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ٱسْتَدْعَى أَعْيَانَ ٱلْيَهُودِ لِيَشْهَدَ لَهُمْ. ثُمَّ فِي يَوْمٍ آخَرَ عَيَّنُوهُ لَهُ، قَدَّمَ شَهَادَةً أَعْظَمَ. يَذْكُرُ ٱلْعَدَدُ ٢٣: «عَيَّنُوا لَهُ يَوْمًا، فَجَاءُوا إِلَيْهِ فِي مَنْزِلِهِ وَهُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا. فَشَرَحَ لَهُمُ ٱلْأَمْرَ مُؤَدِّيًا شَهَادَةً كَامِلَةً عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ، وَمُحَاجًّا لِإِقْنَاعِهِمْ بِشَأْنِ يَسُوعَ مِنْ شَرِيعَةِ مُوسَى وَٱلْأَنْبِيَاءِ، مِنَ ٱلصَّبَاحِ حَتَّى ٱلْمَسَاءِ».
١٩، ٢٠ (أ) لِمَاذَا كَانَ بُولُسُ فَعَّالًا جِدًّا فِي ٱلشَّهَادَةِ؟ (ب) مَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِ بُولُسَ بِسَبَبِ عَدَمِ تَجَاوُبِ ٱلْبَعْضِ مَعَ ٱلْبِشَارَةِ؟
١٩ وَلِمَاذَا كَانَ بُولُسُ فَعَّالًا جِدًّا فِي ٱلشَّهَادَةِ؟ لَاحِظْ أَنَّ ٱلْعَدَدَ ٢٣ يُورِدُ عِدَّةَ أَسْبَابٍ: (١) رَكَّزَ عَلَى مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. (٢) حَاوَلَ أَنْ يَمَسَّ قُلُوبَ مُسْتَمِعِيهِ بِٱسْتِخْدَامِ ‹ٱلْإِقْنَاعِ›. (٣) حَاجَّ مَنْطِقِيًّا مِنَ ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. (٤) أَظْهَرَ رُوحَ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ، مُقَدِّمًا ٱلشَّهَادَةَ «مِنَ ٱلصَّبَاحِ حَتَّى ٱلْمَسَاءِ». وَلكِنْ رَغْمَ أَنَّهُ قَدَّمَ شَهَادَةً فَعَّالَةً، لَمْ يَتَجَاوَبْ كُلُّ ٱلْحَاضِرِينَ مَعَ ٱلْبِشَارَةِ. يَقُولُ ٱلْعَدَدُ ٢٤: «مِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِمَا قِيلَ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ». وَإِذْ نَشَأَ خِلَافٌ بَيْنَهُمُ، ٱبْتَدَأُوا يَنْصَرِفُونَ.
٢٠ فَهَلْ تَثَبَّطَ بُولُسُ بِسَبَبِ عَدَمِ تَجَاوُبِ ٱلْبَعْضِ مَعَ ٱلْبِشَارَةِ؟ كَلَّا. نَقْرَأُ فِي أَعْمَال ٢٨:٣٠، ٣١: «بَقِيَ سَنَتَيْنِ كَامِلَتَيْنِ فِي بَيْتٍ ٱسْتَأْجَرَهُ لِنَفْسِهِ، وَكَانَ يَسْتَقْبِلُ بِٱلتَّرْحَابِ جَمِيعَ ٱلَّذِينَ يَدْخُلُونَ إِلَيْهِ، كَارِزًا لَهُمْ بِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ وَمُعَلِّمًا مَا يَخْتَصُّ بِٱلرَّبِّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ بِكُلِّ حُرِّيَّةِ كَلَامٍ، وَدُونَ عَائِقٍ». وَبِهذِهِ ٱلْفِكْرَةِ ٱلْمُشَجِّعَةِ يُخْتَتَمُ سِفْرُ ٱلْأَعْمَالِ.
٢١ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِ بُولُسَ حِينَ كَانَ مُحْتَجَزًا فِي مَنْزِلٍ؟
٢١ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مِثَالِ بُولُسَ؟ رَغْمَ أَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ ٱلشَّهَادَةِ مِنْ بَيْتٍ إِلَى بَيْتٍ حِينَ كَانَ مُحْتَجَزًا فِي مَنْزِلٍ، فَقَدْ حَافَظَ عَلَى نَظْرَةٍ إِيجَابِيَّةٍ، إِذْ شَهِدَ لِجَمِيعِ ٱلَّذِينَ أَتَوْا إِلَيْهِ. عَلَى نَحْوٍ مُمَاثِلٍ، يُحَافِظُ كَثِيرُونَ مِنْ شَعْبِ ٱللّٰهِ عَلَى فَرَحِهِمْ وَيُدَاوِمُونَ عَلَى ٱلْكِرَازَةِ رَغْمَ سَجْنِهِمْ ظُلْمًا بِسَبَبِ إِيمَانِهِمْ. كَمَا أَنَّ بَعْضَ إِخْوَتِنَا وَأَخَواتِنَا ٱلْكِبَارِ ٱلسِّنِّ أَوِ ٱلْمَرْضَى يُلَازِمُونَ مَنَازِلَهُمْ أَوْ يَعِيشُونَ فِي دُورٍ لِلرِّعَايَةِ. مَعَ ذلِكَ، فَهُمْ يَكْرِزُونَ قَدْرَ ٱلْإِمْكَانِ لِلْأَطِبَّاءِ وَٱلزَّائِرِينَ وَغَيْرِهِمْ، إِذْ يَرْغَبُونَ مِنْ كُلِّ قَلْبِهِمْ أَنْ يُؤَدُّوا شَهَادَةً كَامِلَةً عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ. فَكَمْ نُقَدِّرُ ٱلْمِثَالَ ٱلرَّائِعَ ٱلَّذِي يَرْسُمُونَهُ!
٢٢ (أ) أَيَّةُ مَطْبُوعَةٍ تُسَاعِدُنَا عَلَى ٱلِٱسْتِفَادَةِ مِنْ سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ؟ (اُنْظُرُوا ٱلْإِطَارَ أَعْلَاهُ.) (ب) عَلَامَ أَنْتُمْ عَاقِدُو ٱلْعَزْمِ رَيْثَمَا يَنْتَهِي نِظَامُ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْقَدِيمُ هذَا؟
٢٢ مِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ هُنَالِكَ ٱلْكَثِيرَ لَتَعَلُّمِهِ عَنِ ٱلسَّهَرِ مِنَ ٱلرُّسُلِ وَمَسِيحِيِّي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ ٱلْآخَرِينَ ٱلْوَارِدِ ذِكْرُهُمْ فِي سِفْرِ ٱلْأَعْمَالِ. لِذلِكَ، رَيْثَمَا يَنْتَهِي نِظَامُ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلْقَدِيمُ هذَا، لِنَعْقِدِ ٱلْعَزْمَ عَلَى ٱلِٱقْتِدَاءِ بِهؤُلَاءِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأَوَائِلِ ٱلَّذِينَ قَدَّمُوا شَهَادَةً ٱتَّسَمَتْ بِٱلْجُرْأَةِ وَٱلْغَيْرَةِ. فَمَا مِنِ ٱمْتِيَازٍ يُمْكِنُ أَنْ نَحْظَى بِهِ أَعْظَمُ مِنَ ٱلْمُسَاهَمَةِ فِي ‹تَأْدِيَةِ شَهَادَةٍ كَامِلَةٍ› عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ! — اع ٢٨:٢٣.
[الاطار في الصفحة ١٣]
«صِرْتُ أَرَى سِفْرَ ٱلْأَعْمَالِ بِمِنْظَارٍ آخَرَ»
بَعْدَ قِرَاءَةِ كِتَابِ ‹اَلشَّهَادَةُ كَامِلًا› عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ (بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ)، عَبَّرَ أَحَدُ ٱلنُّظَّارِ ٱلْجَائِلِينَ عَنْ مَشَاعِرِهِ كَمَا يَلِي: «صِرْتُ أَرَى سِفْرَ ٱلْأَعْمَالِ بِمِنْظَارٍ آخَرَ. صَحِيحٌ أَنِّي تَصَفَّحْتُ رِوَايَاتِهِ مِرَارًا، لكِنِّي كُنْتُ أَشْعُرُ كَمَا لَوْ أَنِّي شَخْصٌ يَسِيرُ حَامِلًا شَمْعَةً وَوَاضِعًا نَظَّارَاتٍ مُتَّسِخَةً. أَمَّا ٱلْآنَ فَأَنْعَمُ بِرُؤْيَةِ عَظَمَتِهِ فِي ضَوْءِ ٱلشَّمْسِ».
[الصورة في الصفحة ١٢]
مَلَاكٌ أَخْرَجَ بُطْرُسَ عَبْرَ بَابِ ٱلْحَدِيدِ ٱلضَّخْمِ