«آخِرُ عَدُوٍّ يُبَادُ هُوَ ٱلْمَوْتُ»
«آخِرُ عَدُوٍّ يُبَادُ هُوَ ٱلْمَوْتُ». — ١ كو ١٥:٢٦.
١، ٢ فِي أَيَّةِ أَحْوَالٍ عَاشَ آدَمُ وَحَوَّاءُ فِي ٱلْبِدَايَةِ، وَأَيَّةُ أَسْئِلَةٍ تَنْشَأُ؟
حِينَ خُلِقَ آدَمُ وَحَوَّاءُ، لَمْ يَكُنْ لَهُمَا أَيُّ أَعْدَاءٍ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ. لَقَدْ كَانَا إِنْسَانَيْنِ كَامِلَيْنِ يَعِيشَانِ فِي فِرْدَوْسٍ وَيَتَمَتَّعَانِ بِعَلَاقَةٍ حَمِيمَةٍ بِخَالِقِهِمَا كَٱبْنٍ وَٱبْنَةٍ لَهُ. (تك ٢:٧-٩؛ لو ٣:٣٨) حَتَّى ٱلْمُهِمَّةُ ٱلَّتِي أَعْطَاهُمَا إِيَّاهَا ٱللّٰهُ بَشَّرَتْهُمَا بِمُسْتَقْبَلٍ رَائِعٍ. (اقرإ التكوين ١:٢٨.) فَكَانَ يُمْكِنُ ‹مَلْءُ ٱلْأَرْضِ وَإِخْضَاعُهَا› بَعْدَ فَتْرَةٍ مِنَ ٱلزَّمَنِ، أَمَّا ٱلِٱسْتِمْرَارُ فِي ‹ٱلتَّسَلُّطِ عَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى ٱلْأَرْضِ›، فَٱسْتَلْزَمَ أَنْ يَعِيشَا إِلَى ٱلْأَبَدِ. فَلَمْ يَكُنِ ٱلْمَوْتُ لِيَمْنَعَ آدَمَ مِنْ إِتْمَامِ تَعْيِينِهِ.
٢ إِذًا، لِمَ ٱنْقَلَبَتِ ٱلْأَحْوَالُ رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ؟ كَيْفَ أَصْبَحَ لَدَيْنَا أَعْدَاءٌ كَثِيرُونَ يُنَغِّصُونَ سَعَادَتَنَا، وَمِنْ أَبْرَزِهِمِ ٱلْمَوْتُ؟ وَكَيْفَ سَيُبِيدُ ٱللّٰهُ هٰؤُلَاءِ ٱلْأَعْدَاءَ؟ يُمْكِنُ إِيجَادُ ٱلْأَجْوِبَةِ عَنْ هٰذِهِ ٱلْأَسْئِلَةِ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. فَمَا رَأْيُكَ أَنْ نَتَفَحَّصَهَا؟
تَحْذِيرٌ يَنِمُّ عَنِ ٱلْمَحَبَّةِ
٣، ٤ (أ) أَيَّةُ وَصِيَّةٍ أَعْطَاهَا ٱللّٰهُ لآِدَمَ وَحَوَّاءَ؟ (ب) كَمْ كَانَتْ مُخَالَفَةُ هٰذِهِ ٱلْوَصِيَّةِ خَطِيرَةً؟
٣ رَغْمَ أَنَّ آدَمَ وَحَوَّاءَ خُلِقَا لِيَعِيشَا حَيَاةً لَا نِهَايَةَ لَهَا، لَمْ يَكُونَا خَالِدَيْنِ. فَلِكَيْ يَبْقَيَا عَلَى قَيْدِ ٱلْحَيَاةِ، كَانَا بِحَاجَةٍ إِلَى ٱلْهَوَاءِ، ٱلْمَاءِ، ٱلطَّعَامِ، وَٱلنَّوْمِ. وَٱلْأَهَمُّ هُوَ أَنَّ حَيَاتَهُمَا ٱعْتَمَدَتْ عَلَى عَلَاقَتِهِمَا بِخَالِقِهِمَا. (تث ٨:٣) فَكَانَ قُبُولُ إِرْشَادِ ٱللّٰهِ مُهِمًّا لِيَتَمَتَّعَا بِٱلْحَيَاةِ إِلَى ٱلْأَبَدِ. وَقَدْ أَوْضَحَ يَهْوَهُ ذٰلِكَ لِآدَمَ حَتَّى قَبْلَ خَلْقِ حَوَّاءَ. يَذْكُرُ ٱلسِّجِلُّ: «أَوْصَى يَهْوَهُ ٱللّٰهُ ٱلْإِنْسَانَ قَائِلًا: ‹مِنْ كُلِّ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا. أَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا، لِأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا تَمُوتُ مَوْتًا›». — تك ٢:١٦، ١٧.
٤ رَمَزَتْ «شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ» إِلَى حَقِّ ٱللّٰهِ فِي تَحْدِيدِ مَا هُوَ صَوَابٌ وَمَا هُوَ خَطَأٌ. طَبْعًا، ٱمْتَلَكَ آدَمُ إِحْسَاسًا بِٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ لِأَنَّ ٱللّٰهَ خَلَقَهُ عَلَى صُورَتِهِ وَأَعْطَاهُ ضَمِيرًا. إِلَّا أَنَّ ٱلشَّجَرَةَ ذَكَّرَتْهُ وَٱمْرَأَتَهُ بِأَنَّهُمَا سَيَحْتَاجَانِ دَائِمًا إِلَى إِرْشَادِ يَهْوَهَ. وَعَنَى ٱلْأَكْلُ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَنَّهُمَا يُطَالِبَانِ أَنْ يَسْتَقِلَّا بِتَقْرِيرِ مَا هُوَ صَوَابٌ وَمَا هُوَ خَطَأٌ، وَهُوَ مَسْلَكٌ حَذَّرَهُمَا ٱللّٰهُ مِنْ عَوَاقِبِهِ ٱلْوَخِيمَةِ لَهُمَا وَلِأَوْلَادِهِمَا.
اَلْمَوْتُ يَدْخُلُ إِلَى ٱلْعَالَمِ
٥ مَا ٱلَّذِي أَوْصَلَ آدَمَ وَحَوَّاءَ إِلَى ٱلتَّمَرُّدِ عَلَى ٱللّٰهِ؟
٥ بَعْدَمَا خُلِقَتْ حَوَّاءُ، أَعْلَمَهَا آدَمُ بِوَصِيَّةِ ٱللّٰهِ. وَكَانَتْ عَلَى عِلْمٍ تَامٍّ بِهٰذِهِ ٱلْوَصِيَّةِ حَتَّى إِنَّهَا تَمَكَّنَتْ مِنْ تَكْرَارِهَا بِصُورَةٍ شِبْهِ حَرْفِيَّةٍ عَلَى ٱلْحَيَّةِ ٱلَّتِي كَانَ وَرَاءَهَا ٱلشَّيْطَانُ إِبْلِيسُ، ٱبْنٌ رُوحَانِيٌّ لِلّٰهِ نَمَّى رَغْبَةً فِي ٱلِٱسْتِقْلَالِيَّةِ وَٱلسُّلْطَةِ. (تك ٣:١-٣؛ قارن يعقوب ١:١٤، ١٥.) وَلِكَيْ يُحَقِّقَ ٱلشَّيْطَانُ مَآرِبَهُ ٱلشِّرِّيرَةَ، ٱتَّهَمَ ٱللّٰهَ بِٱلْكَذِبِ مُؤَكِّدًا لِحَوَّاءَ أَنَّهَا لَنْ تَمُوتَ إِنْ هِيَ طَالَبَتْ بِٱلِٱسْتِقْلَالِ، بَلْ سَتَصِيرُ مِثْلَ ٱللّٰهِ. (تك ٣:٤، ٥) فَصَدَّقَتْهُ وَأَعْلَنَتِ ٱسْتِقْلَالَهَا بِٱلْأَكْلِ مِنَ ٱلثَّمَرَةِ، ثُمَّ أَقْنَعَتْ آدَمَ بِٱلِٱنْضِمَامِ إِلَيْهَا. (تك ٣:٦، ١٧) غَيْرَ أَنَّ إِبْلِيسَ كَانَ يَكْذِبُ. (اقرأ ١ تيموثاوس ٢:١٤.) وَقَدْ ‹سَمِعَ آدَمُ لِقَوْلِ زَوْجَتِهِ› رَغْمَ عِلْمِهِ أَنَّ ٱلْأَكْلَ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ خَطَأٌ. لَقَدْ بَدَتِ ٱلْحَيَّةُ صَدِيقَةً، لٰكِنَّ ٱلشَّيْطَانَ ٱلَّذِي تَكَلَّمَ بِوَاسِطَتِهَا كَانَ عَدُوًّا قَاسِيًا يَعْرِفُ ٱلْعَوَاقِبَ ٱلْوَخِيمَةَ لِٱقْتِرَاحِهِ عَلَى حَوَّاءَ.
٦، ٧ كَيْفَ عَالَجَ يَهْوَهُ مَسْأَلَةَ ٱلْحُكْمِ عَلَى ٱلْخُطَاةِ؟
٦ لِأَسْبَابٍ أَنَانِيَّةٍ، تَمَرَّدَ آدَمُ وَحَوَّاءُ عَلَى ٱللّٰهِ ٱلَّذِي مَنَحَهُمَا ٱلْحَيَاةَ وَكُلَّ مَا يَمْلِكَانِ. وَبِٱلطَّبْعِ، عَلِمَ ٱللّٰهُ بِكُلِّ مَا حَدَثَ. (١ اخ ٢٨:٩؛ اقرإ الامثال ١٥:٣.) لٰكِنَّهُ مِنَ ٱلْبِدَايَةِ سَمَحَ لِلْخُطَاةِ ٱلثَّلَاثَةِ أَنْ يُظْهِرُوا مَا فِي قَلْبِهِمْ تِجَاهَهُ. وَلَا شَكَّ أَنَّهُ كَأَبٍ تَأَلَّمَ فِي ٱلصَّمِيمِ. (قارن التكوين ٦:٦.) وَلٰكِنْ كَانَ عَلَيْهِ كَقَاضٍ أَنْ يُنَفِّذَ ٱلْعِقَابَ ٱلَّذِي سَبَقَ أَنْ قَضَى بِهِ.
٧ فَكَانَ ٱللّٰهُ قَدْ قَالَ لِآدَمَ: «يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْ [شَجَرَةِ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ] تَمُوتُ مَوْتًا». وَلَرُبَّمَا ظَنَّ آدَمُ أَنَّ هٰذَا ‹ٱلْيَوْمَ› مُؤَلَّفٌ مِنْ ٢٤ سَاعَةً وَتَوَقَّعَ أَنْ يُعَاقِبَهُ يَهْوَهُ عَلَى خَطِيَّتِهِ قَبْلَ غُرُوبِ ٱلشَّمْسِ. ثُمَّ «عِنْدَ نَسِيمِ ٱلنَّهَارِ»، تَكَلَّمَ يَهْوَهُ مَعَ ٱلزَّوْجَيْنِ. (تك ٣:٨) وَكَمَا يَفْعَلُ ٱلْقَاضِي ٱلْعَادِلُ فِي ٱلْمَحْكَمَةِ، ٱسْتَمَعَ إِلَى أَقْوَالِهِمَا وَٱطَّلَعَ عَلَى ٱلْوَقَائِعِ. (تك ٣:٩-١٣) ثُمَّ أَصْدَرَ ٱلْحُكْمَ بِحَقِّ ٱلْمُذْنِبِينَ وَأَقَرَّ عُقُوبَةَ ٱلْمَوْتِ. (تك ٣:١٤-١٩) لٰكِنَّهُ لَمْ يُعْدِمْ آدَمَ وَحَوَّاءَ فِي تِلْكَ ٱللَّحْظَةِ عَيْنِهَا، وَإِلَّا فَشِلَ قَصْدُهُ ٱلْمُتَعَلِّقُ بِهِمَا وَبِنَسْلِهِمَا. (اش ٥٥:١١) وَمَعَ أَنَّ مَفْعُولَ ٱلْخَطِيَّةِ سَرَى عَلَى ٱلْفَوْرِ، سَمَحَ ٱللّٰهُ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ أَنْ يُنْجِبَا أَوْلَادًا بِإِمْكَانِهِمْ أَنْ يَسْتَفِيدُوا مِنَ ٱلتَّدَابِيرِ ٱلْأُخْرَى ٱلَّتِي سَيُهَيِّئُهَا. وَهٰكَذَا، مِنْ وُجْهَةِ نَظَرِ ٱللّٰهِ، مَاتَ آدَمُ وَحَوَّاءُ يَوْمَ أَخْطَأَا. كَمَا أَنَّهُمَا مَاتَا فِعْلِيًّا خِلَالَ «يَوْمٍ» وَاحِدٍ مُؤَلَّفٍ مِنْ ٠٠٠,١ سَنَةٍ. — ٢ بط ٣:٨.
٨، ٩ كَيْفَ أَثَّرَتِ ٱلْخَطِيَّةُ فِي ٱلْمُتَحَدِّرِينَ مِنْ آدَمَ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ.)
٨ وَهَلْ كَانَ أَوْلَادُ آدَمَ وَحَوَّاءَ سَيَتَأَثَّرُونَ بِفَعْلَةِ وَالِدَيْهِمْ؟ نَعَمْ. فَرُومَا ٥:١٢ تَذْكُرُ: «بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ ٱلْخَطِيَّةُ إِلَى ٱلْعَالَمِ وَبِٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْتُ، وَهٰكَذَا ٱجْتَازَ ٱلْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ لِأَنَّهُمْ جَمِيعًا أَخْطَأُوا». وَيُضِيفُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ: «بِعِصْيَانِ ٱلْإِنْسَانِ ٱلْوَاحِدِ جُعِلَ ٱلْكَثِيرُونَ خُطَاةً». (رو ٥:١٩) لَقَدْ كَانَ هَابِيلُ أَوَّلَ إِنْسَانٍ يَمُوتُ فِي ٱلتَّارِيخِ. (تك ٤:٨) ثُمَّ بَدَأَ أَوْلَادُ آدَمَ ٱلْآخَرُونَ وَأَحْفَادُهُ يَشِيخُونَ وَيَمُوتُونَ. وَهٰكَذَا وَرِثَ ٱلْبَشَرُ ٱلْخَطِيَّةَ وَٱلْمَوْتَ، عَدُوَّيْنِ لَدُودَيْنِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ٱلْإِفْلَاتَ مِنْ بَرَاثِنِهِمَا. وَمَعَ أَنَّنَا لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَشْرَحَ تَمَامًا ٱلْآلِيَّةَ ٱلَّتِي ٱنْتَقَلَ بِهَا هٰذَا ٱلْمِيرَاثُ ٱلْمَشْؤُومُ إِلَى ٱلْمُتَحَدِّرِينَ مِنْ آدَمَ، نَسْتَطِيعُ أَنْ نَرَى ٱلنَّتَائِجَ بِوُضُوحٍ.
٩ فَلَا عَجَبَ أَنْ تُشِيرَ ٱلْأَسْفَارُ ٱلْمُقَدَّسَةُ إِلَى ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْمَوْتِ ٱلْمَوْرُوثَيْنِ أَنَّهُمَا «ٱلْغِطَاءُ ٱلَّذِي يُغَطِّي جَمِيعَ ٱلشُّعُوبِ، وَٱلْكِسَاءُ ٱلَّذِي يُغَشِّي جَمِيعَ ٱلْأُمَمِ». (اش ٢٥:٧) فَهٰذَا ٱلْغِطَاءُ يُطْبِقُ عَلَى كُلِّ ٱلنَّاسِ بِحَيْثُ يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ إِنَّهُ «فِي آدَمَ يَمُوتُ ٱلْجَمِيعُ». (١ كو ١٥:٢٢) وَٱلسُّؤَالُ ٱلَّذِي يَطْرَحُ نَفْسَهُ هُنَا، بِكَلِمَاتِ بُولُسَ فِي رُومَا ٧:٢٤، هُوَ: «مَنْ يُنَجِّينِي مِنَ ٱلْجَسَدِ ٱلَّذِي يُكَابِدُ هٰذَا ٱلْمَوْتَ؟».a
إِبَادَةُ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْمَوْتِ ٱلْمَوْرُوثَيْنِ مِنْ آدَمَ
١٠ (أ) أَيَّةُ آيَاتٍ تُظْهِرُ أَنَّ يَهْوَهَ سَيُبِيدُ ٱلْمَوْتَ ٱلْمَوْرُوثَ مِنْ آدَمَ؟ (ب) مَاذَا تَكْشِفُ هٰذِهِ ٱلْآيَاتُ عَنْ يَهْوَهَ وَٱبْنِهِ؟
١٠ كَانَ يَهْوَهُ هُوَ ٱلَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُنَجِّيَ بُولُسَ. وَهٰذَا وَاضِحٌ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. فَبَعْدَمَا أَتَى إِشَعْيَا عَلَى ذِكْرِ «ٱلْغِطَاءِ ٱلَّذِي يُغَطِّي جَمِيعَ ٱلشُّعُوبِ»، كَتَبَ: «يَبْتَلِعُ ٱلْمَوْتَ إِلَى ٱلْأَبَدِ، وَيَمْسَحُ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ يَهْوَهُ ٱلدُّمُوعَ عَنْ كُلِّ ٱلْوُجُوهِ». (اش ٢٥:٨) فَمِثْلَ ٱلْأَبِ ٱلَّذِي يُزِيلُ أَسْبَابَ مُعَانَاةِ أَوْلَادِهِ وَيُجَفِّفُ دُمُوعَهُمْ، يَبْتَهِجُ يَهْوَهُ بِإِبَادَةِ ٱلْمَوْتِ ٱلْمَوْرُوثِ مِنْ آدَمَ. وَلَدَيْهِ مُعَاوِنٌ عَلَى إِتْمَامِ هٰذِهِ ٱلْمُهِمَّةِ. تَقُولُ ١ كُورِنْثُوسُ ١٥:٢٢: «كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ ٱلْجَمِيعُ، هٰكَذَا أَيْضًا فِي ٱلْمَسِيحِ سَيُحْيَا ٱلْجَمِيعُ». كَمَا أَنَّ بُولُسَ نَفْسَهُ، بَعْدَمَا سَأَلَ: «مَنْ يُنَجِّينِي؟»، تَابَعَ قَائِلًا: «اَلشُّكْرُ لِلّٰهِ بِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ رَبِّنَا!». (رو ٧:٢٥) فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلْمَحَبَّةَ ٱلَّتِي دَفَعَتْ يَهْوَهَ إِلَى خَلْقِ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ لَمْ تَخْمُدْ بِتَمَرُّدِ آدَمَ وَحَوَّاءَ. وَكَذٰلِكَ يَسُوعُ، ٱلَّذِي كَانَ لَهُ دَوْرٌ فِي خَلْقِ ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلْأَوَّلَيْنِ، لَمْ تَبْرُدْ مَشَاعِرُهُ تِجَاهَ نَسْلِهِمَا. (ام ٨:٣٠، ٣١) وَلٰكِنْ، كَيْفَ كَانَ يَهْوَهُ سَيَمُدُّ حَبْلَ ٱلنَّجَاةِ إِلَى ٱلْعَائِلَةِ ٱلْبَشَرِيَّةِ؟
١١ أَيُّ تَدْبِيرٍ هَيَّأَهُ يَهْوَهُ لِيُسَاعِدَ ٱلْجِنْسَ ٱلْبَشَرِيَّ؟
١١ نَجَمَ ٱلنَّقْصُ ٱلْبَشَرِيُّ وَٱلْمَوْتُ عَنِ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلَّتِي ٱرْتَكَبَهَا آدَمُ وَٱلدَّيْنُونَةِ ٱلْبَارَّةِ ٱلَّتِي أَصْدَرَهَا يَهْوَهُ. (رو ٥:١٢، ١٦) نَقْرَأُ فِي رُومَا ٥:١٨: «بِزَلَّةٍ وَاحِدَةٍ كَانَتِ ٱلْإِدَانَةُ لِشَتَّى ٱلنَّاسِ». فَمَاذَا كَانَ بِمَقْدُورِ يَهْوَهَ أَنْ يَفْعَلَ لِيُزِيلَ ٱلْخَطِيَّةَ وَٱلْمَوْتَ دُونَ ٱنْتِهَاكِ مَقَايِيسِهِ؟ أَجَابَ يَسُوعُ عَنْ هٰذَا ٱلسُّؤَالِ بِقَوْلِهِ إِنَّهُ أَتَى «لِيَبْذُلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ». (مت ٢٠:٢٨) فَكَإِنْسَانٍ كَامِلٍ، كَانَ ٱبْنُ يَهْوَهَ ٱلْبِكْرُ سَيُزَوِّدُ «فِدْيَةً» تُحَقِّقُ ٱلْعَدَالَةَ. (١ تي ٢:٥، ٦) كَيْفَ؟
١٢ كَيْفَ ٱسْتَوْفَتِ ٱلْفِدْيَةُ مَطْلَبَ ٱلْعَدْلِ ٱلْإِلٰهِيِّ؟
١٢ كَانَ بِٱسْتِطَاعَةِ يَسُوعَ، بِصِفَتِهِ إِنْسَانًا كَامِلًا، أَنْ يَعِيشَ إِلَى ٱلْأَبَدِ عَلَى غِرَارِ آدَمَ قَبْلَ ٱرْتِكَابِهِ ٱلْخَطِيَّةَ. إِلَّا أَنَّهُ ضَحَّى بِحَيَاتِهِ ٱلَّتِي عَادَلَتِ ٱلْحَيَاةَ ٱلَّتِي خَسِرَهَا ٱلْإِنْسَانُ ٱلْأَوَّلُ، تَعْبِيرًا عَنْ مَحَبَّتِهِ ٱلْعَمِيقَةِ لِأَبِيهِ وَٱلْمُتَحَدِّرِينَ مِنْ آدَمَ. وَفِي مَا بَعْدُ، أَعَادَ يَهْوَهُ ٱبْنَهُ إِلَى ٱلْحَيَاةِ كَمَخْلُوقٍ رُوحَانِيٍّ. (١ بط ٣:١٨) لَقَدِ ٱسْتَوْفَتِ ٱلْفِدْيَةُ مَطْلَبَ ٱلْعَدْلِ ٱلْإِلٰهِيِّ لِأَنَّ حَيَاةً كَامِلَةً — حَيَاةَ إِنْسَانٍ كَامِلٍ وَاحِدٍ — دُفِعَتْ بَدَلَ حَيَاةٍ كَامِلَةٍ لِشِرَاءِ عَائِلَةِ آدَمَ وَإِعْطَائِهَا رَجَاءَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ. بِكَلِمَاتٍ أُخْرَى، حَلَّ يَسُوعُ مَكَانَ آدَمَ. وَهٰذَا مَا عَبَّرَ عَنْهُ بُولُسُ حِينَ قَالَ: «هٰكَذَا أَيْضًا مَكْتُوبٌ: ‹صَارَ ٱلْإِنْسَانُ ٱلْأَوَّلُ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً›. وَصَارَ آدَمُ ٱلْأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا». — ١ كو ١٥:٤٥.
١٣ كَيْفَ يَصِيرُ «آدَمُ ٱلْأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا»؟
١٣ عَمَّا قَرِيبٍ، سَيَمْنَحُ «آدَمُ ٱلْأَخِيرُ» ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ لِلْمُتَحَدِّرِينَ مِنْ آدَمَ ٱلْأَوَّلِ، صَائِرًا بِٱلتَّالِي «رُوحًا مُحْيِيًا» لِلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ كَكُلٍّ، بِمَنْ فِيهِمْ مُعْظَمُ ٱلَّذِينَ مَاتُوا فِي ٱلْمَاضِي. فَهٰؤُلَاءِ سَيُقَامُونَ إِلَى ٱلْحَيَاةِ عَلَى ٱلْأَرْضِ مِنْ جَدِيدٍ. — يو ٥:٢٨، ٢٩.
١٤ أَيُّ تَدْبِيرٍ هَيَّأَهُ يَهْوَهُ سَيُحَرِّرُ ٱلْبَشَرَ مِنْ قَبْضَةِ ٱلنَّقْصِ ٱلْمَوْرُوثِ؟
١٤ وَكَيْفَ سَيَتَحَرَّرُ ٱلْبَشَرُ مِنْ قَبْضَةِ ٱلنَّقْصِ ٱلْمَوْرُوثِ؟ لَقَدْ هَيَّأَ يَهْوَهُ حُكُومَةً سَمَاوِيَّةً يَرْأَسُهَا «آدَمُ ٱلْأَخِيرُ»، يُعَاوِنُهُ فِيهَا حُكَّامٌ مُخْتَارُونَ مِنَ ٱلْجِنْسِ ٱلْبَشَرِيِّ. (اقرإ الرؤيا ٥:٩، ١٠.) وَبِمَا أَنَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْحُكَّامَ ٱلْمُعَاوِنِينَ كَانُوا فِي مَا مَضَى نَاقِصِينَ، فَسَيَكُونُونَ قَادِرِينَ أَنْ يَتَعَاطَفُوا مَعَ رَعَايَاهُمْ. وَعَلَى مَدَى أَلْفِ سَنَةٍ، سَيَشْتَرِكُونَ مَعَ يَسُوعَ فِي مُسَاعَدَتِهِمْ عَلَى بُلُوغِ ٱلْكَمَالِ. — رؤ ٢٠:٦.
١٥، ١٦ (أ) عَنْ أَيِّ مَوْتٍ تَتَحَدَّثُ ١ كُورِنْثُوسُ ١٥:٢٦، وَمَتَى سَيُبَادُ؟ (ب) مَاذَا سَيَفْعَلُ يَسُوعُ وَفْقًا لِلْآيَةِ فِي ١ كُورِنْثُوسَ ١٥:٢٨؟
١٥ بِحُلُولِ نِهَايَةِ حُكْمِ ٱلْمَلَكُوتِ ٱلْأَلْفِيِّ، سَيَكُونُ ٱلْبَشَرُ ٱلطَّائِعُونَ قَدْ تَخَلَّصُوا مِنَ ٱلْعَدُوَّيْنِ ٱللَّذَيْنِ أَنْشَأَهُمَا تَمَرُّدُ آدَمَ. يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ ٱلْجَمِيعُ، هٰكَذَا أَيْضًا فِي ٱلْمَسِيحِ سَيُحْيَا ٱلْجَمِيعُ. وَلٰكِنْ كُلُّ وَاحِدٍ فِي رُتْبَتِهِ: اَلْمَسِيحُ ٱلْبَاكُورَةُ، ثُمَّ ٱلَّذِينَ لِلْمَسِيحِ [شُرَكَاؤُهُ فِي ٱلْحُكْمِ] فِي أَثْنَاءِ حُضُورِهِ. وَبَعْدَ ذٰلِكَ ٱلنِّهَايَةُ، حِينَ يُسَلِّمُ ٱلْمَمْلَكَةَ إِلَى إِلٰهِهِ وَأَبِيهِ، مَتَى أَبَادَ كُلَّ حُكْمٍ وَكُلَّ سُلْطَةٍ وَقُوَّةٍ. فَلَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَمْلِكَ إِلَى أَنْ يَضَعَ ٱللّٰهُ كُلَّ ٱلْأَعْدَاءِ تَحْتَ قَدَمَيْهِ. آخِرُ عَدُوٍّ يُبَادُ هُوَ ٱلْمَوْتُ». (١ كو ١٥:٢٢-٢٦) نَعَمْ، سَيُقْضَى أَخِيرًا عَلَى ٱلْمَوْتِ ٱلْمَوْرُوثِ مِنْ آدَمَ، فَيُرْفَعُ إِلَى ٱلْأَبَدِ هٰذَا «ٱلْغِطَاءُ» ٱلَّذِي يُطْبِقُ عَلَى كُلِّ ٱلْعَائِلَةِ ٱلْبَشَرِيَّةِ. — اش ٢٥:٧، ٨.
١٦ وَيُتَابِعُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ كَلِمَاتِهِ ٱلْمُوحَى بِهَا، قَائِلًا: «مَتَى أُخْضِعَ لِلِٱبْنِ كُلُّ شَيْءٍ، فَحِينَئِذٍ سَيَخْضَعُ هُوَ نَفْسُهُ أَيْضًا لِلَّذِي أَخْضَعَ لَهُ كُلَّ شَيْءٍ، لِيَكُونَ ٱللّٰهُ كُلَّ شَيْءٍ لِلْكُلِّ». (١ كو ١٥:٢٨) فَعِنْدَمَا يَتِمُّ ٱلْقَصْدُ مِنْ حُكْمِ يَسُوعَ، سَيُسَلِّمُ سُلْطَتَهُ إِلَى يَهْوَهَ بِكُلِّ سُرُورٍ وَيُقَدِّمُ لَهُ ٱلْعَائِلَةَ ٱلْبَشَرِيَّةَ ٱلْكَامِلَةَ.
١٧ مَاذَا سَيَحِلُّ بِٱلشَّيْطَانِ؟
١٧ وَمَاذَا عَنِ ٱلشَّيْطَانِ، أَسَاسِ كُلِّ ٱلْبَلَاءِ ٱلَّذِي يُعَانِيهِ ٱلْبَشَرُ؟ تَذْكُرُ ٱلرُّؤْيَا ٢٠:٧-١٥ أَنَّ ٱللّٰهَ سَيَسْمَحُ لَهُ أَنْ يُحَاوِلَ تَضْلِيلَ كُلِّ ٱلْبَشَرِ ٱلْكَامِلِينَ فِي نِهَايَةِ ٱلْأَلْفِ سَنَةٍ. وَبَعْدَ هٰذَا ٱلِٱمْتِحَانِ ٱلْأَخِيرِ، سَيُوَاجِهُ هُوَ وَكُلُّ مَنْ يَتْبَعُهُ «ٱلْمَوْتَ ٱلثَّانِيَ»، أَيْ أَنَّهُمْ سَيُزَالُونَ عَنِ ٱلْوُجُودِ إِلَى ٱلْأَبَدِ. (رؤ ٢١:٨) وَهٰذَا ٱلْمَوْتُ لَنْ يُبَادَ لِأَنَّ ٱلَّذِينَ يَقَعُونَ فِي قَبْضَتِهِ لَا قِيَامَةَ لَهُمْ عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ. إِلَّا أَنَّ «ٱلْمَوْتَ ٱلثَّانِيَ» لَيْسَ عَدُوًّا لِأَيِّ إِنْسَانٍ يُحِبُّ وَيَخْدُمُ خَالِقَهُ.
١٨ كَيْفَ سَتُنْجَزُ ٱلْمُهِمَّةُ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا ٱللّٰهُ لآِدَمَ؟
١٨ آنَذَاكَ، سَيَكُونُ كُلُّ ٱلْبَشَرِ كَامِلِينَ وَمُسْتَحِقِّينَ ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ، دُونَ أَيِّ عَدُوٍّ مِنْ حَوْلِهِمْ. وَسَتَكُونُ ٱلْمُهِمَّةُ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا ٱللّٰهُ لِآدَمَ قَدْ أُنْجِزَتْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُوَ مَوْجُودًا. فَسَتَمْتَلِئُ ٱلْأَرْضُ مِنْ نَسْلِهِ ٱلَّذِي سَيَفْرَحُ بِٱلِٱعْتِنَاءِ بِهَا وَبِٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلَّتِي عَلَيْهَا. فَلْنَعْقِدِ ٱلْعَزْمَ أَلَّا نَخْسَرَ أَبَدًا تَقْدِيرَنَا لِلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي سَيُبِيدُ بِهَا يَهْوَهُ آخِرَ عَدُوٍّ، ٱلْمَوْتَ.
a تَعْلِيقًا عَلَى جُهُودِ ٱلْعُلَمَاءِ لِشَرْحِ أَسْبَابِ ٱلشَّيْخُوخَةِ وَٱلْمَوْتِ، يَذْكُرُ بَصِيرَةٌ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ (بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ): «إِنَّهُمْ يَغْفُلُونَ عَنْ حَقِيقَةٍ مُهِمَّةٍ وَهِيَ أَنَّ ٱلْخَالِقَ نَفْسَهُ أَصْدَرَ حُكْمَ ٱلْمَوْتِ عَلَى ٱلزَّوْجَيْنِ ٱلْبَشَرِيَّيْنِ ٱلْأَوَّلَيْنِ وَنَفَّذَهُ بِطَرِيقَةٍ لَا يَفْهَمُهَا ٱلْبَشَرُ كَامِلًا». — اَلْمُجَلَّدُ ٢، ٱلصَّفْحَةُ ٢٤٧.