اِعْمَلْ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ صَلَاةِ يَسُوعَ
«أَيُّهَا ٱلْآبُ . . . مَجِّدِ ٱبْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ٱبْنُكَ». — يو ١٧:١.
١، ٢ مَاذَا فَعَلَ يَسُوعُ بَعْدَ أَنِ ٱحْتَفَلَ بِعِيدِ ٱلْفِصْحِ مَعَ تَلَامِيذِهِ ٱلْأُمَنَاءِ سَنَةَ ٣٣ بم؟
فِي أُمْسِيَةِ ١٤ نِيسَانَ ٱلْقَمَرِيِّ سَنَةَ ٣٣ بم، ٱحْتَفَلَ يَسُوعُ مَعَ رُفَقَائِهِ بِعِيدِ ٱلْفِصْحِ ٱلَّذِي ذَكَّرَهُمْ كَيْفَ أَنْقَذَ ٱللّٰهُ آبَاءَهُمْ مِنَ ٱلْعُبُودِيَّةِ فِي مِصْرَ. لٰكِنَّ تَلَامِيذَهُ ٱلْأُمَنَاءَ حَصَلُوا عَلَى «إِنْقَاذٍ أَبَدِيٍّ» أَعْظَمَ مِنْ ذَاكَ. فَفِي ٱلْيَوْمِ ٱلتَّالِي، قُتِلَ قَائِدُهُمُ ٱلْكَامِلُ عَلَى أَيْدِي أَعْدَائِهِ. إِلَّا أَنَّ هٰذَا ٱلْحَدَثَ ٱلْمُرِيعَ تَحَوَّلَ إِلَى بَرَكَةٍ، ذٰلِكَ أَنَّ دَمَ يَسُوعَ ٱلْمَسْفُوكَ زَوَّدَ ٱلْأَسَاسَ لِإِنْقَاذِ ٱلْبَشَرِيَّةِ مِنَ ٱلْخَطِيَّةِ وَٱلْمَوْتِ. — عب ٩:١٢-١٤.
٢ وَكَيْ يَحْرِصَ يَسُوعُ عَلَى أَلَّا نَنْسَى هٰذَا ٱلتَّدْبِيرَ ٱلْحُبِّيَّ، أَسَّسَ فِي وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ مِنْ تِلْكَ ٱلْأُمْسِيَةِ ٱحْتِفَالًا سَنَوِيًّا جَدِيدًا حَلَّ مَكَانَ عِيدِ ٱلْفِصْحِ. وَقَدْ فَعَلَ ذٰلِكَ حِينَ أَخَذَ رَغِيفًا خَالِيًا مِنَ ٱلْخَمِيرِ، ثُمَّ كَسَرَهُ وَمَرَّرَهُ إِلَى تَلَامِيذِهِ ٱلْأَحَدَ عَشَرَ ٱلْأُمَنَاءِ وَقَالَ لَهُمْ: «هٰذَا يُمَثِّلُ جَسَدِي ٱلَّذِي يُبْذَلُ مِنْ أَجْلِكُمْ. دَاوِمُوا عَلَى صُنْعِ هٰذَا لِذِكْرِي». بَعْدَئِذٍ مَرَّرَ إِلَيْهِمْ كَأْسَ نَبِيذٍ أَحْمَرَ وَقَالَ: «هٰذِهِ ٱلْكَأْسُ تُمَثِّلُ ٱلْعَهْدَ ٱلْجَدِيدَ بِدَمِي ٱلَّذِي يُسْكَبُ مِنْ أَجْلِكُمْ». — لو ٢٢:١٩، ٢٠.
٣ (أ) أَيُّ تَغْيِيرٍ كَبِيرٍ حَصَلَ بَعْدَ مَوْتِ يَسُوعَ؟ (ب) أَيُّ سُؤَالَيْنِ حَرِيٌّ بِنَا أَنْ نُفَكِّرَ فِيهِمَا فِيمَا نَتَأَمَّلُ فِي صَلَاةِ يَسُوعَ؟
٣ كَانَتْ نِهَايَةُ عَهْدِ ٱلشَّرِيعَةِ ٱلْقَدِيمِ بَيْنَ ٱللّٰهِ وَٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلطَّبِيعِيِّينَ عَلَى ٱلْأَبْوَابِ. فَكَانَ سَيُسْتَبْدَلُ بِهِ عَهْدٌ جَدِيدٌ بَيْنَ يَهْوَهَ وَأَتْبَاعِ يَسُوعَ ٱلْمَمْسُوحِينَ. وَقَدْ كَانَ يَسُوعُ مُهْتَمًّا بِخَيْرِ هٰذِهِ ٱلْأُمَّةِ ٱلرُّوحِيَّةِ ٱلْجَدِيدَةِ. فَإِسْرَائِيلُ ٱلطَّبِيعِيُّ كَانَ مُقَسَّمًا دِينِيًّا وَٱجْتِمَاعِيًّا بِشَكْلٍ مَيْؤُوسٍ مِنْهُ، جَالِبًا تَعْيِيرًا كَبِيرًا عَلَى ٱسْمِ ٱللّٰهِ ٱلْقُدُّوسِ. (يو ٧:٤٥-٤٩؛ اع ٢٣:٦-٩) بِٱلْمُقَابِلِ، رَغِبَ يَسُوعُ أَنْ يَبْقَى أَتْبَاعُهُ مُوَحَّدِينَ كَامِلًا لِكَيْ يَعْمَلُوا مَعًا بِٱنْسِجَامٍ وَيَجْلُبُوا ٱلْمَجْدَ لِٱسْمِ ٱللّٰهِ. فَمَاذَا فَعَلَ لِتَحْقِيقِ هٰذِهِ ٱلْغَايَةِ؟ قَدَّمَ أَجْمَلَ صَلَاةٍ يُمْكِنُ أَنْ يَقْرَأَهَا ٱلْمَرْءُ. (يو ١٧:١-٢٦؛ اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ.) وَفِيمَا نَتَأَمَّلُ فِي هٰذِهِ ٱلصَّلَاةِ، حَرِيٌّ بِنَا أَنْ نُفَكِّرَ فِي ٱلسُّؤَالَيْنِ ٱلتَّالِيَيْنِ: «هَلِ ٱسْتَجَابَ ٱللّٰهُ لِصَلَاةِ يَسُوعَ؟ وَهَلْ أَعْمَلُ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ هٰذِهِ ٱلصَّلَاةِ؟».
أَوْلَوِيَّاتُ يَسُوعَ
٤، ٥ (أ) مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ مُقَدِّمَةِ صَلَاةِ يَسُوعَ؟ (ب) كَيْفَ ٱسْتَجَابَ يَهْوَهُ طَلَبَ يَسُوعَ ٱلشَّخْصِيَّ ٱلْمُتَعَلِّقَ بِمُسْتَقْبَلِهِ؟
٤ عَلَّمَ يَسُوعُ تَلَامِيذَهُ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمَعْلُومَاتِ ٱلْقَيِّمَةِ عَنِ ٱللّٰهِ حَتَّى وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ مِنَ ٱللَّيْلِ. ثُمَّ رَفَعَ عَيْنَيْهِ إِلَى ٱلسَّمَاءِ وَصَلَّى قَائِلًا: «أَيُّهَا ٱلْآبُ، قَدْ أَتَتِ ٱلسَّاعَةُ. مَجِّدِ ٱبْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ٱبْنُكَ، إِذْ أَعْطَيْتَهُ سُلْطَةً عَلَى كُلِّ جَسَدٍ، لِيُعْطِيَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ ٱلَّذِينَ أَعْطَيْتَهُ إِيَّاهُمْ . . . أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى ٱلْأَرْضِ، إِذْ أَنْهَيْتُ ٱلْعَمَلَ ٱلَّذِي أَعْطَيْتَنِي لِأَعْمَلَهُ. فَٱلْآنَ أَيُّهَا ٱلْآبُ، مَجِّدْنِي أَنْتَ بِقُرْبِكَ بِٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي كَانَ لِي بِقُرْبِكَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ ٱلْعَالَمُ». — يو ١٧:١-٥.
٥ لَاحِظْ أَوْلَوِيَّاتِ يَسُوعَ فِي مُقَدِّمَةِ صَلَاتِهِ. فَكَانَ هَمُّهُ ٱلرَّئِيسِيُّ تَمْجِيدَ أَبِيهِ ٱلسَّمَاوِيِّ، مَا يَنْسَجِمُ مَعَ طَلَبِهِ ٱلْأَوَّلِ فِي صَلَاتِهِ ٱلنَّمُوذَجِيَّةِ: «أَيُّهَا ٱلْآبُ، لِيَتَقَدَّسِ ٱسْمُكَ». (لو ١١:٢) أَمَّا هَمُّ يَسُوعَ ٱلتَّالِي فَكَانَ حَاجَاتِ تَلَامِيذِهِ، أَيْ أَنْ يُعْطِيَهُمْ حَيَاةً أَبَدِيَّةً. بَعْدَ ذٰلِكَ، طَلَبَ يَسُوعُ مِنَ ٱللّٰهِ طَلَبًا شَخْصِيًّا، قَائِلًا: «أَيُّهَا ٱلْآبُ، مَجِّدْنِي أَنْتَ بِقُرْبِكَ بِٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي كَانَ لِي بِقُرْبِكَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ ٱلْعَالَمُ». فَكَافَأَ يَهْوَهُ ٱبْنَهُ ٱلْوَلِيَّ بِإِعْطَائِهِ أَكْثَرَ مِمَّا طَلَبَ: «اِسْمًا يَفُوقُ» ٱسْمَ كُلِّ ٱلْمَلَائِكَةِ. — عب ١:٤.
‹مَعْرِفَةُ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِّ ٱلْوَحِيدِ›
٦ مَاذَا كَانَ يَجِبُ أَنْ يَفْعَلَ ٱلرُّسُلُ كَيْ يَنَالُوا ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ، وَكَيْفَ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ نَجَحُوا فِي ذٰلِكَ؟
٦ صَلَّى يَسُوعُ أَيْضًا بِشَأْنِ مَا يَجِبُ أَنْ نَفْعَلَهُ كَيْ نَنَالَ هِبَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ. (اقرأ يوحنا ١٧:٣.) فَقَدْ قَالَ إِنَّهُ عَلَيْنَا ‹ٱلِٱسْتِمْرَارُ فِي نَيْلِ ٱلْمَعْرِفَةِ› عَنِ ٱللّٰهِ وَٱلْمَسِيحِ. وَكَيْفَ نَفْعَلُ ذٰلِكَ؟ أَوَّلًا، يَجِبُ أَنْ نَسْتَخْدِمَ أَعْيُنَنَا وَآذَانَنَا لِنَتَعَلَّمَ أَكْثَرَ عَنْ يَهْوَهَ وَٱبْنِهِ. وَثَانِيًا، يَنْبَغِي أَنْ نُطَبِّقَ مَا تَعَلَّمْنَاهُ فِي حَيَاتِنَا. وَكَانَ ٱلرُّسُلُ قَدِ ٱتَّبَعُوا هٰذَا ٱلْمَسْلَكَ ٱلْمَانِحَ لِلْحَيَاةِ، حَسْبَمَا قَالَ يَسُوعُ فِي سِيَاقِ صَلَاتِهِ: «اَلْكَلَامُ ٱلَّذِي أَعْطَيْتَنِي قَدْ أَعْطَيْتُهُ لَهُمْ، وَهُمْ قَبِلُوهُ». (يو ١٧:٨) وَلٰكِنْ، كَيْ يَنَالُوا ٱلْحَيَاةَ ٱلْأَبَدِيَّةَ، كَانُوا بِحَاجَةٍ أَنْ يُدَاوِمُوا عَلَى ٱلتَّأَمُّلِ فِي كَلَامِ ٱللّٰهِ وَتَطْبِيقِهِ فِي حَيَاتِهِمِ ٱلْيَوْمِيَّةِ. فَهَلْ نَجَحَ ٱلتَّلَامِيذُ فِي فِعْلِ هٰذَا ٱلْأَمْرِ حَتَّى نِهَايَةِ حَيَاتِهِمِ ٱلْأَرْضِيَّةِ؟ أَجَلْ بِٱلتَّأْكِيدِ. وَنَحْنُ نَعْلَمُ ذٰلِكَ لِأَنَّ أَسْمَاءَهُمْ مَكْتُوبَةٌ إِلَى ٱلْأَبَدِ عَلَى أَحْجَارِ ٱلْأَسَاسِ ٱلِٱثْنَيْ عَشَرَ لِأُورُشَلِيمَ ٱلْجَدِيدَةِ ٱلسَّمَاوِيَّةِ. — رؤ ٢١:١٤.
٧ مَاذَا تَشْمُلُ ‹مَعْرِفَةُ› ٱللّٰهِ، وَلِمَ هٰذَا مُهِمٌّ جِدًّا؟
٧ وَفْقًا لِعُلَمَاءِ ٱللُّغَةِ ٱلْيُونَانِيَّةِ، إِنَّ ٱلْعِبَارَةَ ٱلْيُونَانِيَّةَ ٱلْمَنْقُولَةَ فِي تَرْجَمَةُ ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ إِلَى «أَنْ يَسْتَمِرُّوا فِي نَيْلِ ٱلْمَعْرِفَةِ عَنْكَ» يُمْكِنُ أَنْ تُتَرْجَمَ أَيْضًا إِلَى «أَنْ يَعْرِفُوكَ». وَٱلْمَعْنَيَانِ مُهِمَّانِ وَيُكَمِّلَانِ وَاحِدُهُمَا ٱلْآخَرَ. لِذٰلِكَ، فَإِنَّ هٰذِهِ ٱلْعِبَارَةَ تُشِيرُ إِلَى عَمَلِيَّةٍ مُتَوَاصِلَةٍ تُؤَدِّي إِلَى أَنْ يَكُونَ ٱلْمَرْءُ عَلَى ‹مَعْرِفَةٍ› بِٱللّٰهِ. إِلَّا أَنَّ مَعْرِفَةَ أَعْظَمِ شَخْصِيَّةٍ فِي ٱلْكَوْنِ لَا تَقْتَصِرُ عَلَى مُجَرَّدِ مَعْرِفَةِ صِفَاتِهِ وَقَصْدِهِ. فَهِيَ تَشْمُلُ حِيَازَةَ رِبَاطِ مَحَبَّةٍ لَصِيقٍ بِهِ وَبِٱلْإِخْوَةِ ٱلْمُؤْمِنِينَ. يُوضِحُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «مَنْ لَا يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ ٱللّٰهَ». (١ يو ٤:٨) وَتَشْمُلُ مَعْرِفَةُ ٱللّٰهِ أَيْضًا أَنْ نَكُونَ طَائِعِينَ لَهُ. (اقرأ ١ يوحنا ٢:٣-٥.) وَيَا لَهُ مِنِ ٱمْتِيَازٍ أَنْ نُعَدَّ مِنْ بَيْنِ ٱلَّذِينَ يَعْرِفُونَ يَهْوَهَ! وَلٰكِنْ، هُنَالِكَ خَطَرٌ أَنْ نَخْسَرَ هٰذِهِ ٱلْعَلَاقَةَ ٱلثَّمِينَةَ، كَمَا حَدَثَ مَعَ يَهُوذَا ٱلْإِسْخَرْيُوطِيِّ. فَلْنَعْمَلْ جَاهِدِينَ كَيْ نُحَافِظَ عَلَيْهَا، وَحِينَئِذٍ، نَتَأَهَّلُ لِنَنَالَ هِبَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ. — مت ٢٤:١٣.
«مِنْ أَجْلِ ٱسْمِكَ»
٨، ٩ مَاذَا كَانَ هَمُّ يَسُوعَ ٱلْأَوَّلُ خِلَالَ خِدْمَتِهِ ٱلْأَرْضِيَّةِ، وَأَيُّ تَقلِيدٍ دِينِيٍّ لَا بُدَّ أَنَّهُ رَفَضَهُ؟
٨ بَعْدَ ٱلِٱطِّلَاعِ عَلَى صَلَاةِ يَسُوعَ ٱلْمُدَوَّنَةِ فِي يُوحَنَّا ٱلْإِصْحَاحِ ٱل ١٧، نَرَى بِوُضُوحٍ أَنَّ مَحَبَّةَ يَسُوعَ ٱلْعَمِيقَةَ لَمْ تَكُنْ فَقَطْ لِرُسُلِهِ فِي ذٰلِكَ ٱلزَّمَانِ، بَلْ لِتَلَامِيذِهِ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ أَيْضًا. (يو ١٧:٢٠) غَيْرَ أَنَّ مَسْأَلَةَ خَلَاصِنَا لَمْ تَكُنْ هَمَّ يَسُوعَ ٱلْأَوَّلَ. فَهَدَفُهُ ٱلرَّئِيسِيُّ مِنْ بِدَايَةِ خِدْمَتِهِ ٱلْأَرْضِيَّةِ حَتَّى نِهَايَتِهَا كَانَ ٱلْعَمَلَ عَلَى تَقْدِيسِ وَتَمْجِيدِ ٱسْمِ أَبِيهِ. عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، لَا بُدَّ أَنَّ يَسُوعَ تَلَفَّظَ بِٱلِٱسْمِ ٱلْإِلٰهِيِّ بِوُضُوحٍ حِينَ قَرَأَ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلتَّالِيَةَ مِنْ دَرْجِ إِشَعْيَا وَطَبَّقَهَا عَلَى نَفْسِهِ: «رُوحُ يَهْوَهَ عَلَيَّ، لِأَنَّهُ مَسَحَنِي لِأُبَشِّرَ ٱلْفُقَرَاءَ». — لو ٤:١٦-٢١.
٩ قَبْلَ مَجِيءِ يَسُوعَ إِلَى ٱلْأَرْضِ بِزَمَنٍ طَوِيلٍ، عَلَّمَ ٱلْقَادَةُ ٱلْيَهُودُ ٱلشَّعْبَ أَلَّا يَسْتَعْمِلُوا ٱسْمَ ٱللّٰهِ. وَلٰكِنَّنَا عَلَى ثِقَةٍ أَنَّ يَسُوعَ رَفَضَ رَفْضًا قَاطِعًا هٰذَا ٱلتَّقْلِيدَ غَيْرَ ٱلْمُؤَسَّسِ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. فَقَدْ قَالَ لِمُقَاوِمِيهِ: «أَنَا أَتَيْتُ بِٱسْمِ أَبِي، وَلٰكِنَّكُمْ لَسْتُمْ تَقْبَلُونَنِي. إِنْ أَتَى آخَرُ بِٱسْمِ نَفْسِهِ فَذٰلِكَ تَقْبَلُونَهُ». (يو ٥:٤٣) وَقَبْلَ أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ مِنْ مَوْتِهِ، عَبَّرَ عَنِ ٱهْتِمَامِهِ ٱلرَّئِيسِيِّ فِي ٱلْحَيَاةِ حِينَ صَلَّى: «أَيُّهَا ٱلْآبُ، مَجِّدِ ٱسْمَكَ». (يو ١٢:٢٨) فَلَا عَجَبَ إِذًا أَنْ تَتَمَحْوَرَ صَلَاةُ يَسُوعَ ٱلَّتِي نَتَفَحَّصُهَا فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ حَوْلَ تَمْجِيدِ ٱسْمِ أَبِيهِ.
١٠، ١١ (أ) كَيْفَ جَعَلَ يَسُوعُ ٱسْمَ أَبِيهِ مَعْرُوفًا؟ (ب) أَيُّ هَدَفٍ يَجِبُ أَنْ يَعْمَلَ عَلَيْهِ تَلَامِيذُ يَسُوعَ؟
١٠ صَلَّى يَسُوعُ: «أَنَا أَظْهَرْتُ ٱسْمَكَ لِلنَّاسِ ٱلَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي مِنَ ٱلْعَالَمِ. كَانُوا لَكَ وَأَعْطَيْتَهُمْ لِي، وَقَدْ حَفِظُوا كَلِمَتَكَ. وَلَسْتُ أَنَا بَعْدُ فِي ٱلْعَالَمِ، وَأَمَّا هُمْ فَإِنَّهُمْ فِي ٱلْعَالَمِ وَأَنَا آتٍ إِلَيْكَ. أَيُّهَا ٱلْآبُ ٱلْقُدُّوسُ، ٱحْرُسْهُمْ مِنْ أَجْلِ ٱسْمِكَ ٱلَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِدًا كَمَا نَحْنُ». — يو ١٧:٦، ١١.
١١ لِكَيْ يَجْعَلَ يَسُوعُ ٱسْمَ أَبِيهِ مَعْرُوفًا لَدَى تَلَامِيذِهِ، لَمْ يَكْتَفِ بِمُجَرَّدِ ٱلتَّلَفُّظِ بِهِ. بَلْ سَاعَدَهُمْ أَنْ يَعْرِفُوا مَا يُمَثِّلُهُ ٱسْمُ ٱللّٰهِ — أَيْ صِفَاتِهِ ٱلرَّائِعَةَ وَطَرِيقَةَ تَعَامُلِهِ مَعَنَا. (خر ٣٤:٥-٧) هٰذَا وَإِنَّهُ، مِنْ مَوْقِعِهِ ٱلْمُمَجَّدِ فِي ٱلسَّمَاءِ، يَسْتَمِرُّ فِي مُسَاعَدَةِ تَلَامِيذِهِ عَلَى جَعْلِ ٱسْمِ يَهْوَهَ مَعْرُوفًا فِي كُلِّ ٱلْأَرْضِ. وَٱلْهَدَفُ مِنْ ذٰلِكَ هُوَ جَمْعُ أَكْبَرِ عَدَدٍ مُمْكِنٍ مِنَ ٱلتَّلَامِيذِ قَبْلَ مَجِيءِ نِهَايَةِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ ٱلشِّرِّيرِ هٰذَا. وَعِنْدَمَا يَحِينُ ذٰلِكَ ٱلْوَقْتُ، سَيُنْقِذُ ٱللّٰهُ شُهُودَهُ ٱلْأَوْلِيَاءَ، وَسَيَعْرِفُ ٱلْجَمِيعُ ٱسْمَ يَهْوَهَ ٱلْعَظِيمَ. — حز ٣٦:٢٣.
«لِكَيْ يُؤْمِنَ ٱلْعَالَمُ»
١٢ أَيُّ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ ضَرُورِيَّةٌ لَنَا كَيْ نَنْجَحَ فِي عَمَلِنَا ٱلْمُنْقِذِ لِلْحَيَاةِ؟
١٢ سَعَى يَسُوعُ جَاهِدًا حِينَ كَانَ عَلَى ٱلْأَرْضِ كَيْ يُسَاعِدَ تَلَامِيذَهُ أَنْ يَتَغَلَّبُوا عَلَى ضَعَفَاتِهِمْ. وَكَانَ هٰذَا ضَرُورِيًّا حَتَّى يَتَمَكَّنُوا مِنْ إِتْمَامِ ٱلْعَمَلِ ٱلَّذِي بَدَأَهُ هُوَ. فَقَدْ صَلَّى قَائِلًا: «كَمَا أَرْسَلْتَنِي إِلَى ٱلْعَالَمِ، أَنَا أَيْضًا أَرْسَلْتُهُمْ إِلَى ٱلْعَالَمِ». وَلِكَيْ يَنْجَحُوا فِي هٰذَا ٱلْعَمَلِ ٱلْمُنْقِذِ لِلْحَيَاةِ، شَدَّدَ يَسُوعُ فِي صَلَاتِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أُمُورٍ ضَرُورِيَّةٍ: (١) أَلَّا يَكُونَ تَلَامِيذُهُ جُزْءًا مِنْ عَالَمِ ٱلشَّيْطَانِ، (٢) أَنْ يُطِيعُوا كَلِمَةَ ٱللّٰهِ وَيَبْقَوْا مُقَدَّسِينَ، وَ (٣) أَنْ يَظَلُّوا مُوَحَّدِينَ فِي رِبَاطِ ٱلْمَحَبَّةِ عَيْنِهِ ٱلَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ. لِذٰلِكَ، عَلَى كُلٍّ مِنَّا ٱلْيَوْمَ أَنْ يَسْأَلَ نَفْسَهُ: ‹هَلْ أَعْمَلُ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ طَلَبَاتِ يَسُوعَ ٱلثَّلَاثَةِ؟›. لَقَدْ كَانَ يَسُوعُ عَلَى ثِقَةٍ أَنَّهُ إِذَا فَعَلَ تَلَامِيذُهُ هٰذِهِ ٱلْأُمُورَ، ‹يُؤْمِنُ كَثِيرُونَ فِي ٱلْعَالَمِ أَنَّ ٱللّٰهَ أَرْسَلَهُ›. — اقرأ يوحنا ١٧:١٥-٢١.
١٣ كَيْفَ ٱسْتَجَابَ ٱللّٰهُ صَلَاةَ يَسُوعَ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ؟
١٣ عِنْدَمَا نَدْرُسُ سِفْرَ ٱلْأَعْمَالِ، نَرَى أَنَّ ٱللّٰهَ ٱسْتَجَابَ صَلَاةَ يَسُوعَ. فَكِّرْ كَمْ كَانَ مُمْكِنًا أَنْ تَنْشَأَ ٱلِٱنْقِسَامَاتُ بَيْنَ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْأَوَائِلِ. فَهُمْ كَانُوا مُؤَلَّفِينَ مِنْ يَهُودٍ وَأُمَمِيِّينَ، أَغْنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ، وَعَبِيدٍ وَأَسْيَادٍ. مَعَ ذٰلِكَ، ٱسْتَطَاعُوا أَنْ يَكُونُوا جَمِيعًا مُتَّحِدِينَ لِدَرَجَةِ أَنَّ ٱلرَّسُولَ بُولُسَ شَبَّهَهُمْ بِمُخْتَلِفِ أَعْضَاءِ ٱلْجَسَدِ ٱلْبَشَرِيِّ وَشَبَّهَ يَسُوعَ بِرَأْسِ هٰذَا ٱلْجَسَدِ. (اف ٤:١٥، ١٦) فَكَمْ كَانَ ذٰلِكَ إِنْجَازًا مُذْهِلًا فِي عَالَمِ ٱلشَّيْطَانِ ٱلْمُقَسَّمِ! وَيَجِبُ أَنْ يَعُودَ ٱلْفَضْلُ فِي ذٰلِكَ كُلِّهِ إِلَى يَهْوَهَ، ٱلَّذِي جَعَلَ هٰذَا ٱلْأَمْرَ مُسْتَطَاعًا بِقُدْرَةِ رُوحِهِ ٱلْقُدُسِ. — ١ كو ٣:٥-٧.
١٤ كَيْفَ ٱسْتُجِيبَتْ صَلَاةُ يَسُوعَ فِي عَصْرِنَا ٱلْحَالِيِّ؟
١٤ مَعَ ٱلْأَسَفِ، لَمْ تَسْتَمِرَّ هٰذِهِ ٱلْوَحْدَةُ بَعْدَ مَوْتِ ٱلرُّسُلِ. فَقَدْ تَسَلَّلَ ٱلِٱرْتِدَادُ إِلَى ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ كَمَا أُنْبِئَ، مِمَّا أَنْشَأَ طَوَائِفَ مَسِيحِيَّةً مُقَسَّمَةً. (اع ٢٠:٢٩، ٣٠) لٰكِنَّ يَسُوعَ حَرَّرَ أَتْبَاعَهُ ٱلْمَمْسُوحِينَ مِنْ أَسْرِ ٱلدِّينِ ٱلْبَاطِلِ عَامَ ١٩١٩ وَجَمَعَهُمْ فِي «رِبَاطِ وَحْدَةٍ كَامِلٍ». (كو ٣:١٤) وَمَاذَا كَانَتْ نَتِيجَةُ عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ ٱلَّذِي قَامُوا بِهِ؟ لَقَدِ ٱتَّحَدَ بِهِمْ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعَةِ مَلَايِينَ مِنَ ‹ٱلْخِرَافِ ٱلْأُخَرِ› ٱلَّذِينَ أَتَوْا «مِنْ كُلِّ ٱلْأُمَمِ وَٱلْقَبَائِلِ وَٱلشُّعُوبِ وَٱلْأَلْسِنَةِ». (يو ١٠:١٦؛ رؤ ٧:٩) فَيَا لَهَا مِنِ ٱسْتِجَابَةٍ رَائِعَةٍ لِصَلَاةِ يَسُوعَ أَنْ ‹يَعْرِفَ ٱلْعَالَمُ أَنَّ [يَهْوَهَ] أَرْسَلَهُ وَأَنَّهُ أَحَبَّهُمْ كَمَا أَحَبَّهُ›! — يو ١٧:٢٣.
يَسُوعُ يَخْتَتِمُ صَلَاتَهُ
١٥ أَيُّ طَلَبٍ خَاصٍّ سَأَلَهُ يَسُوعُ بِشَأْنِ تَلَامِيذِهِ ٱلْمَمْسُوحِينَ؟
١٥ فِي وَقْتٍ بَاكِرٍ مِنْ أُمْسِيَةِ ١٤ نِيسَانَ ٱلْقَمَرِيِّ، أَعْطَى يَسُوعُ ٱلْمَجْدَ أَوِ ٱلْإِكْرَامَ لِرُسُلِهِ حِينَ صَنَعَ مَعَهُمْ عَهْدًا لِيَحْكُمُوا مَعَهُ فِي مَلَكُوتِهِ. (لو ٢٢:٢٨-٣٠؛ يو ١٧:٢٢) وَلِهٰذِهِ ٱلْغَايَةِ، صَلَّى بِشَأْنِ جَمِيعِ ٱلَّذِينَ سَيُصْبِحُونَ أَتْبَاعَهُ ٱلْمَمْسُوحِينَ، قَائِلًا: «أَيُّهَا ٱلْآبُ، إِنَّ ٱلَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي، أُرِيدُ أَنْ يَكُونُوا هُمْ أَيْضًا مَعِي حَيْثُ أَكُونُ أَنَا، لِيَرَوْا مَجْدِي ٱلَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ». (يو ١٧:٢٤) وَهٰذَا يَجْعَلُ ٱلْخِرَافَ ٱلْأُخَرَ يَشْعُرُونَ بِٱلْفَرَحِ، لَا ٱلْحَسَدِ، بِٱلْمُكَافَأَةِ ٱلَّتِي سَيَنَالُهَا ٱلْمَمْسُوحُونَ، مِمَّا يُعْطِي دَلِيلًا عَلَى أَنَّ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْحَقِيقِيِّينَ ٱلْيَوْمَ مُوَحَّدُونَ.
١٦، ١٧ (أ) أَيُّ أَمْرٍ سَيَسْتَمِرُّ يَسُوعُ فِي فِعْلِهِ حَسْبَمَا عَبَّرَ فِي خَاتِمَةِ صَلَاتِهِ؟ (ب) مَاذَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَصْمِيمُنَا؟
١٦ يَخْتَارُ مُعْظَمُ ٱلنَّاسِ ٱلْيَوْمَ تَجَاهُلَ ٱلدَّلِيلِ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ يَهْوَهَ لَدَيْهِ شَعْبٌ مُوَحَّدٌ يَعْرِفُونَهُ حَقَّ ٱلْمَعْرِفَةِ بِسَبَبِ تَأْثِيرِ قَادَتِهِمِ ٱلدِّينِيِّينَ. وَصَحَّ ٱلْأَمْرُ عَيْنُهُ فِي أَيَّامِ يَسُوعَ. لِذٰلِكَ، ٱخْتَتَمَ صَلَاتَهُ بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ: «أَيُّهَا ٱلْآبُ ٱلْبَارُّ، إِنَّ ٱلْعَالَمَ لَمْ يَعْرِفْكَ؛ أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ، وَهٰؤُلَاءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي. وَقَدْ عَرَّفْتُهُمْ بِٱسْمِكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ بِهِ، لِتَكُونَ فِيهِمِ ٱلْمَحَبَّةُ ٱلَّتِي أَحْبَبْتَنِي بِهَا وَأَكُونَ أَنَا فِي ٱتِّحَادٍ بِهِمْ». — يو ١٧:٢٥، ٢٦.
١٧ مَنْ مِنَّا بِمَقْدُورِهِ أَنْ يُنْكِرَ أَنَّ يَسُوعَ يَعْمَلُ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ صَلَاتِهِ؟ فَهُوَ، كَرَأْسٍ لِلْجَمَاعَةِ، يَسْتَمِرُّ فِي مُسَاعَدَتِنَا عَلَى جَعْلِ ٱسْمِ أَبِيهِ وَقَصْدِهِ مَعْرُوفَيْنِ. فَلْنَبْقَ خَاضِعِينَ لِرِئَاسَتِهِ بِإِطَاعَةِ وَصِيَّتِهِ أَنْ نَقُومَ بِعَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ وَٱلتَّلْمَذَةِ بِغَيْرَةٍ. (مت ٢٨:١٩، ٢٠؛ اع ١٠:٤٢) وَلْنَعْمَلْ جَاهِدِينَ كَيْ نُحَافِظَ عَلَى وَحْدَتِنَا ٱلثَّمِينَةِ. وَبِفِعْلِ هٰذِهِ ٱلْأُمُورِ، نَعْمَلُ بِٱنْسِجَامٍ مَعَ صَلَاةِ يَسُوعَ. وَهٰكَذَا، نَجْلُبُ ٱلْمَجْدَ لِٱسْمِ يَهْوَهَ وَنَحْصُلُ عَلَى ٱلسَّعَادَةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ.