نَحْنُ جَمِيعًا وُكَلَاءُ مَوْثُوقٌ بِهِمْ
«لَسْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ». — ١ كو ٦:١٩.
١ مَا هِيَ نَظْرَةُ كَثِيرِينَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِلَى ٱلْعُبُودِيَّةِ؟
مُنْذُ نَحْوِ ٥٠٠,٢ سَنَةٍ، ذَكَرَ كَاتِبٌ مَسْرَحِيٌّ يُونَانِيٌّ: «لَا أَحَدَ يَحْمِلُ نِيرَ ٱلْعُبُودِيَّةِ طَوْعًا». وَكَثِيرُونَ ٱلْيَوْمَ يُوَافِقُونَهُ ٱلرَّأْيَ. فَٱلْعُبُودِيَّةُ تَسْتَحْضِرُ إِلَى ٱلذِّهْنِ صُوَرَ أُنَاسٍ مَظْلُومِينَ وَمُقَيَّدِينَ بِسَلَاسِلَ، أُنَاسٍ يَكُدُّونَ وَيَشْقَوْنَ لَا لِمَنْفَعَتِهِمِ ٱلْخَاصَّةِ بَلْ لِمَنْفَعَةِ أَسْيَادِهِمْ.
٢، ٣ (أ) مَاذَا يَنَالُ ٱلَّذِينَ يَخْتَارُونَ طَوْعًا أَنْ يَكُونُوا عَبِيدًا لِلْمَسِيحِ؟ (ب) أَيُّ سُؤَالَيْنِ سَنَتَأَمَّلُ فِيهِمَا؟
٢ رَغْمَ هذَا ٱلْمَفْهُومِ ٱلسَّلْبِيِّ لِلْعُبُودِيَّةِ، قَالَ يَسُوعُ إِنَّ تَلَامِيذَهُ سَيَكُونُونَ عَبِيدًا. لكِنَّ هذَا ٱلنَّوْعَ مِنَ ٱلْعُبُودِيَّةِ لَنْ يُسَبِّبَ لِلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ ٱلظُّلْمَ وَٱلْإِذْلَالَ، بَلْ سَيَمْنَحُهُمُ ٱلْإِكْرَامَ وَٱلثِّقَةَ وَٱلِٱحْتِرَامَ. مَثَلًا، قَالَ يَسُوعُ قُبَيْلَ مَوْتِهِ إِنَّهُ سَيُلْقِي عَلَى عَاتِقِ ‹عَبْدٍ أَمِينٍ فَطِينٍ› مَسْؤُولِيَّاتٍ كَبِيرَةً. — مت ٢٤:٤٥-٤٧.
٣ وَمِنَ ٱلْجَدِيرِ بِٱلْمُلَاحَظَةِ أَنَّ هذَا ٱلْعَبْدَ يُدْعَى ‹وَكِيلًا› فِي رِوَايَةِ لُوقَا ٱلْمُنَاظِرَةِ. (اِقْرَأْ لوقا ١٢:٤٢-٤٤.) وَهذَا ٱلْوَكِيلُ ٱلْأَمِينُ يُشِيرُ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ. لكِنَّ ٱلْأَسْفَارَ ٱلْمُقَدَّسَةَ تُظْهِرُ أَنَّنَا جَمِيعَنَا كَخُدَّامٍ لِلّٰهِ يُمْكِنُ ٱعْتِبَارُنَا وُكَلَاءَ. فَأَيَّةُ مَسْؤُولِيَّاتٍ هِيَ مُلْقَاةٌ عَلَى عَاتِقِنَا؟ وَكَيْفَ يَجِبُ أَنْ نَنْظُرَ إِلَيْهَا؟ لِنَعْرِفَ ٱلْجَوَابَ، دَعُونَا نَتَأَمَّلُ فِي دَوْرِ ٱلْوُكَلَاءِ فِي ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلْقَدِيمَةِ.
دَوْرُ ٱلْوُكَلَاءِ
٤، ٥ أَيَّةُ مَسْؤُولِيَّاتٍ مُنِحَتْ لِلْوُكَلَاءِ قَدِيمًا؟ أَعْطُوا أَمْثِلَةً.
٤ قَدِيمًا، مُنِحَ ٱلْوُكَلَاءُ سُلْطَةً كَبِيرَةً. فَغَالِبًا مَا كَانَ ٱلْوَكِيلُ عَبْدًا ٱئْتَمَنَهُ سَيِّدُهُ لِيُشْرِفَ عَلَى شُؤُونِ بَيْتِهِ وَأَعْمَالِهِ وَٱلْخُدَّامِ ٱلْآخَرِينَ. وَأَلِيعَازَرُ هُوَ مِثَالٌ عَلَى ذلِكَ. فَقَدِ ٱئْتَمَنَهُ إِبْرَاهِيمُ عَلَى مُمْتَلَكَاتِهِ ٱلْكَثِيرَةِ. وَلَرُبَّمَا كَانَ هُوَ ٱلْخَادِمَ ٱلَّذِي أَعْطَاهُ تَعْيِينًا بَالِغَ ٱلْأَهَمِّيَّةِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى بِلَادِ مَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ لِيَخْتَارَ زَوْجَةً لِٱبْنِهِ إِسْحَاقَ. — تك ١٣:٢؛ ١٥:٢؛ ٢٤:٢-٤.
٥ كَذلِكَ، تَوَلَّى يُوسُفُ، حَفِيدُ ٱبْنِ إِبْرَاهِيمَ، مُهِمَّةَ إِدَارَةِ شُؤُونِ بَيْتِ فُوطِيفَارَ. (تك ٣٩:١، ٢) وَمَعَ ٱلْوَقْتِ، صَارَ لَدَيْهِ هُوَ أَيْضًا وَكِيلٌ عَيَّنَهُ ‹عَلَى بَيْتِهِ›. وَقَدِ ٱهْتَمَّ هذَا ٱلْوَكِيلُ بِإِعْدَادِ ٱلتَّرْتِيبَاتِ لِٱسْتِضَافَةِ إِخْوَةِ يُوسُفَ ٱلْعَشَرَةِ. كَمَا أَنَّهُ لَعِبَ دَوْرًا مُهِمًّا فِي تَنْفِيذِ خُطَّةِ يُوسُفَ ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بِكَأْسِ ٱلْفِضَّةِ. فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ ٱلْوُكَلَاءَ كَانُوا مَوْضِعَ ثِقَةٍ كَبِيرَةٍ. — تك ٤٣:١٩-٢٥؛ ٤٤:١-١٢.
٦ أَيَّةُ مَسْؤُولِيَّاتٍ مُتَفَاوِتَةٍ تُمْنَحُ لِلشُّيُوخِ؟
٦ بَعْدَ مُضِيِّ قُرُونٍ، كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ أَنَّ ٱلنُّظَّارَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ هُمْ ‹وُكَلَاءُ لِلّٰهِ›. (تي ١:٧) فَهُمْ مُعَيَّنُونَ لِيَرْعَوْا «رَعِيَّةَ ٱللّٰهِ»، إِذْ يَمْنَحُونَ ٱلْإِرْشَادَ وَيَتَوَلَّوْنَ ٱلْقِيَادَةَ فِي ٱلْجَمَاعَاتِ. (١ بط ٥:١، ٢) طَبْعًا، إِنَّ مَسْؤُولِيَّاتِهِمْ تَتَفَاوَتُ. مَثَلًا، بِشَكْلٍ عَامٍّ، يَهْتَمُّ كُلٌّ مِنَ ٱلنُّظَّارِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ بِشُؤُونِ جَمَاعَتِهِ. أَمَّا ٱلنُّظَّارُ ٱلْجَائِلُونَ فَيَخْدُمُونَ جَمَاعَاتٍ عِدَّةً. وَيَهْتَمُّ أَعْضَاءُ لَجْنَةِ ٱلْفَرْعِ بِشُؤُونِ جَمَاعَاتٍ فِي بُلْدَانٍ بِأَسْرِهَا. وَمَعَ ذلِكَ، مِنَ ٱلْمُتَوَقَّعِ أَنْ يُعْنَى ٱلْجَمِيعُ بِمَسْؤُولِيَّاتِهِمْ بِأَمَانَةٍ؛ فَعَلَيْهِمْ جَمِيعًا أَنْ ‹يُؤَدُّوا حِسَابًا› لِلّٰهِ. — عب ١٣:١٧.
٧ لِمَ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ جَمِيعَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ هُمْ وُكَلَاءُ؟
٧ وَلكِنْ مَاذَا عَنِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأَوْلِيَاءِ ٱلَّذِينَ لَيْسُوا نُظَّارًا؟ كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُطْرُسُ رِسَالَةً إِلَى كَافَّةِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ يَقُولُ فِيهَا: «لِيَخْدُمْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، كُلُّ وَاحِدٍ بِمَا نَالَ مِنْ مَوْهِبَةٍ، كَوُكَلَاءَ فَاضِلِينَ عَلَى نِعْمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْمُتَنَوِّعَةِ». (١ بط ١:١؛ ٤:١٠) فَٱللّٰهُ بِنِعْمَتِهِ مَنَحَنَا جَمِيعًا مَوَاهِبَ، مَزَايَا، وَقُدُرَاتٍ يُمْكِنُنَا ٱسْتِغْلَالُهَا لِمَنْفَعَةِ رُفَقَائِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ. وَهكَذَا، فَإِنَّ جَمِيعَ ٱلَّذِينَ يَخْدُمُونَ ٱللّٰهَ هُمْ وُكَلَاءُ لَهُ. وَهُوَ يَثِقُ بِهِمْ، يَحْتَرِمُهُمْ، وَيَتَوَقَّعُ أَنْ يَتَوَلَّوْا مَسْؤُولِيَّتَهُمْ بِكُلِّ أَمَانَةٍ.
نَحْنُ لِلّٰهِ لَا لِأَنْفُسِنَا
٨ مَا هُوَ أَحَدُ ٱلْمَبَادِئِ ٱلْمُهِمَّةِ ٱلَّتِي يَجِبُ أَنْ نُبْقِيَهَا فِي بَالِنَا؟
٨ سَنَسْتَعْرِضُ ٱلْآنَ ثَلَاثَةَ مَبَادِئَ عَلَيْنَا جَمِيعِنَا كَوُكَلَاءَ ٱلتَّأَمُّلُ فِيهَا. أَوَّلًا: نَحْنُ جَمِيعُنَا لِلّٰهِ وَنُؤَدِّي حِسَابًا لَهُ. فَقَدْ كَتَبَ بُولُسُ: «لَسْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ، لِأَنَّكُمُ ٱشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ»، أَيْ دَمِ ٱلْمَسِيحِ ٱلَّذِي قَدَّمَهُ كَفَّارَةً عَنْ خَطَايَانَا. (١ كو ٦:١٩، ٢٠) فَنَحْنُ لِلّٰهِ، وَلِذلِكَ عَلَيْنَا إِطَاعَةُ وَصَايَاهُ ٱلَّتِي لَا تُشَكِّلُ عِبْئًا. (رو ١٤:٨؛ ١ يو ٥:٣) كَمَا أَنَّنَا عَبِيدٌ لِلْمَسِيحِ. وَمِثْلَ ٱلْوُكَلَاءِ قَدِيمًا، نَتَمَتَّعُ بِحُرِّيَّةٍ كَبِيرَةٍ وَلكِنْ مَحْدُودَةٌ. فَعَلَيْنَا أَنْ نَتَوَلَّى مَسْؤُولِيَّاتِنَا بِحَسَبِ إِرْشَادَاتِ يَهْوَهَ وَيَسُوعَ. فَمَهْمَا حَظِينَا بِٱمْتِيَازَاتٍ فِي ٱلْخِدْمَةِ، فَنَحْنُ أَوَّلًا وَآخِرًا خُدَّامٌ لَهُمَا.
٩ كَيْفَ أَوْضَحَ يَسُوعُ مَا يَتَوَقَّعُهُ ٱلسَّيِّدُ مِنَ ٱلْعَبْدِ؟
٩ يُسَاعِدُنَا يَسُوعُ أَنْ نَفْهَمَ مَا يَتَوَقَّعُهُ ٱلسَّيِّدُ مِنَ ٱلْعَبْدِ. فَذَاتَ مَرَّةٍ، أَخْبَرَ تَلَامِيذَهُ عَنْ عَبْدٍ عَادَ إِلَى ٱلْمَنْزِلِ بَعْدَ يَوْمٍ مِنَ ٱلْعَمَلِ ٱلشَّاقِّ. فَهَلْ قَالَ لَهُ ٱلسَّيِّدُ: «تَعَالَ فِي ٱلْحَالِ وَٱتَّكِئْ إِلَى ٱلْمَائِدَةِ»؟ كَلَّا، بَلْ أَمَرَهُ: «أَعِدَّ لِي مَا أَتَعَشَّى، وَٱتَّزِرْ وَٱخْدُمْنِي حَتَّى إِذَا مَا فَرَغْتُ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ تَأْكُلُ أَنْتَ وَتَشْرَبُ». وَأَيُّ دَرْسٍ عَلَّمَهُ يَسُوعُ لِتَلَامِيذِهِ مِنْ خِلَالِ هذَا ٱلْإِيضَاحِ؟ قَالَ لَهُمْ: «هٰكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُوكِلَ إِلَيْكُمْ، فَقُولُوا: ‹نَحْنُ عَبِيدٌ لَا نَصْلُحُ لِشَيْءٍ. قَدْ فَعَلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَفْعَلَ›». — لو ١٧:٧-١٠.
١٠ مَا ٱلَّذِي يُؤَكِّدُ لَنَا أَنَّ ٱللّٰهَ يُقَدِّرُ كُلَّ مَا نَفْعَلُهُ لِأَجْلِهِ؟
١٠ لَا شَكَّ أَنَّ يَهْوَهَ يُقَدِّرُ كُلَّ جُهْدٍ نَبْذُلُهُ فِي خِدْمَتِهِ. فَكَلِمَتُهُ تُؤَكِّدُ لَنَا: «اَللّٰهُ لَيْسَ فِيهِ إِثْمٌ حَتَّى يَنْسَى عَمَلَكُمْ وَٱلْمَحَبَّةَ ٱلَّتِي أَظْهَرْتُمُوهَا نَحْوَ ٱسْمِهِ». (عب ٦:١٠) فَهُوَ لَا يَتَوَقَّعُ مِنَّا أَنْ نُنْجِزَ أَكْثَرَ مِنْ طَاقَتِنَا. وَكُلُّ مَا يَطْلُبُهُ مِنَّا يَصُبُّ فِي مَصْلَحَتِنَا وَلَا يُشَكِّلُ أَبَدًا عِبْئًا ثَقِيلًا عَلَيْنَا. لكِنِ ٱنْسِجَامًا مَعَ ٱلْمَثَلِ ٱلَّذِي أَعْطَاهُ يَسُوعُ، عَلَيْنَا أَنْ نَضَعَ مَصَالِحَ ٱللّٰهِ أَوَّلًا فِي حَيَاتِنَا كَمَا وَعَدْنَاهُ عِنْدَ ٱنْتِذَارِنَا. أَفَلَا تُوَافِقُ عَلَى ذلِكَ؟
مَا يَتَطَلَّبُهُ يَهْوَهُ مِنَّا جَمِيعًا
١١، ١٢ كَوُكَلَاءَ، أَيَّةُ صِفَةٍ يَجِبُ أَنْ نَمْتَلِكَهَا، وَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ نَسْلُكَ؟
١١ ثَانِيًا: كَوُكَلَاءَ، نَحْنُ جَمِيعُنَا نَلْتَزِمُ بِٱلْمُتَطَلَّبَاتِ ٱلْأَسَاسِيَّةِ نَفْسِهَا. صَحِيحٌ أَنَّ قَلِيلِينَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ يَنَالُونَ مَسْؤُولِيَّاتٍ مُعَيَّنَةً، إِلَّا أَنَّنَا جَمِيعَنَا مُلْزَمُونَ بِتَطْبِيقِ ٱلْمَبَادِئِ نَفْسِهَا. مَثَلًا، إِنَّ كَوْنَنَا تَلَامِيذَ لِلْمَسِيحِ وَشُهُودًا لِيَهْوَهَ يُلْزِمُنَا أَنْ نُحِبَّ وَاحِدُنَا ٱلْآخَرَ. فَقَدْ قَالَ يَسُوعُ إِنَّ ٱلْمَحَبَّةَ هِيَ ٱلسِّمَةُ ٱلَّتِي تُمَيِّزُ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ. (يو ١٣:٣٥) غَيْرَ أَنَّ مَحَبَّتَنَا لَا يَجِبُ أَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى إِخْوَتِنَا ٱلشُّهُودِ، بَلْ أَنْ تَتَعَدَّاهَا إِلَى ٱلَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ ٱلْإِيمَانِ.
١٢ أَيْضًا، يَتَطَلَّبُ مِنَّا ٱللّٰهُ أَنْ نَسْلُكَ حَسَنًا فِي حَيَاتِنَا، مُتَجَنِّبِينَ ٱلتَّصَرُّفَاتِ ٱلَّتِي يَدِينُهَا. كَتَبَ بُولُسُ: «لَا عَاهِرُونَ، وَلَا عَبَدَةُ أَصْنَامٍ، وَلَا زُنَاةٌ، وَلَا مَأْبُونُونَ، وَلَا مُضَاجِعُو ذُكُورٍ، وَلَا سَارِقُونَ، وَلَا جَشِعُونَ، وَلَا سِكِّيرُونَ، وَلَا شَتَّامُونَ، وَلَا مُبْتَزُّونَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ ٱللّٰهِ». (١ كو ٦:٩، ١٠) لَا شَكَّ أَنَّهُ يَلْزَمُ بَذْلُ ٱلْجُهْدِ لِلِٱلْتِصَاقِ بِمَقَايِيسِ ٱللّٰهِ ٱلْبَارَّةِ، إِلَّا أَنَّ هذَا ٱلْأَمْرَ يَسْتَحِقُّ ٱلْعَنَاءَ. فَنَحْنُ بِذلِكَ نَنَالُ فَوَائِدَ جَمَّةً، كَحِيازَةِ صِحَّةٍ جَيِّدَةٍ، عَلَاقَةٍ سِلْمِيَّةٍ بِٱلْآخَرِينَ، وَعَلَاقَةٍ وَثِيقَةٍ بِٱللّٰهِ. — اِقْرَأْ اشعيا ٤٨:١٧، ١٨.
١٣، ١٤ أَيَّةُ مَسْؤُولِيَّةٍ أُعْطِيَتْ لِكُلِّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ، وَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ نَنْظُرَ إِلَيْهَا؟
١٣ أَضِفْ إِلَى ذلِكَ أَنَّنَا، عَلَى غِرَارِ ٱلْوَكِيلِ، لَدَيْنَا عَمَلٌ لِنَقُومَ بِهِ. فَقَدْ مَنَحَنَا ٱللّٰهُ عَطِيَّةً ثَمِينَةً، أَلَا وَهِيَ مَعْرِفَةُ ٱلْحَقِّ. وَهُوَ يَتَوَقَّعُ مِنَّا أَنْ نَنْقُلَهَا إِلَى غَيْرِنَا. (مت ٢٨:١٩، ٢٠) قَالَ بُولُسُ: «لِيَعْتَبِرْنَا ٱلْإِنْسَانُ خُدَّامًا لِلْمَسِيحِ وَوُكَلَاءَ أَسْرَارِ ٱللّٰهِ ٱلْمُقَدَّسَةِ». (١ كو ٤:١) فَقَدْ أَدْرَكَ بُولُسُ أَنَّهُ مَسْؤُولٌ عَنِ ‹ٱلْأَسْرَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ›، أَوْ حَقَائِقِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، وَعَنْ تَعْلِيمِهَا لِلنَّاسِ. وَهذَا مَا أَرَادَهُ سَيِّدُهُ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ. — ١ كو ٩:١٦.
١٤ وَلَا شَكَّ أَنَّ تَعْلِيمَ ٱلنَّاسِ ٱلْحَقَّ هُوَ إِعْرَابٌ عَنْ مَحَبَّتِنَا لَهُمْ. طَبْعًا، يَهْوَهُ يَعْلَمُ أَنَّنَا لَا نَسْتَطِيعُ جَمِيعُنَا أَنْ نُنْجِزَ ٱلْمِقْدَارَ نَفْسَهُ فِي ٱلْخِدْمَةِ لِأَنَّ ظُرُوفَنَا مُخْتَلِفَةٌ. فَمَا يَهُمُّ حَقًّا هُوَ أَنْ نَفْعَلَ كُلَّ مَا فِي وُسْعِنَا، مُظْهِرِينَ بِٱلتَّالِي مَحَبَّةً غَيْرَ أَنَانِيَّةٍ لِلّٰهِ وَلِلْقَرِيبِ.
أَهَمِّيَّةُ ٱلْإِعْرَابِ عَنِ ٱلْأَمَانَةِ
١٥-١٧ (أ) لِمَ يَلْزَمُ أَنْ نَتَحَلَّى بِٱلْأَمَانَةِ كَوُكَلَاءَ؟ (ب) كَيْفَ أَوْضَحَ يَسُوعُ عَاقِبَةَ عَدَمِ ٱلْأَمَانَةِ؟
١٥ ثَالِثًا: عَلَيْنَا أَنْ نُعْرِبَ عَنِ ٱلْأَمَانَةِ. فَقَدْ يَمْلِكُ ٱلْوَكِيلُ ٱلْعَدِيدَ مِنَ ٱلْقُدُرَاتِ وَٱلصِّفَاتِ ٱلْحَسَنَةِ. لكِنَّهَا تُعْتَبَرُ عَدِيمَةَ ٱلْقِيمَةِ فِي حَالِ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا لِسَيِّدِهِ وَلَمْ يَتَحَلَّ بِحِسِّ ٱلْمَسْؤُولِيَّةِ. فَٱلْأَمَانَةُ شَرْطٌ أَسَاسِيٌّ لِيَكُونَ ٱلْمَرْءُ وَكِيلًا فَعَّالًا وَنَاجِحًا. فَحَسْبَمَا ذَكَرَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ، «إِنَّ ٱلْمَطْلُوبَ فِي ٱلْوُكَلَاءِ هُوَ أَنْ يُوجَدَ ٱلْمَرْءُ أَمِينًا». — ١ كو ٤:٢.
١٦ إِذَا كُنَّا أُمَنَاءَ، فَسَيُكَافِئُنَا يَهْوَهُ دُونَ رَيْبٍ. أَمَّا إِذَا لَمْ نُحَافِظْ عَلَى أَمَانَتِنَا، فَسَنَخْسَرُ رِضَاهُ. وَهذَا جَلِيٌّ فِي ٱلْمَثَلِ ٱلَّذِي أَعْطَاهُ يَسُوعُ عَنِ ٱلْوَزَنَاتِ. فَقَدْ مَدَحَ ٱلسَّيِّدُ ٱلْعَبْدَيْنِ ٱللَّذَيْنِ ‹تَاجَرَا› بِأَمْوَالِهِ وَكَافَأَهُمَا. أَمَّا ٱلْعَبْدُ ٱلَّذِي أَهْمَلَ ٱلْمَسْؤُولِيَّةَ ٱلْمُوكَلَةَ إِلَيْهِ فَوَصَفَهُ بِأَنَّهُ «شِرِّيرٌ»، «كَسْلَانٌ»، وَ «لَا يَصْلُحُ لِشَيْءٍ». كَمَا أَخَذَ مِنْهُ ٱلْوَزْنَةَ وَأَلْقَاهُ خَارِجًا. — اِقْرَأْ متى ٢٥:١٤-١٨، ٢٣، ٢٦، ٢٨-٣٠.
١٧ وَفِي مُنَاسَبَةٍ أُخْرَى، أَشَارَ يَسُوعُ إِلَى عَاقِبَةِ عَدَمِ ٱلْأَمَانَةِ قَائِلًا: «كَانَ إِنْسَانٌ غَنِيًّا وَلَهُ وَكِيلٌ، فَٱتُّهِمَ هٰذَا لَدَيْهِ بِأَنَّهُ يُبَذِّرُ أَمْوَالَهُ. فَدَعَاهُ وَقَالَ لَهُ: ‹مَا هٰذَا ٱلَّذِي أَسْمَعُ عَنْكَ؟ أَعْطِ حِسَابَ وِكَالَتِكَ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تُدَبِّرَ ٱلْبَيْتَ بَعْدُ›». (لو ١٦:١، ٢) لَقَدْ قَرَّرَ ٱلسَّيِّدُ أَنْ يَطَرُدَ وَكِيلَهُ لِأَنَّهُ بَدَّدَ أَمْوَالَهُ. فَيَا لَهَا مِنْ عِبْرَةٍ لَنَا! فَنَحْنُ لَا نُرِيدُ أَبَدًا أَنْ نُعْرِبَ عَنْ عَدَمِ ٱلْأَمَانَةِ فِي ٱلتَّعْيِينَاتِ ٱلْمُوكَلَةِ إِلَيْنَا.
هَلْ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ نُقَارِنَ أَنْفُسَنَا بِٱلْآخَرِينَ؟
١٨ لِمَ لَا يَجِبُ أَنْ نُقَارِنَ أَنْفُسَنَا بِٱلْآخَرِينَ؟
١٨ يُمْكِنُ لِكُلٍّ مِنَّا أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ: ‹كَيْفَ أَنْظُرُ إِلَى وِكَالَتِي؟›. لكِنْ لَيْسَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ نُقَارِنَ أَنْفُسَنَا بِٱلْآخَرِينَ. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يُوصِينَا: «لِيُبَيِّنْ كُلُّ وَاحِدٍ بِٱلِٱخْتِبَارِ مَا هُوَ عَمَلُهُ، وَحِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ سَبَبٌ لِلِٱبْتِهَاجِ بِمَا عَمِلَهُ هُوَ، دُونَ أَنْ يُقَارِنَ نَفْسَهُ بِٱلْآخَرِينَ». (غل ٦:٤) فَعِوَضَ أَنْ نُقَارِنَ إِنْجَازَاتِنَا بِإِنْجَازَاتِ غَيْرِنَا، عَلَيْنَا أَنْ نُرَكِّزَ عَلَى مَا نَسْتَطِيعُ ٱلْقِيَامَ بِهِ شَخْصِيًّا. فَهذَا ٱلْأَمْرُ لَا يَحْمِينَا مِنَ ٱلِٱنْتِفَاخِ بِٱلْكِبْرِيَاءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا مِنَ ٱلشُّعُورِ بِٱلتَّثَبُّطِ. وَحِينَ نُقَيِّمُ أَنْفُسَنَا، يَجِبُ أَنْ نَأْخُذَ بِعَيْنِ ٱلِٱعْتِبَارِ ٱلظُّرُوفَ ٱلْمُتَغَيِّرَةَ. فَلَرُبَّمَا لَمْ نَعُدْ قَادِرِينَ أَنْ نُحَقِّقَ مَا كُنَّا نُحَقِّقُهُ فِي ٱلسَّابِقِ، وَذلِكَ بِسَبَبِ ٱلصِّحَّةِ ٱلرَّدِيئَةِ أَوِ ٱلتَّقَدُّمِ فِي ٱلسِّنِّ أَوْ عِبْءِ ٱلْمَسْؤُولِيَّاتِ. لكِنْ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى، إِذَا كَانَ فِي وُسْعِنَا أَنْ نَزِيدَ مِنْ نَشَاطِنَا، فَلِمَ لَا نُحَاوِلُ ذلِكَ؟
١٩ لِمَاذَا لَا يَجِبُ أَنْ نَتَثَبَّطَ إِذَا لَمْ نَنَلِ ٱمْتِيَازًا مَا؟
١٩ ثَمَّةَ مَجَالٌ آخَرُ لَا يَنْبَغِي أَنْ نَلْجَأَ فِيهِ إِلَى ٱلْمُقَارَنَاتِ. فَقَدْ تَرْغَبُ مَثَلًا فِي حِيَازَةِ ٱمْتِيَازٍ مَا فِي ٱلْجَمَاعَةِ أَوْ إِلْقَاءِ خِطَابَاتٍ فِي ٱلْمَحَافِلِ. وَمِنَ ٱلْجَيِّدِ أَنْ تَبْتَغِيَ مَسْؤُولِيَّةً كَهذِهِ وَتَعْمَلَ جَاهِدًا كَيْ تَبْلُغَ ٱلْمُؤَهِّلَاتِ ٱللَّازِمَةَ. لكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ تَتَثَبَّطَ إِذَا لَمْ تَنَلْهَا فِي ٱلْوَقْتِ ٱلَّذِي تَرْجُوهُ. فَلِأَسْبَابٍ وَجِيهَةٍ قَدْ لَا تَفْهَمُهَا، رُبَّمَا يَطُولُ ٱنْتِظَارُكَ أَكْثَرَ مِمَّا تَتَوَقَّعُ. فِي هذِهِ ٱلْحَالِ، تَذَكَّرْ مِثَالَ مُوسَى. فَفِي حِينِ ٱعْتَقَدَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَعِدًّا أَنْ يُخْرِجَ شَعْبَ إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ، وَجَبَ عَلَيْهِ ٱلِٱنْتِظَارُ ٤٠ سَنَةً حَتَّى يُمْنَحَ هذِهِ ٱلْمَسْؤُولِيَّةَ. وَخِلَالَ هذِهِ ٱلْفَتْرَةِ، نَمَّى صِفَاتٍ ٱحْتَاجَ إِلَيْهَا لَاحِقًا لِقِيَادَةِ شَعْبٍ عَنِيدٍ وَمُتَمَرِّدٍ. — اع ٧:٢٢-٢٥، ٣٠-٣٤.
٢٠ أَيُّ عِبْرَةٍ نَسْتَقِيهَا مِمَّا حَصَلَ مَعَ يُونَاثَانَ؟
٢٠ أَحْيَانًا، قَدْ لَا نَنَالُ مُطْلَقًا ٱلِٱمْتِيَازَ ٱلَّذِي نَتَوَقَّعُهُ. إِلَيْكَ مَثَلًا مَا حَدَثَ مَعَ يُونَاثَانَ بْنِ شَاوُلَ. فَقَدْ كَانَ عَرْشُ إِسْرَائِيلَ مِنْ حَقِّهِ، إِلَّا أَنَّ ٱللّٰهَ ٱخْتَارَ دَاوُدَ، شَابًّا أَصْغَرَ مِنْهُ بِكَثِيرٍ، لِيَكُونَ ٱلْمَلِكَ. فَمَاذَا كَانَ رَدُّ فِعْلِهِ؟ لَقَدْ تَقَبَّلَ هذَا ٱلْقَرَارَ بِكُلِّ طِيبِ خَاطِرٍ، حَتَّى إِنَّهُ جَازَفَ بِحَيَاتِهِ لِيَدْعَمَ دَاوُدَ. وَقَالَ لَهُ: «أَنْتَ تَمْلِكُ عَلَى إِسْرَائِيلَ، وَأَنَا أَكُونُ لَكَ ثَانِيًا». (١ صم ٢٣:١٧) فَهَلْ تَرَى ٱلْعِبْرَةَ مِنْ هذِهِ ٱلرِّوَايَةِ؟ لَقَدْ رَضِيَ يُونَاثَانُ بِٱلْوَضْعِ وَلَمْ تَسْتَحْوِذْ عَلَيْهِ ٱلْغَيْرَةُ مِنْ دَاوُدَ مِثْلَ أَبِيهِ. بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، يَجِبُ عَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نُرَكِّزَ عَلَى ٱلِٱهْتِمَامِ بِٱلْمَسْؤُولِيَّاتِ ٱلَّتِي فِي عُهْدَتِنَا بَدَلَ أَنْ نَحْسِدَ ٱلْآخَرِينَ عَلَى تَعْيِينَاتِهِمْ. وَنَحْنُ مُتَأَكِّدُونَ أَنَّ يَهْوَهَ سَيُشْبِعُ رَغَبَاتِ كُلِّ خُدَّامِهِ فِي ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ.
٢١ كَيْفَ يَجِبُ أَنْ نَنْظُرَ إِلَى وِكَالَتِنَا؟
٢١ لَا يَغِبْ عَنْ بَالِنَا أَنَّنَا، كَوُكَلَاءَ لِلّٰهِ، لَا نَرْزَحُ تَحْتَ نِيرِ ٱلْعُبُودِيَّةِ ٱلْجَائِرِ. بَلْ عَلَى ٱلْعَكْسِ. فَيَهْوَهُ يَثِقُ بِنَا وَيُكْرِمُنَا جِدًّا بِإِعْطَائِنَا تَفْوِيضًا بَالِغَ ٱلْأَهَمِّيَّةِ فِي هذِهِ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ: عَمَلَ ٱلْكِرَازَةِ بِٱلْمَلَكُوتِ ٱلَّذِي لَنْ يَتَكَرَّرَ ثَانِيَةً. وَنَحْنُ نَنْعَمُ بِحُرِّيَّةٍ كَبِيرَةٍ فِي طَرِيقَةِ إِنْجَازِ مَسْؤُولِيَّاتِنَا. فَلْنَكُنْ إِذًا وُكَلَاءَ أُمَنَاءَ فِي إِتْمَامِ تَعْيِينَاتِنَا. وَلَا نَنْسَ أَبَدًا أَنَّنَا نَحْظَى بِشَرَفٍ عَظِيمٍ أَنْ نَخْدُمَ يَهْوَهَ، أَعْظَمَ شَخْصِيَّةٍ فِي ٱلْكَوْنِ.