مقالة الدرس ٧
اُطْلُبِ ٱلْحِلْمَ لِتُرْضِيَ يَهْوَهَ
«اُطْلُبُوا يَهْوَهَ، يَا جَمِيعَ حُلَمَاءِ ٱلْأَرْضِ . . . اُطْلُبُوا ٱلْحِلْمَ». — صف ٢:٣.
اَلتَّرْنِيمَةُ ٨٠ «ذُوقُوا وَٱنْظُرُوا مَا أَطْيَبَ يَهْوَهَ»
لَمْحَةٌ عَنِ ٱلْمَقَالَةِa
١-٢ (أ) بِمَ ٱتَّصَفَ مُوسَى، وَمَاذَا فَعَلَ؟ (ب) مَاذَا يَدْفَعُنَا أَنْ نُنَمِّيَ ٱلْحِلْمَ؟
يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ إِنَّ مُوسَى «كَانَ حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ ٱلنَّاسِ ٱلَّذِينَ عَلَى وَجْهِ ٱلْأَرْضِ». (عد ١٢:٣) فَهَلْ يَعْنِي ذٰلِكَ أَنَّهُ كَانَ شَخْصًا ضَعِيفًا وَمُتَرَدِّدًا وَجَبَانًا؟ هٰكَذَا يَنْظُرُ ٱلْبَعْضُ إِلَى ٱلشَّخْصِ ٱلْحَلِيمِ. لٰكِنَّ نَظْرَتَهُمْ بَعِيدَةٌ كُلَّ ٱلْبُعْدِ عَنِ ٱلْحَقِيقَةِ. فَمُوسَى كَانَ رَجُلًا قَوِيًّا وَحَازِمًا وَشُجَاعًا. فَبِمُسَاعَدَةِ يَهْوَهَ وَاجَهَ حَاكِمَ مِصْرَ ٱلْقَوِيَّ، قَادَ عَبْرَ ٱلصَّحْرَاءِ مَا يُقَدَّرُ بِـ ٣ مَلَايِينِ شَخْصٍ، وَسَاعَدَ أُمَّةَ إِسْرَائِيلَ لِتَتَغَلَّبَ عَلَى أَعْدَائِهَا.
٢ صَحِيحٌ أَنَّنَا لَا نَتَعَرَّضُ لِتَحَدِّيَاتٍ كَٱلَّتِي تَغَلَّبَ عَلَيْهَا مُوسَى، لٰكِنَّنَا نُوَاجِهُ يَوْمِيًّا ظُرُوفًا أَوْ أَشْخَاصًا يُصَعِّبُونَ عَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ حُلَمَاءَ. مَعَ ذٰلِكَ، لَدَيْنَا سَبَبٌ مُهِمٌّ لِنُنَمِّيَ هٰذِهِ ٱلصِّفَةَ. فَحَسْبَمَا وَعَدَ يَهْوَهُ، ‹ٱلْحُلَمَاءُ يَرِثُونَ ٱلْأَرْضَ›. (مز ٣٧:١١) فَهَلْ تَرَى نَفْسَكَ شَخْصًا حَلِيمًا؟ وَهَلْ هٰذَا هُوَ رَأْيُ ٱلْآخَرِينَ فِيكَ؟ لِلْإِجَابَةِ عَنْ هٰذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ ٱلْمُهِمَّيْنِ، عَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ مَا تَشْمُلُهُ هٰذِهِ ٱلصِّفَةُ.
مَا هُوَ ٱلْحِلْمُ؟
٣-٤ (أ) مَاذَا يُشْبِهُ ٱلْحِلْمُ؟ (ب) أَيُّ صِفَاتٍ ضَرُورِيَّةٌ لِنَكُونَ حُلَمَاءَ، وَلِمَاذَا؟
٣ يُشْبِهُ ٱلْحِلْمُ لَوْحَةً جَمِيلَةً.b فَمِثْلَمَا يَمْزُجُ ٱلْفَنَّانُ عَدَدًا مِنَ ٱلْأَلْوَانِ ٱلْجَذَّابَةِ لِيَرْسُمَ لَوْحَةً، عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَ بَيْنَ عَدَدٍ مِنَ ٱلصِّفَاتِ ٱلْحُلْوَةِ لِنُظْهِرَ ٱلْحِلْمَ. وَأَبْرَزُ هٰذِهِ ٱلصِّفَاتِ هِيَ ٱلتَّوَاضُعُ، ٱلْإِذْعَانُ، ٱلْوَدَاعَةُ، وَٱلشَّجَاعَةُ. وَلٰكِنْ لِمَ هٰذِهِ ٱلصِّفَاتُ بِٱلتَّحْدِيدِ ضَرُورِيَّةٌ لِنُرْضِيَ يَهْوَهَ؟
٤ وَحْدَهُمُ ٱلْمُتَوَاضِعُونَ يُذْعِنُونَ لِمَشِيئَةِ ٱللّٰهِ. وَهُوَ يَشَاءُ أَنْ نَكُونَ وُدَعَاءَ. (مت ٥:٥؛ غل ٥:٢٣) وَلٰكِنْ حِينَ نَفْعَلُ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ، نُغْضِبُ ٱلشَّيْطَانَ كَثِيرًا. لِذَا مَعَ أَنَّنَا نَتَحَلَّى بِٱلتَّوَاضُعِ وَٱلْوَدَاعَةِ، يُبْغِضُنَا كَثِيرُونَ فِي ٱلْعَالَمِ. (يو ١٥:١٨، ١٩) نَتِيجَةً لِذٰلِكَ، نَحْتَاجُ إِلَى ٱلشَّجَاعَةِ لِنُقَاوِمَ ٱلشَّيْطَانَ.
٥-٦ (أ) لِمَ يَكْرَهُ ٱلشَّيْطَانُ ٱلْحُلَمَاءَ؟ (ب) أَيُّ سُؤَالَيْنِ سَنُجِيبُ عَنْهُمَا؟
٥ بِٱلْمُقَابِلِ، مَنْ يَفْتَقِرُونَ إِلَى ٱلْحِلْمِ هُمْ أَشْخَاصٌ مُتَكَبِّرُونَ، لَا يَضْبُطُونَ غَضَبَهُمْ، وَلَا يُطِيعُونَ يَهْوَهَ. وَهٰذَا ٱلْوَصْفُ يَنْطَبِقُ تَمَامًا عَلَى ٱلشَّيْطَانِ. لِذَا لَا عَجَبَ أَنْ يَكْرَهَ ٱلْحُلَمَاءَ. فَهُمْ يَفْضَحُونَ ٱلْعُيُوبَ فِي شَخْصِيَّتِهِ. وَٱلْأَهَمُّ أَنَّهُمْ يَكْشِفُونَ كَذِبَهُ. فَمَهْمَا قَالَ أَوْ فَعَلَ، لَا يَقْدِرُ أَنْ يُوقِفَهُمْ عَنْ خِدْمَةِ يَهْوَهَ. — اي ٢:٣-٥.
٦ وَلٰكِنْ مَاذَا يُصَعِّبُ عَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ حُلَمَاءَ؟ وَلِمَ مُهِمٌّ أَنْ نَسْتَمِرَّ فِي طَلَبِ ٱلْحِلْمِ؟ لِلْإِجَابَةِ عَنْ هٰذَيْنِ ٱلسُّؤَالَيْنِ، سَنَتَأَمَّلُ فِي مِثَالِ مُوسَى، ٱلشُّبَّانِ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ ٱلثَّلَاثَةِ فِي بَابِلَ، وَيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ.
مَاذَا يُصَعِّبُ عَلَيْنَا أَنْ نَكُونَ حُلَمَاءَ؟
٧-٨ كَيْفَ تَصَرَّفَ مُوسَى حِينَ قَلَّلَ هَارُونُ وَمَرْيَمُ مِنِ ٱحْتِرَامِهِ؟
٧ اَلسُّلْطَةُ. يَصْعُبُ أَحْيَانًا عَلَى ٱلَّذِينَ يَتَمَتَّعُونَ بِٱلسُّلْطَةِ أَنْ يَبْقَوْا حُلَمَاءَ، وَخُصُوصًا إِذَا قَلَّلَ مِنِ ٱحْتِرَامِهِمْ شَخْصٌ تَحْتَ إِشْرَافِهِمْ أَوْ شَكَّكَ فِي قَرَارَاتِهِمْ. فَهَلْ وَاجَهْتَ مَوْقِفًا كَهٰذَا مِنْ قَبْلُ؟ مَاذَا تَفْعَلُ لَوْ عَامَلَكَ فَرْدٌ مِنْ عَائِلَتِكَ بِهٰذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ؟ تَأَمَّلْ فِي مَا فَعَلَهُ مُوسَى.
٨ عَيَّنَ يَهْوَهُ مُوسَى قَائِدًا لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ، وَأَعْطَاهُ ٱلِٱمْتِيَازَ أَنْ يُدَوِّنَ ٱلشَّرَائِعَ ٱلَّتِي ٱتَّبَعُوهَا. فَكَانَ وَاضِحًا لِلْجَمِيعِ أَنَّ مُوسَى يَتَمَتَّعُ بِدَعْمِ يَهْوَهَ. لٰكِنَّ أَخَاهُ هَارُونَ وَأُخْتَهُ مَرْيَمَ تَكَلَّمَا عَلَيْهِ وَٱنْتَقَدَا ٱخْتِيَارَهُ لِزَوْجَتِهِ. فَمَاذَا فَعَلَ؟ فِي مَوْقِفٍ كَهٰذَا، يَغْضَبُ ٱلْبَعْضُ وَيَسْعَوْنَ لِلِٱنْتِقَامِ. أَمَّا مُوسَى فَلَمْ يَغْضَبْ مِنْهُمَا، لَا بَلْ تَوَسَّلَ إِلَى يَهْوَهَ كَيْ يَشْفِيَ مَرْيَمَ مِنَ ٱلْبَرَصِ ٱلَّذِي ضَرَبَهَا بِهِ. (عد ١٢:١-١٣) فَلِمَ تَصَرَّفَ هٰكَذَا؟
٩-١٠ (أ) مَاذَا عَلَّمَ يَهْوَهُ مُوسَى؟ (ب) مَاذَا يَتَعَلَّمُ رُؤُوسُ ٱلْعَائِلَاتِ وَٱلشُّيُوخُ مِنْ مُوسَى؟
٩ لَقَدْ سَمَحَ مُوسَى لِيَهْوَهَ أَنْ يُدَرِّبَهُ. فَهُوَ لَمْ يَتَّصِفْ بِٱلْحِلْمِ حِينَ كَانَ فَرْدًا مِنْ عَائِلَةِ فِرْعَوْنَ قَبْلَ نَحْوِ ٤٠ سَنَةً. فَذَاتَ مَرَّةٍ، غَضِبَ لِدَرَجَةِ أَنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا كَانَ بِرَأْيِهِ ظَالِمًا، وَٱفْتَرَضَ أَنَّ يَهْوَهَ سَيَرْضَى عَنْ تَصَرُّفِهِ. وَلٰكِنْ عَلَى مَدَى ٤٠ سَنَةً، عَلَّمَهُ يَهْوَهُ أَنَّ ٱلشَّجَاعَةَ وَحْدَهَا لَا تَكْفِي لِيَقُودَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ. فَهُوَ يَحْتَاجُ كَذٰلِكَ إِلَى ٱلْحِلْمِ. وَلِيَكُونَ حَلِيمًا، يَلْزَمُهُ أَيْضًا ٱلتَّوَاضُعُ وَٱلْإِذْعَانُ وَٱلْوَدَاعَةُ. وَبِٱلْفِعْلِ، تَعَلَّمَ مُوسَى ٱلدَّرْسَ جَيِّدًا وَصَارَ قَائِدًا مُمْتَازًا. — خر ٢:١١، ١٢؛ اع ٧:٢١-٣٠، ٣٦.
١٠ وَٱلْيَوْمَ، يَلْزَمُ أَنْ يَتَمَثَّلَ رُؤُوسُ ٱلْعَائِلَاتِ وَٱلشُّيُوخُ بِمُوسَى. فَإِذَا قَلَّلَ أَحَدٌ مِنِ ٱحْتِرَامِهِمْ، فَلَا يَجِبُ أَنْ يَغْضَبُوا بِسُرْعَةٍ. وَعَلَيْهِمْ أَنْ يَعْتَرِفُوا بِأَخْطَائِهِمْ بِتَوَاضُعٍ. (جا ٧:٩، ٢٠) كَمَا يَلْزَمُ أَنْ يُذْعِنُوا لِإِرْشَادِ يَهْوَهَ عِنْدَ حَلِّ ٱلْمَشَاكِلِ، وَيُجِيبُوا بِوَدَاعَةٍ دَائِمًا. (ام ١٥:١) وَبِٱلنَّتِيجَةِ يُرْضُونَ يَهْوَهَ، يُحَافِظُونَ عَلَى ٱلسَّلَامِ، وَيَرْسُمُونَ مِثَالًا جَيِّدًا فِي إِظْهَارِ ٱلْحِلْمِ.
١١-١٣ أَيُّ مِثَالٍ رَسَمَهُ لَنَا ٱلْعِبْرَانِيُّونَ ٱلثَّلَاثَةُ؟
١١ اَلِٱضْطِهَادُ. مُنْذُ ٱلْقَدِيمِ، يَضْطَهِدُ ٱلْحُكَّامُ شَعْبَ يَهْوَهَ. صَحِيحٌ أَنَّهُمْ يُوَجِّهُونَ إِلَيْنَا تُهَمًا مُتَنَوِّعَةً، لٰكِنَّ ٱلسَّبَبَ ٱلْحَقِيقِيَّ هُوَ أَنَّنَا ‹نُطِيعُ ٱللّٰهَ حَاكِمًا لَا ٱلنَّاسَ›. (اع ٥:٢٩) لِذَا نُوَاجِهُ أَحْيَانًا ٱلسُّخْرِيَةَ وَٱلسَّجْنَ وَٱلضَّرْبَ. وَلٰكِنْ بِمُسَاعَدَةِ يَهْوَهَ لَا نَرُدُّ بِٱلْمِثْلِ، بَلْ نَبْقَى وُدَعَاءَ خِلَالَ ٱلْمِحْنَةِ.
١٢ لِنَتَأَمَّلْ فِي مِثَالِ ٱلْمَسْبِيِّينَ ٱلْعِبْرَانِيِّينَ ٱلثَّلَاثَةِ حَنَنْيَا وَمِيشَائِيلَ وَعَزَرْيَا.c فَحِينَ أَمَرَهُمْ مَلِكُ بَابِلَ أَنْ يَسْجُدُوا لِتِمْثَالٍ ذَهَبِيٍّ ضَخْمٍ، رَفَضُوا وَأَوْضَحُوا لَهُ بِوَدَاعَةٍ مَوْقِفَهُمْ. كَمَا بَقُوا مُذْعِنِينَ لِلّٰهِ رَغْمَ تَهْدِيدِ ٱلْمَلِكِ بِأَنْ يُحْرِقَهُمْ فِي أَتُونٍ مُتَّقِدٍ. صَحِيحٌ أَنَّ يَهْوَهَ أَنْقَذَهُمْ فَوْرًا، لٰكِنَّهُمْ لَمْ يَفْتَرِضُوا أَنَّهُ سَيَفْعَلُ ذٰلِكَ. بَلْ كَانُوا مُسْتَعِدِّينَ أَنْ يَقْبَلُوا كُلَّ مَا يَسْمَحُ بِهِ. (دا ٣:١، ٨-٢٨) وَهٰكَذَا بَرْهَنُوا أَنَّ ٱلْحُلَمَاءَ شُجْعَانٌ فِعْلًا. فَلَا حَاكِمَ وَلَا تَهْدِيدَ وَلَا عِقَابَ يَمْنَعُهُمْ مِنْ تَقْدِيمِ «ٱلتَّعَبُّدِ ٱلْمُطْلَقِ» لِيَهْوَهَ. — خر ٢٠:٤، ٥.
١٣ فَكَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِٱلْعِبْرَانِيِّينَ ٱلثَّلَاثَةِ حِينَ يُمْتَحَنُ وَلَاؤُنَا لِلّٰهِ؟ نَثِقُ بِتَوَاضُعٍ أَنَّ يَهْوَهَ سَيَهْتَمُّ بِنَا. (مز ١١٨:٦، ٧) وَنُجِيبُ بِوَدَاعَةٍ وَٱحْتِرَامٍ مَنْ يَتَّهِمُنَا بِفِعْلِ ٱلسُّوءِ. (١ بط ٣:١٥) وَلٰكِنْ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ، نَرْفُضُ رَفْضًا قَاطِعًا أَنْ نُسَايِرَ عَلَى حِسَابِ صَدَاقَتِنَا مَعَ أَبِينَا ٱلْمُحِبِّ.
١٤-١٥ (أ) مَاذَا يَحْدُثُ حِينَ نَشْعُرُ بِٱلضَّغْطِ؟ (ب) بِحَسَبِ إِشَعْيَا ٥٣:٧، ١٠، لِمَ يَسُوعُ هُوَ أَعْظَمُ مِثَالٍ فِي إِظْهَارِ ٱلْحِلْمِ تَحْتَ ٱلضَّغْطِ؟
١٤ اَلضَّغْطُ. نَحْنُ نُحِسُّ بِٱلضَّغْطِ وَٱلتَّوَتُّرِ لِأَسْبَابٍ مُتَنَوِّعَةٍ. فَنَتَوَتَّرُ مَثَلًا بِسَبَبِ ٱمْتِحَانٍ فِي ٱلْمَدْرَسَةِ أَوْ مُهِمَّةٍ صَعْبَةٍ فِي ٱلْعَمَلِ، أَوْ نَضْطَرِبُ لِمُجَرَّدِ ٱلتَّفْكِيرِ فِي إِجْرَاءٍ طِبِّيٍّ نَحْتَاجُ إِلَيْهِ. وَتَحْتَ ٱلضَّغْطِ يَصْعُبُ عَلَيْنَا أَنْ نُظْهِرَ ٱلْحِلْمَ. فَقَدْ نَتَضَايَقُ مِنْ أُمُورٍ لَا تُزْعِجُنَا فِي ٱلْعَادَةِ، أَوْ نَجْرَحُ ٱلْآخَرِينَ بِكَلَامِنَا وَنُعَامِلُهُمْ بِقَسْوَةٍ. فَإِذَا ٱخْتَبَرْتَ ذٰلِكَ مِنْ قَبْلُ، فَتَأَمَّلْ فِي مِثَالِ يَسُوعَ.
١٥ شَعَرَ يَسُوعُ بِضَغْطٍ شَدِيدٍ فِي ٱلْأَشْهُرِ ٱلْأَخِيرَةِ مِنْ حَيَاتِهِ عَلَى ٱلْأَرْضِ. فَقَدْ عَرَفَ أَنَّهُ سَيَتَعَذَّبُ وَيُقْتَلُ. (يو ٣:١٤، ١٥؛ غل ٣:١٣) وَعَبَّرَ قَبْلَ أَشْهُرٍ مِنْ مَوْتِهِ: «مَا أَعْظَمَ شِدَّتِي!». (لو ١٢:٥٠) كَمَا قَالَ قَبْلَ أَيَّامٍ مِنْ مَوْتِهِ إِنَّ ‹نَفْسَهُ مُضْطَرِبَةٌ›. لٰكِنَّ تَوَاضُعَهُ وَإِذْعَانَهُ ظَهَرَا حِينَ صَلَّى لِأَبِيهِ قَائِلًا: «أَيُّهَا ٱلْآبُ، خَلِّصْنِي مِنْ هٰذِهِ ٱلسَّاعَةِ. وَلٰكِنْ لِأَجْلِ هٰذَا أَتَيْتُ إِلَى هٰذِهِ ٱلسَّاعَةِ. أَيُّهَا ٱلْآبُ، مَجِّدِ ٱسْمَكَ». (يو ١٢:٢٧، ٢٨) وَلَمَّا حَانَ ٱلْوَقْتُ، سَلَّمَ نَفْسَهُ بِشَجَاعَةٍ إِلَى أَعْدَاءِ ٱللّٰهِ وَأُعْدِمَ بِأَكْثَرِ ٱلْأَسَالِيبِ تَعْذِيبًا وَإِذْلَالًا. فِعْلًا، بَقِيَ يَسُوعُ حَلِيمًا وَنَفَّذَ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ رَغْمَ ٱلضَّغْطِ وَٱلْمُعَانَاةِ. لَا شَكَّ إِذًا أَنَّهُ رَسَمَ لَنَا أَعْظَمَ مِثَالٍ فِي إِظْهَارِ ٱلْحِلْمِ تَحْتَ ٱلضَّغْطِ. — اقرأ اشعيا ٥٣:٧، ١٠.
١٦-١٧ (أ) كَيْفَ صَعَّبَ ٱلرُّسُلُ عَلَى يَسُوعَ أَنْ يُظْهِرَ ٱلْحِلْمَ؟ (ب) كَيْفَ نَتَمَثَّلُ بِيَسُوعَ؟
١٦ وَفِي لَيْلَةِ يَسُوعَ ٱلْأَخِيرَةِ عَلَى ٱلْأَرْضِ، صَعَّبَ عَلَيْهِ أَصْدِقَاؤُهُ ٱلْمُقَرَّبُونَ أَنْ يُظْهِرَ ٱلْحِلْمَ. كَيْفَ ذٰلِكَ؟ تَخَيَّلِ ٱلضَّغْطَ ٱلشَّدِيدَ ٱلَّذِي أَحَسَّ بِهِ. فَهَلْ يُحَافِظُ عَلَى أَمَانَتِهِ حَتَّى ٱلْمَوْتِ؟ مَصِيرُ ٱلْبَلَايِينِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ. (رو ٥:١٨، ١٩) وَٱلْأَهَمُّ أَنَّ تَصَرُّفَاتِهِ سَتُؤَثِّرُ فِي سُمْعَةِ أَبِيهِ. (اي ٢:٤) وَٱلْآنَ، أَثْنَاءَ ٱلْعَشَاءِ ٱلْأَخِيرِ مَعَ أَصْدِقَائِهِ ٱلْمُقَرَّبِينَ، يَتَحَوَّلُ ٱلْحَدِيثُ إِلَى «جِدَالٍ حَامٍ فِي أَيُّهُمْ يَبْدُو أَنَّهُ ٱلْأَعْظَمُ». وَهٰذِهِ لَيْسَتِ ٱلْمَرَّةَ ٱلْأُولَى. فَقَدْ صَحَّحَ يَسُوعُ تَفْكِيرَهُمْ مَرَّاتٍ كَثِيرَةً، آخِرُهَا فِي وَقْتٍ سَابِقٍ مِنَ ٱللَّيْلَةِ نَفْسِهَا حِينَ غَسَلَ أَقْدَامَهُمْ. مَعَ ذٰلِكَ، لَا يَغْضَبُ بَلْ يَبْقَى وَدِيعًا. وَمِنْ جَدِيدٍ يَشْرَحُ لَهُمْ بِأُسْلُوبٍ لَطِيفٍ وَحَازِمٍ مَا عَلَيْهِمْ فِعْلُهُ. ثُمَّ يَمْدَحُهُمْ لِأَنَّهُمُ ٱلْتَصَقُوا بِهِ بِوَلَاءٍ. — لو ٢٢:٢٤-٢٨؛ يو ١٣:١-٥، ١٢-١٥.
١٧ فَكَيْفَ نَتَصَرَّفُ لَوْ وَاجَهْنَا وَضْعًا مُمَاثِلًا؟ بِٱسْتِطَاعَتِنَا أَنْ نَتَمَثَّلَ بِيَسُوعَ وَنَبْقَى وُدَعَاءَ تَحْتَ ٱلضَّغْطِ. فَلْنُذْعِنْ إِذًا عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ لِوَصِيَّةِ يَهْوَهَ: «اِسْتَمِرُّوا مُتَحَمِّلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا». (كو ٣:١٣) وَكَيْ نَفْعَلَ ذٰلِكَ، لِنَتَذَكَّرْ أَنَّنَا جَمِيعًا نُغْضِبُ غَيْرَنَا بِكَلَامِنَا وَتَصَرُّفَاتِنَا. (ام ١٢:١٨؛ يع ٣:٢، ٥) وَلْنَمْدَحْ دَائِمًا ٱلْآخَرِينَ عَلَى صِفَاتِهِمِ ٱلْجَيِّدَةِ. — اف ٤:٢٩.
لِمَ مُهِمٌّ أَنْ نَسْتَمِرَّ فِي طَلَبِ ٱلْحِلْمِ؟
١٨ كَيْفَ يُسَاعِدُ يَهْوَهُ ٱلْحُلَمَاءَ لِيَأْخُذُوا قَرَارَاتٍ أَفْضَلَ، وَمَا هُوَ دَوْرُهُمْ؟
١٨ نَأْخُذُ قَرَارَاتٍ أَفْضَلَ. يُسَاعِدُنَا يَهْوَهُ أَنْ نُحْسِنَ ٱلِٱخْتِيَارَ عِنْدَمَا نُوَاجِهُ قَرَارَاتٍ صَعْبَةً، وَلٰكِنْ بِشَرْطِ أَنْ نَتَّصِفَ بِٱلْحِلْمِ. فَهُوَ يَعِدُ أَنْ يَسْمَعَ «رَغْبَةَ ٱلْحُلَمَاءِ». (مز ١٠:١٧) لٰكِنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِٱلسَّمَاعِ إِلَيْنَا. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَعِدُ: «يَهْدِي [يَهْوَهُ] ٱلْحُلَمَاءَ إِلَى أَحْكَامِهِ، وَيُعَلِّمُ ٱلْحُلَمَاءَ طَرِيقَهُ». (مز ٢٥:٩) وَهُوَ يَهْدِينَا بِوَاسِطَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، ٱلْمَطْبُوعَاتِ،d ٱلْفِيدْيُوَاتِ، وَٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلَّتِي يُعِدُّهَا «ٱلْعَبْدُ ٱلْأَمِينُ ٱلْفَطِينُ». (مت ٢٤:٤٥-٤٧) وَلٰكِنْ عَلَيْنَا أَنْ نَقُومَ بِدَوْرِنَا. فَيَلْزَمُ أَنْ نَعْتَرِفَ بِتَوَاضُعٍ أَنَّنَا بِحَاجَةٍ إِلَى ٱلْمُسَاعَدَةِ، نَدْرُسَ ٱلْمَوَادَّ ٱلَّتِي يُزَوِّدُنَا بِهَا يَهْوَهُ، وَنُطَبِّقَ طَوْعًا مَا نَتَعَلَّمُهُ.
١٩-٢١ أَيُّ غَلْطَةٍ ٱرْتَكَبَهَا مُوسَى فِي قَادِشَ، وَأَيُّ دَرْسَيْنِ نَتَعَلَّمُهُمَا؟
١٩ نَتَجَنَّبُ ٱلْأَخْطَاءَ. لِنُفَكِّرْ مُجَدَّدًا فِي مُوسَى. فَقَدْ بَقِيَ حَلِيمًا وَأَرْضَى يَهْوَهَ عَشَرَاتِ ٱلسِّنِينَ. وَلٰكِنْ بَعْدَمَا أَمْضَى ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ ٤٠ سَنَةً تَقْرِيبًا، فَشِلَ مُوسَى فِي إِظْهَارِ ٱلْحِلْمِ. حَدَثَ ذٰلِكَ بَعْدَ فَتْرَةٍ قَصِيرَةٍ مِنْ مَوْتِ أُخْتِهِ وَدَفْنِهَا فِي قَادِشَ، أُخْتِهِ ٱلَّتِي سَاهَمَتْ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي إِنْقَاذِ حَيَاتِهِ فِي مِصْرَ. فَقَدِ ٱدَّعَى ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ مُجَدَّدًا أَنَّهُمْ لَا يَنَالُونَ عِنَايَةً كَافِيَةً. وَ‹خَاصَمُوا› مُوسَى بِسَبَبِ ٱلنَّقْصِ فِي ٱلْمَاءِ. فَلَا ٱلْعَجَائِبُ ٱلَّتِي صَنَعَهَا يَهْوَهُ بِوَاسِطَتِهِ وَلَا سِجِلُّهُ ٱلْأَمِينُ كَقَائِدٍ لِلْأُمَّةِ مَنَعَتْهُمْ مِنَ ٱلتَّذَمُّرِ. وَلَمْ يَتَذَمَّرُوا مِنْ قِلَّةِ ٱلْمَاءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا مِنْ مُوسَى وَكَأَنَّ ٱلْحَقَّ عَلَيْهِ. — عد ٢٠:١-٥، ٩-١١.
٢٠ وَفِي فَوْرَةِ غَضَبٍ، خَسِرَ مُوسَى وَدَاعَتَهُ. فَهُوَ لَمْ يُكَلِّمِ ٱلصَّخْرَةَ حَسْبَمَا أَمَرَهُ يَهْوَهُ. بَلْ تَكَلَّمَ بِمَرَارَةٍ مَعَ ٱلشَّعْبِ وَنَسَبَ ٱلْفَضْلَ إِلَى نَفْسِهِ. ثُمَّ ضَرَبَ ٱلصَّخْرَةَ مَرَّتَيْنِ، فَخَرَجَ مَاءٌ كَثِيرٌ. لَقَدْ دَفَعَهُ ٱلْغَضَبُ وَٱلْكِبْرِيَاءُ إِلَى ٱرْتِكَابِ غَلْطَةٍ كَبِيرَةٍ. (مز ١٠٦:٣٢، ٣٣) وَلِأَنَّهُ خَسِرَ حِلْمَهُ وَقْتِيًّا فِي تِلْكَ ٱلْحَادِثَةِ، حُرِمَ مِنْ دُخُولِ أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ. — عد ٢٠:١٢.
٢١ تُعَلِّمُنَا هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةُ دَرْسَيْنِ مُهِمَّيْنِ. أَوَّلًا، عَلَيْنَا أَنْ نَسْعَى لِنُظْهِرَ ٱلْحِلْمَ دَائِمًا. فَإِذَا أَهْمَلْنَا ذٰلِكَ، وَلَوْ لِوَقْتٍ قَصِيرٍ، فَقَدْ تَظْهَرُ ٱلْكِبْرِيَاءُ فِينَا مُجَدَّدًا وَتَدْفَعُنَا لِنَتَكَلَّمَ أَوْ نَتَصَرَّفَ بِحَمَاقَةٍ. ثَانِيًا، ٱلضَّغْطُ يُضْعِفُنَا. لِذَا عَلَيْنَا أَنْ نَبْذُلَ جُهْدَنَا لِنَكُونَ حُلَمَاءَ حَتَّى تَحْتَ ٱلضَّغْطِ.
٢٢-٢٣ (أ) لِمَ يَجِبُ أَنْ نَسْتَمِرَّ فِي طَلَبِ ٱلْحِلْمِ؟ (ب) عَلَامَ تُشَدِّدُ ٱلْآيَةُ فِي صَفَنْيَا ٢:٣؟
٢٢ نَنْعَمُ بِٱلْحِمَايَةِ. قَرِيبًا، سَيُزِيلُ يَهْوَهُ كُلَّ ٱلْأَشْرَارِ مِنَ ٱلْأَرْضِ. أَمَّا ٱلْحُلَمَاءُ، فَسَيَبْقَوْنَ وَحْدَهُمْ فِيهَا وَيَعِيشُونَ فِي سَلَامٍ. (مز ٣٧:١٠، ١١) فَهَلْ تَكُونُ بَيْنَهُمْ؟ هٰذَا مُمْكِنٌ إِذَا طَبَّقْتَ وَصِيَّةَ يَهْوَهَ ٱلَّتِي سَجَّلَهَا ٱلنَّبِيُّ صَفَنْيَا. — اقرأ صفنيا ٢:٣.
٢٣ وَلٰكِنْ لِمَ تَقُولُ ٱلْآيَةُ فِي صَفَنْيَا ٢:٣: «لَعَلَّكُمْ تُسْتَرُونَ»؟ لَا تَعْنِي هٰذِهِ ٱلْعِبَارَةُ أَنَّ يَهْوَهَ عَاجِزٌ عَنْ حِمَايَةِ خُدَّامِهِ ٱلَّذِينَ يُحِبُّهُمْ. بَلْ تُشَدِّدُ عَلَى ٱلدَّوْرِ ٱلَّذِي يَلْزَمُ أَنْ نَقُومَ بِهِ لِنَنَالَ ٱلْحِمَايَةَ. فَلَدَيْنَا فُرْصَةٌ لِنَنْجُوَ مِنْ «يَوْمِ غَضَبِ يَهْوَهَ» وَنَعِيشَ إِلَى ٱلْأَبَدِ إِذَا سَعَيْنَا ٱلْيَوْمَ لِنَطْلُبَ ٱلْحِلْمَ وَنُرْضِيَهُ.
اَلتَّرْنِيمَةُ ١٢٠ اِقْتَدُوا بِوَدَاعَةِ ٱلْمَسِيحِ
a لَيْسَ ٱلْحِلْمُ صِفَةً تُولَدُ مَعَنَا، بَلْ عَلَيْنَا أَنْ نُنَمِّيَهُ. وَفِي حِينِ نَسْتَسْهِلُ عَادَةً أَنْ نَكُونَ حُلَمَاءَ مَعَ ٱلْمُسَالِمِينَ، يَصْعُبُ عَلَيْنَا ذٰلِكَ مَعَ ٱلْمُتَكَبِّرِينَ. لِذَا سَتُنَاقِشُ ٱلْمَقَالَةُ تَحَدِّيَاتٍ تُصَعِّبُ عَلَيْنَا تَنْمِيَةَ هٰذِهِ ٱلصِّفَةِ ٱلْجَمِيلَةِ.
b شَرْحُ ٱلْمُفْرَدَاتِ وَٱلتَّعَابِيرِ: اَلْحِلْمُ. اَلشَّخْصُ ٱلْحَلِيمُ هُوَ مَنْ يُعَامِلُ ٱلْآخَرِينَ بِلُطْفٍ وَيَبْقَى وَدِيعًا حَتَّى لَوِ ٱسْتَفَزُّوهُ. اَلتَّوَاضُعُ. هٰذِهِ ٱلصِّفَةُ هِيَ عَكْسُ ٱلتَّكَبُّرِ وَٱلْغُرُورِ. فَٱلْمُتَوَاضِعُ يَعْتَبِرُ أَنَّ ٱلْآخَرِينَ يَفُوقُونَهُ. أَمَّا يَهْوَهُ فَهُوَ مُتَوَاضِعٌ لِأَنَّهُ يُعَامِلُ مَنْ هُمْ أَدْنَى مِنْهُ بِمَحَبَّةٍ وَرَحْمَةٍ.
c أَطْلَقَ ٱلْبَابِلِيُّونَ عَلَى ٱلْعِبْرَانِيِّينَ ٱلثَّلَاثَةِ ٱلْأَسْمَاءَ شَدْرَخَ وَمِيشَخَ وَعَبْدَنَغُو. — دا ١:٧.
d اُنْظُرْ مَثَلًا ٱلْمَقَالَةَ «اِتَّخِذْ قَرَارَاتٍ تُكْرِمُ ٱللّٰهَ» فِي عَدَدِ ١٥ نَيْسَانَ (إِبْرِيل) ٢٠١١ مِنْ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ.
e وَصْفُ ٱلصُّورَةِ: يَسُوعُ يَبْقَى وَدِيعًا وَيُصَحِّحُ بِهُدُوءٍ تَفْكِيرَ رُسُلِهِ بَعْدَمَا تَجَادَلُوا فِي مَنْ هُوَ ٱلْأَعْظَمُ.