-
الاعتناء بالوالدين المسنيناستيقظ! ١٩٩٤ | شباط (فبراير) ٨
-
-
الاعتناء بالوالدين المسنين
«كنت اعمل نهارا وليلا، لكنني مع ذلك شعرت بأنه امتياز.» هكذا وصفت احدى النساء الاعتناء بأمها الكبيرة السن. بالنسبة الى هذه المرأة، وأخريات كثيرات، يكون الاعتناء بالوالدين المتقدمين في السن اختبارا ايجابيا.
وهو يصير ايضا اختبارا شائعا اكثر. ويقال ان فئة العمر الاسرع ازديادا في الولايات المتحدة هي فئة البالغين من العمر اكثر من ٧٥ سنة. وفي السنة ١٩٠٠، كان اقل من مليون اميركي بعمر ٧٥ او اكبر. وبحلول السنة ١٩٨٠ كان عشرة ملايين تقريبا يبلغون من العمر اكثر من ٧٥ سنة. ويعيش كبار السن فترة اطول، ونحو ثلث اولئك البالغين من العمر ٨٥ سنة او اكبر يحتاجون الى مساعدة قانونية.
وفيما يمكن ان يكون منح العناية اختبارا مكافئا، فإنه ليس دون اجهاد. واذا كان احد والديكم او كلاهما مسنا ويحتاج الى عنايتكم، فقد تجدون نواحي معيَّنة صعبة. ومجرد رؤية صحتهم تتدهور تسبب لكم بالتأكيد الالم. واذا نلتم القليل من المساعدة او لا شيء منها من اعضاء العائلة الآخرين، فستقومون بالجزء الاكبر من منح العناية.
وقد تكتشفون ايضا انه مهما كان عمركم، لا تشعرون ابدا بأنكم كبار امام والديكم. وقد يميلون الى معاملتكم كولد، وقد تميلون الى التجاوب كولد. والنقص في الدعم العاطفي من الاصدقاء يمكن ان يضيف عنصر اجهاد الى منحكم العناية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن تحديات منح العناية لا يلزم ان تتضارب مع محافظتكم على علاقة حميمة بوالديكم. والاسفار المقدسة توجِّه الراشدين بوضوح الى «ان يوقّروا اهل بيتهم ويوفوا والديهم المكافأة. لأن هذا صالح ومقبول امام اللّٰه.» ومن ناحية اخرى، فإن «الطارد امه هو ابن مخزٍ ومخجل.» — ١ تيموثاوس ٥:٤؛ امثال ١٩:٢٦.
والتعبد التقوي المعبَّر عنه بمنح العناية يمكن ان يكون اختبارا مغنيا. ولكن اولا، لا بد ان تعرفوا ما يحتاج اليه فعلا والدوكم منكم كمساعدة. والمقالتان التاليتان يمكن ان تساعداكم على تحديد هذه الحاجات وسدّها. وفيما تركِّز هاتان المقالتان على ما يمكن فعله في البيت، من المفهوم انه في بعض الحالات، بسبب الصحة الرديئة جدا او السن المتقدمة، قد تلزم الوالد مساعدة من اشخاص اختصاصيين، كتلك الموجودة في دار الرعاية.
-
-
تقييم حاجات والديكماستيقظ! ١٩٩٤ | شباط (فبراير) ٨
-
-
تقييم حاجات والديكم
لكي تكونوا عونا حقيقيا لوالديكم المتقدمين في السن، لا بد ان تعرفوا ما هي حاجاتهم وتفضيلاتهم. وإلا فأنتم قد تعرضون — بنِيَّة حسنة — تدابير وخدمات لا يحتاج اليها والدوكم ولا يريدونها، على الرغم من انهم قد يتردَّدون في إخباركم بذلك. عندئذ تكون علاقتكم، المؤسسة على سوء الفهم، مُجهِدة دون ضرورة ليس لكم فحسب بل لوالديكم ايضا.
ماذا يريدون حقا؟
اذ تعتقد انه يوما ما سيصير ضروريا ان تنقل والدَيها للسكن معها، ترتب امرأة من اجل هذا الانتقال فورا. ولكنها تكتشف في ما بعد ان والديها قادران الى حد بعيد على العيش في بيتهما الخاص — وسيكونان اسعد بهذه الطريقة!
اذ جلب والدَيه ليعيشا معه، يقول احد الابناء: «لن تدفعا المال لتعيشا في بيتي! ليس بعد كل ما فعلتماه لاجلي!» لكنَّ هذا يجعل والدَيه يشعران بأنهما عالة على غيرهم الى حد بعيد. فيقولان له اخيرا انهما يفضِّلان امتياز المساهمة بطريقة ما.
ثمة عائلة تزوِّد كل خدمة ثانوية لوالدَيها المسنَّين لكي تتأكد انهما مرتاحان وغير مثقَّلَين باجهاد جسدي. وفي ما بعد تكتشف ان والدَيها يريدان ان يفعلا المزيد لانفسهما.
في كل من هذه الامثلة المذكورة آنفا، كانت الخدمات المُنجَزة غير لازمة وغير مطلوبة على السواء من قبل الوالدين. ويمكن ان يحدث ذلك بسهولة اذا دفع الابنَ او الابنةَ الحسن النية احساسٌ بالواجب مبالغ فيه او اذا كان هنالك نقص في التفهُّم المتعلق بحاجات الوالدين الفعلية. فكِّروا في الاجهاد غير الضروري الذي ينتجه ذلك لكل ذوي العلاقة. والحل هو طبعا الحصول على تقييم لحاجات ورغبات والديكم الفعلية.
فهل يحتاج حقا والدوكم الى الانتقال للعيش في بيتكم الآن؟ هل يريدون ذلك ايضا؟ قد يدهشكم ان تعرفوا ان بعض الاشخاص الاكبر سنا يرغبون في العيش مستقلين قدر الامكان. وبسبب الخوف من ان يبدوا عديمي التقدير، قد يتردَّدون في التعبير لاولادهم انهم يفضِّلون العيش وحدهم في بيتهم، على الرغم من بعض العوائق. وربما يحبون اولادهم ويتوقون الى قضاء وقت معهم. ولكن ان يكونوا عالة على اولادهم؟ لا، فربما يفضلون ان يفعلوا الامور هم بأنفسهم.
وربما يكون ضروريا يوما ما ان تنقلوا والديكم للسكن في بيتكم. ولكن اذا لم يحن هذا الوقت بعد، واذا كانوا يفضلون باخلاص ان يسكنوا وحدهم، فلماذا نحرمهم سنوات الاستقلال هذه؟ هل تمكِّنهم بعض التعديلات المنزلية او البرنامج القانوني للاتصال الهاتفي او الزيارات من الاستمرار في العيش في بيتهم؟ قد يشعرون بسعادة اكثر في بيتهم، متخذين قراراتهم اليومية الخاصة.
اوضحت احدى مانحات العناية تسرُّعها في اخذ امها للسكن في بيتها: «عندما مات ابي، اخذنا امي لتعيش في بيتنا، شاعرين بالاسف نحوها. وكما تبيَّن اخيرا، عاشت ٢٢ سنة اضافية. فعوضا عن بيع بيتها، كان بإمكانها ان تستمر في العيش فيه. لذلك، لا تتسرَّعوا في تقرير اية خطوات يجب اتخاذها. فما ان يُتخذ قرار كهذا حتى يصعب التراجع عنه.» — قارنوا متى ٦:٣٤.
‹لكن،› قد تعترضون، ‹ماذا اذا حصل امر لأحد والدَيَّ فيما يعيشان في بيتهما؟ واذا وقعت وتأذّت امي او ابي، فلن اسامح نفسي ابدا!› هذا قلق مبرَّر، وخصوصا اذا انحطت قوة او صحة والديكم بحيث يصير هنالك خطر حقيقي يهدِّد بوقوع حادثة. ولكن اذا لم تكن الحال هكذا، فاسألوا نفسكم عما اذا كان اهتمامكم هو من اجل والديكم او من اجلكم، اي من اجل ان تحموا نفسكم من الذنب غير الملائم.
تأملوا ايضا في احتمال كون والديكم في حالة افضل في بيتهم. في كتاب انتم ووالدوكم المتقدمون في السن، تذكر ايدِث م. ستِرن والطبيبة مايبل روس: «اظهرت الدراسات ان كبار السن يبقون نشاطى ويتمتعون حقا بحيوية في بيوتهم اكثر من ايّ مكان آخر. وباختصار، ان الكثير من المحاولات التي تكون في غير محلها الرامية الى جعل السنوات الاخيرة اسهل، لا ينجح إلا في جعل التدهور اسرع.» لذلك ساعدوا والديكم على العيش مستقلين قدر الامكان، فيما تزوِّدون العناية والخدمات التي يحتاجون اليها فعلا. ويجب ان تقوموا ايضا دوريا بإعادة تقييم وإعادة تعديل اذ تزداد حاجات والديكم او تقل.
كونوا حساسين
اذ تأخذون بعين الاعتبار صحة والديكم وظروفهم، قد يكون جلبهم للسكن في بيتكم الاختيار الافضل. واذا كان الامر كذلك، فكونوا حساسين تجاه احتمال تفضيلهم فعل الامور هم بنفسهم قدر الامكان. وكالناس من كل الاعمار، يرغبون على الارجح ان تكون لهم شخصيتهم الخاصة بهم، برنامج نشاطاتهم الخاص، ومجموعة اصدقائهم الخاصة. ويمكن ان يكون ذلك صحيا. وفيما يكون ممتعا ان تفعلوا بعض الامور معا كعائلة موسَّعة، قد يكون جيدا ان تحتفظوا ببعض النشاطات لعائلتكم المباشرة فقط وأن تدَعوا والديكم يقومون بنشاطاتهم الخاصة ايضا. اظهرت احدى مانحات العناية بحكمة: «تأكدوا ان لوالديكم قطع الاثاث والصور الفوتوڠرافية المألوفة لديهم والمميَّزة بالنسبة اليهم.»
اذ تحاولون ان تميِّزوا حاجات والديكم الحقيقية، تكلموا اليهم. أَصغوا الى اهتماماتهم وكونوا حساسين لما قد يحاولون ان يقولوه لكم. أَوضحوا لهم ما يمكنكم فعله وما لا يمكنكم فعله لهم لكي لا تؤذيهم التوقعات الباطلة. اوصى احد مانحي العناية: «ليكن لكم تفهُّم واضح في ما يتعلق بما يجب توقعه من الكل في العائلة،» ويضيف «ليكن لكم مناقشات متكرِّرة لتجنب المشاعر المرّة والاستياء المتزايد.» واذا اعطيتم وعودا طويلة الامد («سأتصل بكم كل يوم اثنين بعد الظهر»؛ «سأصطحبكم في نزهة كل نهاية اسبوع»)، فقد ترغبون في ان توضحوا انكم تريدون ان تجرِّبوا ذلك لمدة معينة من الوقت وتروا كيفية نجاحه. واذا تبرهن ان هذه الطريقة غير عملية، يكون المجال مفسوحا لاعادة التقييم.
لا شيء مما ذُكر آنفا يجب اتخاذه كحجة ليحرم المرء والديه من الاكرام والمساعدة اللذين يستحقانهما. فموقف الخالق من الموضوع واضح. والاولاد الراشدون مدينون لوالديهم بالاحترام، العناية، والدعم. وقد دان يسوع الفريسيين ذوي البر الذاتي لأنهم حرَّفوا الاسفار المقدسة لكي يبرِّروا اهمال الوالدين. والكلمات التصويرية في امثال ٣٠:١٧ تظهر الاشمئزاز الذي يشعر به اللّٰه تجاه اولئك الذين يحتقرون والديهم: «العين المستهزئة بأبيها والمحتقرة اطاعة امها تقوِّرها غربان الوادي وتأكلها فراخ النسر.» — انظروا مرقس ٧:٩-١٣؛ ١ تيموثاوس ٥:٤، ٨.
واذ تمنحون المساعدة اللازمة لوالديكم، قد تواجهون ايضا ضغوطا جديدة. فكيف يمكنكم ان تتغلبوا على هذه؟ ستقدم المقالة التالية بعض الاقتراحات.
[الصورتان في الصفحة ٥]
يمكن ان يتمتع الوالد بنشاطات مستقلة مع الاصدقاء كما مع العائلة ايضا
-
-
منح العناية — التغلب على الضغوط اليوميةاستيقظ! ١٩٩٤ | شباط (فبراير) ٨
-
-
منح العناية — التغلب على الضغوط اليومية
اذا سبَّب لكم منح العناية بعض الضغوط، وخصوصا التي لم تتوقعوها، فقد تميلون الى الشعور بالذنب. وقد تتساءلون: ‹هل هنالك خطأ ما في علاقتي بوالدَيَّ؟ ألا يعيش الراشدون في مجتمعات كثيرة بسعادة مع والديهم طيلة حياتهم؟›
قد تكون حالتكم مختلفة. وقد يكون والدوكم قد انتقلوا الى بيتكم بعد ٢٠، ٣٠، ٤٠ سنة او اكثر من عيشهم بعيدا عنكم. ويعني ذلك انكم انتم ووالديكم شكَّلتم انماط حياة وعادات بشكل مستقل الواحد عن الآخر طوال الجزء الاكبر من حياتكم. وخلال عقود عديدة، ربما صارت انماط الحياة والعادات هذه مختلفة جدا. ولكن الآن، كمانح للعناية، تواجهكم الحاجة الى جعل حياتكم تندمج بشكل منسجم في حياة الذين تعتنون بهم. ويمكن ان يكون ذلك اصعب مما لو كنتم تعيشون معا دائما.
وربما ايضا يكون بعض الوالدين مرضى جدا او يحتاجون بطرائق اخرى الى المزيد من العناية الخصوصية. وعلى الرغم من انكم ربما تزوِّدون على نحو جدير بالمدح ما يلزم ولا ترون حاجة الى وضع والديكم في دار للرعاية، تضع عليكم هذه الحالة جميعا ضغوطا يومية كما يظهر. فالاعتناء بوالديكم امر طبيعي. أما التقدُّم في السن والمرض فليسا كذلك. والخالق لم يقصد قط ان يفقد الناس قوتهم وصحتهم مع تقدُّم السن. لذلك لا تعتقدوا ان هنالك خطأ ما فيكم لأن الحالة تتطلب، عاطفيا وجسديا، اكثر مما توقعتم. — تكوين ١:٢٦-٣١؛ مزمور ٩٠:١٠.
والضغوط المتعلقة بمنح العناية لا تعكس بالضرورة علاقة ضعيفة بينكم وبين والديكم. واذا كنتم تتمتعون بشكل خصوصي بعلاقة جيدة بهم قبل ان يحتاجوا الى مساعدتكم، فمن المرجح ان اية صعوبات تختبرونها هي نتيجة التحديات التي يمكن ان ينشئها منح العناية. فكيف يمكنكم ان تعالجوا بفعَّالية الضغوط اليومية؟
معالجة مشاعر الذنب
وحتى الاشخاص الذين يفعلون كل ما في وسعهم وما يلزم فعله لوالديهم يشعرون احيانا بالذنب لأنهم لا يفعلون المزيد. ولكنَّ الذنب غير الملائم يمكن ان يكون مشكلة. فقد تجدون نفسكم تتخذون قرارات هدفها التخفيف من ذنبكم لكنها ليست بالضرورة لأفضل مصالحكم او مصالح والديكم. على سبيل المثال، ماذا يحدث اذا صارت احدى النساء منهمكة في منح العناية الى درجة اهمال زوجها وأولادها لتخفِّف من مشاعر ذنبها غير الملائم؟ فستعاني هي، زوجها، وأولادها العواقب. لذلك لا تدَعوا الذنب غير الملائم يسيطر على حياتكم.
هل تشعرون احيانا بالذنب لأنه يبدو انكم لا تقدرون ان تفعلوا ابدا ما يكفي لوالديكم؟ من الممكن اذًا ان تكون حاجات والديكم تفوق ما يمكنكم تزويده. ويمكن ان تكون الحالة كما لو انه، مهما كان ما تفعلون، فهنالك دائما المزيد مما يمكن فعله. وعلاوة على ذلك، اذا كنتم تنظرون الى منح العناية كوسيلة لايفاء والديكم كل ما فعلوه لاجلكم فيما كنتم تكبرون في ظل عنايتهم، فستشعرون دائما بالذنب، لأنه ببساطة لا يمكنكم ايفاؤهم كاملا.
ويظهر كتاب انتم ووالدوكم المتقدمون في السن الحاجة الى تقرير مقدار ما ستفعلونه لوالديكم. يقول: «ستجنِّبون نفسكم الكثير من الانهاك العاطفي اذا اسَّستم [قراراتكم] في الدرجة الاولى لا على ما ترغبون في فعله او حتى ما يجب فعله، بل على ما تستطيعون فعله.»
نعم، حدِّدوا بواقعية ما يمكن ان تتوقعوه من نفسكم. وقد يكون مساعدا ان تستعينوا بصديق موثوق به يعرف قدراتكم، حدودكم، ووضعكم العائلي. هل يمكنكم ان تأخذوا والديكم الى بيتكم؟ هل لديكم متسع كافٍ؟ هل يوافقون على الانتقال للسكن في بيتكم؟ اذا لم يكن والدوكم يعيشون معكم، فكم مرة يمكنكم زيارتهم، ومتى؟ اذا كنتم تفعلون ما في وسعكم، فلا حاجة الى الشعور بالذنب. واذا شعرتم على اية حال بالذنب، فأَدركوا ان الشعور غير ملائم وارفضوا ان تدَعوه يتحكم في قراراتكم.
تقاسموا الحمْل
يشير سفر الجامعة للكتاب المقدس الى ايّ حد هو مضرّ ان يكون المرء «شريرا كثيرا» او «بارا كثيرا» وأن يكون بارا كثيرا يمكن ان ‹يخرب نفسه.› (جامعة ٧:١٦-١٨) ويمكن ان يحدث ذلك اذا حاولتم ان تنجزوا اكثر مما تريدون فعله، يمكنكم فعله، وحتى ما يلزم فعله.
وإذا كان لديكم برنامج كامل قبل ان تبتدئوا بالاعتناء بوالديكم، يجب ان تتخلصوا من بعض النشاطات الاخرى او تحصلوا على مساعدة. ولكنَّ كثيرين ممن يحتاجون الى المساعدة يتردَّدون في طلبها. فقد يشعرون بأنهم خجلون جدا او يدّعون ان الآخرين غير راغبين في المساعدة. ولكنكم تؤذون نفسكم وكل شخص حولكم اذا ارهقتم نفسكم. وفي كتابها حول منح العناية، تدعو المؤلفة إ. جاين مول عملا فوق المستطاع كهذا «متلازمة الشهيد.» وتنصح: «يجب ان تمتلكوا قائمة بالاولويات، وثلاث من اولوياتكم يجب ان تكون الوقت مع [رفيق زواجكم]، الوقت مع اولادكم وأصدقائكم، والوقت مع نفسكم.»
نعم، قد يلزمكم ان تتقاسموا الحمْل. لذلك الى اين يمكنكم ان تذهبوا من اجل المساعدة؟ العائلة، الاصدقاء، الجيران، والاشخاص الاختصاصيون يمكن ان يساعدوا. ولكن يجب ان تطلبوا المساعدة. ويجب ان تطلبوا بشكل مباشر. فالتلاميح لا تنجح دائما. وقد تدهشكم هوية مَن يرغبون في المساعدة او عددهم اذا جعلتم حاجاتكم معروفة بوضوح ومطالبكم محدَّدة. مثلا، يمكن ان تطلبوا من شخص ان يساعدكم في تنظيف البيت. وإذا كان ذلك يمنحكم شيئا من الراحة اللازمة، فعندئذ ليس هذا هو الوقت لتصرّوا على تنظيف البيت انتم بنفسكم لأن ‹لا احد غيركم يفعل ذلك كما يجب.›
وإذا كان لديكم اخوة او اخوات، فلديهم هم ايضا مسؤولية الاعتناء بوالديهم. وربما قمتم حتى الآن بكل العناية الممنوحة او معظمها، معتقدين ان اخوتكم وأخواتكم غير قادرين على ذلك او غير راغبين في ذلك. ولكن هل طلبتم مساعدتهم بشكل مباشر؟ بعض الناس يتجاوبون بايجابية — اذا اتضح لهم ان المساعدة ضرورية.
والبعض يحتكرون العناية بأحد الوالدَين كسبًا لرضى الوالدَين او محافظةً عليه. او قد يشعرون بالصلاح بتولِّيهم كامل العمل هم انفسهم. وقد يتشكون ان الآخرين لن يساعدوا في منح العناية، ولكنهم يلمِّحون ايضا بالكلام والعمل الى انهم يفضِّلون ان يبقى الامر هكذا. وهذا يمكن ان يكون نوعا من كثرة البر. ولكن لماذا تجلبون مشقات غير ضرورية على نفسكم؟ اذا كانت المساعدة متوافرة، فاطلبوها، واستخدموها.
كلمة تحذير: لا تتوقعوا ان يحمل اخوتكم وأخواتكم المسؤوليات بالتساوي معكم. وفيما قد يكون ممكنا احيانا ان يفعلوا ذلك، غالبا ما تجعل ظروفهم الخاصة ذلك صعبا إن لم يكن مستحيلا. وفي حالات كثيرة، من العملي اكثر ان يكون احد اعضاء العائلة مانح العناية الرئيسي، فيما يساهم اعضاء العائلة الآخرون، وخصوصا الاخوة والاخوات، ماليا وبالاتصال الهاتفي، القيام بالزيارات، او اخذ والديهم بعض المرار الى بيتهم او في رحلات في نهاية الاسابيع.
العيش في مكان قريب
العيش في مكان قريب جدا يمكن ان يسبِّب بعض الانزعاج. والعادات التي يكون من السهل تبريرها عند صديق قد يبدو انها لا تحتمل عند احد اعضاء العائلة الاحماء.
وبالاضافة الى ذلك، يمكن ان يقول احد والدَيكم شيئا مثل، ‹اتمنى ان تتمكن من قضاء المزيد من الوقت معي، ولكنني اعرف انك مشغول اكثر من ان تفعل ذلك.› وقد تخفي العبارة اعتقادهم أنكم لا تعتنون حقا بوالدكم بشكل كافٍ. ويمكن ان تتجاوبوا مع تعبير كهذا بانزعاج. وبدلا من الانزعاج، ألا يكون من الافضل ان تعالجوا الاهتمام الضمني الحقيقي لوالدكم، ان يقضي المزيد من الوقت معكم؟ وحتى لو لم تتمكنوا من تلبية الطلب، فإن شرح الامور بلطف يؤدي الى نتائج افضل من الرد بطريقة مؤذية. — امثال ١٢:١٨.
والجهود الدؤوبة لتنمية الصفات التي يشجع عليها الكتاب المقدس ستمكِّنكم من البقاء لطفاء ولكن حزماء عند الضرورة. وسفر كولوسي للكتاب المقدس يعلن بواقعية انه احيانا تكون لنا «على احد شكوى.» ويوجِّهنا لكي ‹نحتمل بعضنا بعضا ونسامح بعضنا بعضا.› وينصحنا ايضا بأن نلبس «احشاء رأفات ولطفا وتواضعا ووداعة وطول اناة.» (كولوسي ٣:١٢-١٤) وسيكون بالتأكيد مثل هذه الصفات مساعدا كبيرا على التخفيف من الانزعاج الناتج من العيش في مكان قريب.
وحتى عندئذ، اذا حدث من حين الى آخر ان اخطأتم، فقدتم الصبر، وقلتم شيئا تمنيتم لو لم تقولوه، يجب ان «لا تغرب الشمس على غيظكم.» اعتذروا بسرعة، وضعوا المسألة وراء ظهركم. لا تسمحوا لها بأن تصير مصدرا آخر لمشاعر الذنب. — افسس ٤:٢٦، ٢٧.
المحافظة على الانفراد بنفسكم
اذا كنتم انتم ووالدوكم تعيشون في البيت نفسه، فقد تجدون ان الانفراد بنفسكم صعب. ولكن يلزمكم انتم ووالديكم مقدار من الانفراد بالنفس. فيجب ان تناقشوا هذه المشكلة معهم وتتوصلوا الى التفهُّم ان بعض الاوقات والاماكن هي لكم ولعائلتكم المباشرة. مثلا، بالنسبة الى بعض العائلات، ولكن ليس كلها، يمكن ان يفهم الطرفان ان الباب المغلق وعليه لافتة تطلب عدم الازعاج يعني المنطقة خاصة او الوقت خاص بمن هو في الداخل.
وإن لم يكن للغرفة باب، يمكن ان يخدم حاجز قابل للنقل او قاطع القصدَ نفسه. وقد يكون مذكِّر لبق ملائما اذا قوطع الانفراد بالنفس اللازم بشكل غير متوقع. والنقطة هي ان حاجة كل واحد الى الانفراد بنفسه يجب ان يحترمها الجميع في العائلة.
امتياز
مع ان ايّ تدهور في صحة والديكم يسبِّب لكم الالم، تذكَّروا ان خالقنا، يهوه، يريد ان نختبر مقدارا من الفرح حتى عندما نقاسي ظروفا مُجهِدة. وهذا العمل قد يساعدكم ايضا على الاقتراب اكثر الى يهوه فيما تتَّكلون عليه بروح الصلاة. وعبَّرت احدى مانحات العناية عن ذلك بهذه الطريقة: «كنت دائما قريبة من يهوه، ولكنَّ منح العناية علَّمني الاعتماد الكلي عليه. وكان الامر كالفرق بين اتصال هاتفي من مسافة طويلة وبين وجود الشخص معكم. فقد كان يهوه معي.»
ان منح العناية هو امتياز وواجب ايضا. ابقوا على اتصال بوالديكم لكي تعرفوا حاجاتهم. زوِّدوهم بها وحافظوا على الفرح في فعل ذلك. — فيلبي ٤:٤-٧؛ ١ بطرس ٥:٧.
-