قِصَّةُ حَيَاةٍ
يَهْوَهُ لَمْ يَخْذُلْنِي
كُنْتُ بَيْنَ أَرْبَعِ بَنَاتٍ صَغِيرَاتٍ قَدَّمْنَ أَزْهَارًا لِأَدُولْف هِتْلِر بَعْدَمَا أَلْقَى خِطَابًا. فَأَبِي كَانَ نَاشِطًا فِي ٱلْحِزْبِ ٱلنَّازِيِّ وَسَائِقَ رَئِيسِ فَرْعٍ مَحَلِّيٍّ لِلنَّازِيِّينَ. أَمَّا أُمِّي فَكَانَتْ كَاثُولِيكِيَّةً مُتَدَيِّنَةً وَأَرَادَتْ أَنْ أَصِيرَ رَاهِبَةً. لٰكِنِّي لَمْ أُصْبِحْ لَا نَازِيَّةً وَلَا رَاهِبَةً. سَأُخْبِرُكُمْ قِصَّتِي.
تَرَبَّيْتُ فِي مَدِينَةِ غْرَاتْس فِي ٱلنَّمْسَا. وَبِعُمْرِ ٧ سَنَوَاتٍ، أُرْسِلْتُ إِلَى مَدْرَسَةٍ دِينِيَّةٍ. إِلَّا أَنِّي صُعِقْتُ حِينَ عَرَفْتُ أَنَّ رِجَالَ ٱلدِّينِ يُمَارِسُونَ ٱلْجِنْسَ مَعَ ٱلرَّاهِبَاتِ. فَسَمَحَتْ لِي أُمِّي أَنْ أَتْرُكَ ٱلْمَدْرَسَةَ بَعْدَ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ.
لَاحِقًا، ذَهَبْتُ إِلَى مَدْرَسَةٍ دَاخِلِيَّةٍ. وَذَاتَ لَيْلَةٍ، أَتَى أَبِي لِيَأْخُذَنِي مِنْ هُنَاكَ لِأَنَّ غْرَاتْس كَانَتْ تَتَعَرَّضُ لِقَصْفٍ عَنِيفٍ. فَهَرَبْنَا إِلَى بَلْدَةِ شْلَادْمِينْغ. وَمَا إِنْ وَصَلْنَا وَعَبَرْنَا جِسْرًا حَتَّى دُمِّرَ بِٱلْكَامِلِ. وَفِي يَوْمٍ آخَرَ، أَطْلَقَتْ طَائِرَاتٌ مِنْ عُلُوٍّ مُنْخَفِضٍ ٱلنَّارَ عَلَيَّ أَنَا وَجَدَّتِي قُرْبَ مَنْزِلِنَا. وَفِي نِهَايَةِ ٱلْحَرْبِ، شَعَرْنَا أَنَّ ٱلْكَنِيسَةَ وَٱلْحُكُومَةَ خَيَّبَتَا أَمَلَنَا.
وَجَدْتُ دَعْمًا حَقِيقِيًّا
عَامَ ١٩٥٠، بَدَأَتْ شَاهِدَةٌ لِيَهْوَهَ تُخْبِرُ أُمِّي عَنْ رِسَالَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ. وَكُنْتُ أَسْتَمِعُ إِلَيْهِمَا وَأَذْهَبُ إِلَى بَعْضِ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ. وَبَعْدَمَا ٱقْتَنَعَتْ أُمِّي أَنَّ شُهُودَ يَهْوَهَ عَلَى حَقٍّ، ٱعْتَمَدَتْ عَامَ ١٩٥٢.
آنَذَاكَ، بَدَا لِي أَنَّ ٱلْجَمَاعَةَ أَشْبَهُ بِنَادٍ لِلْمُسِنَّاتِ. لٰكِنَّنَا ذَهَبْنَا لَاحِقًا إِلَى جَمَاعَةٍ فِيهَا ٱلْكَثِيرُ مِنَ ٱلشَّبَابِ، فَغَيَّرْتُ رَأْيِي. وَحِينَ عُدْنَا إِلَى غْرَاتْس، صِرْتُ أَحْضُرُ كُلَّ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ. فَٱقْتَنَعْتُ أَنَّ هٰذَا هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّ يَهْوَهَ يَدْعَمُ خُدَّامَهُ وَلَا يَخْذُلُهُمْ أَبَدًا، حَتَّى لَوْ شَعَرُوا أَنَّهُمْ يُوَاجِهُونَ وَحْدَهُمْ ظُرُوفًا صَعْبَةً. — مز ٣:٥، ٦.
أَرَدْتُ أَنْ أُبَشِّرَ ٱلْآخَرِينَ، وَخَاصَّةً أَخِي وَأَخَوَاتِي. وَكَانَتْ أَخَوَاتِي ٱلْأَرْبَعُ ٱلْأَكْبَرُ سِنًّا مُعَلِّمَاتٍ فِي قُرًى أُخْرَى. فَزُرْتُهُنَّ وَشَجَّعْتُهُنَّ عَلَى دَرْسِ ٱلْحَقِّ. وَفِي ٱلْآخِرِ، صَارَتْ كُلُّ أَخَوَاتِي وَأَخِي أَيْضًا مِنْ شُهُودِ يَهْوَهَ.
فِي ٱلْأُسْبُوعِ ٱلثَّانِي لِخِدْمَتِي مِنْ بَابٍ إِلَى بَابٍ، ٱلْتَقَيْتُ ٱمْرَأَةً فِي ثَلَاثِينِيَّاتِهَا وَبَدَأْتُ أَدْرُسُ مَعَهَا. وَبِمَا أَنَّهُ لَا أَحَدَ كَانَ يَدْرُسُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ مَعِي، كُنْتُ أَسْتَعِدُّ جَيِّدًا لِلدَّرْسِ لِأَتَعَلَّمَ أَنَا أَوَّلًا ثُمَّ أُعَلِّمَهَا. وَهٰذَا عَمَّقَ فَهْمِي لِلْحَقِّ. وَفِي نَيْسَانَ (إِبْرِيل) ١٩٥٤، نَذَرْتُ نَفْسِي لِيَهْوَهَ وَٱعْتَمَدْتُ. وَمَعَ ٱلْوَقْتِ، ٱقْتَنَعَتْ هِيَ أَيْضًا بِٱلْحَقِّ وَٱعْتَمَدَتْ، ثُمَّ ٱعْتَمَدَ زَوْجُهَا وَٱبْنَاهَا.
«مُضْطَهَدُونَ، لٰكِنْ غَيْرُ مَخْذُولِينَ»
عَامَ ١٩٥٥، حَضَرْتُ مَحَافِلَ أُمَمِيَّةً فِي أَلْمَانِيَا وَفَرَنْسَا وَإِنْكِلْتَرَا. وَفِي لَنْدَنَ، ٱلْتَقَيْتُ أَلْبِرْت شْرُودِرَ، ٱلَّذِي كَانَ مُدَرِّسًا فِي مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ لِلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَأَصْبَحَ لَاحِقًا مِنَ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ. وَأَثْنَاءَ جَوْلَةٍ مَعَ بَعْضِ ٱلشُّهُودِ فِي ٱلْمَتْحَفِ ٱلْبَرِيطَانِيِّ، لَفَتَ ٱلْأَخُ شْرُودِر نَظَرَنَا إِلَى مَخْطُوطَاتٍ لِلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ تَضَمَّنَتِ ٱسْمَ ٱللّٰهِ بِٱلْأَحْرُفِ ٱلْعِبْرَانِيَّةِ وَشَرَحَ لَنَا أَهَمِّيَّتَهَا. فَزَادَتْ مَحَبَّتِي لِيَهْوَهَ وَقَوِيَ تَصْمِيمِي عَلَى نَشْرِ ٱلْحَقِّ.
فِي ١ كَانُونَ ٱلثَّانِي (يَنَايِر) ١٩٥٦، بَدَأْتُ خِدْمَةَ ٱلْفَتْحِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ. وَبَعْدَ ٤ أَشْهُرٍ، دُعِيتُ لِأَخْدُمَ كَفَاتِحَةٍ خُصُوصِيَّةٍ فِي بَلْدَةِ مِيسْتِلْبَاخَ ٱلَّتِي لَمْ يَكُنْ فِيهَا شُهُودٌ. وَٱلتَّحَدِّي ٱلَّذِي وَاجَهْتُهُ هُوَ ٱلْفَرْقُ ٱلْكَبِيرُ بَيْنِي وَبَيْنَ رَفِيقَتِي فِي ٱلْفَتْحِ. فَأَنَا مِنَ ٱلْمَدِينَةِ وَعُمْرِي ١٩ سَنَةً تَقْرِيبًا، وَهِيَ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ وَعُمْرُهَا ٢٥ سَنَةً. أَنَا أُحِبُّ ٱلنَّوْمَ حَتَّى وَقْتٍ مُتَأَخِّرٍ، وَهِيَ تَسْتَيْقِظُ بَاكِرًا. وَفِي ٱلْمَسَاءِ، أَنَا أُحِبُّ ٱلسَّهَرَ أَمَّا هِيَ فَعَكْسِي تَمَامًا. رَغْمَ ذٰلِكَ، تَكَيَّفْنَا مَعًا بِتَطْبِيقِ نَصَائِحِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ وَٱسْتَمْتَعْنَا بِٱلْفَتْحِ سَوِيًّا.
وَتَعَرَّضْنَا أَيْضًا لِتَحَدِّيَاتٍ أُخْرَى. فَقَدْ عَانَيْنَا مِنَ ٱلِٱضْطِهَادِ، وَلٰكِنْ لَمْ نَكُنْ ‹مَخْذُولَتَيْنِ›. (٢ كو ٤:٧-٩) فَذَاتَ مَرَّةٍ، فِيمَا كُنَّا نُبَشِّرُ فِي قَرْيَةٍ نَائِيَةٍ، أَفْلَتَ ٱلنَّاسُ كِلَابَهُمْ عَلَيْنَا. وَسُرْعَانَ مَا أَحَاطَتْ بِنَا كِلَابٌ ضَخْمَةٌ تَنْبَحُ مُكَشِّرَةً عَنْ أَنْيَابِهَا. فَأَمْسَكْتُ بِيَدِ رَفِيقَتِي وَصَلَّيْتُ: «يَا يَهْوَهُ! أَرْجُوكَ دَعْنَا نَمُوتُ بِسُرْعَةٍ!». وَبَعْدَمَا ٱقْتَرَبَتِ ٱلْكِلَابُ كَثِيرًا، تَوَقَّفَتْ فَجْأَةً، هَزَّتْ أَذْنَابَهَا، ثُمَّ رَحَلَتْ. فَشَعَرْنَا أَنَّ يَهْوَهَ يَحْمِينَا. ثُمَّ تَابَعْنَا خِدْمَتَنَا فِي كُلِّ ٱلْقَرْيَةِ وَفَرِحْنَا كَثِيرًا لِأَنَّ ٱلنَّاسَ تَجَاوَبُوا مَعَ بِشَارَتِنَا. فَرُبَّمَا تَفَاجَأُوا لِأَنَّ ٱلْكِلَابَ لَمْ تُؤْذِنَا أَوْ لِأَنَّنَا أَكْمَلْنَا خِدْمَتَنَا بَعْدَ هٰذَا ٱلْحَادِثِ ٱلْمُرْعِبِ. حَتَّى إِنَّ ٱلْبَعْضَ مِنْهُمْ أَصْبَحُوا مِنَ ٱلشُّهُودِ.
وَفِي أَحَدِ ٱلْأَيَّامِ، حَصَلَ مَعَنَا حَادِثٌ مُرْعِبٌ آخَرُ. فَصَاحِبُ ٱلْبَيْتِ حَيْثُ ٱسْتَأْجَرْنَا غُرْفَةً أَتَى سَكْرَانًا وَرَاحَ يُهَدِّدُ بِقَتْلِنَا مُدَّعِيًا أَنَّنَا نُزْعِجُ ٱلْجِيرَانَ. فَحَاوَلَتْ زَوْجَتُهُ تَهْدِئَتَهُ، وَلٰكِنْ دُونَ نَتِيجَةٍ. وَكُنَّا نَسْمَعُ كُلَّ شَيْءٍ مِنْ غُرْفَتِنَا فِي ٱلطَّابِقِ ٱلْعُلْوِيِّ. فَوَضَعْنَا كَرَاسِيَ أَمَامَ ٱلْبَابِ وَوَضَّبْنَا حَقَائِبَنَا. وَحِينَ فَتَحْنَا ٱلْبَابَ، كَانَ ٱلرَّجُلُ يَقِفُ فِي أَعْلَى ٱلدَّرَجِ حَامِلًا سِكِّينًا كَبِيرًا. فَهَرَبْنَا دُونَ رَجْعَةٍ عَبْرَ مَمَرِّ ٱلْحَدِيقَةِ ٱلطَّوِيلِ حَامِلَتَيْنِ كُلَّ أَغْرَاضِنَا.
ذَهَبْنَا إِلَى فُنْدُقٍ وَطَلَبْنَا غُرْفَةً. وَبَقِينَا هُنَاكَ سَنَةً تَقْرِيبًا، مَا أَثَّرَ إِيجَابِيًّا عَلَى خِدْمَتِنَا. فَٱلْفُنْدُقُ كَانَ وَسَطَ ٱلْبَلْدَةِ وَبَعْضُ تَلَامِيذِنَا أَرَادُوا أَنْ يَدْرُسُوا هُنَاكَ. وَصِرْنَا نَعْقِدُ دَرْسَ ٱلْكِتَابِ وَدَرْسَ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ ٱلْأُسْبُوعِيَّ فِي غُرْفَتِنَا بِحُضُورِ ١٥ شَخْصًا تَقْرِيبًا.
بَقِينَا فِي مِيسْتِلْبَاخ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ. ثُمَّ عُيِّنْتُ فِي بَلْدَةِ فِيلْدْبَاخ جَنُوبَ شَرْقِ غْرَاتْس. وَصَارَ عِنْدِي رَفِيقَةٌ جَدِيدَةٌ فِي ٱلْفَتْحِ، وَلٰكِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ جَمَاعَةٌ. عِشْنَا فِي غُرْفَةٍ صَغِيرَةٍ فِي ٱلطَّابِقِ ٱلثَّانِي مِنْ كُوخٍ خَشَبِيٍّ. وَكَانَتِ ٱلرِّيحُ تَصْفِرُ عَبْرَ ٱلْفُتْحَاتِ بَيْنَ أَلْوَاحِ ٱلْخَشَبِ، فَحَاوَلْنَا أَنْ نَسُدَّهَا بِوَرَقِ ٱلْجَرَائِدِ. وَلَزِمَ أَنْ نَجْلُبَ ٱلْمَاءَ مِنَ ٱلْبِئْرِ. لٰكِنَّ ٱلنَّتِيجَةَ ٱسْتَأْهَلَتِ ٱلْجُهْدَ. فَفِي أَشْهُرٍ قَلِيلَةٍ، تَأَسَّسَ فَرِيقٌ. وَدَرَسْنَا ٱلْحَقَّ مَعَ عَائِلَةٍ ٱعْتَمَدَ مِنْهُمْ حَوَالَيْ ٣٠ شَخْصًا.
إِنَّ هٰذِهِ ٱلِٱخْتِبَارَاتِ قَوَّتْ تَقْدِيرِي لِيَهْوَهَ ٱلَّذِي لَا يُخَيِّبُ أَمَلَ مَنْ يَضَعُ مَصَالِحَ ٱلْمَلَكُوتِ أَوَّلًا. حَتَّى لَوْ عَجِزَ ٱلْبَشَرُ عَنْ مُسَاعَدَتِنَا، يَهْوَهُ دَائِمًا إِلَى جَانِبِنَا. — مز ١٢١:١-٣.
يَهْوَهُ قَوَّانِي ‹بِيَمِينِ بِرِّهِ›
عَامَ ١٩٥٨، كَانَ مَحْفِلٌ أُمَمِيٌّ سَيُعْقَدُ فِي مُدَرَّجَيْ يَانْكِي سْتَادِيُوم وَبُولُو غْرَاونْدْز فِي نْيُويُورْك. فَقَدَّمْتُ طَلَبًا كَيْ أَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَسَأَلَنِي فَرْعُ ٱلنَّمْسَا إِذَا كُنْتُ أَرْغَبُ فِي حُضُورِ ٱلصَّفِّ ٱلـ ٣٢ مِنْ مَدْرَسَةِ جِلْعَادَ. وَبِٱلتَّأْكِيدِ، لَمْ أَرْفُضْ هٰذَا ٱلِٱمْتِيَازَ ٱلرَّائِعَ.
فِي جِلْعَادَ، جَلَسْتُ قُرْبَ ٱلْأَخِ مَارْتِن بُويْتْسِنْغِرَ ٱلَّذِي عَانَى ٱلْأَمَرَّيْنِ فِي مُعَسْكَرَاتِ ٱلِٱعْتِقَالِ ٱلنَّازِيَّةِ وَأَصْبَحَ لَاحِقًا مِنَ ٱلْهَيْئَةِ ٱلْحَاكِمَةِ. وَخِلَالَ ٱلصَّفِّ، كَانَ يَهْمِسُ فِي أُذُنِي أَحْيَانًا: «إِيرِيكَا، مَا مَعْنَى هٰذَا بِٱلْأَلْمَانِيَّةِ؟».
وَفِي مُنْتَصَفِ ٱلْمُقَرَّرِ، أَعْلَنَ نَاثَان نُور تَعْيِينَاتِنَا. فَجَاءَ تَعْيِينِي فِي ٱلْبَارَاغْوَاي. وَلِأَنِّي كُنْتُ صَغِيرَةً فِي ٱلسِّنِّ، لَزِمَ أَنْ أَحْصُلَ عَلَى إِذْنٍ مِنْ أَبِي كَيْ أَدْخُلَ ٱلْبَلَدَ. فَوَصَلْتُ فِي آذَارَ (مَارِس) ١٩٥٩، وَعُيِّنْتُ مَعَ رَفِيقَةٍ جَدِيدَةٍ فِي بَيْتٍ لِلْمُرْسَلِينَ فِي مَدِينَةِ آسُنْسِيُون.
بَعْدَ ذٰلِكَ بِوَقْتٍ قَصِيرٍ، ٱلْتَقَيْتُ وَالْتِر بْرَايْت، وَهُوَ مُرْسَلٌ مُتَخَرِّجٌ مِنَ ٱلصَّفِّ ٱلـ ٣٠ مِنْ جِلْعَادَ. وَبَعْدَ فَتْرَةٍ، تَزَوَّجْنَا وَوَاجَهْنَا مَعًا مَتَاعِبَ ٱلْحَيَاةِ. وَكُلَّمَا مَرَرْنَا بِظَرْفٍ صَعْبٍ، قَرَأْنَا وَعْدَ يَهْوَهَ فِي إِشَعْيَا ٤١:١٠: «لَا تَخَفْ لِأَنِّي مَعَكَ. لَا تَتَلَفَّتْ لِأَنِّي إِلٰهُكَ. أُشَدِّدُكَ وَأُعِينُكَ». فَهٰذِهِ ٱلْآيَةُ أَكَّدَتْ لَنَا أَنَّ يَهْوَهَ لَنْ يَخْذُلَنَا أَبَدًا مَا دُمْنَا نُجَاهِدُ لِنَبْقَى أُمَنَاءَ لَهُ وَنَضَعَ مَلَكُوتَهُ أَوَّلًا.
فِي مَا بَعْدُ، عُيِّنَّا فِي مِنْطَقَةٍ قَرِيبَةٍ مِنَ ٱلْحُدُودِ مَعَ ٱلْبَرَازِيل. وَهُنَاكَ، حَرَّضَ رِجَالُ ٱلدِّينِ ٱلشَّبَابَ لِيَرْمُوا ٱلْحِجَارَةَ عَلَى بَيْتِ ٱلْمُرْسَلِينَ ٱلَّذِي كَانَ أَصْلًا فِي حَالَةٍ سَيِّئَةٍ. وَآنَذَاكَ، بَدَأَ وَالْتِر يَدْرُسُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ مَعَ رَئِيسِ ٱلشُّرْطَةِ. فَأَمَرَ رِجَالَهُ أَنْ يَحْرُسُوا بَيْتَنَا طَوَالَ أُسْبُوعٍ، وَمَا عَادَ أَحَدٌ يُضَايِقُنَا. وَبَعْدَ مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ، ٱنْتَقَلْنَا إِلَى حَيٍّ أَفْضَلَ فِي ٱلْبَرَازِيل، فِي ٱلْجَانِبِ ٱلْآخَرِ مِنَ ٱلْحُدُودِ. وَكَانَ هٰذَا لِخَيْرِ ٱلْعَمَلِ إِذْ عَقَدْنَا ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ فِي ٱلْبَارَاغْوَاي وَٱلْبَرَازِيل أَيْضًا. وَقَبْلَ أَنْ نُنْهِيَ تَعْيِينَنَا هُنَاكَ، تَأَسَّسَتْ جَمَاعَتَانِ صَغِيرَتَانِ.
يَهْوَهُ لَا يَزَالُ إِلَى جَانِبِي
أَخْبَرَنِي ٱلْأَطِبَّاءُ أَنَّنِي لَا أَقْدِرُ أَنْ أُنْجِبَ ٱلْأَوْلَادَ. فَتَفَاجَأْنَا كَثِيرًا عِنْدَمَا عَرَفْنَا سَنَةَ ١٩٦٢ أَنَّنِي حَامِلٌ. وَسَكَنَّا أَخِيرًا فِي هُولِيوُود بِفْلُورِيدَا إِلَى جَانِبِ عَائِلَةِ وَالْتِر. وَلِعِدَّةِ سَنَوَاتٍ، لَمْ تَسْمَحْ ظُرُوفُنَا أَنْ نَكُونَ فَاتِحَيْنِ بِسَبَبِ مَسْؤُولِيَّاتِنَا ٱلْعَائِلِيَّةِ. مَعَ ذٰلِكَ، بَقِيَتْ مَصَالِحُ ٱلْمَلَكُوتِ أَوَّلًا فِي حَيَاتِنَا. — مت ٦:٣٣.
عِنْدَمَا وَصَلْنَا إِلَى فْلُورِيدَا فِي تِشْرِينَ ٱلثَّانِي (نُوفَمْبِر) ١٩٦٢، تَفَاجَأْنَا أَنَّ هُنَاكَ جَمَاعَاتٍ لِلْإِخْوَةِ ٱلسُّودِ وَأُخْرَى لِلْبِيضِ وَأَنَّهُمْ يُبَشِّرُونَ فِي مَنَاطِقَ مُخْتَلِفَةٍ. وَٱلسَّبَبُ هُوَ ٱلْعَلَاقَاتُ ٱلْمُتَوَتِّرَةُ فِي ٱلْمِنْطَقَةِ بَيْنَ ٱلْعِرْقَيْنِ. لٰكِنَّ يَهْوَهَ لَا يُفَرِّقُ بَيْنَ ٱلْعُرُوقِ. وَلَمْ يَمْضِ وَقْتٌ طَوِيلٌ حَتَّى ٱنْدَمَجَتِ ٱلْجَمَاعَاتُ مَعًا. وَبِٱلطَّبْعِ، كَانَ لِيَهْوَهَ يَدٌ فِي هٰذَا ٱلتَّرْتِيبِ. فَٱلْمِنْطَقَةُ ٱلْآنَ تَضُمُّ عَشَرَاتِ ٱلْجَمَاعَاتِ.
لِلْأَسَفِ، أُصِيبَ وَالْتِر بِسَرَطَانِ ٱلدِّمَاغِ وَمَاتَ عَامَ ٢٠١٥. لَقَدْ عِشْنَا مَعًا بِسَعَادَةٍ ٥٥ سَنَةً. فَهُوَ كَانَ زَوْجًا رَائِعًا يُحِبُّ يَهْوَهَ كَثِيرًا وَيُسَاعِدُ ٱلْإِخْوَةَ. أَنْتَظِرُ بِشَوْقٍ أَنْ أَرَاهُ مُجَدَّدًا فِي صِحَّةٍ جَيِّدَةٍ. — اع ٢٤:١٥.
أَشْكُرُ يَهْوَهَ مِنْ كُلِّ قَلْبِي لِأَنِّي أَخْدُمُهُ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ مُنْذُ أَكْثَرَ مِنْ ٤٠ سَنَةً وَأَتَمَتَّعُ بِٱلْكَثِيرِ مِنَ ٱلْأَفْرَاحِ وَٱلْبَرَكَاتِ. مَثَلًا، شَهِدْنَا أَنَا وَوَالْتِر مَعْمُودِيَّةَ ١٣٦ شَخْصًا دَرَسْنَا مَعَهُمُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، لَمْ تَكُنْ حَيَاتُنَا خَالِيَةً مِنَ ٱلْمَصَاعِبِ. لٰكِنَّنَا لَمْ نَعْتَبِرْهَا عُذْرًا لِلتَّوَقُّفِ عَنْ خِدْمَةِ إِلٰهِنَا ٱلْأَمِينِ، بَلْ فُرْصَةً لِلِٱقْتِرَابِ مِنْهُ وَاثِقَيْنِ أَنَّهُ سَيَحُلُّهَا فِي ٱلْوَقْتِ ٱلَّذِي يَخْتَارُهُ وَبِٱلطَّرِيقَةِ ٱلَّتِي يَرَاهَا مُنَاسِبَةً. وَهٰذَا مَا فَعَلَهُ دَائِمًا. — ٢ تي ٤:١٦، ١٧.
أَشْتَاقُ كَثِيرًا إِلَى وَالْتِر، لٰكِنَّ خِدْمَةَ ٱلْفَتْحِ تُنْسِينِي حُزْنِي. فَأَنَا أَتَشَجَّعُ كَثِيرًا حِينَ أُعَلِّمُ ٱلْآخَرِينَ عَنِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، وَخُصُوصًا عَنْ رَجَاءِ ٱلْقِيَامَةِ. حَقًّا، لَمَسْتُ عَلَى مَرِّ ٱلسِّنِينَ أَنَّ يَهْوَهَ لَمْ يَخْذُلْنِي. فَهُوَ وَفَى بِوَعْدِهِ وَقَوَّانِي وَأَمْسَكَنِي ‹بِيَمِينِ بِرِّهِ›. — اش ٤١:١٠.