اَلْحَيَاةُ ٱلْأَبَدِيَّةُ عَلَى ٱلْأَرْضِ — رَجَاءٌ أَعْطَاهُ ٱللّٰهُ لِلْبَشَرِ
«اَلْخَلِيقَةُ أُخْضِعَتْ لِلْبُطْلِ . . . عَلَى رَجَاءٍ». — رو ٨:٢٠.
١، ٢ (أ) لِمَاذَا رَجَاءُ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ عَلَى ٱلْأَرْضِ مُهِمٌّ فِي نَظَرِنَا؟ (ب) لِمَاذَا لَا يُصَدِّقُ كَثِيرُونَ أَنَّ ٱلْحَيَاةَ عَلَى ٱلْأَرْضِ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ أَمْرٌ مُمْكِنٌ؟
لَرُبَّمَا تَتَذَكَّرُ ٱلْفَرَحَ ٱلَّذِي غَمَرَكَ حِينَ سَمِعْتَ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى أَنَّ ٱلنَّاسَ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ ٱلْقَرِيبِ لَنْ يَشِيخُوا وَيَمُوتُوا بَعْدُ بَلْ سَيَعِيشُونَ إِلَى ٱلْأَبَدِ عَلَى ٱلْأَرْضِ. (يو ١٧:٣؛ رؤ ٢١:٣، ٤) وَلَا شَكَّ أَنَّكَ سُرِرْتَ بِإِخْبَارِ ٱلْغَيْرِ عَنْ هذَا ٱلرَّجَاءِ ٱلْمُؤَسَّسِ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. فَرَجَاءُ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ يُشَكِّلُ جَانِبًا مُهِمًّا مِنَ ٱلْبِشَارَةِ ٱلَّتِي نَكْرِزُ بِهَا، إِذْ يَصُوغُ نَظْرَتَنَا إِلَى ٱلْحَيَاةِ.
٢ بِٱلتَّبَايُنِ، تَرْفُضُ غَالِبِيَّةُ أَدْيَانِ ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ رَجَاءَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ عَلَى ٱلْأَرْضِ. فَفِي حِينِ يُعَلِّمُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ أَنَّ ٱلنَّفْسَ تَمُوتُ، تُعَلِّمُ مُعْظَمُ ٱلْكَنَائِسِ أَنَّ لَدَى ٱلْإِنْسَانِ نَفْسًا خَالِدَةً تَبْقَى حَيَّةً بَعْدَ ٱلْمَوْتِ وَتَنْتَقِلُ إِلَى عَالَمِ ٱلْأَرْوَاحِ، عَقِيدَةٌ لَا تَمُتُّ إِلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ بِأَيَّةِ صِلَةٍ. (حز ١٨:٢٠) لِهذَا ٱلسَّبَبِ، لَا يُصَدِّقُ كَثِيرُونَ أَنَّ ٱلْحَيَاةَ عَلَى ٱلْأَرْضِ إِلَى مَا لَا نِهَايَةَ أَمْرٌ مُمْكِنٌ. مِنْ هُنَا قَدْ نَسْأَلُ: هَلْ هذَا ٱلرَّجَاءُ مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ؟ فِي هذِهِ ٱلْحَالِ، مَتَى كَانَتْ أَوَّلُ مَرَّةٍ كَشَفَ ٱللّٰهُ عَنْهُ لِلْبَشَرِ؟
«اَلْخَلِيقَةُ أُخْضِعَتْ لِلْبُطْلِ . . . عَلَى رَجَاءٍ»
٣ كَيْفَ كُشِفَ قَصْدُ ٱللّٰهِ لِلْإِنْسَانِ مُنْذُ فَجْرِ ٱلْبَشَرِيَّةِ؟
٣ كَشَفَ يَهْوَه عَنْ قَصْدِهِ لِلْإِنْسَانِ مُنْذُ فَجْرِ ٱلْبَشَرِيَّةِ. فَقَدْ أَظْهَرَ بِوُضُوحٍ أَنَّ آدَمَ كَانَ سَيَعِيشُ إِلَى ٱلْأَبَدِ إِنْ هُوَ أَعْرَبَ عَنِ ٱلطَّاعَةِ. (تك ٢:٩، ١٧؛ ٣:٢٢) وَلَا بُدَّ أَنَّ ٱلْمُتَحَدِّرِينَ ٱلْأَوَائِلَ مِنْ آدَمَ أَدْرَكُوا أَنَّ ٱلْإِنْسَانَ ٱبْتَعَدَ عَنْ مُسْتَوَى ٱلْكَمَالِ، ٱلْأَمْرُ ٱلَّذِي أَثْبَتَتْهُ أَدِلَّةٌ مَلْمُوسَةٌ. فَقَدْ أُقِيمَ مَلَاكَانِ شَرْقِيَّ جَنَّةِ عَدْنٍ لِمَنْعِ أَيٍّ كَانَ مِنْ دُخُولِهَا، كَمَا بَاتَ ٱلنَّاسُ يَشِيخُونَ وَيَمُوتُونَ. (تك ٣:٢٣، ٢٤) وَمَعَ مُرُورِ ٱلْوَقْتِ، قَصُرَ عُمْرُ ٱلْإِنْسَانِ. فَفِي حِينِ عَاشَ آدَمُ ٩٣٠ سَنَةً، لَمْ يَعِشْ سَامُ بْنُ نُوحٍ سِوَى ٦٠٠ سَنَةٍ وَٱبْنُهُ أَرْفَكْشَادُ ٤٣٨ سَنَةً. أَمَّا تَارَحُ وَالِدُ إِبْرَاهِيمَ فَقَدْ مَاتَ عَنْ عُمْرِ ٢٠٥ سِنِينَ. وَكَانَتْ أَيَّامُ سِنِي حَيَاةِ إِبْرَاهِيمَ ١٧٥ عَامًا، وَإِسْحَاقَ ١٨٠ عَامًا، وَيَعْقُوبَ ١٤٧عَامًا. (تك ٥:٥؛ ١١:١٠-١٣، ٣٢؛ ٢٥:٧؛ ٣٥:٢٨؛ ٤٧:٢٨) وَلَا رَيْبَ أَنَّ عَدَدًا كَبِيرًا مِنَ ٱلنَّاسِ أَدْرَكُوا مَدْلُولَ هذَا ٱلتَّرَاجُعِ: لَقَدْ ضَاعَ ٱلْأَمَلُ بِأَنْ يَعِيشُوا إِلَى ٱلْأَبَدِ! فَهَلْ كَانَ لَدَيْهِمْ أَيُّ سَبَبٍ لِيَأْمُلُوا ٱسْتِرْجَاعَ هذَا ٱلرَّجَاءِ؟
٤ أَيُّ أَسَاسٍ كَانَ لَدَى ٱلْأُمَنَاءِ لِلْإِيمَانِ أَنَّ ٱللّٰهَ سَيَرُدُّ ٱلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي خَسِرَهَا آدَمُ؟
٤ تَقُولُ كَلِمَةُ ٱللّٰهِ: «اَلْخَلِيقَةُ [ٱلْبَشَرِيَّةُ] أُخْضِعَتْ لِلْبُطْلِ . . . عَلَى رَجَاءٍ». (رو ٨:٢٠) أَيُّ رَجَاءٍ؟ لَقَدْ تَحَدَّثَتْ أَوَّلُ نُبُوَّةٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ عَنْ ‹نَسْلٍ سَيَسْحَقُ رَأْسَ ٱلْحَيَّةِ›. (اِقْرَأْ تكوين ٣:١-٥، ١٥.) وَهذَا ٱلْوَعْدُ مَنَحَ ٱلْبَشَرَ ٱلْأُمَنَاءَ ٱلرَّجَاءَ أَنَّ ٱللّٰهَ لَنْ يَتَخَلَّى عَنْ قَصْدِهِ لِلْإِنْسَانِ. كَمَا زَوَّدَ أَشْخَاصًا كَهَابِيلَ وَنُوحٍ سَبَبًا لِيُؤْمِنُوا أَنَّ ٱللّٰهَ سَيَرُدُّ ٱلْبَرَكَاتِ ٱلَّتِي خَسِرَهَا آدَمُ. وَعَلَى ٱلْأَرْجَحِ، أَدْرَكَ هؤُلَاءِ أَنَّ ‹سَحْقَ عَقِبِ ٱلنَّسْلِ› سَيَنْطَوِي عَلَى سَفْكِ دَمٍ. — تك ٤:٤؛ ٨:٢٠؛ عب ١١:٤.
٥ مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ آمَنَ بِٱلْقِيَامَةِ؟
٥ لِنَتَأَمَّلْ أَيْضًا فِي إِبْرَاهِيمَ. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُخْبِرُنَا أَنَّهُ لَمَّا ٱمْتُحِنَ، «كَأَنَّمَا قَرَّبَ إِسْحَاقَ . . . مَوْلُودَهُ ٱلْوَحِيدَ». (عب ١١:١٧) وَلِمَاذَا كَانَ مُسْتَعِدًّا لِلْقِيَامِ بِهذِهِ ٱلتَّضْحِيَةِ؟ (اِقْرَأْ عبرانيين ١١:١٩.) لِأَنَّهُ آمَنَ بِٱلْقِيَامَةِ. وَقَدْ كَانَ لَدَيْهِ أَسَاسٌ لِإِيمَانِهِ هذَا. فَيَهْوَه سَبَقَ أَنْ أَعَادَ إِحْيَاءَ قُوَاهُ ٱلتَّنَاسُلِيَّةِ هُوَ وَزَوْجَتِهِ سَارَةَ وَمَكَّنَهُمَا مِنْ إِنْجَابِ ٱبْنٍ فِي شَيْخُوخَتِهِمَا. (تك ١٨:١٠-١٤؛ ٢١:١-٣؛ رو ٤:١٩-٢١) عِلَاوَةً عَلَى ذلِكَ، كَانَ يَهْوَه قَدْ وَعَدَهُ قَائِلًا: «بِإِسْحَاقَ يُدْعَى لَكَ نَسْلٌ». (تك ٢١:١٢) بِنَاءً عَلَيْهِ، ٱمْتَلَكَ إِبْرَاهِيمُ أَسْبَابًا وَجِيهَةً لِلْإِيمَانِ بِأَنَّ ٱللّٰهَ سَيُقِيمُ إِسْحَاقَ مِنَ ٱلْمَوْتِ.
٦، ٧ (أ) أَيُّ عَهْدٍ قَطَعَهُ يَهْوَه مَعَ إِبْرَاهِيمَ؟ (ب) كَيْفَ زَوَّدَ وَعْدُ يَهْوَه لِإِبْرَاهِيمَ ٱلرَّجَاءَ لِلْبَشَرِ؟
٦ بِسَبَبِ إِيمَانِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْبَارِزِ، قَطَعَ يَهْوَه مَعَهُ عَهْدًا يَتَعَلَّقُ بِذُرِّيَّتِهِ، أَوْ ‹نَسْلِهِ›. (اِقْرَأْ تكوين ٢٢:١٨.) وَتَبَيَّنَ لَاحِقًا أَنَّ ٱلْجُزْءَ ٱلرَّئِيسِيَّ مِنَ ‹ٱلنَّسْلِ› هُوَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ. (غل ٣:١٦) وَكَانَ يَهْوَه قَدْ أَخْبَرَ إِبْرَاهِيمَ أَنَّهُ سَيُكَثِّرُ نَسْلَهُ «كَنُجُومِ ٱلسَّمَاءِ وَكَٱلرَّمْلِ ٱلَّذِي عَلَى شَاطِئِ ٱلْبَحْرِ». (تك ٢٢:١٧) لكِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَعْرِفْ آنَذَاكَ كَمْ شَخْصًا سَيُؤَلِّفُونَ هذَا ٱلنَّسْلَ. وَقَدْ كُشِفَ لَاحِقًا أَنَّ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ وَٱلْـ ٠٠٠,١٤٤ شَخْصٍ ٱلَّذِينَ سَيَحْكُمُونَ مَعَهُ فِي مَلَكُوتِهِ هُمْ هذَا ‹ٱلنَّسْلُ›. (غل ٣:٢٩؛ رؤ ٧:٤؛ ١٤:١) وَٱلْمَلَكُوتُ ٱلْمَسِيَّانِيُّ هُوَ ٱلْوَسِيلَةُ ٱلَّتِي بِهَا ‹سَتَتَبَارَكُ جَمِيعُ أُمَمِ ٱلْأَرْضِ›.
٧ لَمْ يَكُنْ فِي وُسْعِ إِبْرَاهِيمَ أَنْ يَفْهَمَ كَامِلًا مَغْزَى وَأَهَمِّيَّةَ ٱلْعَهْدِ ٱلَّذِي قَطَعَهُ يَهْوَه مَعَهُ. رَغْمَ ذلِكَ، «كَانَ يَنْتَظِرُ ٱلْمَدِينَةَ ٱلَّتِي لَهَا أَسَاسَاتٌ حَقِيقِيَّةٌ». (عب ١١:١٠) وَهذِهِ ٱلْمَدِينَةُ هِيَ مَلَكُوتُ ٱللّٰهِ. لكِنْ كَيْ يَحْظَى إِبْرَاهِيمُ بِبَرَكَاتِ هذَا ٱلْمَلَكُوتِ يَنْبَغِي أَنْ يَحْيَا مِنْ جَدِيدٍ. فَسَتُتِيحُ لَهُ ٱلْقِيَامَةُ فُرْصَةَ ٱلْعَيْشِ إِلَى ٱلْأَبَدِ عَلَى ٱلْأَرْضِ. وَسَتَكُونُ ٱلْحَيَاةُ ٱلْأَبَدِيَّةُ مُمْكِنَةً أَيْضًا لِلنَّاجِينَ مِنْ هَرْمَجِدُّونَ وَٱلْمُقَامِينَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ. — رؤ ٧:٩، ١٤؛ ٢٠:١٢-١٤.
«ضَغَطَنِي ٱلرُّوحُ»
٨، ٩ لِمَاذَا سِفْرُ أَيُّوبَ لَيْسَ مُجَرَّدَ رِوَايَةٍ عَنْ رَجُلٍ ٱحْتَمَلَ ٱلتَّجَارِبَ؟
٨ خِلَالَ ٱلْفَتْرَةِ ٱلْفَاصِلَةِ بَيْنَ حَيَاةِ يُوسُفَ (ٱبْنِ حَفِيدِ إِبْرَاهِيمَ) وَٱلنَّبِيِّ مُوسَى، عَاشَ رَجُلٌ ٱسْمُهُ أَيُّوبُ. وَيُظْهِرُ سِفْرُ أَيُّوبَ، ٱلَّذِي كَتَبَهُ مُوسَى عَلَى ٱلْأَرْجَحِ، لِمَاذَا سَمَحَ يَهْوَه بِمُعَانَاةِ أَيُّوبَ وَمَاذَا كَانَتِ ٱلنَّتِيجَةُ. إِلَّا أَنَّ هذَا ٱلسِّفْرَ لَيْسَ مُجَرَّدَ رِوَايَةٍ عَنْ رَجُلٍ ٱحْتَمَلَ ٱلتَّجَارِبَ، بَلْ يَتَمَحْوَرُ حَوْلَ قَضِيَّتَيْنِ لَهُمَا أَهَمِّيَّةٌ كَوْنِيَّةٌ. فَهُوَ يُلْقِي ٱلضَّوْءَ عَلَى طَرِيقَةِ يَهْوَه ٱلْبَارَّةِ فِي ٱلْحُكْمِ، وَيَكْشِفُ لَنَا أَنَّ ٱسْتِقَامَةَ كُلِّ خُدَّامِ ٱللّٰهِ ٱلْأَرْضِيِّينَ وَآمَالَهُمْ بِٱلْمُسْتَقْبَلِ مَنُوطَةٌ بِٱلْقَضِيَّةِ ٱلَّتِي أُثِيرَتْ فِي عَدْنٍ. وَصَحِيحٌ أَنَّ أَيُّوبَ لَمْ يَفْهَمْ هذِهِ ٱلْقَضِيَّةَ، إِلَّا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَحْ لِأَصْحَابِهِ ٱلثَّلَاثَةِ بِأَنْ يَجْعَلُوهُ يَظُنُّ أَنَّهُ شَخْصٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ. (اي ٢٧:٥) فَيَا لَهُ مِنْ مِثَالٍ مُقَوٍّ لِلْإِيمَانِ! فَقِصَّتُهُ تُظْهِرُ لَنَا أَنَّ فِي مَقْدُورِنَا ٱلْحِفَاظَ عَلَى ٱسْتِقَامَتِنَا وَتَأْيِيدَ سُلْطَانِ يَهْوَه.
٩ بَعْدَمَا أَنْهَى مُعَزُّو أَيُّوبَ ٱلزَّائِفُونَ ٱلثَّلَاثَةُ كَلَامَهُمُ، ٱنْدَفَعَ أَلِيهُو بْنُ بَرَخْئِيلَ ٱلْبُوزِيِّ إِلَى ٱلتَّكَلُّمِ. وَٱلسَّبَبُ؟ قَالَ أَلِيهُو: «لِأَنَّنِي ٱمْتَلَأْتُ كَلَامًا، وَضَغَطَنِي ٱلرُّوحُ فِي جَوْفِي». (اي ٣٢:٥، ٦، ١٨) وَمَعَ أَنَّ كَلَامَهُ ٱلْمُوحَى بِهِ ٱنْطَبَقَ عَلَى إِنْقَاذِ أَيُّوبَ مِنْ بَلْوَاهُ، فَهُوَ يَحْمِلُ أَيْضًا مَغْزًى لِكُلِّ ٱلْمُسْتَقِيمِينَ لِأَنَّهُ يَمْنَحُهُمْ رَجَاءً رَائِعًا.
١٠ مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ ٱلرِّسَالَةَ ٱلَّتِي يُبَلِّغُهَا يَهْوَه إِلَى شَخْصٍ مُحَدَّدٍ لَهَا أَحْيَانًا ٱنْطِبَاقٌ عَلَى ٱلْبَشَرِ عُمُومًا؟
١٠ فِي بَعْضِ ٱلْحَالَاتِ، يُبَلِّغُ يَهْوَه رِسَالَةً إِلَى شَخْصٍ مُحَدَّدٍ لَهَا أَيْضًا ٱنْطِبَاقٌ عَلَى ٱلْبَشَرِ عُمُومًا. مِثَالًا عَلَى ذلِكَ، تَفَوَّهَ دَانِيَالُ بِنُبُوَّةٍ عَنِ ٱلْمَلِكِ ٱلْبَابِلِيِّ نَبُوخَذْنَصَّرَ ٱلَّذِي رَأَى حُلْمًا فِيهِ قُطِعَتْ شَجَرَةٌ هَائِلَةٌ. (دا ٤:١٠-٢٧) تَمَّ هذَا ٱلْحُلْمُ إِتْمَامًا أَوَّلِيًّا فِي نَبُوخَذْنَصَّرَ، إِلَّا أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَمْرٍ أَعْظَمَ بِكَثِيرٍ: إِنَّ ٱللّٰهَ سَيُمَارِسُ سُلْطَانَهُ مُجَدَّدًا عَلَى ٱلْأَرْضِ مِنْ خِلَالِ مَمْلَكَةٍ يَجْلِسُ عَلَى عَرْشِهَا مُتَحَدِّرٌ مِنْ سُلَالَةِ دَاوُدَ، وَذلِكَ بَعْدَ ٥٢٠,٢ سَنَةً بَدْءًا مِنْ سَنَةِ ٦٠٧ قم.a وَقَدِ ٱبْتَدَأَ هذَا ٱلْأَمْرُ حِينَ نُصِّبَ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ مَلِكًا فِي ٱلسَّمَاءِ سَنَةَ ١٩١٤. وَهذَا ٱلْمَلَكُوتُ سَيُحَقِّقُ عَمَّا قَرِيبٍ آمَالَ كُلِّ ٱلْبَشَرِ ٱلطَّائِعِينَ.
«أَعْفِهِ مِنَ ٱلنُّزُولِ إِلَى ٱلْحُفْرَةِ!»
١١ مَاذَا أَظْهَرَتْ كَلِمَاتُ أَلِيهُو بِشَأْنِ ٱللّٰهِ؟
١١ أَثْنَاءَ مُخَاطَبَةِ أَيُّوبَ، تَحَدَّثَ أَلِيهُو عَنْ «رَسُولٍ، مَنْدُوبٍ، وَاحِدٍ مِنْ أَلْفٍ، لِيُخْبِرَ ٱلْإِنْسَانَ كَيْفَ يَكُونُ مُسْتَقِيمًا». وَمَاذَا لَوْ ‹تَوَسَّلَ [ٱلرَّسُولُ] إِلَى ٱللّٰهِ لِيَرْضَى عَنْ هذَا ٱلْإِنْسَانِ›؟ يَذْكُرُ أَلِيهُو: «يَتَحَنَّنُ [ٱللّٰهُ] عَلَيْهِ وَيَقُولُ: ‹أَعْفِهِ مِنَ ٱلنُّزُولِ إِلَى ٱلْحُفْرَةِ! قَدْ وَجَدْتُ فِدْيَةً! لِيَصِرْ لَحْمُهُ أَغَضَّ مِنْ لَحْمِ حَدَاثَتِهِ، وَلْيَعُدْ إِلَى أَيَّامِ شَبَابِهِ›». (اي ٣٣:٢٣-٢٦) وَقَدْ أَظْهَرَتْ هذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ أَنَّ يَهْوَه مُسْتَعِدٌّ أَنْ يَقْبَلَ «فِدْيَةً» تُغَطِّي خَطَايَا ٱلْبَشَرِ ٱلتَّائِبِينَ. — اي ٣٣:٢٤.
١٢ أَيُّ أَمَلٍ تُعْطِيهِ كَلِمَاتُ أَلِيهُو لِلْبَشَرِ عُمُومًا؟
١٢ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ، لَمْ يَفْهَمْ أَلِيهُو كَامِلًا مَغْزَى ٱلْفِدْيَةِ، تَمَامًا كَمَا أَنَّ ٱلْأَنْبِيَاءَ لم يَفْهَمُوا كَامِلًا كُلَّ مَا كَتَبُوهُ. (دا ١٢:٨؛ ١ بط ١:١٠-١٢) مَعَ ذلِكَ، أَعْطَتْ كَلِمَاتُهُ أَمَلًا بِأَنَّ ٱللّٰهَ سَيَقْبَلُ يَوْمًا فِدْيَةً وَيُحَرِّرُ ٱلْإِنْسَانَ مِنَ ٱلتَّقَدُّمِ فِي ٱلسِّنِّ وَٱلْمَوْتِ، مُزَوِّدَةً بِٱلتَّالِي رَجَاءَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ ٱلرَّائِعَ. وَسِفْرُ أَيُّوبَ يُظْهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ سَتَكُونُ هُنَالِكَ قِيَامَةٌ. — اي ١٤:١٤، ١٥.
١٣ أَيُّ مَعْنًى تَحْمِلُهُ كَلِمَاتُ أَلِيهُو لِلْمَسِيحِيِّينَ؟
١٣ لَا تَزَالُ كَلِمَاتُ أَلِيهُو تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا مَعْنًى لِمَلَايِينِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلَّذِينَ يَأْمُلُونَ ٱلنَّجَاةَ مِنْ دَمَارِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ هذَا. فَٱلْمُسِنُّونَ يَفْرَحُونَ بِرَجَاءِ ٱلْعَوْدَةِ إِلَى أَيَّامِ شَبَابِهِمْ. (رؤ ٧:٩، ١٠، ١٤-١٧) وَٱلْأُمَنَاءُ ٱلْآخَرُونَ يَبْتَهِجُونَ بِرَجَاءِ رُؤْيَةِ ٱلْمُقَامِينَ يَسْتَعِيدُونَ حَيَوِيَّةَ ٱلشَّبَابِ. وَطَبْعًا، إِنَّ نَيْلَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ ٱلْحَيَاةَ ٱلْخَالِدَةَ فِي ٱلسَّمَاءِ وَ ‹ٱلْخِرَافِ ٱلْأُخَرِ› ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ عَلَى ٱلْأَرْضِ يَعْتَمِدُ عَلَى مُمَارَسَتِهِمِ ٱلْإِيمَانَ بِذَبِيحَةِ ٱلْمَسِيحِ ٱلْفِدَائِيَّةِ. — يو ١٠:١٦؛ رو ٦:٢٣.
يُبْتَلَعُ ٱلْمَوْتُ إِلَى ٱلْأَبَدِ
١٤ لِمَاذَا لَزِمَ تَدْبِيرٌ آخَرُ غَيْرُ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْمُوسَوِيَّةِ لِيَمْلِكَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ رَجَاءَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ؟
١٤ أَصْبَحَ ٱلْمُتَحَدِّرُونَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ أُمَّةً مُسْتَقِلَّةً حِينَ دَخَلُوا فِي عَلَاقَةِ عَهْدٍ مَعَ ٱللّٰهِ. فَعِنْدَ إِعْطَائِهِمِ ٱلشَّرِيعَةَ، قَالَ يَهْوَه: «تَحْفَظُونَ سُنَنِي وَأَحْكَامِي، ٱلَّتِي إِذَا فَعَلَهَا ٱلْإِنْسَانُ يَحْيَا بِهَا». (لا ١٨:٥) وَلكِنْ بِمَا أَنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغُوا مَقَايِيسَ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْكَامِلَةَ، دَانَتْهُمُ ٱلشَّرِيعَةُ وَلَزِمَهُمْ تَدْبِيرٌ آخَرُ كَيْ يَتَحَرَّرُوا مِنْ تِلْكَ ٱلْإِدَانَةِ وَيَحْيَوْا. — غل ٣:١٣.
١٥ أَيَّةُ بَرَكَةٍ مُسْتَقْبَلِيَّةٍ أُوحِيَ إِلَى دَاوُدَ أَنْ يَكْتُبَ عَنْهَا؟
١٥ بَعْدَ زَمَنِ مُوسَى، أَوْحَى يَهْوَه إِلَى كَتَبَةٍ آخَرِينَ لِلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ أَنْ يَتَكَلَّمُوا عَنْ رَجَاءِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ. (مز ٢١:٤؛ ٣٧:٢٩) مَثَلًا، ٱخْتَتَمَ ٱلْمُرَنِّمُ ٱلْمُلْهَمُ دَاوُدُ مَزْمُورًا عَنْ وَحْدَةِ ٱلْعُبَّادِ ٱلْحَقِيقِيِّينَ فِي صِهْيَوْنَ، قَائِلًا: «هُنَاكَ أَمَرَ يَهْوَهُ بِٱلْبَرَكَةِ وَٱلْحَيَاةِ إِلَى ٱلدَّهْرِ». — مز ١٣٣:٣.
١٦ مَاذَا وَعَدَ يَهْوَه بِفَمِ نَبِيِّهِ إِشَعْيَا؟
١٦ أَوْحَى يَهْوَه إِلَى إِشَعْيَا أَيْضًا أَنْ يَتَنَبَّأَ عَنِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ عَلَى ٱلْأَرْضِ. (اِقْرَأْ اشعيا ٢٥:٧، ٨.) فَلَطَالَمَا أَثْقَلَ غِطَاءُ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْمَوْتِ كَاهِلَ ٱلْبَشَرِ. لكِنَّ يَهْوَه يُطَمْئِنُ شَعْبَهُ أَنَّهُ سَيَبْتَلِعُ أَوْ يُزِيلُ ٱلْخَطِيَّةَ وَٱلْمَوْتَ «عَنْ كُلِّ ٱلْأَرْضِ».
١٧ كَيْفَ يَفْتَحُ ٱلْمَسِيَّا ٱلطَّرِيقَ لِنَيْلِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ؟
١٧ إِضَافَةً إِلَى ذلِكَ، فَكِّرْ فِي إِجْرَاءٍ أَمَرَتْ بِهِ ٱلشَّرِيعَةُ ٱلْمُوسَوِيَّةُ يَتَعَلَّقُ بِجَدْيِ عَزَازِيلَ. فَمَرَّةً فِي ٱلسَّنَةِ، فِي يَوْمِ ٱلْكَفَّارَةِ، كَانَ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ ‹يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِ ٱلْجَدْيِ ٱلْحَيِّ وَيَعْتَرِفُ عَلَيْهِ بِكُلِّ ذُنُوبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَيَجْعَلُهَا عَلَى رَأْسِ ٱلْجَدْيِ فَيَحْمِلُ ٱلْجَدْيُ عَلَيْهِ كُلَّ ذُنُوبِهِمْ إِلَى أَرْضٍ مُقْفِرَةٍ›. (لا ١٦:٧-١٠، ٢١، ٢٢) وَقَدْ لَعِبَ ٱلْمَسِيَّا دَوْرًا مُمَاثِلًا لِدَوْرِ هذَا ٱلْجَدْيِ. فَإِشَعْيَا أَنْبَأَ أَنَّهُ سَيَحْمِلُ ‹أَمْرَاضَ وَأَوْجَاعَ وَخَطِيَّةَ كَثِيرِينَ›، وَبِذلِكَ يَفْتَحُ ٱلطَّرِيقَ لِنَيْلِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ. — اِقْرَأْ اشعيا ٥٣:٤-٦، ١٢.
١٨، ١٩ أَيُّ رَجَاءٍ تُبْرِزُهُ اشعيا ٢٦:١٩ ودانيال ١٢:١٣؟
١٨ قَالَ يَهْوَه لِشَعْبِهِ إِسْرَائِيلَ بِفَمِ إِشَعْيَا: «تَحْيَا أَمْوَاتُكَ. تَقُومُ جُثَثُنَا. اِسْتَيْقِظُوا وَهَلِّلُوا يَا سُكَّانَ ٱلتُّرَابِ! لِأَنَّ نَدَاكَ كَٱلنَّدَى ٱلنَّازِلِ عَلَى ٱلْخُبَّازَى، وَٱلْأَرْضُ تَلِدُ ٱلْهَامِدِينَ هُمُودَ ٱلْمَوْتِ». (اش ٢٦:١٩) وَعِنْدَمَا كَانَ دَانِيَالُ يُنَاهِزُ ٱلْمِئَةَ مِنْ عُمْرِهِ، طَمْأَنَهُ يَهْوَه قَائِلًا: «تَسْتَرِيحُ وَتَقُومُ لِقُرْعَتِكَ فِي نِهَايَةِ ٱلْأَيَّامِ». (دا ١٢:١٣) فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ إِذًا أَنَّ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْعِبْرَانِيَّةَ تُعَلِّمُ أَنَّ ٱلْأَمْوَاتَ سَيَقُومُونَ وَأَنَّ ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ سَتَكُونُ عَلَى ٱلْأَرْضِ.
١٩ وَبِسَبَبِ رَجَاءِ ٱلْقِيَامَةِ هذَا، قَالَتْ مَرْثَا لِيَسُوعَ عَنْ أَخِيهَا ٱلْمَيِّتِ: «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي ٱلْقِيَامَةِ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَخِيرِ». (يو ١١:٢٤) فَهَلْ غَيَّرَتْ تَعَالِيمُ يَسُوعَ وَكِتَابَاتُ تَلَامِيذِهِ ٱلْمُوحَى بِهَا هذَا ٱلرَّجَاءَ؟ وَهَلْ مَا زَالَتِ ٱلْحَيَاةُ ٱلْأَبَدِيَّةُ عَلَى ٱلْأَرْضِ ٱلرَّجَاءَ ٱلَّذِي يُعْطِيهِ يَهْوَه لِلْبَشَرِ؟ سَنَنَالُ ٱلْجَوَابَ عَنْ هذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ.
[الحاشية]
a اُنْظُرِ ٱلْفَصْلَ ٦ مِنْ كِتَابِ انتبهوا لنبوة دانيال!.
هَلْ يُمْكِنُكُمْ أَنْ تُوضِحُوا؟
• عَلَى أَيِّ رَجَاءٍ ‹أُخْضِعَتِ ٱلْخَلِيقَةُ [ٱلْبَشَرِيَّةُ] لِلْبُطْلِ›؟
• مَاذَا يُظْهِرُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ آمَنَ بِٱلْقِيَامَةِ؟
• أَيُّ أَمَلٍ تُعْطِيهِ لِلْبَشَرِ ٱلْكَلِمَاتُ ٱلَّتِي قَالَهَا أَلِيهُو لِأَيُّوبَ؟
• كَيْفَ تُبْرِزُ ٱلْأَسْفَارُ ٱلْعِبْرَانِيَّةُ رَجَاءَ ٱلْقِيَامَةِ وَٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ عَلَى ٱلْأَرْضِ؟
[الصورة في الصفحة ٥]
أَعْطَتِ ٱلْكَلِمَاتُ ٱلَّتِي قَالَهَا أَلِيهُو لِأَيُّوبَ أَمَلًا بِأَنَّ ٱلْإِنْسَانَ سَيُحَرَّرُ مِنَ ٱلتَّقَدُّمِ فِي ٱلسِّنِّ وَٱلْمَوْتِ
[الصورة في الصفحة ٦]
طَمْأَنَ يَهْوَه دَانِيَالَ أَنَّهُ ‹سَيَسْتَرِيحُ وَيَقُومُ لِقُرْعَتِهِ فِي نِهَايَةِ ٱلْأَيَّامِ›