«اِسْتَمِرُّوا . . . مُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا»
«اِسْتَمِرُّوا مُتَحَمِّلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا». — كو ٣:١٣.
١، ٢ لِمَاذَا مِنَ ٱلْمُهِمِّ أَنْ يُفَكِّرَ كُلٌّ مِنَّا جِدِّيًّا فِي مَدَى ٱسْتِعْدَادِهِ أَنْ يُسَامِحَ ٱلْآخَرِينَ؟
تُبَيِّنُ لَنَا كَلِمَةُ يَهْوَهَ نَظْرَتَهُ إِلَى خَطَايَانَا، وَتَكْشِفُ ٱلْكَثِيرَ عَنْ غُفْرَانِهِ. فَفِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلسَّابِقَةِ، رَأَيْنَا كَيْفَ أَنَّ دَاوُدَ وَمَنَسَّى نَالَا غُفْرَانَ يَهْوَهَ بِسَبَبِ مَوْقِفِهِمَا. فَقَدْ أَدَّى بِهِمَا ٱلنَّدَمُ ٱلشَّدِيدُ عَلَى خَطَايَاهُمَا إِلَى ٱلِٱعْتِرَافِ بِهَا وَٱلرُّجُوعِ عَنْهَا. وَبِمَا أَنَّهُمَا تَابَا تَوْبَةً صَادِقَةً، حَظِيَا بِرِضَى يَهْوَهَ.
٢ وَلكِنْ مَا ٱلْقَوْلُ فِيكَ؟ هَلْ تَقْتَدِي بِغُفْرَانِ يَهْوَهَ؟ مَثَلًا، كَيْفَ كُنْتَ سَتَشْعُرُ تِجَاهَ مَنَسَّى لَوْ كَانَ أَحَدُ أَقْرِبَائِكَ مِنْ ضَحَايَاهُ؟ هَلْ كَانَ فِي وِسْعِكَ مُسَامَحَتُهُ؟ هذَا ٱلسُّؤَالُ هُوَ فِي مَحَلِّهِ ٱلْيَوْمَ بِسَبَبِ ٱلشَّرِّ وَٱلْعُنْفِ وَٱلْأَنَانِيَّةِ ٱلْمُتَفَشِّيَةِ فِي ٱلْعَالَمِ. فَلِمَاذَا يَجِبُ أَنْ تَكُونَ شَخْصًا غَفُورًا؟ وَإِذَا مَا تَعَرَّضْتَ لِلظُّلْمِ، فَمَا ٱلَّذِي يُسَاعِدُكَ أَنْ تُسَيْطِرَ عَلَى مَشَاعِرِكَ، تَتَصَرَّفَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ يَهْوَهَ، وَتَغْفِرَ لِلْآخَرِينَ زَلَّاتِهِمْ؟
لِمَاذَا يَلْزَمُ أَنْ نَغْفِرَ لِلْآخَرِينَ؟
٣-٥ (أ) أَيُّ مَثَلٍ ٱسْتَخْدَمَهُ يَسُوعُ لِيُسَاعِدَ مُسْتَمِعِيهِ أَنْ يُدْرِكُوا أَهَمِّيَّةَ ٱلْمُسَامَحَةِ؟ (ب) إِلَامَ كَانَ يَسُوعُ يَرْمِي بِإِعْطَائِهِ هذَا ٱلْمَثَلَ؟
٣ مِنَ ٱلضَّرُورِيِّ أَنْ نَغْفِرَ لِلَّذِينَ أَسَاؤُوا إِلَيْنَا — سَوَاءٌ كَانُوا مِنَ ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ أَمْ لَا — إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَبْنِيَ عَلَاقَاتٍ سِلْمِيَّةً مَعَ أَفْرَادِ عَائِلَتِنَا، أَصْدِقَائِنَا، أَخِينَا ٱلْإِنْسَانِ، وَيَهْوَهَ ٱللّٰهِ. فَٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ تُبَيِّنُ أَنَّ مُسَامَحَةَ ٱلْآخَرِينَ مَطْلَبٌ مَسِيحِيٌّ، بِغَضِّ ٱلنَّظَرِ عَنْ عَدَدِ ٱلْمَرَّاتِ ٱلَّتِي أَخْطَأُوا فِيهَا إِلَيْنَا. وَلِكَيْ يُبْرِزَ يَسُوعُ مَدَى أَهَمِّيَّةِ ٱلْغُفْرَانِ، أَعْطَى مَثَلَ عَبْدٍ ٱسْتَدَانَ مِنْ سَيِّدِهِ مَبْلَغًا طَائِلًا مِنَ ٱلْمَالِ.
٤ فَهذَا ٱلْعَبْدُ كَانَ مَدْيُونًا لِسَيِّدِهِ بِمَبْلَغٍ يُعَادِلُ ٱلْأَجْرَ ٱلَّذِي يَتَقَاضَاهُ ٱلْعَامِلُ خِلَالَ ٠٠٠,٠٠٠,٦٠ يَوْمٍ. رَغْمَ ذلِكَ، عَفَا عَنْهُ سَيِّدُهُ وَتَرَكَ لَهُ دَيْنَهُ. لكِنَّهُ خَرَجَ وَوَجَدَ وَاحِدًا مِنَ ٱلْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ لَهُ عَلَيْهِ مَا يُعَادِلُ أَجْرَ ١٠٠ يَوْمٍ فَقَطْ. فَتَوَسَّلَ إِلَيْهِ هذَا ٱلْأَخِيرُ لِيَصْبِرَ عَلَيْهِ، بَيْدَ أَنَّهُ سَدَّ أُذُنَيْهِ عَنْ تَوَسُّلَاتِهِ وَأَلْقَاهُ فِي ٱلسِّجْنِ. فَأَثَارَ تَصَرُّفُهُ هذَا غَضَبَ سَيِّدِهِ ٱلَّذِي سَأَلَهُ: «أَفَمَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْكَ . . . أَنْ تَرْحَمَ ٱلْعَبْدَ رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟». وَبَعْدَئِذٍ، «سَلَّمَهُ إِلَى ٱلسَّجَّانِينَ، حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا عَلَيْهِ». — مت ١٨:٢١-٣٤.
٥ وَإِلَامَ كَانَ يَسُوعُ يَرْمِي بِإِعْطَائِهِ هذَا ٱلْمَثَلَ؟ قَالَ: «هٰكَذَا يُعَامِلُكُمْ أَيْضًا أَبِي ٱلسَّمَاوِيُّ إِنْ لَمْ تَغْفِرُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ وَاحِدٍ لِأَخِيهِ». (مت ١٨:٣٥) وَمَا عَنَاهُ بِكَلِمَاتِهِ هذِهِ وَاضِحٌ جِدًّا. فَرَغْمَ أَنَّنَا — نَحْنُ ٱلْبَشَرَ ٱلنَّاقِصِينَ — لَا نَبْلُغُ مَقَايِيسَ يَهْوَهَ، فَهُوَ مُسْتَعِدٌّ أَنْ يَغْفِرَ لَنَا وَيَمْحُوَ مَعَاصِيَنَا. لِذلِكَ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ يَرْغَبُ فِي صَدَاقَتِهِ عَلَيْهِ أَنْ يَغْفِرَ نَقَائِصَ ٱلْغَيْرِ. وَهذَا مَا تَعْنِيهِ كَلِمَاتُ يَسُوعَ فِي مَوْعِظَتِهِ عَلَى ٱلْجَبَلِ: «إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، يَغْفِرُ لَكُمْ أَيْضًا أَبُوكُمُ ٱلسَّمَاوِيُّ؛ وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، فَلَنْ يَغْفِرَ لَكُمْ أَبُوكُمْ زَلَّاتِكُمْ». — مت ٦:١٤، ١٥.
٦ لِمَاذَا لَا يَسْهُلُ عَلَيْنَا ٱلْغُفْرَانُ دَائِمًا؟
٦ وَلكِنْ قَدْ تَقُولُ: «اَلْقَوْلُ أَسْهَلُ مِنَ ٱلْعَمَلِ». فَحِينَ يُسَاءُ إِلَيْنَا، قَدْ تُخَالِجُنَا مَشَاعِرُ سَلْبِيَّةٌ جِدًّا كَٱلْغَضَبِ، خَيْبَةِ ٱلْأَمَلِ ٱلْمَرِيرَةِ، ٱلتَّوْقِ إِلَى تَحْقِيقِ ٱلْعَدْلِ، أَوْ حَتَّى ٱلرَّغْبَةِ فِي ٱلِٱنْتِقَامِ. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، يُحِسُّ ٱلْبَعْضُ أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمْ مُسَامَحَةُ ٱلْمُذْنِبِ. فِي هذِهِ ٱلْحَالِ، مَاذَا يُسَاعِدُكَ أَنْ تَغْفِرَ كَمَا يَتَطَلَّبُ يَهْوَهُ مِنَّا؟
حَلِّلْ مَشَاعِرَكَ
٧، ٨ مَاذَا يُسَاعِدُكَ أَنْ تُسَامِحَ ٱلْآخَرِينَ إِذَا أَسَاؤُوا مُعَامَلَتَكَ؟
٧ إِنَّ ٱلْإِسَاءَةَ، حَقِيقِيَّةً كَانَتْ أَمْ مُفْتَرَضَةً، تُثِيرُ غَضَبَنَا. تَأَمَّلْ مَثَلًا فِي مَا أَوْرَدَتْهُ دِرَاسَةٌ حَوْلَ ٱلْغَضَبِ عَنْ رَدِّ فِعْلِ أَحَدِ ٱلشُّبَّانِ. فَقَدْ وَصَفَ مَا حَصَلَ مَعَهُ حِينَ ٱسْتَشَاطَ غَيْظًا ذَاتَ مَرَّةٍ قَائِلًا: «غَادَرْتُ ٱلْبَيْتَ مُقْسِمًا أَلَّا أَعُودَ ثَانِيَةً. وَإِذْ حَدَثَ ذلِكَ فِي يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ ٱلصَّيْفِ ٱلْجَمِيلَةِ، مَشَيْتُ طَوِيلًا فِي ٱلطَّبِيعَةِ ٱلْهَادِئَةِ حَتَّى تَلَاشَى غَضَبِي وَشَعَرْتُ بِٱلسَّكِينَةِ. وَبَعْدَ بِضْعِ سَاعَاتٍ، عُدْتُ أَدْرَاجِي نَادِمًا عَلَى مَا صَدَرَ مِنِّي». كَمَا يُظْهِرُ هذَا ٱلِٱخْتِبَارُ، إِذَا مَنَحْتَ نَفْسَكَ فُرْصَةً لِتَهْدَأَ وَتَنْظُرَ إِلَى ٱلْمَسْأَلَةِ بِمَوْضُوعِيَّةٍ، فَقَدْ تَتَجَنَّبُ ٱلتَّصَرُّفَ بِطَرِيقَةٍ تَنْدَمُ عَلَيْهَا لَاحِقًا. — مز ٤:٤؛ ام ١٤:٢٩؛ يع ١:١٩، ٢٠.
٨ وَلكِنْ مَاذَا لَوْ بَقِيتَ مُسْتَاءً؟ حَاوِلْ أَنْ تَعْرِفَ ٱلسَّبَبَ. هَلْ تَشْعُرُ بِأَنَّ مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكَ ظَلَمَكَ أَوْ عَامَلَكَ بِفَظَاظَةٍ؟ هَلْ تَظُنُّ أَنَّهُ تَعَمَّدَ ذلِكَ؟ وَهَلْ كَانَ تَصَرُّفُهُ حَقًّا سَيِّئًا إِلَى هذَا ٱلْحَدِّ؟ إِنْ فَهِمْتَ سَبَبَ غَضَبِكَ، تَتَمَكَّنُ مِنْ مَعْرِفَةِ مَبَادِئِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ ٱلَّتِي تُسَاعِدُكَ أَنْ تَتَصَرَّفَ بِطَرِيقَةٍ تُرْضِي يَهْوَهَ. (اِقْرَأْ امثال ١٥:٢٨؛ ١٧:٢٧.) وَهذَا ٱلتَّحْلِيلُ يَجْعَلُكَ أَكْثَرَ مَوْضُوعِيَّةً وَٱسْتِعْدَادًا لِتَغْفِرَ لِمَنْ أَذْنَبَ إِلَيْكَ. وَرَغْمَ أَنَّكَ قَدْ تَسْتَصْعِبُ ذلِكَ، فَإِنَّ كَلِمَةَ ٱللّٰهِ تُسَاعِدُكَ أَنْ تَفْحَصَ ‹أَفْكَارَ قَلْبِكَ وَنِيَّاتِهِ› وَأَنْ تَقْتَدِيَ بِإِلهِنَا ٱلْغَفُورِ يَهْوَهَ. — عب ٤:١٢.
هَلْ تَعْتَبِرُ ٱلْإِسَاءَةَ مُوَجَّهَةً إِلَيْكَ شَخْصِيًّا؟
٩، ١٠ (أ) مَاذَا يُمْكِنُكُمْ فِعْلُهُ حِينَ تَشْعُرُونَ أَنَّ أَحَدًا أَسَاءَ إِلَيْكُمْ؟ (ب) كَيْفَ سَتَشْعُرُونَ إِذَا تَعَلَّمْتُمْ أَلَّا تَسْتَاؤُوا بِسُرْعَةٍ وَأَنْ تُسَامِحُوا مَنْ أَسَاءَ إِلَيْكُمْ؟
٩ ثَمَّةَ أَوْضَاعٌ كَثِيرَةٌ فِي ٱلْحَيَاةِ يُمْكِنُ أَنْ تُثِيرَ غَضَبَنَا. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، قَدْ تَتَفَاجَأُ وَأَنْتَ تَقُودُ سَيَّارَتَكَ بِسَائِقٍ آخَرَ يَكَادُ يَصْطَدِمُ بِكَ. فِي ٱلْعَالَمِ، يُثِيرُ هذَا ٱلْأَمْرُ عُمُومًا عِنْدَ ٱلسَّائِقِ نَوْبَةَ غَضَبٍ تَجْعَلُهُ يَتَهَجَّمُ عَلَى ٱلسَّائِقِ ٱلْآخَرِ. لكِنَّكَ كَمَسِيحِيٍّ لَا يَجِبُ أَنْ تَتَصَرَّفَ عَلَى هذَا ٱلنَّحْوِ.
١٠ بِٱلْأَحْرَى، يَحْسُنُ بِكَ أَنْ تَتَرَيَّثَ لِلَحَظَاتٍ وَتُحَلِّلَ ٱلْمَسْأَلَةَ. فَلَرُبَّمَا يَقَعُ بَعْضُ ٱللَّوْمِ عَلَيْكَ لِأَنَّكَ ٱلْتَهَيْتَ بِأَمْرٍ مَا. أَوْ لَعَلَّ عُطْلًا طَرَأَ فِي سَيَّارَةِ ٱلسَّائِقِ ٱلْآخَرِ. يُظْهِرُ هذَا ٱلْمَثَلُ أَنَّ بِإِمْكَانِنَا أَنْ نُخَفِّفَ مِنْ وَطْأَةِ غَضَبِنَا، خَيْبَةِ أَمَلِنَا، أَوْ غَيْرِهِمَا مِنَ ٱلْمَشَاعِرِ ٱلسَّلْبِيَّةِ إِذَا فَهِمْنَا سَبَبَ ٱلْخَطَإِ ٱلَّذِي حَصَلَ، أَدْرَكْنَا أَنَّنَا قَدْ لَا نَكُونُ عَلَى عِلْمٍ بِكُلِّ جَوَانِبِ ٱلْقَضِيَّةِ، وَغَفَرْنَا لِلْمُسِيءِ. تَقُولُ جَامِعَة ٧:٩: «لَا تُسْرِعْ بِرُوحِكَ إِلَى ٱلْغَيْظِ؛ لِأَنَّ ٱلْغَيْظَ يَسْتَقِرُّ فِي حِضْنِ ٱلْأَغْبِيَاءِ». فَلَا تَعْتَبِرِ ٱلْإِسَاءَةَ مُوَجَّهَةً إِلَيْكَ شَخْصِيًّا. فَكَثِيرًا مَا نَظُنُّ أَنَّ ٱلْخَطَأَ ٱلَّذِي ٱرْتُكِبَ بِحَقِّنَا عَمْدِيٌّ، فِي حِينِ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ نَاجِمًا عَنِ ٱلنَّقْصِ وَسُوءِ ٱلْفَهْمِ. لِذَا، حَاوِلْ أَنْ تَسْتَوْعِبَ بِعَقْلٍ مُنْفَتِحٍ مَا قَدْ يَبْدُو فِي نَظَرِكَ إِسَاءَةً وَٱغْفِرْ بِمَحَبَّةٍ لِمَنْ أَذْنَبَ إِلَيْكَ. وَلَا شَكَّ أَنَّكَ سَتَزْدَادُ فَرَحًا إِذَا نَجَحْتَ فِي مَسْعَاكَ. — اِقْرَأْ ١ بطرس ٤:٨.
‹لِيَعُدْ سَلَامُكَ إِلَيْكَ›
١١ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ نَشْعُرَ بِغَضِّ ٱلنَّظَرِ عَنْ رَدِّ فِعْلِ ٱلنَّاسِ ٱلَّذِينَ نَلْتَقِيهِمْ فِي ٱلْخِدْمَةِ؟
١١ كَيْفَ يُمْكِنُكَ أَنْ تَتَمَالَكَ نَفْسَكَ إِذَا عَامَلَكَ أَحَدٌ مَا بِفَظَاظَةٍ أَثْنَاءَ ٱلْكِرَازَةِ؟ حِينَ أَرْسَلَ يَسُوعُ ٧٠ مُبَشِّرًا، أَوْصَاهُمْ أَنْ يَتَمَنَّوُا ٱلسَّلَامَ لِكُلِّ بَيْتٍ يَزُورُونَهُ. وَأَضَافَ: «إِنْ كَانَ هُنَاكَ ٱبْنُ سَلَامٍ، يَحِلُّ سَلَامُكُمْ عَلَيْهِ. وَإِلَّا فَيَعُودُ إِلَيْكُمْ». (لو ١٠:١، ٥، ٦) لَا شَكَّ أَنّكَ تَفْرَحُ حِينَ يُصْغِي ٱلنَّاسُ إِلَى ٱلْبِشَارَةِ لِأَنَّ ذلِكَ يَؤُولُ إِلَى مَنْفَعَتِهِمْ. لكِنَّهُمْ أَحْيَانًا لَا يَكُونُونَ مُسَالِمِينَ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ. فَمَاذَا تَفْعَلُ؟ حَسْبَمَا قَالَ يَسُوعُ، يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ إِلَيْنَا ٱلسَّلَامُ ٱلَّذِي تَمَنَّيْنَاهُ لِأَصْحَابِ ٱلْبَيْتِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ عَلَيْنَا ٱلْمُحَافَظَةُ عَلَى سَلَامِنَا مَهْمَا حَدَثَ. فَعَلَيْكَ أَنْ تُغَادِرَ كُلَّ بَيْتٍ تَزُورُهُ دُونَ أَنْ يُفَارِقَ ٱلسَّلَامُ قَلْبَكَ، بِغَضِّ ٱلنَّظَرِ عَنِ ٱلْمُعَامَلَةِ ٱلَّتِي تَتَلَقَّاهَا. فَإِذَا كُنْتَ تَغْضَبُ عِنْدَمَا يَسْتَفِزُّكَ ٱلْآخَرُونَ، فَأَنْتَ لَا تُحَافِظُ عَلَى سَلَامِكَ ٱلدَّاخِلِيِّ كَمَا أَوْصَى يَسُوعُ.
١٢ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ نَتَصَرَّفَ بِحَسَبِ كَلِمَاتِ بُولُسَ فِي أَفَسُس ٤:٣١، ٣٢؟
١٢ اِعْمَلْ جَاهِدًا أَنْ تُحَافِظَ عَلَى سَلَامِكَ فِي كُلِّ ٱلْأَوْقَاتِ، وَلَيْسَ فَقَطْ أَثْنَاءَ ٱلْخِدْمَةِ. وَغُفْرَانُكَ لِلْآخَرِينَ لَا يَعْنِي أَنَّكَ تُوَافِقُ عَلَى مَسْلَكِهِمِ ٱلْخَاطِئِ أَوْ تُقَلِّلُ مِنْ شَأْنِ ٱلْأَذَى ٱلنَّاجِمِ عَنْهُ. لكِنَّهُ يُسَاعِدُكَ أَنْ تَتَخَلَّصَ مِنْ كُلِّ ٱلْمَشَاعِرِ ٱلسَّلْبِيَّةِ وَتُحَافِظَ عَلَى سَلَامِكَ ٱلدَّاخِلِيِّ. فَبَعْضُ ٱلْأَشْخَاصِ يَخْسَرُونَ فَرَحَهُمْ لِأَنَّهُمْ يُطِيلُونَ ٱلتَّفْكِيرَ فِي ٱلظُّلْمِ ٱلَّذِي تَعَرَّضُوا لَهُ. فَلَا تَدَعِ ٱلْأَفْكَارَ ٱلسَّلْبِيَّةَ تَسْتَحْوِذُ عَلَيْكَ. بَلْ تَذَكَّرْ أَنَّ إِضْمَارَ ٱلِٱسْتِيَاءِ يَسْلُبُكَ سَعَادَتَكَ. لِذلِكَ، مِنَ ٱلْمُهِمِّ جِدًّا أَنْ تَكُونَ غَفُورًا! — اِقْرَأْ افسس ٤:٣١، ٣٢.
أَعْرِبْ عَنْ مَوْقِفٍ يُرْضِي يَهْوَهَ
١٣ (أ) كَيْفَ ‹يُكَوِّمُ ٱلْمَسِيحِيُّ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِ عَدُوِّهِ›؟ (ب) مَاذَا قَدْ يَنْتِجُ إِذَا أَعْرَبْتُمْ عَنِ ٱلْوَدَاعَةِ رَغْمَ ٱلِٱسْتِفْزَازِ؟
١٣ يُمْكِنُكَ أَنْ تَنْجَحَ فِي إِثَارَةِ ٱهْتِمَامِ شَخْصٍ بِحَقَائِقِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ حَتَّى لَوْ عَامَلَكَ بِطَرِيقَةٍ فَظَّةٍ. فَقَدْ كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ: «‹إِذَا جَاعَ عَدُوُّكَ فَأَطْعِمْهُ، وَإِذَا عَطِشَ فَٱسْقِهِ؛ فَإِنَّكَ بِفِعْلِكَ هٰذَا تُكَوِّمُ جَمْرَ نَارٍ عَلَى رَأْسِهِ›. لَا تَدَعِ ٱلسُّوءَ يَغْلِبُكَ، بَلِ ٱغْلِبِ ٱلسُّوءَ بِٱلصَّلَاحِ». (رو ١٢:٢٠، ٢١) إِنَّ تَصَرُّفَكَ بِلَبَاقَةٍ رَغْمَ ٱلِٱسْتِفْزَازِ قَدْ يُلَيِّنُ أَقْسَى ٱلْمَوَاقِفِ وَيُظْهِرُ ٱلصِّفَاتِ ٱلْجَيِّدَةَ عِنْدَ ٱلْآخَرِينَ. وَتَعَاطُفُكَ مَعَ ٱلَّذِي أَسَاءَ إِلَيْكَ قَدْ يَجْذِبُهُ لِيَتَعَلَّمَ حَقَائِقَ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. فِي جَمِيعِ ٱلْأَحْوَالِ، إِنْ تَصَرَّفْتَ بِوَدَاعَةٍ تُتِيحُ لِلنَّاسِ ٱلْفُرْصَةَ كَيْ يَتَسَاءَلُوا عَنْ سَبَبِ سُلُوكِكَ ٱلْحَسَنِ. — ١ بط ٢:١٢؛ ٣:١٦.
١٤ لِمَ لَا يَجِبُ أَنْ تُضْمِرُوا ٱلِٱسْتِيَاءَ مَهْمَا كَانَ حَجْمُ ٱلْأَذَى ٱلَّذِي تَعَرَّضْتُمْ لَهُ؟
١٤ أَحْيَانًا، يَتَوَجَّبُ عَلَيْنَا أَنْ نَتَجَنَّبَ مُعَاشَرَةَ بَعْضِ ٱلْأَشْخَاصِ، كَٱلْخُطَاةِ غَيْرِ ٱلتَّائِبِينَ ٱلَّذِينَ فُصِلُوا عَنْ جِسْمِ ٱلْجَمَاعَةِ. وَإِذَا كُنْتَ قَدْ تَعَرَّضْتَ لِلْأَذَى مِنْ قِبَلِ شَخْصٍ كَهذَا، فَرُبَّمَا يَصْعُبُ عَلَيْكَ جِدًّا مُسَامَحَتُهُ حَتَّى لَوْ تَابَ، لِأَنَّ ٱلْجِرَاحَ ٱلنَّفْسِيَّةَ لَا تَلْتَئِمُ بِسُرْعَةٍ. فِي هذِهِ ٱلْحَالِ، ٱلْتَمِسْ مِنْ يَهْوَهَ بِحَرَارَةٍ أَنْ يُسَاعِدَكَ كَيْ تَغْفِرَ لَهُ. وَهذَا مُهِمٌّ لِأَنَّكَ لَا تَعْرِفُ مَا فِي قَلْبِهِ وَلَا كَيْفَ يُفَكِّرُ، أَمَّا يَهْوَهُ فَيَعْلَمُ ذلِكَ تَمَامًا. فَهُوَ فَاحِصُ ٱلْقُلُوبِ وَيَصْبِرُ عَلَى ٱلْخَاطِئِينَ. (مز ٧:٩؛ ام ١٧:٣) لِذلِكَ تَقُولُ كَلِمَتُهُ: «لَا تُبَادِلُوا أَحَدًا سُوءًا بِسُوءٍ. اِحْرِصُوا أَنْ تَعْمَلُوا أُمُورًا حَسَنَةً بِمَرْأًى مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ. إِنْ كَانَ مُمْكِنًا، فَعَلَى قَدْرِ مَا يَكُونُ ٱلْأَمْرُ بِيَدِكُمْ، سَالِمُوا جَمِيعَ ٱلنَّاسِ. لَا تَنْتَقِمُوا لِأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ، بَلْ أَعْطُوا مَكَانًا لِلسُّخْطِ، لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: ‹لِي ٱلِٱنْتِقَامُ، أَنَا أُجَازِي، يَقُولُ يَهْوَهُ›». (رو ١٢:١٧-١٩) فَلَا يَجِبُ أَنْ نَدِينَ ٱلْآخَرِينَ لِأَنَّنَا لَا نَعْرِفُهُمْ كَمَا يَعْرِفُهُمْ يَهْوَهُ. (مت ٧:١، ٢) بَلْ عَلَيْنَا أَنْ نَتْرُكَ ٱلْأَمْرَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَاثِقِينَ تَمَامًا بِعَدْلِهِ.
١٥ مَا ٱلَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يُغَيِّرَ نَظْرَتَنَا إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْنَا؟
١٥ إِذَا كُنْتَ تَشْعُرُ أَنَّ أَحَدًا أَسَاءَ إِلَيْكَ وَتَسْتَصْعِبُ أَنْ تَغْفِرَ لَهُ بَعْدَمَا تَابَ، فَٱعْلَمْ أَنَّهُ هُوَ أَيْضًا ضَحِيَّةٌ. فَهُوَ، مِثْلُ ٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ، يُعَانِي مِنْ آثَارِ ٱلنَّقْصِ ٱلْمَوْرُوثِ. (رو ٣:٢٣) وَيَهْوَهُ يَتَرَأَّفُ عَلَى كُلِّ ٱلْبَشَرِ ٱلنَّاقِصِينَ. لِذلِكَ يَلْزَمُ أَنْ نُصَلِّيَ مِنْ أَجْلِ ٱلَّذِي آذَانَا. فَمِنَ ٱلْمُسْتَبْعَدِ أَنْ نَبْقَى غَاضِبِينَ عَلَى مَنْ نَذْكُرُهُمْ فِي صَلَوَاتِنَا. وَمَا يُؤَكِّدُ أَنَّ عَلَيْنَا عَدَمَ إِضْمَارِ ٱلِٱسْتِيَاءِ حَتَّى لِلْمُسِيءِ إِلَيْنَا هُوَ كَلِمَاتُ يَسُوعَ: «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ وَصَلُّوا لِأَجْلِ ٱلَّذِينَ يَضْطَهِدُونَكُمْ». — مت ٥:٤٤.
١٦، ١٧ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ تَتَصَرَّفُوا حِينَ يُقَرِّرُ ٱلشُّيُوخُ أَنَّ أَخًا تَابَ عَنْ خَطِيَّتِهِ، وَلِمَاذَا؟
١٦ أَلْقَى يَهْوَهُ عَلَى عَاتِقِ ٱلشُّيُوخِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ مَسْؤُولِيَّةَ أَنْ يُقَرِّرُوا هَلِ ٱلْخَاطِئُ تَائِبٌ أَمْ لَا. صَحِيحٌ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ بَصِيرَةً كَامِلَةً مِثْلَهُ، لكِنَّهُمْ يَعْمَلُونَ بِتَوْجِيهٍ مِنْ رُوحِهِ ٱلْقُدُسِ وَيَبْذُلُونَ مَا فِي وِسْعِهِمْ كَيْ تَكُونَ قَرَارَاتُهُمْ مُنْسَجِمَةً مَعَ كَلِمَتِهِ. لِذلِكَ، فَإِنَّ مَا يُقَرِّرُونَهُ بِرُوحِ ٱلصَّلَاةِ يَعْكِسُ وُجْهَةَ نَظَرِهِ. — مت ١٨:١٨.
١٧ فِي حَالَةٍ كَهذِهِ، عَلَيْنَا أَنْ نُعْرِبَ عَنِ ٱلْوَلَاءِ. فَهَلْ تُسَامِحُ ٱلْأَخَ ٱلتَّائِبَ وَتُؤَكِّدُ لَهُ مَحَبَّتَكَ؟ (٢ كو ٢:٥-٨) قَدْ لَا يَكُونُ ذلِكَ سَهْلًا عَلَيْكَ، وَخُصُوصًا إِذَا كُنْتَ ضَحِيَّتَهُ أَوْ أَحَدَ أَقْرِبَاءِ ضَحِيَّتِهِ. لكِنَّكَ إِنْ وَثِقْتَ بِيَهْوَهَ وَبِطَرِيقَتِهِ فِي مُعَالَجَةِ ٱلْقَضَايَا ٱلَّتِي تَنْشَأُ فِي ٱلْجَمَاعَةِ، فَسَتَتَصَرَّفُ بِحِكْمَةٍ وَتُعْرِبُ عَنِ ٱلْغُفْرَانِ. — ام ٣:٥، ٦.
١٨ أَيَّةُ فَوَائِدَ نَجْنِيهَا مِنَ ٱلْغُفْرَانِ؟
١٨ إِنَّ عَدَمَ ٱلْغُفْرَانِ يُؤَدِّي إِلَى ٱلْإِجْهَادِ وَتَرَدِّي ٱلصِّحَّةِ، وَيُسَبِّبُ تَحَطُّمَ ٱلْعَلَاقَاتِ وَصُعُوبَةً فِي ٱلتَّوَاصُلِ. بِٱلْمُقَابِلِ، يَعْتَرِفُ خُبَرَاءُ ٱلصِّحَّةِ ٱلْعَقْلِيَّةِ بِٱلْفَوَائِدِ ٱلَّتِي يَجْنِيهَا ٱلشَّخْصُ ٱلَّذِي يُعْرِبُ عَنْ رُوحِ ٱلْمُسَامَحَةِ. فَهُوَ يَتَخَلَّصُ مِنْ مَشَاعِرِ ٱلْغَضَبِ وَٱلْحُزْنِ ٱلَّتِي تُؤَثِّرُ سَلْبًا فِي صِحَّتِهِ، وَيَبْنِي عَلَاقَاتٍ سِلْمِيَّةً وَسَعِيدَةً مَعَ رَفِيقِهِ ٱلْإِنْسَانِ. لكِنَّ أَهَمَّ فَائِدَةٍ نَجْنِيهَا هِيَ تَقْوِيَةُ عَلَاقَتِنَا بِأَبِينَا ٱلسَّمَاوِيِّ يَهْوَهَ. — اِقْرَأْ كولوسي ٣:١٢-١٤.