-
شاكر ليهوه — بالخدمة كامل الوقت!برج المراقبة ٢٠٠٠ | ١ ايار (مايو)
-
-
بطلبات الإخوة للحجز في الطائرات والسفن التي استأجرتها الجمعية. وقد تبيَّن ان هذا المحفل هو المحفل الأممي الشهير، «المشيئة الالهية»، الذي حضره جمهور ضخم بلغ عدده ٩٢٢,٢٥٣. وفي هذا المحفل، رمز ١٣٦،٧ شخصا الى انتذارهم ليهوه بمعمودية الماء — اكثر بكثير من ضعف عدد الذين اعتمدوا في المناسبة التاريخية يوم الخمسين سنة ٣٣ بم، كما يذكر الكتاب المقدس. — اعمال ٢:٤١.
ولن ننسى ابدا جوان وأنا اللطف الذي اعرب عنه الأخ نور عندما دعانا شخصيا الى حضور المحفل للمساعدة على الاهتمام بالمندوبين الوافدين الى مدينة نيويورك من ١٢٣ بلدا. لقد كان ذلك اختبارا مفرحا ومانحا للاكتفاء لكلينا.
بركات الخدمة كامل الوقت
على إثر رجوعنا، استأنفنا العمل الجائل الى ان نشأت مشاكل صحية. فقد أُدخلت جوان المستشفى، وأُصبتُ بسكتة دماغية غير حادَّة. فانتقلنا الى صفوف الفاتحين الخصوصيين، ثم حصلنا لاحقا وللمرة ثانية على امتياز الخدمة مؤقتا في العمل الدائري. وفي النهاية، عدنا الى بريستول حيث لا نزال في الخدمة كامل الوقت. يعيش اخي ديك مع عائلته في الجوار، وغالبا ما نستعيد معا ذكرياتنا الجميلة.
لقد تضرَّر بصري على نحو يتعذَّر اصلاحه نتيجة انفصال الشبكيَّة سنة ١٩٧١. ومنذ ذلك الحين اواجه صعوبة كبيرة في القراءة، لذلك أجد تسجيلات المطبوعات على كاسيتات تدبيرا رائعا من يهوه. وما زلنا جوان وأنا ندير دروسا في الكتاب المقدس، وعلى مرِّ السنين، حصلنا على امتياز مساعدة نحو ٤٠ شخصا على المجيء الى معرفة الحق، بمن فيهم عائلة مؤلفة من سبعة اشخاص.
عندما نذرنا حياتنا ليهوه منذ اكثر من ٦٠ سنة، كانت رغبتنا الانخراط في الخدمة كامل الوقت والاستمرار فيها. وكم نحن شاكرون لأننا ما زلنا نملك القوة لنخدم يهوه العظيم، فبهذه الطريقة فقط يمكننا ان نشكره على صلاحه نحونا وعلى السنوات السعيدة التي قضيناها معا!
-
-
يهوه اعظم من قلوبنابرج المراقبة ٢٠٠٠ | ١ ايار (مايو)
-
-
يهوه اعظم من قلوبنا
«يرضى الرب بأتقيائه»، هذا ما كتبه صاحب المزمور. وفي الواقع، يبتهج الخالق برؤية كل واحد من خدامه البشر يجاهد لتأييد مقاييسه البارة. فاللّٰه يبارك اولياءه، يشجعهم، ويعزيهم في اوقات اليأس. انه يعرف ان عبّاده ناقصون، ولذلك يكون واقعيا في ما يتوقعه منهم. — مزمور ١٤٧:١١.
قد لا يصعب علينا الاعتقاد بأن يهوه يملك محبة عظيمة نحو خدامه بشكل عام. ولكن يبدو ان البعض قلقون اكثر مما ينبغي حيال نقائصهم الشخصية حتى انهم مقتنعون بأن يهوه لا يمكن ان يحبهم ابدا. وقد يستنتجون: «انا ناقص اكثر من ان يحبني يهوه». طبعا، تعترينا جميعا مشاعر سلبية من حين الى آخر. ولكن يبدو ان البعض هم في صراع مستمر مع مشاعر عدم القيمة.
مشاعر الاكتئاب
في ازمنة الكتاب المقدس، عانى عدد من الافراد الامناء مشاعر الاكتئاب الشديد. فقد كره ايوب الحياة وشعر بأن اللّٰه تخلى عنه. وذات مرة كانت حنة، التي اصبحت أُمًّا لصموئيل، مكتئبة جدا لأنها لم تستطع ان تنجب وبكت بمرارة. وقد ‹انحنى داود الى الغاية›، واكتأب إبفرديتس كثيرا لأن خبر مرضه قد أحزن اخوته. — مزمور ٣٨:٦؛ ١ صموئيل ١:٧، ١٠؛ ايوب ٢٩:٢، ٤، ٥؛ فيلبي ٢:٢٥، ٢٦.
وماذا عن المسيحيين اليوم؟ قد يمنع المرض، الشيخوخة، او الظروف الشخصية الاخرى البعض من فعل كل ما يريدون فعله في الخدمة المقدسة. ويمكن ان يجعلهم ذلك يستنتجون انهم خيَّبوا امل يهوه ورفقائهم المؤمنين. او يمكن ان يلوم البعض انفسهم باستمرار على اخطاء ماضية غير واثقين بأن يهوه غفر لهم. وآخرون، بسبب خلفيتهم العائلية، ربما هم مقتنعون بأنهم غير جديرين بالمحبة. فكيف يمكن ذلك؟
ينشأ البعض في عائلات تسود فيها روح الانانية، السخرية، والخوف لا روح المحبة. وربما لا يعرفون ابدا ابا يحبهم كثيرا، ينتهز الفرص ليمدحهم ويشجعهم، يتغاضى عن اساءاتهم ويكون مستعدا لغفران حتى الأخطاء الاكثر خطورة، ويتحلى بدفء يجعل كامل العائلة تشعر بالأمان. وبما انهم لم يحظوا قط بأب ارضي محب، يمكن ان يستصعبوا فهم ما يعنيه ان يكون لهم اب سماوي محب.
على سبيل المثال، يكتب فريتس: «أثَّرت تصرفات ابي غير الحبية تأثيرا كبيرا في طفولتي وحداثتي.a لم يكن يمدحني قط، ولم اشعر بعلاقة حميمة به مطلقا. وفي الواقع، كنت اخاف منه معظم الاحيان». ونتيجة لذلك، لا تزال مشاعر عدم الكفاءة تعتري فريتس، وقد بلغ الآن خمسيناته. وتوضح مارڠاريت: «كان والداي غير وديَّين وعديمَي المحبة. فعندما بدأت ادرس الكتاب المقدس، كان صعبا علي ان اتصور كيف يكون الأب المحب».
قد تعني مشاعر كهذه، مهما كان سببها، ان الدافع الرئيسي الى خدمتنا للّٰه احيانا لا يكون المحبة، بل الى حد كبير الشعور بالذنب او الخوف. فلا نشعر بالاكتفاء حتى عندما نبذل قصارى جهدنا. ويمكن ان تجعلنا الرغبة في ارضاء يهوه ورفقائنا المؤمنين نشعر بأننا مقصِّرون عن فعل كل ما نريد فعله. ونتيجة لذلك، قد نفشل في بلوغ اهدافنا ونلوم انفسنا ونشعر بالتثبط.
فماذا يمكن فعله؟ ربما يلزمنا ان نتذكر كم يهوه سَمْح. وكان الرسول يوحنا احد الذين ادركوا هذا الوجه الحبي لشخصية اللّٰه.
«اللّٰه اعظم من قلوبنا»
عند نهاية القرن الاول للميلاد، كتب يوحنا الى رفقائه المؤمنين: «بهذا نعرف اننا من الحق، ونُطَمئن قلوبنا امامه من جهة ما قد تلومنا قلوبنا عليه، لأن اللّٰه اعظم من قلوبنا ويعلم كل شيء». فلماذا كتب يوحنا هذه الكلمات؟ — ١ يوحنا ٣:١٩، ٢٠.
ادرك يوحنا بشكل واضح ان خادم يهوه يمكن ان يلومه قلبه. وربما اختبر يوحنا نفسه مشاعر كهذه. فعندما كان شابا حاد الطبع، كان يسوع المسيح يقوِّمه احيانا لكونه صارما اكثر مما ينبغي في تعامله مع الآخرين. وفي الواقع، اعطى يسوع يوحنا وأخاه يعقوب «اللقب بُوانَرجِس، الذي يعني: ابني الرعد». — مرقس ٣:١٧؛ لوقا ٩:٤٩-٥٦.
في السنوات الـ ٦٠ التالية، لانَ طبع يوحنا وأصبح مسيحيا متزنا، محبا، ورحيما. وعندما كتب يوحنا — آخر رسول على قيد الحياة — رسالته الملهمة الاولى، كان يعرف ان يهوه لا يحاسب خدامه على كل اساءة يرتكبونها. فهو اب محب، سَمْح، سخي، ورؤوف يُكِنُّ محبة عميقة لكل الذين يحبونه ويعبدونه بالحق. كتب يوحنا: «اللّٰه محبة». — ١ يوحنا ٤:٨.
يفرح يهوه بخدمتنا له
يعرف اللّٰه ضعفاتنا ونقائصنا الموروثة ويأخذها في الاعتبار. كتب داود: «لأنه يعرف جبلتنا. يذكر اننا تراب نحن». فيهوه يدرك تأثير خلفيتنا في ما نحن عليه. وهو في الواقع يعرفنا اكثر بكثير مما نعرف نحن انفسنا. — مزمور ١٠٣:١٤.
فهو يعرف ان كثيرين منا يريدون ان يكونوا مختلفين، ولكننا غير قادرين ان نتغلب على نقائصنا. ويمكن تشبيه حالتنا بحالة الرسول بولس الذي كتب: «لست افعل الصلاح الذي اريد، بل الرديء الذي لا اريده فإياه امارس». نحن جميعا منهمكون في الصراع نفسه، الامر الذي قد يجعل قلبنا يلومنا احيانا. — روما ٧:١٩.
وتذكروا دائما ما يلي: ان نظرة يهوه الينا هي اهم بكثير من نظرتنا الى انفسنا. وكلّما رآنا نحاول ارضاءه، لا يكون راضيا بعض الرضى فحسب، بل انه يفرح. (امثال ٢٧:١١) ورغم ان ما ننجزه قد يبدو في اعيننا قليلا نسبيا، فإن رغبتنا ودافعنا الجيد يسرّانه. انه ينظر الى ابعد مما ننجزه؛ ويدرك ما نريد فعله؛ ويعي ما نتمناه ونرغب فيه. فيهوه يستطيع قراءة قلوبنا. — ارميا ١٢:٣؛ ١٧:١٠.
على سبيل المثال، كثيرون من شهود يهوه هم اشخاص خجولون ومتحفظون بالطبيعة، ويفضلون عدم لفت الانتباه الى انفسهم. ويمكن ان تكون الكرازة بالبشارة من بيت الى بيت تحديا مقلقا لمثل هؤلاء. ولكن حتى الاشخاص الخجولون، اذ تدفعهم الرغبة في خدمة اللّٰه ومساعدة قريبهم، يتعلمون الاقتراب من جيرانهم والتحدث اليهم عن الكتاب المقدس. ويمكن ان يشعروا انهم ينجزون القليل، الامر الذي قد يسلبهم فرحهم. وربما يوحي اليهم قلبهم ان خدمتهم العلنية غير مجدية. ولكن يهوه يفرح بالتأكيد بالجهد الدؤوب الذي يبذله اشخاص كهؤلاء في خدمتهم. وفضلا عن ذلك، انهم لا يعرفون متى وأين سينبت بذار الحق وينمو ويعطي ثمرا. — جامعة ١١:٦؛ مرقس ١٢:٤١-٤٤؛ ٢ كورنثوس ٨:١٢.
وثمة شهود آخرون يعانون صحة رديئة منذ وقت طويل او يتقدمون في السن. وبالنسبة اليهم يمكن ان يكون حضورهم الاجتماعات قانونيا في قاعة الملكوت محفوفا بالألم والقلق. وقد يذكِّرهم الاستماع الى خطاب عن عمل الكرازة بما اعتادوا ان يفعلوه وما زالوا راغبين في فعله رغم الضعف الذي يعيقهم. فمثل هؤلاء يمكن ان يشعروا بالذنب لأنهم لا يتمكنون من اتباع المشورة الى الحد الذي يرغبون فيه. ولكن يهوه بالتأكيد يعزُّ ولاءهم واحتمالهم. ولن ينسى سجلهم الامين ابدا ما داموا اولياء. — مزمور ١٨:٢٥، عج؛ ٣٧:٢٨.
«نُطَمئن قلوبنا»
عندما شاخ يوحنا، لا بد انه صار يفهم الكثير عن سماحة اللّٰه. تذكَّروا انه كتب: «اللّٰه اعظم من قلوبنا ويعلم كل شيء». وفضلا عن ذلك، لقد شجعنا يوحنا ان «نُطَمئن قلوبنا». فماذا عنى يوحنا بهذه الكلمات؟
بحسب قاموس ڤاين التفسيري لكلمات العهدين القديم والجديد (بالانكليزية)، ان الفعل اليوناني المترجم ‹طمأن› يعني: «استخدم الاقناع، نجح في الاقناع، او استمال». وبتعبير آخر، لكي نُطَمئن قلوبنا يلزم ان نستميلها ونقنعها بأن يهوه يحبنا. فكيف ذلك؟
ان فريتس المذكور آنفا في هذه المقالة يخدم كشيخ في احدى جماعات شهود يهوه منذ اكثر من ٢٥ سنة، وقد وجد ان الدرس الشخصي يمكن ان يُطَمئن قلبه من جديد بشأن محبة يهوه. «أدرس الكتاب المقدس ومطبوعاتنا قانونيا وباهتمام، الامر الذي يساعدني ألّا اعيش في الماضي بل ان احافظ على رؤية واضحة لمستقبلنا الرائع. احيانا يسحقني الماضي فأشعر ان اللّٰه لا يمكن ان يحبني ابدا. ولكن عموما، اجد ان الدرس القانوني يقوِّي قلبي، يزيد ايماني، ويساعدني ان ابقى سعيدا ومتَّزنا».
صحيح ان قراءة الكتاب المقدس والتأمل فيه قد لا يغيِّران واقعنا. غير انهما يمكن ان يغيِّرا نظرتنا الى الحالة التي نحن فيها. ومَلء قلوبنا افكارا من كلمة اللّٰه يساعدنا ان نفكر مثله. وفضلا عن ذلك، سيمكِّننا الدرس ان نزيد فهمنا لسماحة اللّٰه. فنتمكن تدريجيا من قبول الواقع ان يهوه لا يلومنا على البيئة التي عشنا فيها في طفولتنا ولا على عجزنا. انه يعرف ان الاعباء التي تثقل كاهل كثيرين منا، سواء كانت عاطفية او جسدية، لا يد لنا فيها في معظم الاحيان، ويأخذ ذلك في الاعتبار بشكل حبي.
وماذا عن مارڠاريت المذكورة آنفا؟ عندما صارت تعرف يهوه، استفادت كثيرا هي ايضا من درس الكتاب المقدس. وكفريتس، كان عليها اصلاح صورة الاب في ذهنها. وقد ساعدت الصلاة مارڠاريت ان تربط الامور التي تعلمتها من خلال الدرس واحدها بالآخر. تقول: «في البداية اعتبرت يهوه صديقا حميما لأنني عرفت الاصدقاء الاحماء اكثر مما عرفت الأب المحب. وتدريجيا، تعلمت ان اسكب مشاعري، شكوكي، همومي، ومشاكلي امام يهوه. فكنت اتكلم معه تكرارا في الصلاة، وفي الوقت نفسه اجمع معا كل الامور الجديدة التي اتعلمها عنه وكأنها لوحة فسيفساء. وبعد فترة من الوقت، نمت مشاعري نحو يهوه الى حد انني نادرا ما اجد الآن مشكلة في اعتباره ابا محبا لي».
التحرر من القلق
ما دام هذا النظام الشرير القديم مستمرا، لا يمكن لأحد ان يتوقع التحرر من القلق. وبالنسبة الى بعض المسيحيين، يعني ذلك ان مشاعر القلق او عدم الثقة بالذات يمكن ان تنشأ باستمرار وتسبب الكآبة. ولكن يمكننا ان نَطْمئن لأن يهوه يعرف دافعنا الجيد وكدَّنا في خدمته. ولن ينسى ابدا المحبة التي نظهرها نحو اسمه. — عبرانيين ٦:١٠.
وقريبا في الارض الجديدة التي سيحكمها الملكوت المسياني، يمكن ان يتوقع جميع البشر الامناء التحرر من اعباء نظام الشيطان. وكم سيكون ذلك مريحا! عندئذ سنرى دليلا اضافيا على مدى سماحة يهوه. فإلى ان يحين ذلك الوقت، لنَطْمئن جميعا لأن «اللّٰه اعظم من قلوبنا ويعلم كل شيء». — ١ يوحنا ٣:٢٠.
[الحاشية]
a جرى تغيير الاسماء.
[النبذة في الصفحة ٣٠]
يهوه ليس بطاغية، بل هو اب حنون، سَمْح، ورؤوف
[الصورة في الصفحة ٣١]
درس كلمة اللّٰه يساعدنا ان نفكر مثله
-