يَسُوعُ قُدْوَةٌ فِي ٱلتَّوَاضُعِ
«وَضَعْتُ لَكُمْ نَمُوذَجًا، حَتَّى كَمَا فَعَلْتُ لَكُمْ تَفْعَلُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا». — يو ١٣:١٥.
١، ٢ أَيُّ دَرْسٍ عَلَّمَهُ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ بِٱلْمِثَالِ خِلَالَ ٱللَّيْلَةِ ٱلْأَخِيرَةِ مِنْ حَيَاتِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ؟
فِي عُلِّيَّةِ أَحَدِ ٱلْبُيُوتِ فِي أُورُشَلِيمَ، يَقْضِي يَسُوعُ لَيْلَتَهُ ٱلْأَخِيرَةَ مَعَ رُسُلِهِ. وَفِيمَا هُمْ يَتَنَاوَلُونَ مَعًا طَعَامَ ٱلْعَشَاءِ، يَقُومُ وَيَضَعُ رِدَاءَهُ جَانِبًا، ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْشَفَةً وَيَتَمَنْطَقُ بِهَا. بَعْدَ ذلِكَ، يَصُبُّ مَاءً فِي طَسْتٍ وَيَغْسِلُ أَقْدَامَ ٱلتَّلَامِيذِ وَيُنَشِّفُهَا بِٱلْمِنْشَفَةِ. فَلِمَ قَامَ يَسُوعُ بِهذَا ٱلتَّصَرُّفِ ٱلَّذِي يَنِمُّ عَنِ ٱلتَّوَاضُعِ؟ — يو ١٣:٣-٥.
٢ أَوْضَحَ قَائِلًا: «أَتَعْرِفُونَ مَا فَعَلْتُ لَكُمْ؟ . . . إِنْ كُنْتُ، وَأَنَا ٱلرَّبُّ وَٱلْمُعَلِّمُ، قَدْ غَسَلْتُ أَقْدَامَكُمْ، يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْتُمْ أَيْضًا أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَقْدَامَ بَعْضٍ. فَإِنِّي وَضَعْتُ لَكُمْ نَمُوذَجًا، حَتَّى كَمَا فَعَلْتُ لَكُمْ تَفْعَلُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا». (يو ١٣:١٢-١٥) فَبِٱسْتِعْدَادِهِ لِلْقِيَامِ بِهذِهِ ٱلْمُهِمَّةِ ٱلْوَضِيعَةِ، عَلَّمَ رُسُلَهُ بِٱلْمِثَالِ دَرْسًا كَانَ سَيَبْقَى مُنْطَبِعًا فِي ذِهْنِهِمْ وَسَيُشَجِّعُهُمْ أَنْ يَتَحَلَّوْا بِٱلتَّوَاضُعِ.
٣ (أ) كَيْفَ شَدَّدَ يَسُوعُ عَلَى أَهَمِّيَّةِ ٱلتَّوَاضُعِ فِي مُنَاسَبَتَيْنِ؟ (ب) مَا ٱلَّذِي سَنُنَاقِشُهُ فِي هذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟
٣ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ ٱلْمُنَاسَبَةَ ٱلْوَحِيدَةَ ٱلَّتِي سَلَّطَ فِيهَا يَسُوعُ ٱلضَّوْءَ عَلَى أَهَمِّيَّةِ ٱلتَّوَاضُعِ. فَفِي مُنَاسَبَةٍ سَابِقَةٍ، أَعْرَبَ بَعْضٌ مِنْ رُسُلِهِ عَنْ رُوحِ ٱلتَّنَافُسِ. فَأَقَامَ وَلَدًا صَغِيرًا بِجَانِبِهِ وَقَالَ لَهُمْ: «مَنْ يَقْبَلْ هٰذَا ٱلْوَلَدَ ٱلصَّغِيرَ بِٱسْمِي يَقْبَلْنِي؛ وَمَنْ يَقْبَلْنِي يَقْبَلِ ٱلَّذِي أَرْسَلَنِي. لِأَنَّ ٱلَّذِي يَتَصَرَّفُ كَأَصْغَرَ بَيْنَكُمْ جَمِيعًا هُوَ ٱلْعَظِيمُ». (لو ٩:٤٦-٤٨) وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، قَالَ بِشَأْنِ سَعْيِ ٱلْفَرِّيسِيِّينَ وَرَاءَ ٱلشُّهْرَةِ وَٱلْبُرُوزِ: «كُلُّ مَنْ رَفَعَ نَفْسَهُ وُضِعَ وَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ رُفِعَ». (لو ١٤:١١) فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ يَسُوعَ يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ أَتْبَاعُهُ مُتَوَاضِعِينَ، لَا مُتَكَبِّرِينَ وَمُتَعَجْرِفِينَ. فَلْنَتَفَحَّصْ مِثَالَهُ فِي ٱلتَّوَاضُعِ جَاعِلِينَ نُصْبَ أَعْيُنِنَا هَدَفَ ٱلِٱقْتِدَاءِ بِهِ. وَلْنَرَ أَيْضًا كَيْفَ ٱسْتَفَادَ مِنْ تَحَلِّيهِ بِٱلتَّوَاضُعِ وَأَفَادَ ٱلْآخَرِينَ أَيْضًا.
«لَمْ أَتَمَرَّدْ، وَلَمْ أَرْتَدَّ»
٤ كَيْفَ ٱتَّصَفَ ٱبْنُ ٱللّٰهِ ٱلْوَحِيدُ بِٱلتَّوَاضُعِ أَثْنَاءَ وُجُودِهِ ٱلسَّابِقِ لِبَشَرِيَّتِهِ؟
٤ اِتَّصَفَ ٱبْنُ ٱللّٰهِ ٱلْوَحِيدُ بِٱلتَّوَاضُعِ حَتَّى قَبْلَ مَجِيئِهِ إِلَى ٱلْأَرْضِ. فَأَثْنَاءَ وُجُودِهِ ٱلسَّابِقِ لِبَشَرِيَّتِهِ، أَمْضَى سِنِينَ لَا تُحْصَى مَعَ أَبِيهِ ٱلسَّمَاوِيِّ. وَيُعَلِّقُ سِفْرُ إِشَعْيَا عَنِ ٱلْعَلَاقَةِ ٱلْحَمِيمَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ، إِذْ يَذْكُرُ بِلِسَانِهِ: «أَعْطَانِي ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ يَهْوَهُ لِسَانَ ٱلْمُتَعَلِّمِينَ لِأَعْرِفَ أَنْ أُجِيبَ ٱلْمُتْعَبَ بِكَلِمَةٍ. يُوقِظُنِي كُلَّ صَبَاحٍ، يُوقِظُ أُذُنِي لِأَسْمَعَ كَٱلْمُتَعَلِّمِينَ. اَلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ يَهْوَهُ فَتَحَ أُذُنِي، وَأَنَا لَمْ أَتَمَرَّدْ، وَلَمْ أَرْتَدَّ». (اش ٥٠:٤، ٥) فَقَدْ تَجَلَّى تَوَاضُعُ ٱبْنِ ٱللّٰهِ حِينَ أَصْغَى جَيِّدًا إِلَى مَا عَلَّمَهُ إِيَّاهُ يَهْوَهُ. وَكَانَ مُتَشَوِّقًا وَمُسْتَعِدًّا لِلتَّعَلُّمِ مِنَ ٱلْإِلهِ ٱلْحَقِيقِيِّ. وَلَا بُدَّ أَنَّهُ رَاقَبَ عَنْ كَثَبٍ تَوَاضُعَ يَهْوَهَ فِي إِظْهَارِهِ ٱلرَّحْمَةَ تِجَاهَ ٱلْبَشَرِ ٱلْخُطَاةِ.
٥ كَيْفَ رَسَمَ يَسُوعُ مِثَالًا فِي ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلِٱحْتِشَامِ عِنْدَمَا خَاصَمَ إِبْلِيسَ؟
٥ لَمْ تُعْرِبْ كُلُّ ٱلْمَخْلُوقَاتِ ٱلسَّمَاوِيَّةِ عَنِ ٱلْمَوْقِفِ عَيْنِهِ ٱلَّذِي أَعْرَبَ عَنْهُ ٱبْنُ ٱللّٰهِ ٱلْوَحِيدُ. فَٱلْمَلَاكُ ٱلَّذِي أَصْبَحَ لَاحِقًا ٱلشَّيْطَانَ إِبْلِيسَ لَمْ يَرْغَبْ فِي ٱلتَّعَلُّمِ مِنَ ٱللّٰهِ، بَلْ نَمَّى صِفَاتٍ بَعِيدَةً كُلَّ ٱلْبُعْدِ عَنِ ٱلتَّوَاضُعِ، كَٱلْغُرُورِ وَٱلْكِبْرِيَاءِ، مَا أَدَّى بِهِ إِلَى ٱلتَّمَرُّدِ عَلَى يَهْوَهَ. بِٱلْمُقَابِلِ، كَانَ يَسُوعُ قَانِعًا بِمَرْكَزِهِ فِي ٱلسَّمَاءِ، وَلَمْ يُسِئِ ٱسْتِخْدَامَ سُلْطَتِهِ. فَبِصِفَتِهِ مِيخَائِيلَ رَئِيسَ ٱلْمَلَائِكَةِ، لَمْ يَتَخَطَّ حُدُودَ سُلْطَتِهِ حِينَ ‹خَاصَمَ إِبْلِيسَ حَوْلَ جَسَدِ مُوسَى›. بَلْ أَظْهَرَ ٱلتَّوَاضُعَ وَٱلِٱحْتِشَامَ إِذْ سُرَّ بِأَنْ يَتْرُكَ ٱلْمَسْأَلَةَ بَيْنَ يَدَيْ يَهْوَهَ، ٱلْقَاضِي ٱلْأَسْمَى فِي ٱلْكَوْنِ، كَيْ يُعَالِجَهَا فِي وَقْتِهِ ٱلْمُعَيَّنِ وَبِطَرِيقَتِهِ ٱلْخَاصَّةِ. — اِقْرَأْ يهوذا ٩.
٦ كَيْفَ أَظْهَرَ يَسُوعُ ٱلتَّوَاضُعَ بِقُبُولِهِ ٱلتَّعْيِينَ أَنْ يَخْدُمَ كَمَسِيَّا؟
٦ وَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلْأُمُورَ ٱلَّتِي تَعَلَّمَهَا يَسُوعُ أَثْنَاءَ وُجُودِهِ ٱلسَّابِقِ لِبَشَرِيَّتِهِ شَمَلَتِ ٱلنُّبُوَّاتِ ٱلَّتِي تَتَضَمَّنُ تَفَاصِيلَ عَنْ حَيَاتِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ كَمَسِيَّا. وَهكَذَا، لَا بُدَّ أَنَّهُ عَرَفَ مُسْبَقًا مَا يَنْتَظِرُهُ مِنِ ٱخْتِبَارَاتٍ قَاسِيَةٍ. رَغْمَ ذلِكَ، قَبِلَ ٱلتَّعْيِينَ أَنْ يَعِيشَ عَلَى ٱلْأَرْضِ وَيَمُوتَ بِصِفَتِهِ ٱلْمَسِيَّا ٱلْمَوْعُودَ بِهِ. وَلِمَاذَا؟ بِسَبَبِ تَوَاضُعِهِ. فَقَدْ كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ: «مَعَ أَنَّهُ كَانَ بِهَيْئَةِ ٱللّٰهِ، لَمْ يَتَأَمَّلْ فِي فِكْرَةِ ٱخْتِلَاسٍ، أَيْ أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِلّٰهِ. لٰكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ آخِذًا هَيْئَةَ عَبْدٍ صَائِرًا فِي شَبَهِ ٱلنَّاسِ». — في ٢:٦، ٧.
«وَضَعَ نَفْسَهُ»
٧، ٨ بِأَيَّةِ طَرَائِقَ أَظْهَرَ يَسُوعُ ٱلتَّوَاضُعَ فِي صِغَرِهِ وَأَثْنَاءَ خِدْمَتِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ؟
٧ كَتَبَ بُولُسُ: «إِذْ وَجَدَ [يَسُوعُ] نَفْسَهُ فِي ٱلْهَيْئَةِ إِنْسَانًا، وَضَعَ نَفْسَهُ وَصَارَ طَائِعًا حَتَّى ٱلْمَوْتِ، ٱلْمَوْتِ عَلَى خَشَبَةِ آلَامٍ». (في ٢:٨) فَمُنْذُ صِغَرِهِ، وَضَعَ لَنَا يَسُوعُ نَمُوذَجًا لِلتَّوَاضُعِ. فَرَغْمَ أَنَّهُ تَرَبَّى عَلَى يَدِ وَالِدَيْنِ نَاقِصَيْنِ، يُوسُفَ وَمَرْيَمَ، «بَقِيَ خَاضِعًا لَهُمَا». (لو ٢:٥١) فَيَا لَهُ مِنْ مِثَالٍ رَائِعٍ لِلْأَوْلَادِ، ٱلَّذِينَ سَيَحْظَوْنَ بِبَرَكَةِ ٱللّٰهِ إِنْ هُمْ خَضَعُوا طَوْعًا لِوَالِدِيهِمْ!
٨ وَفِي سِنِّ ٱلرُّشْدِ، بَيَّنَ يَسُوعُ تَوَاضُعَهُ بِإِعْطَائِهِ ٱلْأَوْلَوِيَّةَ لِفِعْلِ مَشِيئَةِ يَهْوَهَ، لَا مَشِيئَتِهِ. (يو ٤:٣٤) فَخِلَالَ خِدْمَتِهِ، ٱسْتَخْدَمَ ٱسْمَ ٱللّٰهِ وَسَاعَدَ ٱلنَّاسَ ٱلْمُخْلِصِينَ أَنْ يَنَالُوا مَعْرِفَةً دَقِيقَةً عَنْ صِفَاتِ يَهْوَهَ وَقَصْدِهِ لِلْبَشَرِ. كَمَا أَنَّهُ عَاشَ وَفْقَ كُلِّ مَا عَلَّمَهُ. مَثَلًا، ٱفْتَتَحَ ٱلصَّلَاةَ ٱلرَّبَّانِيَّةَ بِٱلْكَلِمَاتِ ٱلتَّالِيَةِ: «أَبَانَا ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمٰوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ ٱسْمُكَ». (مت ٦:٩) وَبِذلِكَ، كَانَ يُظْهِرُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِأَتْبَاعِهِ أَنْ يُولُوا تَقْدِيسَ ٱسْمِ يَهْوَهَ ٱلْأَهَمِّيَّةَ ٱلْكُبْرَى. وَقَدْ عَمِلَ هُوَ نَفْسُهُ وَفْقَ كَلِمَاتِهِ هذِهِ. لِذلِكَ، عِنْدَمَا شَارَفَتْ خِدْمَتُهُ ٱلْأَرْضِيَّةُ نِهَايَتَهَا، ٱسْتَطَاعَ أَنْ يَقُولَ فِي صَلَاتِهِ إِلَى يَهْوَهَ: «عَرَّفْتُ [ٱلرُّسُلَ] بِٱسْمِكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ بِهِ». (يو ١٧:٢٦) هذَا وَإِنَّهُ كَانَ دَائِمًا يَنْسِبُ ٱلْفَضْلَ فِي كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ عَلَى ٱلْأَرْضِ إِلَى أَبِيهِ يَهْوَهَ. — يو ٥:١٩.
٩ مَاذَا تَنَبَّأَ زَكَرِيَّا عَنِ ٱلْمَسِيَّا، وَكَيْفَ تَمَّتْ نُبُوَّتُهُ؟
٩ تَنَبَّأَ زَكَرِيَّا عَنِ ٱلْمَسِيَّا: «اِفْرَحِي جِدًّا يَا ٱبْنَةَ صِهْيَوْنَ. وَٱهْتِفِي هُتَافَ ٱلنَّصْرِ يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ. هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ. هُوَ بَارٌّ مُخَلَّصٌ، مُتَوَاضِعٌ وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ، عَلَى حِمَارٍ ٱبْنِ أَتَانٍ». (زك ٩:٩) وَقَدْ تَمَّتْ هذِهِ ٱلنُّبُوَّةُ حِينَ دَخَلَ يَسُوعُ أُورُشَلِيمَ قَبْلَ عِيدِ ٱلْفِصْحِ سَنَةَ ٣٣ بم. فَقَدْ فَرَشَ ٱلْجَمْعُ أَرْدِيَتَهُمْ وَأَغْصَانًا مِنَ ٱلْأَشْجَارِ فِي ٱلطَّرِيقِ، وَٱرْتَجَّتِ ٱلْمَدِينَةُ كُلُّهَا عِنْدَ دُخُولِهِ. وَلكِنْ حَتَّى عِنْدَمَا ٱسْتُقْبِلَ كَمَلِكٍ، بَقِيَ مُحَافِظًا عَلَى تَوَاضُعِهِ. — مت ٢١:٤-١١.
١٠ مَاذَا بَرْهَنَ يَسُوعُ بِٱسْتِعْدَادِهِ أَنْ يُطِيعَ أَبَاهُ حَتَّى ٱلْمَوْتِ؟
١٠ بَانَتْ ذُرْوَةُ ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلطَّاعَةِ عِنْدَ يَسُوعَ حِينَ مَاتَ مُعَلَّقًا عَلَى خَشَبَةِ ٱلْآلَامِ. وَهكَذَا، قَدَّمَ دَلِيلًا دَامِغًا أَنَّ بِمَقْدُورِ ٱلْبَشَرِ أَنْ يَبْقَوْا أَوْلِيَاءَ لِيَهْوَهَ مَهْمَا كَانَ ٱلِٱمْتِحَانُ شَدِيدًا. وَأَثْبَتَ أَنَّ ٱلشَّيْطَانَ كَانَ مُخْطِئًا فِي ٱدِّعَائِهِ أَنَّ ٱلْبَشَرَ يَخْدُمُونَ يَهْوَهَ لِأَسْبَابٍ أَنَانِيَّةٍ. (اي ١:٩-١١؛ ٢:٤) كَمَا أَنَّهُ أَيَّدَ شَرْعِيَّةَ وَبِرَّ سُلْطَانِ يَهْوَهَ ٱلْكَوْنِيِّ عِنْدَمَا بَرْهَنَ طَوَالَ حَيَاتِهِ عَنِ ٱسْتِقَامَةٍ لَا تَنْثَلِمُ. وَلَا شَكَّ أَنَّ يَهْوَهَ فَرِحَ جِدًّا عِنْدَمَا شَاهَدَ ٱبْنَهُ يُعْرِبُ بِتَوَاضُعٍ عَنْ وَلَاءٍ رَاسِخٍ. — اِقْرَأْ امثال ٢٧:١١.
١١ أَيُّ رَجَاءٍ مُنِحَ لِلْمَمْسُوحِينَ وَٱلْخِرَافِ ٱلْأُخَرِ نَتِيجَةَ مَوْتِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلْفِدَائِيِّ؟
١١ أَيْضًا، حِينَ مَاتَ يَسُوعُ عَلَى خَشَبَةِ ٱلْآلَامِ، قَدَّمَ فِدْيَةً عَنِ ٱلْبَشَرِ ٱلْخُطَاةِ. (مت ٢٠:٢٨) وَبِفَضْلِ هذِهِ ٱلْفِدْيَةِ، صَارَ بِإِمْكَانِ يَهْوَهَ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَاهُمْ دُونَ أَنْ يُخَالِفَ مَقَايِيسَهُ لِلْعَدْلِ وَٱلْبِرِّ، وَأَنْ يُتِيحَ لَهُمْ فُرْصَةَ ٱلْعَيْشِ حَيَاةً أَبَدِيَّةً. كَتَبَ بُولُسُ: «بِعَمَلِ تَبْرِيرٍ وَاحِدٍ يَكُونُ تَبْرِيرُ شَتَّى ٱلنَّاسِ لِلْحَيَاةِ». (رو ٥:١٨) فَقَدْ مَنَحَ مَوْتُ يَسُوعَ رَجَاءَ ٱلْعَيْشِ حَيَاةً خَالِدَةً فِي ٱلسَّمَاءِ لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ وَحَيَاةً أَبَدِيَّةً عَلَى ٱلْأَرْضِ ‹لِلْخِرَافِ ٱلْأُخَرِ›. — يو ١٠:١٦؛ رو ٨:١٦، ١٧.
«إِنِّي . . . مُتَّضِعُ ٱلْقَلْبِ»
١٢ كَيْفَ ٱتَّصَفَ يَسُوعُ بِٱلتَّوَاضُعِ وَٱلْوَدَاعَةِ فِي تَعَامُلَاتِهِ مَعَ ٱلْبَشَرِ ٱلنَّاقِصِينَ؟
١٢ دَعَا يَسُوعُ كُلَّ «ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلْمُثْقَلِينَ» أَنْ يَأْتُوا إِلَيْهِ. قَالَ: «اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لِأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَّضِعُ ٱلْقَلْبِ، فَتَجِدُوا ٱنْتِعَاشًا لِنُفُوسِكُمْ». (مت ١١:٢٨، ٢٩) فَقَدِ ٱتَّصَفَ يَسُوعُ بِٱلتَّوَاضُعِ وَٱلْوَدَاعَةِ، مَا دَفَعَهُ إِلَى ٱلْإِعْرَابِ عَنِ ٱللُّطْفِ وَعَدَمِ ٱلْمُحَابَاةِ فِي تَعَامُلَاتِهِ مَعَ ٱلْبَشَرِ ٱلنَّاقِصِينَ. وَكَانَ مَنْطِقِيًّا فِي مَا تَوَقَّعَهُ مِنْ تَلَامِيذِهِ. فَقَدَّمَ لَهُمُ ٱلْمَدْحَ وَٱلتَّشْجِيعَ. وَلَمْ يَجْعَلْهُمْ يَشْعُرُونَ أَنَّهُمْ غَيْرُ أَكْفَاءٍ أَوْ عَدِيمُو ٱلْقِيمَةِ. نَعَمْ، لَمْ يَكُنْ يَسُوعُ فَظًّا أَوْ ظَالِمًا. بَلِ ٱلْعَكْسُ صَحِيحٌ. فَقَدْ أَكَّدَ لِتَلَامِيذِهِ أَنَّهُمْ إِذَا ٱقْتَرَبُوا مِنْهُ وَمَارَسُوا تَعَالِيمَهُ، يَنَالُونَ ٱنْتِعَاشًا لِأَنَّ نِيرَهُ لَطِيفٌ وَحِمْلَهُ خَفِيفٌ. وَٱلنَّاسُ — رِجَالًا وَنِسَاءً، كِبَارًا وَصِغَارًا — ٱرْتَاحُوا فِي حُضُورِهِ. — مت ١١:٣٠.
١٣ كَيْفَ تَرَأَّفَ يَسُوعُ عَلَى ٱلْمَسَاكِينِ؟
١٣ تَرَأَّفَ يَسُوعُ عَلَى ٱلْمَسَاكِينِ مِنْ عَامَّةِ ٱلشَّعْبِ وَأَشْبَعَ حَاجَاتِهِمْ بِمَحَبَّةٍ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، ٱلْتَقَى ذَاتَ يَوْمٍ قُرْبَ أَرِيحَا أَعْمَيَيْنِ، أَحَدُهُمَا يُدْعَى بَرْتِيمَاوُسَ. فَأَخَذَا يُلِحَّانِ فِي طَلَبِ ٱلْمُسَاعَدَةِ مِنْهُ. لكِنَّ ٱلْجَمْعَ أَمَرَهُمَا بِلَهْجَةٍ شَدِيدَةٍ أَنْ يَسْكُتَا. وَكَمْ كَانَ مِنَ ٱلسَّهْلِ أَنْ يَتَجَاهَلَ يَسُوعُ ٱلْتِمَاسَاتِهِمَا! لكِنَّهُ طَلَبَ أَنْ يُؤْتَى بِهِمَا إِلَيْهِ، وَبِقَلْبٍ مُفْعَمٍ بِٱلشَّفَقَةِ رَدَّ إِلَيْهِمَا بَصَرَهُمَا. نَعَمْ، لَقَدِ ٱقْتَدَى يَسُوعُ بِتَوَاضُعِ أَبِيهِ يَهْوَهَ وَرَحْمَتِهِ. — مت ٢٠:٢٩-٣٤؛ مر ١٠:٤٦-٥٢.
«مَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ رُفِعَ»
١٤ أَيَّةُ فَوَائِدَ نَجَمَتْ عَنْ مَسْلَكِ ٱلتَّوَاضُعِ ٱلَّذِي أَعْرَبَ عَنْهُ يَسُوعُ؟
١٤ نَجَمَتْ فَوَائِدُ جَمَّةٌ عَنْ مَسْلَكِ ٱلتَّوَاضُعِ ٱلَّذِي أَعْرَبَ عَنْهُ يَسُوعُ. فَقَدْ فَرِحَ يَهْوَهُ بِرُؤْيَةِ ٱبْنِهِ ٱلْحَبِيبِ يَخْضَعُ بِتَوَاضُعٍ لِمَشِيئَتِهِ ٱلْإِلهِيَّةِ. كَمَا أَنَّ ٱلرُّسُلَ أَنْعَشَتْهُمْ وَدَاعَةُ يَسُوعَ وَٱتِّضَاعُهُ. وَقَدْ حَثَّهُمْ بِمِثَالِهِ، تَعَالِيمِهِ، وَمَدِيحِهِ ٱلْحَارِّ عَلَى إِحْرَازِ ٱلتَّقَدُّمِ ٱلرُّوحِيِّ. أَضِفْ إِلَى ذلِكَ أَنَّ عَامَّةَ ٱلشَّعْبِ ٱسْتَفَادُوا مِنْ تَوَاضُعِهِ حِينَ سَاعَدَهُمْ وَعَلَّمَهُمْ وَأَمَدَّهُمْ بِٱلتَّشْجِيعِ. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، إِنَّ ٱلْبَشَرَ ٱلْمَفْدِيِّينَ كَافَّةً سَيَجْنُونَ فَوَائِدَ طَوِيلَةَ ٱلْأَمَدِ مِنْ ذَبِيحَتِهِ ٱلْفِدَائِيَّةِ.
١٥ أَيَّةُ فَائِدَةٍ نَالَهَا يَسُوعُ بِسَبَبِ تَوَاضُعِهِ؟
١٥ وَهَلِ ٱسْتَفَادَ يَسُوعُ مِنَ ٱلتَّحَلِّي بِٱلتَّوَاضُعِ؟ نَعَمْ، فَقَدْ صَحَّتْ فِي وَضْعِهِ ٱلْكَلِمَاتُ ٱلَّتِي قَالَهَا هُوَ نَفْسُهُ لِتَلَامِيذِهِ: «مَنْ رَفَعَ نَفْسَهُ وُضِعَ وَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ رُفِعَ». (مت ٢٣:١٢) فَعَنْهُ كَتَبَ بُولُسُ: «رَفَّعَهُ ٱللّٰهُ إِلَى مَرْكَزٍ أَعْلَى وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ بِٱلِٱسْمِ ٱلَّذِي يَعْلُو كُلَّ ٱسْمٍ آخَرَ، لِكَيْ تَنْحَنِيَ بِٱسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي ٱلسَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى ٱلْأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ ٱلْأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ جَهْرًا كُلُّ لِسَانٍ بِأَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ ٱللّٰهِ ٱلْآبِ». فَبِسَبَبِ مَسْلَكِ ٱلتَّوَاضُعِ وَٱلْأَمَانَةِ ٱلَّذِي ٱتَّبَعَهُ يَسُوعُ كَامِلَ حَيَاتِهِ كَإِنْسَانٍ، رَفَّعَهُ يَهْوَهُ ٱللّٰهُ مَانِحًا إِيَّاهُ سُلْطَةً عَلَى جَمِيعِ ٱلْمَخْلُوقَاتِ فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَلَى ٱلْأَرْضِ. — في ٢:٩-١١.
‹يَسُوعُ سَيَرْكَبُ مِنْ أَجْلِ ٱلْحَقِّ وَٱلتَّوَاضُعِ›
١٦ مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ صِفَةَ ٱلتَّوَاضُعِ سَتُلَازِمُ ٱبْنَ ٱللّٰهِ بِٱسْتِمْرَارٍ؟
١٦ سَتُلَازِمُ صِفَةُ ٱلِٱتِّضَاعِ ٱبْنَ ٱللّٰهِ بِٱسْتِمْرَارٍ. فَإِذْ تَنَبَّأَ صَاحِبُ ٱلْمَزْمُورِ عَنِ ٱلْإِجْرَاءِ ٱلَّذِي سَيَتَّخِذُهُ يَسُوعُ ضِدَّ أَعْدَائِهِ مِنْ مَرْكَزِهِ ٱلسَّمَاوِيِّ ٱلرَّفِيعِ، رَنَّمَ قَائِلًا: «بِبَهَائِكَ ٱنْجَحْ؛ وَٱرْكَبْ مِنْ أَجْلِ ٱلْحَقِّ وَٱلتَّوَاضُعِ وَٱلْبِرِّ». (مز ٤٥:٤) فَفِي هَرْمَجِدُّونَ، سَيَرْكَبُ يَسُوعُ مِنْ أَجْلِ ٱلدِّفَاعِ عَنْ قَضِيَّةِ ٱلتَّوَاضُعِ، فَضْلًا عَنِ ٱلْحَقِّ وَٱلْبِرِّ. وَمَاذَا سَيَحْدُثُ فِي نِهَايَةِ ٱلْحُكْمِ ٱلْأَلْفِيِّ حِينَ يُبِيدُ ٱلْمَلِكُ ٱلْمَسِيَّانِيُّ «كُلَّ حُكْمٍ وَكُلَّ سُلْطَةٍ وَقُوَّةٍ»؟ هَلْ يُعْرِبُ آنَذَاكَ عَنِ ٱلتَّوَاضُعِ؟ نَعَمْ، لِأَنَّهُ سَوْفَ «يُسَلِّمُ ٱلْمَمْلَكَةَ إِلَى إِلٰهِهِ وَأَبِيهِ». — اِقْرَأْ ١ كورنثوس ١٥:٢٤-٢٨.
١٧، ١٨ (أ) لِمَاذَا مِنَ ٱلْمُهِمِّ أَنْ يَقْتَدِيَ خُدَّامُ يَهْوَهَ بِتَوَاضُعِ يَسُوعَ؟ (ب) مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
١٧ وَمَاذَا عَنَّا؟ هَلْ نَتْبَعُ خُطَى مِثَالِنَا ٱلْأَعْلَى وَنَتَّصِفُ بِٱلتَّوَاضُعِ؟ وَمَاذَا سَيَحِلُّ بِنَا عِنْدَمَا يَأْتِي ٱلْمَلِكُ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ لِيَدِينَ ٱلْمَسْكُونَةَ فِي هَرْمَجِدُّونَ؟ إِنَّ ٱلْقَضِيَّةَ ٱلَّتِي يَرْكَبُ مِنْ أَجْلِهَا تُحَتِّمُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْقِذَ ٱلْمُتَوَاضِعِينَ وَٱلْأَبْرَارَ فَقَطْ. لِذلِكَ، فَإِنَّ تَنْمِيَةَ ٱلتَّوَاضُعِ شَرْطٌ أَسَاسِيٌّ لِخَلَاصِنَا. وَكَمَا أَنَّ مَسْلَكَ ٱلتَّوَاضُعِ ٱلَّذِي ٱتَّبَعَهُ يَسُوعُ جَلَبَ ٱلْفَوَائِدَ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، فَإِنَّ تَحَلِّيَنَا بِهذِهِ ٱلصِّفَةِ مُفِيدٌ مِنْ نَوَاحٍ عَدِيدَةٍ.
١٨ فَمَاذَا يُسَاعِدُنَا عَلَى ٱلِٱقْتِدَاءِ بِتَوَاضُعِ يَسُوعَ؟ وَكَيْفَ نَنْجَحُ فِي مَسْعَانَا رَغْمَ ٱلْمَصَاعِبِ؟ سَنُنَاقِشُ هذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ.