الفصل ٧
أَعلنوا الملك والملكوت! (١٩١٩-١٩٤١)
«هل تؤمنون بأن ملك المجد قد بدأ حكمه؟ اذًا، عودوا الى الحقل انتم يا ابناء العلي! تقلَّدوا سلاحكم! كونوا صاحين، كونوا حذرين، كونوا نشاطى، كونوا شجعانا. كونوا شهودا امناء وحقيقيين للرب. امضوا قُدُما في القتال الى ان يخرب كل اثر لبابل. أَعلنوا الرسالة في كل مكان. فيجب ان يعرف العالم ان يهوه هو اللّٰه وأن يسوع المسيح هو ملك الملوك ورب والارباب. هذا هو يوم الايام قاطبة. هوذا الملك يحكم! وأنتم وكلاء اعلانه. لذلك أعلنوا، أَعلنوا، أَعلنوا، الملك وملكوته.»
ان هذه الدعوة المثيرة الى العمل التي وجَّهها ج. ف. رذرفورد في المحفل الاممي في سيدر پوينت، اوهايو، في السنة ١٩٢٢، كان لها تأثير عميق في الحاضرين. فتلاميذ الكتاب المقدس غادروا ذلك المحفل برغبة متقدة في اعلان الملكوت. ولكن قبل سنوات قليلة فقط، بدا توقُّع الخدمة كوكلاء اعلان للملكوت ضعيفا فعلا. فقد كان ج. ف. رذرفورد وسبعة من عشرائه في السجن، ودورهم المقبل داخل الهيئة بدا غامضا. فكيف امكن التغلب على هذه المصاعب؟
«أعرف شيئا عن قانون الاولياء»
جرى الترتيب لمحفل في پيتسبورڠ، پنسلڤانيا، في ٢-٥ كانون الثاني ١٩١٩، خلال الوقت الذي كان فيه الاخ رذرفورد وعشراؤه في السجن. لكنَّ هذا لم يكن محفلا عاديا — لقد كان ممتزجا بالاجتماع السنوي لجمعية برج المراقبة يوم السبت في ٤ كانون الثاني ١٩١٩. وكان الاخ رذرفورد مدركا جيدا لمعنى هذا الاجتماع. وبعد ظهر يوم السبت هذا بحث عن الاخ ماكميلان ووجده في ملعب تنس السجن. وبحسب ماكميلان، هذا ما حدث:
«قال رذرفورد، ‹ماك، اريد التحدث اليك.›
«‹عن ايّ شيء تريد التحدث اليَّ؟›
«‹اريد التحدث اليك عما يجري في پيتسبورڠ.›
«‹ارغب في ان ألعب هذه الدورة الى النهاية.›
«‹ألست مهتما بما يجري؟ ألا تعلم انه وقت انتخاب الرسميين اليوم؟ فقد يجري تجاهلك وإبعادك ونبقى هنا الى الابد.›
«‹ايها الاخ رذرفورد،› قلت، ‹دعني اقول لك شيئا ربما لم تفكِّر فيه. هذه هي المرة الاولى منذ تأسيس الجمعية التي يمكن ان يَظهر فيها بوضوح مَن يريد يهوه اللّٰه ان يكون الرئيس.›
«‹ماذا تعني بذلك؟›
«‹اعني ان الاخ رصل كان له صوت مسيطر وقد عيَّن مختلف الرسميين. والآن بكوننا غير عاملين كما يظهر يختلف الوضع. أما اذا خرجنا في الوقت المحدَّد للذهاب الى ذلك المحفل الى اجتماع العمل ذاك، فسندخل الى هناك وسنُقبَل لنأخذ مكان الاخ رصل بالاكرام نفسه الذي ناله. وعندئذ قد يبدو ذلك وكأنه عمل انسان، لا اللّٰه.›
«بدا رذرفورد مستغرقا في التفكير وابتعد.»
في ذلك اليوم جرى اجتماع متوتر في پيتسبورڠ.
«سيطر ارتباك، خلاف، ومناقشات لفترة من الوقت،» تذكَّرت سيرا سي. كايلِن، التي نشأت في منطقة پيتسبورڠ. «البعض ارادوا تأجيل الاجتماع ستة اشهر؛ اخرون شكّوا في شرعية انتخاب رسميين كانوا في السجن؛ وآخرون اقترحوا رسميين جددا تماما.»
وبعد مناقشة مطوَّلة، قرأ و. ف. هَدْجِنڠْز، مدير جمعية منبر الشعوب،a على الحضور رسالة من الاخ رذرفورد. وفيها ارسل محبة وتحيات الى المجتمعين. وحذَّر: «اسلحة الشيطان الرئيسية هي الكبرياء، الطموح و الخوف.» واذ اظهر رغبة في الاذعان لمشيئة يهوه، اقترح ايضا بتواضع رجالا مناسبين اذا قرَّر المساهمون انتخاب رسميين جدد للجمعية.
واستمرت المناقشة لفترة اطول، ثم عبَّر إ. د. سكستون، الذي كان قد تعيَّن عريفا للجنة الترشيح، عن رأيه قائلا:
«وصلت منذ قليل. لقد تأخر قطاري ثمانيا وأربعين ساعة، اذ كان محجوزا بسبب الثلج. لديَّ شيء اقوله ولراحتي الخاصة من الافضل ان اقوله الآن. اخوتي الاعزاء، اتيت الى هنا، كما فعل الباقون منكم، بأفكار معيَّنة في ذهني — مؤيِّدة ومعارضة. . . . ليست هنالك اية عقبة شرعية في الطريق. اذا كنا نرغب في اعادة انتخاب اخوتنا في الجنوب لأي مركز يمكن ان يشغلوه، فلا يمكنني ان ارى، او اجد من اية نصيحة [قانونية] نلتها، كيف يتعارض هذا، في ايّ حالة او شكل، مع مَظهر قضيتهم امام المحكمة الفيديرالية او امام الناس.
«اعتقد ان اعظم اطراء يمكن ان نقدِّمه لأخينا العزيز رذرفورد هو ان نعيد انتخابه رئيسا لجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس. ولا اعتقد ان هنالك ايّ شك في ذهن الناس بالنسبة الى اين نقف من القضية. واذا كان اخوتنا بأية طريقة خالفوا من الوجهة الفنية قانونا لم يفهموه، نعرف ان دوافعهم جيدة. وأمام [اللّٰه] القادر على كل شيء لم يخالفوا ايّ قانون للّٰه او للانسان. ويمكننا ان نظهر اعظم ثقة اذا اعدنا انتخاب الاخ رذرفورد رئيسا للجمعية.
«انا لست محاميا، ولكن عندما يتعلق الامر بشرعية الوضع، أعرف شيئا عن قانون الاولياء. الولاء هو ما يطلبه اللّٰه. ولا يمكنني ان اتخيَّل اية ثقة يمكن ان نظهرها اعظم من ان نُجري انتخابا ونعيد انتخاب الاخ رذرفورد رئيسا.»
حسنا، عبَّر الاخ سكستون بوضوح عن مشاعر اغلبية الحاضرين. كانت هنالك ترشيحات؛ جرى التصويت؛ فانتُخب ج. ف. رذرفورد رئيسا، سي. أ. وايز نائب رئيس، و و. إ. ڤان آمبورڠ امين السر والصندوق.
وفي اليوم التالي قرع الاخ رذرفورد حائط زنزانة ماكميلان وقال: «أَخرج يدك.» ثم اعطى ماكميلان برقية تقول انه قد أُعيد انتخاب رذرفورد رئيسا. «كان سعيدا جدا،» تذكَّر ماكميلان لاحقا، «ان يرى هذا الاعراب عن التأكيد ان يهوه يدير الجمعية.»
انتهى الانتخاب، لكنَّ الاخ رذرفورد والسبعة الآخرين كانوا لا يزالون في السجن.
«اهتياج في كل انحاء البلاد» لاجل السجناء
«خلال الاسابيع القليلة الماضية بدأ اهتياج في كل انحاء البلاد لاجل هؤلاء الاخوة،» ذكرت برج المراقبة عدد ١ نيسان ١٩١٩ (بالانكليزية). وكانت بعض الصحف تدعو الى اطلاق سراح ج. ف. رذرفورد وعشرائه. وتلاميذ الكتاب المقدس في كل انحاء الولايات المتحدة اظهروا دعمهم بكتابة رسائل الى محرري الصحف، اعضاء الكونڠرس، اعضاء مجلس الشيوخ، والحكام، يحثونهم على اتخاذ اجراء لاجل السجناء الثمانية. ومن الواضح ان تلاميذ الكتاب المقدس ما كانوا ليرتاحوا حتى يتحرَّر اخوتهم الثمانية.
وبحلول آذار ١٩١٩، كان تلاميذ الكتاب المقدس في الولايات المتحدة يتداولون عريضة يطلبون فيها من الرئيس وودرو ولسون ان يستخدم نفوذه لينجز واحدا مما يلي لاجل الاخوة السجناء:
«اولا: عفو تام، اذا كان ذلك ممكنا الآن، او
«ثانيا: ان توجِّهوا وزارةَ العدل كي ترفض الدعوى ضدهم، وأن يُطلَق سراحهم تماما، او
«ثالثا: ان يُطلَق سراحهم فورا بكفالة في انتظار القرار النهائي لقضيتهم من قبل المحاكم العليا.»
وخلال اسبوعين حصل تلاميذ الكتاب المقدس على ٠٠٠,٧٠٠ توقيع. لكنَّ العريضة لم تُقدَّم قط الى الرئيس او الحكومة. ولِمَ لا؟ لأنه قبل ان يحدث ذلك، أُطلق سراح الرجال الثمانية بكفالة. اذًا، ماذا انجز عمل العريضة؟ ذكرت برج المراقبة عدد ١ تموز ١٩١٩ (بالانكليزية): «ان الدليل ساحق على ان الرب اراد ان يجري القيام بهذا العمل، ليس ان يخرج الاخوة من السجن بقدر ما هو من اجل قصد الشهادة للحق.»
«اهلا بكم، ايها الاخوة»
يوم الثلاثاء في ٢٥ آذار، ترك الاخوة الثمانية اتلانتا متَّجهين الى بروكلين. وانتشر بسرعة خبر اطلاق سراحهم. لقد كان حقا مشهدا مؤثرا — تلاميذ الكتاب المقدس مجتمعون في محطات القطار على طول الطريق بأمل رؤيتهم والتعبير عن الفرح باطلاق سراحهم. وآخرون اندفعوا الى «بيت ايل» في بروكلين، الذي كان قد أُقفل، لترتيب وليمة ترحيبية. وعند رجوعهم الى بروكلين، في ٢٦ آذار، أُطلق سراح الاخوة بكفالة ٠٠٠,١٠ دولار اميركي لكل واحد.
«وفورا رافقهم عدد من الاصدقاء الى ‹بيت ايل،› حيث كان قد اجتمع ما بين خمس وست مئة صديق للترحيب بهم،» اخبرت برج المراقبة عدد ١٥ نيسان ١٩١٩ (بالانكليزية). وفي غرفة الطعام كانت هنالك لافتة كبيرة تقول، «اهلا بكم، ايها الاخوة.» وبعد نحو ٥٠ سنة، تذكرت مايبل هاسلَت، التي كانت موجودة في تلك الوليمة: «اتذكر انني صنعت مئة كعكة دونات، وبدا ان الاخوة تمتعوا بها بعد تسعة اشهر من طعام السجن. ولا ازال استطيع ان ارى الاخ رذرفورد يمدّ يده ليتناولها. لقد كانت مناسبة لا تُنسى اذ روى هو والآخرون اختباراتهم. وأذكر ايضا الاخ دَتشيكا القصير القامة واقفا على كرسي لكي يتمكَّن الجميع من رؤيته وسماعه.»
وصباح يوم الثلاثاء في ١ نيسان وصل الاخ رذرفورد الى پيتسبورڠ، حيث كانت آنذاك تقع مكاتب المركز الرئيسي. وهنا ايضا، اذ علم الاخوة انه كان على وشك الوصول، رتَّبوا وليمة جرت تلك الامسية في فندق تشاذام. لكنَّ الاحوال في السجن كانت قد اخذت ضريبتها من الاخ رذرفورد. فكان قد طوَّر رئة ضعيفة، ونتيجة لذلك، بعد اطلاق سراحه أُصيب بحالة شديدة لذات الرئة. وهكذا، بعد ذلك بوقت قصير، ألزمته صحته الضعيفة بالذهاب الى كاليفورنيا، حيث كان له بعض الاقرباء.
الامتحان في لوس انجلوس
والآن اذ تحرَّر الاخ رذرفورد والآخرون، نشأ السؤال، ماذا بشأن عمل المناداة بملكوت اللّٰه؟ فخلال الوقت الذي كان فيه هؤلاء الاخوة في السجن، كان الاشراف التنظيمي على عمل الشهادة قد توقَّف الى حد بعيد. وكان «مسكن بروكلين» قد بيع و «بيت ايل» قد أُقفل. ومكاتب المركز الرئيسي في پيتسبورڠ كانت صغيرة، والموارد المالية كانت محدودة. والى جانب ذلك، الى ايّ حد كان هنالك اهتمام حقا برسالة الملكوت؟ من كاليفورنيا، قرَّر الاخ رذرفورد ان يرتِّب لامتحان.
جرى ترتيب اجتماع في قاعة استماع كْلون في لوس انجلوس، يوم الاحد في ٤ ايار ١٩١٩. وكان عنوان المحاضرة التي دُعي الناس اليها «الرجاء للبشرية المتضايقة.» لكنَّ الخطاب كان يجب ان يقدِّمه ج. ف. رذرفورد — رجل خرج من السجن منذ فترة قصيرة. ومن خلال اعلانات الصحف الواسعة، وعد رذرفورد بعرض صريح للوقائع، بما فيها توضيح اسباب الادانات غير الشرعية لرسميي الجمعية. فهل سيهتم احد بما فيه الكفاية ليحضر؟
كان التجاوب عظيما. وفي الواقع، اتى ٥٠٠,٣ لسماع المحاضرة، ونحو ٦٠٠ آخرين لم يُسمح لهم بالدخول لسبب ضيق المكان. كان الاخ رذرفورد مسرورا! ووافق ان يتكلم الى الجمع الفائض يوم الاثنين ليلا، فحضر ٥٠٠,١. لكنه كان مريضا بحيث لم يستطع انهاء تلك المحاضرة. فبعد ساعة وجب ان يحلَّ محله احد العشراء. ومع ذلك كان الامتحان في لوس انجلوس ناجحا. فكان الاخ رذرفورد مقتنعا بأن هنالك اهتماما كبيرا برسالة الملكوت، وكان مصمِّما على ان يراها مُعلَنة.
هيَّا الى العمل!
بحلول تموز ١٩١٩، عاد الاخ رذرفورد الى العمل في المركز الرئيسي في پيتسبورڠ. وجرت الامور بسرعة خلال الاشهر القليلة التالية. فصُنعت ترتيبات لعقد محفل لتلاميذ الكتاب المقدس في سيدر پوينت، اوهايو، في ١-٨ ايلول ١٩١٩. وأُعيدت مكاتب الجمعية الى بروكلين وصارت تعمل هناك بحلول ١ تشرين الاول.
فماذا كان عليهم ان يفعلوا الآن؟ جرى التشديد على مهمتهم بوضوح في محفل سيدر پوينت. ففي يوم الثلاثاء ٢ ايلول اوضح الاخ رذرفورد: «ان مهمة المسيحي على الارض . . . هي المناداة برسالة ملكوت برّ الرب، الذي سيجلب البركات لكل الخليقة التي تئن.» وبعد ثلاثة ايام، يوم الجمعة في ٥ ايلول، الذي دُعي يوم العاملين معا، ذكر ايضا الاخ رذرفورد: «في اللحظات الهادئة يسأل المسيحي نفسه بشكل طبيعي، لماذا انا على الارض؟ والجواب يجب ان يكون بالضرورة، الرب جعلني بلطف سفيره لأحمل رسالة المصالحة الالهية الى العالم، وامتيازي ومهمتي هما اعلان هذه الرسالة.»
نعم، لقد حان الوقت للمُضي قُدُما في عمل المناداة بملكوت اللّٰه! وللمساعدة في انجاز هذه المهمة، اعلن الاخ رذرفورد: «تحت عناية الرب رتَّبنا لنشر مجلة جديدة تحت اسم وعنوان العصر الذهبي.» ولم يعرف المحتفلون كم ستكون العصر الذهبي مجلة جريئة.
«ان ذلك المحفل الاول بعد الحرب العالمية الاولى كان تشجيعا عظيما لجميعنا،» تذكَّر هِرْمان ل. فِلبْرِك، الذي سافر الى المحفل من بيته في بوسطن، ماساتشوستس. حقا، لقد حثَّ محفل سيدر پوينت هذا تلاميذ الكتاب المقدس على العمل. فكانوا مستعدين للمُضي قُدُما في عمل المناداة بالبشارة. وكان ذلك كما لو انهم عادوا الى الحياة من الاموات. — قارنوا حزقيال ٣٧:١-١٤؛ رؤيا ١١:١١، ١٢.
في تلك الاثناء، كانت تحدث امور مهمة على المسرح العالمي. فقد جرى توقيع معاهدة ڤرساي في ٢٨ حزيران ١٩١٩، وصارت سارية المفعول في ١٠ كانون الثاني ١٩٢٠. واذ انهت رسميا الاجراءات العسكرية ضد المانيا في الحرب العالمية الاولى، مهّدت المعاهدة ايضا لتشكيل عصبة الامم — جمعية دولية خُلقت للحفاظ على السلام في العالم.
‹أَعلنوا الملك والملكوت›
في السنة ١٩٢٢ عاد تلاميذ الكتاب المقدس الى سيدر پوينت من اجل برنامج من تسعة ايام، من ٥ الى ١٣ ايلول. واشتدت الاثارة حين وصل المندوبون من اجل هذا المحفل الاممي. وجرى بلوغ ذروة المحفل يوم الجمعة في ٨ ايلول عندما قدَّم الاخ رذرفورد الخطاب «الملكوت.»
تذكَّر لاحقا توماس ج. سوليڤان: «ان اولئك الذين نالوا امتياز حضور ذلك الاجتماع يمكنهم حتى الآن ان يتخيَّلوا جدّية الاخ رذرفورد عندما امر بعض الاشخاص المنزعجين الذين كانوا يمشون في الجوار بسبب الحرّ الشديد ‹اجلسوا› و ‹أَصغوا› الى الخطاب مهما كلَّف الامر.» وأولئك الذين فعلوا لم يخب املهم، لأن تلك كانت المحاضرة التاريخية التي فيها حثَّ الاخ رذرفورد مستمعيه ان ‹يعلنوا الملك والملكوت.›
تجاوب الحضور بحماس كبير. اخبرت برج المراقبة: «كل شخص موجود تأثَّر تماما بواقع ان الالتزام موضوع على كلٍّ من المكرَّسين من هذا الوقت فصاعدا للعمل كوكيل اعلان للملك والملكوت.» وخرج تلاميذ الكتاب المقدس من ذلك المحفل بغيرة متقدة لعمل الكرازة. قالت الاخت إثَل بِنِكَف، موزعة للمطبوعات جائلة آنذاك في اواخر عشريناتها: «كنا مثارين لكي ‹نعلن، نعلن، نعلن الملك وملكوته› — نعم، بغيرة ومحبة في قلوبنا اكثر من ايّ وقت مضى.»
واذ صار نور الفهم الروحي اسطع فأسطع، ابتدأ تلاميذ الكتاب المقدس يدركون بعض حقائق الكتاب المقدس المثيرة. (امثال ٤:١٨) وفهْم هذه الحقائق الثمينة اعطى عملهم للمناداة بملكوت اللّٰه زخما قويا. وفي الوقت عينه، كان عليهم ان يعدِّلوا تفكيرهم — وبالنسبة الى البعض كان هذا امتحانا حقيقيا.
«الآمال غير المتحققة ليست قصرا على ايامنا»
«يمكن ان نتوقع بثقة،» ذكر كراس Millions Now Living Will Never Die (ملايين من الاحياء الآن لن يموتوا ابدا)، قديما في السنة ١٩٢٠، «ان تسم السنة ١٩٢٥ عودة إبرهيم، اسحق، يعقوب والانبياء الامناء القدامى [من الاموات] . . . الى حالة الكمال البشري.» ولم يجرِ توقع قيامة الرجال الامناء القدامى في السنة ١٩٢٥ فحسب بل رجا البعض ان ينال المسيحيون الممسوحون مكافأتهم السماوية في تلك السنة.b
اتت السنة ١٩٢٥ وولَّت. وهجر البعض رجاءهم. لكنَّ الاغلبية الساحقة لتلاميذ الكتاب المقدس بقوا امناء. «ان عائلتنا،» اوضح هيرالد توتجيان، الذي صار جدّاه تلميذين للكتاب المقدس نحو بداية القرن، «قدَّرتْ ان الآمال غير المتحققة ليست قصرا على ايامنا. فالرسل انفسهم كانت لديهم توقعات مماثلة في غير محلها. . . . ويهوه يستحق الخدمة الولية والتسبيح مع او بدون المكافأة الاخيرة.» — قارنوا اعمال ١:٦، ٧.
اية هيئة — هيئة يهوه ام الشيطان؟
«ولادة الامة» — كان هذا عنوان مقالة مثيرة ظهرت في عدد ١ آذار ١٩٢٥ (بالانكليزية) من برج المراقبة. لقد قدَّمت فهما منوَّرا للرؤيا الاصحاح ١٢ الذي وجد البعض صعوبة في قبوله.
والشخصيات الرمزية المذكورة في هذا الاصحاح من الرؤيا جرى تحديد هويتها كما يلي: ‹المرأة› التي تلد (العددان ١، ٢) بصفتها «هيئة اللّٰه [السماوية]»؛ ‹التنين› (العدد ٣) بصفته «هيئة ابليس»؛ و ‹الابن الذكر› (العدد ٥) بصفته «الملكوت الجديد، او الحكومة الجديدة.» وعلى اساس ذلك، جرى توضيح شيء بشكل جليّ للمرة الاولى: هنالك هيئتان متميِّزتان ومتضادتان — هيئة يهوه وهيئة الشيطان. وبعد ‹الحرب في السماء› (العدد ٧)، طُرد الشيطان ومؤيدوه الابالسة من السماء وطُرحوا الى الارض.
«جلسنا ودرسناها طوال الليل الى ان تمكنتُ من فهمها بشكل جيد،» كتب إيرْل إ. نيووِل، الذي خدم لاحقا كممثل جائل لجمعية برج المراقبة. «ذهبنا الى محفل في پورتْلَند، اوريڠون، وهناك وجدنا كل الاخوة قلقين وكان بعضهم مستعدين لنبذ برج المراقبة بسبب هذه المقالة.» فلماذا كان قبول هذا الشرح للرؤيا الاصحاح ١٢ صعبا على البعض الى هذا الحد؟
اولا، كان ذلك مختلفا بشكل لافت للنظر عما كان قد نُشر في السر المنتهي، الذي كان الى حد كبير مجموعة لكتابات الاخ رصل المنشورة بعد موته.c اوضح وولتر ج. ثورن، الذي خدم كناظر جائل: «ان المقالة حول ‹ولادة الامة› كانت . . . صعبة القبول بسبب تفسير سابق للاخ العزيز رصل، الذي اعتقدنا انه الكلمة الاخيرة حول الرؤيا.» فلا عجب ان يعثر البعض بسبب الشرح. «لا شك ان هذا التفسير يمكن ان يبرهن انه وسيلة غربلة،» لاحظ ج. أ. بونِت، ناظر جائل آخر، «أما الاشخاص الجدّيون والمخلصون حقا للايمان فسيثبتون ويبتهجون.»
فعلا، ان الاشخاص الجدّيين والمخلصين حقا ابتهجوا بسبب الشرح الجديد. لقد صار الامر الآن واضحا جدا لهم: كل شخص ينتمي إما الى هيئة يهوه او الى هيئة الشيطان. «تذكَّروا،» اوضحت المقالة «ولادة الامة،» «سيكون امتيازنا . . . ان نحارب بشجاعة في سبيل قضية ملكنا بالمناداة برسالته، التي اعطانا اياها لننادي بها.»
واذ كانت عشرينات الـ ١٩٠٠ ثم ثلاثينات الـ ١٩٠٠ تتقدَّم، تبع المزيد من ومضات فهم الكتاب المقدس. فقد جرى التخلي عن الاحتفالات والاعياد العالمية، كعيد الميلاد. وجرى ايضا نبذ ممارسات ومعتقدات اخرى عندما فُهم ان لها جذورا تحقِّر اللّٰه.d ولكن اكثر من هجر الممارسات والمعتقدات الخاطئة، استمر تلاميذ الكتاب المقدس في التطلع الى يهوه من اجل اعلانات تقدمية للحق.
«انتم شهودي»
«انتم شهودي يقول (يهوه) وأنا اللّٰه.» (اشعياء ٤٣:١٢) وابتداء من عشرينات الـ ١٩٠٠، صار تلاميذ الكتاب المقدس مدركين بشكل متزايد للمغزى العميق لكلمات النبي اشعياء هذه. فمن خلال صفحات برج المراقبة، لُفت الانتباه تكرارا الى مسؤوليتنا ان نشهد لاسم يهوه وملكوته. ولكن جرى بلوغ مَعْلم في محفل عُقد في كولومبس، اوهايو، في السنة ١٩٣١.
يوم الاحد في ٢٦ تموز، عند الظهر، قدَّم الاخ رذرفورد المحاضرة العامة «الملكوت، رجاء العالم،» التي جرى بثها بواسطة شبكة اذاعية واسعة، مع اكثر من ٣٠٠ محطة ارسال اضافية اعادت بث الرسالة لاحقا. وفي نهاية المحاضرة، حذَّر الاخ رذرفورد العالم المسيحي بقراءة قرار لاسع بعنوان «تحذير من يهوه،» كان موجَّها «الى الحكام والى الشعب.» واستجابة لدعوته ان يتبنوا القرار، وقف كامل الحضور المنظور وصرخ، «نعم!» والبرقيات التي جرى تسلُّمها لاحقا اظهرت ان كثيرين من المستمعين بواسطة الراديو رفعوا اصواتهم بشكل مماثل موافقين.
ومن الساعة الواحدة، عندما انتهت المحاضرة العامة، حتى الساعة الرابعة، عندما دخل الاخ رذرفورد ثانية الى قاعة الاستماع، كان الجو مشحونا بالاثارة. فالاخ رذرفورد كان قد طلب خصوصا من كل مَن كان مهتما حقا عند الظهر بتحذير العالم المسيحي ان يكون في مقعده عند الساعة الرابعة.
وعند الساعة الرابعة تماما، ابتدأ الاخ رذرفورد بالقول انه يعتبر ما هو على وشك ان يقوله ذا اهمية حيوية لكل مَن يستطيع سماع صوته. فكان مستمعوه مهتمين بشدة. وخلال محاضرته قدَّم قرارا آخر، وكان هذا بعنوان «اسم جديد،» وقد بلغ ذروته بالاعلان: «نرغب في ان نُعرَف ونُدعى بالاسم، اي شهود يهوه.» ومرة ثانية قفز المحتفلون المثارون على اقدامهم بالصرخة المدوّية «نعم!» ومن ذلك الحين فصاعدا صاروا يُعرَفون بشهود يهوه!
«روح يهوه جعلنا شجعانا»
خلال السنة ١٩٢٧، جرى تشجيع شعب يهوه على قضاء جزء من كل يوم احد في شهادة الفرق. فنشأت مقاومة قانونية فورية. وفي سنوات قليلة، ابتدأت الاعتقالات تتزايد — ٢٦٨ في الولايات المتحدة وحدها في السنة ١٩٣٣، ٣٤٠ في السنة ١٩٣٤، ٤٧٨ في السنة ١٩٣٥، و ١٤٩,١ في السنة ١٩٣٦. وبأية تهمة؟ في الواقع، بتهم مختلفة، بما فيها البيع من دون رخصة، تعكير السلام، ومخالفة قوانين الراحة يوم الاحد. وفرق الشهود المحلية لم تكن خبيرة بكيفية التعامل مع رسميي الشرطة والمحاكم. والحصول على المساعدة القانونية محليا كان إما مكلفا جدا او غير ممكن بسبب التحامل. لذلك اسست جمعية برج المراقبة بحكمة قسما قانونيا في بروكلين لتقديم المشورة.
لكنَّ الدفاع القانوني القوي لم يكن كافيا. فشهود يهوه المخلصون هؤلاء كانوا مصمِّمين على العيش وفق الاسم الذي اعتنقوه. ولذلك، في وقت باكر من ثلاثينات الـ ١٩٠٠، ردُّوا الهجوم بالهجوم. كيف؟ بواسطة مهمات كرازية خصوصية عُرفت بحملات الفِرق. فجرى تنظيم آلاف المتطوعين في كل انحاء الولايات المتحدة في فِرق. وعندما كان الشهود يُعتقلون في بلدة واحدة بسبب الكرازة من بيت الى بيت، سرعان ما كانت تصل فرقة من المتطوعين من مناطق اخرى و «تحاصر» البلدة، معطية شهادة شاملة.e
وحملات الفِرق هذه فعلت الكثير لتقوية الشهود المحليين. وفي كل فرقة كان هنالك اخوة مؤهلون تدرَّبوا على التعامل مع السلطات. لقد كان تشجيعا كبيرا للاخوة الساكنين في منطقة مشاكل، ربما في بلدة صغيرة، ان يعرفوا انهم ليسوا وحدهم في المناداة بملكوت اللّٰه.
لزم مقدار كبير من الشجاعة للاشتراك في حملات الفِرق في ثلاثينات الـ ١٩٠٠. وفي منتصف فترة الكساد الاعظم، كانت الاعمال نادرة. ومع ذلك يتذكَّر نيقولاس كوڤالاك الابن، ناظر جائل لنحو ٤٠ سنة: «عندما كانت الدعوة تأتي لتغطية بقعة مشاكل، كان ‹مدير الخدمة› يطلب متطوعين. وكان يُقال للافراد ان لا يتطوَّعوا اذا كانوا يخافون ان يخسروا اعمالهم. . . . لكننا كنا دائما سعداء بأن نرى تجاوبا ايجابيا ١٠٠٪!» وعلَّق جون دَلتشينوس، ناظر من سْپْرينڠفيلد، ماساتشوستس: «حقا، تلك كانت سنوات مثيرة وذكرياتها ثمينة. روح يهوه جعلنا شجعانا.»
وفي هذه الاثناء، كانت تتطور ومضة لفهم الكتاب المقدس سيكون لها تأثير هائل في العمل.
ماذا عن اليونادابيين؟
في السنة ١٩٣٢ جرى الايضاح ان يهوناداب (يوناداب)، عشير الملك ياهو، رمز الى صف من الاشخاص الذين سيتمتعون بالحياة الابدية على الارض.f (٢ ملوك ١٠:١٥-٢٨) واليونادابيون، كما صاروا معروفين، اعتبروه امتيازا ان يقترنوا بخدام يهوه الممسوحين وأن يشتركوا معهم في اعلان الملكوت. ولكن في ذلك الوقت لم يكن هنالك جهد خصوصي لتجميع وتنظيم هؤلاء الافراد برجاء ارضي.
لكنَّ التشجيع الحقيقي أُعطي لليونادابيين في برج المراقبة عدد ١٥ آب ١٩٣٤ (بالانكليزية). ذكرت المقالة «لطفه»: «هل يجب على اليونادابي ان يكرِّس نفسه للرب ويعتمد؟ الجواب: بكل تأكيد يليق باليونادابي ان يكرِّس نفسه لفعل مشيئة اللّٰه. فلا احد يحصل على الحياة على الاطلاق من دون فعل ذلك. والتغطيس في الماء هو مجرد رمز لصنع تكريس [او، كما نقول الآن، انتذار] لفعل مشيئة اللّٰه، ولن يكون ذلك مخالفا للترتيب.» فكان اليونادابيون مسرورين!
لكنَّ فرحا اعظم ايضا كان قريبا بالنسبة اليهم. ففي الربيع التالي حملت عدة اعداد من برج المراقبة، ابتداء من عدد ١ نيسان ١٩٣٥ (بالانكليزية)، هذا الاعلان: «مرة ثانية تذكِّر برج المراقبة قرَّاءها بأن محفلا لشهود يهوه واليونادابيينg سيُعقد في واشنطن، دي. سي.، ابتداء من ٣٠ ايار حتى ٣ حزيران ١٩٣٥.» فانتظر اليونادابيون المحفل بتوق.
و ‹الجمع الكثير،› المنبأ به مسبقا في الرؤيا ٧:٩-١٧، كان موضوع خطاب قدَّمه الاخ رذرفورد في فترة بعد الظهر من اليوم الثاني من المحفل. وفي تلك المحاضرة اوضح ان الجمع الكثير مؤلف من اليونادابيين العصريين وأن هؤلاء اليونادابيين يجب ان يظهروا المقدار عينه من الامانة ليهوه كالممسوحين. كان الحضور مثارا! وتجاوبا مع طلب الخطيب، وقف اليونادابيون. «كان هنالك في البداية سكون،» تذكَّرت مِلْدْرَد كَب، التي اعتمدت في صيف ١٩٠٨، «ثم صرخة ابتهاج، وكان الهتاف عاليا وطويلا.»
ان ومضة فهم الكتاب المقدس هذه كان لها تأثير عميق على نشاط شهود يهوه. «بحماس متأجج،» لاحظت سادي كارپنتَر، كارزة كامل الوقت لاكثر من ٦٠ سنة، «رجعنا الى مقاطعاتنا للبحث عن هؤلاء الناس المشبهين بالخراف الذين كانوا سيُجمعون بعدُ.» ولاحقا ذكر Yearbook of Jehovah’s Witnesses (الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٣٦): «اثار هذا الاعلان الاخوة وحرَّضهم على تجديد نشاطاتهم، وفي كل مكان حول الارض ترد التقارير مظهرة الفرح بواقع ان البقية الآن لديها امتياز حمل الرسالة الى الجمع الكثير، وهؤلاء يعملون معا لاكرام اسم الرب.» ولمساعدتهم في هذا العمل، احتوى كتاب Riches (الغنى)، الصادر في السنة ١٩٣٦، على مناقشة شاملة للآمال المقدَّمة في الاسفار المقدسة للجمع الكثير.
وأخيرا، صار الاعضاء المنتذرون المعتمدون من الجمع الكثير يجدون مكانهم اللائق الى جانب الممسوحين في اعلان ملكوت اللّٰه!
«جعل لون السيدة العجوز يصفرّ»
في ثلاثينات الـ ١٩٠٠، شملت الرسالة التي نادى بها هؤلاء الشهود الغيورون تشهيرا لاسعا للدين الباطل. والاداة المساعِدة في هذا المجال جرى اصدارها في المحفل العام لشهود يهوه، في ١٥-٢٠ ايلول ١٩٣٧، في كولومبس، اوهايو.
فيوم السبت في ١٨ ايلول، عقب محاضرته الصباحية، اصدر الاخ رذرفورد كتاب Enemies (الاعداء) ذا اللون الاسمر الضارب الى الصفرة. وهذا الكتاب شهَّر الدين الباطل بصفته «عدوا كبيرا، يسبِّب الاذى دائما للجنس البشري.» والدينيون الزائفون جرى تحديد هويتهم بصفتهم «عملاء ابليس، سواء كانوا مدركين لهذا الواقع او لا.» وعند عرض الكتاب على الحضور، قال الاخ رذرفورد: «تلاحظون ان غلافه اسمر ضارب الى الصفرة، وبه سنجعل لون السيدة العجوزh يصفرّ.» وعلى هذا الامر وافق الحضور بصوت عالٍ وحماس.
ولعدة سنوات كان الفونوڠراف قد لعب دورا في «جعل لون السيدة العجوز يصفرّ.» ولكن في ما يتعلق بعمل الفونوڠراف، كانت هنالك مفاجأة في محفل السنة ١٩٣٧. «في هذا المحفل جرى تقديم عمل استخدام الفونوڠراف القابل للحمل على عتبة الباب،» يتذكَّر إلوود لَنسْتْرَم، الذي كان آنذاك بعمر ١٢ سنة فقط. «سابقا كنا نحمل الفونوڠراف معنا في الخدمة، ولكن كنا ندوِّره فقط عندما نُدعى الى الداخل. . . . فجرى ايجاز تنظيم في محفل كولومبس ليأخذ ‹الفاتحون الخصوصيون› القيادة في استخدام مشروع الفونوڠراف على عتبة الباب وفي عمل ملاحقة الاشخاص المهتمين (اولا ثم دُعي ‹الزيارات المكررة›) ودروس الكتاب المقدس بترتيب دُعي ‹الدرس النموذجي.›»
غادر شعب يهوه ذلك المحفل مجهَّزين جيدا لعمل المناداة بملكوت اللّٰه. لقد احتاجوا بالتأكيد الى كل التشجيع الذي امكنهم نيله. فارتفاع مدّ القومية في ثلاثينات الـ ١٩٠٠ جلب المقاومة، وفي بعض الحالات عنف الرعاع، من افراد كانوا مصمِّمين ان يوقفوا شهود يهوه عن الاجتماع معا وعن الكرازة.
«مجموعة من السارقين»
اتت مقاومة شديدة من بعض فرق «العمل الكاثوليكي.» وفي ٢ تشرين الاول ١٩٣٨ كان الاخ رذرفورد صريحا في تقديم المحاضرة «الفاشية ام الحرية،» التي ظهرت لاحقا في شكل كراس (Fascism or Freedom) ووُزعت بالملايين. والاخ رذرفورد في هذا الخطاب فصَّل عددا من حوادث الاعمال المخالفة للقانون ليظهر التواطؤ بين بعض الرسميين الحكوميين وممثلي الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.
وبعد عرض الوقائع، لاحظ رذرفورد: «عندما يُخبَر الناس بالوقائع عن فريق يعمل تحت قناع ديني ليسرق حقوقهم، يصرخ الاساقفة ويقولون: ‹اكاذيب! ضعوا شكيمة في افواه هؤلاء ولا تسمحوا لهم بالتكلم.›» ثم سأل: «هل هو خطأ نشر الحق عن مجموعة من السارقين الذين يسلبون الناس؟ لا! . . . هل يجب وضع شكيمة في افواه الرجال المخلصين واجبارهم على البقاء صامتين في حين تدمِّر هذه المجموعة من السارقين حريات الناس؟ وفوق كل شيء، هل يجب ان تُنكَر على الناس امتيازاتهم المعطاة من اللّٰه للاجتماع السلمي وحرية عبادة الاله الكلي القدرة، وحرية الكلام عن ملكوته واولئك الذين يقاومونه؟»
بعد هذا التوبيخ اللاسع، استمرت المقاومة من فرق «العمل الكاثوليكي» في كل الولايات المتحدة. وشنَّ شهود يهوه معارك قانونية من اجل حرية العبادة وحقوقهم في اعلان ملكوت اللّٰه. لكنَّ الوضع ازداد سوءا اذ مضى العالم الى الحرب. والقيود القانونية والسجن فُرضت ايضا على شهود يهوه في بلد بعد بلد في اوروپا، افريقيا، وآسيا.
«اراد كل شخص ان يذهب الى سانت لويس»
«في السنة ١٩٤١،» يتذكر نورمَن لارسن، الذي كان قد دخل مؤخرا الخدمة كامل الوقت، «شعرنا جميعا بأن اياما صعبة تكمن امامنا باحتدام الحرب الآن في اوروپا. لذلك اراد كل شخص ان يذهب الى سانت لويس.» ولماذا؟ لاجل المحفل الثيوقراطي لشهود يهوه في سانت لويس، ميسوري، في ٦-١٠ آب ١٩٤١! وأتى «كل شخص.» وتسهيلات المحفل امتلأت حتى فاضت. وبحسب تقدير الشرطة، فان ذروة من ٠٠٠,١١٥ شخص حضروا.
ومن اليوم الاول، زوَّد برنامج المحفل تشجيعا في حينه. فمحاضرة الاخ رذرفورد الافتتاحية، «الاستقامة،» اعلنت الفكرة الاساسية للمحفل. «ادركنا بوضوح اكثر من ايّ وقت مضى لماذا كان يهوه يسمح بمثل هذا الاضطهاد الشديد لشعبه حول العالم،» تذكَّرت هايزل بَرْفورد، التي خدمت كمرسلة لنحو ٤٠ سنة، حتى موتها في السنة ١٩٨٣. وفي تقريره عن المحفل، اضاف الكتاب السنوي لشهود يهوه لعام ١٩٤٢: «تمكَّن الجميع من ان يروا بوضوح ان عمل شهادة عظيما يكمن امامهم للقيام به، وأنه بفعلهم ذلك يحافظون على استقامتهم، على الرغم من بغض جميع الناس والهيئات العالمية لهم.»
والمشهد المؤثِّر في المحفل كان يوم الاحد في ١٠ آب، الذي كان «يوم الاولاد.» فعندما بدأت الفترة الصباحية، كان ٠٠٠,١٥ ولد — بين الـ ٥ والـ ١٨ من العمر — مجتمعين في المدرَّج الرئيسي مباشرة امام المنصة وفي مكان مخصَّص على نحو مماثل في مدينة عربات مقطورة حيث كان جمع فائض يصغي. واذ خطا الى المنصة الاخ رذرفورد، الذي كان آنذاك في اوائل سبعيناته، ابتهج الاولاد وصفَّقوا. فلوَّح بمنديله، ثم لوَّح له الاولاد. وبعدئذ، بصوت واضح ولطيف، خاطب كامل الحضور حول المحور «اولاد الملك.» وبعد التكلم لأكثر من ساعة الى الحضور عموما، وجَّه ملاحظاته الى الاولاد الجالسين في الاقسام المخصَّصة لهم.
«جميعكم . . . ايها الاولاد،» قال، مركِّزا انتباهه على الاوجه المبتسمة الصغيرة امامه، «الذين وافقتم على فعل مشيئة اللّٰه واتخذتم موقفكم الى جانب حكومته الثيوقراطية برئاسة المسيح يسوع والذين وافقتم على اطاعة اللّٰه ومَلكه، من فضلكم قفوا.» فوقف الاولاد كجسد واحد. «انظروا،» هتف الخطيب المتحمِّس، «اكثر من ٠٠٠,١٥ شاهد جديد للملكوت!» فكان هنالك انفجار من التصفيق. «جميعكم انتم الذين تريدون ان تفعلوا ما في وسعكم لتخبروا الآخرين عن ملكوت اللّٰه وبركاته المرافقة، من فضلكم قولوا نعم.» فعلت صرخة مدوّية، «نعم!»
ولبلوغ ذروة خطابه، اعلن الاخ رذرفورد اصدار الكتاب الجديد Children (الاولاد)، الذي لقي صرخات فرح وتصفيقا هائلا. وبعد ذلك شارك الخطيب، رجل طويل، في توزيع نسخ مجانية من الكتاب اذ صعد الى المنصة صف طويل من الاولاد ومشوا عابرين امامه. وكثيرون بكوا عند رؤية المشهد.
وكان في الحضور صباح يوم الاحد هذا اولاد كثيرون عاشوا حياتهم وفقا لصرختهم «نعم!» لاڤون كْريبز، مَرتون كامپبِل، ويوجين وكاميلا روزام كانوا بين الاحداث الذين تسلَّموا كتاب الاولاد في تلك المناسبة. وهم لا يزالون يخدمون في المركز الرئيسي للجمعية في السنة ١٩٩٢، وقد قضوا ٥١، ٤٩، ٤٩، و ٤٨ سنة على التوالي في الخدمة كامل الوقت. وبعض الاولاد مضوا للخدمة في تعيينات ارسالية اجنبية، بمن فيهم إلدَن دين (بوليڤيا)، ريتشارد وپيڠي كِلْسي (المانيا)، رايمون تمْپلتن (المانيا)، وجيني كلوكاوسكي (البرازيل). حقا، احدث برنامج صباح يوم الاحد هذا اثرا دائما في قلوب احداث كثيرين!
وبعد ظهر يوم الاحد كانت لدى الاخ رذرفورد بعض الكلمات الوداعية للمحتفلين. فشجعهم ان يمضوا قُدُما في عمل المناداة بملكوت اللّٰه. «اشعر بيقين تام،» قال لهم، «بأنه من الآن فصاعدا . . . سينمو اولئك الذين يشكِّلون الجمع الكثير بسرعة فائقة.» وحثَّهم ان يعودوا الى أنحائهم الخاصة من الارض وأن ‹يزيدوا القوة الدافعة اكثر . . . ويصرفوا كل ما يمكنهم من الوقت.› ثم جاءت كلماته الاخيرة الى الحضور: «حسنا، يا اخوتي الاعزاء، فليبارككم الرب. والآن لن اقول وداعا، لأنني اتوقع ان اراكم في وقت ما ثانية.»
ولكن بالنسبة الى كثيرين كانت هذه المرة الاخيرة التي يرون فيها الاخ رذرفورد.
الايام الختامية لِـ ج. ف. رذرفورد
طوَّر الاخ رذرفورد سرطان القولون وكان في صحة رديئة في محفل سانت لويس. ومع ذلك نجح في اعطاء خمس محاضرات قوية. ولكن بعد المحفل صارت حالته اسوأ، واضطر الى الخضوع لعملية فغر القولون. يتذكَّر ارثر وورزلي اليوم الذي قال فيه الاخ رذرفورد وداعا لعائلة البتل. «اعلمنا بأنه سيخضع لعملية خطيرة وأنه، سواء بقي حيا بعدها او لا، متأكد اننا سنستمر في المناداة باسم يهوه. وقد . . . اختتم بالقول، ‹لذلك، إن شاء اللّٰه، سأراكم ثانية. وإلا فاستمروا في الجهاد.› فبكى الجميع في العائلة.»
بقي الاخ رذرفورد، البالغ من العمر ٧٢ سنة، حيا بعد العملية الجراحية. وبعد ذلك بوقت قصير نُقل الى مسكن في كاليفورنيا كان قد سمَّاه بيث-ساريم. وكان واضحا لاحبائه، وللخبراء الطبيين، انه لن يشفى. وفي الواقع، تطلَّب عملية جراحية اضافية.
ونحو منتصف كانون الاول، وصل ناثان ه. نور، فردريك و. فرانز، وهايدن ك. كوڤنڠتَن من بروكلين. وتذكَّرت لاحقا هايزل بَرْفورد، التي اعتنت بالاخ رذرفورد خلال تلك الايام الحزينة والصعبة: «قضوا عدة ايام معه يدرسون التقرير السنوي من اجل الكتاب السنوي ومسائل تنظيمية اخرى. وبعد رحيلهم استمر الاخ رذرفورد يضعف، وبعد نحو ثلاثة اسابيع، يوم الخميس في ٨ كانون الثاني ١٩٤٢، انهى بأمانة مسلكه الارضي.»i
وكيف جرى تلقِّي نبإ موت الاخ رذرفورد في البتل؟ «لن انسى ابدا اليوم الذي علمنا فيه برحيل الاخ رذرفورد،» تذكَّر وليم أ. إلْرود، الذي كان عضوا في عائلة البتل طوال تسع سنوات. «كان ذلك وقت الظهر حين اجتمعت العائلة للغداء. كان الاعلان وجيزا. ولم تكن هنالك خطابات. ولا احد عطَّل عن العمل حدادا عليه. وانما عدنا الى المصنع وعملنا بجدّ اكثر من ايّ وقت مضى.»
تلك كانت اوقاتا عصيبة للغاية بالنسبة الى شهود يهوه. فالحرب كانت قد صارت صراعا عالميا. وامتد القتال من اوروپا الى افريقيا، ثم الى ما كان معروفا بالاتحاد السوڤياتي. وفي ٧ كانون الاول ١٩٤١، قبل شهر فقط من موت الاخ رذرفورد، جرَّ هجوم اليابان على پيرل هاربر الولايات المتحدة الى الحرب. وفي اماكن كثيرة كان الشهود اهدافا لعنف الرعاع وأشكال اخرى من الاضطهاد الشديد.
فماذا كان سيحدث الآن؟
[الحواشي]
a مؤسسة في نيويورك تشكَّلت في السنة ١٩٠٩ في ما يتعلق بنقل الجمعية مكاتبها الرئيسية الى بروكلين، نيويورك.
b انظروا الفصل ٢٨، «امتحان وغربلة من الداخل.»
c بحسب التفسير الوارد في السر المنتهي، فإن المرأة في الرؤيا الاصحاح ١٢ كانت «الكنيسة الباكرة،» والتنين كان «الامبراطورية الرومانية الوثنية،» والابن الذكر كان «البابوية.»
d انظروا الفصل ١٤، «ليسوا جزءا من العالم.»
e انظروا الفصل ٣٠، «الدفاع عن البشارة وتثبيتها شرعيا.»
f Vindication (التبرئة)، المجلد الثالث، الصفحة ٧٧. انظروا ايضا الفصل ١٢، «الجمع الكثير — ليحيوا في السماء؟ ام على الارض؟»
g في ذلك الوقت لم يكن اليونادابيون معتبَرين «شهودا ليهوه.» (انظروا برج المراقبة، ١٥ آب ١٩٣٤، الصفحة ٢٤٩، بالانكليزية.) ولكن بعد سنوات قليلة ذكرت برج المراقبة عدد ١ تموز ١٩٤٢ (بالانكليزية): «ان هؤلاء ‹الخراف الاخر› [اليونادابيين] يصيرون شهودا له، تماما كما ان الرجال الامناء قبل موت المسيح، من يوحنا المعمدان رجوعا الى هابيل، كانوا شهودا ليهوه لا يتوقفون ابدا.»
h ان الاشارة الى «الزانية العظيمة» مذكورة في الرؤيا الاصحاح ١٧. ذكر كتاب الاعداء: «كل الهيئات على الارض التي تقاوم اللّٰه وملكوته . . . تحمل اسم ‹بابل› و ‹الزانية›، وينطبق هذان الاسمان بشكل خصوصي على الهيئة الدينية الرئيسية، الكنيسة الكاثوليكية الرومانية.» (الصفحة ١٩٨) وبعد سنوات فُهم ان الزانية تمثِّل في الواقع الامبراطورية العالمية لكل الدين الباطل.
i ترك الاخ رذرفورد وراءه زوجته، ماري، وابنهما، مالكولم. ولأن صحة الاخت رذرفورد كانت رديئة ووجدت الشتاء في نيويورك (حيث يقع المركز الرئيسي لجمعية برج المراقبة) صعب الاحتمال، سكنت هي ومالكولم في كاليفورنيا الجنوبية، حيث كان الطقس افضل لصحتها. وماتت الاخت رذرفورد في ١٧ كانون الاول ١٩٦٢، بعمر ٩٣ سنة. وخبر موتها الظاهر في دايلي نيوز-پوست، مونروڤيا، كاليفورنيا، ذكر: «الى ان حبستها الصحة الرديئة في بيتها، قامت بدور فعَّال في عمل الخدمة لشهود يهوه.»
[النبذة في الصفحة ٧٣]
«اسلحة الشيطان الرئيسية هي الكبرياء، الطموح و الخوف»
[النبذة في الصفحة ٧٤]
«التأكيد ان يهوه يدير الجمعية»
[النبذة في الصفحة ٧٥]
‹خرجوا من السجن ليس من اجل انفسهم بقدر ما هو من اجل قصد الشهادة للحق›
[النبذة في الصفحة ٧٧]
‹ان مهمة المسيحي على الارض . . . هي المناداة برسالة ملكوت الرب›
[النبذة في الصفحة ٧٨]
‹أَعلنوا الملكوت بغيرة ومحبة اكثر من ايّ وقت مضى›
[النبذة في الصفحة ٨٢]
‹نرغب في ان نُعرَف بصفتنا . . . شهود يهوه.›
[النبذة في الصفحة ٨٣]
نعم! اليونادابيون يجب ان يعتمدوا
[النبذة في الصفحة ٨٤]
‹البحث عن الناس المشبهين بالخراف الذين سيُجمعون بعدُ›
[النبذة في الصفحة ٨٥]
رذرفورد كان صريحا في توبيخ المقاومين الدينيين
[النبذة في الصفحة ٨٧]
٠٠٠,١٥ ولد يتخذون موقفهم الى جانب الملكوت
[النبذة في الصفحة ٨٨]
«إن شاء اللّٰه، سأراكم ثانية. وإلا فاستمروا في الجهاد»
[الاطار/الصورة في الصفحة ٧٦]
«بيت الامراء»
كان الاخ رذرفورد يعاني حالة شديدة لذات الرئة بعد اطلاق سراحه من السجن غير العادل في السنة ١٩١٩. وبعد ذلك، كانت له رئة واحدة فقط سليمة. وفي عشرينات الـ ١٩٠٠، تحت اشراف طبيب، ذهب الى سان دياڠو، كاليفورنيا، وحثَّه الطبيب على قضاء ما امكن من الوقت هناك. ومن السنة ١٩٢٩ فصاعدا، كان الاخ رذرفورد يقضي فصول الشتاء وهو يعمل في مسكن في سان دياڠو كان قد سمَّاه بيث-ساريم. وقد بُني بيث-ساريم بأموال كانت تبرعا مباشرا لهذا القصد. والصك، الذي نُشر كاملا في «العصر الذهبي» عدد ١٩ آذار ١٩٣٠ (بالانكليزية)، نقل هذه الملكية الى ج. ف. رذرفورد وبعد ذلك الى جمعية برج المراقبة.
وفي ما يتعلق ببيث-ساريم، يوضح كتاب ”Salvation“ («الخلاص»)، الصادر في السنة ١٩٣٩: «ان الكلمتين العبرانيتين ‹بيث ساريم› تعنيان ‹بيت الامراء›؛ وكان القصد من امتلاك هذا العقار وبناء البيت وجود برهان ملموس على ان هنالك على الارض اليوم افرادا يؤمنون كاملا باللّٰه والمسيح يسوع وملكوته، ويؤمنون بأن الرجال القدماء الامناء سيقيمهم الرب قريبا، يعيدهم الى الارض، ويتولَّون مسؤولية الشؤون المنظورة للارض.»
وبعد سنوات قليلة من موت الاخ رذرفورد، قرَّرت هيئة مديري جمعية برج المراقبة بيع بيث-ساريم. ولماذا؟ اوضحت «برج المراقبة» عدد ١٥ كانون الاول ١٩٤٧ (بالانكليزية): «لقد خدم قصده كاملا ولا يخدم الآن إلا كتذكار غالٍ جدا للاحتفاظ به؛ وايماننا بعودة رجال الازمنة القديمة الذين سيجعلهم الملك المسيح يسوع امراء في كل الارض (وليس في كاليفورنيا فقط) مؤسس، ليس على بيت بيث-ساريم، بل على كلمة وعد اللّٰه.»j
[الحاشية]
j في ذلك الوقت، اعتُقد ان رجال الازمنة القديمة الامناء، مثل إبرهيم، يوسف، وداود سيُقامون قبل نهاية نظام الاشياء هذا وسيخدمون بصفتهم «امراء في كل الارض،» اتماما للمزمور ، عج. وجرى تعديل هذه الفكرة في السنة ١٩٥٠، عندما بيَّن الدرس الاضافي للاسفار المقدسة ان اولئك الآباء الاولين الارضيين ليسوع المسيح سيُقامون بعد هرمجدون. — انظروا «برج المراقبة،» عدد ١ تشرين الثاني ١٩٥٠، الصفحات ٤١٤-٤١٧، بالانكليزية.
[الاطار/الصور في الصفحتين ٨٠ و ٨١]
بث رسالة الملكوت
في خلال سنتين بعد ان بدأت الاذاعة التجارية بثها النظامي، صار الراديو يُستعمل لنقل رسالة الملكوت. وهكذا، في ٢٦ شباط ١٩٢٢، قدَّم الاخ رذرفورد برنامجه الاذاعي الاول للراديو، في كاليفورنيا. وبعد سنتين، في ٢٤ شباط ١٩٢٤، بدأت محطة جمعية برج المراقبة الاذاعية الخاصة WBBR، في جزيرة ستاتن، نيويورك، بالبث. وأخيرا، نظَّمت الجمعية شبكة عالمية لتبث برامج ومحاضرات من الكتاب المقدس. وبحلول السنة ١٩٣٣ كانت ذروة من ٤٠٨ محطات ارسال تنقل رسالة الملكوت الى ست قارات!
[الصور]
ادارت جمعية برج المراقبة الـ WBBR، في نيويورك، من السنة ١٩٢٤ الى السنة ١٩٥٧
فرقة الـ WBBR الموسيقية في السنة ١٩٢٦
ج. ف. رذرفورد يقدِّم المحاضرة «واجهوا الوقائع،» في رويال ألبرت هول، في لندن، انكلترا، في ١١ ايلول ١٩٣٨؛ اكثر من ٠٠٠,١٠ ازدحموا في قاعة الاستماع (الاسفل)، في حين ان ملايين اكثر استمعوا اليها بواسطة الراديو
برنامج افتتاح الـ WBBR
المستخدَمون في محطة 2HD، نيوكاسل، نيوسَوْث ويلز، اوستراليا
المحطة الاذاعية CHCY في ادمونتون، ألبرتا، كانت واحدة من محطات عديدة امتلكتها وأدارتها الجمعية في كندا
البث الى فنلندا بواسطة محطة اذاعية في استونيا
معدات البث في محطة WORD، قرب شيكاڠو، ايلينُوي؛ امتلكتها وأدارتها الجمعية
[الاطار/الصور في الصفحة ٨٦]
الكرازة بواسطة الفونوڠراف
في السنة ١٩٣٣، ابتدأ شهود يهوه يستخدمون طريقة جديدة اخرى للكرازة. فجرى استخدام آلة اسطوانات قابلة للنقل مع مضخِّم ومكبِّر للصوت لبث اسطوانات محاضرات الاخ رذرفورد الاذاعية التي تدور بسرعة ٣/٣٣ ١ دورة في الدقيقة، في القاعات، المتنزهات، والاماكن العامة الاخرى. واستُعملت ايضا سيارات وقوارب مجهَّزة بمكبِّرات صوت لاعلان رسالة الملكوت.
ان الاستعمال الفعَّال لآلات الاسطوانات ادَّى الى ابتكار آخر ايضا — الكرازة من بيت الى بيت بواسطة فونوڠراف خفيف الوزن. ففي السنة ١٩٣٤ ابتدأت الجمعية تنتج فونوڠرافات قابلة للحمل وسلسلة من الاسطوانات التي تدور بسرعة ٧٨ دورة في الدقيقة تحتوي على محاضرات من الكتاب المقدس مدتها ٢/٤ ١ دقائق. وأخيرا، صارت الاسطوانات تغطي ٩٢ موضوعا مختلفا قيد الاستعمال. وفي المجموع، انتجت الجمعية اكثر من ٠٠٠,٤٧ فونوڠراف لاعلان رسالة الملكوت. ولكن، في حينه، صار التشديد اعظم على العروض الشفهية لرسالة الملكوت، فتوقف تدريجيا عمل الفونوڠراف.
[الصور]
بسيارة مجهَّزة بمكبِّر صوت على رأس تلة، كان يمكن سماع رسالة الملكوت على بعد اميال (الاعلى)
استعمال آلة الاسطوانات في المكسيك (اليمين)
قارب مجهَّز بمكبِّر صوت يذيع في نهر التَّيمز، في لندن، انكلترا (الاعلى)
استعمال الفونوڠراف في خدمة الحقل (اليسار)
تمثيل كيفية استعمال فونوڠراف عمودي الطراز، في السنة ١٩٤٠ (اليمين)
[الصورة في الصفحة ٧٩]
ج. أ. بونِت
[الصورة في الصفحة ٨٩]
من السنة ١٩١٧، عندما صار ج. ف. رذرفورد رئيسا، الى السنة ١٩٤١، انتجت جمعية برج المراقبة فيضا من المطبوعات، بما فيها ٢٤ كتابا، ٨٦ كراسا، و«كتبا سنوية،» بالاضافة الى مقالات لـ «برج المراقبة» و «العصر الذهبي» (التي دُعيت لاحقا «التعزية»)