مقالة الدرس ٢٠
كَيفَ يُؤَثِّرُ سِفرُ الرُّؤْيَا على أعداءِ اللّٰه؟
«جَمَعَتهُم تِلكَ الرَّسائِلُ إلى المَكانِ الَّذي يُدْعى بِالعِبْرَانِيَّة هَرْمَجَدُّون». — رؤ ١٦:١٦.
التَّرنيمَة ١٥٠ أُطلُبوا خَلاصَ يَهْوَه
لَمحَةٌ عنِ المَقالَةa
١ حَسَبَ سِفرِ الرُّؤْيَا، ماذا يفعَلُ الشَّيْطَان لشَعبِ يَهْوَه؟
يُخبِرُنا سِفرُ الرُّؤْيَا أنَّ مَملَكَةَ اللّٰهِ قد تأسَّسَت في السَّماء، وأنَّ الشَّيْطَان طُرِدَ مِنَ السَّماء. (رؤ ١٢:١-٩) صَحيحٌ أنَّ هذا جلَبَ راحَةً وسَلامًا هُناك، لكنَّهُ سبَّبَ لنا الوَيلاتِ على الأرض. لِماذا؟ لِأنَّ الشَّيْطَان يسكُبُ غَضَبَهُ على الَّذينَ يخدُمونَ يَهْوَه بِأمانَةٍ هُنا على الأرض. — رؤ ١٢:١٢، ١٥، ١٧.
٢ ماذا يُساعِدُنا أن نبقى ثابِتينَ في وَجهِ هَجَماتِ الشَّيْطَان؟
٢ ماذا يُساعِدُنا أن نبقى ثابِتينَ في وَجهِ هَجَماتِ الشَّيْطَان؟ (رؤ ١٣:١٠) أحَدُ الأُمورِ هو أن نعرِفَ ماذا يُخَبِّئُ لنا المُستَقبَل. مَثَلًا، وصَفَ الرَّسولُ يُوحَنَّا في سِفرِ الرُّؤْيَا بَعضَ البَرَكاتِ الَّتي سنتَمَتَّعُ بها قَريبًا، ومِن بَينِها أنَّ أعداءَ اللّٰهِ سيَزولونَ عنِ الوُجود. لِنرَ الآنَ كَيفَ يصِفُ سِفرُ الرُّؤْيَا هؤُلاءِ الأعداءَ وماذا سيَحصُلُ لهُم.
أعداءُ اللّٰهِ يوصَفونَ «بِرُموز»
٣ ما هي بَعضُ الرُّموزِ المَوجودَة في سِفرِ الرُّؤْيَا؟
٣ مِن أوَّلِ آيَة، يُخبِرُنا سِفرُ الرُّؤْيَا أنَّ ما سنقرَأُهُ فيهِ مَكتوبٌ «بِرُموز»، أي بِلُغَةٍ مَجازِيَّة. (رؤ ١:١) مَثَلًا، يتَحَدَّثُ سِفرُ الرُّؤْيَا عن وُحوشٍ يُمَثِّلونَ أعداءَ اللّٰه. فهُناك ‹وَحشٌ طالِعٌ مِنَ البَحرِ› «لهُ عَشَرَةُ قُرونٍ وسَبعَةُ رُؤوس». (رؤ ١٣:١) ويَتبَعُهُ ‹وَحشٌ آخَرُ طالِعٌ مِنَ الأرضِ› «يَتَكَلَّمُ مِثلَ تِنِّينٍ» و «يَجعَلُ نارًا تَنزِلُ مِنَ السَّماءِ إلى الأرض». (رؤ ١٣:١١-١٣) ثُمَّ يتَحَدَّثُ عن وَحشٍ آخَر، «وَحشٍ لَونُهُ أحمَرُ» تجلِسُ علَيهِ عاهِرَة. إنَّ هذِهِ الوُحوشَ الثَّلاثَة ترمُزُ إلى أعداءٍ يُقاوِمونَ يَهْوَه ومَملَكَتَهُ مُنذُ وَقتٍ طَويل. لِذلِك، مُهِمٌّ جِدًّا أن نُحَدِّدَ مَن هُم. — رؤ ١٧:١، ٣.
٤-٥ كَيفَ تُساعِدُنا دَانْيَال ٧:١٥-١٧ أن نفهَمَ مَعنى هذِهِ الرُّموز؟
٤ كَي نُحَدِّدَ مَن هُم هؤُلاءِ الأعداء، علَينا أوَّلًا أن نفهَمَ ماذا تعني اللُّغَةُ المَجازِيَّة في سِفرِ الرُّؤْيَا. والسِّرُّ هو أن نسمَحَ لِلكِتابِ المُقَدَّسِ أن يشرَحَ نَفْسَه. فالكَثيرُ مِنَ الرُّموزِ المَوجودَة في سِفرِ الرُّؤْيَا تشرَحُها أسفارٌ أُخرى مِنَ الكِتابِ المُقَدَّس. مَثَلًا، رأى النَّبِيُّ دَانْيَال في حُلمٍ ‹أربَعَةَ حَيَواناتٍ ضَخمَة طَالِعَة مِنَ البَحر›. (دا ٧:١-٣) وقدْ أوضَحَ دَانْيَال إلى ماذا ترمُزُ هذِهِ الحَيَواناتُ الضَّخمَة. إنَّها ترمُزُ إلى «مُلوك»، أو حُكومات. (إقرأ دانيال ٧:١٥-١٧.) وبِناءً على هذا الشَّرحِ الواضِح، نستَنتِجُ أنَّ الوُحوشَ في الرُّؤْيَا لا بُدَّ أن ترمُزَ أيضًا إلى قِوًى سِياسِيَّة.
٥ لِنُناقِشْ معًا الآنَ بَعضَ الرُّموزِ مِن سِفرِ الرُّؤْيَا، ونرَ كَيفَ يُساعِدُنا الكِتابُ المُقَدَّسُ أن نفهَمَ مَعناها. سنستَعرِضُ في البِدايَةِ سِلسِلَةً مِنَ الوُحوش، ونُجيبُ عنِ الأسئِلَةِ التَّالِيَة: إلى ماذا ترمُزُ هذِهِ الوُحوش؟ ماذا سيَحصُلُ لها؟ وكَيفَ يُؤَثِّرُ هذا علَينا؟
أعداءُ اللّٰهِ يُكشَفون
٦ إلى ماذا يرمُزُ الوَحشُ الَّذي لهُ سَبعَةُ رُؤوسٍ في الرُّؤْيَا ١٣:١-٤؟
٦ إلى ماذا يرمُزُ الوَحشُ الَّذي لهُ سَبعَةُ رُؤوس؟ (إقرإ الرؤيا ١٣:١-٤.) نقرَأُ أنَّ هذا الوَحشَ يُشبِهُ النِّمر، ولكنْ أرجُلُهُ كأرجُلِ الدُّبّ، وفَمُهُ كفَمِ الأسَد، ولهُ عَشَرَةُ قُرون. كُلُّ هذِهِ المُواصَفاتِ مَوجودةٌ أيضًا في الحَيَواناتِ الأربَعَة المَذكورَة في دَانْيَال ٧. ولكنْ في سِفرِ الرُّؤْيَا، تنطَبِقُ هذِهِ المُواصَفاتُ على وَحشٍ واحِدٍ فَقَط، لا على أربَعَةِ حَيَواناتٍ مُنفَصِلَة. إذًا، هذا الوَحشُ لا يُمَثِّلُ فَقَط حُكومَةً أو إمبَراطورِيَّةً عالَمِيَّة واحِدَة. لاحِظْ أيضًا أنَّ يُوحَنَّا ذكَرَ أنَّ هذا الوَحشَ يحكُمُ «على كُلِّ قَبيلَةٍ وشَعبٍ ولُغَةٍ وأُمَّة». وبِالتَّالي، هو لَيسَ مُجَرَّدَ حُكومَةٍ واحِدَة. (رؤ ١٣:٧) لا بُدَّ إذًا أنَّ هذا الوَحشَ يرمُزُ إلى كُلِّ القِوى السِّياسِيَّة الَّتي حكَمَتِ البَشَرَ على مَرِّ التَّاريخِ حتَّى يَومِنا هذا.b — جا ٨:٩.
٧ إلى ماذا يرمُزُ كُلُّ رَأسٍ مِنَ الرُّؤوسِ السَّبعَة؟
٧ إلى ماذا يرمُزُ كُلُّ رَأسٍ مِنَ الرُّؤوسِ السَّبعَة؟ يُساعِدُنا الفَصل ١٧ مِنَ الرُّؤْيَا أن نعرِفَ الجَواب. فهو يصِفُ تِمثالًا لِلوَحشِ المَذكورِ في الرُّؤْيَا ١٣. وتقولُ الرُّؤْيَا ١٧:٩، ١٠ عنِ الرُّؤوسِ السَّبعَة لِلوَحش: «إنَّها سَبعَةُ مُلوك: خَمسَةٌ سَقَطوا، وواحِدٌ مَوْجود، والأخيرُ لم يَأتِ بَعد، لكنَّهُ حينَ يَأتي سيَبْقى مُدَّةً قَصيرَة». مِن بَينِ كُلِّ القِوى السِّياسِيَّة الَّتي استَخدَمَها الشَّيْطَان على مَرِّ التَّاريخ، نقدِرُ أن نقولَ عن سَبعٍ فَقَط إنَّها «رُؤوسٌ» لِأنَّها إمبَراطورِيَّاتٌ عالَمِيَّة لَدَيها سُلطَةٌ كَبيرَة. وهي تَحديدًا الإمبَراطورِيَّاتُ العالَمِيَّة الَّتي لها تَأثيرٌ كَبيرٌ على شَعبِ اللّٰه. وإلى أيَّامِ الرَّسولِ يُوحَنَّا، كانَت خَمسٌ مِنها قد ظهَرَت على السَّاحَةِ العالَمِيَّة: مِصْر، أشُور، بَابِل، مَادِي وفَارِس، واليُونَان. والدَّولَةُ العالَمِيَّة السَّادِسَة، رُومَا، كانَت لا تزالُ تحكُمُ عِندَما نالَ يُوحَنَّا الرُّؤْيَا. ولكنْ أيُّ دَولَةٍ عالَمِيَّة تُمَثِّلُ الرَّأسَ السَّابِعَ والأخيرَ لِلوَحش؟
٨ إلى ماذا يرمُزُ الرَّأسُ السَّابِعُ لِلوَحش؟
٨ كما سنرى، تُساعِدُنا النُّبُوَّاتُ في سِفرِ دَانْيَال أن نُحَدِّدَ إلى ماذا يرمُزُ الرَّأسُ السَّابِعُ والأخيرُ لِلوَحش. فكِّرْ قَليلًا: أيُّ دَولَةٍ عالَمِيَّة تحكُمُ خِلالَ «يَومِ الرَّبّ»، أي وَقتِ النِّهايَةِ هذا؟ (رؤ ١:١٠) إنَّها الدَّولَةُ العالَمِيَّة الأنْكِلُو-أمِيرْكِيَّة، أيِ التَّحالُفُ بَينَ المَمْلَكَةِ المُتَّحِدَة والوِلَايَاتِ المُتَّحِدَة الأمِيرْكِيَّة. وهكَذا، نستَنتِجُ أنَّها الرَّأسُ السَّابِعُ لِلوَحشِ المَذكورِ في الرُّؤْيَا ١٣:١-٤.
٩ إلى ماذا يرمُزُ الوَحشُ الَّذي «لهُ قَرنانِ كالخَروف»؟
٩ يُكمِلُ الرُّؤْيَا ١٣ ويُعطي وَصفًا آخَرَ لِلرَّأسِ السَّابِع، أيِ الدَّولَةِ العالَمِيَّة الأنْكِلُو-أمِيرْكِيَّة. فهو يصِفُها بِأنَّها وَحشٌ ‹لهُ قَرنانِ كالخَروفِ لكنَّهُ يَتَكَلَّمُ مِثلَ تِنِّين›. ويصِفُ الفَصلان ١٦ و ١٩ مِنَ الرُّؤْيَا هذا الوَحشَ بِأنَّهُ «النَّبِيُّ الكَذَّاب». (رؤ ١٦:١٣؛ ١٩:٢٠) وقدْ رأى يُوحَنَّا أنَّ هذا الوَحشَ «يَصنَعُ عَجائِبَ عَظيمَة أمامَ النَّاس، حتَّى إنَّهُ يَجعَلُ نارًا تَنزِلُ مِنَ السَّماءِ إلى الأرض». (رؤ ١٣:١١-١٥) بِشَكلٍ مُشابِه، ذكَرَ النَّبِيُّ دَانْيَال أنَّ الدَّولَةَ العالَمِيَّة الأنْكِلُو-أمِيرْكِيَّة ‹سَتُسَبِّبُ دَمارًا فَظيعًا›. (دا ٨:١٩، ٢٣، ٢٤) وهذا بِالضَّبطِ ما حصَلَ خِلالَ الحَربِ العالَمِيَّة الثَّانِيَة. فالقُنبُلَتانِ الذَّرِّيَّتانِ اللَّتانِ أُلقِيَتا في اليَابَان لعِبَتا دَورًا أساسِيًّا في إنهاءِ هذِهِ الحَرب. وكانَت هاتانِ القُنبُلَتانِ نَتيجَةَ جُهودٍ مُشتَرَكَة بَينَ عُلَماءَ بَرِيطَانِيِّينَ وأمِيرْكِيِّين. وبِهذِهِ الطَّريقَة، جعَلَتِ الدَّولَةُ العالَمِيَّة الأنْكِلُو-أمِيرْكِيَّة «نارًا تَنزِلُ مِنَ السَّماءِ إلى الأرض».
١٠ إلى ماذا يرمُزُ «تِمثالُ الوَحش»؟ (رؤيا ١٣:١٤، ١٥؛ ١٧:٣، ٨، ١١)
١٠ بَعدَ ذلِك، نرى وَحشًا آخَر. إنَّهُ يُشبِهُ كَثيرًا الوَحشَ الَّذي لهُ سَبعَةُ رُؤوس، لكنَّ الفَرقَ هو أنَّ لَونَهُ أحمَر. ويُقالُ عنهُ إنَّهُ «تِمثالُ الوَحشِ» و «مَلِكٌ ثامِن».c (إقرإ الرؤيا ١٣:١٤، ١٥؛ ١٧:٣، ٨، ١١.) نقرَأُ عن هذا المَلِكِ أنَّهُ كانَ مَوجودًا، ثُمَّ ما عادَ مَوجودًا، لكنَّهُ ظهَرَ ثانِيَةً. وهذا الوَصفُ ينطَبِقُ تَمامًا على مُنَظَّمَةِ الأُمَمِ المُتَّحِدَة الَّتي تدعَمُ النِّظامَ السِّياسِيَّ العالَمِيّ. ففي البِدايَة، كانَت مَوجودَةً بِصِفَتِها عُصبَةَ الأُمَم، ثُمَّ ما عادَت مَوجودَةً خِلالَ الحَربِ العالَمِيَّة الثَّانِيَة، لكنَّها ظهَرَت ثانِيَةً بِصِفَتِها الأُمَمَ المُتَّحِدَة.
١١ ماذا ستفعَلُ الوُحوشُ السِّياسِيَّة، ولِماذا لا داعِيَ أن نخافَ مِنها؟
١١ ستقومُ الوُحوشُ السِّياسِيَّة بِدِعايَةٍ كَبيرَة لِتُحَرِّضَ النَّاسَ على يَهْوَه وشَعبِه. ومِن خِلالِ هذِهِ الدِّعايَة، ستجمَعُ الوُحوشُ بِطَريقَةٍ مَجازِيَّة «مُلوكَ الأرضِ كُلِّها» إلى حَربِ هَرْمَجَدُّون، «حَربِ اليَومِ العَظيم، يَومِ اللّٰهِ القادِرِ على كُلِّ شَيء». (رؤ ١٦:١٣، ١٤، ١٦) ولكنْ لا داعِيَ أن نخافَ مِن هذِهِ الوُحوش. فإلهُنا العَظيمُ يَهْوَه سيَتَصَرَّفُ بِسُرعَةٍ لِيُخَلِّصَ كُلَّ الَّذينَ يدعَمونَ حُكمَه. — حز ٣٨:٢١-٢٣.
١٢ ماذا سيَحصُلُ لِكُلِّ الوُحوش؟
١٢ ماذا سيَحصُلُ لِكُلِّ هذِهِ الوُحوش؟ تُجيبُ الرُّؤْيَا ١٩:٢٠: «أُمسِكَ الوَحشُ ومعهُ النَّبِيُّ الكَذَّابُ الَّذي صَنَعَ قُدَّامَهُ العَجائِب، عَجائِبَ خَدَعَ بها مَن نالوا عَلامَةَ الوَحشِ ومَن يَعبُدونَ تِمثالَه. ورُمِيا كِلاهُما حَيَّيْنِ في بُحَيرَةِ النَّارِ المُشتَعِلَة بِالكِبريت». إذًا، فيما لا يزالُ أعداءُ اللّٰهِ السِّياسِيُّونَ يحكُمون، سيُقضى علَيهِم إلى الأبَد.
١٣ أيُّ تَحَدٍّ يُواجِهُهُ المَسيحِيُّونَ بِسَبَبِ حُكوماتِ العالَم؟
١٣ كَيفَ يُؤَثِّرُ هذا علَينا؟ كمَسيحِيِّين، يلزَمُ أن نكونَ أولِياءَ لِلّٰهِ ومَملَكَتِه. (يو ١٨:٣٦) وهذا يتَطَلَّبُ مِنَّا أن نبقى حِيادِيِّينَ ولا نتَدَخَّلَ في الشُّؤونِ السِّياسِيَّة لِهذا العالَم. وهذا لَيسَ سَهلًا أبَدًا. فحُكوماتُ العالَمِ تضغَطُ علَينا لِندعَمَها كامِلًا بِكَلامِنا وتَصَرُّفاتِنا. لكنَّ الَّذينَ يستَسلِمونَ لِهذا الضَّغطِ ينالونَ عَلامَةَ الوَحش. (رؤ ١٣:١٦، ١٧) وأشخاصٌ كهؤلاء سيَرفُضُهُم يَهْوَه وسَيَخسَرونَ الحَياةَ الأبَدِيَّة. (رؤ ١٤:٩، ١٠؛ ٢٠:٤) إذًا، مُهِمٌّ جِدًّا أن يبقى كُلُّ واحِدٍ مِنَّا حِيادِيًّا تَمامًا، مَهما كانَ الضَّغطُ علَيهِ كَبيرًا.
نِهايَةٌ مُذِلَّة لِلعاهِرَةِ العَظيمَة
١٤ حَسَبَ الرُّؤْيَا ١٧:٣-٥، مِمَّ يتَعَجَّبُ الرَّسولُ يُوحَنَّا؟
١٤ إقرإ الرؤيا ١٧:٣-٥. يذكُرُ الرَّسولُ يُوحَنَّا أنَّهُ ‹تعَجَّبَ كَثيرًا› عِندَما رأى شَيئًا آخَر. فماذا رأى؟ إمرَأةً تجلِسُ على واحِدٍ مِن هذِهِ الوُحوشِ الشَّرِسَة. ويُقالُ عنها إنَّها ‹عاهِرَةٌ عَظيمَة› اسْمُها «بَابِل العَظيمَة». وهي ترتَكِبُ «العَهارَةَ» مع «مُلوكِ الأرض». — رؤ ١٧:١، ٢، ٦.
١٥-١٦ ما هي «بَابِل العَظيمَة»، وكَيفَ وصَلنا إلى هذا الاستِنتاج؟
١٥ ما هي «بَابِل العَظيمَة»؟ هذِهِ المَرأةُ لا يُمكِنُ أن تكونَ مُنَظَّمَةً سِياسِيَّة لِأنَّها ترتَكِبُ العَهارَةَ معَ الحُكَّامِ السِّياسِيِّينَ لِهذا العالَم. (رؤ ١٨:٩) حتَّى إنَّها تُحاوِلُ أن تُسَيطِرَ على هؤُلاءِ الحُكَّام، كما لَو أنَّها جالِسَةٌ علَيهِم وتُمَشِّيهِم مِثلَما تُريد. مِن جِهَةٍ ثانِيَة، لا يُمكِنُ أن ترمُزَ هذِهِ المَرأةُ إلى النِّظامِ التِّجارِيِّ الجَشِعِ في عالَمِ الشَّيْطَان. فسِفرُ الرُّؤْيَا يتَكَلَّمُ عنِ النِّظامِ التِّجارِيِّ بِشَكلٍ مُنفَصِلٍ ويُسَمِّيهِ «تُجَّارَ الأرض». — رؤ ١٨:١١، ١٥، ١٦.
١٦ ومِنَ اللَّافِتِ أنَّ الكِتابَ المُقَدَّسَ يستَعمِلُ التَّعبيرَ «عاهِرينَ» أو «زُناةً» لِيَصِفَ الَّذينَ يقولونَ إنَّهُم يخدُمونَ اللّٰه، لكنَّهُم في الوَقتِ نَفْسِهِ يعبُدونَ آلِهَةً مُزَيَّفَة أو يصيرونَ أصدِقاءَ لِلعالَمِ بِطُرُقٍ أُخرى. (١ أخ ٥:٢٥؛ يع ٤:٤) أمَّا الَّذينَ يعبُدونَ اللّٰهَ بِأمانَة، فيَصِفُهُم بِأنَّهُم «طاهِرونَ» ولَدَيهِم ‹عِفَّة›. (رؤ ١٤:٤؛ ٢ كو ١١:٢) أيضًا، كانَت بَابِل قَديمًا مَركَزًا لِلعِبادَةِ الَّتي لا تُرضي اللّٰه. وبِناءً على كُلِّ ما ناقَشناه، نستَنتِجُ أنَّ بَابِل العَظيمَة ترمُزُ إلى كُلِّ الأديانِ الَّتي لا تُرضي اللّٰه. — رؤ ١٧:٥، ١٨؛ أُنظُرْ مَقالَة «ما هي بَابِل العَظيمَة؟» على jw.org.
١٧ ماذا سيَحصُلُ لِبَابِل العَظيمَة؟
١٧ ماذا سيَحصُلُ ‹لِبَابِل العَظيمَة›؟ تُجيبُ الرُّؤْيَا ١٧:١٦، ١٧: «القُرونُ العَشَرَة الَّتي رَأيتَها والوَحشُ سيَكرَهونَ العاهِرَةَ ويَجعَلونَها خَرِبَةً وعارِيَة، وسَيَأكُلونَ لَحمَها ويُحرِقونَها كامِلًا بِالنَّار. فاللّٰهُ وَضَعَ في قُلوبِهِم أن يُنَفِّذوا فِكرَه». فاللّٰهُ سيَدفَعُ الدُّوَلَ أن يستَعمِلوا الوَحشَ الَّذي لَونُهُ أحمَر، أيِ الأُمَمَ المُتَّحِدَة، لِيَهجُموا على كُلِّ الأديانِ الَّتي لا تُرضي اللّٰهَ ويُدَمِّروها بِالكامِل. — رؤ ١٨:٢١-٢٤.
١٨ كَيفَ نتَأكَّدُ أن لا عَلاقَةَ لنا أبَدًا بِبَابِل العَظيمَة؟
١٨ كَيفَ يُؤَثِّرُ هذا علَينا؟ يجِبُ أن نستَمِرَّ في «العِبادَةِ الطَّاهِرَة النَّقِيَّة في نَظَرِ إلهِنا». (يع ١:٢٧) لِذلِك علَينا أن نتَجَنَّبَ أيَّ شَيءٍ لهُ عَلاقَةٌ بِبَابِل العَظيمَة: التَّعاليمَ الخاطِئَة، الاحتِفالاتِ الَّتي لا تُرضي اللّٰه، المَقاييسَ المُنحَطَّة، والمُمارَساتِ المُتَعَلِّقَة بِالتَّعامُلِ معَ الأرواح. ونَحنُ نُريدُ أيضًا أن نُحَذِّرَ النَّاسَ كَي ‹يخرُجوا› مِن بَابِل العَظيمَة. وهكَذا لا يعتَبِرُهُمُ اللّٰهُ مُذنِبينَ مِثلَها. — رؤ ١٨:٤.
الحُكمُ على أكبَرِ عَدُوٍّ لِلّٰه
١٩ مَن هوَ ‹التِّنِّينُ العَظيمُ الَّذي لَونُهُ أحمَرُ كالنَّار›؟
١٩ يتَحَدَّثُ سِفرُ الرُّؤْيَا أيضًا عن «تِنِّينٍ عَظيمٍ لَونُهُ أحمَرُ كالنَّار». (رؤ ١٢:٣) وهذا التِّنِّينُ حارَبَ يَسُوع ومَلائِكَتَه. (رؤ ١٢:٧-٩) وهو يُهاجِمُ شَعبَ اللّٰه، ويُعطي سُلطَةً لِلوُحوشِ السِّياسِيَّة. (رؤ ١٢:١٧؛ ١٣:٤) فمَن هو هذا التِّنِّين؟ إنَّهُ «الحَيَّةُ القَديمَة، الَّذي يُسَمَّى إبْلِيس والشَّيْطَان». (رؤ ١٢:٩؛ ٢٠:٢) فالشَّيْطَان هوَ الَّذي يُحَرِّكُ كُلَّ أعداءِ يَهْوَه.
٢٠ ماذا سيَحصُلُ لِلتِّنِّين؟
٢٠ ماذا سيَحصُلُ لِلتِّنِّين؟ تُخبِرُنا الرُّؤْيَا ٢٠:١-٣ أنَّ مَلاكًا سيَرمي الشَّيْطَان في المِهواةِ الَّتي ستكونُ مِثلَ سِجنٍ بِالنِّسبَةِ إلَيه. وفيما هو مَسجون، لن يتَمَكَّنَ الشَّيْطَان أن «يُضَلِّلَ الأُمَمَ في ما بَعد، حتَّى تَنتَهِيَ الـ ٠٠٠,١ سَنَة». بَعدَ ذلِك، سيُرمى الشَّيْطَان وأبالِسَتُهُ في «بُحَيرَةِ النَّارِ والكِبريت»، أي سَيُقضى علَيهِم مَرَّةً وإلى الأبَد. (رؤ ٢٠:١٠) تخَيَّلْ كم سيَكونُ العالَمُ جَميلًا دونَ الشَّيْطَان وأبالِسَتِه. ألا تنتَظِرُ بِشَوقٍ ذلِكَ الوَقت؟
٢١ لِماذا تشَجَّعنا بِما قرَأناهُ في سِفرِ الرُّؤْيَا؟
٢١ لقدْ تشَجَّعنا كَثيرًا لِأنَّنا فهِمنا مَعنى هذِهِ الرُّموزِ مِن سِفرِ الرُّؤْيَا. فاستَطَعنا أن نُحَدِّدَ مَن هُم أعداءُ اللّٰه، ورأيْنا أيضًا ماذا سيَحصُلُ لهُم. فِعلًا، «سَعيدٌ مَن يَقرَأُ بِصَوتٍ عالٍ كَلِماتِ هذِهِ النُّبُوَّة، وسَعيدٌ مَن يَسمَعُها». (رؤ ١:٣) ولكنْ أيُّ بَرَكاتٍ سيَتَمَتَّعُ بها البَشَرُ الأُمَناءُ بَعدَ القَضاءِ على أعداءِ اللّٰه؟ سنعرِفُ الجَوابَ في آخِرِ مَقالَةٍ مِن هذِهِ السِّلسِلَة.
التَّرنيمَة ٢٣ يَهْوَه يبدَأُ مُلكَه
a يستَخدِمُ سِفرُ الرُّؤْيَا رُموزًا لِيُحَدِّدَ مَن هُم أعداءُ اللّٰه. وسِفرُ دَانْيَال يُساعِدُنا أن نفهَمَ مَعنى هذِهِ الرُّموز. في هذِهِ المَقالَة، سنُقارِنُ نُبُوَّاتٍ في سِفرِ دَانْيَال بِنُبُوَّاتٍ تُشبِهُها في سِفرِ الرُّؤْيَا. وهذا سيُساعِدُنا أن نُحَدِّدَ مَن هُم أعداءُ اللّٰه. بَعدَ ذلِك، سنرى ماذا سيَحصُلُ لهُم.
b هُناك دَليلٌ آخَرُ يُؤَكِّدُ أنَّ الوَحشَ الَّذي لهُ سَبعَةُ رُؤوسٍ يرمُزُ إلى كُلِّ القِوى السِّياسِيَّة. فهذا الوَحشُ لهُ «عَشَرَةُ قُرون». والرَّقمُ عَشَرَةٌ غالِبًا ما يُشيرُ في الكِتابِ المُقَدَّسِ إلى التَّمام.
c هُناك فَرقٌ آخَرُ بَينَ الوَحشِ وتِمثالِ الوَحش. فلا توجَدُ ‹تيجانٌ› على قُرونِ تِمثالِ الوَحش. (رؤ ١٣:١) وهذا لِأنَّهُ «يَنشَأُ مِنَ المُلوكِ السَّبعَة» الآخَرينَ ويَستَمِدُّ مِنهُم سُلطَتَه. — أُنظُرْ مَقالَة «إلامَ يرمُزُ الوَحشُ القِرمِزِيُّ اللَّونِ في الرُّؤْيَا الإصحاح ١٧؟» على jw.org.